العلاقات الاعلامية في حزب الله
  • بيانات حزب الله
    • بيانات محلية
    • بيانات إقليمية
    • بيانات دولية
    • بيانات المقاومة الإسلامية
    • بيانات تربوية
    • بيانات نقابية
  • الأمين العام لحزب الله
  • سيد شهداء الأمة
    • خطابات عامة
    • خطابات يوم الشهيد
    • خطابات يوم القدس العالمي
    • خطابات عاشوراء
    • خطابات ذكرى القادة - 16 شباط
    • خطابات ذكرى التحرير
    • خطابات حرب تموز 2006
    • خطابات ذكرى انتصار اب
    • لقاءات واتصالات
    • خطابات عيد التحرير الثاني
    • مقابلات إعلامية
    • بيانات وبرقيات
    • برقيات تلقاها سماحته
    • خطابات الانتخابات النيابية 2022
  • كتلة الوفاء للمقاومة
    • كلمات النواب
    • بيانات الكتلة
    • تصاريح وحوارات إعلامية
    • أنشطة ولقاءات
  • قيادة حزب الله
    • الشيخ نعيم قاسم (2014 - 2024)
    • السيد ابراهيم أمين السيد
    • الشيخ محمد يزبك
    • السيد هاشم صفي الدين
    • الحاج حسين الخليل
    • النائب محمد رعد
    • الشهيد السيد عباس الموسوي
  • العلاقات الإعلامية
    • الحاج محمد عفيف
    • بيانات وأنشطة
  • أنشطة
  • كلمات ولقاءات

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025
الجناح الاعلامي الأمين العام لحزب الله كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025
2025-07-04


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا ‏أبي القاسم محمد، وعلى آل ‏بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء ‏والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏

السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى ‏الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم مني سلام الله أبدًا ما بقيتُ وبقي الليل ‏والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم. السلام على ‏الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد ‏الحسين، وعلى أصحاب الحسين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

موضوعنا اليوم، في ‏أجواء إحياء ذكرى الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، هو من عطاءات الإمام الحسين ‏عليه السلام أيضًا، لأننا من خلاله ننفذ إلى ‏المشروع الأساس، وهو مشروع الإسلام. عندما نُحيي ذكرى سيد ‏الشهداء، إنما نُحيي تعاليم الإسلام بمضمونها، بآفاقها، بمستقبل الإنسان ‏على أساسها، ولذلك سيكون عنوان ‏الموضوع اليوم عن الثابت والمتغير في منهج الإسلام. لأنكم تعرفون، هذا الإسلام عمره 1470 سنة ‏‏للهجرة، عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة، وقبلها بـ13 سنة عندما نزل ‏عليه الوحي في مكة ‏المكرمة.‏

سؤال يُطرح دائماً: أنه حسنًا، 1470 سنة، أليست مدة طويلة حتى تأتينا بأفكار وقناعات ومنهج يستمر عبر ‏التاريخ ويُطبق ‏في العصر الحديث أو في العصور القادمة؟ صار لازم أحد يعمل تغيير، يعمل تبديل، يعمل ‏شيئًا آخر. هذه واحدة من الأفكار التي تُناقَش ‏عادةً على قاعدة أنَّه دائمًا الأفكار يجب أن تكون حديثة، مُحدَثة، ‏جديدة، تأخذ بعين الاعتبار التطورات القائمة في الحياة الدنيا. هذه وجهة نظر.‏

وجهة النظر الأخرى، وهي وجهة نظر الإسلام، أن الإنسان هو إنسان مفطور على ثوابت، قال تعالى: {فَأَقِمْ ‏وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا ‏يَعْلَمُونَ}، أي الفطرة الإنسانية فطرة ثابتة. اليوم إذا رجعتَ إلى الوراء ألف سنة، أو ألفين سنة، أو خمسة ‏آلاف سنة، هل تغيّر شيء في تركيب الإنسان الجسدي؟ هل تغيّر شيء في تأثير النفس على الجسد والجسد ‏على النفس؟ هل تغيّر شيء في تكوين الفروقات الموجودة بين الرجل والمرأة؟ هذه أمور فطرية ثابتة. اليوم ‏تجد أن هذا الطفل يتعلّم بشكل تدريجي، يمشي بشكل تدريجي، ينطق بشكل تدريجي. نفس الشيء، الطفل قبل ‏ألفين سنة، أو ألف سنة، أو عشرة آلاف سنة، كان بنفس المنهجية في نموه، وفي استعداداته التي تنشأ في ‏داخله، لأنه أمر فطري.‏

الإسلام ماذا فعل؟ الإسلام جاء يعالج الثوابت، ويترك فرصة للأمور المتغيرة في حياة الإنسان. لم يأتِ ‏ليقول إنَّ كل شيء يجب أن نثبّته على قواعد معينة بصرف النظر عن المتغيرات، عن الظروف، عن ‏الأجواء، عن الوسائل، عن الأساليب. لا، لم يقل هذا. الإسلام ميّز، لذلك هناك آيات الأحكام في القرآن ‏‏الكريم، التي هي أحكام ثابتة، هناك قواعد تُعتبر قواعد ثابتة، وهناك مجال لمسائل متغيرة متحركة، يختارها ‏الإنسان بحسب الظروف ‏الموضوعية التي تكون في حياته.‏

إذًا، نحن نستطيع أن نقول إن الإسلام هو مشروع ومنهج للإنسان، فيه ثوابت مرتبطة بالفطرة ‏الثابتة، ‏ومرتبطة بثوابت الفطرة، وفيه مجال متحرك تُرك للإنسان، لأن الأمر يختلف من زمن إلى زمن، من عصر ‏إلى عصر، من وضع إلى ‏وضع، من إنسان إلى إنسان، هذا متروك للإنسان، هو يختار التفاصيل المرتبطة ‏بحياته.‏

حتى يكون أكثر وضوحًا، عندما نتكلم عن المتغيرات – لأننا الآن سنتحدث بشكل أساسي عن الثوابت حتى ‏نرى ما الذي ثبّته الإسلام كأمثلة ونماذج – ما هي المتغيرات مثلًا؟ عندما نأتي إلى نظام السير، نظام السير ‏يتغير من بلد إلى بلد، من مكان إلى مكان، وبالتالي، يمكنك أن تضع نظام سير، أن يكون المقود على اليمين ‏أو على الشمال، أن يكون المشي في خط واحد أو في خطين، تضع نظام عقوبات وما شابه ذلك، كل هذا ‏يُعتبر من الأمور المتغيرة، الإنسان بحكم خبرته، وعلمه، ووضع حياته، يستطيع أن يضع نظام السير.‏

نظام التعليم مثلًا، هل ندرس على الطاولة؟ هل نقعد تحت الشجرة؟ نذهب إلى مكان آخر؟ بحسب أيضًا ‏التطورات الموجودة في الحياة بشكل عام.‏

قانون الانتخابات، أنه نريد أن نُجري تركيبًا للدولة، كيف تحصل الانتخابات؟ كيف ننظّمها؟ كيف نجريها؟ ‏كل التفاصيل الإدارية لها علاقة بقانون الانتخابات، وهذا أمر بشري إنساني.‏

هناك تنظيم التجارة، تنظيم ‏الوضع الاقتصادي، كيفية التبادل المالي، إلى آخره... فإذًا تجد أن هناك مساحة ‏واسعة جدًا جدًا جدًا من المتغيرات التي يستطيع الإنسان أن ينجزها ويتصرف بها، والشريعة لا تقول له هذا ‏مسموح وهذا ممنوع. أي لا تقول له الشريعة يجب أن تمشي على اليمين أو على الشمال، لا تقول له الشريعة ‏يجب أن تدرس على الطاولة أو على الأرض. هذه من الأمور المتغيرة في ظروف الإنسان، أساليب الإنسان، ‏نشاطات الإنسان، هو يذهب ويقوم بها بالطريقة التي يراها مناسبة بحسب خبرته، ويغيّر ويبدّل، وكل ظرف ‏له طريقة معينة. هذه من الأمور المتغيرة.‏

نحن لا نتكلم عن المتغيرات التي الإسلام ترك لها مجالًا. عندما نقول إن هناك ثوابت وهناك متغيرات، عندما ‏تعالج الثوابت فطرة الإنسان الثابتة التي لا تتغير، والمتغيرات كلها متاحة للإنسان أن يقوم بها كما يشاء، ‏لماذا نقول إن هذا المنهج يجب أن يتغير؟ لماذا؟ لأنه إذا كان المنهج يعالج الثوابت، ويترك لك مجالًا ‏للمتغيرات، إذًا ما الذي ستغيره؟ هل ستغير في الثوابت؟ يعني أنت تغيّر في التشريع الذي له علاقة بالثوابت؟ ‏كيف تغيّر في التشريع الذي له علاقة بالثوابت؟ كيف يمكن أن تغيّر؟ أنت لا تستطيع. لأنه إذا أردت أن تأخذ ‏الأفضل، فإن الذي شرعه الله تعالى هو الأفضل، لأنه أخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الحقيقية للإنسان. أما ‏إذا كنت لا تريد، فهذا يعني أنك تتجه إلى منهج آخر، ولكن لا تقل إن هذا المنهج غير قابل، غير صالح، لا، ‏لأنه يعالج الثوابت الفطرية التي يدرسها الإنسان، ويجرب، ويتعلم، ويخوض تجارب، وفي كل مرة يقول ‏نعدّل، نغيّر، نبدّل، لماذا؟ لأنه لا يستهدي إلى أن يُحاكي الثوابت، حيثما يحاكي الثوابت يبقى ثابتًا، حيثما لا ‏يُحاكي الثوابت نلاحظ أنه يغيّر ويبدل وتكون هناك أخطاء كثيرة.‏

من هنا، يجب أن نقول: هذا الإسلام الذي نؤمن به، هذا الدين الذي نتمسك به، هذا الدين الذي دافع عنه الإمام ‏الحسين سلام الله تعالى ‏عليه، وبذل مهجته وأهل بيته وأصحابه، هذا الإسلام العظيم، يُحاكي الفطرة، ‏ويُحاكي الثوابت، وإنّما نتمسك به لأنه يعالج القواعد الثابتة ‏عند الإنسان. أما المتغيرات، فالإنسان يستطيع أن ‏يتابعها وأن يواكبها. ‏

هناك قول للإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه، عندما ‏يتحدث عن الاقتصاد في ‏كتاب "اقتصادنا" كنموذج من النماذج، يقول: "فإن المذهب في الإسلام، المذهب الاقتصادي، يشتمل على ‏جانبين، ‏أحدهما قد مُلئ من قبل الإسلام بصورة منجزة - يعني هذا الذي يُسمّى ثوابت - لا تقبل التغيير ‏والتبديل، والآخر يُشكل منطقة الفراغ في ‏المذهب، قد ترك الإسلام مهمة ملئها إلى الدولة أو إلى وليّ الأمر". ‏لاحِظ، يعتبر أنه في الاقتصاد توجد ثوابت ولكن توجد متغيرات، الثوابت هي ‏التي ملأها الإسلام. يعني مثلًا، ‏من الثوابت الاقتصادية أنه قال: يحق للإنسان أن تكون لديه ملكية فردية، يُحرَّم على الإنسان أن يتناول ‏‏الأموال بواسطة الغش، يُحرَّم على الإنسان أن يمتلك بواسطة السرقة، يجوز للإنسان أن يمتلك بواسطة ‏العمل، يُحرَّم على الإنسان أن يمتلك ‏بواسطة بيع الحرام (مخدرات، إلى آخره)، يحقّ للإنسان ويُسمح له أن ‏يمتلك عن طريق التجارة، التعليم، الأمور المختلفة التي تُعتبَر ‏محلّلة. هذه تُعتبَر من ثوابت المنهج الاقتصادي ‏الإسلامي. أما كيف نعرض البضاعة؟ كيف نوزع الرخص؟ كيف يكون هناك محل يسمح فيها التجارة ‏ومنطقة يُمنع فيها التجارة؟ هذه من الأمور التي لها علاقة بإدارة الدولة وتنظيم الدولة، وكيفية التعامل في ‏داخل الدولة، هذه من ‏المتغيرات. إذًا، الثوابت هي الثوابت المنسجمة مع الفطرة. ‏
سأعطي نماذج من الثوابت لنرى الرسوخ في هذا المنهج الإسلامي.‏

أول ‏موضوع يُعتبَر مركزيًا وأساسيًا يشمل كل البشرية، هو الثابت المرتبط بالإنسان. الإنسان إما أن يكون ‏ذكرًا أو أنثى. هذا ‏الخلق المختلف بخصائصه بين الذكور والإناث، والمشترك في كثير من العناوين، ما هي ‏نظرة الإسلام إلى الرجل والمرأة؟ اسمعوا ما يقول ‏الله عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ ‏مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. قال ليست العبرة أن هذا رجل وهذه ‏امرأة، لا، العبرة بالصلاح، إذا جاء الصلاح من عند الرجل أو من عند المرأة، اسمه صلاح. وهذا الصلاح ‏عليه أجر؛ أجر الرجل كأجر المرأة. الله يريد أن يُعطي إضافة على هذا الإحسان {لِيَجْزِيَهُم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا ‏كَانُوا يَعْمَلُونَ}، سواء أكان رجلًا أو كانت امرأة. تلاحظون أنه لم يُميّز بين الرجل والمرأة في نتائج الأعمال ‏التي يقومون بها. العمل الصالح هو عمل صالح، جاء من الرجل أو من ‏المرأة، اسمه عمل صالح، وبالتالي ‏المكافأة عليه تكون متشابهة.‏

في آية أخرى يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ ‏أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، قد يكون الأتقى ذكرًا، وقد يكون الأتقى أنثى، لا يوجد تفريق بين الرجل والمرأة في ‏مراتب الوصول إلى الكمال، وفي القدرة على أن يصل المرأة والرجل إلى الذروة وإلى المكان العظيم.‏

واحدة من التطبيقات التي وضعها الله عز وجل أمامنا أن أمير المؤمنين عليه السلام، هذا العظيم في تاريخ ‏الإسلام وتاريخ البشرية ومستقبل البشرية، الذي وصل إلى أعلى المراتب، بالنسبة لنا هو إنسان معصوم، ‏يعني لا يُخطئ. إلى جانبه أيضًا السيدة الزهراء سلام الله تعالى عليها، وهي امرأة، لكنها أيضًا معصومة لا ‏تُخطئ. وعنوان العصمة لأمير المؤمنين علي عليه السلام هو نفسه عنوان العصمة للسيدة الزهراء سلام الله ‏تعالى ‏عليها؛ أي لا توجد عصمة درجة أولى وعصمة درجة ثانية، لا، درجة واحدة.‏

إذًا، تقييم للرجل، تقييم للمرأة، الوصول إلى التقوى في نظرة ‏الإسلام يمكن أن يصله كلاهما.‏

نعم، جاء الإسلام إلى الحياة الزوجية، وقال في الحياة الزوجية هناك عيش مشترك بين رجل وامرأة لتكوين ‏أسرة، وهناك ‏أدوار يجب أن تُوزّع داخل الأسرة. ما فعله الإسلام هو أنه وزّع الأدوار داخل الأسرة، ‏والأدوار التي وزّعها داخل الأسرة ببراعة فائقة. الآن، بعض الناس يقول أن الرجل يتحكم، هو عندما يتحكم ‏هل يعمل وفق الشرع؟ هو لا يعمل وفق الشرع، وكذلك المرأة عندما تتمرّد، هل تعمل وفق الشرع أو لا؟ أو ‏تكون مسحوقة في كيفية العيش داخل الأسرة فليس لذلك علاقة بالإسلام. الإسلام كل شيء قاله هناك تنظيم ‏داخل الأسرة، هناك دور للرجل ودور للمرأة، ومهمّات لكل منهما، لكنهما يشتركان في الحقوق والواجبات. ‏وبالتالي فكما أن على المرأة صلاة، على الرجل صلاة، وكما أن المرأة مسؤولة عن تربية الأولاد فهو ‏مسؤول عن تربية الأولاد، كما أن المرأة يجب أن تتعامل معه بلطف في داخل الحياة الزوجية، هو يجب أن ‏يتعامل معها بلطف، لها حقوق، وله حقوق، تصوّروا إلى درجة أنه إذا كانت تملك مالًا، فهي حرّة بأموالها، ‏لا يستطيع أن يقول: "أنا رجل البيت، وبالتالي أنا سأوزّع المال كما أشاء"، أو: "أنا يجب أن تأخذ إذني قبل ‏أن تصرفي أموالك"، لا علاقة له بذلك، لأن هذا مالها وحقّها، هي تتصرف بمالها كما تتصرف أنت بمالك. ‏ماذا تريد أروع من هذا التنظيم الموجود. طبعًا اذهبوا وراجعوا الشريعة، حتى تعرفوا كيف هو التنظيم وكيف ‏هي الأدوار. لا تنظروا إلى بعض الحالات السلبية التي تُتابَع بطريقة خاطئة.‏

الإمام زين العابدين سلام الله تعالى ‏عليه، عندما يتحدث عن حق الزوجة، ماذا يقول؟ يقول: "وكذلك كل ‏واحد منكما – يعني الزوج والزوجة – يجب أن يحمد ‏الله تعالى على صاحبه - يعني أنت يجب أن تشكر الله ‏أنه أعطاك إياها، وهي يجب أن تشكر الله أنه أعطاها إياك - ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يُحسن ‏صحبة نعمة الله، ويُكرمها، ويَرفق بها". الرجل نعمة، والمرأة نعمة. الصحبة من الاثنين يجب أن تكون ‏بطريقة إيجابية.‏

انظر إلى هذا التساوي في التقييم، وفي توزيع الحقوق والواجبات، التي هي كل الحقوق الأخلاقية، الإنسانية، ‏كل الحقوق الشرعية، هي متساوية بين كل من الرجل والمرأة كحقوق، هناك توزيع أدوار، فالتوزيع هو ‏عادل بحسب إمكانات كل واحد، وهذا له نقاشه في محلّه.‏

نأتي إلى موضوع الجهاد، الذي أيضًا نريد أن نتحدث فيه عن الرجل والمرأة. في الجهاد، جاء الإسلام وقال ‏أنت أيها الرجل مسؤول أن تحمل السلاح وتُقاتل عن البلاد والعباد، وتُدافع. وأنتِ أيتها المرأة، لستِ مسؤولة ‏أن تحملي السلاح. الاثنان جزء من المعركة، لماذا حمّلَ الرجل السلاح ولم يحمّله للمرأة؟ لأن السلاح يحتاج ‏إلى غلظة، يحتاج إلى قدرة، يحتاج إلى جسد يتحمّل المشاق والتعب، هي جسدها أضعف، لا يتحمّل، هذه ‏ناحية. الناحية الثانية – وهذه لا يلتفت إليها كثير من الناس – أن الجبهة الخلفية لا تقل ‏أهمية عن الجبهة ‏الأمامية، الجبهة الخلفية تعني الاهتمام بالأولاد، اهتمام بالطعام والشراب، اهتمام بالدواء والمعالجة، اهتمام ‏بإعطاء المعنويات، هذا أيضًا جزء من المعركة.‏

انظروا إلى الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، لماذا أخذ معه العائلة والأولاد والأقرباء؟ أخذهم معه إلى ‏المعركة، هم ليس دورهم أن يقاتلوا في قلب المعركة كنساء؟ ليس دورهم أن يقاتلوا؟ ولم يقاتلوا في قلب ‏المعركة، لكن كانوا موجودين في قلب المعركة، لم يكونوا في صف القتال، كانوا في الصف الآخر: صف ‏الرعاية، الحماية، الدعاء، البركة، الاستمرارية في هذه المسيرة فيما بعد. فإذًا، كان لهم دور موجود في قلب ‏المعركة.‏

اليوم، نحن عندما نقول نهضة الإمام الحسين عليه السلام، والموقف العظيم، والشهادة العظيمة، سيدُ شهداء ‏أهل الجنة، نقول أيضًا السيدة زينب سلام الله تعالى عليها، التي وضّحت وبيّنت وأعلمت وواجهت، وحملت ‏هذه النتيجة إلى الأمة، وجعلت الاستمرارية من خلال مواقفها الشريفة العظيمة تؤثر في استمرارية ثورة ‏الإمام الحسين عليه السلام. يعني المرأة شريكة، شريكة في الجهاد، لكن للرجل دور، وللمرأة دور.‏

الإمام الحسين عليه السلام، ماذا قال؟ قال: "فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليّ هذا ‏أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين". قال: أنا تحركت على أساس الحق.‏

إذًا، ما هو المشروع الذي انطلق منه الإمام الحسين عليه السلام؟ هو المشروع الإسلامي، هو مشروع الحق. ‏قال أنا انطلقت للحق، الآن يقبلون أو لا يقبلون، أنا أقوم بواجبي. فإذًا، قام بواجبه في الحق.‏

أين السيدة زينب عليها السلام برزت في هذا الحق؟ عندما أخذها عسكر ابن زياد لعنه الله إلى قصر الإمارة ‏بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، ماذا قال لها ابن زياد؟ قال: "الحمد لله الذي ‏فضحكم وأكذب أحدوثتكم". يعني كان يقول لهم: ما النتيجة التي خرجتم بها؟ أنتم تقولون إنكم تعملون لله ‏وتواجهون من أجل الحق، لكن لم تتمكنوا من فعل شيء، وصار هناك استشهاد، وبالتالي، الحمد لله الذي ‏فضحكم وأكذب أحدوثتكم. ماذا قالت له زينب صلوات الله عليها؟: "إنما يُفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر وهو ‏غيرنا". لا، هذا ليس محل فضيحة أبدًا، هذا محل شرف، محل كرامة، محل عزّة. الفاسق هو الذي يُفتضح، ‏هذا الذي قتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي يكذب هو أمثالك الجالس على هذا الموقع ‏يحرّف القضايا ويدخل في الانحراف. ثم ذهب لمكان آخر، وقال لها: كيف رأيتِ صنع الله بأخيك وأهل ‏بيتك؟ ألستم أنتم تدّعون أنكم جماعة الله عز وجل؟ ألستم مرتبطين بالله عز وجل؟ حصلت معركة، وقُتلوا في ‏المعركة، ماذا قالت له؟ قالت: "ما رأيتُ إلا جميلاً"، الله أكبر، "ما رأيتُ إلا جميلاً". أين جميلًا؟ لأن قيام ‏الإنسان بواجبه وتكليفه الشرعي ويأتي قضاء الله تعالى، سواء بالنصر أو بالشهادة، هذا جميل، لأنه من الله ‏تعالى، ولأنه السنة الإلهية على وجه الأرض ونحن جماعة المؤمنين بالسنة الإلهية. "ما رأيتُ إلا جميلاً، ‏هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتُحاج وتخاصم، فانظر ‏لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة"، اذهب وانظر يوم القيامة، كيف ستقف أمام الله تعالى، وكيف ‏ستحاسب أمام الله تعالى. هناك قل لي من سيربح ومن سيخسر، هنا نحن ربحنا، لماذا؟ لأننا قمنا بتكليفنا ‏الشرعي، لأن رؤوسنا بقيت عالية مرفوعة، لأننا قاومنا وواجهنا، لأن قاتلنا في سبيل الله، لأن الإمام الحسين ‏عليه السلام أراد أن يحقّ الحق في الزمن الصعب من أجل أن يُثبّته، ونجح في إحقاق الحق، لأنه استمر إلينا ‏إلى هذا التاريخ، وسيستمر إلى يوم القيامة، هذا نجاح حقيقي. أما ابن زياد ويزيد، هؤلاء في مزابل التاريخ، ‏من يذكرهم؟ من يرتبط بهم؟ فضلًا عن الخسائر التي مُنوا بها بعد ذلك، وإلى جهنم وبئس المصير.‏

نحن في لبنان، عندما تبرز عندنا شخصيات رائدة على هذا المنهج الإسلامي الذي يؤكد على الثوابت وعلى ‏الحق، ماذا نقول؟ وهذه ترجمة عملية لصحة ما نؤمن به، وما نلتزم به.‏

مع أن الأمين العام الأسبق، السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، هذا الحسيني، هذا المجاهد، هذا ‏البطل، هذا الذي وقف في لحظات الشدة، في لحظات كان يُقال "العين لا تقاوم المخرز"، وكان واثقًا بنصر ‏الله ودعم الله تعالى، وحمل القضية الفلسطينية، وحمل قضية العزة، وقضية تحرير الأرض، على منهج ‏الإمام الحسين عليه السلام. السيد عباس، ابن من أبناء الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه.‏

أنتم تلاحظون، السيد عباس مَن كان معه؟ أم ياسر، زوجته، في المعركة، قُتلت معه. من كان معه؟ ابنه ‏حسين، الطفل. كل العائلة كانت في قلب المعركة. يعني كأننا نستحضر المشهد الذي كان في زمن الإمام ‏الحسين سلام الله تعالى عليه. هذا معناه توجد قيمة كبيرة للرجل والمرأة في ساحة المعركة.‏

اليوم، عندما خضنا معركة "أولي البأس"، وقبلها "طوفان الأقصى" المساندة لغزة، عدد كبير من الشهداء ‏قدّمنا في هذه الساحة، لكن أيضًا من ضمن هؤلاء الشهداء عدد من النساء، وعدد من الأطفال في ساحة ‏المعركة. قدّمنا الأرقى والأعظم، قدّمنا سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه. هذا ‏السيد العزيز، الشهيد العظيم، الأسمى، المقدس، الذي أسس لهذه المسيرة الحسينية الشريفة، هو الذي قدّم ولده ‏هادي شهيدًا في سبيل الله تعالى، هو الذي عمل مع الشباب والجمهور العام، ورأينا كيف أن العوائل تقدم ‏الشهداء والجرحى والأسرى، وكيف تحضر في الميدان، سواء كان الميدان ميدان قتال، أو ميدان نزوح، أو ‏ميدان عودة إلى القرى، أو ميدان تشييع، أو ميدان حضور في المجالس العاشورائية العظيمة. نحن هكذا ‏نظرتنا للرجل وللمرأة، النظرة العظيمة. هؤلاء الذين قدّموا هذه التضحيات الكبيرة هم رجال ونساء.‏

لماذا قدّموا؟ كيف قدّموا؟ كيف وصلوا إلى هذا المقام العظيم، الذي وصل إليه الإمام الحسين سلام الله تعالى ‏عليه، والسيدة زينب سلام الله تعالى عليها هذا المقام العظيم؟ كيف يقدّموه؟ لأن المنهج الذي تربّوا عليه هو ‏منهج دخل إلى فطرتهم، وكانوا منسجمين مع هذه الفطرة، فارتفعوا عاليًا، وكانوا عظماء، ووصلوا إلى هذا ‏المستوى العظيم.‏

لذا نحن دائمًا نردد معكم، ونقول معكم: لبيك يا حسين... لبيك يا حسين، لأنك حملتَ المنهج بأمانة وصدق، ‏وأوصلته إلينا، لنفهم تمامًا أن الرجل والمرأة كليهما مسؤولان في معركة الحق ضد الباطل. هذا نموذج من ‏نماذج الثبات على الفطرة. ‏

النموذج الثاني، عندما يتحدث عن مكارم الأخلاق. اليوم الإسلام إلى ماذا يدعو؟ يدعو إلى مكارم الأخلاق. ‏سأجري مقارنة صغيرة حتى أسهّل عليكم. يدعو إلى الصدق، الصدق منسجم مع الفطرة، الصدق مقابل ماذا؟ ‏الكذب. يدعو إلى الأمانة، مقابل الخيانة. يدعو إلى الإخلاص، مقابل عدم الإخلاص. يدعو إلى حسن الخلق، ‏مقابل سوء الخلق. يدعو إلى العفو، مقابل الانتقام. يدعو إلى الاستقامة، مقابل الانحراف. قولوا لي، هذه ‏الصفات التي تطبع التشريعات المختلفة في الإسلام، والتي تنطلق من مكارم الأخلاق، هل هي منسجمة مع ‏الفطرة أم لا؟ منسجمة مع الفطرة، وهذه هي التي تصنع سعادة الإنسان.‏

اليوم، واحدة من المشكلات التي دائمًا ما يُحكى عنها، ماذا يقولون؟ يقولون الدول مشكلتها في ماذا؟ في ‏الفساد، فساد ماذا؟ فساد مالي، فساد أخلاقي، فساد اجتماعي، فساد في التربية، فساد في السهرات التي ‏يُقيمونها، ويشربون فيها الخمر والمخدرات وما شابه ذلك، فساد في العلاقات بين الرجل والمرأة، فساد من ‏كل جانب. هذا تشريع؟ أنتم تدعوننا إليه؟ لا، نحن ندعو إلى التشريع الصافي النقي، الذي يحقق للإنسان ‏مكانته.‏

ثالثًا، من الثوابت في الإسلام، العدل. يقول: {إِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، ما معنى العدل؟ يعني ‏أن تنصف الإنسان، أن تعطيه حقه. لا يجوز أن تعطيه أكثر لأنه قرابتك، أو لأنه أخوك، أو لأن فيه ‏مصلحتك. يقول: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ}، فليكن عندكم عدل، لأن ‏هذا أقرب للتقوى، بحسب تشريع الإسلام، وبحسب ضوابط الإسلام.‏

أمير المؤمنين علي عليه السلام يقول: "فإن في العدل سعة"، إذا كنتم تظنون أن العدل يُضيّق على الإنسان، ‏لا، "فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق"، يعني من لا يتحمل العدل، سيرى أن ‏الظلم أسوأ، وأن غياب العدل أسوأ. فإذًا، دعونا نذهب جميعًا إلى العدل. الإسلام يركّز على العدل، العدل في ‏إنصاف الناس، في إعطاء الحقوق، في التساوي بين البشر. هذه هي الثوابت التي يعمل عليها الإسلام.‏

نحن نحمل شرعًا من عند الله عز وجل، يعني الخالق هو الذي أعطانا هذا التشريع، ولا يوجد أحسن منه، ‏وعندنا دليل حتى نناقش ونقارع، فليأتِ أي أحد يناقشنا بتشريع إلهي مقابل التشريع البشري، فليُناقشنا ‏بالثوابت، بمسائل الفطرة. من هنا، ربّ العالمين ماذا يقول لنا؟ {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم ‏مُّؤْمِنِينَ}. ارفعوا رؤوسكم، وكونوا مطمئنين، حتى لو أرعبوكم. تلاحظ هناك كثير من المقالات، عندما ‏يتحدثون عن المؤمنين، أو عن المنهج الإسلامي، يَذمون، ويقولون أشياء مركّبة بطريقة خاطئة. لا يهمكم ‏أنتم الأعلون بالفكر، أنتم الأعلون بالسلوك، أنتم الأعلون بالأخلاق، أنتم الأعلون بالجهاد، أنتم الأعلون ‏بالمستقبل، أنتم الأعلون بالطاعة لله تعالى، أنتم الأعلون بالحصول على كل الخيرات، أنتم الأعلون ‏بالحصول على النصر أو الشهادة وعدم الانهزام أمام أعداء الأمة لأننا أشخاص نحمل الفكرة العظيمة، ‏والإيمان العظيم، وبالتالي، إذا كنتَ أعلى مع الله تعالى، فلا تبالِ أيها الإنسان، أنت الرابح في الدنيا والآخرة.‏

الأمر الرابع، وهذا من المسائل التي يمكن أن تكون إشكالية، يقول حسنًا، إذا أنتم تقولون إن منهجكم هو ‏الإسلام، فماذا عن نظرتكم إلى الوطن، الذي قد يكون فيه دستور ومنهج مختلف عن المنهج الإسلامي؟ نقول ‏لهم: يجب أن تُفرّقوا بين أمرين. يجب أن تفرّقوا بين إيماننا بالوطن، وبين التشريع الذي يكون داخل الوطن. ‏أما إيماننا بالوطن، فأمير المؤمنين علي عليه السلام يقول: "عمرت البلاد بحب الأوطان". يعني نحب بلدنا ‏نحن، نؤمن ببلدنا، نؤمن بأرضنا، متمسكون بها. ما هي الوطنية إلا أن تكون التمسك بالأرض، والدفاع عن ‏الأرض، وتربية الأولاد في هذه الأرض، وحب الأرض، والعلاقة مع الأرض، نحن وطنيون بكل ما للكلمة ‏من معنى. يقول أنتم الإسلاميون وطنيون؟ نعم، وطنيون، هل هناك تعارض بين الإسلام والوطن؟ أبدًا، ‏الإسلام يدعونا إلى حب الوطن، الإسلام يدعونا إلى الدفاع عن الوطن، الإسلام يدعونا إلى التمسك بأرض ‏الآباء والأجداد، الإسلام يدعونا إلى أن نكون نموذجًا طاهرًا مؤمنًا صادقًا داخل الوطن.‏

إذًا، الشق الأول الذي له علاقة بالإيمان بالوطن، نعم نحن وطنيون. لكن الفرق، ربما بيننا وبين البعض، أنه ‏في الوقت الذي نحن فيه وطنيون، نحن أيضًا بنفس الوقت إسلاميون، نحن إنسانيون، نحن ننظر إلى قضايا ‏المجتمعات المختلفة، في المجتمع القريب نتعاطف معه بشكل كبير، في المجتمع الأبعد نتعاطف معه أيضًا ‏بنسبة معينة. إذًا استطعنا أن نساهم مع المجتمع الإنساني، مع إخواننا وأحبائنا، مع أي مستضعفين على وجه ‏الأرض، نقدّم المساهمة المناسبة، على قاعدة إيماننا، وعلى قاعدة الاشتراك في الإنسانية، "إما أخٌ لك في ‏الدين، وإما نظيرٌ لك في الخلق"، بحسب ما قال أمير المؤمنين عليه السلام. فإذاً نحن متعلّقون بالوطن.‏

ماذا عن موضوع التشريع؟ أخي، هذا التشريع الإسلامي له جانبان: له جانب أن يلتزم الإنسان بهذا التشريع ‏في حياته الخاصة، وهذه نحن أحرار فيها، نفعل ما نريد، نتعبّد، نلتزم بمكارم الأخلاق، نُطبّق التشريع ‏الإسلامي، نظام حصر الإرث بحسب التشريع الإسلامي، زواجنا بحسب التشريع الإسلامي، إلى آخره... فإذاً ‏على المستوى الفردي، نحن نستطيع أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي.‏

أما على مستوى الدولة، ونظام الدولة، إذا كان هناك مواطنون آخرون – كما هو موجود في لبنان – لا ‏يعتبرون أنهم يريدون الرجوع إلى التشريع الإسلامي كثوابت، هناك تشريع آخر يجب أن يكون هناك اتفاق ‏عليه، خير إن شاء الله، نتفق على التشريع الآخر، وهذا هو الحاصل.‏

أنا سمعت منذ خمس وعشرين سنة بعض العلمانيين الذين أجروا معنا نقاشات معينة، قالوا: نحن مستغربون ‏من تجربتكم في لبنان. قلت له: لماذا؟ قال: أنتم إسلاميون. قلت له: نعم، وماذا يعني؟ قال: لأن الإسلامي عادةً ‏يا أبيض يا أسود، يعني إما يحذف الآخر أو الآخر سيحذفه. قلت له: من قال ذلك؟ إذا كان ربّ العالمين ‏يقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فهل أُكره الناس على الدين؟ ما وظيفتي أنا؟ ليس لديّ هذه الوظيفة، وظيفتي أن ‏أكون متدينًا، ليست وظيفتي أن أُكره الآخرين. إذًا ما هو الحل في هذا الموضوع؟ الحل هو أن نتفاهم. لذلك ‏نحن أعلنّا أن هذا الدستور اللبناني وهذه القوانين اللبنانية، نحن ملتزمون بها كجزء لا يتجزأ من العيش ‏المشترك الذي نريده داخل الوطن اللبناني.‏

انظروا كم يملك الإسلام من المرونة، لأن الإسلام ليس فرضًا على الآخرين، أولئك الذين يقتلون الناس لأنهم ‏ليسوا مسلمين، لا ينفع ذلك يا أخي، أنت لا يمكنك أن تقتل الناس لأنهم ليسوا مسلمين، لا، ولا لأنهم لا ‏يسيرون كما تريد، لا علاقة لك بذلك، كل إنسان يختار ما يريد.‏

لذلك، نحن اليوم في قلب لبنان نعيش بشكل طبيعي، نمارس دورنا، لدينا نواب، نشارك في قلب الحكومة، ‏نُغيّر قوانين، نُبدّل قوانين، نُبدي آراءنا كما يُبدي الآخرون آراءهم، ضمن القوانين. في المكان الذي يوجد فيه ‏قانون نعتبره غير شرعي أو غير منسجم مع الإسلام، لا نقترب منه ولا نتعاطى معه. هذا موضوع نحن ‏أحرار فيه، لأنه لا يُخلّ بمواطنيتنا، وبالتالي لا يؤثر على الآخرين. فإذًا استطعنا أن نُجري ترتيبًا في العالم. ‏هذه من الأمور التي تُسمى مجالات التغيير، يعني الأمور التي لا علاقة لها بالثوابت.‏

من الثوابت أن تؤمن، من الثوابت أن تحكم بما أنزل الله تعالى، على مستوى الجماعة إذا استطعت. وإذا لم ‏تستطع، قال: لديك خيار آخر، تعاون أنت والجماعة، المهم أن تحفظ حقوقك، ويحفظون حقوقهم، ولا ‏مشكلة. هذه من المتغيرات التي تستطيع أن تعمل فيها. نحن نعمل على هذا الأساس.‏

من هنا أريد أن أقول إن شرعنا الإسلامي عظيم جدًا ومنفتح جدًا، إلى درجة أنه يعطينا المجال والفرصة ‏حتى نتقدم إلى الأمام.‏

الأمر الخامس والأخير في هذا الموضوع هو موضوع الحرص على الجماعة، يعني دائمًا يجب أن نكون ‏معًا: "واعتصموا بحبل الله جميعًا".‏

لماذا يدعونا دائمًا إلى الجماعة؟ لأنه لا يمكنك أن تعمل في الأمة وحدك، لا يمكنك أن تبني المستقبل دون أن ‏تكون مع جماعة: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على ‏الإثم والعدوان". دائمًا نحن ندعو إلى أنه، يا أخي، يجب أن تكون هناك وحدة إسلامية، يجب أن تكون هناك ‏وحدة وطنية، يجب أن تكون هناك وحدة إنسانية. أينما كانت الوحدة تبرز، نحن حاضرون. نحن مع كل ‏أشكال الوحدة التي يمكن أن تكون موجودة، ونشجع عليها. هذا جزء من ديننا، من مبدئنا، من إيماننا. فلا ‏تستغربوا عندما نكون نحن مقبلين.‏

النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "عليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، ولم يجمع الله عز وجل أمتي إلا ‏على هدى". يعني كلما كنا مجتمعين أكثر، كنا على هدى. لماذا؟ لأن هذه الجماعة فيها خير، فيها هدى بإذن ‏الله تعالى.‏

اليوم، نحن في لبنان كمقاومة، نستمد من الإسلام العظيم، نستمد من الإمام الحسين صلوات الله عليه، ومن ‏زينب صلوات الله عليها، نستمد من هذا الاتجاه الكبير. لذلك، مواقفنا منسجمة مع هذا الاتجاه.‏

ماذا نفعل نحن اليوم في لبنان؟ نحن نقول إننا مقاومة. مقاومة ماذا؟ مقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ‏الذي يحتل الأرض. اليوم هذا الاحتلال الإسرائيلي، كيف يمكن أن نتعامل معه؟ لا بد أن يخرج من أرضنا، ‏لا بد أن نقاومه، لا بد أن نواجهه. بعضهم يقول: لا، أنت لا يمكنك أن تواجه، منذ متى كان الدفاع يحتاج إلى ‏إذن؟ الآن، إذا هجم عليك أحد في بيتك، هل تنتظر حتى تستأذن، أم تدافع مباشرة إذا لم تكن هناك سُبل أخرى ‏للدفاع؟ الدفاع لا يحتاج إلى إذن، وعندما يتوفّر البديل الدفاعي عن الوطن، نناقش كل التفاصيل مع الذين ‏يقولون إنهم قادرون على هذا الدفاع، ونحن قريبون ولسنا بعيدين عن كيفية النقاش. ‏
لا أحد يطالبنا بوقف المقاومة، اذهبوا وطالبوا العدو بالرحيل.‏

هذا أمر لا يُقبل، هل يُعقل ألّا تنتقد العُدوان، لا تقول شيئًا للعدوان، لا تُآخذ العدوان، ودائمًا ترص على ‏جماعتك وعلى أهل وطنك، وتقول لا، أنتم أولًا يجب أن تتخلوا عن سلاحكم، عن مقاومتكم، عن إمكاناتكم! ‏أين تعيش أنت؟ طالبوا العدو بالرحيل، ولا تُطالبوا مواطنيكم بالاستسلام.‏

الآن، إذا قبل بعضهم بالاستزلام وبالاستسلام، فهذا شأنهم، أما نحن فلا نقبل، نحن جماعة: هيهات منا الذلة.‏

إذا اعتبر بعضهم أن هناك فرصة الآن لنستقوي بالآخرين على مواطنين في لبنان، أتستقوي علينا؟ لا، ‏أخطأت الحساب، لأن شعب المقاومة شعب لا يهاب الأعداء، ولا يهاب جراميز الأعداء. لا تظنوا أنه إذا ‏اختبأتم وراءهم من أجل أن تحققوا مكاسب، ستنجحون، معنا لا يوجد نجاح لكم. النجاح هو أن نكون معًا، ‏لنحفظ بلدنا، ونحفظ أمتنا، ونحرر أرضنا، ونواجه عدونا. هذه دعوتنا إليكم، ونحن حاضرون قُربة إلى الله ‏تعالى.‏

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏


العلاقات الإعلامية في حزب الله
الجمعة 04-07-2025‏
‏8 محرم 1447 هـ ‏

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025

اخبار متعلقة

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025 2025-07-04
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025
كلمتا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي خلال مجلسين عاشورائيين في بلدتي قعقعية الصنوبر ‏والسكسكية 2025-07-04
كلمتا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي خلال مجلسين عاشورائيين في بلدتي قعقعية الصنوبر ‏والسكسكية

الأحدث

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025 2025-07-04
الجناح الاعلامي كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة التاسعة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 04-07-2025
كلمتا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي خلال مجلسين عاشورائيين في بلدتي قعقعية الصنوبر ‏والسكسكية 2025-07-04
الجناح الاعلامي كلمتا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي خلال مجلسين عاشورائيين في بلدتي قعقعية الصنوبر ‏والسكسكية
كلمتا الوزير السابق الدكتور مصطفى بيرم خلال مشاركته في مجلسين عاشورائيين في بلدتي الزرارية ‏والصرفند 4-7-2025 2025-07-04
الجناح الاعلامي كلمتا الوزير السابق الدكتور مصطفى بيرم خلال مشاركته في مجلسين عاشورائيين في بلدتي الزرارية ‏والصرفند 4-7-2025
بيان كتلة الوفاء للمقاومة 3-7-2025 2025-07-03
الجناح الاعلامي بيان كتلة الوفاء للمقاومة 3-7-2025
ميديا
  • فيديو
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022 2022-04-13
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022 2022-03-30
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022 2022-03-26
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022 2022-03-02
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022

من نحن

العلاقات الاعلامية في حزب الله - جميع الحقوق محفوظة

اتصل بنا

تلفون: 01/274886 - 01/278680 تلفاكس: 01/274469 بريد alakatmedias@gmail.com

موقع العلاقات الاعلامية الاخباري