
كلمة عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي خلال ندوة فكرية في صور
بمناسبة ذكرى مؤتمر وادي الحجير الذي دعا إليه العلامة المفكر السيد عبد الحسين شرف الدين، أقامت جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي بالتعاون مع الكلية الجعفرية في مدينة صور، ندوة فكرية تحت عنوان "الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين قده"، وذلك في قاعة الكلية الجعفرية في مدينة صور بحضور سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان ممثلاً بمستشاره الأول حسين ياد كاري، عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي، رئيس إتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، متروبوليت صور وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميخائيل أبرص، رئيس إتحاد بلديات قضاء صور عبد المحسن الحسيني، رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق، مدير الكلية الجعفرية السيد علي شرف الدين، إضافة إلى حشد من العلماء من مختلف الطوائف الدينية وفعاليات وشخصيات بلدية واختيارية وثقافية واجتماعية وأدبية وفكرية، وحشد من المهتمين.
الندوة التي قدّمها رئيس جمعية منتدى الوحدة للتعاون الإجتماعي الشيخ عادل التركي افتتحت بآيات بينات من القرآن الكريم، ومن ثم كلمة ترحيبية لمدير الكلية الجعفرية السيد علي شرف الدين رحب فيها بالحضور، لافتاً إلى أن السيد شرف الدين قد أوصانا بوحدة الصف والكلمة، وحفظ كرامة الإنسان، وعدم التفريق في المواطنة، بين دين ودين أو مذهب ومذهب، وأن لا نغادر زماننا، ونواكب عصرنا ونحفظ قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا.
ومن ثم كانت مداخلة لعضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي استعرض فيها شخصية ومواهب الإمام شرف الدين المتعددة، مضيفاً أنه لو لم يكن ما حققه المؤتمر فقط إلاّ الخطاب الديني الذي ألقاه السيد شرف الدين في ذلك الوادي، لكان كافياً في تحقيق أهدافه والذي دعا فيه إلى النهوض والمقاومة والوحدة الوطنية، معتبراً أن ما بعد المؤتمر ليس كما قبله، لأن هذا المؤتمر هو معيار النصر أو الهزيمة.
وتابع الشيخ بغدادي: لقد أعطى هذا المؤتمر شرعية للعمل المقاوم ضد الإحتلال الفرنسي، من خلال حضور قادة المقاومة في وادي الحجير، كما وضع السيد شرف الدين بكل قوة بوجه الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
وفي الشأن السياسي رأى الشيخ بغدادي أن ما جرى من عدوان على الشعب اليمني مستهدفاً نسائه وأطفاله وبناه التحتية، يأتي في ظل محاولة جديدة لتقويض محور المقاومة بعدما فشلوا في إيجاد مشروع الأوسط الجديد من بوابة العراق وسوريا ولبنان.
وأضاف الشيخ بغدادي: نعيش في هذه الأيام ذكرى إنتصار نيسان 1996 على الإسرائيلي، الذي فرضت فيه المقاومة شروطها عليه من خلال معادلة الردع، وهذا ما سينسحب على فشل عاصفة الحزم من وهن سيصيب المشروع الأميركي وحلفائه من الإسرائيلي وبعض الأنظمة العربية، ولن يكون اليمن معبراً لمشروعهم، وسيكون الأكثر عصياً والأشد خسارة وإيلاماً لهم.
بدوره الشيخ محمد سعيد النعماني (من العراق) أكد خلال مداخلته أن الإمام شرف الدين هو القائد والرائد والشاهد على مسيرة الوحدة والتقريب الذي حملناه بين جوانحنا وفي حدقات عيوننا، لأنه لا مجال ولا حياة لنا بدون وحدة هذه الأمة، وإلاّ ستأكلنا هذه الأفاعي التي تفتح أفواهها لتبتلعنا بكل ظلم كما يحصل في العراق اليوم، حيث أننا نشاهد بأمّ أعيننا كيف هؤلاء يتناسون كل المسائل والشعارات التي يرفعونها كحقوق الإنسان والديمقراطية، ولكنهم يصادرون الحريات كما يشربون الماء البارد في الصيف.
ومن ثم كانت مداخلة لرئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين تطرق فيها إلى إحدى إنجازات مؤتمر وادي ألا وهي الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن مفهوم الوطنية كان واضحاً عند سماحة السيد شرف الدين، لأنها بالنسبة إلينا هي من الدين، والإسلام يؤكد على وحدة المجتمعات وتعاونها وتماسكها والإبتعاد عن النزاعات واللجوء إلى الحوار.
ولفت إلى دور السيد عبد الحسين شرف الدين الذي كان مهماً في سياسة المنطقة ومواجهة الإستعمار، علاوة على تميّزه في العالم والفقه والعرفان والعقيدة، فهو العالم الروحاني والسياسي القدير والثائر العنيد، وداعية سلام ومحبّة في المنطقة وبين أبناء الوطن دون نظر إلى الدين او الطائفة، لأنه ينظر إلى الناس من منظار جدّه الإمام علي (ع).
وختام المداخلات كانت مع رئيس إتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود الذي أكد أن سماحة الراحل الكبير السيد عبد الحسين شرف الدين من خلال كلماته التي حملت في طياتها مدلولات كثيرة بدعوته لوحدة الأمة وتنبيهه من الفتنة الطائفية وتأكيده على أخوّة المسلمين والمسيحيين وتشديده على أهمية أن يتحلى المجاهدون للعدو الفرنسي وحبائله الحقيرة بالأخلاق التي تحول دون أن يستعدي فريق منا على الآخر، كان كأنه قد عاش القرن الذي أتى من بعده ووصل إلى يومنا هذا ورأى العبر مما مرّ علينا من الحرب اللبنانية والإحتلال الاسرائيلي والفتن، فقرأ كل ذلك وعاد لعام 1920 الذي كان عام تحول كبير، فلو أن القرار حينها كان في وادي الحجير لكان التاريخ قد اتخذ شكلاً آخر.
واعتبر الشيخ حمود أن المقاومة اليوم قد استفادت من وادي الحجير الأول إلى وادي الحجير الثاني، ومن فكر السيد شرف الدين الذي كان مقاوماً شرساً وواعياً، وهو الذي استدعى السيد موسى الصدر لينطلق بخطوات المقاومة الأولى، وكأنه ألهم أن هذا الرجل سيؤسس لخطوات مقاومة جديدة، وصلت اليوم إلى محطات عظيمة يجب أن يشهد بها الجميع، مشدداً أنه لا يجوز لأحد أن يصنّف سيد هذه المقاومة تحت أي عنوان مذهبي أو قومي أو جزئي أو حزبي، فقد ثبت بالفعل والكلمة والسلاح والموقف أنه أكبر من أن يؤطر هنا أو هناك.
وقال الشيخ حمود: " لقد بتنا نشعر أننا وحيدون ضمن أمة مات دينها وضميرها وعلماؤها، وارتد أكثر أهلها، لأنهم سلكوا طريق المذهبية والتكفير والتخلّف حتى ضاق ذرعهم اليوم بأن يحتفل بعض الأرمن بأنهم ذبح الملايين من شعبهم منذ مئة عام، فأتوا بفتاوى وكذب من هنا وهناك لمنعهم من الإحتفال بذلك، مؤكداً أن التاريخ هو نفسه والخطأ خطأ أكان من ارتكبه مسلم أو مسيحي أو تركي أو عربي، فكفى كذباً على الناس وتزويراً للحقائق، كما تزوّر حقائق عاصفة الحزم من قبل مملكة لم نجني منها شيء إلاّ أنها تقول عن المقاومة مغامرة، وتقف في وجه كل إسلام واعٍ وفي وجه كل مجاهد، فعندها الجهاد يقتصر على أن يقف السنيّ في وجه الشيعي ليقتله، وعلى أن تثور غرائز العربي الجاهلية ليتحدث عن فرس وعرب، معتبراً أن ما يقوم به بعض العرب اليوم هي الجاهلية الجديدة التي يريدون من خلالها محاربة المقاومة، فيزعمون أنهم يدافعون عن سنة رسول الله وهم كاذبون ولا يكادوا يعرفون ماذا تعني.