العلاقات الاعلامية في حزب الله
  • بيانات حزب الله
    • بيانات محلية
    • بيانات إقليمية
    • بيانات دولية
    • بيانات المقاومة الإسلامية
    • بيانات تربوية
    • بيانات نقابية
  • الأمين العام لحزب الله
  • سيد شهداء الأمة
    • خطابات عامة
    • خطابات يوم الشهيد
    • خطابات يوم القدس العالمي
    • خطابات عاشوراء
    • خطابات ذكرى القادة - 16 شباط
    • خطابات ذكرى التحرير
    • خطابات حرب تموز 2006
    • خطابات ذكرى انتصار اب
    • لقاءات واتصالات
    • خطابات عيد التحرير الثاني
    • مقابلات إعلامية
    • بيانات وبرقيات
    • برقيات تلقاها سماحته
    • خطابات الانتخابات النيابية 2022
  • كتلة الوفاء للمقاومة
    • كلمات النواب
    • بيانات الكتلة
    • تصاريح وحوارات إعلامية
    • أنشطة ولقاءات
  • قيادة حزب الله
    • الشيخ نعيم قاسم (2014 - 2024)
    • السيد ابراهيم أمين السيد
    • الشيخ محمد يزبك
    • السيد هاشم صفي الدين
    • الحاج حسين الخليل
    • النائب محمد رعد
    • الشهيد السيد عباس الموسوي
  • العلاقات الإعلامية
    • الحاج محمد عفيف
    • بيانات وأنشطة
  • أنشطة
  • كلمات ولقاءات

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447
الشيخ نعيم قاسم (2014 - 2024) الجناح الاعلامي الأمين العام لحزب الله كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447
2025-06-30

 

بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ


كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447 هـ:‏

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا ‏وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع ‏الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏
السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم مني سلام الله أبدًا ما ‏بقيتُ وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.‏
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏
اليوم سنتحدث عن التربية، وهي نتاج الليلتين السابقتين. في الليلة الأولى تحدثنا عن المنهج وعن ‏الطريق، في الليلة الثانية تحدثنا عن السلوك. في هذه الليلة لا بد أن نؤكد على أهمية التربية، لأننا نريد أن ‏ننقل المنهج والسلوك إلى حياة الإنسان حتى يتمكن من الاستفادة من هذه التوجيهات والأوامر الإلهية ‏والنواهي الإلهية. والإنسان إذا لم يتربَّ على شكل معين لا يمكن أن يُعطِيَه، وأما إذا تربى على صيغة ‏وعلى نمط، فيمكن أن يُبدع، ويمكن أن يصل إلى أعلى المستويات.‏
إذًا، التربية هي المطلوبة، وهي التي تبني الطفل والولد وتبني الإنسان على المسار الذي نريده أن يختاره ‏بناءً على المسار الأصلح.‏
كنتُ في بعض الجلسات مع سماحة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، ‏نتحدث عن موضوع عاشوراء وأثر عاشوراء، كان له رأي واضح جدًا أن عاشوراء هي المدرسة السنوية ‏الأبرز التي تُخرّج الأجيال والتي تؤثر في عملية التربية وفي عملية البناء، وكل النتائج التي نراها بشكل فعّال ‏في ساحة الجهاد أو في ساحة الموقف من أجل الحق أو في نصرة المظلوم هي من بركات عاشوراء وتربية ‏عاشوراء.‏

إذًا نحن بحاجة إلى التربية من أجل أن نُؤصّل هذه المفاهيم، وخاصة اتجاه عاشوراء ومفاهيم عاشوراء، ‏عاشوراء مجالس التربية.‏
تعلمون أن الله تعالى قد خلق الإنسان ووضع فيه فطرة، في فطرته توجد معلومات بديهية، يعني تُخلق ‏معه وتكون طبيعية، وهناك معلومات اكتسابية يتعلم حتى يتمكن من تنمية قدراته. يعني من لا يتعلم ‏حتى يتمكن من تنمية قدراته تظل قدراته ضعيفة، يظل تجاوبه مع الأمور محدود، وبالتالي نحن بحاجة ‏إلى التعليم وإلى التربية من أجل أن نُصقل شخصية الإنسان بشكل صحيح. فإذًا لا أحد يناقش أن التربية ‏مطلوبة مع العلم، مع المعلومات المكتسبة، ليصل الإنسان إلى المستوى اللائق والمفيد له في هذه ‏الحياة.‏
في القرآن الكريم قال تعالى: "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ ‏صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، كيف يكون الإصلاح في الذرية؟ ‏بالتربية. عندما نطلب من الله عز وجل: "وأصلح لي في ذريتي"، يعني ساعدني يا ربي على أن أقوم ‏بالعملية التربوية الصحيحة للإصلاح في الذرية. بالحقيقة، الله عز وجل يمنحنا قدرات، يمنحنا طاقات، ‏لكن المطلوب أن نستخدمها لتربية هذا الجيل، تربية الأطفال على التربية الصحيحة التي تصل إلى ‏المستوى المطلوب.‏
وطبعًا الإسلام لم يعتبر أن التربية عملية عابرة وعادية، لا، التربية لها أسس، لها قواعد، حتى الإنسان ‏الذي نريد أن نربيه، لا بدّ أن نلتفت للمراحل العمرية التي يمر بها. بمعنى آخر، يجب أن يكون ‏المدرسون، وكذلك كل من له علاقة بالتعليم والتربية، يجب أن يكونوا مؤهلين حتى يتمكنوا من التعاطي ‏مع المراحل العمرية المختلفة التي يكون عليها الإنسان.‏
ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ يقول: "الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ‏ووزير سبع سنين، فإن رضيت أخلاقه لإحدى وعشرين، وإلا فاضرب على جنبه، فقد أعذرت إلى الله ‏تعالى". يعني يُقسّم المراحل العمرية إلى ثلاث مراحل أساسية، كل مرحلة لها طريقة في التربية:‏
المرحلة الأولى: "الولد سيد سبع سنين"، يعني يجب أن تعطيه مجالًا من الحرية، يتصرف أحيانًا ‏تصرفات قد تراها غير منضبطة أو غير صحيحة أو غير دقيقة، يجب أن تكون مرنًا معه، لأنه في هذه ‏الفترة لا تكون لديه قابلية للتبلور بشخصية منضبطة في كل شيء. لذلك يقول "سيد"، يعني يخطر بباله ‏أشياء ويتصرف بها، وقد لا تقدر على تغييرها، وهذا طبيعي ضمن حدود معينة، فيكون التوجيه ‏
في هذه السن - وهي السبع سنوات الأولى - ضمن حدود، مع وجود ضوابط لوضعه على السكة، لكن ‏هناك تصرفات معينة لا تستطيع أن تمنعها. بعض الناس الكبار أحيانًا يقولون: "شايف ابنك كيف ‏عمل؟" أو "كيف تصرّف؟"، هناك أمور لا يمكن تعديلها وتبديلها، لكن هناك إمكانية لوضع اتجاه عام ‏يخفف منها ويوجهها، لأنّ خلال هذه الفترة من الزمن طريقة التربية فيها شيء من الحرية للولد.‏
المرحلة الثانية: وهي التربية الأساسية والمفصلية، أي من سن سبع سنوات إلى سن أربعة عشر سنة، ‏‏"وعبدٌ سبع سنين"، "عبد" المقصود بها هنا أن يكون طوع يديك، يعني يمكنك أن تُلزمه بأمور، تضع له ‏قواعد، تدربه على عادات جديدة، تثقّفه بالطريقة الصحيحة، تزرع فيه قدرات قابلة للنمو، فهذه هي ‏الفترة التي تستطيع أن تُربي فيها بشكل مباشر.‏
المرحلة الثالثة: "ووزير سبع سنين"، أي من 14 إلى 21، يجب أن تصاحبه، كما الوزير هو عبارة عن ‏مستشار يعطي رأيًا، يعني لا يمكنك من 14 إلى 21 أن تتصرف معه بطريقة "افعل، لا تفعل"، وتتعامل ‏معه كما كنتَ تتعامل معه في سن صغيرة، لأنه بدأت تتكون شخصيته، وأصبحت له قدرات مختلفة.‏
لاحظوا الإسلام، منذ أكثر من 1400 سنة، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوجّه إلى أن التربية يجب ‏أن تراعي المراحل العمرية وأن تأخذها بعين الاعتبار. لأنه إذا أردت أن تؤصّل، إذا أردت أن تؤثّر، لا بد أن ‏تأخذ كل مرحلة عمرية وتتعامل معها على هذا الأساس.‏
على فكرة، اليوم في الدوائر الغربية، وفي الوضع التربوي العالمي، يتحدثون عن التقسيم نفسه، يعتبرون ‏أن هناك سن الطفولة، وسن المراهقة، وسن ما بعد المراهقة، ويقسمونهم من 7 إلى 14 إلى 21، وربما ‏يقولون بدلًا من 14، 13، أو يقولون بدلًا من 13 إلى 21، يقسمونهم قسمين، لكن يعتبرونهم مرحلة ‏متشابهة. من أين أخذوها؟ أخذوها من هذا المنطق الطبيعي، هم أجروا تجارب ورأوا خبرات معينة، ‏لكن الإسلام كان واضحًا من البداية كيف تكون الوسائل التربوية منسجمة مع الأعمار ومع الوضع ‏القائم.‏
أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام يقول إن العملية التربوية أساس، لماذا؟ يقول: "وإنما قلب الحدث ‏كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيء قبلته"، يعني اليوم إذا كانت عندك قطعة أرض، تزرع فيها قمحًا، ‏يخرج قمح، تزرع شعيرًا، يخرج شعير، تزرع تينًا، يخرج تينًا، لا تزرع شعيرًا ويخرج تينًا، يعني ما تضعه فيها ‏هو ما تحصده. فيقول أمير المؤمنين سلام الله تعالى عليه: "وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقي ‏فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبّك"، قبل أن يصبح قلبك قاسيًا لأنه ‏تمرّد على أشياء معينة، وقبل أن يصبح عقلك والأفكار التي لديك مشوشة ‏

وتكتسب معلومات خاطئة وتعمل بأمور غير صحيحة، بادرتك بالأدب منذ صغرك حتى تُكوّن بطريقة ‏تربوية صحيحة على الأسس التي علّمنا إياها الإسلام، علّمنا إياها ربّ العالمين، وأتى بها محمد صلى الله ‏عليه وآله وسلم.‏
إذًا، نحن اليوم في العملية التربوية نكون نعمل بطريقة صحيحة حتى نُنشئ هذا الجيل على هذه ‏القواعد.‏
هناك أناس أحيانًا يقولون: يا أخي، لماذا تنشئون مدارس خاصة؟ لماذا توجهون هذا التوجيه الخاص؟ ‏اتركوا الولد كما هو! يعني أنتم تتركونه كما هو؟ يعني الآخرون يتركونه كما هو؟ اليوم عندما ينشئون مثلًا ‏مدارس للأطفال، حتى لو سموها مدارس علمانية، ما معنى مدارس علمانية؟ يعني مدارس على اتجاه ‏معيّن، وليس أنها مدارس بلا تربية، لا، لا يوجد علم بلا تربية. إذًا، أنت تختار هذه الطريقة في التربية، ‏من قال إن هذه الطريقة صحيحة؟ نحن نريد أن نفتّش عن الطريقة الصحيحة، ولذلك نقول: التربية ‏أساس، لا يمكنك ألا تربي، لا يمكنك ألا تعمل على هذه التربية حتى نتمكن من التأصيل، ونتمكن من ‏إعطاء الطريق الصحيح لهذا الإنسان، شابًّا كان أو شابة، ولدًا كان أو بنتًا، على قاعدة أننا مسؤولون ‏تجاهه.‏
أنا أدعوكم أن تهيئوا لأولادكم الأجواء التربوية، مسؤوليتنا كأهل، مسؤوليتنا كعلماء، مسؤوليتنا كمبلغين، ‏كقادة رأي، مسؤوليتنا كمعلمين في أي مجال من المجالات كنا، لدينا مسؤولية أن نهيئ الأجواء التربوية ‏للأولاد، حتى نتمكن من زرع هذه المفاهيم الصحيحة فيهم.‏
المدرسة تؤثر، والبيت يؤثر، والشارع يؤثر، ووسائل التواصل تؤثر، والإعلام يؤثر، كل ما يحيط بالإنسان، ‏مع الصحبة، مع العلاقات الاجتماعية، مع صلة الرحم، كل هذا يؤثر تربويًا على الإنسان.‏
لذلك، مسؤوليتنا نحن أن نختار للولد هذه الأجواء التي يعيش فيها. يجب أن نختار، يجب أن نختار ‏المدرسة، ونختار المكان، ونختار الصحبة، ونختار التوجيهات التي تساعد على أن يتأسّس بطريقة ‏صحيحة. بعد أن يتأسّس بطريقة صحيحة، يصبح هو قادرًا أن يختار. لكن نحن، وظيفتنا في المراحل ‏التربوية الأساسية الثلاثة، أن نساعده على أن نهيئ له كل الأجواء التربوية المناسبة والأساسية.‏
برأيكم، لماذا خرج عندنا هذا النموذج من الشباب الاستشهادي المجاهد، الذي صمد أمام الجحافل ‏الإسرائيلية، واستطاع أن يكون قويًا، عزيزًا، موفقًا، ناجحًا، ثابتًا، صابرًا؟ لماذا خرج بهذه النتيجة؟ لأنها ‏نتيجة التربية. تربّى في مجالس الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، تعلّم من محمد وآل محمد، ‏
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، سار على المنهج القرآني. هذه التربية هي التي أوصلت إلى هذه ‏النتيجة.‏
عندما نرى شبابًا يتركون الدنيا ولا يهتمون بها، كل واحد منهم يمكن أن يكون مهندسًا أو طبيبًا أو فلاحًا ‏أو تاجرًا أو أي شيء من هذه الأمور الدنيوية، لكنه يقول أنا في الوقت الذي تطلبني فيه إلى المعركة، إلى ‏القتال، إلى الجهاد، أنا حاضر. هناك كثير من الشباب، تحت عنوان التعبئة، يذهبون إلى القتال، ‏ويشاركون في المعارك، ولهم حياتهم العادية الخاصة، وهناك أناس متفرغون لهذا العمل. لكن حتى ‏هؤلاء يتعلمون، لهم مكانة، لهم قدرة، لهم حياتهم الاجتماعية، لهم وضعهم السياسي.‏
فإذًا، هؤلاء الذين وصلوا إلى هذا المستوى العظيم من التضحية، كيف وصلوا إليه؟ وصلوا إليه من ‏خلال التربية، من خلال المسجد، من خلال العالم، من خلال الموجه، وأهم شيء من خلال الأهل ‏الذين أحسنوا التربية والعمل الصالح مع هؤلاء الأولاد. نحن نريد أن نعمل على قاعدة أن نحصل على ‏هذه النتائج.‏
هؤلاء الشباب تعلموا من أمير المؤمنين سلام الله تعالى عليه، عندما سلّم الراية إلى أخيه محمد بن ‏الحنفية في يوم الجمل، قال له: "تزول الجبال ولا تزل، عضّ على ناجذيك، أعرِ الله جمجمتك، تِدْ في ‏الأرض قدمك". ما هذا التوجيه الرائع؟ نحن نقول هؤلاء الشباب قد أعاروا جماجمهم لله تعالى، اقتداءً ‏بالتربية التي ربانا عليها أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام، الذي ثبّت فينا هذه الروحية، هذه الشجاعة، ‏هذه العظمة.‏
أخواتنا المؤمنات الطاهرات، من الأمهات، من الزوجات، من البنات، لهنّ باع طويل في ساحة الجهاد، ‏وفي إحاطة المقاومة، وقوة المقاومة، وعزيمة المقاومة، لأنهن اقتدين بزينب سلام الله تعالى عليها.‏
نساؤنا ورجالنا كلهم في الميدان.‏
عندما ننظر إلى كربلاء، في كربلاء الحسين القائد موجود، والأصحاب والأقرباء موجودون، والنساء في ‏المعركة، الأقرباء، وكذلك الآخرون، كلهم كانوا في المعركة، لماذا؟ لأنهم كلهم معنيون بهذا الاتجاه، ‏بالحق، بدعم الحق.‏
والله، لو لم يكن لدينا هذا المستوى من الإيمان العظيم، لكل مجتمعنا، لكل بيئتنا، لكل رجالنا ونسائنا، ‏لما استطعنا أن نحرر، وأن نُخرج إسرائيل من أرضنا، وأن نبقي هذه الأرض عزيزة كريمة لأكثر من أربعين ‏سنة. وأقول لكم اليوم، هذه الأرض ستبقى عزيزة، كريمة، محررة إن شاء الله تعالى. الاحتلال مؤقت، ‏والتحرير دائم، الاحتلال غصب، ونحن أصحاب حق، لا يمكن أن نقبل بهذا ‏

الغصب. الاحتلال اعتداء، ونحن جماعة لا بد أن نعمل من أجل رفع هذا الاعتداء. نحن في حالة ‏دفاعية، لا تقولوا لنا لا تدافعوا، لأنها أرضنا وحياتنا وكرامتنا وعزتنا ومستقبل أطفالنا ومستقبل أجيالنا. ‏لا تقولوا لنا سلّموا لهم، لأن هؤلاء ظلمة، منحرفون، طواغيت، يريدون أن يتحكموا بمسار البشرية ‏لمصالحهم الظالمة والآثمة. نحن تعلمنا من الحسين عليه السلام أن نقول دائمًا: هيهات منّا الذلة. نحن ‏التزمنا في تربيتنا أن نطلق النداء العظيم: لبيك يا حسين. نحن ملتزمون بشعارنا لهذا العام: ما تركتك يا ‏حسين.‏
أي عظمة أكبر من أن يُبشّرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: "إن الله تعالى يُباهي بالشاب ‏العابد الملائكة، يقول: انظروا إلى عبدي، ترك شهوته من أجلي"، ما هذه العظمة؟ ربّ العالمين يفاخر ‏بنا. ربّ العالمين يفاخر بالحسينيين والزينبيات. ربّ العالمين يفاخر بهؤلاء الذين أعاروا جماجمهم لله، ‏والذين ربّوا أطفالهم على قاعدة الحق وعلى قاعدة الطاعة لله تعالى. ‏
يجب أن نعمل للتربية بشكل دائم، هذه التربية المبنية على أن نكون مع الله وأن نكون مع الحق.‏
في كربلاء، الإمام الحسين عليه السلام مع ولده علي الأكبر، في لقاء خاص محدود، قال الإمام سلام الله ‏تعالى عليه: "القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نُعيت إلينا". كان يذكر لعلي الأكبر ‏أنه حصل معه هكذا، خفقَ خفقة بسيط، يعني سهى بشكل بسيط، فصدر عنه هذا الكلام الذي ورد. ‏فقال علي الأكبر: "يا أبتِ، لا أراك الله سوءًا، ألسنا على الحق؟" قال: "بلى، والذي إليه مرجع العباد". ‏قال: "يا أبتِ، إذا لا نبالي، نموت محقين". فقال له: "جزاك الله من ولدٍ خير ما جزى ولدًا عن والده".‏
لاحظتم ماذا قاله له علي الأكبر رضوان الله تعالى عليه، قال: "ألسنا على الحق؟ إذًا لا نبالي أن نموت ‏محقين". يعني المطلوب أن تكون البوصلة هي الحق، وبعدها ماذا تكون النتيجة نحن نتقبلها، يعني ‏ستكون موت على الحق، خير إن شاء الله، الموت بيد الله تعالى، فليكن على الحق لا على أي طريق ‏آخر.‏
بعد أن قدّمنا هذه المقدمة الطويلة عن التربية، لا بدّ أن نعلم دعائم التربية لنستند إليها. لدينا ثلاث ‏دعائم للتربية اعتمدها الإسلام، هذه الثلاث دعائم يجب أن نعتمد عليها حتى نتمكن من أن نجعل ‏مجتمعنا مجتمعًا صالحًا:‏
الدعامة الأولى هي المنهج، أي ما هو المنهج الذي نرجع إليه؟ ما هي القواعد التي نعتمدها ونعتبر أنها ‏
هي التي توجه حياتنا؟ ما هي المرجعية التي نعتبر أنها تؤصّل وتثبت كيفية التصرف؟ واضح أنّ المنهج ‏بالنسبة إلينا هو الإسلام، هو شرع الله تعالى، وبالتالي منهجنا نحن منهج إلهي، هذا المنهج الذي راعى ‏التوازن بين متطلبات الجسد ومتطلبات الروح، والذي بنى الإنسان على قاعدة أنّ الدنيا حالة مؤقتة إلى ‏الآخرة الحالة الدائمة، وأننا في هذه الدنيا في حالة اختبار، وعليه لا تتعاملوا مع الدنيا بأنها نهاية ‏المطاف، وإنما تعاملوا معها بأنها محطة مؤقتة إلى الآخرة، التي هي نهاية المطاف.‏
هذا الدين، الإسلام، يُغلّب العقل على الهوى، أي التشريع أخذ بعين الاعتبار القواعد الصحيحة ‏والمنطقية، حتى إن العلماء عندما يناقشون فقهيًّا وأصوليًّا، يقولون إن العقل مصدر من مصادر ‏التشريع، لماذا؟ لأن ما يتكلم به العقل ينسجم مع الشرع بشكل كامل. طبعًا نحن نتحدث عن العقل ‏السليم، الذي مقدماته صحيحة، وطرق عمله صحيحة. بالعقل نستطيع أن نصل إلى النتيجة.‏
في المقابل، لدينا الهوى، الهوى يعني أن الإنسان يختار ما يرغبه، ما معنى ما يرغبه؟ يعني لا يوجد ‏قواعد. وبالتالي، قد يرغب بأشياء في مواضع سيئة أو جيدة، لكن لا توجد ضوابط لهذا الاختيار.‏
الله عز وجل يقول: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ ‏بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ" - انتبه، أنت منهجك يجب أن يكون الحق، ‏لا أن يكون الأهواء - "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً"، يعني إرادة الله ‏عز وجل أن يفكر الناس ويختاروا، أن تكون لديهم حرية، وإلا، لو شاء الله، لجعلنا ملائكة، نطيع ولا ‏نعصي، ولا نفكر بأي انحراف، بينما هو أراد أن يخلق الإنسان على هذه الشاكلة حيث يفكر ويختار، ‏وبالتالي اختياره حر، لكنه يدعونا إلى الطاعة، ويحذرنا من المعصية، ومن الآخرة التي فيها جهنم لمن ‏يعصي الله تعالى.‏
حتى أخبرنا الله عز وجل: "أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ"، " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"، حتى لا نأتي ونقول ‏هذا المنهج كم واحد يطبّقه؟ ليس لك علاقة بكم شخص يطبّقه، هو يخاطب عقلك، عقلك الذي ‏يجب أن يختار بطريقة حرّة، بصرف النظر عن الآخرين وما اختاروه.‏
فإذًا، في خطابه للعقل، يقول لك أنا عندي منهج، إما أن تختار المنهج الإلهي، أو تختار الهوى، والهوى ‏يعني اختيار منهج بشري، منهج الإنسان الذي اختاره بخبرته ومعرفته، لكن إلى أي حدّ ستكون معرفته؟ ‏ستكون ناقصة، عاجزة، كم يغيّر البشر من أفكار وقناعات. وبالتالي، عندك أنت الحق، في مقابل الهوى.‏
نحن جماعة نريد أن نبني على منهج الحق. عندما نبني على منهج الحق، هذا يعني أن أي تصرف نريد أن ‏نتخذه نعرضه على الحق، هل هو صحيح أم لا؟ مقبول أم لا؟ واجب أم حرام؟
أما جماعة الهوى، عندما تسأله لماذا اخترت هذا الخيار؟ يقول لك "رأيي هكذا"، "هواي هكذا"، ‏‏"فكرتي هكذا"، "قناعتي هكذا"، يعني هو يختار بطريقة انتقائية، لا يملك مبنًى متكامل، عقلي، سليم، ‏مثل المبنى العقلي المتكامل الموجود مع الحق.‏
الآن، قد يقول أحد لكن لديهم أمور جميلة، نعم، صحيح، لا يعني أن كل شيء يختاره الإنسان بهواه ‏سيكون خطأ، أحيانًا يدخل العقل بنسبة معيّنة ويدخل الهوى. كلما كان تأثير العقل أكبر، كانت الصحة ‏في المواقف أكثر. وكلما كان تأثير الهوى أكبر، كانت الأخطاء في الخيارات أكثر.‏
لكنك تقارن بين الهوى، وبين ما أدعوك إليه التشريع الكامل الذي جاء من عند الله تعالى، هذا هو ‏الحق.‏
اليوم، عندما يناقشوننا، يقولون لماذا أنتم متمسكون بهذه الأرض إلى هذا الحد؟ نقول لهم لأن هذه ‏الأرض حقنا. يقولون أنتم لا تستطيعون مواجهة هذه القوة الغاشمة، نقول لهم هناك طرق لمواجهتها، ‏هناك رفض، هناك جهاد، هناك موقف. يقولون لكن أنتم لستم أقوى منهم، نحن لا نناقش إن كنا ‏أقوى منهم أم لا. أولًا نحن لا نعتدي على أحد، لم نحتل أرض أحد، لم نقرب من أحد. اليوم، كل ‏تاريخنا المقاوم ماذا يقول؟ نحن في موقع الدفاع، في مواجهة محتل، وفي مواجهة عدوان أمريكي-‏إسرائيلي. هذا حقنا، الأرض حقنا والاحتلال مصلحتهم، يعني هم ليس لديهم حق في الاحتلال، بل ‏يقولون "مصلحتي هكذا"، يقول لك أريد أرضًا، ولا أملك أرضًا، فيقوم ويحتل الأرض الفلسطينية. يقول ‏لا أستطيع البقاء في هذه الأرض، وهناك من يطالب بحقه، فيقتل، ويقوم بإبادة. فإذًا، كل هذا ما اسمه؟ ‏هوى، لا توجد قواعد. حتى القانون الدولي، الذي وُضع على أساس أنه يوجد مشتركات منطقية ‏وعقلية، يتحدث عن العدالة، يتحدث عن احترام الدول لبعضها، يتحدث عن الآراء، لكن، ما هذا ‏القانون الدولي الذي حاميها حراميها، يعني من يحميه؟ تحميه أمريكا، تحميه الدول الكبرى المتورطة في ‏الاستعمار والمتورطة في تأييد الكيان الإسرائيلي، ومتورطة في التغطية على الجرائم، ولا تتحرك إلا ‏لمصالحها، وهذا هو القانون الدولي، ذهب ولم يعد له أي تأثير ولا أي اعتبار. ‏
إذًا نحن سنعمل لأجل حقنا، وبالتالي الآخرون لا يستطيعون منعنا من حقنا تحت عنوان أن هذه هي ‏مصلحتهم، وأن لديهم قوة يحققون بها مصلحتهم، لا يمكن ذلك. 
الأرض حقنا والاحتلال مصلحتهم، نُجابههم بحقنا وتحت الاحتلال لا يبقى مستقبل للأجيال. ‏الاستسلام مصلحتهم، نحن في موقع دفاعي، هذه إسرائيل معتدية ظالمة مجرمة، وهذه أمريكا طاغوتية، ‏تحاول أن تدمر الحياة العزيزة في العالم. من حقنا أن نقول لهم لا، لا لأمريكا، لا لإسرائيل، من حقنا أن ‏نقف وأن ندافع وأن نواجه. لا تقولوا لنا إننا نأخذ البلد إلى المجهول، من يأخذ البلد إلى المجهول هو ‏من يؤيد إسرائيل وأمريكا في مشاريعهم وقراراتهم، هو من يتخلى عن الأرض تحت عنوان أنه يريد أن ‏يعيش بعض الحياة المرفهة. الذي يأخذنا إلى المجهول هو الذي لا يقول "لا" للاحتلال، ولا يتصدى، ‏ولا يبذل جهدًا حقيقيًا، ولا يتآلف مع مواطنيه في داخل البلد، هذا هو الذي يأخذ إلى المجهول.  أما ‏نحن، فنأخذ إلى الحق، والحق مكلف بطبيعة الحال، لكن في النهاية، عندما يثبت الحق، ونحرر الأرض، ‏ونمنع إسرائيل وأمريكا من أن يُغصبونا على ما يريدون، نصل إلى مستقبل عزيز عظيم.‏
شاهدوا اليوم ساحاتنا الموجودة، شاهدوا الإحياءات العاشورائية، شاهدوا هذه البيئة العظيمة، وكل ‏الحلفاء الذين معنا، أليسوا يعيشون عزة بسبب هذا الصمود الكبير الذي استمر لعشرات السنين، ‏واستمر أيضًا في مواجهة إسرائيل في معركة "أُولي البأس"؟ هذا كله يُعتبر عزة، له تكلفة؟ نعم، لكن ألسنا ‏على الحق؟ إذن لا نبالي أن نموت محقين، هذا حقنا الذي يجب أن نعمل عليه ونؤديه.‏
نحن ندعوكم في لبنان، لا تُساعدوا إسرائيل وأمريكا في مشاريعهم، قدموا وطنيتكم في العلاقة مع ‏إخوانكم، نحن وإياكم نتصافى على كل شيء، نحن وإياكم نتفاهم على كل التفاصيل، ما يزعجكم نجد له ‏حلاً، وما تستأنسون به نجد له حلاً، ولكن لا تكونوا مع الأعداء في لحظة المنعطف التي تُعتبر خطيرة ‏وكبيرة بحق لبنان.‏
اليوم إسرائيل متغولة، وبالتالي أمريكا أيضًا متغولة معها، ويريدون استثمار اللحظة لقلب المعادلة في كل ‏المنطقة على شاكلتهم.‏
هنا يظهر أولئك الذين يسيرون مع الحق. نحن سنكون مع الحق، ولن ندع هذا الاحتلال يستقر، وليعلم ‏العالم بأننا جماعة تربينا على درب الحسين، "هيهات منّا الذلة".‏
سأطرح لكم معادلة، اليوم العالم واضح، بأنه لكي يعيش أحد في بلده عزيزًا كريمًا، يجب أن يكون قويًا ‏يحمي ساحته، لا يمكن لأحد أن يحمي ساحته وهو ضعيف. نحن، عندما عملنا على أن نُعزّز وضعنا ‏كمقاومة، كان من أجل أن نحمي ساحتنا، من أجل أن نحمي حقنا، لا نريد شيئًا من الآخر، نريد حقوقنا، ‏نريد إبطال الاحتلال الذي ينعكس علينا سلبًا في لبنان وفي المنطقة ويؤثر على لبنان.‏

اليوم، القوة لها سرّين: هناك سرّ للقوة يرتبط بالإيمان بالله تعالى والتعبئة على هذا المنهج الذي يُعطي ‏الإنسان عزيمة وإرادة وقوة وشجاعة وصبرًا وصمودًا وثباتًا، حتى ولو كانت الإمكانات قليلة. هذا منهج، ‏سر القوة بالإيمان.‏
الكفار والأعداء، سر القوة عندهم القدرة المادية والعسكرية. يعني عادةً يقيسون وضع الدول من ‏يسيطر على من، ومن يؤثر على من، بحسب القوة المادية الموجودة لديهم. سرّ قوتنا الأصلي هو ‏الإيمان بالله تعالى، سرّ قوتهم الأصلي هو الإمكانات العسكرية. نحن لا نستطيع أن ننافسهم بسرّ ‏قوتهم، أي بالإمكانات العسكرية، يمكننا الحصول على بعض الإمكانات، لكن لا يمكننا تحقيق توازن في ‏الإمكانات. ولكن، هم لا يستطيعون منافستنا بسرّ قوتنا، لأنهم لا دين لهم ولا إيمان، وهم ظلمة يعبثون ‏في الأرض.‏
إذا واجهناهم بسرّ قوتنا الإيمان ومع بعض الإمكانات، سنفوز عليهم بسرّ قوتهم الإمكانات.‏
لكن، من يقول لنا تعالوا اجمعوا إمكانات بمقدارهم، أي هو يقول لنا أبطلوا سرّ قوتكم الإيمانية، وبالتالي ‏اعملوا إلى ما شاء الله ولن تصلوا إلى نتيجة، لأنهم لن يسمحوا لنا، سيقتلوننا، سيسجنوننا، وسيقومون ‏بكل إجرام ممكن حتى لا نرفع رأسنا.‏
هم يستطيعون تعطيل قدرتنا المادية، لكن لا يستطيعون تعطيل قدرتنا الإيمانية. لذلك، نحن دائمًا ‏نقول قوتنا بإيماننا أولًا، ونعدّ العدة اللازمة، لكننا نعمل على أساس الحق، ونعمل على أساس ‏الاستقامة. هذه هي المنهجية التي يجب أن تكون مرجعية لنا. هذه الدعامة الأولى.‏
الدعامة الثانية: العبادة. لماذا العبادة؟ العبادة لكي تُربي الإنسان وتُؤصّل الإنسان بشكل خاص في ‏علاقته مع الله عز وجل. ‏
لاحظ العبادة ما هي؟ الصلاة، الصوم، الحج، الخمس، الزكاة... يعني العبادة هي علاقة مع الله تعالى، ‏أنت تصلي لله، تصوم لله عز وجل، يعني الصلاة لا يحصل مع ناس آخرين، الصوم لا يحصل مع ناس ‏آخرين، لا، أنت بينك وبين الله، أنا أصلي حتى أشعر برقابة الله عز وجل، حتى أعيش معه، حتى أطلب ‏منه. أصلي خمس صلوات في اليوم، لماذا؟ حتى تشمل كل اليوم، من الصباح، الظهر، العشاء، قبل ‏النوم، على أي قاعدة؟ على قاعدة أن هذه الصلاة تربطني دائمًا بمحطات الاستيقاظ (بداية النهار)، ‏محطات العمل (وسط النهار)، محطات النهاية (آخر النهار). وبالتالي، هذه العبادة تقربني من الله. أنا ‏أصلي، أتحدث مع الله عز وجل، أقرأ الأدعية الموجودة، أقرأ في صلاتي الأمور القائمة، القراءة، الدعاء، ‏
التسبيحات، إلخ... وبالتالي، هذه العلاقة مع الله عز وجل تُذكرني دائمًا بأنني يجب أن أسير على ‏منهجه.‏
الصوم يدربني لمدة شهر على أن أغير عاداتي وتقاليدي.‏
الحج مرة في السنة، من أجل أن أتزود بعناوين التاريخ ومواجهة الشيطان والسعي إلى الله تعالى ‏والطواف حول الكعبة الشريفة.‏
تلاحظون أن كل العبادات تركز على ماذا؟ على العلاقة مع الله عز وجل. لأنه كلما قويت علاقة الإنسان ‏بالله عز وجل، كلما أصبح قويًا. الضعيف مع القوي يقوى، والجاهل مع العالم يتعلم، والعاجز مع ‏القادر تصبح له قدرة، قدرة من قدرة الله: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ"، الله يُعطينا إياها.‏
فلذلك، نحن نهتم بالعبادة، نعتبرها ركنًا أساسيًا، من أجل التأصيل، من أجل العلاقة مع الله تعالى، من ‏أجل أن ندرب الإرادة لدينا حتى نواجه، من أجل أن نُؤسس لنمط يعمل على الحق.‏
فإذًا، الدعامة الثانية هي العبادة.‏
صلوا على محمد وآل محمد.‏
الدعامة الثالثة: السلوك. يعني عندما أعمل، ويكون لدي المنهج الذي يضع لي القواعد الصحيحة، ‏وعندي العبادة التي تربطني بالله عز وجل، وتُدرّبني على التأصيل، حتى أصبح بمستوى :" الَّذِينَ آمَنُوا ‏وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، فأتمكن من أن أدخل إلى السلوك. ‏
الدعامة الثالثة هي السلوك، يعني التطبيق العملي، يجب أن أطبق، الحلال حلال، والحرام حرام، عليَّ ‏واجبات لا بد أن أقوم بها. ما هو الصحيح وما هو الخطأ في كل شيء، في الأكل، في الشرب، في التصرفات، ‏في العلاقات الاجتماعية، في الأخلاق، في السياسة، كل شيء فيه صح وخطأ.‏
أنا، عندما يكون لدي المنهج الصحيح، وتدرّبت عباديًا على العلاقة مع الله عز وجل، تصبح خياراتي ‏خيارات صحيحة، وتكون لدي إرادة صحيحة.‏
مرات أرى أنه إذا أخذت الموقف الثاني، آنياً أربح أكثر، لكن هذا فاسد، هذا محرم. من يردعني؟ إسلامي ‏يردعني، إيماني يردعني، الله يردعني.‏
الآن تلاحظون أنه تقريبًا في مختلف أنحاء العالم، كثير من مسؤولي السلطة يكونون فاسدين، كثير من ‏الذين يُسلَّمون أموالًا عامة يكونون فاسدين، لماذا؟ لأنه لا توجد عليهم رقابة، رقابتهم ممن؟ من ‏أنفسهم، وبالتالي هناك مكتسبات لهم. بينما المؤمن لا، عنده رقابة من الله عز وجل، هذه الرقابة من ‏
الله هي التي تحجبه، هي التي تمنعه، هي التي تجعله لا يرتكب الفساد.‏
وبالتالي، مكارم الأخلاق التي يدعونا إليها الإسلام، يجب أن نطبقها في حياتنا العملية، وإلا إذا لم نطبق ‏مكارم الأخلاق، لا نكون منسجمين مع هذه الرؤية العظيمة.‏
فالسلوك يشمل: القيام بالواجبات، الامتناع عن المحرمات. أنا أريد أن آكل، آكل حلالًا لا آكل حرامًا. أنا ‏أريد أن أشرب، أشرب حلالًا لا أشرب خمرًا. أنا أريد أن أتنزه، أتنزه في أماكن فيها شيء من الطاعة لله ‏تعالى، أي بمعنى أماكن مفتوحة متاحة، لا أذهب إلى أماكن مغصوبة.‏
أنا أريد أن أختلط بمجتمع معين، إذا كان هذا المجتمع فاسدًا، لا أختلط به حتى لا أُؤخذ منه، بل أحاول ‏أن أُنشئ مجتمعي، أحاول أن أختلط بالمجتمع الإيجابي الذي أستطيع أن أتعاون معه.‏
وإلا، كل شيء في الحياة نستطيع أن نقوم به، نمارس الرياضة، نقوم بنزهة، نقيم كشافة، زواج، ننجب ‏أولاد، تجارة... كل هذا يمكن أن يفعله الإنسان، لكن بسلوك ضمن ضوابط محكومة بمكارم الأخلاق. ‏هذا هو التطبيق العملي.‏
وهنا دور الأهل مهم، ودور المراقبة مهم. في الحقيقة، نحن نواجه أعداءنا بهذا السلوك. ‏
أحيانًا يقولون أنتم غير، بالطبع نحن غير، لأنه نحن عندنا سلوك معين منسجم مع قواعد وضوابط، ‏وأنتم عندكم سلوك آخر له قواعده وضوابطه، أنتم أحرار في ما تختارونه، علاقتكم مع الله ليست معنا، ‏نحن لسنا في موقع أن نحاكم أحدًا، نحن في موقع أن نربي أنفسنا، ونربي أولادنا، وأن نتمكن من العمل ‏بطريقة صحيحة، ونبشّر العالم، ونبلّغ العالم، ونقول لهم الحقائق، الآن الذي يتأثر الحمد لله تعالى هذا ‏كسب، والذي لا يتأثر مسؤوليته على نفسه، نحن نؤدي ما علينا، نأمر بالمعروف، ننهى عن المنكر، ‏لكن لا نتدخل في خصوصيات الناس ولا في خياراتهم.‏
واحدة من السلوكيات هي الجهاد في سبيل الله تعالى، فهذا كله منظومة متكاملة. لماذا الجهاد في سبيل ‏الله تعالى؟ قال حتى تحرر أرضك وتحميها، حتى تحمي قناعاتك وخياراتك. لكن، اليوم يتدخل الغرب، ‏الأمريكيون وغيرهم، حتى في طريقة التفكير يتدخلون فيها، حتى في المناهج يتدخلون فيها، حتى في ‏كيفية تربية الأولاد يتدخلون فيها، لماذا تفرضون علينا خياراتكم؟ اتركوا لنا خياراتنا، كيف ندافع نحن ‏عن خياراتنا؟ ندافع إذا كنا متماسكين، إذا كنا أقوياء. واحدة من وسائل الدفاع عن خياراتنا أن نجاهد في ‏سبيل الله تعالى، هذا حقنا، هذا جزء من السلوك، وإلا كيف نواجه المعتدي؟ بالنقاش؟ لن يرد علينا. ‏كل الطواغيت يعملون بطريقة تريد أن تؤثر علينا بطريقة سلبية. أما نحن، فلا خيار لدينا إلا أن نمشي ‏على الاستقامة، وأن تكون لدينا قوتنا لندافع عن أنفسنا.‏

شاهد ما أروع التوجيه الذي أعطاه لقمان الحكيم لابنه من خلال القرآن الكريم، ماذا قال له؟ قال له: ‏‏"يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ." ‏انظروا كيف جمع الكل معًا: أقم الصلاة (العبادة)، وأمر بالمعروف (سلوك)، الأمر بالمعروف على أي ‏أساس؟ على أساس الضوابط الشرعية، على أساس المنهج، وانهَ عن المنكر كذلك، سيكون هناك ‏نتيجة؟ واصبر على ما أصابك، إذا افترضنا أنك واجهت عقبات وصعوبات، فعليك أن تصبر.‏
نحن معنيون أن نربي. الحمد لله، المجالس الحسينية عامرة جدًا في كل المناطق، ترونها أنتم على ‏الشاشات، وتتابعونها، تأتيني بعض التقارير تُظهر كم هناك اهتمام. مجالس عاشوراء مجالس تربوية ‏بحق، على أساس الدعائم الثلاث: المنهج، والعبادة، والسلوك.‏
وأنتم، كونوا مطمئنين، ستبقون دائمًا في الطليعة، ورؤوسكم مرفوعة، المهم أن تبقوا على الحق، ألسنا ‏على الحق؟ إذًا لا نبالي أن نموت محقين. والسلام عليكم.‏

الاثنين 30-6- 2025‏
‏   04- محرم- 1447 هـ

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447

اخبار متعلقة

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447 2025-06-30
كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447
كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة من بلدة مشغرة 2025-06-30
كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة من بلدة مشغرة

الأحدث

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447 2025-06-30
الشيخ نعيم قاسم (2014 - 2024) كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1447
كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة من بلدة مشغرة 2025-06-30
الجناح الاعلامي كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة من بلدة مشغرة
النائب حسين الحاج حسن : الشهداء زادونا قوة وعزيمة ولن نرضى بالتطبيع أو الاستسلام 30-6-2025 2025-06-30
كلمات النواب النائب حسين الحاج حسن : الشهداء زادونا قوة وعزيمة ولن نرضى بالتطبيع أو الاستسلام 30-6-2025
الوزير السابق مصطفى بيرم  : لسنا ضعفاء .. ولن نتخلى عن عناصر قوّتنا في وجه العدو 30-6-2025 2025-06-30
الجناح الاعلامي الوزير السابق مصطفى بيرم : لسنا ضعفاء .. ولن نتخلى عن عناصر قوّتنا في وجه العدو 30-6-2025
ميديا
  • فيديو
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022 2022-04-13
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022 2022-03-30
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022 2022-03-26
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022 2022-03-02
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022

من نحن

العلاقات الاعلامية في حزب الله - جميع الحقوق محفوظة

اتصل بنا

تلفون: 01/274886 - 01/278680 تلفاكس: 01/274469 بريد alakatmedias@gmail.com

موقع العلاقات الاعلامية الاخباري