
رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي أنه يجب على اللبنانيين، في ظل التوتر السياسي الذي يضرب منطقتنا من أقصاها إلى أقصاها، ألا يغرقوا فيما بينهم في الصراعات الحاصلة، وأن يعملوا ما أمكنهم من أجل تحييد علاقاتهم الداخلية وبلدهم عن الصراعات الجارية، لتجري هذه الصراعات في جغرافياتها، مشدداً على وجوب "أن نحيط الجغرافيا اللبنانية بعوامل الحماية والاستقرار، وبدلاً من أن تغرق القوى السياسية في سجال بينها، فإن على القوى السياسية التي تؤلّف الحكومة وتشارك في المجلس النيابي أن تبذل الجهد لحل المشكلات التي يعاني منها المواطنون، فلا طائل من سجالاتنا الداخلية حول القضايا التي تدور في المنطقة، ومن الأفضل أن يبذل الجهد في إطار الحكومة للقيام بالإجراءات المناسبة، وأن يعاود المجلس النيابي عمله التشريعي في أقرب وقت ممكن من أجل إقرار مجموعة من مشاريع واقتراحات القوانين التي بات إقرارها لازماً لتمكين اللبنانيين من مواصلة عيشهم الكريم"، مشيراً إلى أن هناك سلسلة من المشاريع أمام المجلس النيابي التي تتطلب انعقاداً قريباً للجلسة التشريعية، وهناك الكثير من المهمات التي على الحكومة أن تواصل العمل والنهوض بها، وشدد في هذا المجال على ضرورة عدم نسيان مسؤوليتنا الوطنية في المبادرة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، معرباً عن اعتقاده بأن الانتخاب يمكن أن يتحقق اليوم قبل الغد إذا استقل اللبنانيون بقرارهم الذاتي، واعتمدوا المنهج الميثاقي في اختيار من يشغل سدة الرئاسة الأولى، ولفت إلى أنه "إذا كان مطلوباً مراعاة الشروط الميثاقية في تشكيل الحكومة وفي تكوين المجلس النيابي، فإن الشرط الميثاقي في انتخابات رئاسة الجمهورية واضح ويقوم على أساس الاعتراف بحق الأكثرية المسيحية الشعبية والنيابية بملء مقام رئاسة الجمهورية، والأمور في هذا المجال واضحة وليست بحاجة إلى استدلال، بل هي تحتاج فقط إلى قرار بالنزول عند رغبة الأكثرية المسيحية الشعبية والنيابية، والمقصود الأكثرية الميثاقية لا العددية، لأن القانون الانتخابي السابق لم يكن يعكس بصورة دقيقة إرادة الناخب اللبناني على الوجه الصحيح.
وخلال احتفال تأبيني في بلدة الطيري الجنوبية، لفت النائب الموسوي إلى أن انفجار القنبلة العنقودية الذي وقع قبل أيام في الجنوب وأدى إلى إصابة بضعة أطفال كانوا يرتعون في ملاعب الصبا، يعيد إلى الأذهان واقع أن ما مساحته 22 مليون متر مربع ونيف من الأرض اللبنانية ما زال مليئاً بالقنابل العنقودية، ما يعني عملياً أن هذه المساحة ما زالت محتلة، إذ إن أهلها ليسوا قادرين على الوصول إليها، وإلا فإن عاقبتهم التفجير والإصابة، مطالباً الحكومة اللبنانية بأن تولي ملف تطهير أراضينا من القنابل العنقودية اهتماماً كاملاً، ورأى أنه إذا كان بإمكان العمل الدبلوماسي والتحرك السياسي لدى حوالي 90 دولة منضمة إلى هذه الاتفاقية أن يحركها ويقدم للبنان ما يحتاجه لتطهير أراضيه من هذه القنابل، فإن على الحكومة القيام بما يلزم في هذا الإطار، وإلا فإنها والمجلس النيابي مطالبان بأن يؤمنا الاعتمادات الكافية التي تسمح لفرق تفكيك القنابل والألغام بمواصلة عملها، "ونحن في المقاومة قدمنا تضحيات بالغة في مواجهة المحتل الإسرائيلي حتى دحرناه، ومن أجل منعه من تحقيق أهداف عدوانه السياسية والعسكرية، وبات لزاماً على الحكومة والمجلس معاً أن يتحملا مسؤوليتهما". وقال الموسوي: "لقد سألنا سابقا قبل عدة أعوام لدى مناقشة مشروع قانون الانضمام إلى اتفاقية حظر القنابل العنقودية في المجلس النيابي ، سألنا رئيس الحكومة آنذاك الرئيس سعد الحريري، عن الميزات التي سنحصل عليها من جراء توقيعنا على هذه الاتفاقية، إذ لا مصلحة للبنان في أن يكبّل أيديه باتفاقيات دولية لا يحصل منها على مقابل، كما سألنا عمّا إذا كان الانضمام إلى هذه الاتفاقية سيجنّبنا في المستقبل إمكانية أن يعمد العدو إلى ارتكاب جريمة القصف بها مرة أخرى، وما إن كان الانضمام إليها يخوّلنا محاكمة العدو الصهيوني على جريمة الحرب التي اقترفها لأن استخدام القنابل العنقودية هو أمر محرّم دولياً، ولا سيما أن الإسرائيلي استخدم هذه القنابل في اليومين الأخيرين، بقصد منع المدنيين من العودة إلى قراهم وحقولهم ومزارعهم وليس مواجهة المقاومين، وسألنا أيضاً إن كان الانضمام إلى هذه الاتفاقية سيمكّننا من الحصول على مستلزمات تنظيف مناطقنا من هذه القنابل العنقودية التي رماها الإسرائيليون وبلغ مجموعها 4 ملايين قنبلة، حيث تم تنظيف نصف المساحة المقصوفة أي بقي نصف مجموع هذه القنابل، وقد وقف آنذاك الرئيس الحريري وقال إن لبنان بانضمامه إلى هذه الاتفاقية موعود بالحصول على هبات ومساعدات من أجل تنظيف ما بقي محتلاً بهذه القنابل العنقودية"، وتساءل الموسوي عما حصلنا عليه اليوم مقابل هذه الاتفاقية بعد مضي حوالى الأربع سنوات على انضمامنا إليها.
وأضاف النائب الموسوي: نحن أبناء نهج المقاومة علمتنا التجارب أنه لا يمكن لمن يعتدي على شعب مقاوم أن ينتصر، ويمكن للمعتدي أن يرتكب المجازر ويلحق أضراراً، لكن لا يمكنه قهر إرادة الشعوب المقاومة، ونحن واجهنا العدوان الإسرائيلي وهزمنا إرادته وكتبنا في الميدان والسياسة إرادتنا الحرة المستقلة المستندة إلى نهج المقاومة الذي بات اليوم هو النهج المعتمد من الشعوب الحرة في المنطقة، فلا يمكن لأي معتد أن يقهر إرادة تلك الشعوب، وإن الشعوب المقاومة هي المنتصرة حقاً، وهذا ما نثق به وجربناه في مواجهة العدو الإسرائيلي والتكفيري.
وتابع النائب الموسوي: إن اصطناع خطر جديد موهوم للعرب يشكّل البيئة المناسبة لاستشراء الفكر التكفيري، وبالتالي فإن عمليات التحريض المذهبي والطائفي التي تمارسها أنظمة ومؤسسات إعلامية تابعة لهذه الأنظمة لن تفيد في حماية هذا النظام أو ذاك، بل ستؤدي إلى تعزيز نزعة التكفير والتطرّف والانتحار، وستكون الأنظمة المحرِّضة أول الخاسرين من هذا التحريض، ولقد جربت هذا الأمر من قبل، وها هي تخطئ مرة أخرى، وقد كان من الأفضل أن تتبلور إرادة عربية إسلامية جامعة تستأصل الفكر التكفيري بدل أن يستبدل هذا المسار بمسار اصطناع أعداء وهميين لن يؤدي إلاّ إلى جعل العدو أعلى درجة من تلك الأنظمة، وإلى ما يمكن العدو التكفيري من التغلغل في البنية الإجتماعية لتلك الأنظمة.
وختم النائب الموسوي: نقول اليوم إن عدونا هو العدو الصهيوني، ولم تحد البوصلة عنه إطلاقاً، وما مواجهتنا مع العدو التكفيري إلاّ فرع لمواجهتنا مع العدو الصهيوني، لأن العدو التكفيري بات أداة من أدواته، والعالم كلّه يرى كيف ينسق التكفيريون سواء كان اسمهم النصرة أو غيره مع العدو الصهيوني في سوريا وفي غيرها، ومن هنا، نحن على نهجنا الواضح في مواجهة العدو الصهيوني والتكفيري لحماية بلدنا، وكل موقف اتخذناه كان يصبّ في حماية هذا البلد ومواجهة العدوان، وعلى المغامرين أن يتذكروا أن خياراتهم ومشاريعهم هي التي جرّت على البلد أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، في حين أننا لم نحمل إلى هذا البلد إلاّ الحرية والعزة والكرامة.