كلمة سيد الشهداء السيد عباس الموسوي في جبشيت - خطبة الوداع
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، باسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أيها الأخوة، أيتها الأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه: " ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، لكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل في الحجاز او اليمامة من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع. أأبيت مبطانا وحولي بطونا غرثى وأكبادا حرى أو أكون كما قال القائل: وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد. أأقنع من نفسى بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم مكاره الدّهر أو أكون أسوة لهم فى جشوبة العيش".
من وحي رسالة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، ومن وحي من كان يسميه شيخ الشهداء رضوان الله عليه بأمير المسلمين الإمام الخميني رضوان الله عليه، من وحي مناسبة إنتصاره بهذه الأيام المباركة وصولاً إلى وحي المناسبة الكبرى المناسبة التي تفصلنا عنها ثلاثة أيام، مناسبة منقذ البشرية، قائد آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف. من وحي أمير المؤمنيين وأمير المسلمين ومنقذ المستضعفين ومن وحي هذا الجبل، جبل عامل الذي كان يعشق شيخ الشهداء رضوان الله عليه أن يطلق عليه جبل عامل وليس الجنوب، لأن جبل عامل تختزن في أعماقها القوة والصلابة والتحدي، جبل عامل هو الجبل الذي خرج آلاف المراجع والعلماء والأدباء والشعراء والمجاهدين على امتداد التاريخ، جبل عامل الذي أفرز عشرات الثورات والمقاومات في وجه الأعداء فواجه ظلم العثمانيين وهزم الاستعمار الفرنسي وأذل الجبار الاسرائيلي في المنطقة.
جبل عامل شعّ نوراً على إيران عبر الشيخ البهائي وأمثاله وشعّ نوراً على العراق عبر الشهيد الأول والشهيد الثاني والإمام الحكيم والإمام الشهيد الصدر وشعّ علماً ونوراً وقوة على سوريا عبر الإمام الأمين، شعّ نوراً على كل بقعة مباركة من أرض المسلمين.
من وحي هذا الجبل، أيضاً من وحيك يا شيخ الشهداء، يا من كنت محباً للفقراء والمستضعفين والمساكين، يا من كنت تعشق لحظة الجلوس مع مزارع لتسمع شكواه ويسمع كلماتك الطيبة المباركة التي تبلسم جراحاته، من وحيك يا شيخ الشهداء ومن وحي هذا الجبل جبل عامل ومن وحي كل هذه الجموع التي احتشدت بين يديك يا شيخ الشهداء، نعلن موقفنا من الإحتلال كما نعلن موقفنا من الإهمال والحرمان لهذا الجبل.
موقفنا من الإحتلال الإسرائيلي واضح، لكن هناك بضع كلمات نريد أن نذكر بها من يحب أن يتذكر.
أيها المؤمنون، أيتها المؤمنات. هذه المرحلة كما يقولون عنها هي مرحلة أمريكا إدعاءاً ولذلك تسعى أمريكا في هذه المرحلة التي تدعي فيها الربوبية على العالم، تسعى من أجل السيطرة الكاملة على كل شيئ، أمريكا تريد أن تسيطر على منابع المياه كما تريد أن تسيطر على منابع النفط تماماً ولو من خلال حليفتها إسرائيل، أمريكا تريد أن تهيمن على كل شيئ، وسأذكر لكم مسألة غاية في الوضوح، الآن إسرائيل من خلال سيطرتها على فلسطين أصبحت في قلب المنطقة العربية أي في القلب، في الوسط، في النقطة التي تصل القارة الآسيوية في القارة الأوروبية، ولذلك إسرائيل عندما زرعت في فلسطين قطعت أوصال العالم والإسلامي والعربي، الآن أمريكا تريد أن تزرع في قلب المنطقة العربية والإسلامية، بمعنى أن تجعل إسرائيل بلداً طبيعياً، دولة كبقية الدول، كما أن هناك مصر والعراق والسودان وغيرها من الدول العربية والإسلامية أيضاً هناك دولة إسمها إسرائيل، وبالتالي كما تتعاطى هذه الدول العربية بعضها مع بعض يجب أن تتعاطى كل هذه الدول مع إسرائيل، عندما تكون إسرائيل المغطاة من قبل أمريكا في قلب الوطن العربي ثم تصبح دولة طبيعية ماذا تتصورون؟ يقول أحد دكاترة علم الإقتصاد أن إسرائيل ستصبح هي الدولة العظمى فعلاً على مستوى كل المنطقة لأنها ستصبح المركز التجاري لكل المنطقة لأنها تقع في الوسط، ستصبح المركز السياحي الأساسي، ستصبح مركز ترانزيت، ستصبح مركز الإتصالات والمواصلات بين آسيا وأفريقيا وهكذا.
وطبعاً أنتم تعرفون أنه يكفي لتنفيذ هذا المشروع أن تسلم دول الخليج خيراتها لأمريكا ولإسرائيل ودول الخليج مستعدة للخدمة، من هنا علينا أن نفهم ما معنى المفاوضات المتعددة الأطراف من أجل تطبيع العلاقة بين العدو الإسرائيلي وبين الدول العربية حتى تصبح دولة إسرائيل هي الدولة العظمى في المنطقة، عندما يكون المشروع الإسرائيلي بهذا المستوى وبنفس الوقت الذين لم يقتنعوا معنا بضرورة رفض المفاوضات مع العدو الإسرائيلي، جربوا المفاوضات. منهم من قيم هذه المفاوضات بأنها "طبخة بحص"، السوريون قالوا أن الطريق مسدودة، اكثر من ذلك، المفاوض الإسرائيلي، أنظروا إلى مستوى المذلة أيها الناس، المفاوض الإسرائلي توجه إلى المفاوض اللبناني وقال له أساساً نحن لا يجب أن نتكلم معكم، انتم أناس على أرض محتلة من قبل سوريا، سوريا بلد محتل، بينما إسرائيل لا تحتل، هكذا بنظر المفاوض الإسرائيلي وعلى طاولة المفاوضات الأميركية. عندما قال المفاوض اللبناني أنه لماذا تعتدون على جنوب لبنان، قال له المفاوض الإسرائيلي أساساً انتم لا تفهموا إلى بالعصى، هذه الكلمة لمن موجهة، موجهة للمفاوض اللبناني وحده أم موجهة لكم جميعاً، إذا كان هدف المفاوضات هو هذا الهدف الذي ذكرت، وبنفس الوقت بعد تجربة المفاوضة ثبت أن المفاوضات لا نتيجة من ورائها مع العدو الإسرائيلي، ماذا يبقى أمامنا من مجال؟ هل يبقى مجال لغير كلمة شيخ الشهداء "الموقف سلاح والمصافحة إعتراف"، أنا أريد جوابكم الآن، كلكم من أصحاب العقول، كلكم رأى هذه التجارب المريرة والصعبة، أريد أن تجيبوا أنتم، هل مقالة شيخ الشهداء هي خيارنا، أو المفاوضات خيارنا، تفضلوا تكلموا. إرفعوا أصواتكم كي يسمعكم أبناء هذا النظام، النظام الفاسد.
أما المسألة الأخرى، مقاومة الإهمال والحرمان لجبل عامل، أنا سأتكلم معكم أيها الأخوة العلماء، أيها الأخوة المؤمنون، أيتها الأخوات المؤمنات، سأتكلم معكم بصراحة ووضوح حول الكثير من القضايا الذي يعيشها هذا الجبل المستضعف. عندما بدأنا حركتنا في الضاحية الجنوبية ورفعنا لواء رفع الحرمان والإستضعاف عن الضاحية الجنوبية، في الواقع شاهد الناس من أبناء الضاحية الجنوبية، شاهد الناس بأم أعينهم، مستوى الإهمال الذي يعيشونهم، وجدوا أنهم مستضعفين في كل شيئ، مستضعفين في المدرسة، مستضعفين في المياه، مستضعيفين بالكهرباء، مستضعفين على كل المستويات، ولذلك خرجوا أهل الضاحية وفي عيونهم الغضب، لما كل هذا الإهمال، ثم شاهدت نفس هذا المشهد عندما زرت بيروت الغربية، عندما زرت المهجرين في وادي أبوا جميل رأيت قمة الإستضعاف هناك، رأيت المرأة تبكي، رأيت الطفل يشكوا، رأيت الشيخ الكبير يصرخ، وهم من أهلكم، من أبناء هذا الجبل، منهم من هجر من الشريط الحدودي ومنهم من هجر من خطوط التماس مع العدو الإسرائيلي، كل هؤلاء يعيشون في بيوت مهددة بالسقوط في كل لحظة وقد سقط بيت من هذه البيوت على رؤوس أبنائه. واليوم هو يومك يا جبل عامل، اليوم الذي يحتشد فيه هذا الشعب، لبيعة شيخ الشهداء، يحتشدون ايضاً ليقولوا كلمتهم في الإهمال والحرمان، سأبين لكم بعض الأرقام، قبل أن أطلق صرختي.
الآن أيها الأخوة، فتح ملف اسمه ملف المهجرين، هذا الملف مضى عليه فترة من الزمن، كنت أصغي بسمعي كل هذه الفترة أريد ان أسمع ولو كلمة واحدة عن مهجري جبل عامل، لم أسمع، كل الكلمات، المهجرين من جبل لبنان، المهجرين من المنطقة الفولانية، قلت لبعض الأخوة بمركز الدراسات الإنمائية الإسلامية، قلت لهم أرجوا ان تقدموا لنا دراسة، ما هو عدد المهجرين من جبل عامل، بعض الدراسة على كل المهجرين في لبنان، تبين أن نصف المهجرين على مستوى كل لبنان هم من أبناء الشريط الحدودي ومن أبناء قرى خطوط التماس مع العدو الإسرائيلي، نصف المهجرين. الكل يتكلم بالمهجرين ولا أحد يأتي على كلمة واحدة على مهجرين جبل عامل. أكثر من ذلك، عندما نطالبهم بمهجري جبل عامل يقولون لا بد من الفصل بين القضيتين، يجب أن نعالج هذه المسألة أولاً.
الدولة اللبنانية رسمياً تلزم رفيق الحريري ما يسمى بالشركة العقارية من أجل بناء الأسواق التجارية، طبعاً بالأسواق التجارية أنتم تعرفون أكثر المهجرين من الشريط الحدودي هناك، من الآن بدأت الدولة، أخرجوامن هذه البيوت، هذه الناس إلى أين تذهب؟ في وادي أبو جميل وحده يوجد ثلاثين ألف مهجر، من أبناء بنت جبيل، من الخيام، من الطيبة، من عربصاليم، من هذه القرى، أين يذهب هؤلاء الناس؟ إذا كان يوجد مصاعب على مستوى رجوع الناس إلى الشريط الحدودي، في الحد الأدنى يجب أن يؤمن مأوى لهؤلاء الناس، نصف المهجرين من أبناء الشريط الحدودي، أي نسبة 72% من أبناء الشريط الحدودي أصبحوا مهجرين، وهذه المسألة ليست مسألة بسيطة، خصوصاً إذا عرفنا ان أبناء الشريط الحدودي يهجرون من الشريط واليهود يهجرون إلى فلسطين، أي أن اليهود مستقبلاً سيسكنون مكان هؤلاء المستضعفين المهجرين، هذه واحدة من القضايأ.
أيضاً سأذكر بعض المشاكل التي يعيشها هذا الجبل، أنتم تعرفون مشكلة المياه في هذه المرحلة، وصلت بعض التحليلات السياسية إلى مستوى تقول - وهذا صحيح- أن الأزمنة الماضية كانت حروبها من أجل النفط أما ما تبقى من هذا القرن وفي القرن الواحد والعشرين الحروب ستكون من أجل المياه، مسألة المياه مسألة أساسية، إسرائيل تفكر في الليل والنهار وأعدت مشاريع في هذا المجال، بعض المشاريع نفذتها إسرائيل ميدانياً، إسرائيل صنعت نفقاً من محيط دير ميماس إلى الوزاني داخل فلسطين من أجل سرقت مياه الليطاني، في نفس الوقت إسرائيل تعد مشروع حتى تطرحه في المفاوضات متعددة الأطراف، أنه نحن نريد مياه الليطاني، لنا حصتنا من مياه الليطاني، إذا إسرائيل كانت تفكر بالمياه على هذا المستوى لنسأل الدولة اللبنانية كيف تفكر بمسألة المياه، أرض جبل عامل غنية بالمياه، هل الدولة اللبنانية تهتم بمياه لبنان؟ طبعاً أنتم تعرفون والأجوبة عندكم أنه أكثر مياه الأنهار في لبنان، أنهار جبل عامل تصب في البحر دون فائدة، ويحاولوا أن يفرضوا ضرائب على المساكين، المستضعفين، الآن مشاريع الري بالنسبة لليطاني زادت الضريبة 100% على مياه الري ومياهنا تذهب إلى البحر، هذا أيضاً على مستوى المياه.
على المستوى الصحي، ماذا يوجد من إهتمام على المستوى الصحي من قبل الدولة اللبنانية؟ كل الجنوب، كل جبل عامل بما فيه المنطقة المحتلة وهي نصفه لا يوجد فيها إلى ست مستشفيات رسمية. منذ أيام حكومة الوزاني أقر مشروع على المستوى الصحي بضرورة أن يكون هناك مستشفى أو وحدة سكانية كاملة، أي كاملة التجهيزات لكل ألف مواطن، وحدة سكنية، وحدة صحية كاملة، يتبين معنى إذا أردنا أن نحسب في الحسابات الدقيقة، كل مستشفى في جبل عامل لخمس وسبعين قرية، بينما عندما أقر هذا القرار في أيام وزارة الوزاني، صنعوا فقط في جبل لبنان ثلاثة وعشرون وحدة صحية كاملة في جبل لبنان.
حتى اليوم في نسب الدعم، إذا درست نسب الدعم الصحية، مثلاً بيروت الكبرى لها دعم من وزارة الصحة 65%، البقاع له 8%، منطقة الشمال لها 10%، منطقة جبل لبنان لها 10%، كل جبل عامل له 7%، هذه أرقام. أما إذا دخلنا في المصيبة الكبرى، مصيبة في المزارعين والفلاحين في جبل عامل، فهناك مصيبة لا مثيل لها على الإطلاق، يحكى في تشرين الثاني الماضي، أنتم تعرفون في جبل عامل أكثر ما يزرع فيه الحمضيات والموز، تشرين الثاني الماضي تستورد الدولة خمسة عشر ألف طن من الموز، بينما موز جبل عامل مكدس.
لا أريد أن أطيل عليكم لكن أحببت أن أمرر بعض الأرقام، وهذه الأرقام إنشاء الله في دراسات كاملة ستوزع على الناس، عندما يكون مستوى الإهمال للمقاومة، للناس، للمياه، للزرع والنبات، عندما يكون مستوى الإهمال شامل لكل هذه المسائل ولكل قضايا أبناء جبل عامل ماذا ينبغي أن نتوقع من أحرار هذا الجبل، هذا الجبل الذي كما ذكرت واجه ظلم العثمانيين، وواجه الإستعمار الفرنسي، وواجه الإحتلال الإسرائيلي، هل يجوز أن يسكت على هذا الإهمال، الإهمال أيها الأخوة، أحد أبرز مصاديقه هو الإستهانة بالإنسان، المسألة ليست مسألة شتلة الزيتون وحدها، والمسألة ليست مسألة المستشفى وحدها، وإنما هذه الطريقة في التعامل تدلل على سياسة خاصة عند الدولة اللبنانية وهي أنها تمتهن إبن جبل عامل ولا تلتفت إلى كرامات أبناء جبل عامل، أبتدء معكم من مسألة المقاومة، أليس نفس رأس السلطة في لبنان، نفس الرئيس إلياس الهراوي قبل أكثر من سنة أطلق كلمة أتصوره الآن نادماً عليها، قال: سنحاول أن ننفذ القرار 425 وإذا لم تنفذ إسرائيل هذا القرار سنتحول جميعاً مقاومة. الآن نطالبه، إسرائيل لم تنفذ القرار 425، إسرائيل مارست إذلالكم في المفاوضات في باريس وواشنطن، لماذا لم تعلنوا هذا الموقف، لا موقف على مستوى الدفاع عن الناس وعن كرامات الناس ولا إهتمام بالقضايا المعيشية والحياتية للناس وأقول لكم هنا، لا تسمعوا لكل ما يقال من المسؤول هنا والمسؤول هناك، انه لا يوجد ميزانيات، الدولة فقيرة، لماذا الدولة غنية في بعض المناطق وفقيرة في بعض المناطق الأخرى، تفضلوا حتى أريكم بعض المناطق كيف إنتعشت وإزدهرت في المشاريع، بمشاريع المستشفيات، بمشاريع المدارس، بمشاريع الكهرباء، بمشاريع المياه وهكذا.. بينما عندما ندخل إلى قرية من قرى جبل عامل، خصوصاً عندما نتقدم إلى الأمام إلى قرى خطوط التماس، نجد الإهمال الكامل والشامل، لماذا عندما يكون هناك سرقات شخصية لبعض الزعماء تكون المزانية غنية وثرية، نحن نعرف بعض الزعماء كانوا لا يملكون القدرة على بناء بيت، الآن أصبح لديهم القصور، أصبح لديهم أراضي شاسعة وواسعة ، لماذا هنا يوجد مال بينما عندما تطالب قرية كقرية برعشيت أو عين بصوار أو قبريخة أو كفررمان، عندما تطالب قرية جريحة فقيرة ولو بمستوصف لا تجد من يعطيها الجواب إلا إذا كان من يتبرع بكلمة الدولة فقيرة لا مال لديها.
أقول لكم أيها الأخوة والأخوات، إذا أردتم أن تدخلوا السرور إلى قلب شيخ الشهداء عليكم أن تدخلوا السرور إلى قلوب المساكين والمستضعفين، إحملوا لواء رفع الحرمان عن المستضعفين والفقراء والمساكين، إحملوا هذا اللواء. علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه أليس هو إمامكم، إمامنا جميعاً، أليس هو القائل "هيهات أن يغلبنني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالقرص، أي الرغيف، ولا طمع له بالشبع. أأبيت مبطاناً وحولي بطون غرسا، أي أناس جائعة، وأكباد حرى، أي عطشا". علي ابن أبي طالب الذي لا يقبل أن ينام في الكوفة وهناك رجل في الحجاز أو اليمامة لا يمتلك رغيفاً أو لا يمتلك القدرة على جرعة المياه، علي ابن أبي طالب وهو إمامنا جميعاً الذي لا يرضى بذلك فلا يجوز مع ذلك أن نرضى نحن، من ندعي أننا على ولاية علي ابن أبي طالب عليه أفضل الصلوات والسلام.
ولذلك في هذا اليوم، يوم شهادة الشهيد، شيخ الشهداء، على منبر شيخ الشهداء، وعلى منبر شيخ الأسرى فرج الله عنه وعلى هذا المنبر، منبر مسجد وجامع الله عز وجل، نعلن وبصرخة عالية أننا سنحمل هذا اللواء، لواء رفع الحرمان والإستضعاف، وسيعلم كل العالم أننا كما كنا السباقين إلى مقاومة الإحتلال، سنكون السباقين إلى مقاومة الإهمال والحرمان. نعلن هذا الموقف في وجه الدولة اللبنانية ونقول لها بصراحة إن لم تتحملي مسؤولياتك اتجاه المناطق المستضعفة وخصوصاً إتجاه هذه المنطقة، منطقة جبل عامل، سنتحمل نحن من خلال الجماهير المسلمة، من خلال عصا الناس، عصا المستضعفين، والدول تعرف جيداً أن هذا العصر ليس عصر الدول، هذا الزمن ليس زمن الدول، هذا العصر هو عصر الشعوب، عصر الشعب الذي انتفض وثار في مثل هذه الأيام فكان سقوط الشاه على أثر ثورته وإنتفاضته، هذا العصر هو عصر الشعب المسلم المستضعف.
عندما كانت الدولة في لبنان توقع إتفاق 17 من أيار كان شعبنا يقدم الشهداء، كان شعبنا يتظاهر في كل قرية وكل مدينة حتى استطاع أخيراً أن يسجل أول هزيمة على العدو الإسرائيلي في تاريخ الصراع بين العرب وإسرائيل. بنفس هذا الشعب الذي أسقط إتفاق 17 من أيار، وأخرج إسرائيل ذليلة من لبنان، بنفس هذا الشعب سنتحمل مسؤولياتنا وسنحمل راية الجهاد والمواجهة حتى تسقط هذه الدولة وليكن ما يكون، لأن كرامتنا فوق كل كرامة وعزتنا فوق كل عزة.
نعاهد أولاً إمام العصر والزمان، الإمام المهدي، نعاهده على ذلك كما نعاهد شيخ الشهداء وكل الشهداء الذين هم أمامنا أمانة الله في أعناقنا، كما نعاهد أسرانا في فلسطين وعلى رأسهم شيخ الأسرى ونعاهد روح إمامنا الخميني رضوان الله عليه، كما نعاهدك سيدي أيها الإمام القائد السيد علي الخامنئي، نعاهدك ونعاهد كل أولياء الله على المضي في هذا الطريق، المضي في مقاومة الاحتلال وفي مقاومة الإهمال حتى تكون الكلمة العليا لله والكلمة السفلى للذين كفروا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.