
لمناسبة يوم الشهيد (11 تشرين الثاني يوم فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير) احتفل حزب الله وجماهيره الشعبية بذكرى شهدائه باحتفالات أقيمت في المحافظات الثلاث: العاصمة بيروت، الجنوب والبقاع، وجرت مراسم وضع أكاليل الورد على أضرحة الشهداء من قبل كشافة الإمام المهدي (عج) وحضور أباء وأسر الشهداء.
لمناسبة يوم الشهيد (11 تشرين الثاني يوم فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير) احتفل حزب الله وجماهيره الشعبية بذكرى شهدائه باحتفالات أقيمت في المحافظات الثلاث: العاصمة بيروت، الجنوب والبقاع، وجرت مراسم وضع أكاليل الورد على أضرحة الشهداء من قبل كشافة الإمام المهدي (عج) وحضور أباء وأسر الشهداء.
العاصمة بيروت:
في بيروت أحيا حزب الله المناسبة باحتفال مركزي حاشد في قاعة ثانوية شاهد ـ طريق المطار حضره أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وممثلي رؤساء الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة الوزير أسعد دياب والنائب باسم يموت والوزير غازي العريضي، والنواب عاصم قانصو، محمد رعد، نادر سكر، جورج نجم، عباس هاشم، محمد برجاوي وسفير الجمهورية الاسلامية الإيرانية في لبنان محمد علي سبحاني، العميد الركن مصطفى دكروب ممثلا مدير عام أمن الدولة اللواء الركن إدوار منصور، العقيد جامع جامع ممثلا قيادة القوات العربية السورية العاملة في بيروت بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات السياسية والتربوية والبلدية والنقابيّة والفاعليات وممثلي الفصائل اللبنانية والفلسطينية وحشد غفير من علماء الدين وعوائل الشهداء والمواطنين.
بداية الاحتفال كلمة ممثل 1284 شهيدا حيّا (على عدد شهداء حزب الله والمقاومة الاسلامية) جاء فيها : جئنا نضع دمنا على أكفنا نبذله رخيصا معاهدين على المضي قدما في رحلة البيعة والوفاء، مقسمين أننا لن نهدأ ولن نستكين حتى نزيل الاحتلال الحاقد عن كل البقاع المقدسة ونعيد البسمة إلى شفاه المعذبين تحت راية إمامنا المفدى. جئناك سماحة السيد نصر الله نقسم بالدم الشاخب من عروق الحسين عليه السلام أننا سنلتزم بالوصية التي أطلقها الشهيد السيد عباس في حفظ المقاومة الإسلامية وسنكون الأوفياء لذاك الدم وذاك الجهاد. وبعدما أنهينا عاما من التحضير والاعداد جئنا نهتف بين يديك: والله لئن خضت بنا الجبال والأودية والبحار وكل فجاج الدنيا في قتال أعداء البشرية لخضنا معك صابرين محتسبين حتى نلقى الله أو يفتح على أيدينا، غدنا جهاد ودماؤنا عناد، آتون يا أرضنا السليبة ويا شيخ الأسرى ويا كل الأحبة والفتح آت بإذن الله.
تلاها كلمة علي الحاج حسن باسم عوائل الشهداء جاء فيها: عشرون عاما مضت وكانت أرضنا ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني الذي أمعن فيها بكل أنواع القتل والتشريد وكان شهداؤنا في المقابل يزرعون أجسامهم أوتادا في الأرض ويرسمون بدمهم خارطة الوطن وشكل هويته التي تمزقت على أطراف حدوده. هناك تجلت كل معاني العطاء والفداء حتى صار الموت حياة والقهر انتصارا . هناك غرست شجرة طيبة ثابت فرعها ظللت الوطن تحميه من أطماع الصهاينة فكانت المعادلة: لا نقتل لوحدنا ولا سلام دون عودة أوطاننا المغتصبة.
أضاف: ما زال رجع صدى الحسين في آذاننا: "الموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين" ، فالتقى الدم مع الدم وأينعت ثمار مقاومتنا ودماء مجاهدينا وجرحانا وعذابات أسرانا، وها هم شهداؤنا يعودون اليوم مع كل بطل استشهادي في القدس وبيت جالا والخضيرة، مع أبطال الانتفاضة. أبناؤنا أحياء نراهم في حدقات عيون الأطفال والأبطال من شعب فلسطين الذي نجدد معهم العهد في السير على هذا الخط الذي أعزنا والنهج الذي فتح أمامنا نافذة الأمل الوحيدة نحو عيش كريم .
سماحة الأمين العام بيعة لنا في قلوبنا وعهد لك في أعناقنا وقسما نشهد الله عليه أن نوالي من واليت وأن نعادي من عاديت ونحارب من حاربت حتى نفي نذرنا أو نلحق بركب الشهداء.
بعدها أقسم المجاهدين قسم البيعة والوفاء لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ألقى كلمة هذا نصّها :
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله
يقول الله تعالى في كتابه المجيد " الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا، قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالو حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ، إنّما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه (…) ".
هؤلاء الشهداء هم المصداق الحقيقي والدقيق للذين قتلوا في سبيل الله فلم يقتل هؤلاء في سبيل شيء من حطام هذا الدنيا ، جاهدوا وقتلوا في سبيل الله من أجل أهداف مقدسة وفي سبيل الله الذي هو سبيل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان المعذبين الممقهورين، ولأنهم هم المصداق الحقيقي نحن لا نتردد لحظة في الإيمان بعقولنا فقط، وإنما اطمأنت قلوبنا أنّ أخواننا الشهداء أحياء الآن، أحياء عند الله يرزقون من جود وكرم الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وهم أيضا يستبشرون من خلفهم ـ وهذا قرينة أنّهم أحياء في هذه اللحظة ـ يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم بعد. هؤلاء هم شهداؤنا في جوار الله ولذلك كنا نرى ولا زلنا نرى كل الطمأنينة في وجوه عائلات وأزواج وأبناء واخوة الشهداء وهذا ما نراه في فلسطين اليوم ونتوقعه بكل مؤمن بما أنزل الله على أنبيائه ورسله. هذا حال الناس الذين خرج الشهداء من بين صفوفهم وأحوال الناس الذين كان الشهداء شهودا على تضحياتهم واستعدادهم للشهادة فتقدم البعض وكانوا شهداء وما زال البعض على العهد .
ألفوا ساحات الشهداء وعرفوها وأنسوها وعرفوا الله ووثقوا به ، لذلك عندما تقرع طبول الحرب وتنتقل الأساطيل بين المحيطات وينطلق التهديد من هنا وهناك لا يرتجف لهم قلب ولا يرتعش لهم جفن لأنّهم مطمئنون من نصر الله .
في يوم الشهيد الذي نحي فيه ذكرى 1284 شهيدا يجب أن أؤكد أنّنا لا نتحدث عن كل شهداء لبنان وكل شهداء المقاومة وكل شهداء المقاومة بكل فصائلها، إنّما نتحدث عن شهداء فصيل في المقاومة اسمه حزب الله، والنصر الذي تحقق في لبنان إنّما حصل عليه أهل هذا البلد بفضل كل هؤلاء الشهداء.
لقد قتل وجرح عشرات الآلاف منذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين عام 48 وارتكب الكثير من المجازر بحق أهلنا خصوصا في القرى الحدودية بالأخص القرى السبع بهدف تهجيرها وإسكان الغزاة الصهاينة والكثير من بلدات الجنوب والبقاع الغربي شهدت أعمال القتل بالعشرات وأحيانا المئات وصولا إلى اجتياح عام 78 ومجازر العديسة والعباسية، انتهاء إلى اجتياح 82 ومجازر صبرا وشاتيلا وتدمير بيروت وما بعد عام 82 من قانا والمنصوري والنبيطة الفوقا وغيرها. هنا نقف بين يدي آلاف الشهداء من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين والعرب ممن سقطوا على الأرض اللبنانية وأعتقد أننا معنيون بأن يصبح لدينا إحصاء بعدد القتلى والأسرى والجرحى خلال كل العقود السابقة.
إنّ هذا النصر وما بعده هو أمانة عند الجميع من الدولة والأحزاب والمجتمع المدني والعلماء وعوائل الشهداء، لقد اختار حزب الله يوم 11 تشرين ثاني عام 82 عيدا لشهدائه، ذلك اليوم الذي اقتحم في صبيحته شاب في زهرة شبابه مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور بسيارته المليئة بالمتفجرات وفجر نفسه وسيارته ليدمر مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي فيصبح حطاما وركاما وليقتل فيه ما قتل، وبقي اسم الاستشهادي سرا إلى ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من صور حفاظا على أهله وعائلته من الانتقام ذلك هو أمير الاستشهاديين أحمد قصير.
لقد اختار حزب الله هذا اليوم لما لهذه المناسبة وهذا التوقيت وما حصل فيه من أهمية ودلالات بالغة وللخصوصيات التي دفعت إلى هذا التبني وهذا التعهد بأن يكون هذا التاريخ يوما لشهيد حزب الله .
نستذكر أنّ عملية مقر الحاكم العسكري هي أول عملية استشهادية من هذا النوع في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني والمرة الأولى الذي يركب فيها شاب سيارة مليئة بالمتفجرات ويقتحم قلعة من قلاع العدو ويدمرها، وهذا يعني أن العملية سنّت سنة حسنة في مجال العمل الجهادي التي له أجرها وأجر من عمل بها، لذلك كنّا نرى وجه أحمد قصير مع كل استشهادي في لبنان يقتحم قلاع وقوافل العدو وما زلنا نرى وجه أحمد يقتحم المجمعات العسكرية ومجتمع العدو في فلسطين، وأؤكد لكم أنّ هذه العمليات الاستشهاديّة تستند إلى رؤية فقهية متينة وقطعية لا مجال فيها للترديد والتشكيك.
كذلك لعملية الشهيد أحمد قصير ميزة حجم الخسائر التي لحقت بالعدو الصهيوني، حيث اعترف الصهاينة بقرابة الـ 80 قتيلا بينهم جنرالات وضباط كبار في الموساد، وبعض الصحف الاسرائيلية تحدثت عن 141 قتيلا في تلك العملية أي ضعف العدد. هذه العملية ميزتها أن في تاريخ الصرع لم يحصل أن يستطيع شاب لم يتجاوز عمره 18 سنة أن يقتل في لحظة واحدة 80 ضابطا وجنديا من العسكريين، وهذه المحصلة لم توفق لها حتى الآن أي عملية استشهادية
وعلى الصعيد المعنوي من يذكر تلك الأيام التي تميّزت بالتفوق الصهيوني والعلو، حتّى أنّ الواحد منّا ما كان ليجرؤ أن يحلم بمواجهة الاسرائيليين وساد جو من الاحباط والضغط السائد في المنطقة وظن الاسرائيلييون أن ّوجودهم سيطول وأن المجتمع اللبناني سيكون مجتمعا خاضعا مستسلما، لكن بعد أشهر قليلة يفاجأ الصهاينة بهذا النوع الجديد من العمليات الذي لا يمكن استيراده لا من الولايات المتحدة ولا من الاتحاد السوفياتي، هذا النوع لا يمكن أن يصنع إلاّ من قيم وشرف هذه الأمّة. الشباب الاستشهاديون في لبنان أراد لهم الصهاينة أن تكون قبلتهم الملاهي لكن توجهوا إلى قبلة الجهاد والاستشهاد، عندما اقتحم الشاب قصير كان طليعة ورسول حالة بدأت تتفاعل في لبنان وعنفوان يرفض الظلم والاصرار على المقاومة والمواجهة وعن إرادة لا تكسر، وعن شوقها للقاء الله وعن إصرارها في قيامها بمسؤولياتها الشرعية والانسانية تجاه مقدساتها ووطنها.
كان أحمد رسول هذه المعاني وعبّر عنها بقامته التي اقتحمت تلك القلعة وبأشلائه التي تلاشت في أنحاء صور وبروحه التي انتشر أريجها في الأمة، لقد كانت عملية 11 تشرين ثاني تأسيسا في المقاومة وفي العمل الاستشهادي وفي الهزيمة الصهيونية وفي النصر اللبناني ولذلك بعد أقل من ثلاث سنوات من العملية خرجت قوات الاحتلال من صور مذلولة مدحوة واختبأت خلف القلاع والجبال والتلال وظنت أنّ حصونها مانعتهم من الله وجنده وأوليائه وراهنوا على أن المقاومة بعد هذا النصر الكبير ستقنع وستتجه إلى الداخل وتغرق في التفاصيل الداخلية السياسية وراهنت أنها ببقائها في الشريط الحدودي المحتل سوف يأتي إليها من يدفع ثمن انسحابها ويكافئها بتوقيع اتفاق سلام أو بترتيبات أمنية فيحفظون ماء الوجه ويقبضون الثمن،
بناء على كل ما تقدم، يا أهلنا في فلسطين هذا هو طريقكم وطريقنا ولا طريق غيره، نعم سيكون المزيد منن التضحيات والبيوت المهدمة والمزيد من المشردين والمطلوب المزيد من الصبر والاحتساب وبعض الوقت لكن لا ريب أن النصر سيكون حليفكم طالما أنّ بينكم مثل صاحب هذه الذكرى، طالما لديكم هذا الصبر وهذه العزيمة لا تقلقوا.
بعد 11 أيلول ظن الصهاينة أن الانتفاضة ستتوقف أو أنّ القائمين عليها سيوقفونها وأن المقاومة والانتفاضة تتابع في الوقت الضائع، لكن هؤلاء كانوا واهمين فاستمرت المقاومة في فلسطين ولبنان، عندما وقف الرئيس الأمريكي ليتحدث عن الدولة الفلسطينية ظنّ الكثير من أصحاب الأوهام والعطشى الباحثين عن السراب أنها فرصة العمر لكن الإدارة الأمريكية أعادت النظر في سياستها، ثمّ دغدغ بعض المشاعر من يكمل الدور الامريكي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وتحدث عن دولة قابلة للتنفس لكن ما لبث الرئيس الأمريكي من موقع علوّه واستكباره ـ وهو بأمس الحاجة إلى غطاء عربي وإسلامي ـ أن وقف ليقول سأنتصر في أفغانستان سواء حصل سلام في الشرق الأوسط أو لم يحصل.
مضحك أيّها الأخوة أن يقف بعض زعماء العرب والمسلمين ويطلبوا من الولايات المتحدة وقف العمليات في شهر رمضان، إنّ الذين يقتلوا في كل يوم في أفغانستان ليسوا أقل حرمة من شهر رمضان، إن كان للإدارة الأمريكية من ثأر في أفغانستان فليس هذا طريق الثأر.
يجب أن يفرح طلاب الحق أن الرئيس الأمريكي مشغول عن هذه المنطقة، لأنّه عندما يرسل وزراءه إلى المنطقة سيرسلهم للضغط على المنطقة وأصحاب الحق فيها لصالح إسرائيل، سوف يجيئون لإحياء ما يسمّى عملية السلام .
إنّ أمريكا هي أشد عداء للعرب والمسلمين بعد 11 أيلول وهي اشد حاجة إلى إسرائيل بعد 11 ايلول وقد ازدادت تصلبا في سياساتها في المنطقة ولم تعيد النظر في سياستها، لذلك يجب أن نتابع هذا الطريق حتى لا نقع في أوهام وأخطاء قاتلة.
في قضية لوائح الارهاب الأمريكية ذكروا اسم حزب الله من بين الأحزاب والتنظيمات الموجودة اللبنانية والفلسطينية، أؤكد أنّ حزب الله ليس هو المستهدف لوحده بل المطلوب في الحقيقة ضرب عناصر القوة في لبنان دفعة واحدة . إنّ لبنان الذي صمد في وجه العدوان الإسرائيلي وانتصر على الاحتلال كان يستند إلى عناصر القوة وهي: أولا المقاومة وشهداها وجرحاها وأسراها والصمود الشعبي، وثانيا عامل الوحدة الوطنية في لبنان من طوائف ودولة وجيش وطوائف ومجتمع أهلي حيث التماسك حول خيار المقاومة ومواجهة المحتل، ثالثا مستوى التنسيق والتعاون مع سوريا وأصدقاء لبنان وصولا إلى وحدة المسار والمصير معها ومن ثمّ وقوف الجمهورية الإسلامية وبقية الأصدقاء إلى جانب لبنان في مقاومته للاحتلال، وما زلنا نمتلك هذه العناصر لأن المقاومة موجودة وحدة المسار والمصير قائمة مع سوريا.
تريد الإدارة الأمريكية أن تضرب العناصر الثلاثة بطلقة واحدة وهي وضع حزب الله على لائحة الإرهاب فتصبح المقاومة إرهابا، وبالتالي تفقد مضمونها عند شعبها وينقسم حولها اللبنانيون فيضيعون ويفقدون وحدتهم الوطنية ويخرج لبنان من دائرة الصراع العربي مع العدو الإسرائيلي عند خروجنا من قتال إسرائيل وبالتالي يتخلى لبنان عن مصير سوريا. إنّ المستهدف قوة لبنان وليس التنظيم الذي اسمه حزب الله، المطلوب ضرب المقاومة وروحها وأن ينقسم اللبنانيون وأن يتخلوا عن الذين يحتاج إليهم في الدفاع عن سيادته واستكمال تحرير أرضه.
الموضع الثاني هو تجميد الأرصدة المالية في المصارف لحزب الله والبعض يتصور أن الموضوع محلول بالقول أن حزب الله نفى أن يكون له أرصدة مالية وليس لدى المصارف أي قائمة بموجوداته، المسألة هي أن يقبل لبنان بأصل الموضوع أنّ حزب الله هو تنظيم إرهابي وهذه النقطة هي الألف ومن بعده بقية الأحرف والاملاءات الأمريكية. المطلوب من لبنان أن يعاقب أبناءها الذين قدموا دماءهم وزهرة شبابهم من أجل استعادة كرامته وحريته، أي تصفية وضرب المقاومة، وبحسب تخطيط الأمريكيين سوف يدفع لبنان إلى حرب أهلية لأنهم يعرفون أنّ اللبنانيين سينقسمون، لكنهم فاجأوا هذه الإدارة الغبية من خلال قفزهم فوق هذه الألغام وعدم إلتزامهم بكل الاملاءات، لأنّه لو قبل اللبنانيون بهذا الأمر فسيؤدي إلى أن تكون حكومة لبنان أو أي بلد يقبل بالإملاءات الأمريكية، شرطة محلية أو حكم ذاتي تنفذ الأوامر.
من هنا نرى الشجاعة والوضوح في موقف الدولة بكل مؤسساتها وعبر عنه الرؤوساء والوزراء والنواب وشاركهم فيه المرجعيات الدينية والأحزاب والمهن الحرة والنقابات وفئات الشعب المختلفة بما يمثل إجماعا وطنيا على رفض توجيه تهمة الارهاب لحزب الله. نرى في ذلك وفاءً كبيرا من أهل الوطن لشهداء الوطن، نقدر ذلك الوفاء وهذا ما نتوقعه من أحبائنا في لبنان من الدولة والشعب والنخب ومن عامة الناس، أن يكونوا أوفياء لأهل الوفاء.
كما نرى في هذا الموقف حفاظا وحرصا شديدا ودفاعا صادقا عن المصالح الوطنية الكبرى في لبنان شعبا ودولة وهذه المصلحة هي فوق مصلحة الاشخاص والاحزاب والطوائف.
أتوجه بالتحية إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والنواب ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وإلى المرجعيات الدينية والسياسية والاعلامية والنقابية وإلى الذين عبروا عن موقفهم الوفي في رفضهم هذا الاتهام الامريكي.
كما يجب أن نتوجه بالتحية إلى قلعة الصمود العربي في سوريا الملتزمة بهذا النهج ومؤسس هذا النهج الرئيس حافظ الأسد وإلى سيادة الرئيس بشار الأسد الذي عبّر عنه خصوصا في المؤتمر الصحفي مع رئيس حكومة بريطانيا. كذلك نتوجه بالتحية إلى الجمهورية الاسلامية وإلى سماحة القائد السيد الخامنئي دام ظله وإلى رئيس الجمهورية السيد خاتمي وإلى كل المسؤولين في إيران التي تلتهب النار بجانبها، حيث يرفض يرفض الرئيس خاتمي في الأمم المتحدة أن يوصف حزب الله والجهاد وحماس بأنها فصائل إرهابية كما فعلت سوريا.
في شأن الحرب الأمريكية التي تشنها، أعتقد أن الحرب اليوم هي حرب على الاسلام والمسلمين لكنها ليست فقط هكذا والخطأ الأكبر أن نقول أنها حرب المسيحيين على المسلمين، هي حرب دولة مستكبرة طاغية على كل شعوب العالم العربي والاسلامي مسلمين وغيرهم وعلى شعوب أمريكا اللاتينية، حرب على المسيحيين وعلى عبدة الاوثان ولهنودس والسيخ وغيرهم، وعلى كل من يرفض الخضوع لإرادتها وهذا ما يقوله الرئيس الأمريكي أنّ كل حكومة لا تحارب الارهاب وتقف على الحياد عليها أن تنتظر العقاب.
إنّ التوصيف السليم لهذه الحرب هو قول الإمام الخميني (قدس) "إنها حرب المستكبرين على المستضعفين في العالم" ، وهؤلاء المستضعفون في العالم العربي والاسلامي هم مئات الملايين في آسيا وأفريقيا وأمريكا والكثير من شعوب الاتحاد الاوروبي التي لا تملك لا كرامة ولا قرار مستقل تدخل أيضا في دائرة هذه الحرب. نقول من الخطأ الاستراتيجي تحييد المسيحيين من الحرب التي تشنها الإدارة الأمريكية حيث هناك متظاهرين في بعض الدولة الغربية هم مسيحيون، والسبب هو ظلم الولايات المتحدة.
لقد نقلت الادراة الامريكية بعد أحداث 11 أيلول النظام العالمي الذي دام عشر سنين إلى الأمام قليلا ، حيث كان هذا النظام مختبئأ خلف قناع مجلس الامن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، وبعد 11 أيلول وضعت هذا القناع جانبا واستغنت عنه وأصبحت تصنف العالم بالارهاب وتضع معاييره، وتعطي لنفسها الحق في تصنيف العالم وتهديد حكوماته وشعوبه تحت قبة الأمم في مجلسها.
في مواجهة هذه الحرب يجب أن يرفض العالم هذا العدوان على شعب أفغانستان وأن تحل المشاكل عبر وجهة أخرى وليس بالطلب بأن توقف الحملة في شهر رمضان. عندما يسكت العالم فهو يساع في تأسيس الهيمنة الامريكية حتى بلا قناع مجلس الامن الدولي وهيئة الامم المتحدة.
إذا صمدت المقاومة وصمدت سوريا وشعب فلسطين وإيران سوف تكبر الحلقة وسوف يستعيد أنفاسهم بعض الذين انقطعت عنهم أنفاسهم، ولذلك بعد الصمود الكبير الذي عبر عنه لبنان وسوريا وإيران بدأت بعض الدول العربية والاسلامية تلمّح بشيء من تململ ورفض، وأهمية هذا الرفض والصمود أنه موقف تأسيسي في العالم. كثير من حكومات العالم سوف تتساءل عن البلد الصغير الذي قال لا لأمريكيا ولم يعترف بالمعايير الامريكية، هذا الأمر سيكون تأسيسا وسيعلم جميع حكومات العالم وشعوبها أن صاحب الحق يملك الجرأة أن ينطق به ولا يخاف، وفي نهاية الأمر لن تحاسبنا الإدارة الأمريكية على تدمير برجي التجارة العالمي في نيويورك.
وبكل الأحوال نعتقد أنّ النظام العالمي الجديد المبني على الهيمنة لن يستمر طويلا والأمريكيون يتصرفون بعنجهية وتكبر وغلو ولا يتصرفون بعقل، والقوي عندما يكون غبيا وأحمقا ومتجبرا سوف يقتله غباؤه وعنجهيّته. نحن لا نرى أنّ الذي يحصل هو نهاية المقاومة بل نهاية حكم القطب الواحد وأن النظام العالمي يسير إلى نظام متعدد الأقطاب وإذا وصلنا إلى ذلك سيكون للقوى الاقليمية وللشعوب التي تحترم نفسها وتملك شجاعة التعبير هامشا أوسع لتحقيق انتصارها وتحقيق وتحصيل حقوقها المشروعة، لكن المهم أن لا نسقط أمام الخوف والوهم وان نكون واقعيين.
في يوم الشهيد نجدد العهد مع الشهداء أنّنا ما زلنا على قيد الحياة وأننا ننتظر ونتابع الدرب ونواصل السير في طريقكم العزيز والشريف والأبي، نعاهد شعبنا وأمتنا في المضي في مقاومتنا حتى تحرير الأرض والمقدسات ونجدد العهد لاخوة الشهداء، المعتقلين في سجون الصهاينة، لن تبقوا في هذه السجون وفينا عرق ينبض بالجهاد ومستعد للشهادة. عهدنا للأسرى ولكل الشهداء أن يبقى حزب الله حزب الشهداء والمقاومة وحزب عوائل الشهداء وحزب الصابرين الصامدين على الجمر، ولشعبه اللبناني وللبنان دولة وشعبا ولأمته ولفلسطين والقدس ولكل مستضعف أن يبقى حيث هو لا تخيفه الزلازل، ثابت راسخ كالجبال الشامخة يتحدى كل الأعاصير ويدافع عن الحق ومستعد لتقديم الدم لأهل الوفاء.
محافظة الجنوب:
وفي الجنوب أقام حزب الله احتفالا في حسينية بلدة دير قانون النهر مسقط رأس منفذ أول عملية استشهادية ضدّ الصهاينة في مقر الحاكم العسكري في صور، حضره النائب عبد الله قصير ومسؤول منطقة الجنوب في حزب الله فضيلة الشيخ نبيل قاووق ووفود علمائيّة ورؤساء بلديات وعوائل الاستشهاديين والشهداء وحشد من
أهالي القرى.
وبعد مجلس عزاء حسيني وقصيدة شعرية القى الشيخ قاووق كلمة تحدث فيها عن القافلة الطويلة ممن قدّموا دروسا من الجهاد جسدها المجاهدون نصرا في الجنوب ودما مستمرا لا يجف في الانتفاضة في فلسطين المحتلة.
وقال إنّ :" عملية الشهيد أحمد قصير والعمليات الاستشهادية حوّلت نصر إسرائيل إلى هزيمة في جنوب لبنان، كما حرّرت الأمّة من اليأس والاحباط وبثّت في جسدها الأمل بعد أن كانت مصابة بالشلل واليأس والركون إلى العصر الإسرائيلي". أضاف إنّ إرادة المجاهدين والشهداء غيّرت المعادلة وباتت إسرائيل تعيش هواجس الهزيمة. وتساءل لماذا لا ترى أمريكا إرهاب رئيس حكومة العدو آرييل شارون في مجازر صبرا وشاتيلا والعديد من المجازر، ولم تزل أمريكا تساعد إسرائيل.
وتابع : لقد أرادت الإدارة الأمريكية أن يوقع لبنان الاتفاقات المذلّة مع إسرائيل لكن عمليات المقاومة منعت هذا التوقيع، وحاولت أن تبعد حزب الله عن طريق فلسطين واستدراج المقاومة إلى المساومات فأوصلناها إلى حد اليأس في تغيير مواقفنا.
أضاف: اليوم تورد الإدارة الأمريكية حزب الله على لائحة الإرهاب ونحن نعرف عمق الأهداف الأمريكية وهي الابتزاز، لاستفراد الإنتفاضة الفلسطينية وذبحها وهذا لا يقبله لنا دين ولا أخلاق.
وأكّد قاووق أنّ رصيد حزب الله اليوم هو محبة الشعب اللبناني والعربي له. وأشار أنّه رغم الضغوط فإننا لن ننحرف عن ساحة الصراع مع إسرائيل وسنبقى مع الانتفاضة في ساحة واحدة وخندق واحد يعنينا ما يعنيها وسنبقي عملياتنا مستمرة في شبعا حتّى تحرير كامل الأرض.
محافظة البقاع:
في بلدة البزالية البقاعية أقام حزب الله احتفال يوم الشهيد بحضور رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين وأهالي البلدة والجوار، وألقى كلمة دعا يها الأمّة إلى إدراك طريقها ومصيرها وعدم التنازل أمام جبروت المستكبرين وتستسلم لظلمهم وتهديداتهم إذا ما واجهت بصدق وإيمان وإتكال على الله فإنّ الله سينصرها على أعدائها ، مؤكدا أنّ الاستكبار الأمريكي سيصل حتما إلى ساعة ووقت يضعف فيه لأنّه ليس جبروتا يملك العالم. وسنعتمد اليوم وفي المستقبل كما في الماضي على قوة الله التي هي أقوى من كل قوى الاستكبار وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا.
وتطرق سماحته إلى المتغيرات والأحداث التي تصحل في القوت الراهن وقال :" إنّنا ندخل المتغيرات العالمية متحصنين بتاريخ عريق ومشرق وتجربة عظيمة ومشرفة وليعلم الجميع أنّنا سنواجهها أيضا بمزيد من الاطمئنان والوضوح والقوة والاتكال على الله وعلى النهج الذي أعطانا إياهما الشهداء بالرغم من كل التهويل والوعيد الذي ينطلق من الطغيان والاستكبار".
وأكّد سماحته أنّ الحديث الأمريكي حول وصف حزب الله وإدراجه على لائحة الارهاب وإطلاق التهديدات لم يكن جديدا بالنسبة إلينا وهو لم يفاجئنا ولم يكن ليفاجئنا وربما فاجأ البعض، لأنّنا ندرك أن الإدارة الأمريكية هي الإرهاب بعينه والأكبر في العالم ويغطي كل إرهاب ويقف في وجه كل مظلوم ومستشعف.
ووصف السدي صفي الدين الوعود الأمريكية بأنها سراب فضلا عن أنّها ليست حقائق جاءت لتضيع العرب والمسلمين، فوظيفة أمريكيا هي نزع السلاح والبندقية من المستضعفين والمقاومين وتجريد العالم العربية والاسلامي من كل عناصر القوة السياسية والاقتصادية والثقافية والاعلامية ، وهذا المشروع كان في الأصل مشروع الاستكبار والصهاينة يجسدون دور الجزار والقاتل والمجرم في هذا المشروع.
وأكّد صفي الدين أنّ من حسنات ما سمعناه من الأمريكيين بحقنا وما يجري على الساحة العالمية من تطورات هو أنّ العالم بدأ يكتشف الوجه الحقيقي لأمريكيا التي أصبحت صورتها واضحة ومفضوحة ومكشوفة للجميع ، واعتبر أن المتسهدف اليوم من الحملة الأمريكية ليس حزب الله كما يتحدث الأمريكي في لائحته الثالثة، فحزب الله كان دائما في دائرة الاستهداف لكن الجديد في الموضوع أن كل اللبنانيين الذين وقفوا صفا واحدا وهتفوا للمقاومة في الخامس والعشرين من أيلول عام 2000، ويتحدثون اليوم عن المقاومة ويدافعون عنها هم المستهدفون فأراد الأمريكي معاقبتهم، مضيفا أنّ العرب والمسلمين حكاما وشعوبا هم أيضا في دائرة الاستهداف الأمريكي من أجل إضعاف نقطة القوة المتمثلة في المقاومة في لبنان والانتفاضة في فلسطين ، داعيا الحكومات والشعوب العربية والاسلامية إلى التوحد وقول كلمة لا للأمريكي ورفض قراراته إذا ما أرادوا الحفاظ على شرفهم وكرامتهم.
وحمل السيد صفي الدين على العنجهية والتجبر الذي تحدث به الرئيس الأمريكي عن الارهاب من على منبر الأمم المتحدة وهو يخاطب زعماء وحكومات العالم ، متسائلا هل القتلى الفلسطينيين في فلسطين المحتلة وفي أفغانستان بدم بارد مدنيين أم لا، وهل تدمير البيوت والقرى وتدمير المزروعات أليس عملا إرهابيا ضد المدنيين، وهل مجازر قانا ودير ياسين والمجازر في العراق أليست إرهابا واستهدافا للمدنيين من قبل الأمريكيين وبسلاح أمريكي؟. ورأى أن الوقاحة الأمريكية التي نسمعها من على شاشات التلفزة تدل بشكل واضح وفاضح أن الموضوع ليس مكافحة الإرهاب أو حقوق الإنسان والدفاع عنها، بل الموضوع هو السيطرة على كل العالم وهذه هي أهداف الحملة السياسية الأمريكية. مؤكدا أنّها تريد إشراك العالم العربيو الاسلامي في عدوانها على أفغانستان م خلال المشاركة في الحرب وبالتالي إحراجهم وجعلهم في حالة الدفاع عن النفس فلا يتمكنون من مطالبة الولايات المتحدة بأي شيء وإذا لم يلتزموا بطروحاتها فهم مستهدفون.
وللمناسبة ذاتها قام مسؤول منطقة البقاع في حزب الله الحاج علي ضعون والنائب الحاج محمد ياغي على رأس وفد كبير من حزب الله ومجاهدي المقاومة الإسلامية بوضع أكاليل ورود على الضريح المبارك لسيد شهداء المقاومة الإسلامية الشهيد السيد عباس الموسوي وقراءة الفاتحة، وأدّت ثلّة من مجاهدي المقاومة قسم الولاء والتحية العسكرية وعزفت الفرقة الموسيقية لكشافة الإمام المهدي (عج).
وألقى النائب ياغي كلمة جدّد فيها الولاء لخط السيد عباس الموسوي خط الشهداء، وأكّد الاستمرار في المقاومة حتّى تحرير آخر شبر من الأراضي المحتلة واستعادة جميع الأسرى غير آبهين بكل التهديدات والأباطيل التي تساق ضدّنا من قبل الإدارة الأمريكية والقادة الصهاينة، وهي تهديدات ألفناها ولن تعيدنا إلى الوراء ونذكّرهم بالتهديدات التي كان يطلقها قادة العدو ومن يستظلون تحت مظلّته إلى اين وصلت وانتهت. وقال إنّ :" أمّة تملك كل هذا المخزون الكبير من الإيمان والعزّة والشجاعة لن تستسلم أو تنهزم".