
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في إفطار عوائل الشهداء لمناسبة يوم شهيد حزب الله في قاعة مجمع شاهد التربوي 5-11-2004
لمناسبة يوم شهيد حزب الله وبحضور الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله أقام الحزب مأدبة إفطار تكريمي لعوائل الشهداء في قاعة مجمع شاهد التربوي بحضور عوائل الشهداء.
وألقى السيد نصر الله كلمة بالمناسبة أكد فيها أن بهؤلاء الشهداء استطاع لبنان أن يحقق الانجازات الكبيرة. وتطرق إلى الوضع الصحي لياسر عرفات فقال:" يجب أن نتوقف أمام المستجد في الوضع الصحي لرئيس السلطة الفلسطينية السيد ياسر عرفات، ونحن في مثل هكذا لحظة إنسانية وعاطفية ومصيرية، نعبر عن تعاطفنا مع الشعب الفلسطيني بشكل عام، ومع الأخوة في حركة فتح بشكل خاص، وندعو الشعب الفلسطيني والفلسطينيين عموماً، وفصائل الانتفاضة الفلسطينية خصوصاً، إلى التماسك وإلى التوحد وإلى التعاون وإلى التعاطف فيما بينها، لمواجهة هذه اللحظة الصعبة والمصيرية. الإسرائيليون يشمتون ويتحضرون ويراهنون على هذا الحدث وينتظرون أن يكون لهذا الحدث تداعيات سلبية للشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني الذي عاش تجارب قاسية ومريرة في الماضي، هو قادر على أن يحول أي حادث صعب أو قاسي أو مأساوي من حادث على حسابه إلى حادث لمصلحته. الإسرائيليون يتوقعون من الفلسطينيين أن يتمزقوا، أن يتشتتوا، أن يضيعوا، أن يتخاصموا، أن يتصارعوا فيما بينهم، والمؤمل من الشعب الفلسطيني الذي يملك من الحكمة والوعي والإخلاص والشجاعة والتضحية أن يتماسك بقوة في هذه المرحلة، ليفوت على العدو كل رهاناته وليتمكن من مواجهة المرحلة المقبلة لأنه في كل الأحوال الموت هو مشيئة الله وكل نفس ذائقة الموت".
وأضاف سماحته "في مسألة المقاومة ونحن مع عوائل الشهداء، نجدد العهد مع شهداءنا الذين مضوا أننا سوف نبقى في نفس الخندق والموقع الذي استشهدوا فيه وسوف نحقق الأهداف التي استشهدوا من أجلها وهنا قوة هذه الساحة. وأنا أقول لكم وللناس جميعاً لا تخافوا من المستقبل، ما مر علينا في السنوات الماضية وفي العقود الماضية أصعب بكثير مما يمكن أن نتوقعه في المستقبل. البعض اليوم بعد إعادة انتخاب جورج بوش لولاية رئاسية ثانية، يهولون على حركات المقاومة وعلى شعوب وحكومات المنطقة وكأنه لو سقط جورج بوش وجاء المنافس له لتغيرت الإدارة الأميركية والسياسة الأميركية والأطماع والمشاريع الأميركية. هذه من الأوهام. ما هو الفارق بين هذين المتنافسين، وقد استمعنا إليهما طوال الشهور الماضية، كل يزايد على الآخر بالتقرب من إسرائيل ومن الصهاينة، وكل يزايد على الآخر في ما يسمونه مكافحة الإرهاب، وكل يزايد على الآخر في ما يسمونه تثبيت زعامة وهيمنة الولايات المتحدة الأميركية على العالم. بالنسبة إلينا لا فرق بين أن يأتي بوش أو يأتي غير بوش. في كل الأحوال، لا يجوز أن يتأثر أحد بالتهويل، نحن واثقون من حقنا، واثقون من صواب طريقنا، واثقون من صواب وصحة أهدافنا، واثقون بربنا، واثقون بأنفسنا وشعبنا ومجاهدينا، وأياً تكن الأوضاع المقبلة لا يجوز أن تدعو إلى القلق على الإطلاق.
وحول الوضع الداخلي قال سماحته :" بالتأكيد البلد هو بحاجة إلى حكومة لأنه ليس صحيحاً أن يكون هناك فراغ حكومي. هناك استحقاقات سياسية، إجتماعية، معيشية، مالية، إقتصادية، أمنية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، يجب أن تتحمل مسؤوليتها حكومة ما. نحن نأمل أن تنجح الحكومة الحالية برئاسة الرئيس عمر كرامي، وقلنا أننا مستعدون لمساعدتها ومساندتها ودعمها على أكثر من مستوى وعلى كل صعيد، لتتمكن من تحقيق الوعود التي أعلنتها من خلال البيان الوزاري. نحن لسنا في موقع المعارضة والخصومة، وإنما نحن في موقع المساعدة والمساندة وتقديم الدعم في كل ما يحقق المصلحة الوطنية. ومن حقنا ومن حق كل لبناني أن يراهن ويتمنى أن ينجح رهانه. أنا هنا أكرر: أننا في موقع الدعم والمساندة والمساعدة لحكومة الرئيس كرامي لتحقق وعودها ولو في هذه المدة القصيرة. يبقى، ما أريد أن يعرفه الناس، ليس الآن وإنما للمستقبل أيضاً، أن موضوع منح الثقة أو الإمتناع عن التصويت، موضوع منح الثقة بالنسبة لحزب الله هي مسألة معقدة وليست بسيطة، يعني نواب كتلة الوفاء المقاومة حصلوا على ثقة الناس وهناك أمانة كبيرة في أعناقهم، بالنسبة إلينا وإلى خلفيتنا الفكرية والثقافية، نحن نعتبر أن منح الثقة لأي حكومة في الماضي أو الحاضر أو المستقبل هو أمر يخضع لشروط صعبة، أغلى ما عندنا ويمكن أن نقدمه هو أن نمح ثقتنا لحكومة من الحكومات. هذه ليست مسألة بسيطة، لا تخضع فقط لاعتبارات جزئية أو سياسية أو داخلية أو خارجية، وإنما هي مسألة كبيرة وخطيرة وغالية جداً. هذا لا يعني أنه يستحيل أن نمح ثقتنا لأي حكومة في المستقبل، في ظروف معينة ضمن برنامج معين، ضمن رؤية معينة، ضمن شروط معينة، قد نمح ثقتنا لحكومة في مرحلة ما في وقت ما. المسألة إذاً عندما لا نمنح الثقة، ليس لأننا لا نريد أن نساعد أو ندعم أو نتعاون، بل لأن منح الثقة في ثقافتنا وفهمنا في حزب الله وطريقتنا في العمل السياسي هي مسألة مختلفة ومعقدة جداً. ولذلك نحن في كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ذهبنا إلى الامتناع( عن منح الثقة) الذي اعتبرناه موقفنا طبيعياً منسجماً مع مسارنا السابق وتطلعاتنا المستقبلية ويفتح الباب أمام التعاون. ولذلك أعلن: نحن في موقع التعاون والدعم وتسهيل الأمور إنشاء الله. وأي عمل يمكن أن تقدم عليه هذه الحكومة أو أي مشروع قانون يمكن أن ترسله إلى مجلس النواب أو على مستوى الوضع الداخلي أو الوضع العام، أي عمل أو قرار أو قانون أو أمر تقدم عليه هذه الحكومة ونجد فيه مصلحة وطنية، سنساعد وندعم ونقف إلى جانبها بدون أي تردد لأن هاجسنا هو تحقيق المصالح الوطنية في الحقيقة.
وختم السيد نصر الله "في يوم الشهيد نجدد عهدنا وبيعتنا مع شهدائنا وكل جراحنا وأسرانا من تحرر منهم ومن مازال في الاعتقال ومع كل مجاهدينا أننا إنشاء الله سنواصل هذا الطريق بكل صدق وأمانة ونتطلع إلى المزيد من الانجازات والانتصارات وإلى المزيد من التقدم. وما ينتظرنا هو المزيد من تحقق الوعد الإلهي".