كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في اللقاء المفتوح مع التجمع الاسلامي للمعلمين 8-3-2002 بمناسبة عيد المعلم
لمناسبة عيد المعلم وتكريما للمربّين نظّم التجمع الإسلامي للمعلمين لقاء مفتوحا مع الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مسجد الإمامين الحسنين (ع)، حضره إضافة إلى السيد نصر الله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وعضو الكتلة النائب علي عمّار، وممثلي الروابط التعليمية الخاصّة والعامّة في لبنان و90 معلما ومعلمة متقاعدين للعام الدراسي 2001 من كل المناطق اللبنانية ومدراء مدارس ومعلمين ومهتمين بالشأن التربوي غصّت بهم القاعة.
بداية افتتح السيد نصر الله الحوار بكلمة هنّا فيها المعلمين بعيدهم، ودعى أن تتحول مناسبات الأعياد إلى مناسبات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وقال :" إذا كنّا نتحدث عن تضحيات وإنجازات يكرم المعلم والعامل والأم وغيرهم عليها، فالشعب الفلسطيني هو في طليعة المقدمين والمضحين الذين يصنعون بالتأكيد على أرض فلسطين إنجازات تاريخية ليس فقط لأنفسهم بل لكل الأمة العربية ولكل مستضعف ومظلوم".
الوضع الاقتصادي:
وردا على سؤال يتعلق بالشأن الاقتصادي رأى سماحته أنّ عجز الموازنة في لبنان ينظر إليه من المنظور المالي ويغيّب العنصر البشري، وطالب بأنّ تكون المعالجة بالإتيان بمسوؤلين عندهم مواصفات لائقة ومناسبة ونظيفي الكف ويلتزمون القانون وعندهم الخبرة والاحساس بالمسؤولية .
وأكّد أنّ خطّة الانقاذ الإداري تستوجب قطع يد السارقين واللصوص الكبار والأيدي غير المؤتمنة على المال العام وبذلك نكون متجهين إلى معالجة صحيحة للأزمة الاقتصادية، متسائلا إذا كانت مردودات المؤسسات العامّة التي ستباع إلى القطاع الخاص ستذهب لسد العجز أو أنّ الهدر والفساد الغداري سيقضي على هذه المردودات؟.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّنا لسنا بحاجة إلى التهويل على أنفسنا وتشبيه وضعنا بالوجع الارجنتيني، مؤكدا أنّ المعالجة الاقتصادية لها علاقة بالأداء السياسي العام. وقال : " يجب معالجة المشاكل دون إشاعة اليأس والاحباط وأن لا نترك إشاعات سلبية على الوضع العام، لذلك نحن كحزب الله نتواصل مع كل المسؤولين في البلد سواء في كتلة الوفاء للمقاومة أو عبر أجهزة حزب الله أو عبر وسائلنا الاعلامية على قاعدة مراعاة الوضع العام.
وأسف السيد نصر الله لأنّنا في لبنان نفتقد الإحساس بالمسؤولية الوطنية ولا ننتبه إلى أنّ المعالجة لها علاقة أيضا بالأداء السياسي العام، وللأسف أنّ الدنيا تبدأ وتنتهي عند حدود المناطق والطوائف والزعامات وعند اعتماد أي نوع من المعالجة تراعى هذه الحدود ويقتصر الاهتمام بها.
التحرك النقابي
وفي الشأن النقابي أكّد السيد نصر الله أنّ لا مصلحة لحزب الله أن يتصدى لقيادة المطالب النقابية وأنّ هذا الأمر غير مطروح الآن ، مؤكدا أنّ حزب الله مع التحرك النقابي للعمال والاساتذة وغيرهم دون أي تحفظ، لكن نحن وضعنا ضوابط لتحركنا ونراعي في حضورنا في هذه التحركات عدم إصباغ هذا التحرك بلوننا، ونتفادى أنّ يقول الإعلام أنّ الحركة النقابية هي حركة لحزب أو غيره، ولا نريد أن ندخل الملفات بعضها ببعض.
أضاف إنّ المطالبة بحقوق هذه الشرائح عبر التظاهرات والتحركات نؤكد على مشاركة إخواننا فيها وأن يبقى الموضوع موضوعا نقابيا وبهذه الطريقة نقطع الطريق على تذرع الحكومة بأنّ هذا التحرك ليس نقابيا.
الاختراقات الأمنية الاسرائيلية
وفي الشأن الأمني طالب السيد نصر الله الدولة اللبنانية بفتح ملف العملاء اللحديين من جديد من زاوية أمن البلد والحرص عليه وتحصينه من الاختراقات الاسرائيلية، مؤكدا أنّ حزب الله لم يفاجىء بكشف الشبكة الأمنية المرتبطة بالكيان الصهيوني وكنّا نعرف أنّ البلد مخترق إسرائيليا .
وقال : " إنّ التساهل في الأحكام القضائيّة بحق عملاء ميليشيا لحد وبحق إنطوان لحد نفسه يشجع تعامل أي شخص مع العدو الاسرائيلي" وكشف أنّ حجم التدخلات لدى السلطة كبير بهدف الإفراج وتسهيل أمر العملاء الأمر الذي له آثار أمنية وخيمة على المدى البعيد حيث سيعيد الصهاينة الاتصال بهؤلاء العملاء ، محذرا من أنّ هناك مفاصل عسكرية وأمنية خطيرة خدمت عشرات السنين حبسوا أشهرا وأفرج عنهم أطلقوا ولديها الكفاءة لتشكيل شبكات قد تحظى بتغطية احيانا. وأشاد سماحته بإنجاز مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بكشف هذه الشبكة لكن الملف الأمني لا يمكن تجزئته .
ملف الأسرى
وأشار سماحة السيد نصر الله أنّ خط التفاوض قائم وموجود في ملف الأسرى والمعتقلين لكنه بطيء وأحد أسباب ذلك التطورات الكبيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووصف سياسة شارون بالفاشلة سواء في موضوع الأسرى أو في التعاطي مع الانتفاضة متوقعا له هزيمة نكراء في القريب.
نصرة حزب الله للفلسطينيين والوضع الداخلي الفلسطيني
وأكّد السيد نصر الله أنّ ما يستطيع حزب الله أن يقدمه ويفعله مع ما يتناسب مع مصلحة الانتفاضة يفعله دون تردد، وأنّ المرحلة الآن هي مرحلة الأفعال لا الأقوال والجهد المبذول ليس في سبيل الشهرة أو طلب المكسب السياسي.
ورأى أنّ الأفق عند رئيس حكومة العدو آرييل شارون موجود بعكس ما يشاع عن فقدانه، وخطته تقضي بتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وإلقائهم في الأردن حيث ما يعتبره الوطن البديل، ولا يقف كثيرا عند رأي العرب بالموضوع.
وذكّر سماحته بالخطاب الانتخابي حيث أكّد شارون أنّ الأردن للصهاينة ونسمح للفلسطينيين بإقامة دولة فيه. وفي أسوء الحالات يمكن أن يسمح بدولة فلسطينية ممزقة وذليلة وغير قابلة للحياة. وكشف أنّ شارون هدّد أثناء لقائه مسؤولا كبيرا أنّه في نهاية المطاف إذا لم يوقف الفلسطينيون الانتفاضة سيعمل على طردهم.
ونقل هذا المسؤول لحزب الله أنّ شارون في حساباته يعتبر أنّه في مأمن من جانب الحدود المصرية كما من ناحية الأردن، فيما يقلقه الموقف السوري اللبناني المتضامن مع المقاومة المتواجدة في الجبهة الشمالية حيث يسلط حزب الله سيفه على المستوطنات ، وهذا الأمر حاضر في ذهن شارون عند أي إجراء حسابات، مؤكدا أنّ المقاومة الآن أقوى مما كانت عليه عشية الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان .
وأكّد أنّ حزب الله لا يتحرك من موقع انفعال إثر رؤيته صور الشهداء في فلسطين المحتلة، ونحن في معركة نريد فيها انتصار الفلسطينين، لذلك أي تحرك يقوم به حزب الله أو سيقوم به سيكون في اللحظة التي يكون فيها مصلحة وخدمة أكيدة للإنتفاضة.
زيارة الرئيس الأسد للبنان
ورأى السيد نصر الله أن زيارة الرئيس الأسد للبنان تخفف الكثير من مخاوف اللبنانيين وتؤسس لعلاقة مؤسسات بين البلدين والمهم فيها الالتفاتة السورية للأزمة الاقتصادية اللبنانية على رغم الوضع الاقتصادي السوري.
وأشار إلى أنّ ما أعلن عقب الزيارة يؤسس لموقف يمكن اعتماده في القمة العربية ولبنان هو البلد المضيف وسوف يؤخذ بالاعتبار موقفه.
ورأى أنّ مبادرة ولي العهد السعودي التي تعد الصهاينة بتطبيع كامل تغفل ملفات عديدة مثل ملف السلاح النووي الاسرائيلي وغيرها من الملفات، ولفت إلى أنّ البيان السوري السعودي الأخير تحدّث عن رؤى وليس مبادرة .
دعم الانتفاضة
وكشف سماحة السيد نصر الله أنّ المعتقلين لدى السلطات الأردنية كانوا يحاولون إيصال كمية من صواريخ الكاتيوشا إلى الداخل الفلسطيني، وقال إنّ الذي يجعل الأمر مؤلما أنّ هؤلاء الشباب كانوا يعملون على إيصال صواريخ كاتيوشا حيث باستطاعة هذا السلاح المتواضع أن يغير المعادلة ويحمي الانتفاضة ويحمي المخيمات الفلسطينية ويعمل على تأسيس سلاح ردعي.
وانتقد سماحته القمم العربية ودعوات رؤوساء الدول العربية إلى دعمها في حين تعمد السلطات الاردنية إلى اعتقال من يعمل على دعم الانتفاضة، داعيا إلى التبرع بالمال الذي يمكن من إعادة بناء ما يهدمه الصهاينة من بيوت، وإلى التبرع بالسلاح الذي هو من أهم وأعظم الواجبات.
وأكّد أنّ الصراع الحالي هو عض أصابع، والصهاينة سوف يخرجون حتما من أراضي الـ 67 لكن ذلك بحاجة إلى دعم بالمال والسلاح (…).
وختم سماحة السيد نصر الله بأنّ أمام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات فرصة تاريخية لتحقيق نصر فلسطيني تاريخي ، ويقدر أن لا يضيع هذه الفرصة وفي خطاباته الأخيرة قال أنّ عنده استعداد للشهادة. والقائد عند ذلك هو حاضر أن يكون مؤتمنا على دماء الشهداء.
أضاف : هذا المستوى والاندفاع والصمود في فلسطين هو مفاجيء لكل توقعات مراكز الدراسات والبحوث ، والقائد يجب أن يكون بمستوى طموحات شعبه ، والقيادة في فلسطين تقدر أن تستثمر هذا الاندفاع وهذه التضحيات وتقدر أيضا على إضاعتها، لكن طريقة أداء الرئيس عرفات يصيب الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني بالألم والاحباط نتيجة هذا الأداء.
وفي نهاية الحفل تسلّم المعلمين والمعلمات المكرمين دروعا تقديرية كما تسلم درعا منهم على وقع التصفيق العارم من الحضور.