كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال يوم جريح المقاومة 14-6-2013
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال يوم جريح المقاومة 14-6-2013
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
إنني في هذا اليوم المبارك، وهذه المناسبة الغالية، في يوم الجريح، وفي أجواء هذه الأعياد والمناسبات العزيزة والجميلة، أتوجه أولاً بالشكر إليكم جميعاً على حضوركم وتشريفكم في هذه الأماكن المتعددة، السادة الحضور في الضاحية وفي بعلبك وفي النبطية وفي دير قانون.
وأبارك لكم أيضاً المناسبات الشعبانية والذكريات العطرة، ذكرى ولادة مولانا سبط رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، سيد شباب أهل الجنة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام، وذكرى ولادة مولانا الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام وذكرى ولادة الشهيد المجاهد عنوان هذا اليوم أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وكذلك الأيام المقبلة الآتية ذكرى ولادة مولانا صاحب الزمان وبقية الله في الأرضين أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
بطبيعة الحال سوف يرتبط الكلام في بدايته بصاحب المناسبة أبي الفضل العباس الذي اتُّخِذَ يوم ولادته ـ وبحق ـ يوماً للجريح المقاوم والمجاهد والمضحّي، وهو يوم إخواننا الجرحى وأخواتنا الجريحات الذين يضمهم هذا اللقاء وآخرون يشاركوننا عبر الشاشة في بيوتهم أو في المستشفيات.
في الفهرس، مثل العادة، أحب أن أتحدث أولاً كلمة في المناسبة وكلمة في الشأن اللبناني وكلمة في الشأن السوري والمناخات الحالية وما بعد القصير وردود الأفعال. لكن في البداية يجب أن أتوجه بالتحية والتقدير إلى جميع الإخوة والأخوات الجرحى، سواء الحاضرين معنا في اللقاء أو المتواجدين في المستشفيات الآن أو في بيوتهم ولم يتمكنوا من الوصول والمشاركة، أتوجه إليهم بأسمى آيات التقدير والإعتراف بالجميل والإذعان بفضلهم وبفضل جهادهم وجراحاتهم علينا وعلى شعبنا وعلى وطننا وعلى أمتنا وعلى مقدساتنا. كما أتوجه بالتحية والتقدير العالي لعائلاتهم الشريفة المضحية، للأمهات والآباء والزوجات اللاتي يتحملن عبئاً كبيراً على هذا الصعيد.
يجب أن نتوجه أيضاً بالتحية إلى كل الطواقم الطبية التي واكبت جرحانا منذ اللحظة الأولى من الإسعاف الأول إلى العناية المستمرة وكذلك يجب أن نذكر بالتحية جميع الإخوة والأخوات في مؤسسة الجرحى والعاملين في مختلف التشكيلات والمؤسسات الإجتماعية الذين شرفهم الله بخدمة هؤلاء الجرحى وعائلات هؤلاء الجرحى.
وإن كانت المناسبة مناسبة الجرحى، الشهداء الأحياء، يجب أن نتوجه جميعا بالتحية إلى عوائل الشهداء جميعاً، كل الشهداء الذين قدموا فلذات أكبادهم وأحباءهم وإعزاءهم في هذا الطريق، ومن أجل هذه الأهداف المقدسة، ويجب أن أخص بالذكر عوائل شهداء المواجهات الأخيرة الذين ـ كما قلت في أكثر من مناسبة ـ يعبّرون عن مستوى عالٍ من البصيرة والإيمان والحضور والثبات.
أيها الإخوة والأخوات: العباس بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) هو ذلك الشاب الجميل، الذي كان يقال له قمر بني هاشم، إبن الأربعة والثلاثين عاماً، وهو الذي كان قائد عسكر الحسين (عليه السلام) في كربلاء، وهو الذي تحول بفعل إيمانه وسيرته وجهاده عنواناً ورمزاً كبيراً للوفاء والبصيرة، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام)، في زيارته لأبي الفضل العباس (عليه السلام) وعنواناً لليقين والشجاعة والشهامة والإيثار والصبر والتصديق والتسليم والطاعة والثبات على الموقف حتى الشهادة، وأصبحوا أمثولة للمجاهد الذي لا توقفه الجراح القاسية عن مواصلة المهمة نحو الهدف. كلنا يعرف القصة، عندما توجه العباس عليه السلام إلى شاطئ الفرات كان يؤدي مهمة محددة وهي أن يأتي بالماء للنساء والأطفال والأيتام ولبقية الجيش ولإمام الجيش الحسين (عليه السلام) ومضى إلى المهمة، وفي طريق العودة قطعت يده اليمنى، وواصل المهام وقطعت اليد كاملة والجراح قاسية، ثم قد قطعت يده اليسرى وواصل المهمة، واحتضن قربة الماء ببقية يديه وصدره ورأسه وفي الطريق إصيبت عينه بالسهم ولم يتوقف وواصل الطريق إلى أن لاقى حتفه ولقي الله سبحانه وتعالى، وكانت الشهادة.
لذلك فالعباس عليه السلام هو درس، هو رمز، هو عنوان للمجاهدين الذين يواصلون طريق جهادهم رغم كل الجراح القاسية، ويواصلون استنفاذ كل طاقتهم من أجل أداء المهمة التي تخدم الهدف.
يوم ولادته هو يوم لجرحانا، بل هو يوم لكل جريح مقاوم ومجاهد، هو يوم جرحانا الذين كانوا في لبنان أيضاً ـ ومنذ انطلاقة المقاومة عام 1982 ـ مثالاً للمؤمنين المجاهدين أهل الوفاء والبصيرة واليقين والشجاعة والإيثار والصبر والطاعة والثبات على الموقف وفي الميادين المختلفة وما بدلوا تبديلا. وها هم اليوم بين ظهرانيكم في هذه القاعات وفي كل الأماكن، يؤكدون ثباتهم والتزامهم وحضورهم وبقاءهم في هذا الطريق، الذين كانوا قد مارسوا فعل الإستعداد وفعل العمل.
وفعل العمل ليقدموا ارواحهم ودماءهم وكانت مشئة الله ان يبقوا على قيد الحياة ان يبقوا الشهداء الأحياء يحملون جراحهم وألام الجراح والصبر على الجراح ويواجهوا هذا الإمتحان بالصبر والثبات.
يا اخواني واخواتي الجرحى اليوم جراحكم هي شهادة حية متواصلة، ارادها الله سبحانه وتعالى في مثل هذه الأيام ايضا كما في كل المراحل السابقة، ان تكون شهادة حية متواصلة لكل الأجيال الحاضرة والآتية شهادة على ماذا على وقائع تاريخية على حقائق ميدانية على احداث حصلت في الماضي القريب في التاريخ المعاصر في الحد الأدنى من العام 1982 لا نتحدث عن قبل 50 سنة ولا مئة سنة ولا 500 سنة نتحدث عن احداث كثير من الأحياء اليوم عاصروها وواكبوها وعايشوها وعانوا فيها ولكن كثير من الشباب والشابات والأجيال التي ولدت بعد هذه الأحداث قد لا تعرف عن هذه الوقائع وعن هذه الحقائق شيءا. هذا التاريخ وهذه المرحلة هذا الماضي القريب هناك من يريد له ان ينسف وهناك من يعمل على تزويره وعلى قلب الحقائق راسا على عقب وعلى تحريف الوقائع.
ان لجراحات كل واحد منكم يا اخواني ويا اخواتي قصة كل جريح هذا اين ذهبت يده، وذك اين قطعت رجله، وذلك اين فقد عينيه، هذا اين اصيب بشلل نصفي او بشلل كلي هذا اين اصيب بهذا الجانب من جسده او ذك الجانب من جسده، كل جرح من جراحكم له قصة ويحكي عن حادثة عن إقتحام موقع هنا او دفاع وتصدي للعدوان عن قرية هناك، عن عبوة هنا او كمين هناك عن محاولة عمل إستشهادي هنا او محاولة إنقاذ جريح سقط في المعركة هناك.
وهذه الأحداث وهذه القصص وهذه الحكايات يجب أن تدون ويجب أن تكتب ويجب أن تتناقلها الأجيال. إن جراحكم تذكرنا ببطولات المقاومين في احداث ومواجهات تموز 1993 مع العدو الإسرائيلي، ما سماه العدو بتصفية الحساب، وجراحكم تذكرنا ببطولات المقاومين في مواجهة ما سماه العدو عناقيد الغضب في حرب نيسان 96، وجراحكم تستحضر بطولات مجاهدينا وشعبنا في تحرير أيار 2000 والملحمة التاريخية في 2006 إلى اليوم، والمقاومون بشهدائهم وجرحاهم وأبطالهم يصنعون الملاحم والإنتصارات.
هذه الجراحات تحكي قصة المقاومة في لبنان، قصة شعبها ورجالها ونسائها وجمهورها ومؤيديها ومحتضنيها ومحبيها، وهذه المقاومة هي التي ملكت الوعي الكافي والرؤية الواضحة. من البداية كان هناك وضوح، كان هناك فهم لمخاطر السكوت عن الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال الأمريكي والمتعدد الجنسيات للبنان عام 1982 ومخاطر وتداعيات السكوت او التعايش مع مشروع الهيمنة الامريكية على لبنان والمنطقة عام 82، وهذه المقاومة ـ إضافة إلى الوعي والرؤية والبصيرة ـ ملكت إرادة القتال من أجل التحرير رغم قلة الناصر وخذلان العرب وسكوت العالم العربي والإسلامي ـ إلا إيران وسورية ـ وكثرة العدو وتواطؤ بعض الداخل اللبناني، وهذه المقاومة التي أنتم من جرحاها ومن مضحيها، هي التي قاتلت لسنوات طوال وقدمت الشهداء والجرحى ودخل الآلاف من أعزائها رجالاً ونساءً إلى السجون والمعتقلات، وهُدمت البيوت وأحرقت الحقول، وهُجر الناس من بلداتهم ومدنهم في سياق جهادها وتضحياتها، وهذه المقاومة وبهذا الكم الهائل من التضحيات هي التي حررت لبنان من الاحتلال.
إذا كان اليوم في لبنان هناك بلد، فيه تحرير وحرية، وهناك كيان ودولة وعزة، وهناك كرامة واقتصاد وهناك خيرات وهناك مياه، وهناك من هو قادر على البحث عن النفط والغاز بالمياه اللبنانية، وهناك من يحمي المياه والغاز والموارد، إذا كان هناك شيء في هذا البلد، فهو ببركة وبفعل كل المقاومين وفصائل المقاومة وتضحيات المقاومين وشهدائهم وجرحاهم وأسراهم.
فقط بفضل ـ بعد الله عز وجل ـ المقاومة، وإلا لكانت المنطقة اللبنانية ما تزال مكاناً للمستعمرات الإسرائيلية، ولكانت مياهنا تحوّل إلى المستعمرات ويحرم منها السكان الأصليون، كما يجري في الضفة الغربية الآن، ولكان نفطنا وغازنا المكتشف تابعاً لحقل إيتامار، ولكانت حكومتنا مجرد حكم ذاتي اداري وسلطة تابعة للإحتلال الإسرائيلي ويحكمنا حاكم عسكري إسرائيلي كما كان يحكمنا في صور وكما كان يحكمنا في صيدا وكما كان يحكمنا في بيروت وفي الجبل وفي البقاع الغربي وفي راشيا.
من الذي طرد هؤلاء الحكام العسكريين من مدننا ومن السلطة على بلادنا وعلى شعبنا؟
وفي نهاية المطاف هذه المقاومة هي التي أسقطت كل مشاريع الاحتلال والهيمنة، وحفظت هذا اللبنان. هذا الماضي القريب المتواصل يجب أن لا يُنسى، يجب أن لا يُنسى أيها الإخوة والأخوات، وأيها اللبنانيون وأيها العرب وأيها المسلمون. هناك من يعمل اليوم لشطب هذا التاريخ، لشطب هذا الماضي، يجب أن لا يُنسى هذا الماضي القريب، لأن المعركة الحاضرة هي استمرار لهذا الماضي، لصراع هذا الماضي، لمعركة هذا الماضي، ولأن المعركة الحاضرة هي استهداف لكل إنجازات وتضحيات هذا الماضي القريب.
يجب أن تعرف أجيالنا كل شيء عن تلك المرحلة التاريخية الحاسمة من تاريخ لبنان والمنطقة بالإسم، بالإسم والعنوان، يجب أن تعرف الأجيال عن تلك المرحلة، من تآمر ومن تخاذل ومن تعامل ومن قاوم ومن ضحى من كان يتحمل الغرم ومن كان يجني ويكسب المغانم، من قاتل ومن سكت، من هو الوطني ومن هو العميل، من قاتل المحتل ومن صافح المحتل ومن قتل حتى لا يصافح المحتل وحتى لا يختلط الأمر.
وحتى لا يختلط الأمر على الناس ليبقى الوطني وطنياً، ولا يصبح المقاوم قاطع طرق أو لصاً، ويتحول العميل إلى وطني يقدم شهدات في الوطنية.
هذه مسؤولية الجميع، النخب والمثقفين والعلماء والكتاب والفنانين والناس، الجميع، في كل الدوائر. حتى الجريح يجب أن يحكي لأولاده، والجار لجاره. نعم، نحن في مواجهة إعلامية ضخمة جداً تحاول أن تزوّر هذا التاريخ.
من هنا ألج إلى الوضع اللبناني ومنه إلى الوضع السوري.
إذن هذا البلد، دعونا نؤسس من هنا، هذا البلد أيها الاخوة والاخوات، هذا الوطن، هذه الأرض، نحن جزء أساسي منه، هذا الشعب اللبناني الكريم والعزيز، نحن جزء من مكونات هذا الشعب اللبناني الكريم والعزيز ونحن من جملة أجزاء هذا الشعب الذين قدموا التضحيات الكبيرة والجسيمة. هذه المقدمة ليست فقط لأتكلم عن التاريخ، لأؤسس عليها في الحاضر.
نحن قدمنا تضحيات، من أهلنا، من أبنائنا، من فلذات أكبادنا، من أعزائنا، من أحبائنا، من أموالنا، من بيوتنا، من آلامنا و"آهاتنا" وتعبنا وجهدنا وصبرنا، ولا نمن على أحد، وهذا كان من أجل آخرتنا ومن أجل عزة وكرامة دنيانا، ولكن أيضاً من أجل وطننا وشعبنا وأمتنا ومقدساتنا. وهذا يعني أننا من جملة أولئك الناس الأشد حرصاً على لبنان، على أمنه، على استقراره، على سلمه الاهلي، على وحدته، على دولته، على كيانه، على وجوده. لأنه مثل ما يقول عندنا الناس "بالعامة": "اللي بتدفع حقه مصاري كثير، اللي بتعرق من شانه، اللي بتقدم من شانه دم، مش مثل اللي بيجيك ببلاش"، يوجد فرق كبير.
يوجد أناس في لبنان أهون شيئ عندهم في مواجهة المصاعب والمصائب والتحديات والاخطار "يضبوا شنتتهم ويمشوا"، إلى أرض الله الواسعة، ويعيشوا بنعيم وأمن وسلام، أما نحن فلسنا كذلك.
كنت دائماً أقول في مناسبات الشهداء والمناسبات المختلفة، دعوني أتكلم قليلاً عن هذه المقاومة، عن هذا الحزب بالتحديد، نحن ليس لدينا جنسيتان، لدينا جنسية واحدة، "الجنسية اللبنانية"، ونحن لبنانيون ليس من أكثر من عشر سنوات، من مئات السنين، بل بعضنا هو لبناني من آلاف السنين، ليس لدينا بيوت خارج لبنان، وليس لدينا أموال خارج لبنان، وليس لدينا مشاريع خارج لبنان، اذا كان هناك بعض المغتربين اللبنانيين، "الله يبارك فيهم"، الظروف فرضت عليهم أن يغادروا، لكن نحن الحزب ليس لدينا شيئ، نحن هنا. وكنت دائماً أقول والآن أكرر وأقول، نحن هنا ولدنا وهنا عشنا وهنا وكبرنا وهنا نبقى وهنا نموت وهنا نستشهد وهنا ندفن، وهذه أرضنا وبلدنا ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا من أرضنا ومن بلدنا، للذين يتكلمون اليوم عن الاقتلاع.
أقوى جيش في الشرق الأوسط، أحد أوائل الجيوش في العالم وهو الجيش الإسرائيلي، تحطم عند أقدام مجاهدينا في بنت جبيل وعيتا الشعب ومارون الراس، من هم هؤلاء التافهون الذين يتحدثون عن اقتلاع هنا واقتلاع هناك؟
إذاً، هذا البلد نحن دفعنا ثمناً غالياً فيه، من أجل بقائه وفيه سنبقى، من أجل عزته وفيه سنكون أعزاء، من أجل حريته وفيه سنكون أحراراً، من أجل شموخه وسيبقى شامخاً، وسنبقى حاضرين أن ندفع الأثمان الكبيرة والباهظة من أجل هذا الهدف ومن أجل هذه الغاية.
بناءً على هذا التأسيس، دعوني أتكلم نقطتين - ثلاث بسرعة في الوضع اللبناني لأننا نريد أن نحكي أيضاً كلمتين سريعتين في الوضع السوري.
في طبيعة الحال، في الكلمتين – الثلاث عن الوضع اللبناني، لا أستطيع أن اتكلم عن كل شيئ، لا أحد يقول لماذا هذه لم يتكلم عنها، هذه قد نسيها، هذه قد تركها. طبيعة الوقت الضيق لا يتيح التوسع... لكن يوجد بعض النقاط أنا أعتبر أنها ذات حساسية قليلاً، سنتوقف عندها.
النقطة الأولى: في السياسة الكل ينتظر، باختصار، الكل ينتظر ما سيؤول إليه أمر الطعن المقدم إلى المجلس الدستوري لمعرفة التمديد للمجلس أو إن كنا ذاهبين إلى الانتخابات. وعلى ضوء ذلك أيضاً، سيتحدد زمان ومسار تشكيل الحكومة المقبلة، ونحن مع اللبنانيين من المنتظرين والله يحب المنتظرين، ولا جديد لدينا على هذا الصعيد.
لكن يجب في هذا السياق أن نندد بتدخل السفارة الاميركية المرفوض في شأن سيادي أو دستوري أو انتخابي لبناني وممارسة التهديد ولو تلويحاً على اللبنانيين لدفع الأمور في اتجاه معين. وهذا غيض من فيض التدخلات الاميركية السافرة في لبنان ودول المنطقة والعالم.
ثانياً في الوضع الامني:
ألف: نحن ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس، كلنا "عايشين الجو"، يعني لا يوجد أحد جالس في "فيلا" بعيدة عن الدنيا أو في جزيرة منقطعة، كلا. في النهاية، الذي يحصل في سوريا، الذي يحصل في المنطقة كلها، ينعكس على لبنان، وأصلاً لبنان بمعزل عما يجري في المنطقة هو مأزوم، في الحد الادنى من الـ"2005" هو مأزوم. في المرحلة الاخيرة أكيد، يوجد ضغط وإعلامي وضغط سياسي وإتهامات إلخ...
هذا يؤدي إلى انفعالات في الشارع، يؤدي إلى انفعالات عند الناس. وأحياناً، يوجد أناس يفقدون أعصابهم، يفقدون السيطرة على عقولهم، وقد يقدمون على أعمال غير مناسبة وغير صحيحة وغير مشروعة وغير قانونية، وهذا خصوصاً في ظرف إستثنائي ممكن أن يؤدي إلى مخاطر.
نحن ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي شكل من أشكال التوتر أوالصدام. ندعو كل اللبنانيين، كل الموجودين على الأراضي اللبنانية، لبنانيين وسوريين وفلسطيين وغيرهم، لكن بالتأكيد أنا أريد أن أوجه خطاباً خاصاً إلى جمهور المقاومة، بالتحديد الناس الذين عادة إذا قالوا شيئاً أو فعلوا شيئاً نحن سنحمل المسؤولية معهم، بالتأكيد على وجوب ضبط النفس، سواء في حالة حزن أو حالة غضب أو حالة فرح، لأن أي ممارسة، أي سلوك ولو جزئي ولو تفصيلي، في مثل هذه المناخات المتوترة، قد تكون له تداعيات غير مناسبة، على لبنان وعلى الناس وعلى الأمن وعلى الاستقرار وعلينا جميعاً.
حتى في موضوع الخلافات الشخصية، الآن نتيجة أحياناً، أن القضاء لا يلبي كل الملفات أو يوجد بعض الأمور تأخذ وقتاً طويلاً، يصبح هناك خلافات بين أشخاص، خلافات مالية، خلافات شخصية، خلافات تجارية، هذا موجود في لبنان منذ زمان وليس بجديد، هذا يخطف هذا، هذا يعتدي على هذا، هذا يطلق النار على هذا. حسناً، في هذه المرحلة، الآن في الاصل يجب أن لا يصبح ذلك، ولكن في هذه المرحلة أدعو إلى المزيد من الصبر، حتى في القضايا الشخصية، حتى في الحقوق الشخصية، لأن أي إشكال فردي، أي إشكال شخصي يحصل في أي منطقة من المناطق، مباشرة يُعطى ـ نتيجة الضخ والتآمر السياسي والاعلامي ـ بعداً مذهبياً، بعداً طائفياً، بعداً حزبياً، بعداً سياسياً، نكون في شيء ونصبح في شيء آخر.
هذا ألف، باء: حتى لو أتينا قليلاً في وسط الخطاب ناقشنا شيئاً اسمه "نقد ذاتي"، يوجد ظاهرة موجودة في لبنان، ليس فقط عند جمهورنا نحن، عند اللبنانيين عموماً، أو عند كثير من اللبنانيين وليس كل اللبنانيين. ظاهرة إطلاق النار في الهواء في كل مناسبة. في الآونة الاخيرة هذه الظاهرة اشتدت بشكل مسيء جداً.
يعني الآن في الاعياد العالم تطلق النار، بالمناسبات السياسية تطلق النار، تشييع الشهداء تطلق النار، غداً تأتي شهادات المدارس، الذي ينجح في "البروفيه" يطلقون له النار، الذي ينجح في "البكالوريا" يطلقون له النار، "لحقوا على قواص"، ولما يطل أحد من السياسيين تبدأ العالم تطلق النار، ومنهم العبد الفقير أيضاً، أنا لا أتكلم عن غيري، إنني أتكلم عن نفسي في البداية.
حسناً، سابقاً تكلمنا عن هذا الموضوع وتمنينا وقدمنا وأخرنا، لكن اليوم أنا أريد، بعد نقاش مع السادة العلماء، وإن كانت الفكرة واضحة، ومع ذلك اضطرينا أن نبعث إستفتاءات خطية لعدد من المرجعيات الدينية الكبرى سواء في إيران أو العراق، وليس فقط في إيران، في إيران والعراق، حتى لا أحد يقول أنا أقلد المرجع الفلاني، لا أقلد المرجع الفلاني، وسألناهم، يا علماءنا، يا مراجعنا، يا فقهاءنا، إذا جئت للناس وقلت لهم إطلاق النار حرام يقولون لك من أين أتيت بهذه الفتوى.
نريد أن نذهب الآن إلى الدين
لأنه إن نتكلم بالعقل "لا يمشي الحال"، نتكلم بالقانون وبمخالفة القانون "لا يمشي الحال"، ونتكلم بالأخلاق أيضاً الأمور صعبة، بالعكس يوجد ناس يعتبرون انه من الأخلاق أن يقوموا بإطلاق النار بهذه الكثافة من إطلاق النار أيضاً، وهذا مزيد من الأخلاق!
طيب، سألنا السؤال التالي: عندنا في لبنان يتم إطلاق نار في الهواء، ما هي النتيجة؟ ترويع الناس، إرعاب الناس، وفي حال الذين يطلقون النار ليسوا منتبهين ليعرفوا، بكل القرى وبكل المدن وبكل الاحياء، الناس ترتعب من صوت الرصاص وهناك من يظن أن هناك اشتباكاً في الحي، أو يوجد قتال، جراء صوت الرصاص في البلد.
يتم ترويع للناس.. أحياناً يسقط قتلى أو ضحايا، أحياناً يسقط جرحى وتحرق الممتلكات، فهل يجوز؟ هل يجوز إطلاق النار في الهواء؟ لأنه في بعض الأحيان يأتي شخص متفقه قليلاً ويقول إن هذا السلاح سلاحه والرصاصات له، والناس مسلّطون على أموالهم، وأنا أقوم بإطلاق النار في الهواء، "شو إلك عليي"؟
كلا، لي عليك. أنت أين تعيش؟ وجواب المراجع حفظهم الله جميعاً كان: لا شك في حرمة هذا العمل، وطلبت هذا خطياً، خطياً حتى لا يخرج أحد ويقول إن هذا حلال وحرام، وكيف وما كيف. خطي وختم ايضاً، والمشايخ يعرفون ما هي القصة، خطي وختم.
هذا الأمر حرام، الذي يخاف على دينه والذي يخاف على آخرته يجب أن ينتبه، اما الحرمة مشددة أكثر اذا كان السلاح سلاحنا والذخيرة ذخيرتنا، والحزب لا يسمح بأن يُستخدم سلاح له أو ذخيرة له في هذا النوع من إطلاق النار. بل إن المراجع قد أفتوا بأنه إذا أطلق أحدهم النار، وأحدهم قتل أو جرح أو هناك ممتلكات تحرق، مطلق النار "ضامن"، أي عليه أن يدفع "دية"، يدفع ضماناً، يجب أن يعوض وإلا يوم القيامة مسؤوليته مضاعفة.
اليوم، يوجد بعض الإخوة الذين قالوا لي إنه لا يحتاج هذا الموضوع إلى الذهاب به بعيداً، كلا فلنذهب به بعيداً، لأن هذه الظاهرة باتت خطيرة.
اخاطب الجميع وأناشد الجميع بمنطق العقل والدين والاخلاق والقانون والاهل والمحبة وامن الناس واستقرار الناس الانتهاء جذريا من هذه الظاهرة، والذي لا يستطيع أن يحمي ذخيرته ويتركها عنده في المنزل، يعطينا إياها فنحن بحاجتها، فليتبرع بها للمقاومة، والله أحسن، له ثواب وأجر، وأنفع، للدنيا والآخرة، في الدينا ندافع عنه، وفي الاخرة يكسب أجراً.
ج- في منطقة بعلبك الهرمل بالتحديد لدينا وضع حساس ويحتاج إلى عناية خاصة. تعرفون أنتم أنه أحياناً في المنطقة يصير بعض الأحداث، ومن جملتها مثلاًً سقوط صواريخ على بعض المدن والبلدات في البقاع (في بعلبك الهرمل).
افترضنا مثل ما صار ذلك اليوم في عرسال عندما قام الجيش السوري بالضرب عليها، كل واحد يأخذ موقف أو لا يأخذ موقف والدولة كيف تتصرف. وعندما تسقط صواريخ من الجماعات المسلحة من يأخذ موقف ومن لا يأخذ موقف. هذا موضوع آخر.
النقطة الحساسة التي سوف أتحدث عنها أنه تسري هناك شائعات في منطقة البقاع، وبعض وسائل الإعلام ـ للأسف الشديد ـ هي تروّج لهذه الشائعات، وتقول لأهلنا في المنطقة إن هذه الصواريخ تنطلق من عرسال، من بلدة عرسال، من جرود عرسال.
طبعاً، الإخوة في المنطقة يعرفون، وبقية اللبنانين يعرفون. يعني نحن نتكلم عن بلدة سنيّة في محيط أغلبه شيعي، وهذه الشائعات توجه اتهاماً لبلدة سنية بإطلاق صواريخ كاتيوشيا أو 107 على بلدات ومدن يسكنها لبنانيون شيعة.
إذاً، ماذا يقولون لسكان المنطقة؟ "هذه الصوايخ تأتي من هنا، اذهبوا وحلوا مشكلتكم هنا"
أيضاً في المقابل كلنا نعرف أنه في منطقة البقاع يوجد أحداث شخصية تحصل، ويوجد مشاكل، تهريب وخلافات .. ومعلوم هذا الموضوع.
إذا أحد من عرسال يعتدى عليه أو يقتل، فيخرج أناس سياسيون أو في عرسال ويتهمون: حزب الله الذي قتل او الشيعة الذين قتلوا .. يوجد خلاف شخصي، إذهبوا وفتشوا، دعونا نحقق وندقق، لا نسارع إلى الاتهام.
هنا يوجد وضع حساس، وطبعاً الشائعات وبعض وسائل الاعلام في هذا الموضوع شاغلة به بشكل كبير جداً، واحياناً يوجد أكاذيب، مرة نقول إنه يوجد أحد قتل، من قتله؟ ولكن مرة أخرى "لا احد" قد قتل، "لا أحد" خطف، منذ 48 ساعة فلان وفلان من العشيرة الفلانية تم خطفهم ..
لماذا يتم التلاعب بأعصاب الناس بهذه الطريقة؟
أريد أن أقول في هذه النقطة، إخواننا في منطقة البقاع، وأهل عرسال، إخواننا أهل عرسال. الكل يجب أن يتثبت من أي خبر، يجب أن يتثبت من أي معطى.
أنا أؤكد على أهلنا أن الصواريخ التي سقطت على الهرمل وعلى بعلبك وعلى سرعين والنبي شيت حتى الآن لم يكن مصدرها عرسال ولا بلدة عرسال، وإنما مصدرها الجماعات المسلحة من داخل الأراضي السورية، وهذا الأمر يجب أن نجد له حلاً وسنجد له حلاً إن شاء الله.
لكن ننتبه للشائعات، ولا أحد في المنطقة في بعلبك وفي الهرمل وبقية المناطق اللبنانية، ولكن ركزت على هذا المثل لانه يوجد شيء يومي ينشغل ويوجد أحداث شبه يومية تحدث، ويوجد عمل إعلامي ومخابراتي للإيقاع بين السنة والشيعة في منطقة بعلبك – الهرمل بالتحديد، خاصة أننا أيضاً مختلفون بالموقف السياسي، بين عرسال وغير عرسال. فهنا يحاولون أن يستغلوا الاختلاف أننا ننتمي إلى مذهبين مختلفين مع أننا أبناء دين واحد. نحن الاثنان مسلمون ولكن سنة وشيعة، ولكن مختلفون في الموقف السياسي ويوجد في منطقتنا أحداث، يجب الانتباه الشديد.
ونداء أيضاً من حزب الله لكل العقلاء في بعلبك-الهرمل، وهم كثر جداً، العلماء، الحكماء، الوجهاء، ويوجد خطوات قد بدأت، أن يتم العمل المكثف لقطع الطريق على أي مسعى خطر أو أي فتنة يمكن أن يحاول البعض أن ينقلها إلى المنطقة.
النقطة الأخيرة في الوضع اللبناني: يوجد في البلد اليوم أجواء ترهيب ، وهي جزء من المناخ العام في المنطقة. نخن اليوم في وضع في المنطقة أن هناك "مشروع هاجم"، الذي سأعبر عنه في الشق السوري بالمشروع القائم في سوريا وفي المنطقة، يوجد مشروع "طاحش" هاجم .
أميركا معه بل تقوده، أوروبا، الكثير من الدول العربية، عدد من دول الخليج، وسائل إعلام وتمويلها الهائل، اذاعات، تلفزيونات، فضائيات ومواقع انترنت وصحف ومجلات والذي تريدونه.. وناس جاهزون كل يوم ليكتبوا 10 مقالات وشتائم وسباب على التلفزيونات، ولكن أيضاً في الارض هناك ترهيب، يعني هناك مناخ - اذا انا لدي موقف أو أنت لديك موقف- يوجد ناس يعملون ألف حساب قبل أن يعبروا عن الموقف الخاص بهم، وأنا أقول لكم إن مناخ الترهيب هذا ليس موجوداً فقط في لبنان، بل هو موجود في كل العالم العربي، وعندما يتم فتح فرصة أحياناً للكثير من القيادات والشخصيات والعلماء والتيارات والأحزاب في العالم العربي والاسلامي أن تعبر عن حقيقة موقفها فانها تعبر عن حقيقة موقفها، ولكن يوجد كثر ساكتون لأن هناك جو ترهيب، لأنه مباشرةً تصدر بهم فتاوى التكفير وفتاوى القتل وحالياً أصبح هناك فتاوى النحر، كنا بالذبح أصبحنا بالنحر، وأصبح هناك ناس يريدون أن يستمتعوا بالنحر.
في هذا الجو، تحكي كلمة، تحكي فكرة، تأخذ موقفاً، أنا أعبر عن موقف سياسي، فلان العالم، فلان الشيخ، فلان السيد، فلان السياسي، فلان النائب، فلان الصحافي، فلان الشخص، يعبر عن موقف سياسي، وإذ يقابل بالتكفير وفتاوى القتل والذبح والنحر ومحاولات الاغتيال أيضاً والاعتداء الجسدي .
في لبنان، في الفترة الأخيرة، أحياناً تعاقب مناطق نتيجة انتمائها السياسي أو موقفها السياسي، لا أريد أن أدخل بالتفاصيل لأن هناك حساسيات، ولكن هناك تفصيل آخر يجب أن أتحدث به: علماء اعتدي عليهم، صحافيون اعتدي عليهم، عائلات اعتدي عليها من الطائفة السنية الكريمة بسبب موقفهم السياسي.
لماذا؟ لأن هذا جو الترهيب. قبل أيام محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأخ العزيز سماحة الشيخ ماهر حمود، هل هذا حدث بسيط؟ حدث صغير بدلالاته؟ الله سبحانه وتعالى نجاه.
سماحة الشيخ ماهر معروف، لديه مواقف في شؤون مختلفة، وأحياناً ينتقدنا علناً وأحياناً يرسل لنا، لي أنا يرسل لي الرسائل، ينصح علناً وأحياناً ينصح سراً، ينتقدنا وينتقدكم، لديه موقف، لديه رأي.
لماذا يعالج صاحب الموقف بإطلاق النار عليه وهو ذاهب إلى صلاة الفجر؟ أيضاً إطلاق النار على سيارة ومنزل سماحة الشيخ ابراهيم بريدي في قب الياس، وعلماء آخرون يتم الاعتداء عليهم وهم لم يتكلموا، ويوجد ناس هددوا ولم يتكلموا، ويوجد مراكز تابعة لجمعيات اسلامية في الوسط السني اعتدي عليها ولم يتكلموا، أي "دعنا الآن نريد السترة" لماذا؟
ويتهمك أنت بعد احترام الرأي الآخر، نعم نحن بالحد الأدنى ـ دعنا نتكلم من ال 2005 إلى الآن ـ نحن عادة نتكلم من قبل ال 2005 ولكن الآن لندعها على الحياد، حسناً نحن جهة نتعرض من ال 2005 إلى اليوم وخصوصاً في السنوات الأخيرة الى سيل يومي، وليس كل أسبوع، يومياً من الصباح وحتى المساء، وإلى اليوم، يعني على مدار ال 24 ساعة، "يا ليت" الى نقاشات علمية وموضوعية "يا ليت" الى انتقاد فكري وسياسي، كلا سيل هائل "شتائم وسباب ولعن أشخاصنا وعلمائنا ونسائنا وأعراضنا وأحزابنا ومذهبنا وعقائدنا وأفكارنا، سب وسب وسب حقيقي، وأنتم بالتأكيد تتابعون على قنوات التلفزة، وعلى المنابر، هل نحن قمنا بشيء؟ عملنا شيئاً؟ نحن لسنا قادرون؟ ولكن الآن لا يقول أحد إن السيّد "يربّحنا جميل" أننا لم نقم بشيء! كلا ديننا يمنعنا وعقلنا كذلك، حسناً نحن نتحمل الرأي الاخر، ويأتي من يقول لك حتى داخل الطائفة الشيعية أنت لا تتحمل الرأي الآخر، ولكن هل بقي آخر من الطائفة الشيعية خلال الأسابيع الاخيرة إلا وذهب إلى القنوات التلفزيونية وأجرى المقابلات وكتب المقالات وشتم وسبّ وخوّن واتهم، وهم يعيشون بيننا وبين "ظهرنينا"، هل قال لهم أحد "يا ما احلى الكحل بعيونكم"، لم يحصل، لم يحصل.
نعم، وقعت حادثة أمام السفارة الإيرانية، وأنا أقول لكم، هي حادثة مرفوضة وغير مقبولة ومدانة، وطبعاً هي حادثة عفوية، وقُتل فيها شخص عزيز، وأنا أقول لكم قتل مظلوماً، أياً يكن قاتله، وهذا الأمر خاضع للتحقيق ويجب أن لا يضيع هذا الحق، وثم بعد ذلك أتى كل الناس ليقول لنا أنتم لا تتحملون الرأي الآخر، ثماني سنوات وأنتم تشتموننا، والآن وأنا أتكلم بالتأكيد هناك على القنوات التلفزيونية شتم وسب وإهانات للكرامات والأعراض والأشخاص، ونحن لا نفعل شيئاً، وها أنا هنا بدأت في البند الأول لأقول لجميع إخواننا وأخواتنا وأهلنا وجمهورنا ومؤيدي ومحبي المقاومة: نريد ضبطاً وصبراً وتحملاً، بالحزن بالغضب بالفرح.
أنتم الذين لا تطيقون الرأي الآخر ولا تتحملون الرأي الآخر، فلتتركوا الناس يعبّرون عن رأيهم بصراحة، اولئك من هم مع سورية ومن هم ضدها، أين المشكلة؟
أما هذا الترهيب، فأنا اقول لكم، لن يؤدي إلى نتيجة، تكفير، فتاوى القتل وهتك الأعراض، والهجمات الإعلامية والسياسية ووو الخ...، إذا أنتم تظنون بأنها قد تغير موقفاُ، فأنتم مشتبهون ونقطة على أول السطر.
أنتم مشتبهون، بالعكس عندما نواجه بالشأن السوري واللبناني وأي شأن من الشؤون ـ وهنا بدأت أدخل الى الشأن السوري ـ عندما نتحدث عن رؤية وعن موقف وتأتي تواجهني بالتكفير وفتوى القتل والنحر والذبح والسباب والشتم، أنت تزيدنا قناعة، قناعة فيما نؤمن، وقناعة في رؤيتنا، وقناعة في موقفنا، وقناعة في تعاطينا، وقناعة في تعاطينا الميداني، تزيدنا يقيناً وقناعة أن خيارنا صحيح، ولكن بالعكس هذا مردوده يكون سلبياً وليس مردوده أيجابياً، إذا كان هناك من يظن أنه بهذه الطريقة نهجم على الناس ـ مثل ما يقولوا عندنا في ضيعنا "نأكل رأسهم" ـ عندها سيرتعبون وسيخافون وسيتراجعون، نحن لسنا من هؤلاء، لسنا كذلك.
نحن طوال سنوات المقاومة قاتلنا العدو الإسرائيلي ومعه كل العالم، كل العالم كانت مع إسرائيل، إلا استثناءات قليلة. في حرب تموز كانت روسيا مع إسرائيل، وكانت الصين مع إسرائيل، وكان ثلاثة أرباع العرب مع إسرائيل، وكان ثلاثة أرباع العالم الإسلامي مع إسرائيل، وهذا كله لم يجعلنا لا نخاف ولا نستسلم ولا نضعف ولا حتى نتراجع، كانت الأبنية تنزل على رؤوسنا، وطبعاً والفتاوى من هنا والمغامرين من هنا والكفار من هناك و"لا يستحقون الدعاء" والخ.. اليوم كلا، الوضع أفضل بكثير. بالحد الأدنى نصف العالم أصبح معنا، أو نحن مع نصف العالم، أليس كذلك؟ في حرب تموز كنا لوحدنا كان معنا إيران وسورية، وبعضهم هنا وهناك.
أصل إلى الشأن السوري، بكلمتين:
أولاً، نحن عندما قررنا أن (نتدخل) كنا متأخرين. بالموقف السياسي كلا، منذ الأسابيع الأولى، أول أسبوع أو ثاني أسبوع، لم نتكلم كنا نرى ونراقب ونتأمل، بعد ذلك ونتيجة النقاش والمعطيات والرؤية الواضحة، كان لدينا موقف سياسي وتكلمنا به بأكثر من مناسبة، وبدأ التعبير على ما أذكر قبل سنتين من الآن، في ذكرى استشهاد السيد عباس والشيخ راغب والحج عماد في النبي شيت، وشرحنا آنذاك موقفنا وحيثياتنا، ولا أريد أن أكررها، قلنا المباني لمواقفنا، من ليبيا وتونس ومصر واليمن، بناءً على هذه المباني ذاتها، المعايير ذاتها، على الموازين ذاتها، هذا موقفنا في سورية.
حسناً نحن أخذنا قراراً ولو متأخراً أن ندخل ميدانياً، سأتكلم هنا بشفافية ووضوح، أخذنا قراراً بالتدخل ميدانياً لمواجهة المشروع القائم على الأرض السورية، ولم يكن هذا وليد لحظة.
ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنه بدأ يتشكل معنا ـ ومع الوقت يتضح أكثر ـ يتشكل لدينا وضوح ورؤية حول طبيعة المشروع القائم، وأهدافه وفي حال نجح أو حتى قبل أن ينجح وهو قائم، إذا سمح له بالاستمرار، فتداعياته ومخاطره وكذلك نتائجه على سورية وعلى لبنان وعلى فلسطين وعلى المنطقة وعلى شعوب المنطقة، وعلى المسلمين وعلى المسيحيين وعلى السنة والشيعة والدروز العلويين والاسماعليين والزيدية والخ.. على الجميع ولكن في البدء على السنة، هذا تكلمنا به سابقاً والآن وقته. إذاً، نحن منطلقون من رؤية وليس من رد فعل عاطفي، وليس من انفعال.
الحيثية الأخلاقية موجودة، صح موضوع الوفاء، هذا موجود، وأساسي بالقرار، ولكن الموضوع ليس فقط موضوعاً أخلاقياً، هو موضوع ينطلق من فهم ورؤية للمشروع القائم ومخاطره وأهدافه وتداعياته على الدول، على الشعوب، على الكيانات، ولذلك نحن نقول ومن الآن، أنا أقول لكم: نعم نحن إن وُجدنا في موقع وقاتلنا في موقع، فنحن ندافع عن سورية وعن الشعب السوري، ونحن ندافع عن لبنان وعن شعب لبنان، ندافع عن هذه الدولة وعن هذا الكيان وعن هذا الاقتصاد وعن هذا البلد وعن هذه الأرض. ثانياً نحن أيضاً نتيجة المتابعة والمواكبة رأينا من هو داخل في هذه المعركة القائمة في داخل سورية. أما الآن قصة شعب ونظام، فقد انتهت هذه منذ مدة طويلة، يوجد انقسام شعبي، هناك جزء كبير من الشعب السوري مع النظام وهناك جزء كبير ممكن ضد النظام، فلا يأتي أحد يقول لنا بمنطقه إننا نحن مع النظام ضد الشعب السوري، هناك جزء كبير من الشعب السوري مع النظام. نحن مع هذا الجزء الكبير، الجزء الثاني نحن معه بالإصلاح ولكننا لسنا معه في تدمير سورية، وأيضا النظام نحن معه بالإصلاح ولسنا معه في تدمير سورية.
حسناً فلنترك موضوع الشعب والنظام على الحياد، قد يوجد هناك مشهد في سورية "معارضة سورية مسلحة تقاتل نظاماً". في مرة ثانية كلا، لا، هناك عنوان معارضة سورية مسلحة ويوجد عشرات الآلاف ـ وهنا أقول عشرات الآلاف ولكن وحده الله يعلم كم يوجد هناك من مسلحين، ممكن أن يصلوا إلى ال 100 ألف أو أكثر ـ من الذين جاؤوا ومن الذين جيء بهم من كل أنحاء العالم، وهناك الآن من يريد أن يقنعنا انه يوجد دول عربية ودول في العالم الإسلامي ولا يوجد فيها انتخابات ولا يوجد فيها ديمقراطية ولا يوجد فيها دستور أصلاً، ولا عندها مؤسسات حكم، تقوم بإرسال أبناء بلدها وتعطيهم الأموال وتقدم لهم التسهيلات والضمانات إلى سورية من أجل الانتخابات الديمقراطية والإصلاح، أو انه يوجد أمر ثاني، إذا كان يوجد مشهد من هذا النوع، العالم يذهب للقتال في سورية، يقاتل هذا النظام وهذا الجزء من الشعب السوري، العالم يقاتله بأمواله وسلاحه وإعلامه، حتى هذه كذبة تسليح المعارضة، فالتسليح موجود منذ مدة طويلة، حسناً، نظرنا نحن إلى الموضوع ووجدنا أنه وبعد مضي ما يقارب العامين أو ما يزيد على العامين يوجد أناس مصرون ومكملون في هذه المعركة حتى لو يراد من وراء ذلك تدمير سورية وذبح الشعب السوري، المهم أن يسقط هذا النظام وأن يتغير موقع سورية السياسي والإقليمي، والنظام المراد له أن يأتي ليس نظاماً سياسياً بل البديل هو الفوضى وحكم هذه الجماعات التي تنحر وتذبح وتقتل وو الخ.... حسناُ، أمام هذا الواقع هناك حرب كونية.
أيها الناس الذين قاموا قيامتهم على حزب الله لأنه تدخل، نحن آخر المتدخلين، هم سبقونا، تيار المستقبل وأحزاب لبنانية لا أريد أن اسميها، وقوى لبنانية لا أريد أن اسميها، ودول وجماعات وأحزاب، ومنظمات وتنظيمات، نحن آخر المتدخلين، وبين هلالين "انه قامت القيامة على تدخلنا وعقوبات ولوائح إرهاب" سأصل إليها بعد قليل، حسناً، سؤال مطروح، لو ذهبنا نحن الآن وتدخلنا في سورية مع المعارضة، لكان تدخلنا مباركاً وذكياً وعظيماً، ولأصبحنا حزب الله الحقيقي ولرُفعنا على رؤوس الأشهاد ونزلت أعلامنا ورايتنا في العديد من العواصم العربية، و"حلّت عنا" الفضائيات العربية، أليس كذلك، أيستطيع أن يقول أحد غير ذلك، فالموضوع ليس موضوع تدخل، إذن القصة ليست أصل التدخل ، ليس حكاية دولتين وخرق السيادة وإعلان بعبدا
.. لا، هناك ناس دخلوا إلى جبهة يريد العالم إسقاطها، إلى جبهة من مشروع أميركي إسرائيلي تكفيري يريدون إسقاطها، أنت تدخلت بهذه الجبهة ستقوم الدنيا عليك، طبيعي، طبيعي جدا، منطقي جدا، فقط نقفل الهلالين"...
نعود إلى النقطة نفسها نحن أيضا تبيَّن معنا في التشخيص أنه امام هذه الهجمة العالمية الكونية، مساهمتنا ولو كانت متواضعة (تفيد) "مثل ما يقال: الحجر يسند خابية". نعم في سوريا الجيش السوري يقاتل على جميع الأراضي السورية. يعني الآن بشكل جدي تبين معهم أن حزب الله يقاتل في محافظة درعا وبالقنيطرة وبالحسكة وبالرقة وبدير الزور وبإدلب وبطرطوس وباللاذقية؟ لا ليس هكذا، نحن لدينا امكانات معقولة وجيدة وقلنا نحن أيضا يكون لنا مساهمتنا المحسوبة المدروسة المنسقة، فنسند خابية ونقوم بجزء من المسؤولية في مواجهة هذا المشروع الكوني الخطير الذي أهدافه لا تقف عند سوريا وإنما تستهدف لبنان وشعب لبنان وشعوب المنطقة وحكومات المنطقة والذي يريد أن يسقط سوريا والمنطقة كلها ليس سوريا فقط، أنا في السابق قلت سوريا ـ الآن أقول ـ والمنطقة ولبنان والعراق والأردن وكل المنطقة بيد المشروع الأميركي الإسرائيلي التكفيري.
فنحن أخذنا هذا الخيار وذهبنا إليه. لماذا؟ لأن لدينا قناعة بأن هذه المساهمة مجدية، الموضوع ليس رفع عتب مع أحد ولا قصة وفاء فقط. لا ، نحن عندنا هذه المساهمة مجدية، وأثبتت حتى الآن (وأنا هذا الموضوع لا أريد الدخول فيه ) أنها مجدية. يعني ما قبل وما بعد وبالسياسة وبالإعلام وبالوضع الدولي والإقليمي والمحلي، باختصار هذا مجدي.
أكثر من هذا، نحن لم نذهب ونختبئ. هناك ناس عتبوا علينا: طيب تريدون القتال في سوريا بس لماذا تعلنون؟
بكل صراحة، نحن لا نرسل شبابنا الى سوريا ونقول إننا "نوزع حليب وبطانيات"، وإذا قُتلوا ندفنهم في سوريا ونسكت أهلهم في لبنان. لا أبداً، نحن عندما نذهب إلى معركة إو إلى أي مكان لنقاتل، هناك مسؤولية شرعية وهناك رؤية وهناك وظيفة واضحة وهناك سؤال وجواب يوم القيامة وهناك معركة نذهب إليها، بخاطرنا أو مرغمين، هذا واجبنا، هذه المعركة "ما حابينا أبدا، ما حابينا، نحن حابين تلك المعركة(مع إسرائيل)"، لكن عندما نقاتل لا نختبىء، وعندما يسقط شهداؤنا لا نخجل بشهدائنا، ونشيّعهم في وضح النهار ونمشي في جنائزهم (طبعا لا نطلق الرصاص) لذلك جئنا وقلنا علنا في قضية هؤلاء الشهداء وهؤلاء الجرحى والآن بعضهم في الاحتفال والآخر في المستشفيات وبعضهم في المنازل، وهؤلاء ما اختبأا وليسوا لصوصاً ولا قطاع طرق، هؤلاء مقاتلون ومناضلون في قضية، ولأن الذي يحصل هو هذه المعركة وطبيعة المعركة
هذا موقفنا ذهبنا به وما زلنا فيه. قامت القيامة، في الأسبوعين الماضيين، وخصوصا بعد 25 أيار، ما بقي أحد عنده مسبّة عنده شتيمة .. عنده تلفزيون عنده شاشة عنده انترنت عنده (إلا وشغّلها)... وهناك من يريد أن يضعنا على لائحة الارهاب، مثلاً مجلس التعاون الخليجي ليس في علمي انه عنده لائحة إرهاب، ولا أعرف إذا كانت جامعة الدول العربية عندها لائحة إرهاب، والآن صار مطلوباً وضعنا على لوائح الإرهاب، والاوروبيون يناقشون هذا الموضوع من زمان، ولنا الفخر أننا من البدايات موضوعون على لائحة الإرهاب الاميركية ، كل الذي سمعناه والذي قيل أنه سيعمل خلال الاسابيع الماضية نحن حسبناه ولم نفاجأ به أبداً ، أنه غداً سيأتي من يهددنا باللبنانيين الذين يعيشون في دول الخليج. وأنا أحب أن أقول لكم إنه ليس لدينا منتسبين إلى حزب الله في دول الخليج، أصلاً هل تصدقون أن منتسباً لحزب الله يمكن أن يعطوه إقامة بدول الخليج؟ لا يوجد هكذا شيء. نحن ليس لدينا مشاريع، لا بالخليج ولا بغير الخليج، ولكن هذه الطريقة لتهديد اللبنانيين وتهديد العائلات اللبنانية (طيب ماشي الحال).
أنا في 25 أيار قلت بوضوح: نحن ذاهبون إلى مكان نعرف كل تبعاته ومستعدون أن نتحمل كل تبعاته. يعني أريد توضيح هذه النقطة قليلاً: نحن واجه مشروعاً آتياً ليهدد المنطقة ومنها لبنان والعيش بلبنان والناس بلبنان، كل الناس في لبنان، اذهبوا واسألوا في سوريا، اسألوا السنة الذين ليس معهم، اسألوا المسيحيين، اسألوا الدروز والشيعة والعلوية والاسماعيلية والأباضية والزيدية، سلوهم كلهم، هل لهم مكان في مستقبل سوريا مع فتاوى التكفير وممارسات القتل الموجودة وبدأت من السنة الذين ليس معهم ، اسألوا سماحة الشيخ البوطي والمصلين في مسجد الايمان، اسألوا العلماء السوريين الذين قتلوا بسبب موقفهم السياسي أو بسبب ـ أحياناً ـ سكونهم السياسي، أنهم لم يؤيدوا الجماعات المسلحة ، عندما تريد أن تواجه هذا المشروع تقدم تضحيات لمواجهة هذا المشروع وإسقاط هذا المشروع، سواءً كانت هذه التضحيات شهداء أو جرحى أو سقطت على رؤوسنا صواريخ بالبقاع أو بالضاحية أو قتل منا أناس مظلومون أو بسبب موقفنا وموقف المواجهة ظُلم ناس في هذه الدولة الخليجية أو تلك الدولة العربية.
أنا اقول لكم إن إسقاط هذا المشروع الخطير جداً جداً على أوطاننا وعلى مقدساتنا وعلى شعوبنا هو أضخم بكثير من أي تضحيات يمكن أن تقدم . فيجب أن نتحمل هذه التضحيات ونتحمل هذه التبعات، واذا ظن أحد أن وضعنا على لوائح الإرهاب وأن تهديدنا باللبنانيين وأن الاعتداء على أي شكل من أشكال الاعتداء في الداخل والخارج يمكن أن يغير من موقفنا هو مشتبه، وأنا اقول لكم مثلما حكيت عن الشتم والسب، فهو يزيدنا قناعة بأن موقفنا صح، مسارنا صح، رؤيتنا صح، موقعنا صح، ويستحق التضحية .
لكن أسوأ ما حصل في الأسابيع القليلة الماضية ـ وهو استمرار لما يحصل منذ سنوات ـ هو اللجوء إلى الخطاب المذهبي، وهذا دليل ضعف، والذي نراه على التلفزيونات والفضائيات (على أساس أن هناك حواراً وفجاة يبدأ المتحاورون بسبّ بعضهم البعض) الذي يبدأ بالسباب معناه ليس لديه منطق ولا دليل ولا عنده حجة، والذي عنده منطق ودليل وحجة لا يسبّ، السب والشتم هو سلاح العاجز، هو سلاح الضعيف. وأنا أقول لكم أكثر من هذا: كلنا نتفهم الأجواء التي سادت في الأسابيع القليلة الماضية وخصوصاً من بعض الأوساط العربية والخليجية، نتفهم هذا الغضب وهذا السخط وهذا الانفعال الشديد. لماذا؟ لأن هناك مشروعاً هم رعاته، ودفعوا فيه مليارات الدولارات، وخربوا علاقاتهم السياسية من أجله، وأخذوا فيه منحى انتحارياً وغامروا، بالحقيقة هم يغامرون وهؤلاء عندما يرجعون اليهم لا أحد يعرف ماذا سيحصل، هؤلاء الآن يشعرون بأن المشروع بدأ يهزم ـ وأنا لا اقول حصل انتصار حاسم في سوريا ـ بدأ يهزم أو أصبح على خط أن يهزم أو أن هناك موازين قوى بدأت تتغير فقد "تغير لونهم" نعم، تفهّموهم للجماعة، فليبقوا يسبوا ويشتموا ويتهجموا لأن هذا هو واقع الحال .
أعود إلى موضع في سياق هذه الحملة، الموضوع المذهبي، نعم هذا أسوأ وأخطر شيء. الخلاف في سوريا بين جبهتين، بين محورين، بين مشروعين، ليس بين الشيعة والسنة، وليس بين مذهبين، لماذا تريدون أن تجعلوه بين مذهبين؟
وهل الشيخ البوطي شيعي؟ هل علماء سوريا المؤيدون لهذا الموقف شيعة؟
وهل الجيش العربي السوري الذي يقاتل بعشرات الآلاف، الموجودين في ميادين القتال، شيعة أو حتى علويين؟ لماذا تجعلون الصراع في سوريا مذهبياً؟ هو ليس مذهبياً وتأخذونه إلى المذهبي لأنكم ضعفاء، لأنكم عاجزون، لأنكم تفشلون، وعلى كل العقلاء في الشيعة، في السنة، في المسلمين، في المسيحيين، أن نبذل كل الجهد لمنع تحويل الصراع إلى صراع مذهبي، أسهل شيء عند أي جهة أن تحوّل الصراع إلى صراع مذهبي.
انا شخصيا سعيد بمواقف الشيعة المعارضين لموقفنا وما المشكلة فليعارضوا وينتقدوا وياخذوا موقف مختلف ولكن لا يسبوا وما المشكلة يعارضوا وينتقدوا وياخذوا موقف مختلف ما المشكلة فهذا يساعد يعني فالصراع ليس سني شيعي، فهنا في شيعة وسنة وهناك في شيعة وسنة مثلما كنا نحكي ايام على 14 و8 اذار .
طيب وصل الحال في الاونة الاخيرة يا اخوان ان الاستناد الى معطيات كاذبة واذا احسن الظن اقول خاطئة واذا اسيء الظن وهذا الزمن سوء الظن يصح فيه سوء الظن معطيات كاذبة.
الذي حصل في القصير أن هناك شباباً من رأسهم بانفعالهم، صح خطأ بحث آخر، صعدوا إلى مسجد من مساجد مدينة القصير ووضعوا راية سوداء مكتوب عليها يا حسين، ونزل هذا على الإنترنت وأخذته قناة العربية وأخذته قناة الجزيرة، أي هاتان القناتان اللتان تعتبران أنفسهما قنوات سياسية ومهمة ومحترمة، فضلاً عن فضائيات عربية ومواقع كثيرة، كيف قدموا الخبر؟ (قدموه) أنّ هؤلاء شباب من حزب الله صعدوا إلى المئذنة، وهذه المئذنة هي لجامع الخليفة عمر بن الخطاب ووضعوا عليها راية الحسين، وفتحوا الهواء لأسبوع وللأمس، ولا أدري اليوم إذا بثوا شيئاً، (شارك) علماء ومفتون وشخصيات ولم يبقَ أحد إلاّ وأدلى بدلوه: إعلان القصير مدينة شيعية، يا غيرة الدين، يا أهل السنة والجماعة... هل هذا تصرف عاقل!؟
أريد الإفتراض أنّ أصل الخبرية صحيح، هل هذا تصرف عاقل أو تصرف مسؤول؟ المسلمون الشيعة والسنّة يعيشون في كل أنحاء العالم وليس فقط بالعالم الإسلامي، نحرضهم على بعضهم بهذه الطريقة؟ آتي وأقول إذا هذا صحيح فهذا تصرف مدان وغلط ولتجرِ إدانتنا نحن، لماذا تجعلون الموضوع مذهبياً وموضوع شيعي ـ سني؟
مع العلم أنّ هذه المعلومة كاذبة وليست خاطئة فقط، كاذبة، ونحن اليوم الإخوان في العلاقات الإعلامية سيوزعون على وسائل الإعلام C D وأتمنى على وسائل الإعلام أن ينتبهوا لهذا الموضوع، لأنّه بمدينة القصير وعذرا لهذا التفصيل، (لمدة) أسبوع أهم فضائيّات عربية عملت عليه تحريضاً، هناك مجموعة مساجد، هؤلاء الأغبياء لا يعرفون أنّ بالقصير هناك شيعة، شيعة سوريون، سكان أصليون من عشرات السنين أو مئات السنين الله أعلم، وعندهم حي وعندهم بيوت وعندهم مسجد وهذا المسجد بُنِيَ من عشر سنوات، واسم المسجد الإمام الحسن المجتبى(ع)، وهناك شيخ يصلي فيه جماعة، هؤلاء الشباب ـ صح أم غلط ـ صعدوا بهذا الراية وعلقوها على مئذنة مسجد الإمام الحسن المجتبى (ع). أما جامع ومسجد الخليفة عمر بن الخطّاب فيبعد كيلو مترات عن هذا المسجد، ولم يقترب منه أحد، ولم يصعد أحد إلى مئذنته، ولا أحد رفع علماً، وال C D الذي سيوزع، من قلب مدينة القصير تظهر هذه المئذنة التي عليها العلم، وهذا المسجد مسجد الإمام الحسن المجتبى (ع) وهذا مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، وهذه بنية المئذنة، وهذه بنية المئذنة الأخرى. نحن وصلنا إلى هذا الحد لنتحدث بالتفاصيل! لكننا مضطرون أن نتحدث بهذه التفاصيل لماذا؟ لأنه يصنع من خلالها حرب مذهبية في المنطقة. هذا كذب، هذا افتراء. ثم (الإمام) الحسين (ع) هو للشيعة؟ الحسين (ع) لكل المسلمين.
أسوأ شيء أن تذهب الناس إلى الموضوع المذهبي بهذه الطريقة التي تعمل عليها أهم فضائيات عربية تقدم نفسها على أساس أنها رأي ورأي آخر، وموضوعية، وإذا أردت أن تعرف أكثر ... ماذا تعرف أكثر ؟ تعرف الأكاذيب! تعرف التضليل! تعرف التزوير! هذا الذي يحصل.
أيضاً أضيف، كما أضيف في كل بند من هذه البنود، أنه إذا أحد يتصور أن تصوير المعركة بأنها مذهبية أو طائفية وأنه بالتزوير وبالكذب والتضليل وبالتهديد وبالتكفير وبالقتل، نحن نغيّر موقفنا، نحن لن نغير موقفنا. يعني الآن ما بعد القصير مثل ما قبل القصير بالنسبة لنا، لا يتغير شيء. هل تغيّر المشروع! هل تغيّر فهم المشهد، هل تغيّرت القناعات باستهدافات المشروع، هل تغيّرت المعطيات؟ على العكس من ذلك، هناك اتجاه للإصرار أكثر على المواجهة عند المشروع الآخر، وتطوير هذه المواجهة. حيث يجب أن نكون سنكون، حيث يجب أن نكون سنكون، وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنواصل تحمل مسؤولياته ولا حاجة للتفصيل.
نعم، في هذا السياق هناك قوى إسلامية وأحزاب إسلامية تتواصل معنا وتقدم أفكاراً وتقدم مبادرات، أنا أقول لكم نحن منفتحون على أي نقاش حول الموقف في سوريا، لكن خلال اليومين جاءت بعض الأفكار وبعض المبادرات، لا أستطيع الآن أن أعقّب عليها لأن هذا يحتاج إلى نقاش مع قيادة حزب الله. لكن في هذه اللحظة التي أتحدث فيها، المشهد هو المشهد والتقييم هو التقييم والرؤية هي الرؤية والفهم هو الفهم والموقف هو الموقف. أما التفصيل فمتروك لحاجات الميدان.
نحن جميعاً في مرحلة تاريخية حساسة وصعبة والكل يتحمل فيها هذه المسؤولية وتبعات هذه المسؤولية ونسأل الله حسن العاقبة والعافية للجميع في الدين والدنيا والآخرة.
ختاماً أعيد وأكرر التحية والتقدير والاحترام والإجلال لكل جرحانا الأعزاء وجريحاتنا العزيزات.
يجب أيضاً أن أعبّر عن تهنئتي وتهنئتكم جميعاً في هذا اليوم لسماحة الإمام الخامئني (دام ظله الشريف) وللشعب الإيراني العزيز على هذا العرس الديمقراطي العظيم الاستثنائي الذي لا مثيل له في العالم الثالث، وهذا الحضور الشعبي الكثيف والهائل والذي من الصباح تحدثت وكالات الأنباء الأجنبية أنه فاق كل التوقعات والذي كما قال سماحة السيد القائد حفظه الله كل صوت نزل اليوم وينزل الآن في الصناديق هو إحياء جديد وتعبير جديد عن الثقة بنظام الجمهورية الإسلامية في إيران التي يريد البعض أن يناصبها العداء وأن يحاربها ويعتبرها عدو العرب والمسلمين ونسي إسرائيل ونسي القدس ونسي المشروع الأميركي ونسي ونسي.. هذه إيران تقدم اليوم للكل وخصوصاً للعالم الإسلامي نموذجاً في الحضور الشعبي، في المشاركة الشعبية، في الانتخاب الشعبي. تصوروا اليوم نحن أمام مشهد الإمام القائد الولي الفقيه، للذين لا يعرفون، أصلاً بالدستور ما هي صلاحيات الولي الفقيه؟ يعني صلاحيات بعض الملوك والأمراء العرب والرؤساء العرب لدينا أكثر من الولي الفقيه على مئة مرة، هم يعرفون بالدساتير. الولي الفقيه في إيران صوت مثل أي فلاح إيراني، مثل أي إيراني مسلم، مسيحي، أرمني، سني، فارسي، عربي، كردي، تركماني، بلوشي، مثله مثلهم، صوت واحد، يذهب إلى الصندوق، مجموع الأصوات تأتي برئيس الجمهورية، رئيس السلطة الإجرائية الذي لديه صلاحيات واسعة جداً في إيران.
نأمل أن تعم هذه الأعراس الديموقراطية الشعبية جميع بلداننا في العالمين العربي والإسلامي.
مبارك للجرحى يومهم وعيدهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.