كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في إفطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية والذي أقيم في قاعة حديقة الغبيري ـ الجناح 21/11/2002م
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في إفطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية والذي أقيم في قاعة حديقة الغبيري ـ الجناح 21/11/2002م
في مثل هذه الليالي من شهر رمضان المبارك يحتفل المسلمون ويحيون ذكرى المواجهة الأولى التي نصر الله فيها الفئة القليلة الفقيرة المستضعفة على الفئة الكثيرة القوية المستبدة في معركة بدر. في مثل هذه الليالي يحتفل المسلمون أيضا بذكرى الفتح المبين في المعركة الحاسمة، فتح مكة، التي انتصر فيها أتباع الأنبياء ورسالات السماء على عبدة الأوثان والأصنام والأحجار وأتباع الجاهلية العمياء وكان النصر فيها إلهيا نبويا رساليا سياسيا عسكريا ونصر أخلاقيا أيضا سجل في صفحة التاريخ الأبدية والخالدة. في مثل هذه الليالي الذكرى العطرة والطيبة لولادة حفيد رسول الله (ص) وأحد ريحانتي وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن ابن علي عليهما السلام الذي كان له فضل عظيم وكبير في حفظ هذا الدين وهذه الرسالة وهذه الأمّة بصبره واحتسابه وتضحياته.
مبارك في مثل هذه الليلة عيد الاستقلال للبنان ، الاستقلال الذي ما جاء إلاّ بالأثمان الباهظة كما هو كل استقلال وانتصار وتحرير . في مثل هذه الأيام مباركة أيضا تلك الدماء الذكية الطاهرة التي تسفك على أرض فلسطين ، أرض المقدسات الإسلامية والمسيحية والسماوية كلها، على أرض الفداء والتضحية والعطاء، استشهاديين هنا وصابرين محتسبين يدفعون ثمن انتمائهم للمقاومة وصمودهم في أرضهم هناك.
لقد اعتدنا في مثل هذه المناسبات، خصوصا أننا في شهر رمضان في مثل هذا الحفل أن نتحدث عن المقاومة ولدينا مناسبة يوم القدس التي اعتدنا على إحيائها سنويا والتي سنحييها هذا العام في مهرجان مركزي موحد في الجنوب في مدينة النبطية، واخترنا هذا المكان لنكون اقرب ما نكون إلى ساحة المواجهة الحقيقية وإلى ساحة التحدي الكبير، ولنؤكد خيارنا من خلال حضورنا المباشر على الأرض هناك. لذلك لن أتحدث في الإطار الأوسع بمواضيع مواجهة المشروع الصهيوني وتحديات المنطقة بشكل عام وبالانتفاضة بشكل مفصل، وإنما أفضل الحديث في هذه الليلة عن المواجهة مع العدو الإسرائيلي في الدائرة اللبنانية بالاعتبار الوطني.
في 24 في أيار تحقق إنجاز تاريخي كبير لكنه لم يكن نهاية الصراع، بل كان هذا الانتصار خطوة متقدمة وراقية على طريق الانتصار النهائي الذي لن يكون كاملا وحقيقيا وعادلا وشاملا وآمنا إلاّ بعد إزاحة كابوس المشروع الصهيوني الاستبدادي الاستكباري السرطاني عن صدر هذه المنطقة .مازلنا في قلب المعركة وقلب الصراع ،قد يكون هناك بعض الأشكال تغيرت ولكن ما زلنا في دائرة المواجهة وأمامنا استحقاقات وتحديات مهمة .
الأول :التحدي الاول مازال الرهائن اللبنانيون المعتقلون في سجون العدو الإسرائيلي والذين لا ينطبق علهم أسرى الحرب الا على واحد او اثنين او ثلاثة والباقي هم رهائن اختطفوا من بيوتهم .
الثاني :ان جزء من أرضنا اللبنانية ما زال تحت الاحتلال مزارع شبعا واراض كفر شوبا .
الثالث : الانتهاكات الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية جوا وبحرا وبرا.
الرابع : تحدي استفادة لبنان من حقوقه الطبيعية في مسالة المياه .
الخامس :تحدي السعي الإسرائيلي لاختراق الساحة اللبنانية سياسيا وامنيا لاعادة أحياء الفتن الداخلية من جديد .
السادس :بقاء لبنان في دائرة التهديد الصهيوني بالحرب على لبنان .
في التحدي الاول مسالة الأسرى في سجون الاحتلال باعتبار ان المقاومة الإسلامية في لبنان يوجد لديها عدد من الأسرى الصهاينة العسكريين ونحن هنا نبادل عسكريين بمدنيين ،نحن ما زلنا نفاوض منذ ذالك الحين لكن يبدوا ان الأسباب التي أعاقت حتى ألان الوصول الى نتائج من الطرف الإسرائيلي هي أسباب سياسية بامتياز وليست أسباب إنسانية ،وبحسب فهمنا ومتابعتنا لهذا الملف نعتقد بان حكومة شارون تواجه صعوبة سياسية بالغة على هذا الصعيد ،لأنها لو أنجزت اتفاق كاملا ولنقل ليس بالشروط القصوى بشروط معقولة في عملية التفاوض ،هذا بحد ذاته سيشمل كل اللبنانيين وكل العرب واعداد كبيرة جدا من الفلسطينيين ضمن أولويات محددة ،هذا الاتفاق لو أنجز سيعتبر انتصار كبيرا للمقاومة في لبنان والانتفاضة في فلسطين ولا اضن ان شارون او نتنايهو جاهزين في المرحلة الحالية لتقديم هذا الانتصار ليضاف الى ما اعتقده ونعتقده سلسلة الانتصارات اليومية بالدم للمجاهدين والاستشهاديين في فلسطين المحتلة .العقدة هي بالدرجة الاول سياسية وهي عقدة التوقيت بحسب فهمنا وتحليلنا ،لكن ما احب ان أقوله ألان إننا وأمام هذه التعقيدات قدمنا في الأسابيع القليلة الماضية طرحا للوسيط الألماني الذي ما زال هو الوسيط في هذه العملية ،ندعوا فيه الى تفكيك المسالة الى التجزئة ،طالما ان الاتفاق الشامل حول هذه القضية متعذر وصعب سياسيا وله تبعات سياسية على شارون بحسب فهمه واعتقاده فلنفكك هذا الموضوع ولجزأه لتخفيف ولو جزء من معاناة المعتقلين وعائلات الأسرى في كلا الطرفين ،ان لم نكن قادرين على معالجة الملف بشكل كامل ،بمعنى ان نقوم نحن بإطلاق أحد الجنود الثلاثة الموجودين لدينا ،بمعنى انه إذا كان حيا نطلق صراحه وان كان ميتا نسلم جثته ،في مقابل أحد هؤلاء الجنود يتم إطلاق مجموعة من المعتقلين اللبنانيين وغير اللبنانيين ونتفاوض على العدد ،الإسرائيليون قبل ايام بلغوا بشكل رسمي انهم ليسوا جاهزين للمناقشة بهذا المبدأ .يعني انهم ليسوا جاهزين للمعالجة الجزئية ولا للمعالجة الشاملة بسبب ظروفهم السياسية ،طبعا العدو يختبأ خلف الظروف السياسية من خلال الأعداد التي يتحدث عنها والتي لا يمكن لأي فصيل مقاوم ،فضلا عن حزب الله بالتحديد والحريص على مصداقيته ووعده ان يقبل بمثل هذه الشروط وهذه الإعداد المطروحة لتجمد عملية التفاوض وليس لتتقدم .
بكل الأحوال نحن سنتابع هذا الملف بصبر ومزيد من المثابرة وفي نهاية المطاف سنكون أمام خاتمة سعيدة على هذا الصعيد .هنا يجب ان اعبر أيضا عن اعتزاز المقاومة بعائلات الأسرى والمعتقلين اللبنانيين ،ونحن لم نتعرض لأي ضغوط من عائلاتنا اللبنانية ولم تصدر أي دعوة من أي عائلة لبنانية تقول لنا اتركوا الفلسطينيين(( يقلعوا شوكهم بأيديهم ))وكشف سماحته ان هناك ضغوط خارجية على هذه العائلات لتتزلزل إرادتها وصبرها لكن حتى الآن أثبتت هذه العائلات إنها قوية وشامخة وصادقة ومخلصة .
في المسالة الثانية بقية الأرض اللبنانية التي ما زالت تحت الاحتلال ،المقاومة ستستمر بعملها ،بين الحين والأخر تفرز بعض التحليلات او القراءات السياسية او التصريحات لتتحدث عن قرار بوقف عمليات المقاومة في لبنان ،ليس هناك أي قرار من هذا النوع على الإطلاق لكن توقيت العمليات هو يخضع لمجموع ظروف تختلف من حيث البساطة والتعقيد عن المرحلة السابقة ،لكن أنا أؤكد ان هذه الأرض ستعود إلينا وان طريقنا لتحرير واستعادة هذه الأرض هو المقاومة التي ستستمر ولن تتوقف على الإطلاق ،قد يختلف التكتيك وقد تتقارب أزمنة العمليات او تتباعد ضمن حسابات دقيقة عند المقاومة ولكن ليس هناك على الإطلاق أي نية وليس فقط لدى حزب الله وليس هناك مناخ يقول ان علينا ان نبقي أرضنا تحت الاحتلال دون ان نحرك ساكنا .
في المسالة الثالثة :الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية ،وهذه المسالة هي برسم اللبنانيين جميعا ،الدولة اللبنانية والشعب اللبناني ،وهذه المسالة لا يمكن ان تتجزأ ولا يمكن ان تتفكك وبالتالي الإسرائيليون ينتهكون سيادة لبنان ويبدوا ان هذا الأمر اصبح أمرا عاديا ،وكذلك وسائل الإعلام تتناقله كخبر عادي ولا اعتقد ان العالم يسمع به لولا بعض قذائف المضاد الذي ينفجر في سماء المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة ،لو كانت قذائف المضاد تنفجر فقط في سماء جنوب لبنان التي تطلقها المقاومة والجيش اللبناني لن يسمع بها العالم ،العالم يسمع بالخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية عندما ينزعج خاطر وبال المستوطنين الصهاينة في شمال فلسطين المحتلة ،هذا لا يجوز ان يصبح أمرا عاديا ولا يجوز ان يسكت عنه ،الدولة مسؤولة والحكومة كذلك عن إثارة هذا الموضوع بشكل دائم ليسمع العالم والمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية .
وانا لا اقول تعالوا لنقدم شكوى لمجلس الأمن ونحن لا ندعوا لتقديم شكوى ولا نخاف من تقديم الشكوى ،لكن فليسمع العالم هذه الحقيقة وهذا الأمر .
وقال السيد نصرالله :عندما لا تكون هناك عمليات في مزارع شبعا الإسرائيليون لا يتركون لبنان يوما واحدا ،وكل يوم في الصحافة الإسرائيلية وفي الإعلام الصهيوني والعالمي ،(( حزب الله سيقوم بعمليات وسيحظر لعمليات ويستطلع من اجل القيام بعمليات ،كل يوم نرى في وسائل الإعلام كلام إسرائيلي عن عمليات حزب الله وتهديد حزب الله على الحدود ))بالمقابل كل يوم يوجد خروقات إسرائيلية متكررة ولكن اللبنانيين صامتون وساكتون ولا يحركون ساكنا .وقال الشكوى الى مجلس الأمن لا تعيد سيادتنا ولا أمننا ،الذي يعيد حقنا ويحفظ سيادتنا هي وحدتنا وقوتنا وصلابتنا ومقاومتنا .لكن إثارة هذا الموضوع من قبلنا يقدم لبنان في دائرة المظلومية ويقدمه في دائرة الدفاع والمعتدى عليه .
وقال سماحته سمعنا ان الولايات المتحدة أعطت تبريرات للانتهاكات الإسرائيلية اليومية على لبنان ان الإسرائيليين مضطرين ان يأتوا الى سماء لبنان لان هناك تهديدات في منطقة مزارع شبعا ،وهذا الأمر غير مقبول منطقيا ان نخترق سيادة دولة ذات سيادة لنحمي احتلال بأرض دولة ذات سيادة ،ولكن لو سلمنا وقبلنا بهذا ،سأل الأمين العام هل التهديد هو فوق طرابلس وجبيل وكسروان وبيروت والبقاع وكل الجنوب .
واكد الأمين العام ان الإمكانات المتوفرة لدى المقاومة الإسلامية للتصدي لخرق السيادة جوا او بحرا او برا سوف تبقى في خدمة الدفاع عن هذه السيادة وسنستمر بما لدينا من طاقات وإمكانيات لمواجهة هذه الخروقات .
في المسألة الرابعة : الاستفادة من الحقوق المشروعة خصوصا في المياه ،هنا يجب ان نتوقف باعتزاز أمام التجربة الوطنية الكبرى في مسالة مياه الوزاني ،وهي تقدم هذه التجربة دليلا جديدا على ان لبنان لديه القدرة والإمكانية في ان يحصل على حقوقه أي تكن الصعوبات ،واضاف إننا طالما مشينا هذه الخطوات نحن ندعوا إلى التمسك بهذا الحق والى اخذ حقنا الطبيعي من مياه الوزاني والاستمرار في ضخ المياه والمسارعة الى معالجة كل المشاكل الفنية التي تثار بين الحين والأخر التي تؤدي الى وقف الضخ وندعوا إلى عدم التراجع او الاستهانة بهذا الإنجاز الكبير الذي تحقق أمام أية ضغوط أمريكية او إسرائيلية ،التوقيت الان بحسب ما مضى وما هو آت هو افضل توقيت للبنان من حيث المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية ليستعيد هذا الحق واي تهاون في هذا الأمر وتضييع هذه الفرصة نكون قد ضيعنا حقا لنا .
وأنا عندما أتحدث عن التوقيت لا أقول ان إسرائيل ضعيفة .ونحن واقعيون وخبرنا عدونا في ساحات القتال ،لكن حتى القوي المقتدر أحيانا تكون خياراته صعبة ومعقدة واحيانا تكبل يداه لاسباب وظروف ومعطيات داخلية وإقليمية .
المسألة الخامسة : في مواجهة الاختراق الأمني والسياسي الداخلي نحن مدعوون لتحصين ساحتنا السياسية ،ومدعوون لمواجهة أية رهانات خاسرة على إسرائيل من جديد في الساحة الداخلية ،ومدعوون وفاء للشهداء وآلاف المعتقلين يجب ان تبقى العين مفتوحة على ملف العملاء .نحن انتقدنا وما زلنا ننتقد بشدة التساهل السياسي في التعاطي مع ملف العملاء ،اليوم إعداد كبيرة من هؤلاء الذين خدموا لسنوات طويلة في صفوف انطوان لحد لا يمكن ان تنتهي قصتهم في حكم بالسجن لشهر او شهرين او لسنة ثم يعودون معززين مكرمين ومحميين لاعتبارات عائلية او مذهبية او طائفية او زعامتية .من هنا سيأتي الخطر ،وحذر قائلا إسرائيل لا تترك هذا البلد ان ينعم بسلم أهلي ولا بفرحة انتصار او تحرير هذا الجانب يجب ان يعاد النظر به قضائيا ولكن في الحد الأدنى على مستوى الأجهزة الأمنية ومستوى شعبنا واهلنا يجب ان يبقى هناك حساسية بالغة في التعاطي مع هذا الأمر .وكشف انه من مدة مخابرات الجيش اللبناني وضعت اليد على محاولات في بعض القرى الجنوبية وكان هناك سلاح وأجهزة وبيانات ومحاولة تحرك للاستفادة من أي خلل او خطأ للاستفادة من نعرات طائفية او مذهبية .
نحن هنا مدعوون للتحصين الأمني والتحصين الاجتماعي والاقتصادي لان عدم المعالجة الجدية لهذا النوع من الملفات قد يؤدي الى تهديد الأمن القومي .في هذا واشار الى انه من الطبيعي جدا ان نسمع من بعض القيادات الوطنية اللبنانية ومن بعض المواقع ومن المقاومة بعض الحديث عن الهواجس واتصور ان الكلام عن الهواجس هو أمر منطقي ومشروع جدا لماذا :لأننا هنا في إطار عملية نتحدث فيها عن مساندة الولايات المتحدة او بعض الدول الأجنبية ونحن نعرف ان هؤلاء يقايضون ويتاجرون ويطالبون بالبدل ،الإدارة الأمريكية التي خبرنا سياستها الشرق أوسطية التي تريد ان تستغل أي أزمة في أي بلد عربي لمصلحة إسرائيل ،من الطبيعي ان تستفيد من أزمة لبنان الاقتصادية اذا استطاعت لمصلحة معالجة بعض الملفات التي تعني الإسرائيلي ،هذه هواجس منطقية ومشروعة ولذلك لا يضيق صدر الحكومة عندما تسمع هذه الهواجس وأنا ادعوها الى المزيد من طمأنة أصحاب الهواجس .المطلوب ان يحصل اطمئنان من هذا النوع ،لأننا في لبنان دفعنا دماء غالية لنستعيد أرضنا وسيادتنا وكرامتنا لا يجوز أن ندفع باسم السياسة أي أثمان من هذا النوع من اجل معالجة قد تكون معالجة او قد لا تكون لأزماتنا الاقتصادية او الاجتماعية .
في المسالة السادسة : التهديد الدائم للبنان بالحرب ونحن هنا لا نخترع تهديدا ،قد يتصور البعض ان المقاومة تخترع التهديد كي تبقى مستمرة في عملها ،الأمر ليس كذالك ،هناك تهديد حقيقي وقائم ودائم من قبل العدو الإسرائيلي للبنان والمنطقة ،وبدأنا نسمع منذ مدة لغة أمريكية وإسرائيلية جديدة تحاول ان تحمل سوريا مسؤولية العمليات التي ينفذها الفلسطينيون في داخل فلسطين المحتلة فقط لان هناك قيادات فلسطينية لم تجد لها ملجأ في العالم الا في دمشق ،فأصبحت دمشق التي هيئت ملاذا لثلة من المجاهدين الفلسطينيين الأخيار الذين لم يجدوا مكان أمنا في العالم بسبب هذا العمل السياسي والوطني والقومي والأخلاقي يجب ان تتحمل مسؤولية وتبعات العمليات في فلسطين المحتلة وتهدد من قبل إسرائيل .هذا التهديد قائم ،ونتذكر انه بعد جر المياه من نبع الوزاني في القسطل الصغير هدد شارون لبنان بالحرب ،وفي قصة القسطل الكبير شارون هدد لبنان بالحرب ،وفي كل يوم هناك كلام إسرائيلي وتهديد إسرائيلي ،ويتبين هذا من خلال متابعة الخطاب الإسرائيلي في وسائل الإعلام .لكن الغارق في الهموم الداخلية ولا يعطي وقتا ليعرف ماذا يفعل الإسرائيلي وماذا يقول وكيف يفكر ،قد يستغرب ويقول عن أي تهديد تتكلمون ،هذا التهديد موجود وبشكل يومي ويعبر عن نفسه .
وتابع :في الظروف الحالية يصبح هذا التهديد اكبر واخطر لماذا ؟ لان هناك تطورات إقليمية وتوترات إقليمية مقبلة عليها المنطقة ،الإسرائيليون يقولون ان حزب الله قد يستغل الحملة الأمريكية على العراق ليشن هجوما واسعا على الكيان الإسرائيلي ،نحن اعتدنا في كل هذه الاتهامات والادعاءات سياسة عدم التعليق ،لكن قد يكون هذا الكلام الإسرائيلي هو تهيئة مناخ للاعتداء على لبنان وعلى حزب الله إبان الحملة الأمريكية المتوقعة على العراق نقرؤها من زاوية واحدة ،واذا قرأناها من زاوية أخرى ،هناك تطورات إقليمية قد تضعنا أمام عدوان إسرائيلي ،ونحن كعقلاء في هذا البلد نقرأ بواقعية يجب ان نبقي هذا الأمر في حساباتنا طالما أننا نواجه عدوا من هذا النوع ،يطقن استخدام الفرص واغتنامها ،وهناك كلام يقوله الأمريكيين حتى لو العراق قصف فلسطين على الإسرائيلي ان لا يرد ،بالمقابل نتوقع ان يعطي الأمريكي الضوء الأخضر للإسرائيلي ليضرب في مكان أخر .هذا شيء يجب ان نضعه في حساباتنا .
وهناك أمر أخر الانتفاضة في فلسطين والتي أثبتت في الأشهر والأسابيع القليلة الماضية إنها أقوى من السقوط واعصى من الهزيمة ،بل الذي حصل عندما جاء شارون وخاف القلقون والمرعوبون والمهزومون ،وقالوا بان شارون سيسقط الانتفاضة ،ها هي حكومة شارون سقطط والانتفاضة تزداد تألقا وتوهجا وقوة ،هذه الانتفاضة المستمرة والعمليات الإستشهادية وفي ذالك فليتنافس المتنافسون .
في نهاية المطاف كل إجراءات شارون وسياسات شارون وجنرالات إسرائيل سقطط في الوحل ولم تستطع ان تحفظ للصهاينة أمنا لا في الضفة ولا في قطاع غزة ولا في أراض 48 ،لنفترض انه في لحظة من لحظات الاختناق والضيق والحسابات الانتخابية قد يلجأ شارون للهروب الى الأمام ،وبالتالي يستغل هذا الوضع الصعب الذي بات فيه هو وحكومته وحزبه لتصفية حسابات من نوع أخر .في النهاية مع هكذا جنرالات وهكذا عقول وتطورات هو أمر قائم .
هذا التهديد القائم نحن يجب ان نتحمل المسؤولية في مواجهة هذا التهديد ولا يجوز ان نخاف ولا يجوز ان نفر من المواجهة .في مواجهة هذا التهديد الدائم يجب ان نركز.
أولا: على تحركات العدو والمراقبة الدائمة لخطابه وتصريحاته وإجراءاته ،حتى لا يؤخذ لبنان وسوريا معه على حين غرة .
ثانيا :عدم الرهان على أي ضمانات او تطمينات أمريكية او غربية ،لان هذه التطمينات قد تأتي أيضا في إطار خداع لبنان في يوم من الأيام .
ثالثا :رفع قدرات وكفاءات وجهوزية جيشنا الوطني على أساس إننا ما زلنا دولة مواجهة وعدم التفكير في مؤسسة الجيش اللبناني بعقلية قوى أمن داخلي ،وانما بعقلية جيش لوطن يريد ان يحمي وطن وسيادة واستقلال وتحرير .لا جيش كما يريده الأمريكيون لحماية الكيان الصهيوني .
رابعا :تقوية المقاومة في لبنان وتعزيزها ميدانيا وشعبيا وسياسيا ووضعها خارج النقاش والجدال والخصام السياسي والداخلي ،وانا أقول من جهتنا كفريق أساسي في المقاومة ولا ندعي إننا لوحدنا نمثل المقاومة ،نحن نتعاطى مع مسألة المقاومة أنها خارج هذا السياق ،وخارج أي حسابات .ان عقلنا وقلبنا واخلاقنا وقيمنا الدينية والإنسانية والوطنية تأبى علينا ان نستخدم المقاومة او موقع المقاومة او إمكانية المقاومة في إطار أي مشكلة .والكل واكب تجربة الانتصار عام 2000 وواكبا تعاطي حزب الله مع هذا الانتصار ..فلنضع المقاومة خارج الجدال والمناكفة ولنفكر بها جميعا لتكون قوية .
خامسا :مساندة الانتفاضة في فلسطين المحتلة ،وانا هنا أتكلم بالاعتبار الوطني اللبناني ،لو وضعنا الدوافع او الحيثيات او الاعتبارات الدينية والوطنية والإسلامية والمسيحية والأخلاقية والإنسانية والقومية جانبا .وتحدثنا كلبنانيين نفكر بلبنان وبأرضنا نحن بحاجة وطنية لبنانية محلية وداخلية لدعم ومساندة الانتفاضة في فلسطين المحتلة لماذا ؟
لان المجاهدين في الانتفاضة اليوم هم يقاتلون عدو لبنان ويعملون على أضعافه وتحطيم بقية الأسطورة اذ كان هناك من بقية بعد أيار 2000 وهم يقاتلون بالدفاع بالنيابة عن كل هذه الأمة ،وهم يقاتلون للدفاع عن أرضهم كذلك كما قاتل اللبنانيين لتحرير أرضهم ولكن بركات المقاومة في لبنان والانتصار في لبنان لم يقتصر على اللبنانيين وانما شمل الأمة كلها .
اليوم ما يجري في فلسطين المحتلة هو في هذا الإطار وما يجري في فلسطين هو من أهم العوامل الذي يجعل من خيارات شارون وحكومة العدو أي يكن رئيسها صعبة ومعقدة ،لان الهجوم على لبنان والعدوان على لبنان سواء بحجة المنشئة في الوزاني او بسبب أي حجة أخرى ،في الوقت الذي يحتاج فيه العدو الى جيشه ليملء الضفة الغريبة وقطاع غزة والى جيشه وقواه الأمنية واحتياط الجيش ليحمي أمن تل ابيبب والقدس وحيفا وغيرها ،وهو مع ذالك عاجز عن تحقيق هذا الأمن يصعب عليه ،هذه خيارات فيها شيء من المغامرة .
ولذلك لو عدنا الى التجربة قليلا :في العام 1993 عندما هاجمت إسرائيل لبنان تحت عنوان تصفية الحساب كانت قد أنجزت مع بعض الجهات الفلسطينية اتفاق اوسلو وكانت تنتظر التوقيع في البيت الأبيض وبهذا يكون الموضوع الفلسطيني قد تم تحييده ،وفي العام 96 تم تحييد العامل الفلسطيني بفعل التنسيق الأمني الذي كان قائم آنذاك بين السلطة والإسرائيليين ،/وكان الكثير من المجاهدين يقبعون في السجون .وبعد تحييد العامل الفلسطيني قامت إسرائيل بحرب عناقيد الغضب .
في الأشهر القليلة الماضية وبالرغم من ان ما جرى في الوزاني الامها وأصابها في كرامتها وعنفوانها ومصالحها ،لم تلجأ الى خيار العدوان لاسباب عديدة .وهو وجود الانتفاضة والعمليات الإستشهادية في داخل فلسطين المحتلة ولذلك قلت قبل أيام واعيد نحن اللبنانيون الذين نشرب المياه من نبع الوزاني يجب ان نعرف ان صحيح بفضل وحدتنا الوطنية وتحالف سوريا معنا ووقوف إيران إلى جانبنا ودولتنا ومقاومتنا .ولكن قد يكون قبل كل شيء لان هناك استشهاديون في حيفا وتل أبيب والقدس وغزة شربنا من مياه الوزاني ولم يجرأ العدو في الاعتداء على لبنان .
المقاومة في فلسطين هي تحمي لبنان أيضا ولذلك لو وقفنا لدعم الانتفاضة او لنتهم بأننا ندعمها ،بالمال او بالسلاح ،فان هذا الأمر حتى بالاعتبار الوطني يستحق التضحية لأننا هنا كما ندافع عن فلسطين نحن هنا ندافع عن لبنان ومستقبله ،لكن لو تمكن العدو من إنهاء الوضع داخل فلسطين المحتلة فان أول ملف أول استحقاق واول تحدي هو تسوية الحساب وتصفيته مع لبنان ،ان الانتفاضة وانتصارها هو الذي يبعد هذا الكأس المرة عن لبنان الوطن والشعب وهكذا يجب ان نفهم ونقبل هذه المعادلة بحسب واقعيتها دون ان نذهب في مكابرات وقراءات خاطئة .بالمصلحة اللبنانية والأمن القومي اللبناني يجب ان يكون لبنان الى جانب الانتفاضة وهكذا يجب ان تكون كل دولة عربية وشعب عربي .وتابع سماحته :قائلا في المدة الأخيرة تحدث الإسرائيليون عن صواريخ حزب الله التي تطال 75 كلم ثم تحدثوا عن صواريخ تطال مسافات أطول واطول وتحدثوا عن إعادة هيكلة المقاومة وتطويرها وتنظيمها وتحسبن أداءها وعن تشكيل وحدات جديدة .وقبل ايام تحدثوا وقالوا ان حزب الله أسس وحدة جديدة اسمها وحدة تسلح الجبال في الظروف الثلجية .وتحدثوا عن اعتقال شبان لبنانيين داخل فلسطين بتهمة مساعدة الاخوة الفلسطينيين وتحدثوا عن أشكال مختلفة لمساندة حزب الله للانتفاضة وتحدثوا عن شبكات تجسس في الجيش الإسرائيلي تابعة لحزب الله .ويتحدثون عن عمليات ينوي حزب الله تنفيذها عبر الحدود او مزارع شبعا او عمليات اسر لوزراء سابقين .كل ما يقوله الإسرائيليون فليقولوه كيفما كان هدف الكلام فهو جيد ،ونحن اعتمدنا سياسة عدم التعليق حتى لا ندخل مع الإسرائيلي بنعم وكلا ،لانه من الممكن ان تكون أهداف العدو استدراجنا لفهم نوايانا .وطالما ان إخفاء نوايانا هو عامل قوة للبنان والمقاومة فليكن هذا الأسلوب .لسنا مضطرين للكلام والثرثرة في الأمور التي تتصل بأساس هذه المعركة ،لكن أقول من حقنا ان نمتلك القدرة العسكرية للدفاع عن بلدنا وشعبنا وامتنا والمقدسات ،لا يمكن ان يكون هذا نقاش في حقنا ونحن بلد مهدد بالعدوان لأي سبب وأي حجة .وطالما ان هذا السلاح لمواجهة العدو فانه من حقنا أن نمتلكه .ومن حقنا ان نخترق الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي وان نجمع المعلومات التي نربد لان هذا جزء من مواجهة التهديد ومن حقنا وواجبنا ان نساند الانتفاضة في فلسطين بكل ما نستطيع وبما يخدم مشروع المواجهة هذه هي حقوقنا الطبيعية وهي واجبات ولا نكون متهاونين في الدفاع عن الدماء والأعراض والسيادة والكرامة والأموال والشرف الذي ضحينا من اجله بالكثير من الدماء والأعزاء .وما أريد أن أؤكده نحن كمقاومة نتصرف من موقع الوعي والمعرفة والابتعاد عن الانفعال والعاطفة وندرك جيدا حجم المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والدينية والقومية والوطنية الملقاة على عاتق المقاومة ونتصرف بروح المسؤولية هذه مقاومة قاتلت وانتصرت في مرحلة ومقاومة موجودة لتنتصر ليس مشروعها الانتحار ولا الذهاب إلى الهاوية ولا تضييع الإنجازات مشروعها هو الانتصار بكل ما يحتاج إليه السير نحو الانتصار من الحكمة وعقل ودراية وفي نفس الوقت من شجاعة وارادة وعزم واستعداد للتضحية .