كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في حفل التخرج الجامعي السنوي الثالث والعشرين في مجمع سيد الشهداء ـ الرويس يوم الأحد 16-12-2012
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في حفل التخرج الجامعي السنوي الثالث والعشرين في مجمع سيد الشهداء ـ الرويس يوم الأحد 16-12-2012
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عل سيدنا ونبينا محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
من دواعي السعادة والبهجة أن نلتقي في هذا الحفل الكريم المبارك، والذي يعبّر أيضاً في بعض أبعاده عن إستجابة هذا الجيل لنداء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى طلب العلم والإهتمام بالعلم والتأكيد على أن نكون أمة علماء وجيل علماء ومجتمع علماء في كل المجالات والإختصاصات.
هذا الحفل هو عنوان إنجازٍ صنعتموه أنتم وحققتموه أنتم، ونحن نفرح به جميعاً، لأن بركات ونتائج وآثار هذا الإنجاز ستعود إلى الجميع.
إنني في البداية أتوجه بالتحية إلى جميع الإخوة والأخوات الخريجين والخريجات في هذا العام في هذا الحفل الكريم، وأشكرهم على جهودهم وجهادهم في مقاعد الدراسة، وتعبهم وسهرهم وتحصيلهم العلمي، وفي نهاية المطاف على نجاحهم وعلى تفوقهم أيضاً في بعض المجالات وفي بعض الإختصاصات، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم في بقية العمر بعد أن يُطيل أعمارهم، إلى مزيد من العلم والعمل وفعل الخير والبناء للدنيا والآخرة.
يجب أن أتوجه بالشكر إلى الأهل الكرام وإلى الآباء والأمهات وإلى العائلات الكريمة والشريفة، التي تحملت كل هذه الأعباء القاسية والصعبة في مثل الظروف التي نعيشها في لبنان، وأصرّت وواكبت ودعمت أبناءها وبناتها لمواصلة الدراسة والتحصيل العلمي. وبعد الله سبحانه وتعالى الشكر لهؤلاء الآباء والأمهات، الذين حملوا هذا العبء. وهنا يجب أن نُوجّه، ومن خلال هذا الحفل الكريم، نداءً، بل نقدم رجاءً، ولو وصلنا إلى حد التوسل ـ لا توجد مشكلة ـ أن نقول للأباء وللأمهات وللعائلات إحرصوا بشدة على أن يُواصل أبناءكم وبناتكم التحصيل العلمي والدراسة، مهما كانت الظروف قاسية وصعبة، حاذروا أن تسحبوا أولادكم من مقاعد الدراسة، وتحمّلوا مشقة أن يدرس أبناؤكم وبناتكم وأن يتعلموا، وهذا الأمر يستحق التضحية منكم، ويستحق تحمّل المشقات منكم، وحتى الآن الحمد لله ما زال هذا هو الطابع العام للعائلات اللبنانية، بالرغم من بعض حالات الإنكفاء أوالسلبية التي نجدها في بعض الأماكن أو في بعض العائلات ولو بشكل محدود. ولكن هذه الظاهرة إن وُجدت يجب أن تُواجه. يجب أن أتوجه بالشكر أيضاً إلى كل الجهات والمؤسسات والجمعيات والأحزاب والشخصيات الداعمة، التي قدّمت المال أو الهبات أو المنح أو القروض، وساعدت هؤلاء الأعزاء لإنجاز هذا الشوط العلمي المهم، أيضاً أتوجه بالشكر إلى الجامعات التي احتضنت هؤلاء الطلاب والطالبات، وقامت برعايتهم وتعليمهم ومواكبتهم، وصولاً إلى هذا الإنجاز، إدارات هذه الجامعات وأساتذة هذه الجامعات، كلهم نتوجه إليهم بالشكر.
هذا الحفل طبعاً هو يُقدم مشهداً أو جزءاً من الصورة الحقيقية للمقاومة ولحزب الله في لبنان، واحدة من الصور التي تُعبر عن حقيقة وهوية وماهية حزب الله والمقاومة في لبنان.
طبعاً ليس هذا المشهد جديداً، عندما نقول حفل التخرج الذي رقمه 23 ، ونحن مسيرة عمرها 30 سنة، أول حفل تخرج حصل أو انعقد أو أُقيم في سنة 1984، إذا إفترضنا أن المقاومة بعد الإجتياح، التي هي مقاومتنا نحن ومع إحترامنا لكل فصائل وحركات المقاومة التي سبقتنا ونعترف لها بفضل السبق، وبعد حزيران 1982 بدأت تتكون مقاومتنا الإسلامية ضمن صيغتها المعروفة، يعني بعد مدة زمنية قليلة كان حفل التخرج الأول في سنة 1984، وخلال هذه المسيرة الطويلة، كان الطلاب الذين ينتمون إلى هذه المقاومة، يدرسون ويُقاومون، وبعضهم أُستشهد وهو طالب في الجامعة، وبعضهم استشهد بعد أن تخرج من الجامعة، وبعدهم استشهد بعد التخرج وقبل حفل التخريج، يعني تخرج وقبل أن يُعمل حفل التخريج استشهد، على كل حال، كل هذه اللقاءات والمشاهد تؤكد أن مسيرتنا الإيمانية والجهادية هي بالدرجة الأولى هي حركة إيمانٍ وعلمٍ ومعرفةٍ، وبناء علمي وروحي وإنساني كما هي حركة تحرير وفداء ودفاع وكرامة.
على طول الخط، في كل اللقاءات السابقة كنا نؤكد على وجوب تلازم العلم والأخلاق، وعلى تلازم العلم مع التقوى، يعني الإلتزام العملي بالقيم الأخلاقية وبالقيم الإنسانية وبالقيم الدينية وبالقيم الرسالية، لأن هذا التلازم وهذا الإلتزام هو الذي يُشكل الضمانة لأن يُستخدم هذا العلم وهذه المعرفة وهذا الإختصاص، أياً يكن هذا الإختصاص، في خدمة الناس وفي خدمة الأوطان، وليس في إلحاق الأذى بالناس أو التآمر على الأوطان، نحن نشهد في عصرنا الحاضر كيف أدى التطور العلمي والتكنولوجي خصوصاً، بعيداً عن الإلتزام الأخلاقي وإلتزام القيم، أدى إلى توسيع رقعة الظلم والهيمنة والإحتلال والإستكبار ونهب ثروات الشعوب، وقتل الملايين وتجويع مئات الملايين وهكذا...، الإمكانات العلمية الهائلة اليوم تُستغل من أجل إشباع فئات محددة، ومن أجل إشباع بطونها، أو ملء بنوكها، أو إشباع رغباتها وجشعها إلى السلطة، وإلى الهيمنة والسيطرة، في الوقت الذي كان يمكن من خلال هذه العلوم وهذا التطور العلمي الهائل أن يتم نشر العدل والرفاه على إمتداد العالم، في ثقافتنا وفي فكرنا، أن الله سبحانه وتعالى أودع في الأرض من الإمكانيات ومن الخيرات ومن النعم ما يستطيع أن يؤمن الحياة الشريفة والكريمة لمليارات البشر. لكنّ الناس بظلمهم وجشعهم وطمعهم، وبأنفسهم الأمّارة بالسوء، من يُسمون بالملأ الأعلى، هم الذين يُسيئون إستغلال هذه الموارد الطبيعية وهذه النعم، ويُحرفونها عن مسارها الطبيعي، ما يؤدي إلى كل هذه المظالم.
العلم، أيها الإخوة والأخوات، هو من نوع النعم الإلهية التي يُمكن إستخدامها في الخير، ويُمكن إستخدامها في الشر، وهذا يرتبط ويعود إلى إرادة الإنسان، ولذلك كان السيد المسيح (عليه السلام) يقول: "من تعلم لله وعلّم لله وعمل لله نودي في ملكوت السماء عظيماً".
إذا ليس مجرد التعلم أو التعليم أو العمل بالعلم هو الذي يرفع من مكانة الإنسان، بل أن يكون التعلم مخلصاً، والتعليم مخلصاً، والعمل مخلصاً، وملتزماً بهذه القيم السماوية، لأن أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، أنفعهم للبشرية.
نحن في مسيرتنا نؤكد إلتزامنا بهذا المعنى، ونقول: خريجونا ومتعلمونا وعلماؤنا ومثقفونا، عندما نتطور في أي إختصاص، إنما نطمح من خلال ذلك كله، لأن نُساهم بشكل جدي في بناء وطننا وبلدنا، في تطويره وفي تحسين أوضاعه، وفي معالجة أزماته وفي تحرير أرضه وفي الدفاع عنه، عن سيادته وعن مقدراته وعن ثرواته وعن أمنه وإستقراره، وهذا ما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُوفقنا إليه.
في هذا الحفل الكريم، ومن خلال طبيعة المناسبة أود أن أدخل إلى عدد من النقاط في الوضع المحلي والإقليمي.
من الواجب في البداية أن أتحدث عن الجامعة اللبنانية، الجامعة الوطنية، مثل الذين تكلموا قبلي.
هذه الجامعة، في هذه المرحلة كما في السابق، لكن الآن وفي المستقبل القريب، يجب أن تحظى بعناية إستثنائية. يٌقال إنها جامعة الفقراء، وهذا صحيح، يعنى نرى أقساط الجامعات الخاصة، من يستطيع أن يُدخل أولاده إليها؟!، إلا من أنعم الله سبحانه وتعالى عليه، وفتح له الفرصة للدخول إلى الجامعات الخاصة.
لماذا أقول الآن وفي المرحلة المقبلة؟، لأن عدد اللبنانيين الواقعين تحت خط الفقر يزداد يوماً بعد يوم، وبالأفق ليس واضحاً أنهم سوف يزدادون أو أنهم سوف يقلون، بل بالعكس الأفق واضح، وهذه النقطة سوف أرجع إليها بعد قليل، أنه نحن اللبنانيين ستزداد أعداد الواقعين تحت خط الفقر منّا، يعني إما أن نذهب إلى الجامعة اللبنانية وإما أن نترك الجامعة.
هنا مسؤولية الدولة بشكل أساسي، هذا يعني أن هذه الجامعة يجب أن تحظى بعناية إستثنائية من أي حكومة، تحديثها وتطويرها لقدراتها العلمية وإمكاناتها المادية ووصولاً إلى تعزيز كادرها البشري، وبإختصار هذا يفتح الحديث قليلاً عن قضية الأساتذة المتعاقدين، ـ اليوم لن نتكلم كثيراً عن السلاح والمقاومة، آخر شيء نتكلم عن ذلك بكلمتين ـ يفتح الحديث عن قضية الأساتذة المتعاقدين.
يوجد إستحقاق دائم كل سنة وسنتين وثلاثة، توجد مشكلة في البلد إسمها أنه يوجد عدد من الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، التي تريد أن تًقدم لوائح بأسمائهم إلى الحكومة من أجل ان تُوافق على تفرغهم أو تفريغهم أو تثبيتهم،
ويدخل هذا الملف في التعقيدات اللبنانية المعروفة، وليس هناك داعٍ أن نشرح.
دائماً كان هناك مشكلة هي أنه يُفرض سقف عدد، و"تفضلي يا ادارة الجامعة"، أيّاَ كانت إدراة الجامعة، تحت هذا السقف، فلترشحوا أساتذة متعاقدين ليتم تفريغهم.
هنا يختلط الحابل بالنابل، جزء من الأساتذة يكون حاجة فعلية للجامعة، وهي ضمن القوانين والأولويات والحاجات، هذا الجزء يكون موضوعياً. والجزء الاخر، وهو طبيعي في البلد، ومعروف وتدخل فيه القوى السياسية، الزعامات السياسية المواقع السياسية، هذا يقول فلتزِد لي عشرة والآخر يقول "مرّق لي" خمسة الخ... فينحشر الأساتذة تحت السقف وينضغطون بالقوى السياسية.
البلد قائم على التوازنات، يوجد أناس مطلوب أنصافهم، يلحق بهم الحيف. أنا سمعت في هذه الايام، أنه يوجد اساتذة متعاقدون ينتظرون منذ ال 95، نحن الان في ال 2012، حسناً لماذا؟ هو متعاقد يدّرس في الجامعة، حسناً، إذا لم يكن كفوءاً أو لم يكن لائقاً والجامعة لم تكن بحاجة له، لماذا هم متعاقدون معه؟ إذا كان كفوءاً والجامعة بحاجه له لماذا حتى ال 2012 لم يتفرغ بعد؟
اليوم أدعو الحكومة اللبنانية، وأعرف أنهم يناقشون الموضوع، ويبدو أنهم وصلوا إلى مكان ما متقدم في النقاش، أنا أدعو إلى مقاربة مختلفة، أن لا تقوم الحكومة بوضع سقف عددي وتقول، يا إدارة الجامعة يا رئيس الجامعة مسموح لك 300 او 400 أو 500 لا أدري كم هو العدد. فلتقوموا باختيار المطلوب منكم، وأنا أؤكد لكم أنه مهما تكن الصيغة التي ستعتمدها إدارة الجامعة ويتم رفعها الى الحكومة سيتم إنصاف كثيرين ولكن سيلحق الحيف أيضاً بالكثير، للاسباب المعروفة في لبنان.
المقاربة المختلفة هي التالية، يوجد جامعة لبنانية بحاجة الى أساتذة، كل سنة يحال إلى التقاعد عل ما أكد لي الإخوة 80 أو 100 أو 120 أستاذ، يعني على تفاوت في السنوات. حسناً، الجامعة تكبر بشكل مستمر، وهي الملجأ الوحيد للطلاب الذين سيزدادون، لماذا أحدد السقف ب 300 أو 400 أو 500؟ كم تحتاج الجامعة ؟ فعلاً 800 900 او 1000 ، ما المشكلة بالموضوع؟
يقولون إنه يوجد مشكلة مالية؟ حسناً سأناقش بالموضوع بعد قليل. حسناً، أن لا نضع سقف، ونقول للجامعة: حقيقةً أنتم ماذا تحتاجون من أساتذة؟ وهؤلاء المتعاقدون فلنقم بتثبيتهم ضمن القانون، مع إعطاء اولوية للأقدمين، للمنتظرين منذ سنوات طويلة، والله يحب المنتظرين، لعله يأتي الفرج. هذه هي المقاربة الصحيحة، ليس المقاربة انه حددنا 300 أو 400 وساعتها كل الزعامات السياسية وكل الزعامات، جميعها ونحن منها أيضأ ستتدخل، "مرّق لي" هؤلاء، ولتعطِ الأولوية لهؤلاء الخ.... حسناً لماذا سنضطر لاستخدام هذا الاسلوب؟
مثلاً ، في الموضوع الامني، وانا هنا لا أنتقد، انا أؤيد، في الحكومة السابقة قالت وزارة الداخلية أنه ونتيجة الوضع الأمني في البلد والسرقات والجرائم والمخدرات و.. نريد أن نزيد العديد، يوجد لدينا متعاقدون، نريد أن نثبّتهم، وأُخذ القرار في جلسة واحدة، 4000 متعاقد في قوى الامن تم تثبيتهم في جلسة واحدة، وهذا ليس عيباً، هذا جيّد، في الواقع أنت بحاجة إلى عديد لتستطيع أن تواجه المشاكل الموجودة في البلد.
حسناً، لاحقاً في الحكومة الحالية، طلب وزير الداخلية أن يزيدوا 1000 آخرين ولم تكن الحجة الحاجة الامنية، كانت الحجة التوازن الطائفي، 1000 فرد، لأنه بال 4000 الذين تم تثبيتهم لم يكن هناك توازن طائفي، فلتفتحوا باباً نُدخل من خلاله 1000 ونحدث التوازن الطائفي، وهذا الأمر أيضاً لا عيب فيه، وأيضاُ أنا هنا لا أنتقد، لأنه يجب أن نراعي بشكل أو بآخر التوازنات الطائفية.
الان مطروح أمام الحكومة، وأنا لا أعرف إن وافقوا أم لم يوافقوا بعد، أيضاً هم بحاجة إلى 1000 أو 2000 لسنة 2013.
حسناً، هذا يدل على أنه يوجد أموال لدفع المعاشات.
أيها الإخوة والأخوات، عندما نستثمر في الأمن أو ننفق في الأمن، نحن نعالج النتائج، ولكن عندما ننفق ونستثمر في التربية والتعليم فنحن نعالج الاسباب، والعاقل يعالج الأسباب.
حسناً، اليوم أنا اطلب من الحكومة أن تعتبر أساتذة الجامعات متفرغين في قوى الأمن الداخلي، الحاجة الأمنية تفرض هذا الأمر، ولننتهِ من هذه المسألة، وعندها لا يكون هناك كل سنتين أو ثلاث معركة ينزل بسببها الناس ألى الطرقات، هذا الأمر معيب.
هذا الأمر يدخلنا إلى موضوع مشابه، هو عنوان سلسلة الرتب والرواتب، بهذا العنوان يوجد عنوان عريض، لا يختلف عليه أحد، حتى بالقوى الساسية، حتى النقابيين، وحتى على ما أظن الهيئات الاقتصادية، أنه نعم الوضع الحالي هو وضع غير مناسب، ونقصد هنا وضع الشرائح والفئات التي يطالها مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، وضع غير مناسب، وأنه يجب أن يكون هناك معالجة لهذا الموضوع، وتطوير نوعي، يعني أن لا يكون التعديل بسيطاً أو متواضعاً، لكن أن الحكومة تريد أن تعالج هذا الموضوع بما يتناسب مع قدراتها والمداخيل والأعباء المالية والاقتصاية.
كعنوان عريض، لا أظن أنه يوجد خلاف حوله، حتى الهيئات النقابية لا أعتقد أنها تقول: "نعم، فلتعطونا معشاتنا أو فلتزيدوا معشاتنا ولتحسنوا أوضاعنا، حتى لو سيؤدي الأمر إلى انهيار الاقتصاد الوطني"، لأنه لا يوجد أحد مكنهم يقول هذا الشيء. الخلاف هو خلاف تطبيقي، يعني هذا أن الخلاف ليس على الخط العريض، أنه ماذا ستكون النتيجة إذا قمنا بإعطاء هذا الدخل؟ أو إذا امنّا هذا المدخول ما هي النتيجة؟ وهنا يوجد إجتهادات كثيرة وأيضاً ضغوطات كبيرة على الحكومة.
هنا أتكلم بصفتنا جزءاً من الحكومة ـ طبعاً "من نافلة القول القول" انه نحن جزء من الحكومة، جزء متواضع خلافاً لكل الذي قيل منذ البداية، أنها حكومة حزب الله، فلتتصوروا أنهً عندما قرر الفريق الآخر أن يُسقط الحكومة، قام سفراء الدول دائمة العضوية وممثل الامين العام للامم المتحدة ـ ونقصد بذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والأمم المتحدة ـ وذهبوا إلى فخامة رئيس الجمهورية، وطالبوا بأنه يجب على هذه الحكومة أن تستمر لكي لا يكون هناك فراغ، يعني عجيب! إذا كانت فعلاً هذه هي حكومة حزب الله، يعني أنا وأنتم يا أخواني وأخواتي في حزب الله، نأتي لنقول إنه: بالطبع يوجد خطأ ما! إذا كانت هذه حكومتنا والعالم هنا لكي يدعم هذه الحكومة، هذا أدلّ دليل أنه في نظر العالم هذه ليست حكومة حزب الله، هو هذا موقف المجتمع الدولي من الحكومة الحالية.
حسناً، نحن نعتقد أنه يوجد موارد للتمويل، لكن هذه تحتاج لجرأة، تحتاج شجاعة وإقداماً، هناك جهات كبيرة في هذا البلد يجب أن تتنازل وأن تتعاون، وبالتالي يمكن تمويل سلسلة الرتب والرواتب. لكن الآن أنا لا أريد أن أفتح نقاشاً، أنا أريد أن أناشد اليوم في حفل طلاب وأساتذة ونقابيين، يعني بطبيعة اللقاء، أريد أن أناشد الحكومة أن تخرج من سلسلة الجلسات العديدة والطويلة المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب، يعني أعتقد أننا انتهينا من النقاش في الموضوع، فلتُعقد جلسة أو جلستين جديّتان، حتى لو أخذتا وقتاً طويلاً، حتى لو كان هناك خلافات في وجهات النظر، وليقوموا بالتصويت، إن توصلوا إلى إتفاق ممتاز، إن لم يصلوا إلى إتفاق فليقوموا بتصويت أخر، في النهاية، ليس هنا نهاية القرار، الحكومة عليها أن ترسل مشروع قانون إلى مجلس النواب.
في هذا المجلس كل الكتل النيابية موجودة، وهناك يحصحص الحق، وكل المواقف تستبين وتتضح، وإذا كان من مساحة للمزايدات ستظهر هناك، والخائف على الاقتصاد الوطني سيظهر هناك، ومن مع الشرائح المستهدفة بسلسلة الرتب والرواتب يظهر هناك، وسيكون نقاشاً وطنياً، يعني بالنهاية هذا المستوى من القرارات يحتاج الى مشاركة الجميع. حسناً، مشاركة الجميع ليست موجودة في الحكومة لأسباب سياسية، ولكنها موجودة في مجلس النواب. آن الأوان للحكومة الحالية المحترمة أن تنهي هذا النقاش وأن ترسل هذا المشروع القانون الى مجلي النواب ونتخاص من هذا الجدل والصراع والتوتر القائم بالبلد.
من هنا أعود إلى العنوان العريض الثالث، وهو موضوع الأزمة المعيشية والاجتماعية والاقتصادية الموجودة في لبنان، بالتحديد الموضوع الاجتماعي، والمعيشي والحياتي لاننا كلنا نعيش في هذا الوضع.
إن حجم معاناة اللبنانيين والعائلات اللبنانية، حجم كبير جداً. في الموضوع الحياتي المعيشي الاجتماعي، الكثير من الناس يواجهون أزمات حقيقية على هذا الصعيد، قلة الامكانات، ضعف الامكانات، عدم توفر فرص العمل، غلاء المعيشة، ضعف الرواتب الخ...طبعاً عندما يبدأ العام الدراسي وندخل الى موسم الشتاء يكبر الهمّ، إنه الأقساط والتسجيل والباصات والمازوت والتدفئة وخصوصاً في المناطق الباردة.
طبعاً مخاطر هذه الأزمة واضحة، انعكاساتها الامنية، يعني اليوم يوجد جزء كبير من الجرائم، هل يوجد من يسرق لأنه لديه هواية في السرقة؟ من الممكن إحتمال هذا السبب ولكن يوجد من يسرق لأنه لديه حاجة وهذا لا يبرر السرقة، هذا يفتح باب السرقة والجرائم، أيضاً ما نجده من أمراض وانهيارات نفسية وأزمات نفسية يعيشها الكثير، هي ناتجة عن هذا الوضع،
يوجد متطلبات، ولا يوجد إمكانية تأمين هذه المتطلبات، والعالم تضغط على بعضها ولا أحد يرحم أحداً، يعني أيضاً أن الناس لا تداري ظروف بعضها البعض، لا ترحم بعضها البعض، لعل هذا معنى ما نُقل عن رسول الله (ص) أنه عندما قال: "يا أبا ذر، ما ذهب الفقر الى مكان إلا وقال له الكفر خذني معك". لعل ليس المقصود هنا الكفر العقائدي، المقصود هنا على طريقة "لئن شكرتم لأزيدنّكم، وإن كفرتم، إن عذابي لشديد"، يعني الكفر العملي : الجريمة، المعصية، القتل، السرقة، النهب، العمالة، عدم الصبر، كفران النعمة الخ...
أمام هذه الازمة التي لا داعي لأن نشرح مخاطرها، كلنا نعرف ما هي مخاطرها. لا يوجد شك أنه، نعم، يوجد قوى في لبنان وجمعيات ومؤسسات وجهات وشخصيات يحاولون أن يمدوا يد العون ويساعدوا، البعض يبذلون الجهد ليؤمنوا فرص عمل والبعض يؤمنون قروضاً والبعض يؤمنون مساعدات، لكن هذا لا يحل المشكلة.
قد تكلمنا سابقاً، ونعاود الكلام، أزمة في هذه المستوى، الجهة الوحيدة المعنية والقادرة على معالجتها الدولة، لا أقول حكومة فقط، بل الدولة بكل مؤسساتها هي معنية بمعالجة هذا الموضوع.
من يقدر أن يضع حلاً لمشكلة البطالة، الضرائب بيد من؟ الجامعة اللبنانية، الجامعة الوطنية بيد من؟ المدارس الرسمية بيد من؟ ليس شرطاً أن أرى فقط كيف سأزيد معاشات الناس، كلا، واحدة من أشكال الحل أيضاً، هو أن أخفف النفقات على الناس. عندما يكون هناك تعليم مجاني وجامعة مجانية، والموضوع الصحي يجب أن نجد له طريقاً، هذا يخفف. وهنا نحن نحتاج طبعاً إلى برنامج حقيقي . اسمحوا لي هنا في هذا المقطع أن أفتح هلالين لكن واسعين قليلاً، يعني ماذا تريدون أن تسموه " نقّ" لنسمِّه "النق السياسي" بين هلالين. من المؤسف أن عدداً كبيراً من القوى السياسية في لبنان، هذا الموضوع ليس في أولوياتها، وأنا لا أقوم بظلم أحد ويمكنكم أن تراجعوا، في الحد الادنى لا أريد أن افتح الماضي كثيراً، دعونا نحكِ باختصار شديد، من 2004، منذ صدور القرار المشؤوم 1559، يمكنكم أن تراجعوا الارشيف، انظروا، عندما نرى الخطط والبيانات والمقابلات الصحفية حتى اليوم، حتى صباح اليوم أيضاً. حسناً، ما هو إهتمامات عدد كبير من القوى السياسية، ماذا؟ في رأس اهتماماتها موضوع واحد: سلاح المقاومة، المقاومة، لا يوجد شيء آخر. في الليل، في النهار، يفيقون، ينامون، يأكلون، يخطبون، كله عن سلاح المقاومة. والعجيب، يعني أنا في الحقيقة لا أحسدهم وليس اني أغبطهم كلا، أحسدهم، أنه كيف لديهم قدرة أن يتكلموا في نفس الموضوع، نفس الفكرة، نفس الجمل، يعيدونها، يعيدونها، يعيدونها، يعيدونها.. تعرفون أننا نحن من المشايخ ونلقي الخطب. أنا واحد من الناس إذا، (ليس هناك مشكلة إذا قمنا بتلطيف الجو)، إذا أردت مثلاً أن ألقي خطبة، وبالرغم من أن الحاضرين ليسوا هم ذاتهم، هذا غير الذي يظهر على التلفاز، إذا كان هناك لقاء داخلي أحكي موضوعين أو ثلاث، وأرجع في لقاء آخر أحكي نفس الموضوعين أو الثلاثة، والمرة الثالثة أشعر بالملل "أضوج"، لا أعود أستطيع أن أتكلم بهذه المواضيع.
من 2004، أصبحنا في 2012 "يوجد شريط موضوع في مسجلة ومكبوس "play"" ، ونفس الحكاية، ونفس الحكاية.. حسناً، أين الاولويات، أين البلد؟ لا يوجد شيء.
الآن خذوا من هذه السنوات الاخيرة، حتى دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري تم إستغلالها لإستهداف المقاومة، وهذا ما زال مستمراً.
يا جماعة الخير أليس كلنا لبنانيين وشعب لبناني، واليوم الفقر لم يعد ميزة طائفة محددة، كان في زمان مضى الوضع كذلك، أنه طائفة أو طائفتين أو ثلاث وما شاكل تعاني من الفقر.
اليوم الفقر في الادبيات اللبنانية، عابر للطوائف، اليوم لا يوجد فقر طائفي، يوجد فقر عابر للطوائف. لم يعد هناك طوائف أو مناطق تعيش مرتاحة وفرحة وأحوالها مكتفية، ومناطق مسحوقة وتحت خط الفقر، هذا عابر للطوائف وعابر للمناطق.
حسناً، من 2004، والآن نحن في 2012، هذا البلد "ما كانوا يعطوه نفس"، ما أعطوه فرصة، أنه تفضلوا، فليجلس الناس مع بعضهم ويقولون هذا الموضوع ماذا سنفعل به، هذه الازمة المعاشية الحياتية، التي تطال الجميع وتستهدف الجميع ويعاني منها الجميع، ويتألم منها الجميع، وهذه يوجد إجماع عليها.
جيد، إننا مختلفون على موضوع إسرائيل وفلسطين، هذا الذي أريد أن اختم به الكلام، مختلفون هناك. طيب على هذه متفقون، تفضلوا حتى نعمل. كلا، نفيق وننام على موضوع المقاومة.
طبعاً خلال كل السنوات الماضية، حول موضوع المقاومة، كل الألاعيب السياسية سقطت، لا أريد أن أعيدها، قد كلمتكم عنها، من إغراءات السلطة الى الى الى.. والحروب العسكرية فشلت، والكل يعرف أن هذه المقاومة التي هزمت إسرائيل عام 2000، وهزمت إسرائيل عام 2006، هي متجذرة وقوية وحاضرة في وجدان شعبها وأهلها قبل أن تكون قوية بسلاحها وهي أقوى من أن تنال منها كل هذه المؤامرات. ولذلك ماذا بقى؟ بقي الكلام، نشتم ونشتم ونتهم، وكل الاشياء الموجودة في العالم نركّبها على حزب الله .
أنا رأيت بعض الصحفيين وبعض وسائل الاعلام لطيفين، يقولون: نشر المقال الفلاني وحزب الله لم يعلق، نشر البحث الفولاني وحزب الله لم ينفِ، قلت ألف مرة، "يا حبيباتي" إذا كل يوم سننزل نفياً، ننزل جرائد من النفي، على قدر ما يوجد أكاذيب وشتائم.
على كل حال أنا لن أسمي، لكن أنتم ستنتبهون عليّ. يوجد قوى سياسية كبرى في العالم العربي اليوم، الآن ستستيقظ.
لما كان بعض الإعلام العربي، على سنوات، يتهمنا ويشتمنا ويكذب علينا ويظلمنا ويشوه صورتنا، وهم كانوا ساكتين أو موافقين، والآن هذا الاعلام دار عليهم، وخصوصاً الإعلام الممول خليجياً.
حسناً إذا، بالخصوص هذه الشرائح دعنا نخاطبها، إذا ـ يا هذه الشرائح ـ الآن تعتبرون أن ما يقال عنكم في هذه الوسائل الاعلامية هو أكاذيب، لماذا كنتم تصدقون ما كان يقال عنا من نفس وسائل الاعلام؟ لماذا ما تقوله وسائل الاعلام هذه عنكم أكاذيب وعنا صدق وصحيح.
كلا، يوجد إعلام مسيس وإعلام موجه، يوجد إعلام يعمل على معركة سياسية، وهذا الذي يعمل معنا في لبنان بالتفاصيل المملة.
حتى لا أطيل، بين هلالين، أرجع وأقول أقفلنا الهلالين، الآن نحن في 2012، ويوجد مشكل سياسي في البلد، ماشي الحال، وإنقسام سياسي حاد وخلاف على قضايا داخلية وقضايا إقليمية، لكن الجديد الذي أريد أن أقوله لهم، نحن مختلفون على أنه بوجد مصيبة حياتية معيشية إجتماعية في لبنان، لا أحد مختلف مع أحد. كل مدة ومدة، مرجعيات دينية، مجلس المطارنة الموارنة، دار الفتوى، المجلس الشيعي الأعلى، دار الطائفة الدرزية، الجهات كلها مشايخ العقل، كلهم يحذرون من الانهيار الاقتصادي. طبعاً، المرجعيات الدينية مطلعة لأن الناس تدق الأبواب، تحكي معاناتها، خصوصاً على أبواب الشتاء، على أبواب العام الدراسي، إذاً نحن متفقون أنه يوجد أزمة.
ثانياً، نحن متفقون أن هذه الأزمة الدولة تحلها.
ثالثاً، أريد أن أقول إن الأزمة ليست الحكومة من يحلها، لماذا قلت ليست الحكومة؟ الحكومة ممكن أن تكون من تحالف سياسي معين ويوجد تحالف آخر بالمعارضة. في هذا الموضوع يجب على الموالاة والمعارضة أن يشكّلوا، وهذا ما أدعو إليه اليوم، مجموعة عمل وطني، تجلس، الآن، سياسيين نقابيين إقتصاديين هذا أصبح تفصيلاً، أتكلم بالمبدأ، تشكيل مجموعة عمل وطني تجلس وتقول نحن اللبنانيين، بمعزل عن انقساماتنا وخلافاتنا، ومَن بالموالاة ومَن بالمعارضة، كيف يمكننا أن نضع برنامجاً وخطة لمواجهة هذه الازمة، وكيف يمكننا أن نتعاون لمواجهة هذه الأزمة قبل الإنهيار.
هذا واجب أخلاقي، واجب وطني، واجب ديني.
أنا اليوم أقول إذا تشكلت مجموعة عمل وطني ويوجد مصلحة أن نكون فيها، نحن حاضرون أن نكون، حتى مع الذين يسبنا ويشتمنا ويتهمنا في الليل والنهار، لا يوجد مشكلة.
هذا الموضوع نضعه جانباً، فلنضع إنقساماتنا السياسية ونزاعاتنا وصراعاتنا جانباً، ونأتي ونقول: يوجد موضوع وطني كبير، وموضوع إنساني كبير، وموضوع أخلاقي كبير يرتبط بحياة الناس، بأكل الناس، بشرب الناس، بمصير الناس، بنفسيات الناس. تفضلوا شكّلوا مجموعة حوار وطني، مجموعة عمل وطني، فلندعها تضع خطة وطنية وبرنامجاً وطنياً نذهب جميعاً وندعمه، وأيّاً كانت الحكومة، كلنا كلبنانيين، نطالبها أن تنفذ هذا البرنامج، هذا المطلوب أن يعمل.
أنتقل بعد لكلمة في الوضع السياسي الحالي وأختم بكلمة في الوضع الاقليمي.
في الوضع السياسي الحالي، التوصيف الحالي: طاولة حوار لا يوجد، جلسات عامة، الهيئة العامة للمجلس النيابي لا يوجد، لأنه يوجد تعطيل، لأن الفريق الآخر أخذ قرار مقاطعة.
جيد، كان هدف المقاطعة، وقبلها تحركات في الشارع، إسقاط الحكومة، لكن الواضح أن الحكومة لم تسقط، واليوم مقاطعة يعني قطعت، قد مر عليها شهر أو أربعون يوماً أو أكثر، والظاهر أن المقاطعة لم تسقط الحكومة، ليس لأننا متمسكين، بل لأن كل العوامل المحلية والاقليمية والدولية والمعطى الحالي تقول أنه يوجد مصلحة لهذه الحكومة أن تستمر.
إذن المقاطعة، إذا كان هدفها إسقاط الحكومة فلن تؤدي الى نتيجة سوى إلحاق الخسارة بالبلد وتعطيل مجلس النواب في شكل أساسي.
لكن إصرار الفريق الآخر على المقاطعة، واضح أنه لم يعد الهدف منه هو إسقاط الحكومة أو الضغط على الحكومة للإستقالة. أصبح واضحاً أن الحكومة لن تستقيل حتى لو بقيتم مقاطعين. الهدف الحقيقي الذي أصبح واضحاً وبيناً هو تعطيل مجلس النواب حتى لا يتم إقرار قانون إنتخابات جديد، وبالتالي وضع اللبنانيين أمام خيار وحيد، أو إنتخابات بقانون الستين أو بدون إنتخابات، وكلا الخيارين سيء، الآن لا أريد أن أقول أيهما أسوأ، سوف نتحدث لاحقاً عن هذا الموضوع، وكلا الخيارين سيء.
جيّد، الكلام الذي أريد أن أقوله ليس من منطلق الموقع الوسطي، وأيضاً بشفافيتي، نحن لسنا وسطيين، ونحن لسنا وسيطاً ولا نلعب دور الوسيط، ليس لأننا لا نريد أن نلعب دور الوسيط، بل لأننا نحن الفريق المستهدف أساساً، نحن الفريق المستهدف، أكيد أنا لا أقدر أن أكون وسطياً، نعم نحن في هذا الموقع السياسي، نحن فريق في هذا الخلاف السياسي، ونفتخر في المكان الذي نحن فيه وفي الموقع الذي نحن فيه وكنا فيه وما زلنا فيه وسنبقى فيه، لكن هذا لا يمنع أن يتناصح الشخص، هم ينصحوننا أو نحن ننصحهم، وإن كان هناك اناس هنا في البلد إذا نصحتهم يعتبرونك متكبراً، يعني هم أعظم وأعلى من أن توجه اليهم النصائح. نحن نقبل النصيحة فانصحونا ونحن ننصحكم، لأن العالم قائم على هذا.
أريد أن ألفت عنايتهم – حتى لا أستعمل عبارة نصيحة – إلى خطأ في التقدير: أنتم يا شباب تبنون كل حساباتكم كما هي العادة، يعني بالسابق نفس الشيء، عندكم تقدير وعلى أساسه قاعدين تقاطعوا وتمنعوا التصويت على قانون انتخابات جديد "وعم تدفّشوا" بالوضع السياسي وتمنعوا أي انجاز لهذه الحكومة بالمقاطعة، بالنهاية اذا هذه الحكومة تريد ان تفعل شيئاً للبنانيين والناس، هم يقطعون عليها الطريق ويمنعونها من فعل هذا الانجاز.
على ماذا يراهنون؟ أنه بعد مرور كذا يوم ويسقط النظام في سوريا . جمعة وجمعتين ويسقط النظام في سوريا، أو اكثر شهر وشهرين ويسقط النظام في سوريا. هل هذا التقدير صحيح؟
أولا هذه القصص ليست جديدة، الأحداث في سوريا سيصبح لها بعد وقت قليل سنتان.
من اليوم الأول قال بعض الأمراء وبعض الملوك وبعض الرؤساء وبعض الوزراء، وقال تبعاً لهم قيادات في قوى 14 اذار، إن النظام في سوريا سيسقط بعد شهرين، هذا وسيصير لنا سنتان. مضى شهران ولم يسقط النظام، فتم تمديد شهرين، مضى الشهران الممددان ولم يسقط النظام، فتم تمديد 3 اشهر (احتاطوا) لم يقولوا شهرين بل قالوا ثلاثة، مددوا 3 اشهر. مضى 3 اشهر، قالوا شهر رمضان، مضى شهر رمضان، قالوا 3 أشهر بعد شهر رمضان، وصلنا على حلب، وصلنا على دمشق، وصلنا على شهر رمضان الذي مضى .. ستنقضي سنتان. هذا واحد .
ثانياً: إذا أنتم تبنون على معلومات تأتي إليكم. كلا،معلوماتكم خطأ.
كل وسائل الإعلام والفضائيات العربية ـ جزء منهم طبعاً هم يعرفون أنها أكاذيب وحرب نفسية ـ قالت إن هذه دمشق تنهار وستسقط بيد المعارضة المسلحة وخلال أيام ينتهي النظام، هذا المناخ هو الذي ساد في الاسبوعين الماضيين. هذه المعلومات ليست صحيحة، كلها ليست صحيحة.
وأي أحد الآن (منصف) يضع خريطة سوريا كلها أمامه ويرى المدن والمساحات والأماكن المهمة التي ما زال النظام موجوداً فيها ومتيناً فيها ومتمكناً فيها، والأماكن التي تحت سيطرة المعارضة، ويُجري قراءة، هل يستنتج من هذه القراءة أن هذا النظام يسقط بيوم ويومين وجمعة وجمعتين وشهر وشهرين وثلاثة وسنة وسنتين؟ لا تبنوا حساباتكم على تقديرات خاطئة.
بالحد الأدنى منذ عام 2005 حتى الآن لا يوجد رهانات بنَت عليها 14 اذار وكانت صحيحة. وتذكرون، في واحدة من المناسبات، ولا أعيد، ذكرت لكم الرهان الأول التقدير الأول غلط والتقدير الثاني غلط.. إلى التقدير الخامس. والآن منذ سنتين ترتكبون نفس الخطأ، بوقت أن القوى الوطنية الحقيقة هي التي تكون صاحبة فعل على المستوى الوطني، بمعزل عن التطورات الإقليمية.
ولكن أنتم تركيب سياسي يبقى مراهناً على الوضع الدولي وعلى الوضع الإقليمي: ماذا تفعل إسرائيل؟ ماذا يحدث في سوريا؟ والأميركان ماذا يريدون أن يفعلوا؟..
تعالوا نتحدث مع بعضنا لبنانياً. لذلك لا أنصح هؤلاء أن يستمروا في التقديرات الخاطئة، وأن يدققوا في معلوماتهم حول التطورات والمستجدات في الوضع السوري، ويعيدوا النظر بمقاطعتهم ولا يزيدوا البلد تقسيماً، ويعودوا ويتفضلوا إلى المجلس النيابي لتجتمع القوى لمناقشة قانون الانتخاب، لأن هذا هو المسار الطبيعي.
بعد عدة أشهر الانتخابات النيابية- خيراً إن شاء الله- نحن جلسنا سنتين في الخيم. انتظرنا سنتين، وكنا نقول ـ وتذكرون في ذلك الوقت ـ دعنا ننتظر وكذا..( غمّض عين وفتّح عين ويمضوا السنتين).. انتظروا انتم "كذا شهر".
المسار الطبيعي أن ترجع القوى للإلتقاء ويصدر قانون انتخاب جديد ويصبح هناك انتخابات جديدة. وعلى ضوء الانتخابات الجديدة تتشكل حكومة جديدة. هكذا إذا أردنا أن نعبر ببلدنا في سلامة ونعمل بمصلحة وطنية، ولا ننتظر فلاناً وفلاناً المصرَّين بأن يأتوا من مطار دمشق، كلا يا أحبائي تعالوا من مطار بيروت، ودعوا مطار دمشق، ثم دعوا الناس تعيد النظر بهذا الواقع.
أنا انتهيت من الموضوع السياسي اللبناني لأقول إن هذه التقديرات خطأ، المسار الطبيعي إذا أردنا أن نقوم بالمصلحة الوطنية ونريد أن نخرج من كل هذه الشدائد والأزمات، يوجد طاولة الحوار، تريدون أن ترجعوا إليها أهلاً وسهلا، يوجد مجلس نيابي تفضلوا ارجعوا إليه. نقوم بإصدار قانون انتخاب ونقوم بعمل انتخابات، والذي يربح الانتخابات ينظر كيف يريد أن يشكل حكومة جديدة.
كلمة في موضوع سوريا مختصرة جداً واختم بكلمة بموضوع فلسطين . في موضوع سوريا أحب أن أقول شيئاً: بالوضع الحالي الأمور تزداد تعقيداً، وحتى من يعتقد ويظن أن المعارضة المسلحة هي قادرة على حسم المعركة عسكريا هو مشتبه جداً جداً جداً.
الأمور في سوريا أخذت منحى مختلفاً، التوصيف الذي كان يعطى بالبدايات، أن الصراع بين النظام وشعبه (بمعزل عن تقييم هذا التوصيف سابقا) بات غير صحيح قطعاً.
اليوم في سوريا هناك انقسام شعبي حقيقي، يوجد نظام ويوجد جزء معتد به وكبير من الشعب مع النظام، ويوجد جزء معارض للنظام يحمي حَمَلة السلاح ويستعين بقوى إقليمية وقوى دولية. وذهبت الأمور الى المواجهة المسلحة.
البعض الذي يأتي ويناقشك في الموقف الاخلاقي. إذا أنت مع الشعب السوري أو ضد الشعب السوري.. أريد أن أسأل سؤالاً (أريد أن أحكي عن حوادث جديدة، لا أن أفتح ملفاً منذ سنتين): هل أهل قطنة سوريون أو "جلب" (مستوردين)؟ هل أهل جرمانة سوريون أو "جلب"؟ هل أهالي أحياء دمشق سوريون أو "جلب"؟ وكثير من المدن والقرى في سوريا التي يتم إرسال سيارات مفخخة اليها، وفي أي وقت؟ انظروا إلى اللؤم ، يتم إرسال سيارات مفخخة في الساعة 7:30 و 8:00 يعني عندما تكون الناس كلها ذاهبة الى المدارس والطرقات مليئة بالناس، وتأتي الناس لتلمّ الجرحى والقتلى فتأتي سيارة ثانية وتفجر فيهم، هذا قمة اللؤم. هذا ليس شعباً سورياً؟
لكل الذين كانوا خلال عامين يسألوننا، أنا اليوم أريد أن أسألهم: أين موقفكم الأخلاقي من الشعب السوري الذي تقتله المعارضة المسلحة؟ أين موقفكم الأخلاقي من الشعب السوري الذي- بالنسبة لبعض أفراده- يتم توقيفهم على الحيطان وقتلهم أمام الكاميرات؟ أين موقفكم الأخلاقي ممن يلقى بهم من أعالي البنايات في سوريا؟ ما هو موقفكم الأخلاقي ممن يقتلون على الهوية في سوريا؟ هؤلاء ليسوا شعباً سورياً؟ هؤلاء جلب؟
الآن، لا يأتي أحد ويختلق ويقول: النظام والشعب السوري. كلا يا حبيبي.
يوجد نظام يدافع عن وجوده نتيجة قناعته،هناك جزء مهم من الشعب السوري معه. ويوجد معارضة مسلحة تريد أن تسقط هذا النظام ويوجد جزء من الشعب معها. ويوجد قتال دامٍ في سوريا، قتال قاسٍ. وللأسف أنا أقول لكم: المعركة طويلة في سوريا، والسبب أن المعارضة المسلحة ومن يقف خلفها من دول إقليمية ودولية ترفض أي حوار مع النظام.
ماذا يعني رفض الحوار؟ يعني الاستمرار في المواجهة المسلحة، يعني مزيد من القتال والدمار ونزف الدم. لماذا ترفضون الحوار؟ لماذا ترفضون الحل السياسي؟
بكل صراحة أريد أن أقول لكم: هناك دول اليوم لديها أموال كثيرة ولا يسألون اذا ظل الناس في سوريا يتقاتلون سنة واثنتين وعشر سنوات، هم ليسوا خاسرين لشيء. "الفلوس،على رأي اهل الضيعة مثل الكشك". فلوس يا ما شاء الله ، يقومون بإرسال الفلوس. ماذا يخسرون؟
والقوى الإقليمية هي المستفيدة من هذا الصراع.
بيننا وبين القاعدة لا يوجد أي علاقة، بل هناك نوع من السجال وأحياناً الخصومة من قبلهم، الآن هم يعادوننا ( يصطفلوا). ولكني اليوم أريد أن أوجه نداء للقاعدة وأقول لهم أن الأميركيين والأوروبيين وبعض الحكومات في العالم العربي والاسلامي نصبت لكم كميناً في سوريا وفتحت لكم ساحة لتأتوا إليها من كل العالم، من لندن ومن باريس ومن السعودية ومن الإمارات ومن اليمن ومن باكستان ومن أفغانستان ومن غيرها.. حتى يقتل بعضكم بعضاً في سوريا، وأنتم وقعتم في هذا الكمين. ولو فرضنا أن هذه الجماعات التي تنتسب إلى القاعدة أو إلى فكر القاعدة، استطاعت أن تحقق إنجازاً ميدانياً في يوم من الايام، هي ستكون أول من سيدفع الثمن في سوريا، كما دفعت الثمن في البلدان الاخرى. يوجد كمين منصوب.
اليوم،أحب أن أقول لكم وأقول لجماعة 14 اذار أيضا أن تنتبه، الأميركان ليسوا مستعجلين الموضوع في سوريا لينتهي. بالعكس يريدون الموضوع في سوريا أن يطول، لأنه المزيد من القتل في صفوف المعارضة المسلحة، المزيد من القتل في الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية السورية، المزيد من القتل في فئات الشعب السوري المختلفة تعني سوريا ضعيفة، سوريا هزيلة، سوريا مدمرة، سوريا مستنزفة. شطبت من المعادلة الاقليمية.
هذا مصلحة من؟ أميركا واسرائيل .
اليوم في الاعتبار الاستراتيجي ،الاعتبار القومي، الاعتبار السياسي، في المنطق، وأيضاً بالاعتبار الإنساني، لطالما قلنا إن قلوبنا تحزن ونتألم بشدة وبصدق على كل نفس تزهق في سوريا ، على كل طفل وامرأة وكبير وصغير، أياً يكن انتماؤه وموقعه، هذه المشاعر مشاعر طبيعية.
حتى بالاعتبار الانساني، اليوم مسؤولية الجميع هو العمل من أجل حوار سياسي، وكل من يمنع الحوار السياسي هو المجرم الذي يتحمل مسؤولية كل من يقتل في سوريا، هو المجرم هو المذنب لأنه المصرّ على القتال وعلى سفك الدماء أيا تكن شعاراته وعناوينه .
طبعا اليوم المشهد أصبح أكثر تعقيداً لأنه يوجد تيارات تكفيرية دخلت على الخط وبقوة، وتثبت حضوراً قوياً وهذا أقلق حتى حلافاءهم في المعارضة السورية. اسمعوا تصريحاتهم واقرأوا مقالاتهم. ومن حقهم أن يقلقوا، لأن من يقرأ تجارب هذه القوى في البلدان الأخرى من حقه أن يقلق، يقلق على المستقبل، يقلق على البديل. هؤلاء إلى أين يأخذون سوريا؟
لذلك في هذه النقطة، المسؤولية الانسانية والأخلاقية والشرعية والقومية والاستراتيحية ـ سموها كما تريدون ـ هو أن تبذل كل الجهود من أجل أن يقبل الجميع بحوار تنتج عنه تسوية سياسية في سورية.
الكلمة الخيرة موضوع غزة، أيضا أدخل إليها لبنانيا: في الأيام الأخيرة ذهب وفد من قوى 14 آذار إلى غزة، ذهبوا باركوا،هنأوا، تصوروا وأتوا وأدلوا بتصريحات. طبعاً بعض حلفائنا في 8 آذار كان لهم نظرة يمكن مريبة، انه ما القصة؟ ما الحكاية؟
أنا أقول رأيي الشخصي، أنا واحد من الناس فرحت كثيراً، وأنا أقول لكم هذا شيء جيد، وأنا أشجع 14 آذار أن يذهبوا إلى غزة، ويؤيدوا المقاومة في غزة، ويؤيدوا سلاح المقاومة في غزة، ويهنئوا انتصار المقاومة في غزة. ولا نريد منهم لا أن يؤيدوا سلاح المقاومة في لبنان ولا أن يهنئوا المقاومة في انتصارها في لبنان ولا أن يعترفوا بانتصارها في لبنان.
نحن المقاومة في لبنان نعتبر أن حقنا وصلنا عندما يقف أحد ويهنئ المقاومة في غزة ويعترف بها ويعترف بجدوى سلاحها، وصلنا حقنا. هذا ممتاز أن تقوموا به، بل أكثر من هذا، هناك شيء آخر أكثر امتيازاً أنا قرأته في الصحف، على ذمة الصحف، بعض الشخصيات التي ذهبت إلى غزة وعادت لتقول : لن نتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين. ممتاز، فنحن على أي شيءٍ مختلفون يا حبيبي! إذا كانت زيارتكم إلى غزة تجعلكم تعودون وتتحدثون بهذا المنطق "على حسابنا روحوا على غزة". طبعاً ، هذا الموقف عاطفي، وإن شاء الله يصبح موقفاً سياسياً لأن التيار السياسي الذي ينتمي إليه هذا المصّرح لا يقول هذا. هو يقول بمبادرة السلام العربية التي تعطي ثلثي فلسطين للإسرائيلي. أين كل شبر! لكن هذا جيد، هذا تطور ولو على المستوى العاطفي، على المستوى السياسي جيد.
في موضوع غزة والانتصار الذي حصل، أريد أن أقول تعقيباً، فنحن تحدثنا في الأيام السابقة، أريد أن أقول تعقيباً: تتذكرون في حرب تموز2006، التي استمرت 33 يوماً ماذا قيل بعدها؟ قيل: إسرائيل لم تنهزم، وحزب الله لم ينتصر، وإنما كان هناك خلل في القيادات. عمير بيرتس ماذا يعرف بوزارة الدفاع! رئيس الأركان قادم من القوة الجوية وهو لا يعرف أن يقاتل في القوة البرية! أولمرت، هو أيضاً رئيس بلدية لكنه تسلّم رئاسة الوزراء، لا، لا، هناك نقص في القيادة! وإلا فإن إسرائيل مقتدرة وقوية وعظيمة وقادرة أن تلحق الهزائم، وهذه "فلتة شوط".
هذا الكلام قيل لبنانياً وعربياً، من بعض اللبنانيين، لأنه لا يريد أن يعترف بانتصارك، يعني أنت لست قوياً وإنما هم أخطأوا، هذه "فلتة شوط". قام الإسرائيليون بتشكيل لجان، وفينوغراد، ولجان دراسة وتحقيق وإضافة إلى ذلك شكّلوا عشرات لجان التحقيق في الجيش الإسرائيلي كي تناقش تقنياً وفنياً وترى أين هي الثغرات والنواقص والعيوب، والذي يسمونه هم أخذ الدروس والعبر، وعملوا بعد 2006، وفي الحقيقة هم بنوا جيشاً جديداً، حجم الامكانات التي ضخت في الجيش الإسرائيلي، التجهيزات العسكرية التي أدخلت إلى الجيش الإسرائيلي. التدريب منذ عام 2006 وحتى الآن، لم يمر بتاريخ إسرائيل هذا الكم من التدريب والمناورات، عسكرية وأمنية وجبهة داخلية، وأن إسرائيل الآن استفادت من كل العبر والدروس وفي الحرب القادمة سوف "تمسح العالم".
حصلت حرب غزة نهاية 2008 وبداية 2009، يومها الذين ذهبوا اليوم وهنأوا في غزة قالوا غزة خسرت، مع العلم أن هذه لا تفرق عن تلك. أيضاً، ظهر أن الجيش ( الإسرائيلي) فاشل مع العلم أن وزير الدفاع حينها ربما كان باراك، رئيس الأركان أشكينازي وهذا طول عمره كان في القوة البرية كما كان قائد المنطقة الشمالية، واستفادوا ودرسوا ؟
الآن 2012 تدريب وأخذ دروس وعبر وتجهيزات وتسليحات وموازنات ضخمة وشاهدتم بأم العين، أيها الأخوة والأخوات، أيها اللبنانيون، أيتها الشعوب العربية، رأيتم بأم العين كيف أن صاروخين أو ثلاثة، ثلاثة صواريخ، اثنان سقطا في تل ابيب والثالث في ضاحية من ضواحي تل أبيب، ثلاثة صواريخ جعلوا نتنياهو وباراك ورئيس الأركان ووزير الجبهة الداخلية يركضون باتجاه الملاجئ و"يرفعون العشرة" أمام قطاع أعزل، أمام قطاع محاصر، أمام قطاع كشكل الكف ليس فيه جبال ولا وديان ولا تضاريس وجغرافيا تساعد المقاومة، هكذا كان واقع إسرائيل، "وعن جد" إسرائيل هُزمت في هذه المواجهة وتوسلت الحل، أليس هذا عبرة؟!
على ماذا يدل هذا؟ يدل على أن الذي حصل عام 2006 لم يكن "فلتة شوط" والذي حصل عام 2009 في قطاع غزة لم يكن "فلتة شوط"، لأن الذي حصل في الـ 2012 قبل أسابيع لم يكن أيضاً "فلتة شوط"، "يا عمي الشوط بيفلت مرة، بيفلت مرتين، بيفلت ثلاث مرات!؟" وهل نحن نلعب كرة القدم. هناك حكومات تسقط، هناك دول تقوم بتغيير عقيدتها القتالية. عندما نقول أخذ الدروس والعبر، يجب أن نسجل أن إسرائيل هذه القوية الجبّارة الواثقة المقتدرة المرعبة المخيفة، إسرائيل هذه انتهت وإلى الأبد.
هذا المسار الإنحداري بدأ منذ عام 2000، لمّا لحقت بهم هزيمة هم وصفوها بالهزيمة الاستراتيجية، الموضوع ليس موضوع الشريط الحدودي وكم طوله وعرضه وكم قرية فيه؟ أن تخرج إسرائيل من أرض عربية بلا قيد بلا شرط ذليلة مدحورة مهزومة تحت ضربات المقاومة هي الخسارة الإستراتيجية وهي المسمار في نعش إسرائيل الذي فتح الباب على بقية المسامير، والمسامير الآتية الباقية آتية إن شاء الله.
ختام أخير، لكل الذين تحدثوا خلال حرب غزة وبعد حرب غزة، وافترضوا وجود التباس ما في العلاقة بين بعض فصائل المقاومة الفلسطينية، بالتحديد حماس، مع حزب الله أو مع الجمهورية الإسلامية في إيران أو ما شاكل، وتعرفون ـ ما شاء الله ـ التحاليل.
كُتب الكثير من التحاليل، وأن المقاومة الفلسطينية عادت إلى الحضن العربي وخرجت من الحضن الإيراني وأن الراية عادت راية عربية وأن العرب يعودون الآن لاستعادة فلسطين وقيل الكثير عن موضوع العلاقات.
طبعاً، في التجربة، الانسان يعرف أن في الكثير مما يكتب أماني وليست وقائع، هي أماني وليست وقائع، لكن أود أن أقول كلمتين:
في موضوع غزة وموضوع فلسطين وعلاقة الجمهورية الإسلامية، طبعاً، نحن علاقاتنا طبيعية مع كل الفصائل ولم يختلّ شيء وليس هناك شيء أبداً، أطمئنهم.
في موضوع إيران، الجمهورية الإسلامية عندما قدمت وتقدم الدعم للشعب الفلسطيني، للمقاومة الفلسطينية، وخصوصاً في الداخل هي تقوم بواجبها العقائدي والديني والإنساني والأخلاقي ونقطة على أول السطر. وهؤلاء مسؤولو الفصائل الفلسطينية كلها، فليخرج أي واحد منهم ويقول خلال عشرين سنة، ثلاثين سنة، إيران طلبت منا شيئاً، هل تريدون شفافية أكثر من هذا؟ فليقل : إيران طلبت منّا شيئاً، إيران تدخلت معنا في قرار سياسي، إيران قالت لنا نفذوا عمليات أو أوقفوا العمليات، إيران قالت لنا صعّدوا أو لا تصعّدوا ، إيران قالت لنا اعملوا تهدئة أو ارفضوا التهدئة، إيران قالت لنا اعملوا مصالحة أو لا تعملوا مصالحة. إيران تدخلت في هيكليتنا التنظيمة أو صراعتنا الداخلية؟ أبداً. فليخرج أي واحد ويقول هذا.
طوال ثلاثين سنة الجمهورية الإسلامية تقدم الدعم للمقاومة الفلسطينية بلا قيد وبلا شرط، بل أقول لكم هي لم تكن تتوقع حتى شكراً، وكل قصة الشكر لها ملابساتها، هذه قصة ثانية نتحدث عنها في وقت آخر.
إيران تقوم بواجبها تجاه غزة. أنا أستطيع أن "أمون" على الإيراني، وأستطيع ، نتيجة المحبة مع سماحة السيد القائد، أستطيع حتى أن "أمون" على سماحة السيد القائد وأقول لكم: إذا الدول العربية تأتي إلى غزة وتعطي مالاً وتعطي سلاحاً وتنقل سلاحاً، وتعطيهم صواريخ وتدربهم وتنقل لهم تجارب عسكرية وتقوّيهم، نحن نحيي هذه الدول العربية ونشيد بها ونسير خلفها، وحينها يوفرون على إيران المال والسلاح، والذي كانت تعطيه لفلسطين نأخذه نحن.
لا توجد مشكلة. هناك أحد يفترض أنه آت لنزع فلسطين من إيران، لنزع القضية الفلسطينية من إيران، لأخذ قطاع غزة منها، هذه أحلام أطفال. إيران كل ما تريده في فلسطين أن يكون شعب فلسطين قوياً قادراً، أن يدافع عن نفسه وأن يستعيد أرضه.
أسعد الناس بانتصار الشعب الفلسطيني هي إيران وهي لا تريد شيئاً، لا تريد شيئاً من المقاومة الفلسطينية. والآن فليتفضلوا من يريد أن يحمل راية فلسطين؟ مصر الجديدة، يا ألله (فلتتفضل). الدول العربية، يا ألله (فلتتفضل).
ونحن أيضاً في حزب الله سوف نقف ونحيي كل دولة عربية وكل قائد عربي وكل رئيس عربي ونقول: نحن معك وخلفك أيضاً من أجل فلسطين، وتعود الراية العربية. لا يوجد لدينا أي تحفظ في هذا الموضوع على الإطلاق.
أعود مجدداً لأوجه الشكر لكل الأخوة والأخوات، لكل الحضور، بارك الله فيكم، إن شاء الله الخريجون والخريجات، الله يوفقهم ويفتح أمامهم آفاقاً جديدة ويعينهم ويوفقهم لكل خير وسعادة وعافية في الدين والدنيا والآخرة.