كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال إفطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية المركزي في المناطق اللبنانية
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال إفطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية المركزي في المناطق اللبنانية:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أحييكم جميعاً في أماكن اللقاء، في الضاحية، في بعلبك، في النبطية، في صور، وأشكركم على هذا الحضور الذي يعبر دائماً عن محبّتكم وتأييدكم ونصرتكم لهذه المقاومة ولطريقها ولشراكتكم الحقيقية في انتصاراتها وإنجازاتها.
يجب أيضاً في البداية أن أجدّد التبريك لكم جميعاً بشهر الله، بأيامه ولياليه العظيمة المباركة، شهر ضيافة الله سبحانه وتعالى، شهر التوبة والمغفرة والإنابة والرحمة.
في البداية أيضاً يجب أن أتوجه بالشكر إلى الإخوة والأخوات في هيئة دعم المقاومة الاسلامية رئيساً وأعضاء مجلس ادارة ومسؤولين وعاملين وعاملات ومتطوعين لخدماتهم الجليلة وجهودهم المتواصلة منذ عقود ومنذ سنوات طويلة في خدمة هذه المقاومة وفي نصرة هذه المقاومة.
وأيضاً في البداية يجب أن نتوجه في الأول من آب، في عيد الجيش، في عيد المؤسسة الوطنية الضامنة، إلى مؤسسة الجيش، إلى قائده وضباطه ورتبائه وجنوده أيضاً بالتحية والتبريك لهم بهذا العيد، بيوم التأسيس، بيوم الانطلاقة، ونأمل إن شاء الله أن يمنّ سبحانه وتعالى وأن يتعاون اللبنانيون جميعاً للحفاظ على هذه المؤسسة ودعمها وصيانتها وحفظ وحدتها وتقويتها لتستطيع القيام بالمسؤوليات والمهام الوطنية الجسيمة الملقاة على عاتقها.
أيها السادة والإخوة الكرام جميعاً: أنا أودّ في الوقت المتاح أن أتحدث في مسألة المقاومة من زاوية ما يُطرح منذ مدة. طبعاً جرت العادة أن أتكلم عن لبنان في إفطار هيئة دعم المقاومة وأتكلم عن فلسطين والوضع الاقليمي في مناسبات يوم القدس، ولذلك حديثي هذه الليلة يقتصر على بحث مسألة المقاومة في لبنان، ومنه سأدخل على الاستراتيجية الدفاعية، على طاولة الحوار، على ما يُطرح الآن من أفكار ومن مقولات وتحديد موقفنا في نهاية المطاف، بالاختصار الممكن إن شاء الله.
اولاً: لا يجادل أحد ـ إلا مكابر ـ أن إسرائيل هُزمت عام 2000 وانتصر لبنان وتحقق إنجاز تاريخي واستراتيجي، وإسرائيل خرجت مهزومة ذليلة بلا إنجازات وبلا ضمانات وبلا شروط. وأي كلام آخر كلام مجانين أو حساد، وهذه هي الحقيقة، فإذن نحن أمام نصر واضح وجلي وتاريخي .
ثانياً: لا يجادل أحد ـ إلا مكابر ـ أن الفضل والانجاز في هذا النصر بعد الله سبحانه وتعالى هو للمقاومة التي أنجزت، بدماء شهدائها وتضحيات مجاهديها وشعبها والتفاف من التف من اللبنانيين حولها، حققت هذا الانتصار. أيضاً هذا من الواضحات، لا مجتمع دولي ولا قرار 425 ولا جامعة الدول العربية ولا منظمة المؤتمر الاسلامي ولا أحد ايضا هذا لا ينكره إلا مكابر أو حاسد.
ثالثا: الكل أيضاً يعرف أنه بعد انتصار 2000، وعلى خلاف كل السيرة التاريخية، عادة حركات المقاومة عندما تنتصر تحكم. هكذا حصل في فرنسا وأيضاً بالجزائر وأيضاً بفييتنام وبكثير من دول العالم، إلا في لبنان لأن لبنان استثناء بكل شيء.
هذه المقاومة لم تطلب أن تحكم ولم تطلب سلطة ولم تطلب حتى حصة من السلطة، وإنما أهدت النصر للبنانيين وقالت للسلطة تفضلوا وتحملوا مسؤولياتكم عن الشريط الحدودي المحرر وقالت (ما يزال هناك) مسؤوليات كبيرة ملقاة على عاتقنا جميعاً يجب أن نواصل العمل من أجلها.
بعد هزيمة اسرائيل عام 2000 برز مطلب امريكي اسرائيلي، "وأيضاً إذا كان أحد يناقش أن هذا مطلب امريكي اسرائيلي يعني يكون في مشكلة"، المطلب الاميركي الاسرائيلي، وضعوه هدفاً ووضعوا له برنامجاً وخطة، وهو الانتهاء من المقاومة ومن سلاح المقاومة، انه خلصنا وهذه اسرائيل انسحبت فلننتهِ من هذا الموضوع باعتبار أن حزب الله كان يعتبر الفصيل الاساسي أو الأكبر في المقاومة في السنوات الأخيرة في التسعينات فصار الموضوع عنوانه نزع سلاح حزب الله، هو في الحقيقة نزع سلاح المقاومة وهم لا يريدون نزع سلاح حزب الله الذي ينفع كميليشيا، الذي ينفع بالحرب الاهلية، كل اللبنانيين عندهم سلاح خاص بالميليشيا وخاص بالحرب الاهلية.
السلاح الذي يُلحق الأذى بإسرائيل والذي يغير المعادلة مع إسرائيل والذي يحمي البلد والذي يمنع إسرائيل من أن تفرض شروطها على لبنان "هذا بدنا نخلص منه".
فمن يومه بعد 2000 أصبح هناك قضية في المنطقة والبلد والعالم وفي مجلس الامن والامم المتحدة اسمها نزع سلاح المقاومة أو بتعبير آخر نزع سلاح حزب الله، بعض القوى السياسية في لبنان تبنت هذا الهدف، الآن هل هي منتبهة أن هذا المطلب هو اسرائيلي اميركي أو غير منتبهة انا ليس لي في النوايا، لكن بالنتيجة هي تبنت هذا الهدف.
إذن صار عندنا قضية وأصبحنا أمام معركة سياسية جديدة، ليست معركة عسكرية، معركة سياسية جديدة وهي معركة إعلامية ومعركة رأي عام ومعركة تفاوض ومعركة نقاش وجدال في داخل لبنان ومعركة إرادات في داخل لبنان وخارج لبنان، اسم هذه القضية هو نزع سلاح المقاومة الذي هو مطلب اميركي اسرائيلي.
بعد العام 2000 عرضت علينا مساومات من جهات اميركية وغربية في موضوع السلاح، مساومات، لا أريد أن نضيع الوقت، انا تكلمت عنها سابقاً، لها علاقة بالسلطة، لها علاقة بالمال، ولها علاقة بالتسهيلات، وشطبنا عن لوائح الارهاب. ورفضنا ذلك كله لأننا كنا وما زلنا نرى في وجود المقاومة ضمانا وقوة للبنان وحماية لاهلنا وشعبنا الذي تخلى عنه (العالم) عام 1982 وإلى اليوم ما زال يتخلى عنه كل العالم.
أيضا في العام 2004 قبل صدور القرار 1559 عرضت تسوية لهذا الامر على سوريا ، وهنا أحب أن ألفت نظر اللبنانيين خصوصا جماعة 14 اذار انه في الوقت الذي كنتم تذهبون الى اميركا وفرنسا وكنتم مراهنين على بوش وعلى شيراك حتى يساعدكم ويخرج لكم السوريين من لبنان كان هناك تفاوض تحت الطاولة مع السوريين على رؤوسكم، على حسابكم، وعلى مشروعكم ايضا.
جاء حاكم عربي إلى الرئيس بشار الاسد (غير مأذون لي ان اصرح عن اسمه يمكن يأتي يوما هم السوريين يقولون) وعرض على الرئيس بشار الاسد ما يلي، في العام 2004 قال له "وكان واضحاً ظهور بداية ضغط اميركي وفرنسي واوروبي على سوريا كي تخرج من لبنان، وكانت حركة المعارضة تتصاعد في هذا الاتجاه في لبنان"، قال له تريد ان تبقى في لبنان، تقدر ان تبقى مئات السنين وأيضا يمكنك أن تدخل الى الجنوب اللبناني بعد منطقة الأولي مع انها كانت خط احمر ويمكنكم أن تدخلوا فرقة او فرقتين من الجيش السوري الى الجنوب وتنتشر في كل الجنوب الى محاذاة الحدود ..
الرئيس الاسد قال لهذا الحاكم العربي: جميل، وما هو المطلوب أو الثمن ما هو، أجاب الحاكم العربي: الثمن هو نزع سلاح حزب الله ونزع سلاح الفلسطينيين، اذا انت سوريا، الجيش السوري ينزع سلاح حزب الله وسلاح الفلسطينيين فلبنان لك، خذه، والتفويض الدولي لك في لبنان يبقى كما كان في الماضي واقوى واشد بل اكثر من هكذا، الخطوط الحمراء لانتشار القوات السورية تنتهي ولك ان تنشر فرقة اوفرقتين في الجنوب.
عندما كان في لبنان في ال2004 معارضة سياسية تطالب بخروج القوات السورية من لبنان هذا الحاكم العربي الذي هو من عرب اميركا جاء وقدّم هذا العرض، طبعاً في ذلك الوقت الرئيس الاسد رفض، كان لديه منطق،وهنا طبعاً أنا أحب أن أجيب بعض المثقفين الذين علّقوا على خطابي الأخير عندما قلت إن سوريا أعطتنا سلاحاً في حرب تموز أو قبل حرب تموز، أن سوريا جمعية خيرية، كلا، ليست جمعية خيرية "ما شاء الله على هؤلاء المثقفين" لا ليست جمعية خيرية، لكن سوريا عندها رؤية لحماية سوريا ولبنان من اسرائيل، منظور استراتيجي، عندها نظرة حول الأمن القومي السوري والعربي، ضمن هذه الرؤية الرئيس الأسد أجاب الحاكم العربي وقال له: "حسناً هاتان الفرقتان إذا أنا ارسلتهما إلى الجنوب وفي يوم من الأيام وقعت مشكلة مع الاسرائيلي أو جاء الاسرائيلي ليفرض شروطاً، أو لفرض تسوية ورفضنا، وأخذ الاسرائيلي القرار بأن يعتدي، عندها يستطيع في ساعتين أن يمسح الفرقتين في الجنوب، لا يوجد غطاء جوي، لا يوجد دفاع جوي في لبنان، في سوريا لديه دفاع جوي بينما وجود المقاومة الشعبية في لبنان هي التي تشكل عنصر القوة الحقيقي للبنان ولسوريا وللعرب، فهو ينظر إلى المقاومة في لبنان كما إلى المقاومة في فلسطين كجزء من استراتيجية أمن قومي عربي، ولذلك رفض هذه التسوية. بعدها، أُعلن عن القرار ال1559، وبدأ الضغط الدولي على لبنان وعلى سوريا لتنفيذ هذا القرار.
أيضاً أريد أن أذكّر أن سلفان شلوم، وزير خاريجية العدو الاسرائيلي في الحكومات السابقة، في ذلك الحين، في ال2004 قال: إن صدور القرار 1559 هو حصيلة جهود دبلوماسية طويلة ومضنية لوزارة الخارجية الاسرائيلية، من فمك أدينك، وهنا أريد أن أقول: من فمهم في لبنان أنا الليلة أريد أن أدين بعض اللبنانيين، إذا نحن أمام قرار إسرائيلي. بطبيعة الحال نحن رفضنا هذا القرار، ولكن بعض القوى السياسية اللبنانيّة تبنّت القرار 1559 وتبنّت مضمون هذا القرار. في ذلك الحين، وقبل إستشهاده بعدّة أشهر، بدأت لقاءات وجلسات طويلة بيني وبين الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تناقشنا في كل شيء، وصلنا إلى سلاح المقاومة أيضاً وناقشناه، محصلة النقاش كانت أن سلاح المقاومة في لبنان يجب أن يبقى إلى اليوم الذي ينجز فيه تسوية شاملة عربية إسرائيلية، أنا أتذكر أننا إختلفنا على الادبيات، وقتها قال الرئيس الحرير: إلى حين التوقيع على سلام عادل عربي إسرائيلي، اننا قلت له دعنا نصلّح العبارة، أنا أقول تسوية لا يوجد سلام عادل، نتحدث عن تسوية. وبعد إنجاز التسوية، أي أن سوريا تكون قد صالحت، لبنان صالح، الكل صالح، نجلس ونتفاهم ماذا نفعل بسلاح المقاومة، وعلى هذا الاساس كنّا نبني تحالفاً سياسياً.
في ذلك الحين استشهد الرجل وحصلت أحداث خطيرة في الداخل اللبناني عام 2005 وحصلت إنقسامات كبيرة. إلى ذلك الحين نحن كنّا نرفض أن ندخل في أي نقاش علني حول موضوع سلاح المقاومة، كنا نعتبر هذا خارج النقاش، لكن من أجل أننا كنا نريد أن نطّمن اللبنانين، ونريد ان نكون منفتحين ونريد أن نأخذ ونعطي في الكلام، ونريد أن نصل إلى نتيجة على مستوى الرأي العام الوطني، نحن في الحقيقة قدمنا تنازلاً، نحن قبلنا أن نناقش سلاح المقاومة في هذا الاطار أو ذلك الاطار، وإلا بالنسبة لنا الموضوع كان خارج النقاش، وهذا الامر حصل في التفاهم مع التيار الوطني الحر في شباط 2006، لما وصلنا أن هذا الموضوع أين يناقش، النص في التفاهم يقول: "في سياق حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية ومن خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل أعبائها والافادة من نتائجها.
حسناً، دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري كان قد دعا الى حوار وطني. انعقدت أول جلسة في آذار 2006. نحن شاركنا بدون أي تحفّظ، وكان على جدول أعمال طاولة الحوار البحث عن إستراتيجية دفاعيّة، والمقصود هو البحث في سلاح المقاومة، ولكن تارة نأتي ونقول نحن هنا للبحث في سلاح المقاومة وتارة جئنا لنحترم بعضنا ونقول لا نحن يوجد لدينا موضوع كبير موضوع وطني اسمه حماية لبنان وكيان لبنان ودولة لبنان وشعب لبنان، جئنا نناقش هذه الاستراتيجية التي من جملتها يناقش موضوع المقاومة وغير المقاومة. وذهبنا الى الحوار الوطني بصدق وجدية، بل بأمل كبير بإمكانية التوصل الى تفاهم وطني بعد التفاهم مع التيار الوطني، وبالحقيقة كان يوجد نوع من التفاهم الضمني بيننا وبين الرئيس سعد الحريري الذي كان قد قال لي وبحضور شهود إن كل ما إتفقنا فيه مع الوالد أنا سوف أكمل فيه، حسنا هذا الموضوع كان من الذي إتفقنا فيه مع الوالد، أن موضوع المقاومة سلاح المقاومة يستمر الى حين التسوية، وبعد التسوية في المنطقة نرى ماذا نفعل، وذهبنا الى طاولة الحوار حقيقة لنناقش بجديّة لأنه كان لدينا رؤية ولدينا منطق وحجة ودليل وتجربة، اسمها تجربة من ال1982 الى ال2000، تجربة المقاومة في لبنان وهزيمة إسرائيل في لبنان.
حسناً في طاولة الحوار كان النقاش الذي تعرفونه إلى أن وصلنا الى آخر نقطة، كان الاستاذ نبيه قد ترك هذه النقطة للأخير، لأنه كان يعرف أن هذه النقطة كان حولها مشكلة كبيرة، وصلنا الى هذه النقطة، دولة الرئيس قال لهم في الجلسة تفضلوا، وكان معلوماً مسبقا اننا اليوم نريد أن نناقش الاستراتيجية الدفاعيّة، تفضلوا ، لم يتفضل أحد، لا يريد أحد ان يناقش، فطلبت من دولة الرئيس أن أتكلم، وانا عرضت إستراتيجية دفاعية، رؤية حزب الله لإستراتيجية دفاع وطني، عرضت استراتيجية غير موجودة بين يديّ الان، وتكلمت بخلاصة شديدة عن العدو من هو العدو طبيعة هذا العدو أطماعه مقدراته أشكال عدوان هذا العدو، الاشكال التي يمكن أن يأخذها العدوان على لبنان، نقاط قوة هذا العدو، نقاط ضعف هذا العدو، كل هذا عرضته طبعا "لم نناقش فيه".
ثانيا لبنان المعتدى عليه المهدد، نقاط قوة لبنان ونقاط ضعف لبنان، يمكن أن يكون هناك من يستغرب، أن لبنان لديه نقاط قوة؟ أقول لهم إن في لبنان نقاط قوة، شعب لبنان من نقاط القوة في لبنان، الانسان من نقاط قوة لبنان، هذا الانسان، الرجال والنساء والكبار والصغار الذين رأيناهم على مدى عقود من الزمن، إرادتهم عزمهم إيمانهم وطنيّتهم شجاعتهم صبرهم عزمهم تحملهم ثباتهم هذا من نقاط القوة،الجغرافيا في لبنان (الجبال- الوديان، والتلال، والطرق المعقّدة، أحياناً حتى الحفريات، التي هي نقطة ضعف في مكان ما يمكن أن تكون من نقاط القوة)،هذه من الجغرافيا في لبنان، من نقاط القوة، المهم هناك نقاط قوة كما نقاط ضعف في لبنان، أيضا عرضناها وصولا إلى الخيار المتاح أمامنا، نحن بحاجة الى إستراتيجية دفاع كاملة، هذا النص الذي قلته أنا، عسكريا أمنيا دبلوماسيا سياسيا أقتصاديا إعلاميا تربويّا والبنية التحتية، النقاش ليس فقط في موضوع السلاح والعسكر، الامن القومي للبنان، الدفاع عن لبنان في مواجهة عدو بهذا الحجم يحتاج الى استراتيجية دفاع وطني تأخذ بعين الاعتبار كل هذه المجالات وكل هذه العناوين.
وعندما وصلنا الى العسكر قلنا إن هناك ركيزتين: جيش قوي ومقاومة شعبية قوية، وتنسيق وتكامل بين الجيش والمقاومة ضمن استراتيجة وطنية واحدة، وعرضت انه كان في تجربة ناجحة موجودة امامنا وهي تجربةعناقيد الغضب في 1996، المقاومة ماذا فعلت، الجيش ماذا فعل ، الدبلوماسية اللبنانية ماذا فعلت، ووصلنا إلى أن الاسرائيلي لم يقدر أن يحقق أهدافه، وحققنا تفاهم نيسان الذي اسس لإنتصار المقاومة في ال 2000 ، وهذا كان نتيجة جهد مشترك، عسكري وميداني وشعبي واعلامي وايضا دبلوماسي وختمت مطالعتي بكلام لدولة الرئيس سليم الحص "الله يطوّل عمره" كنت قد أحضرت في ذلك الوقت كلامه معي الى الجلسة، يقول: القضية هي حماية البلد والمقاومة هي حاجة ضرورية استراتيجية ملحّة للحماية، المشكلة أن سلاح المقاومة منحصر بيد فئة واحدة من طائفة واحدة، هذه هي المشكلة، كيف نوفق بين القضية والمشكلة؟ هذا الذي يجب أن نجد له حلاً، لدينا جيش، نريد جيشا قويا ونريد مقاومة ونريد تنسيقا بين الجيش والمقاومة في حدّها الاعلى هذا التنسيق لا يرقى الى الامرة، يعني لا نضع المقاومة تحت أمرة الجيش او أمرة الدولة، وإذا وصلت لحد الامرة ينتهي الجيش، يعني إذا صارت المقاومة تحت أمرة الجيش يضرب الجيش في أي مواجهة مع إسرائيل، هذا رئيس حكومة ورجل دولة ، لا مسؤول في حزب الله ولا متمسك بالسلاح ولا أي شيء. رأى المعادلة كلها وعاش كل التجارب وهو واكب إنتصار 2000، هو وفخامة الرئيس إميل لحود، ويقول لك: "نريد جيشاً قوياً ونريد مقاومة ونريد تنسيقاً بين الجيش والمقاومة في حدها الأعلى لا ترقى إلى الإمرة، فإذا وصلت إلى حد الإمرة ينتهي الجيش، وإذا ضاع الهامش بين الجيش والمقاومة فالتبعات سوف تتحملها الدولة".
واحدة من نقاط القوة التي طرحتُها على الطاولة هي هذا الهامش، الذي نستطيع نحن اللبنانيين أن نتحرك فيه، كدولة وكمقاومة، في مقابل إسرائيل وفي مقابل المجتمع الدولي، هذه الصيغة هي التي إستطاعت حماية البلد منذ الألفين إلى الوقت الذي كنا جالسين ونحن نتكلم، وبالتالي أتينا لنعرض هذا الأمر.
أنا أنهيت كلامي وقتها ـ الآن تقولون هل السيد أتى ليحكي لنا قصة، كلا، نريد أن نصل إلى نتيجة، لأن هناك أناساً إلى الآن يقولون إن حزب الله لم يعرض إستراتيجيته الدفاعية،هذا بلد عجيب غريب، هذا بلد الكذب فيه يرقى إلى مستوى الوقاحة، يعني يكذب الشخص فيه وهو يضحك، أول من قدم إستراتيجية دفاعية على طاولة الحوار كان حزب الله، أنتم لم تقدموا، خلصنا ـ فقام دولة الرئيس ليقول تفضلوا، كانت الجلسة في أول النهار وكان ما زال لدينا 3 – 4 ساعات، قال أحد الجالسين، لا أريد أن أقول أسماء: "هذا كلام مهم ويحتاج إلى تأمل ودراسة، أقترح رفع الجلسة ونُكمل فيما بعد"، الأستاذ وليد جنبلاط قال "ما قاله السيد مهم جداً، هناك جوانب تقنية ليس لدينا علم بها، وهناك جوانب سياسية حولها أسئلة الآن لا نستطيع طرحها، نحتاج إلى تفكير"، رفعت الجلسة، بعدها حدثت حرب تموز، وقبل أن ننقل إلى حرب تموز دعوني أحسم أمراً، وهو: نحن عرضنا رؤيتنا بوضوح، وبشكل علمي ومتين ودقيق لإستراتيجية دفاع وطني على طاولة الحوار، وسمعوها وسُجلت وأكثر من ذلك، الكل كان يُصغي والكل كان يكتب، والكل كان على رؤوسه الطير، في اليوم التالي تسرب شيء منه في الصحف، ولأنه كان مجتزأ، كان يوجد إفتتاح لمؤتمر حول ثقافة المقاومة، أنا طلعت وللشعب اللبناني كله، كل ما قلته على طاولة الحوار عرضته علناً، يعني حزب الله قدم رؤيته، إستراتيجية دفاع وطني على طاولة الحوار، وعلى الشعب اللبناني جميعاً، وبشكل مباشر وعلى الهواء، إنتهينا..، وكل كلام يقال إننا لم نقدم وأننا نتهرب من المناقشة لأننا لا نريد أن نُناقش هو وقاحة، ليس فقط كذب، هو وقاحة وإفتراء، ذهبنا إلى حرب تموز، حدثت الحرب وإنتهت الحرب إلى ما إنتهت إليه، وكل ما قلناه في عرض الإستراتيجية الدفاعية صار في الحرب، يعنى هذه الإستراتيجية طبقت في الحرب، الآن لا يوجد وقت لأُقدم لكم شواهد، لكن الإخوة كلهم يستطيعون الرجوع إلى النص الموجود في الصحف ويمكن إعادة نشره، في ذلك الحين أنا قلت لهم: "سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع أن يدمر أي جيش كلاسيكي، ليس لديه دفاع جوي في ساعات، ولكنه لا يستطيع أن يُدمر المقاومة، ولا يستطيع أن يحسم معركة مع المقاومة"، بعد 33 يوماً من الحرب خرج الإسرائيليون ليقولوا إن سلاح الجو لا يستطيع أن يحسم معركة مع المقاومة. لقد قلت لهم على الطاولة قبل الحرب: "المقاومة في أي مواجهة برية تستطيع أن تلحق هزيمة بجيش العدو، جيش العدو سوف يجد صعوبة في إحتلال جغرافيا، ولكنه لن يستطيع البقاء فيها"، هذا ما حصل في حرب تموز، عندما كنت أتكلم عن نقاط الضعف، قلت لهم: المستعمرات وحيفا والمصانع في حيفا والسياحة في الشمال وصولاً إلى الوسط، لما تنزل الإسرائيلي مليوني لاجيء إلى الملاجىء هذا يضغط على حكومة إسرائيل ويجعلها توقف العدوان، هذا حدث في حرب تموز، إنتهت الحرب إلى ما إنتهت إليه، إلى إعتراف واضح إسرائيلي بالهزيمة، وإنكار ممن راهن على الحرب، وسقط رهانه، إنكار حول الهزيمة.
حصلت أيضاً أحداث في الداخل، لها علاقة بالمحكمة الدولية ولها علاقة بالحكومة وبالإستقالة وبالمظاهرات، إلى أن كانت الدوحة ودُعي إلى إنتخاب رئيس جمهورية جديد، ودعا فخامة الرئيس ميشال سليمان إلى طاولة حوار، موضوعها الوحيد هو الإستراتيجية الدفاعية، لا يوجد موضوع آخر، وإستجبنا لهذه الدعوة دون شروط، وهنا بيت القصيد، أنا عرضت كل هذا العرض لكي أصل إلى هذا الجانب من الموضوع، إلى الآن عقدت عدة جلسات لطاولة حوار في قصر بعبدا، قُدمت أوراق، ما أحب أن أقوله لكم أيها الحضور الكريم، إلى كل اللبنانيين الذين يسمعونني، حتى هذه اللحظة لم تُناقش ورقة حزب الله عن الإستراتيجية الدفاعية، حتى هذه اللحظة، "يا عمي ما حدا ناقش، مش هو يقلك بدنا نناقش، ما حدا ناقش"، لا يوجد أحد جلس على طاولة الحوار أتى ليقول: "فلان بالجلسة الفلانية قال، العدو، هذه أشكال العدوان له، مش موافقين بدليل كذا.. وكذا ...، العدو عنده تهديد وأطماع للبنان، مش موافقين بدليل كذا.. وكذا..،العدو فلان قال أنه توجد نقاط ضعف ونقاط قوة ونحن مش موافقين، التقييم الحقيقي هكذا، في موضوع لبنان نقاط القوة ونقاط الضعف ليس صحيحاً ما قاله فلان..الخيارات في موضوع الجيش هكذا.."، لا يوجد نقاش!، حتى هذه اللحظة، هذه الورقة مقدمة يا إخوان منذ2006، قبل حرب تموز بأيام، حتى الآن لا يوجد أحد ناقش هذه الورقة على طاولة الحوار، ولا خارج طاولة الحوار.
أنا أقول لكم لماذا لم يناقشوا، ولن يناقشوا لا في طاولة الحوار ولا خارج طاولة الحوار، لأنه ليس المطلوب النقاش، يوجد شيء واحد مطلوب، كلكم تعرفونه، منذ 2000 وسيظل مطلوباً، طالما يوجد إلتزام مع أميركا ومع الغرب، لا أريد أن أقول مع إسرائيل، مع أميركا يوجد شيء واحد مطلوب، يوجد هدف محدد، نزع سلاح المقاومة، تأتي لتتكلم منطق "يا عمي الجيش الكلاسيكي هكذا والمقاومة هكذا ونقاط القوة هكذا ونقاط الضعف هكذا"، هذه تجارب الشعوب، أنظروا إلى الجزائر وأنظروا إلى فيتنام وأنظروا إلى أفغانستان، وأنظروا إلى ماذا حصل عندنا وأنظروا كذا...، (يكون جوابهم) لا نفقه ما تقول، لا نفقه ما تقول، أي كلام علمي وأي كلام له علاقة بالعقل وله علاقة بالمدارس وله علاقة بالتجارب البشرية، ليس له محل، والله كلنا نضيع الوقت، لماذا؟، لأن الطرف الآخر أخذ قراراً حاسماً: سلّموا السلاح وخلصونا من هذه الحكاية، لا يوجد سبب آخر، لم يكن النقاش يوماً على طاولة الحوار يهدف إلى حماية لبنان.
أنا اليوم في شهر رمضان وأحمل مسؤولية هذا القول في الدنيا وفي الآخرة، لم يكن الهدف حماية لبنان، 14 آذار ليسوا جالسين على الطاولة ليقولوا "عن جد تعالوا نرَ كيف نحمي لبنان، كيف نحمي أهل الجنوب كل أهل الجنوب، من حاصبيا إلى جزين إلى مرجعيون إلى بنت جبيل وإلى صيدا وصور والنبطية، كيف نستطيع أن نحمي البقاع الغربي وراشيا، وكيف نستطيع أن نحمي لبنان كله من البقاع إلى الشمال وإلى العاصمة والبنية التحتية والجبل"، أبداً، يوجد موضوع واحد،أسمه أميركا تريد السلاحات، أعطوها السلاحات، بهالتبسيط، قدمت أوراق من قبل بعض قوى 14 آذار ، إقرأوها، نُشرت في وسائل الإعلام، أولاً: لا يوجد فيها نقاش لورقتنا، ثانياً: لا تستند إلى تجارب، ثالثاً: هدفها شيء واحد، أعطوا السلاح للجيش ويعطيكم العافية، هذه هي الإستراتيجية الدفاعية لقوى 14 آذار، أريد أن أؤكد لكم أن هذا هو الهدف الحقيقي.
قبل أيام، قال أحد قادة 14 آذار العظماء: " لاتتعبوا قلبكم بطاولة حوار ولا إستراتيجية دفاعية"، أسمعوني جيداً، لا تعبوا قلبكم، يا فخامة الرئيس، هذا الشخص يقول ذلك لك، وليس لي،" لا تعبوا قلبكم نقاش وإستراتيجية دفاعية، غداً سيسقط نظام الرئيس بشار الأسد وسيضطر حزب الله إلى تسليم سلاحه". نقطة على أول السطر، إذاً الغرض هو تسليم السلاح، لم يأتِ ليقول: "غداً سيسقط نظام الرئيس الأسد (طبعاً بإعتقاده) وبالتالي نحن سنضطر أن نحمي لبنان وأهل جنوب لبنان وأهل بقاع لبنان وأهل شمال لبنان والبنية التحتية بلبنان بكذا وكذا وكذا..."، هذا آخر همه، ليس آخر همه أستغفر الله، هذا ليس في عقله أصلاً، ليس في همه أصلاً، همه سلاحات، ليروحوا إلى الأمريكان ليقولوا: نحن أدّينا ما طُلب منا تفضلوا، مسّكونا البلد وسلطونا على البلد، هذا دليل، كذلك عندما يقف أحد قادة 14 آذار ويقول:" إن الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية هو حوار طرشان"، هذا صحيح هو يعرف نفسه، لأنهم لا يسمعون، ولا يريدون أن يسمعوا، ولا مستعدين أن يسمعوا، لأنهم طرشان في هذا الموضوع، وليس نحن، نحن بالعكس، نحن مهتمون كثيراً أن نصل إلى إستراتيجية تحمي البلد حقيقةً، كل اللبنانيين أيديهم في النار، لكن الجالسين على الحدود أكثر أناس أيديهم في النار، وهم أكثر الناس معنيين بأن بلدهم وحكومتهم ودولتهم وقواهم السياسية تؤمن لهم إستراتيجية دفاع وطني وتؤمن لهم حماية وطنية.
وبالرغم كل هذه القناعة أنا أقول لكم، نحن لسنا في وارد مقاطعة طاولة الحوار، التي دعا إليها فخامة الرئيس مجدداً، ولا نريد تخريب هذه الطاولة، خلافاً لما يقوله البعض، أبداً على الإطلاق، وأي كلام آخر هو تحليل ليس له أساس، لكن نحن أيها الإخوة، بكل صراحة ووضوح، نرفض أن تتحول مشاركة ذاك الفريق في طاولة الحوار إلى مادة إبتزاز، لرئيس الجمهورية أو للحكومة أو للدولة أو للقوى السياسية، مادة إبتزاز لتحقيق أو لفرض شروط ليس لها علاقة بموضوع النقاش، بالداتا أو في غير الداتا، الذي يحصل الآن هو هذا، هو إبتزاز وهناك من يريد أن يخضع لهذا الإبتزاز، نحن نرفض ذلك، هل تعرفون هذا الوضع على ماذا يفتح الباب، الخضوع للإبتزاز، ولشروط أي طرف للمشاركة على طاولة الحوار، هذا يفتح الباب، أن هناك قوى أخرى، يمكن نحن نرى مثلاً أن هناك مطالب لم تتحقق، لها علاقة ببعض القضايا الخدماتية أو لها علاقة ببعض القضايا الأمنية أو لها علاقة بالتعيينات مثلاً، نأتي نحن لنقول: من أجل أن نطمئن ونرجع على طاولة الحوار، نريد واحد إثنين ثلاثة..، هيا يا فخامة الرئيس الآن نريد إياهم أن يتحققوا، وإذا لم تحققهم ففي أمان الله....
إذا كان هدف الحوار ـ وهنا أنا دقيق جداً ـ جاداً وصادقاً في التوصل إلى استراتيجية وطنية لحماية لبنان وشعب لبنان فهذا الهدف أقدس وأغلى من أي قضية أخرى ولا يجوز أن يعطّل لمصلحة أي قضية أخرى أمنية أو سياسية أو إنمائيّة أو خدماتية أو إدارية، ولكن أنا أقول لكم لم يكن الهدف هو هذا ولن يكون الهدف هو هذا.
اليوم يتم ابتزاز الدولة من أجل المشاركة في طاولة الحوار والهدف من العودة إلى طاولة الحوار هو تطيير الحكومة وليس حماية الحكومة، هم قالوا إنّ فريقنا حريص على طاولة الحوار لأنّه يريد أن يحافظ على الحكومة ويعوّم الحكومة، هذا خطأ، أولاً طاولة الحوار لا تعوّم الحكومة، الذي يُبْقِي الحكومة أو لا يُبْقيها هو إرادة سياسية، أي مكوّن من مكوّنات الأكثرية الحالية يرحل تسقط الحكومة، ولا ألف طاولة حوار تعوّم الحكومة، وهذا للذي يفهم بالسياسة، أمّا هدفكم أنتم من طاولة الحوار هو تطيير الحكومة والحديث عن حكومة إنقاذ وطني وحكومة حيادية وما شاكل، ونحن لم نطلب من فخامة الرئيس الدعوة إلى طاولة الحوار، اذهبوا وانظروا من طلب ذلك، طبعاً الرجل يملك الدوافع الوطنية الكافية والحرص الوطني ليدعو إلى طاولة حوار، ولكن أيضاً هناك عوامل مساعدة، انظروا من الذي طلب من فخامة الرئيس أن يجدد الدعوة إلى طاولة الحوار، هو الذي ألحّ عليكم أن تشاركوا وأنتم لم تكونوا تريدون المشاركة ولم نكن نحن ولا فريقنا السياسي الذي ننتمي إليه.
وأنا أحب أن أختم هذا الموضوع بما يلي: إذا انعقدت طاولة الحوار في أي وقت ـ بالرغم من كل هذه القناعة ـ نحن لن نقاطع طاولة الحوار وسنشارك فيها وسنذهب إليها، وإذا لم تنعقد ماذا نفعل؟ فبقاء هذه الحكومة وعدم بقائها ليس مرتبطاً بانعقاد طاولة الحوار.
الآن أنتقل إلى نقطة حساسة هي الآن موضع نقاش وهي ليست جديدة، هي مطروحة منذ سنوات ولكن الآن أُتِيَ بها إلى طاولة الحوار وطُلِبَ منّا الإجابة على هذه المسألة، وهناك أيضا من يُنَظّر لهذه الفكرة في وسائل الإعلام وبعضهم من بعض شركائنا في الأغلبية الحالية. البعض يقول هناك حلّان، نحن متفقون كلنا أننا نريد جيشاً قوياً، وهذا هو التحدي الحقيقي أمام النظام السياسي وليس أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هل يملك شجاعة وجرأة اتخاذ قرار بتسليح الجيش مِمّن هو جاهز لتسليح الجيش، يعني إيران التي هي جاهزة لتسليح الجيش مثلما سلّحت المقاومة؟
النظام السياسي وطاولة الحوار والدولة هل هي جاهزة لاتخاذ هذا القرار أم هي تخاف من أمريكا؟ الأمور هكذا. لدينا نظام سياسي يخاف من الأمريكيين وليس فقط في موضوع السلاح للجيش، حتى بموضوع معامل الكهرباء من إيران وحتّى بأي مساعدة ممكن أن تقدّم، وأنتم تذكرون كلكم عندما جاء الوفد الوزاري الطويل العريض الإيراني برئاسة نائب الرئيس الإيراني، مَنْ الذي جاء قبله قبل 24 ساعة وبشكل طاريء، (جيفري) فيلتمان، رسالة فيلتمان أنّه ممنوع التعاون مع الإيرانيين، إذا أرادوا أن يعملوا لنا كهرباء ويريدون تسليح جيشنا ويريدون تزفيت طرقاتنا ويعلموا لنا أنفاقاً وحلولاً لعجقة السير لأنهم عندهم تجارب كبيرة والجماعة جاهزين لجلب استثمار بمليارات الدولارات إلى لبنان، يا شعب لبنان هذه إيران التي يريدون أن يجعلوها لكم عدواً هي جاهزة للخدمة وجاهزة لأن توظف استثمارات هائلة في لبنان، ممنوع، النظام السياسي اللبناني لا يجرؤ لأنّ هناك فيتو أمريكي، أتى الأمريكيون وقالوا ممنوع وإذا تعاملتم فإنّ كل النظام المصرفي اللبناني نعطّله تحت عنوان خرق العقوبات مع إيران.
البعض يقول فلنعطِ سلاح المقاومة للجيش فيصير لدينا جيش قوي و "بتنحل القصة، بسيطة يا جماعة"، لماذا الأمر بحاجة إلى طاولة حوار ونقاش؟
أسأل سؤالاً: إذا أعطينا سلاح المقاومة للجيش وأصبح لدى الجيش سلاح ضد الدروع الخاص بالمقاومة وعنده الصواريخ الخاصة بالمقاومة مثل زلزال ورعد وخيبر وهذه الأسماء التي عادة نحكيها، حسنا أين سيضعهم الجيش وأين سيوضّبهم وأين سينصبهم، هل سيظلون مخفيين عن إسرائيل أم ستعلم بمكانهم، هذا الجيش الذي ليس لديه سلاح جو وليس لديه سلاح دفاع جوي لأنّه جيش رسمي كلاسيكي نظامي. بطبيعة الحال جيش مكشوف لا يقدر على التخفّي مثل المقاومة، مثل أولاد الضِيَع، يطلع الطيران ويمسحه بساعتين، هل هكذا نكون نحمي لبنان، مع احترامي للجيش، نحن إذا كنّا جيشاً نظامياً يمسحنا بساعة، والجيش يمسحه بساعتين ! هذه هي الحقيقة. من يتحدث عن تسليم سلاح المقاومة للجيش هو يضيّع المقاومة ويفرّط بالجيش، والبعض أصلا لا يؤمن بمقاومة ولا يؤمن بالجيش.
ثانيا تريدون لبناناً قوياً نحن جاهزون للذهاب إلى إيران ونأتي بسلاح مثل سلاح المقاومة للجيش اللبناني، و"بيصير عندنا" جيش قوي ومقاومة قوية وهكذا نحمي بلدنا. إذا هذا الطرح أيضاً يؤكد لكم من جديد ـ الشيء الذي بدأت فيه بعد عام 2000 ـ الذي يقول سلّموا سلاح المقاومة للجيش ليس هدفه حماية لبنان وإنّما هدفه التخلص من سلاح المقاومة .
بعد اليأس من تسليم السلاح، ماذا نفعل والضمير يعود إليهم، حرب تموز وبعد حرب تموز، أقمنا الدنيا عليهم وشتمناهم وخونّاهم (للمقاومة). اتهمونا (للمقاومة) بأننا مذهبيون وسلطويون ونريد الإمساك بالبلد ونريد احتلال البلد ونريد مسك البلد "وبدكن تسوّو وبدكن تعملو"... وما مشي الحال
أنا أحاول تبسيط الأمور من أجل الرأي العام، حسنا دعوا يا حزب الله ويا مقاومة سلاحكم معكم، لكن ضعوه تحت إمرة الدولة، كلام جميل ولطيف، معقول "إذا بتنحل هيك عال، وخلص المشكل في البلد"، هل الموضوع موضوع مشكل أم موضوع حماية البلد، نحن نقول فليكن هناك نقاش علمي والموضوع موجود على الطاولة ومطروح أسئلة وهذه الأسئلة بالحقيقة هدفها الوصول إلى هذه النقطة.
قبل قليل قرأت لكم كلام الرئيس الحص، عندما نضع المقاومة تحت إمرة الجيش أو الدولة، أول شيء طار الهامش ، ثانيا وهو الأهم ـ وأكتفي بملاحظة واحدة وبقية الملاحظات إذا صار هذا النقاش على طاولة الحوار إنشاء الله أخونا الحاج أبو حسن هو الذي يناقش ـ اليوم الذي يحمي لبنان هو توازن الردع مع إسرائيل وتوازن الرعب مع إسرائيل.
يعني مثلما لبنان يخاف من إسرائيل لأنّه لديها أقوى سلاح جو في الشرق الأوسط ولأنّه تقدر على التدمير، كذلك إسرائيل اليوم خائفة من لبنان، وطبعا لبنان اليوم لم تعد قصته تنحل بفرقة موسيقية ودربكة، فهناك أناس مشغولين بالدربكة وهناك أناس يوضّبون الصواريخ، وإسرائيل ترى الذين يوضّبون الصواريخ وخائفة منهم بطبيعة الحال، اليوم الإسرائيلي بكل وضوح يرى تهديداً إذا نظر إلى لبنان، إذا ضربت لبنان والبنية التحتية في لبنان من مطار وميناء ومحطة كهرباء وضربت ضيعة وقتلت أناساً وارتكبت مجزرة هناك من يرد ويستطيع وكل الذي قلته في الخطابات السابقة أتى مصادقة عليه من الإسرائيليين وطبعا أنا لست طالباً منهم المصادقة، لكن مصادقتهم أيضاً هي مهمة، مهمة أنّ الرسالة وصلت وأنا أريد أن تصل هذه الرسالة ونحن نريد أكل العنب ونريد أن نحمي البلد. عندما يقول الإسرائيلي أنه صحيح إذا ضربنا مطار بيروت سيضربون (المقاومة) مطار تل أبيب ويقدرون على ذلك، إذا عملنا حصاراً على لبنان يقدرون على ضرب السفن الآتية وهذا يخرّب لنا اقتصادنا، إذا ضربنا الضاحية أو مدناً أخرى يقدر أن يطال القصف أي مدينة في فلسطين المحتلة، إذاً هو مقتنع أننا نقدر، هذا هو توازن الردع.
ما الذي يؤمن هذا التوازن؟ ليس فقط وجود السلاح، بل خشية إسرائيل مِمّنْ يملك هذا السلاح، الإسرائيليون يقولون إنّ حزب الله إذا ضربنا مطار بيروت بعد نصف ساعة يضربون مطار بن غوريون، إذا ضربنا الميناء يضربون الميناء، إذا ضربنا محطة كهرباء يمكن أن يضربوا محطة كهرباء فوراً ويملكون الجرأة، هذه المقاومة تملك شجاعة وجرأة أن ترد على هذا العدو.
عندما نجلب هذا السلاح ونضعه تحت إمرة الدولة، الدولة التي ليست قادرة على حل مشكلة مياومين، الدولة التي ليست قادرة على أن تفك اعتصام، الدولة التي ليست قادرة على حل أصغر مشكلة في البلد، أياً كانت حكومتنا أو حكومة غيرنا. هذا واقع الدولة في لبنان.
قرأت كتاباً لأحد المثقفين عن تاريخ لبنان يقول " أنا استغربت أن هناك حكومات في السابق كانت تفرط لأنهم يختلفون على تقييم قطعة أرض" اختلفوا في الحكومة على تسعير قطعة أرض مثلاً فاقترحوا سعر مئة ليرة فرد صاحب الأرض بطلب 150 ليرة فرفضوا وقالوا نعطيك مئة ففرطت الحكومة، طارت الحكومة التي كانوا يقولون عنها: رجال دولة، وقامات كبيرة وعظيمة! هذه تركيبة بلدنا.
هذا البلد الذي نظامه نظام طائفي هو أعجز عن أن يتخذ قراراً في هذا المستوى، حتى بالدفاع. نحن ندعي ونقول في اللحظة التي يصبح فيها السلاح تحت إمرة الدولة يفقد قدرته على الردع والرعب والخوف. الإسرائيلي يضع قدميه في ماء باردة لماذا؟ لأنه يعرف أن الأميركيين سوف يرفعون السماعة ويقولون للدولة اللبنانية : الإسرائيليون ضربوكم، ممنوع أن تردوا، إذا رديتم، نضع عقوبات عليكم وعلى نظامكم المصرفي؟ (فيأتي الرد اللبناني) "لأ دخيلكم". هكذا هي الدولة اللبنانية دائماً، وهذا ليس له علاقة بالشخصيات الموجودة في الدولة. لا أحد يفهم مني، لا توهين بأحد ولا تجريح بأحد. هذا نظامنا السياسي، نظامنا السياسي عاجز، رؤساؤنا ووزراؤنا قد يملكون الشجاعة، قد يتفاوتون في امتلاك الشجاعة، لكن آليات اتخاذ القرار في هذا النظام، آليات معطلة، آليات عاجزة، وبالتالي لا يعود هناك توازن ردع وتوازن رعب مع الإسرائيلي. يأتي الإسرائيلي ويستبيحنا، هذا فضلاً عن التبعات الأخرى التي يمكن أن تحصل أو تتحقق. في توازن الردع، يجب أن يبقى العدو قلقاً وخائفاً، ويجب أن لا يطمئن لحظة، ويجب أن يفهم في حساباته أنه إذا أراد أن يعتدي عليه أن يحسب ألف حساب. إذا لم تكن الأمور على هذا الشاكلة لا يوجد توازن ردع حتى لو كان لديك هذا السلاح. هذه وجهة نظرنا وهذا رأينا نقدمه على طاولة الحوار، ونحن نرى أن الاستراتيجية الحقيقية المتناسبة مع الظروف الحالية في وجود هكذا دولة وهكذا تركيبة وهكذا وضع في لبنان وهكذا وضع في المنطقة هو وجود جيش قوي ومقاومة قوية وتكامل وتنسيق وتناغم بينهما. النص العائد للرئيس سليم الحص نتبناه بالمطلق.
أود أن أشير لقول بعض قادة 14 آذار.. الإمام علي (ع) يقول "ما أخفى الإنسان من شيءٍ إلا وظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه"، واحد من هؤلاء يقول : إذا عجزنا عن أن ننزع سلاح حزب الله سوف نجعل هذا السلاح يصدأ في مخازنه". بكل شفافية إذا وضعنا هذا السلاح تحت إمرة الدولة، سيصدأ في مخازنه. نحن لا نقول أن تذهب المقاومة وتصنع حرباً، نحن نتحدث عن تنسيق وتناغم وتكامل بين المقاومة والجيش في إطار استراتيجية وطنية واحدة.
النقطة الخاتمة، الحديث عن استراتيجية تحرير نكون قد انتهينا من كل هذا البحث. يبقى هناك جزء من البحث له علاقة بمشكلة السلاح والطائفة والفئة المحددة والمذهب واستخدام الفتنة المذهبية لنصل إلى نتيجة اسمها "فلنلغِ سلاح المقاومة"، هذا أدعه إلى مناسبات أخرى، لأن هذا أيضاً من الاستحقاقات الجدية الموجودة الآن في مقابلنا.
الحديث عن استراتيجية التحرير هو ليس جديداً. نحن منذ سنوات تحدثنا كما نريد استراتيجية دفاع نريد استراتيجية تحرير. والآن، أنا أعود وأقول: نعم، نحن في آن واحد نحتاج إلى استراتيجية تحرير وإلى استراتيجية دفاع، إلى استراتيجية دفاع لأن لبنان مهدد وهناك أطماع إسرائيلية وكل يوم تخرق إسرائيل أجواءه وتعتدي عليه وتدخل إلى أرضه.. إذاً هو محتاج لاستراتيجية دفاعية، وأيضاَ هو محتاج إلى استراتيجية تحرير. هناك مزارع شبعا تحت الاحتلال، هناك تلال كفرشوبا تحت الاحتلال، هناك الجزء اللبناني من بلدة الغجر تحت الاحتلال، هذه الأراضي تحتاج إلى تحرير، لكن لا أحد يتحدث عنها. إذا كانت القصة قصة سيادة، ما هو الفرق بين أن يحتل العدو الف متر أو مليون متر أو عشرة آلاف كيلومتر، إذا كان الموضوع موضوع سيادة، ألا يقولون أن السيادة لا تتجزأ. أريد أن أرى هؤلاء السياديين أين تقع بقية الأرض المحتلة في عقلهم، وأين في قلوبهم، وأين في ثقافتهم، وأين في أدبياتهم، وأين في خطابهم السياسي، واين في برنامجهم السياسي؟ (الجواب) خارج الموضوع. أساساً عندما كان الشريط الحدودي محتلاً ، ليس بعض الجبال والتلال ونصف ضيعة، عندما كان الشريط الحدودي محتلاً وهناك أناس من كل الطوائف، وكان يعتدى على بقية الجنوب من كل الطوائف، هناك قوى سياسية ما كان يعني لها الشريط شيئاً، لا في عقلها، ولا قلبها ولا في عاطفتها ولا في خطابها ولا في أدبياتها ولا في برنامجها السياسي. هل تريدون أن نتحدث عن تلال ووديان ونصف ضيعة؟ يمكن أن يسخّفوا الموضوع بهذه الطريقة، لكن إذا تحدثنا في منطق السيادة لا توجد مساحة طول وعرض، هناك أرض لبنانية محتلة. يأتي ويقول لك طيب ما اتفقنا أو بدنا ترسيم حدود في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. طيب هذه الغجر لا تحتاج إلى ترسيم حدود، محسومة.
نعم نحن نحتاج إلى استراتيجية تحرير، ونطالب بهذه الاستراتيجية، ونطالب طاولة الحوار بوضع استراتيجية تحرير كما تضع استراتيجية دفاع، ونصر على هذا السؤال، وإذا كانت الدولة لا تريد أن تضع استراتيجية تحرير وتريد أن تتخلى عن هذه المسؤولية حينئذ، وحتى أكون واضحاً، الرسالة الأخرى في هذا الخطاب لأكون واضحاً، من حق الشعب اللبناني، من حق أهل إقليم العرقوب، من حق أهل الجنوب، من حق أي أحد في لبنان أن يأتي ويقول هناك أرض لبنانية محتلة والدولة غير سائلة عنها ولا احد يسأل عنها وهذا واجب وطني وقومي وديني وشرعي وأخلاقي ونحن نريد أن نقوم بالواجب. هذا من حقهم. لكن هل أدعو إلى هذا أو لا أدعو إلى هذا ، دعوه لوقت آخر. لكن تخلي الدولة عن وضع استراتيجية تحرير هذا يعني إيكال المهمة من جديد إلى الناس. لأن المقاومة انطلقت سنة 1982 لأنه لم يكن هناك دولة تحرر الأرض. جاء الناس وصنعوا مقاومة، وإذا في بقية الأرض الدولة لا تريد أن تحمل مسؤولية ستأتي الناس تحرر الأرض. أيضاً ، هذا استحقاق كبير.
طبعاً أعود لنفس النقطة لأختم فيها وأقول: تعرفون لماذا لا يريدون نقاش استراتيجية تحرير ونحن نطالب بهذه الأمر منذ سنوات عدة، لأن نقاش استراتيجية تحرير سيؤدي إلى تثبيت المقاومة، بينما استراتيجية دفاع تهدف إلى إلغاء المقاومة. نحن ليس هذا هو موضوعنا على الإطلاق، نحن موضوعنا وطني أخلاقي إنساني.
اليوم في حفل الإفطار هذا، أنتم تجتمعون، تلتقون لتدعموا مقاومة، أولاً ثقافة ونهج مقاومة وليس فصيل، ثقافة مقاومة وفكر مقاومة ونهج مقاومة، نعم نحن فصيل من فصائل هذه المقاومة، ولكن هذه المقاومة اليوم باتت تمثل كل هذا التاريخ، كل هذا التراث، كل هذا الفكر، كل هذه التضحيات الجسام لشعبنا وأهلنا ومقاومتنا بأحزابها وفصائلها المختلفة، إسلامية ووطنية، والجيش اللبناني وكل الشعب اللبناني، وبالتالي، نحن الذين انطلقنا في هذه المقاومة، نحن لسنا عبدة سلاح، ولسنا حتى عبدة أرض، ولسنا عبدة كيانات، ولسنا عبدة أوطان، نحن عبدة الله سبحانه وتعالى، ولكن الله سبحانه وتعالى، رب شهر رمضان، عندما خلقنا فطرنا كبشر على الكرامة على الشرف على العزة على النزاهة، ورفض لنا بالفطرة أن نعيش أذلاء، أن نقبل أن يحتل أحد أرضنا، أو أن يقهر أحد شعبنا أو أن يزج أحد شبابنا ونساءنا في السجون، في أصل الفطرة ، في التكوين وفي التشريع، أمرنا أن نقاتل المحتلين حتى لو كان لا يوجد توازن قوة، لأن هذه معركة دفاع. الموضوع بالنسبة لنا، موضوع وجودي، فطري، أخلاقي، شرعي، ديني، فكري، حضاري قبل أن يكون قصة كم شبر أرض وكم نقطة ماء وكم قطعة سلاح. هكذا نقارب الموضوع، ولذلك، نرفض أن يقارب هذا الموضوع من زاوية السلاح ونزع السلاح، نقبل ونتعاون ونناقش ونحرص أن نصل إلى نتيجة عندما يكون أطراف النقاش والحوار يريدون فعلاً حماية لبنان وشعب لبنان وكرامة لبنان وسيادة لبنان ودماء اللبنانيين وأموال اللبنانيين وأعراض اللبنانيين وكرامات اللبنانيين ، نعم، نحن مستعدون لأكثر من النقاش، للتفاهم، وأن نكون دائماً الجنود في الصف الأول، وأن نكون المضحين في الصف الأول كما كنا في السابق، هذه هي مقاومتنا، هكذا كانت وهكذا ستبقى.