كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة نشرٍ لمقاطع من فيلمٍ مسيءٍ لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم 16/9/2012
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة نشرٍ لمقاطع من فيلمٍ مسيءٍ لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم 16/9/2012
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..
حديثي هذه الليلة سيتناول بشكل أساسي ما شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية من نشرٍ لمقاطع من فيلمٍ مسيءٍ لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والإحتجاجات التي بدأت في العالم العربي والإسلامي. أريد أن أقف أمام هذا الحدث الكبير والخطير، أولاً في فهمه، وثانياً في مواجهة أهدافه، وثالثاً في طريقة التعاطي معه، التي يجب أن نتحمل فيها المسؤولية جميعاً.
أولاً: ما حصل، يعني هذه الدقائق القليلة التي تم نشرها على مواقع الإنترنت المختلفة، وشاهدها أظن الملايين من الناس في العالم، عشرات الملايين، مئات الملايين لا نعلم، لأن هذا متاح للجميع، وما في هذه المشاهد من إساءة لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إساءة للنبي نفسه، إساءة لعرض النبي وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإساءة للقرآن الكريم ككتاب سماوي، وإساءة للإسلام كدين، هذه هي الحقيقة، الدقائق القليلة التي شاهدناها هي تعبر عن إساءة في كل هذه الإتجاهات.
أنا أعتقد أن هذا المستوى من الإساءة هو كبير جداً وخطير جداً، بل استطيع أن أدّعي أنه لم يسبق له مثيل حتى الآن. حتى ولو أردنا أن نقيس الأمر بكتاب آيات شيطانية للمرتد سلمان رشدي، أو لما نُشر في بعض الصحف الأوروبية من رسوم مسيئة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو عمليات إحراق بعض نسخ القرآن في أميركا، لكن ـ وهذه كلها أمور كبيرة وخطيرة ـ لكن ما نحن فيه الآن، هو أكبر وأخطر.
في موضوع كتاب آيات شيطانية في نهاية المطاف، هذا الكتاب لم يصل، لم يتحقق في متناول يد الكثيرين، من يطّلع على مضمونه يحتاج إلى أن يشتري الكتاب وأن يقرأ الكتاب، أو (أن يبحث عنه) إذا كان موجوداً على الإنترنت. في الرسوم المسيئة هي مسيئة في إتجاه محدد. في حرق القرآن مفهوم أبعاد الموضوع، ولكن نحن هنا أمام فيلم ومشاهد يفهمها الصغير والكبير ولا تحتاج إلى لغة، وفي متناول اليد من خلال شبكات الإنترنت الموجودة في كل أنحاء العالم.
إذاً، في المضمون وفي الشكل وفي المتاح، ما حصل وما يحصل الآن هو كبير وخطير جداً. والأسوأ من ذلك، هو إصرار المواقع الإلكترونية التي تنشر هذه المقاطع وهذه المشاهد على مواصلة بثها ونشرها وعدم التوقف عن ذلك.
هذا حدث خطير جداً في مسار الحرب على الإسلام والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والإساءة إليهما، وهذا يتطلب موقفاً كبيراً من الإمة الإسلامية العظيمة بمستوى الخطر والعدوان، لأن أعظم ما ننتمي إليه، وأقدس ما ننتمي إليه، وأشرف وأعز وأكرم ما ننتمي إليه بعد الله سبحانه وتعالى، هو رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل أنا أعتقد أكثر من ذلك أن ما حصل هو أخطر من حادثة إحراق المسجد الأقصى عام 1969. في عام 1969 عندما احرق جانب من المسجد الأقصى، تداعت الدول العربية والدول الإسلامية، وعقدت قمة على مستوى رؤساء والملوك والأمراء والحكام، وتأسس من خلالها أيضاً منظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي. السكوت عن هذا المستوى وهذا الحجم من الإهانة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليوم هو أخطر.
أقول لكم أخطر من ذلك: الأمة التي تسكت عن إساءة لنبيها بهذا المستوى وهذا الحجم وهذه السعة من الإساءة هي تعطي رسالة خاطئة للإسرائيليين، أن بإمكانكم ان تهدموا المسجد الاقصى لأنكم أمام أمة نائمة وعاجزة عن فعل أي شيء.
اليوم الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو دفاع عن كل المقدسات، هو دفاع عن المسجد الأقصى، وهو دفاع عن كل الأنبياء، عن إبراهيم وموسى وعيسى المسيح، هو دفاع عن كل الديانات السماوية، وعن كل الكتب السماوية، ولذلك في فهمنا لحجم الموضوع، يجب أن تترتب المسؤوليات، وان لا نتعاطى مع هذا الأمر كمسالة عابرة أو مسألة يمكن القفز فوقها، والتعاطي معها كبقية الأحداث العادية التي تجري من حولنا في العالم.
ثانياً: في طريقة تعاطي والمواجهة: في مواجهة أي عدوان ، يعني عندما نتكلم على مستوى التفكير الصحيح، في مواجهة أي عدوان على شعب وعلى أمة، سواء كان هذا العدوان عسكرياً أو كان هذا العدوان سياسياً أو فكرياً أو ثقافياً أو إقتصادياً، عادةً يتم العمل على خطين:
الخط الأول: هو معرفة الأهداف من العدوان والعمل على تعطيلها وعلى إفشالها، يعني منع العدوان من تحقيق أهدافه.
الخط الثاني: هو العمل على منع تكرار هذا العدوان في المستقبل، يعني سد الباب نهائياً، إفهام المعتدي بأن لا يعود إلى مثل هذا الإعتداء أو إلى مثل هذه الخطيئة أو إلى مثل هذه الجريمة، عادةً يُعمل على هذين الخطين.
أتحدث في البداية عن الخط الأول، هناك أهداف لهذه الإساءة المتكررة للإسلام ولرسول الله ولكتاب الله العزيز. يمكن أن نضع مجموعة أهداف مفترضة، الوقت لا يتسع الآن لأتحدث عنها بأجمعها، لكن أريد أن أقف عند أحد الأهداف الخطيرة، وهو إيقاع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، جر المسلمين والمسيحيين إلى صراع ديني طائفي دموي على إمتداد العالم، هذا من الأهداف الثابتة لهذه الأشكال من العدوان التي تُمارس بين الحين والآخر.
والذي يؤكد هذا المعنى، من يقف خلف هذا النوع من الإعتداءات، يمكن أن نتحدث عن الحركة الصهيونية، ويمكن أن نتحدث عن بعض الجماعات اليهودية، وعن إسرائيل، لكن في الواجهة من يجب أن يكون؟ يجب أن يكون إما مسلماً مرتداً كسلمان رشدي أو مسيحياً، في حادث إحراق نسخ من القرآن الكريم ، يتقدم رجل دين مسيحي جونز ليفعل ذلك على مرأى ومسمع من العالم.
في هذا الفيلم المسيء، كاهن قبطي يُسمى فلان، لا أريد أن أذكر أسمه، لأنه يجب التثبت من هذه المعطيات الإعلامية، لكن الأمر يُنسب إلى كاهن قبطي، وإلى جمعية مسيحية قبطية في الولايات المتحدة الأميركية، لماذا يتم الدفع بكهنة ورجال دين وجمعيات مسيحية إلى الواجهة ليتم باسمها هذه الإساءة إلى الإسلام وإلى نبي الإسلام وإلى الأمة الإسلامية؟
هذا الأمر مقصود ومتعمد، لأن هؤلاء يتصورون ـ كذلك في الصحف الأوروبية ورسامين الذين رسموا صوراً مسيئة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ هؤلاء يفترضون أن المسلمين عندما يُشاهدون هذه الأفلام وهذه الرسوم سيغضبون لنبيهم ولقرآنهم ولدينهم، وباعتبار أن عقل الثأر والإنتقام والغضب والإنفعال يستعجل الأمور، تُتهم أطراف مسيحية فيُعتدى على مسيحيين، وعلى الكنائس المسيحية، وعلى مقدسات المسيحيين،وعلى الرموز الدينية للمسيحيين، وندخل كمسلمين ومسيحيين في حرب طائفية ودينية دامية، وتجلس إسرائيل والحركة الصهيونية اليهودية، والصهيونية المسيحية أيضاً في برجها العاجي لتشاهد الأشلاء، المساجد والكنائس التي تُحرق، أشلاء الأجساد من الرجال والنساء والولدان مسلمين ومسيحيين هنا وهناك، وتتحقق غاياتهم البعيدة.
بحمد الله عز وجل هنا يجب أن نُسجل أنه بسبب طريقة تعاطي القادة الروحيين والسياسيين من مسلمين ومسيحيين مع هذا النوع من الأحداث سابقاً.
في مواجهة هذا الحدث الجديد إنصب غضب الشعوب العربية والإسلامية على سياسات الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ولم يذهب الغضب باتجاه المسيحيين، وهذا مؤشر ممتاز جداً وإيجابي جداً ، لأنه يُعبر عن الوعي الكبير لدى المسلمين ولدى المسيحيين على حدٍ سواء. الجميع كانوا قلقين على مصر بالدرجة الاولى، لأن من نُسب إليهم الفيلم المسيء هم كما قيل في وسائل الإعلام أقباط مصرييون، ومن الواضح أن هناك من يدفع الأمور في مصر إلى قتال بين المسلمين والأقباط.
في كل الأحوال، اليوم أيضاً مُسارعة قادة مسيحيين دينيين وسياسيين وفي مقدمهم البطاركة الكبار للطوائف المسيحية في المشرق إلى إدانة هذا الفيلم المسيء، أيضاً أعتقد أنه كان له أثرٌ حاسم في تعطيل هذا الهدف، باعتبار أن هذا العدوان من المتوقع له أن يستمر بأشكال مختلفة في المستقبل ولم ينتهِ ، لأن المشاهد ما زالت موجودة على الأنترنت، وما زال المنتجون والمسؤولون عن هذا الفيلم يُهددون بأنهم سينشرونه كاملاً، ويتحدثون عن ساعتين من البث، إذا كانت 12 دقيقة لا يطيقها قلب الإنسان، ولا يتحملها إنسان، فكيف إذا كانت ساعتين؟!
أمام العدوان المستمر والذي من المتوقع أن يتجدد بأشكال اخرى، يجب تأكيد هذا الوعي لدى المسلمين ولدى المسيحيين، وعدم السماح بالاندفاع نحو الفتنة في أي بلد وفي أي ساحة وفي أي مكان من هذا العالم. الذي يجب أن يؤاخذ وأن يُحاسب وأن يُعاقب وأن يُحاكم وأن يُقاطع هو المسؤولون المباشرون عن هذا الفيلم ومن يقف وراءهم ومن يدعمهم ومن يحميهم، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية. كذلك بالمناسبة عندما نجد في بعض البلدان إعتداءات تقوم بها جماعات تُنسب إلى الإسلام ضد كنائس مسيحية، أو مدنيين مسيحيين أو مقدسات مسيحية، المسيحيون أيضاً معنيون أن يحصروا المشكلة بهؤلاء الذين يعتدون، ومن يدعمهم ومن يحميهم وأن نتجنب أي شكل من أشكال الفتنة، لأننا نجزم أن بعض هذه الجماعات التي تدعي الإنتساب إلى الإسلام يتم تحريكها من أجهزة مخابرات أجنبية تعمل لنفس الهدف الذي تحدثت عنه قبل قليل.
إذاً هذا الخط الأول، العمل على إفشال أهداف هذه الإساءة وهذا العدوان على كرامة نبي الإسلام والأمة الإسلامية. طبعاً هناك أهداف أخرى نتحدث عنها في أوقات أخرى كالإساءة للإسلام، تشويه الفكر الإسلامي، تشويه السيرة الإسلامية وأحداث صدر الإسلام. هذا أيضاً يحتاج إلى مواجهة وأهداف أخرى.
النقطة الثالثة، الخط الثاني وهو منع العدوان مستقبلاً سأتحدث عنه بعد قليل في سياق النقاط اللاحقة.
ثالثاً تم إنتاج هذا الفيلم المسيء في الولايات المتحدة الإمريكية. لنحدد الأمور بشكل واقعي وخارجي.
انتاج الفيلم حصل في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك مسؤولون عن إنتاج هذا الفيلم وعن إنجازه وعن ترويجه.
جيد، يقف المسلمون ليقولوا للحكومة الإمريكية هذا الأمر حصل عندكم، أنتم تقولون ـ مثلما حاولوا خلال الأيام القليلة الماضية أن يقولوا ـ نحن ليس لنا علاقة في انتاج الفيلم، وكما يحاول البعض الآن في العالم العربي والإسلامي أن يدافع عن الإدارة الأمريكية في هذا السياق أن الجماعة لا علاقة لهم "ما عنده وليس لهم خصة" ليسوا مسؤولين، لا أريد أن أجادل في هذه النقطة ومن يقف وراء هذا الفيلم ومن يموله ومن ومن ومن. هذا أمر نتركه للوقت.
لكن العالم الإٍسلامي الذي أسيء إلى أعظم ما لديه وهو نبيه وإلى كرامته وإلى عرضه وإلى قرآنه يطالب الحكومة الأمريكية:
أولاً بوقف نشر المشاهد المنسوبة لهذا الفيلم المسيء، ولكن الحكومة الإمريكية لا تفعل شيئاً "انه شو" هم اتصلوا بالموقع المعني وقال لهم أنا لن أوقف (عرض المشاهد) وانتهى الموضوع.
العالم الإسلامي يطالب الحكومة الإمريكية بمنع نشر الفيلم كاملاً لاحقاً.
العالم الإسلامي يطالب الولايات المتحدة الإمريكية بمحاسبة ومحاكمة ومعاقبة هؤلاء الذين اعتدوا على كرامة ودين وعرض مليار وأربعة مئة مليون إنسان في هذا العالم، أمة بكاملها من أعظم أمم الكرة الأرضية، ولكن الإدارة الإمريكية لا تحرك ساكناً، بل الأسوأ من ذلك، هي تقول لنا إنها لن تفعل شيئاً لا الآن ولا في المستقبل، والحجة المعروفة، المعزوفة المعروفة، هي موضوع الحريات وحرية التعبير عن الرأي والمبادئ الأمريكية وما شاكل.
هنا أيها الإخوة والأخوات تقدم أمريكا شاهداً جديداً وإضافياً على نفاقها وعلى خداعها وعلى ازدواجية المعايير لديها في التعاطي مع القضايا التي تعني أمماً بكاملها أحيانا. وسمعنا وأياكم، لا أريد أن أكرر الكثير من المعلومات، خلال الأيام القليلة الماضية، في الفضائيات، في الكثير من الحوارات، في الكثير من البيانات، تم التطرق إلى هذه النقطة، وذكر شواهد أن المسألة ليست كذلك لا في إمريكا ولا في أوروبا ولدينا الكثير من الشواهد على محاكمة ومحاسبة ومعاقبة شخصيات فكرية وسياسية واعلامية وجمعيات ومؤسسات وفضائيات ومواقع انترنت وموظفين رسميين وموظفين في القطاع الخاص ودول ومؤتمرات بسبب الاتجاه الفكري أو بسبب ما يعبرون عنه من آرائهم فقط، لأنهم مثلا يأخذون موقفاً من الحركة الصهيونية أو يتحدثون عن مجازر إسرائيل في فلسطين المحتلة وفي المنطقة أو يشككون في مسألة الهولوكوست وما شاكل. من روجيه غارودي إلى صحافيين إلى مفكرين إلى دول، إلى حد أن الولايات المتحدة الأمريكية تربط مساعداتها للكثير من الدول في العالم بمستوى أداء، ليس الأداء الرسمي فقط وإنما اداء القطاع الخاص في هذه الدولة، حول مسألة معاداة السامية. ألا يدخل هذا في حرية التعبير عن الرأي؟
في 16/ 10 عام 2004 وقع الرئيس جورج بوش القانون المعروف باسم قانون تعقب معاداة السامية عالمياً. بعض الجهات لخّصت وقالت إن هذا القانون يستهدف أي سلوك أو تصريح أو تلميح بالقول أو الفعل أو الصورة أو الكاريكاتور أو الرسم أو الكتابة يمس اليهود او الصهيونية أو إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر، باعتباره تمييزاً ضد اليهود، لاسيما إنه يساوي ما بين اليهود وإسرائيل والصهيونية. وأكثر من ذلك، قاموا بوضع آليات إجرائية، شكلوا مكتباً خاصاً في وزارة الخارجية الإمريكية معنياً بمراقبة تنفيذ هذا القانون على مستوى أمريكا والعالم ككل، وعلى مستوى أداء الحكومات في العالم، وأيضا الهيئات الخاصة وغير الحكومية في العالم، على أن تقدم وزارة الخارجية الإمريكية سنوياً تقريرها للإدارة الأمريكية ولمجلس الشيوخ الإمريكي، وعلى ضوء هذا التقرير يتم اتخاذ إجراءات وعقوبات بحق حكومات ودول ومؤسسات وشخصيات. أليس كذلك، وهذا ليس على مستوى أمريكا فقط، وإنما على مستوى العالم ككل.
وهذا الأمر ينفذ ويتابع منذ عام 2004 إلى اليوم. قنوات فقط لأنه مثلا مثل قناة المنار عرضت مسلسل الشتات، تمّت محاكمتنا في فرنسا وفي العالم وتمت محاربة هذه القناة وهكذا قنوات فضائية آخرى.
ألا يستحق المسلمون، أمة المليار وأربعة مئة مليون مسلم، أتباع ديانة سماوية عظيمة، أتباع نبي عظيم، لهم هذه المكانة، لهم هذا الحضور في أحداث العالم، أن يصدر قانون مشابه من هذا النوع، أم أن هناك يجب أن تواجه حرية التعبير وهنا يجب أن تفتح الأبواب على مصاريعها.
إذاً، أكتفي بهذه النقطة لأقول: "نحن أمام خداع ونفاق جديد، شاهد جديد على خداع ونفاق وازدواجية معايير الولايات المتحدة الإمريكية في التعاطي مع مسائل لا ترتبط فقط بالسياسة أو بالاقتصاد أو بالأمن أو بالحروب، وأنما أيضا بالكرامات وبالمقدسات وبما يمس أمم بكاملها".
وهذا يجب ان يتأكد ويتركز في وعي الشعوب العربية والإسلامية، بل في وعي كل الشعوب المحبة للسلام وللتعايش وللتسامح في العالم من مسيحيين وأتباع بقية الديانات والأفكار والأيديولوجيات.
رابعاً العمل على خط منع العدوان في المستقبل، منع تكرار هذا العدوان في المستقبل، وهذا هو الأمر الأهم. يعني أن لا نكتفي اليوم أننا نتظاهر ونحتج "ونفش خلقنا" ونعبر عن غضبنا ثم نعود إلى بيوتنا. طيب هذا الأمر حصل سابقاً ولكنه لم يمنع تكرار العدوان على نبينا ومقدساتنا وقرآننا، لا الآن، ولن يمنع في المستقبل.
في الماضي في مواجهة كتاب آيات شيطانية حصلت احتجاجات كبيرة جداً أضخم من الاحتجاجات الحالية. أصدر الإمام الخميني قدس سره فتوى شهيرة أيّده فيها كبار علماء المسلمين في العالم. هذا الأمر كان له جدوى عظيمة جداً، ومنع عدواناً من هذا النوع لسنوات طويلة. وبالفعل الكتاب حوصر، المؤلف حوصر، المكتبات التي تبيع أو دور النشر أو أو.. حصلت نتائج ممتازة على هذا الصعيد ولكن في الآونة الأخيرة عدنا إلى نفس الحكاية في الرسوم المسيئة في الصحف الأوروبية، في حرق نسخ القرآن، والآن فيما هو أخطر وأعظم وأشد كما قلت في بداية الكلام.
ماذا يعني هذا؟ يجب أن نذهب بإتجاه إيصاد هذا الباب نهائياً .الآن هذه هي المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الأمة الإسلامية جمعاء ومعها حتى كل مسيحي شريف وحريص ومؤمن بالتعايش والتسامح الديني. هذه الآن المناسبة لحسم هذا الأمر ولإغلاق هذا الباب نهائياً.
هل يمكن ذلك؟ نعم يمكن ذلك من خلال (عدة أمور).. نضرب بعض الأمثلة، أنا لا آتي بجديد ولكن أنظم الفكرة.
أولاً: العمل على إصدار قرار دولي في مختلف المؤسسات الدولية وأعلى المؤسسات الدولية يجرّم الإساءة إلى الأديان السماوية، بالحد الأدنى الأديان السماوية، أو بالحد الأدنى الأنبياء العظام والكبار وبالخصوص إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. هذا الأمر ممكن وهذا أمر متاح. عندما يصدر قرار دولي أو قانون دولي ملزم، على أن يكون ملزماً لكل الدول والحكومات في العالم، وحاكماً حتى على القوانين الوطنية في أي دولة من دول العالم، هذا يغلق الباب، لأن الكل يعرف أن من يكتب أو يرسم أو ينتج فيلماً سينمائيا أو تلفزيونيا أو ينشر أو أو أو... سيعاقب في أي مكان من هذا العالم ولن يجد له حامياً ولا مدافعاً.
هذا أمر ممكن ومتاح، ولاحقاً سنتكلم عن آليته.
ثانياً، حتى على غير المستوى الدولي، في نفس الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا.
حسناً في أميركا أليس الكونغرس هو الذي أصدر قانون تجريم معاداة الساميّة؟
الكونغرس يستطيع أن يصدر قانوناً مشابهاً، لتجريم الإساءة إلى أنبياء الله العظام. ما المانع من ذلك؟ هي نفس الحيثية، نفس ما ذكر من حيثيات في معاداة الساميّة هو موجود هنا، لماذا هنا يتّم التجريم وهنا لا يتّم التجريم ؟
وفي هذا السياق تتحمّل الجاليّات الاسلاميّة في الولايات المتحدة الاميركية مسؤولية تاريخية وشرعية جسيمة جداً، وهم يمكنهم أن يضغطوا في هذا الاتجاه، الصهاينة او اليهود أو الجمعيّات اليهوديّة ليست أكثر عدداً، قد تكون أكثر نفوذاً، ولكن الجمعيات الاسلاميّة والجاليّات الاسلاميّة في الولايات المتحدة الاميركية تستطيع أن تؤثر على هذا الصعيد.
المسألة هنا لا ترتبط بمذهب من مذاهب المسلمين أو بشخصية من شخصيات المسلمين، هي ترتبط بنبي المسلمين، بقرآن المسلمين. والآن على ابواب الانتخابات الرئاسية الاميركية تستطيع الجاليات الاسلامية في الولايات المتحدة الاميركية أن تلعب دوراً قوياً وضاغطاً باتجاه إستصدار قوانين من هذا النوع أو الحصول على التزامات من هذا الحزب أو ذاك الحزب المتنافسين على رئاسة الجمهورية باتجاه استصدار قانون من هذا النوع.
من يسمى أصدقاء اميركا في العالم الإسلامي والعربي يستطيعون أن يضغطوا في هذا الاتجاه أيضاً، وهذه أعود لها بعد قليل في الآلية. كل العالم الحر يجب أن يضغط في هذا الاتجاه.
المسألة هنا لم تعد مسألة الاعتداء على كرامة إنسان، المسألة بدأت تمس وستمس في المستقبل السلام والأمن الاقليمي والدولي والعالمي. نحن لا نعرف كيف يمكن أن تسير الامور ولا نعرف هل يمكن لجم غضب مئات الملايين من أتباع هذا النبي أو ذاك النبي عندما يساء إليهم.
وكذلك الحال فيما يعني البرلمانات الاوروبية ، والبرلمان الاوروبي، حسناً، الآن في البرلمانات الاوروبية تصدر قوانين مشابهة، من ينكر المجزرة الفلانية يجّرم، من ينكر المحرقة (الهولوكست) يجرّم، ألم يواجه (غارودي) هذه المصيبة؟ وليصدروا أيضاً قوانين: من يسيء الى الديانات السماوية يجرّم ويسدّ هذا الباب نهائياً.
في آلية المتابعة الأمر يستحق دعوى طارئة لمنظمة المؤتمر الاسلامي على مستوى القمة، إذا كانت محاولة إحراق أو إحراق جزء من المسجد الاقصى إستدعى تأسيس منظمة المؤتمر الاسلامي، إذا كان قد عقد قبل أسابيع قليلة قمة إسلامية في مكة المكرمة ولو بحجة ما يجري في بورما أو في سوريا أو في فلسطين، ولكن اليوم ما يجري أخطر بكثير وأعظم بكثير.
هذا نبيكم أيها الحكام، أيها الملوك، أيها الأمراء أيها الرؤساء، هذا نبيكم وهذا قرآنكم وهذا إسلامكم وهذا دينكم وهذه أمتكم التي تهان كرامتها اليوم، والعجب أن كثيرين منكم لا يحركون ساكناً، وأنا أقسم لكم لو أن هذا الفيلم تناول ملكا من ملوك العرب والمسلمين أو أميراً من أمرائهم أو رئيساً من رؤسائهم بالشخص كما تناول محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لوجدتم غضبة لدى هذا الملك أو الامير أو الرئيس وعائلته وحزبه وحكومته وبلده مختلة عمّا نشاهده الان، وهذا محزن.
في الآلية، قمة طارئة لمنظمة المؤتمر الاسلامي ، إذا (كنا) إلى هذا الحد هزيلين في العالم العربي والاسلامي في الحد الادنى أضعف الايمان (فلتنعقد) جلسة طارئة لوزراء خاريجية دول منظمة التعاون الاسلامي، ويُعمل على مسودة قرار أو مسودة قانون ونذهب جميعاً ـ دول العالم الاسلامي ـ إلى الأمم المتحدة وإلى أميركا وإلى أوروبا ونطالب بهذا القانون أن يصبح قانوناً دولياً وأن يصبح قانوناً أميركياً وقانوناً أوروبياً. نحن أمة تملك إمكانات هائلة جداً، على المستوى السياسي والاقتصادي والمادي والإعلامي والثقافي والفكري، هل نحن إلى هذا الحد عاجزون أن ندافع عن نبينا وقرآننا ومقدّساتنا؟
مسؤولية الشعوب الاسلامية اليوم أن تطالب حكامها وحكوماتها في هذا الامر. هذا هو أقل ما يمكن أن نفعله كشعوب إسلاميّة في هذا الاتجاه، لا نكتفي بأن نعبّر عن غضبنا بإتجاه السفارة الاميركية هنا او هناك، يجب ان نقول لحكامنا في العالم العربي والاسلامي هذه مسؤوليتكم بالدرجة الاولى، وأنتم قادرون ـ بما انكم تمثلون رسمياً حكومات ودول العالم الاسلامي ـ أن تفرضوا على الولايات المتحدة وعلى أوروبا وعلى كل العالم، أن يُحترم نبينا وقرآننا ومقدّساتنا وأعراض نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا الموقف العام، هذا السلوك السليم. إذا أردنا أن نردّ العدوان، إذا أردنا أن نمنع العدوان في المستقبل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإسلام والدين، يجب أن نسير في هذا الاتجاه ويجب أن يفهم العالم كله أن لهذا الأمر ما بعده، وأن هناك أمة لا يمكن أن تسكت على استمرار المس والإساءة بهذا الشكل المريع والخطير.
في ما يعني لبنان، طبعاً، الحمد لله في هذه الأيام، الأيام الثلاثة الماضية، اليوم واليومين الماضيين، لبنان عبّر عن مستوى عالٍ من الحصانة في مواجهة هدف العدوان الذي تحدثت عنه في النقطة السابقة، صراع ديني بين مسلمين ومسيحين. على العكس، لبنان قدّم نموذجاً جديداً شاهداً على تعايش المسلمين والمسيحيين، على عيشهم المشترك، على عيشهم الواحد، على الاحترام المتبادل لرموزهم الدينية ولمقدساتهم ولشخصياتهم وهذا ماشهدناه خلال الأيام الثلاثة، من خلال زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم إلى لبنان، واللقاءات التي جمعت قادة روحيين مسلمين ومسيحيين، وقادة وجهات سياسية مسلمين ومسيحيين، وأناس وشباب مسلمين ومسيحيين، و انتهت هذه الزيارة بكل سلامة وبما فيه إن شاء الله مصالح على المستوى الوطني وعلى المستوى العام.
لبنان هذا ، لبنان العيش المشترك، نعم يستطيع أن يلعب دوراً خاصاً ومميزاً لأنه بلد تعايش إسلامي ـ مسيحي، ولأن ما جرى ويجري الآن هو استهداف من أشخاص ينتسبون إلى المسيحيين، استهداف لرسول الإسلام ومقدسات المسلمين. هنا لبنان له موقع خاص في هذه المواجهة. وهنا أوجه خطابي لفخامة رئيس الجمهورية، لدولة رئيس مجلس النواب، للمجلس النيابي، لدولة رئيس مجلس الوزراء، للحكومة اللبنانية، للقادة الروحيين، للمسلمين والمسيحيين في لبنان، للتيارات السياسية المختلفة، 8 آذار ، 14 آذار، لأن هذا الموضوع هو فوق الانقسام السياسي والنزاعات الداخلية، وأقول: في هذه المرحلة يستطيع لبنان أن يلعب دور الرسالة على المستوى العالمي. كيف؟ لبنان عضو في جامعة الدول العربية، اليوم، لبنان هو رئيس مجلس وزراء الخارجية العرب، لبنان هو عضو في منظمة التعاون الإسلامي وهو عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد أسابيع قليلة هناك أيضاً اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة. لبنان يستطيع أن يدعو إلى جلسة طارئة لجامعة الدول العربية، في الحد الأدنى وزراء الخارجية، لكن يستطيع أن يطلب من العراق، وأنا أناشد أيضاً الحكومة العراقية أن تقدم على خطوة من هذا النوع، يستطيع لبنان الرسمي أن يتقدم بطلب وبإجماع وطني وشعبي ورسمي وسياسي، بطلب لعقد قمة إسلامية لمنظمة التعاون الإسلامي وتبني أفكار من هذا النوع، تجريم الإساءة إلى أنبياء الله العظام وإلى الديانات السماوية والكتب السماوية.
لبنان يستطيع أن يفعل ذلك. القادة الروحيون من خلال اجتماعهم، من خلال علاقاتهم في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم وخصوصاً في الغرب يستطيعون أيضاً أن يلعبوا دوراً مميزاً على هذا الصعيد.
الحكومة اللبنانية يجب أن تتخذ موقفاً حاسماً، البرلمان اللبناني يجب أن يتخذ موقفاً حاسماً. رئيس البرلمان الأخ العزيز دولة الرئيس نبيه بري له تجربة طويلة وكبيرة جداً في التعاطي بشأن البرلمانات العربية والبرلمانات الإسلامية والبرلمانات الدولية، أيضاً يستطيع مع البرلمان اللبناني أن يلعب دوراً مميزاً على المستوى البرلماني في العالم باتجاه إقرار قوانين في برلمانات العالم بهذا الاتجاه.
نعم لبنان يستطيع أن يلعب دوراً كبيراً أكبر من حجمه، ولبنان دائما كان أكبر من حجمه في مسائل الحضارة وفي مسائل القِيَم وفي مسائل الثقافة وفي مسائل الفكر وفي مسائل العيش الواحد وفي مسائل الأديان السماوية، واليوم لبنان مدعو لِيَلعب دوراً كبيراً من هذا النوع.
على المستوى الشعبي يجب أن تستمر المطالبة الشعبية، أولا فيما يعني الجزء الأول بالتوقف عن نشر هذه المقاطع على الإنترنت، وثانياَ بِمَنع نشر هذا الفيلم لاحقاً، ثالثاً بِمُحَاكمة ومحاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذا الفيلم المُسيء ليكونوا عبرةً لِكُلِّ مَنْ يمكن أن يفكّر بالإعتداء على نبينا وقرآننا، وذلك من خلال تحركات شعبية على مستوى العالم الإسلامي وكل العالم، التظاهرات هي شكل من الأشكال، الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية والبيانات والإجتماعات والمقالات ووسائل الإعلام هنا تلعب دوراً كبيراً جداً، القوى السياسية والتحرك النُخْبَوِي والتحرك الشعبي، تَشْكِيل أُطُر في كل بلد، يشكّل إطار، لُجنة أو مكتب لملاحقة هؤلاء ولملاحقة القضية الأساسية والعمل على إيجاد قانون تجريم الإساءة إلى الأديان السماوية في مؤسسات القانون في العالم، هذا يجب أن يستمر.
هنا يجب أن أُلْفِت أيضاً الشعوب العربية والإسلامية والمسلمين عموماً أن أصدقاء أمريكا في العالم وفي العالم العربي والإسلامي خصوصاً سَيَعْمَلون على تبريد هذا الأمر، وأن تنساه الناس وأن تُختَرع أحداث وقضايا ومسائل ويتم التوجيه إلى وسائل الإعلام والفضائيات العربية استجابة لطلب الإدارة الأمريكية بأن يتم تمويت هذا الموضوع، يجب أن نكون حذرين. الآن هناك مسؤولية تاريخية وأخلاقية وشرعية وإيمانية عظيمة جداً على المسلمين الموجودين في هذا العصر وفي هذا الجيل، إِنْ لَم نتحمل المسؤولية في شكل كامل سيُعَاد الإساءة إلى نبينا بل إلى كل الأنبياء الماضين وإلى كتابنا المقدس بل إلى كل الكتب المقدّسة وإلى كل الديانات وإلى كرامات كل الأمّة.
أيضاً على المستوى اللبناني، طبعاً كان يجب أن نُبَادِر إلى الدعوة إلى التظاهر المُبْكِر ولكن قُلت إنّ الأيام الثلاثة الماضية كان هناك وضع خاصّ وخشينا أن يتم استغلال أي تحركات شعبية في أيّ منطقة من المناطق اللبنانية في اتجاهات خاطئة قد تخدم هدف العدو، لذلك اخترنا يوم الإثنين ليكون بداية التحرك وإن كنّا من أوائل الذين أصدروا البيانات وأعلنوا عن الإستنكار للإساءة والإستعداد للمواجهة.
دعوتنا غداً للتظاهر في الضاحية الجنوبية عند الساعة الخامسة هو جزءٌ من تحرك يجب أن يستمر وأن يتكامل في لبنان وأيضا في العالمين العربي والإسلامي، وأنا أقول للشعوب العربية والإسلامية في كل بلد وفي كل دولة أن لا نكتفي أنه في العاصمة الفلانية تظاهروا "ومشي الحال"، في كل مدينة ـ ولا أقول في كل قرية ـ في كل مدينة يجب أن يخرج المسلمون إلى الشوارع ويجب أن يعبّروا عن غضبهم وسخطهم، يجب أن يرى العالم كله وحكومات العالم وبرلمانات العالم هذا الأمر فهذا مؤثر جداً، ويجب أن تفهم كل هذه الحكومات وكل هذه البرلمانات أنّ مصالحها في عالمنا العربي والإسلامي ترتبط باحترامها لمقدسات العالم العربي والإسلامي.
نحن في لبنان لدينا غداً إن شاء الله مسيرة الضاحية، ولا أقول للناس أن يعذبوا أنفسهم من المناطق، هي لبيروت الكبرى، يعني بيروت العاصمة وللضواحي وللضاحية الجنوبية، على أساس أنّه يجب أن تتحرك بقية المناطق. أنا أدعو إلى التظاهر في مدينة صُور يوم الأربعاء بعد الظهر، وفي مدينة بعلبك يوم الجمعة بعد الصلاة، وفي مدينة بنت جبيل يوم السبت بعد الظهر، وفي مدينة الهرمل الأحد بعد الظهر، وهذه المواعيد في الحد الأدنى يمكن أن نعمل على أساسها، أهل البلدات والأقضية المحيطة (ندعوهم) للمشاركة في هذه المدن، أي نقول أن يكون مركز القضاء أساساً لحركة على مدى الأيام المقبلة للتعبير عن هذا الموقف.
أريد في نهاية الكلمة أن أوّجه أيضاً لمن أدعوهم إلى تحمل المسؤولية وإلى التظاهر النداء التالي وأقول لهم ولجميع المدعوين على مدى الأيام المقبلة، وخصوصاً أؤلئك الذين نتوقعهم وننتظر حضورهم يوم غد الإثنين الساعة الخامسة أمام مجمع سيد الشهداء (ع) في الضاحية الجنوبية :
أيها الشرفاء كنتم الحاضرين دائماً في ساحات الدفاع عن الكرامة والشرف والعرض والسيادة والوطن والمقدسات، وعندما احتاج الأمر إلى بذل الدماء بذلتموه، وإلى تقديم الأرواح قدمتموها، وإلى التضحية بالأعزّة مضى الاعزّة شهداء، وإلى بَذل الأموال لم تبخلوا لا بالأموال ولا بالبيوت، وتحمّلتم المخاطر الجسام والآلام الكبيرة ولم تتخلفوا يوماً عن الركب في أداء الواجب.
أيّها الشرفاء، أنتم في كل عام وفي يوم العاشر من محرم تملأون الساحات والميادين رجالاً ونساءً كِباراً وصِغاراً ولساعات طويلة تلبّون نداء الحسين عليه السلام حفيد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : هل مِنْ ناصر ينصرني، وتقولون له في كل يوم عاشر من كل عام بالقلوب والحناجر والقبضات العالية : لبيك يا حسين.
أيّها الشرفاء، إنّ الذي يناديكم اليوم هو جدّ الحسين (ع) هو رسول الله محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم، الذي أُسِيءَ إليه وإلى كرامته وإلى أخلاقه، وهو أعظم إنسان أخلاقي في الوجود والتاريخ، وإلى قرآنه وإلى عِرضِه وزوجاته وإلى دينه وإسلامه وإلى تاريخه وسيرته، فلبّوا نداء نبيّكم ورسولكم الأعظم.
يجب أيها الشرفاء أن يراكم العالم كله غداً وفي الأيام المقبلة في الضاحية الجنوبية وفي صور وفي بعلبك وفي بنت جبيل وفي الهرمل وفي كل مدينة تتحملون فيها المسؤولية، في كل مكان تتواجدون فيه في العالمين العربي والإسلامي والعالم والجاليات اللبنانية في الخارج، يجب أن يرى العالم كله الغضب في وجوهكم وفي قبضاتكم وفي الصرخات، ويجب أن يعرف العالم كله أنّ لهذا الرسول العظيم أتباعاً لن يسكتوا على إهانة أو مذلّة مهما غلت التضحيات، وليكن النداء قويّاً ومُجَلْجِلاً ومدوياً يوم الغد : لبيك يا رسول الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.