كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال أقامته المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بمناسبة ولادة الإمام المهدي (عج) تكريماً لطلابها في قاعة الزهراء في مسجد الإمامين الحسنين (ع)
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن أي وهن أو ضعف أمام العدو ستكون نتيجته المزيد من العلو والهجمة على لبنان والمنطقة، مشدداً على أن قرار المقاومة قبل القمة الفرنكوفونية وبعدها هو نفسه ولن نقابل أي عدوان بالانحناء والتراجع . وقال يمكن أن تقول إسرائيل الكثير لكنها لم تعد قادرة كما في السابق أن تفعل كل ما تشاء ، واعتبر إن بداية الهجمة الأميركية والإسرائيلية الواسعة على منطقتنا تعني نهاية سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على العالم. كلام سماحته جاء في احتفال أقامته المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بمناسبة ولادة الإمام المهدي (عج) تكريماً لطلابها في قاعة الزهراء في مسجد الإمامين الحسنين (ع) وتخلله عرض لفيلم وثائقي عن مدارس الجمعية وكلمة لمديرها العام الشيخ مصطفى قصير عن الانجازات والامال المستقبلية .
وقال سماحته : مستقبل هذه المنطقة كما أثبتت كل التجارب منذ خمسين سنة ليس مستقبل التسوية مع الكيان الإسرائيلي المسكون بفكرة السيطرة والهيمنة على المنطقة وإنما بالمواجهة التي قدم مثيلا لها الاستشهادي الذي سقط في فلسطين أمس .
وأضاف : يبدو أن مستوى الجنون والعلو والاستكبار وصل بالإدارة الأميركية إلى حد لم تعد تطيق وتتحمل المفاوضات والنقاشات والعلاقات الدبلوماسية والمزيد من البحث والجدال. إحساس القدرة عندها أوصلها إلى المرحلة التي تريد أن تفرض شروطها بالقوة على الجميع في هذه المنطقة و في هذا العالم. لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تصبح قضاءً لا يرد ولا يبدل ؟ القضاء الوحيد الذي لا يرد أو يبدّل هو قضاء الله سبحانه وتعالى . أما هؤلاء فهم بشر يملكون الكثير من عناصر القوة ، ولكنهم يملكون أيضاً الكثير من عناصر الضعف. مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية التي تهدد بالهجوم على العراق واحتلال المنطقة عسكرياً ولا تعترف بأحد في هذا العالم يهز أمن عاصمتها واشنطن قناّص واحد لا يعرف من هو ولا إلى من ينتمي ، وتعجز أقوى الأجهزة في العالم عن اكتشافه .
وأضاف " نحن نتحدث اليوم بعقلية الأمل والأفق المفتوح والمستقبل الزاهر، فلا يقع أحد تحت وطأة الحرب النفسية التي تشنها الإدارة الأميركية على العالم، وخصوصاً على المسلمين، وبالأخص على الحركات الإسلامية ولا ينبغي أن يرتعب أحد أو يخاف. فكل ما يقوله شارون وما يمكن أن يفعله لا يجوز أن يخيف أحداً. هم بالتأكيد لديهم خبرة راقية في الحرب النفسية ، ولكنهم حتى في هذه الحرب يرتكبون أخطاء قاتلة ، ويقدمون لنا خدمات جليلة دون أن نقول أو نفعل شيئاً . ومثال على ذلك : قبل يومين رجع شارون من الولايات المتحدة وقال :لدى حزب الله صواريخ تصل إلى مدى 300 كيلومتر ، وهذا يعني بأنه لم يعد هناك أي تجمع سكني في "إسرائيل" إلا و تطاله صواريخ حزب الله بحسب إدعاء شارون الذي أراد أن يستفيد من هذا الإدعاء ضد حزب الله ولبنان وسوريا وإيران، لكنه في الوقت نفسه أرعب شعبه، فإذا كانت المقاومة بالكاتيوشا فقط، تستطيع أن تهجر مليوني يهودي يجب أن يفتش لهم عن أماكن في وسط "إسرائيل"، فكيف إذا كانت صواريخ حزب الله - والكلام لشارون- قد تصل إلى أي تجمع سكني في "إسرائيل" فعندها إلى أين يمكنهم الهرب؟ هل سيهربون إلى أحضان الانتفاضة في تل أبيب والقدس والضفة الغربية ؟؟
وأكد سماحته :أن الولايات المتحدة الأميركية الآتية للسيطرة المباشرة على المنطقة تعرف أنها لو أتت بجيوشها إلى العراق وإلى كل دول هذه المنطقة لن تستطيع أن تبقى طويلاً . يجب أن تفهم الإدارة الأميركية والإدارة الإسرائيلية أن الشعوب العربية والإسلامية وشعوب هذه المنطقة ليسوا هنوداً حمراً يمكن أن نصفيهم وأن نقضي عليهم وأن نعزلهم في الصحاري وفي الجبال؟؟ شعوب هذه المنطقة هي شعوب حية تنتسب إلى أول عالم وجد على هذه الأرض ويسمونه العالم القديم. هذه المنطقة هي منشأ الحضارات ومنبع العلم والمعرفة الذي انتشر في كل العالم . في هذه المنطقة شعوب حية تملك تراث فكري وعقلي وروحي ومعنوي يرفض أن يستسلم لإرادة أي غاز منذ تاريخ هذه المنطقة.
ورأى : إن بداية الهجمة الأميركية والإسرائيلية الواسعة على منطقتنا تعني نهاية سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على العالم، لأنها ستفتح على نفسها ساحة مواجهة غير متكافئة، الناس فيها هم القادة والضباط والجنود ، وليست دولة حتى نهدد الدولة ، وليس تنظيماً محدداً حتى نفكك هذا التنظيم ونجفف مصادره المالية.
وأضاف : في الموضوع الإسرائيلي أيضاً ، يجب أن لا يخيفنا أي تهديد أو تهويل سواءً في موضوع الوزاني أم غيره . يمكن أن تقول "إسرائيل" الكثير ، ولكنها لم تعد قادرة كما في السابق أن تفعل كل ما تشاء . اليوم، في لبنان شعب حي ، في فلسطين شعب حي ، في منطقتنا شعوب حية، يوجد مستويات مختلفة، بعضهم حكام وبعضهم قادة وبعضهم ميدانيون ، يملكون إرادة مواجهة وصمود وتحدي .
وجدد التأكيد" أن ما حصل في الوزاني حتى هذه اللحظة كان انتصاراً كبيراً كما قلنا قبل أيام. أن يجرأ لبنان على أن يفعل الذي فعل وأن تسكت إسرائيل هو بحد ذاته انجاز كبير . يمكن أن تبيع إسرائيل لأمريكا والأمم المتحدة وفرنسا وللاتحاد الأوروبي سكوتها المزعوم ، ولكن كل العالم يعرف أن سكوتها وبيعها السياسي ليس صادقاً ، كما يعرفون أنها لو كانت مقتدرة على أن تقوم برد فعل قبل افتتاح القمة الفرنكوفونية أو بعد افتتاحها مباشرةً لفعلت، لافتاً إلى أن هناك أجواء تتحدث من جديد أن القمة الفرنكوفونية انتهت ويمكن أن يقدم شارون على أي عمل من هذا النوع . وأنا أقول من التبسيط أن نفترض أن شارون لم يقصف المنشآت قبل الافتتاح أو بعده لأن هناك قمة فرنكوفونية في لبنان . السبب الذي جعل شارون يعمل كل حساب قبل القمة هو نفسه سيجعله يعمل كل حساب بعدها . لا يجوز أن يعتبر اللبنانيون أن انجازهم الكبير الذي حققوه كان محمياً خلف القمة الفرنكوفونية . إنما كان حاضراً بوحدتهم بدولتهم بمقاومتهم بشعبهم بتضامنهم مع سوريا وبتأييد الجمهورية الإسلامية الداعمة للبنان بكل عمل يقوم به لاستعادة حقوقه في الأرض والمياه وغير ذلك. هذا كان موجوداً قبل القمة الفرنكوفونية وبعدها. وكل ما قلناها قبلها نعود ونؤكده بعدها أن العدوان على لبنان لن يقابل بالضعف والتراجع والانحناء ، المسؤولية هي المسؤولية والقرار هو القرار. اليوم أي ضعف أو وهن في الكلام والمنطق والموقف في الممارسة لا يعني أن الطرف الآخر سوف يحترمك ويقدر ظروفك ويتعاون معك ،بل ستكون نتيجته المزيد من العلو والطغيان والجرأة على لبنان والمنطقة.
وأكد أن المقاومة التي انطلقت بروح الإمام المهدي وأمله ، لن تتراجع عن أي كلمة قالتها أو قرار اتخذته وسنتابع المسير وكلنا ثقة بالمستقبل الآتي ، صحيح هناك فتن مقبلة كقطع الليل المظلم ولكن خلف هذه الفتن إن وقفنا وصمدنا سيكون النصر الإلهي المؤزر. لافتاً إلى أن اللائقين بهذا الوعد هم الصابرون ، الصامدون والشجعان ، أم الجبناء الهاربون من الزحف اللاهثون خلف مصالحهم الشخصية المتخلون عن أمتهم ليسوا لائقين بهذا الوعد.
وختم السيد نصر الله " بأن عملية الاسشهادي أمس في فلسطين المحتلة لها دلالات كبيرة وهي عنوان عريض لهذه الأمة التي قرارها أن تصمد وتقاوم وتدافع عن كرامتها ووجودها أياً تكن الهجمات قوية وقاسية. وهي دليل على أن الشعب الفلسطيني لم يهزم بل هزم شارون ومن ينظر له. لافتاً إلى أن الصهاينة ينتظرون المستقبل ونحن ننتظر المستقبل ، هم ينتظرون مسيحهم الدجال والمسلمون والمسيحيون ينتظرون المسيح روح الله الرحمة للعالمين ، وننتظر كمسلمين هذا الإمام المولود في مثل هذا اليوم ، وفي نهاية المطاف ستكون المشيئة الإلهية أن يتغلب العدل والانسانية والمحبة وليس العنصرية وشعب الله المختار.