كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى قادة المقاومة في مجمع سيد الشهداء يوم الأربعاء 16 شباط 2011
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى قادة المقاومة في مجمع سيد الشهداء يوم الأربعاء 16 شباط 2011
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
في البداية نتوجه بالتحية إلى أرواح شهدائنا، الأرواح الزكية والطاهرة والطيبة، لا سيما القادة الشهداء والى أرواحهم نهدي ثواب الفاتحة.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته وأرحب بكم في هذا اليوم الذي نحيي فيه ذكرى من أعز مناسباتنا في حياتنا الجهادية والإيمانية.
إنني في البداية يجب أن أتوجه خصوصا بالتحية إلى عوائل الشهداء، عائلة الشهيد القائد أستاذنا ومعلمنا الأمين العام لحزب الله سماحة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، وعائلة الشهيدة المجاهدة، المضحّية، المخلصة والنقيّة السيدة أم ياسر الموسوي والشهيد حسين، إلى عائلة الشهيد القائد شيخنا الحبيب والغالي والعزيز، شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب، إلى عائلة القائد الجهادي الكبير قائد الانتصارات وأمير الساحات الحاج عماد مغنية، الحاج رضوان ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
هذه المناسبة اليوم تلتقي معها مجموعة مناسبات لا بد من الإشارة إليها قبل الدخول إلى موضوعات الحديث، منها المناسبة العظيمة مناسبة ولادة رسول الله الأعظم خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبدالله (ص) في مثل هذه الأيام، وكما تعرفون هناك آراء، البعض يقول إن الرسول (ص) ولد في 12 من ربيع الأول والبعض الآخر يقول في 17 ربيع الأول، هذه نقطة خلاف. الإمام الخميني (رض) إمام الوحدة الإسلامية قال: تعالوا لنحوّل نقطة الخلاف إلى نقطة وحدة ولقاء، فليكن من 12 إلى 17 ربيع الأول أسبوعاً للوحدة الإسلامية وأياماً للتلاقي والتقارب والتعاون والتماسك بين المسلمين، كل طوائف المسلمين وكل أتباع المذاهب الإسلامية على اختلافها وتنوعها. أبارك هذه المناسبة للمسلمين جميعاً واسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا حقاً من أتباع هذا النبي العظيم.
من المناسبات في هذه الأيام أيضاً ذكرى انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران في 11 شباط 1979 والتي تلاقت في التوقيت في 11 شباط مع مناسبة انتصار ثورة الشعب المصري وشباب مصر على الطاغية. من حُسن التوفيق والتقدير أن يصبح 11 شباط يوماً لسقوط أهم وأكبر وأقوى حليفين لأميركا وإسرائيل في المنطقة، نظام الشاه في إيران ونظام حسني مبارك في مصر.
من المناسبات المهمة هي حادثة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، هذه الحادثة الدامية والتي كانت لها آثار كبيرة وخطيرة ومهمة على الوضع في لبنان وعلى الوضع في المنطقة، وما زلنا نعيش تداعيات هذه الحادثة.
طبيعة المناسبة التي نلتقي بها هي ذكرى قادتنا الشهداء. نحن عندما نحيي ذكراهم لا لتمجيدهم، وهم بغنى عن كل تمجيد ومدح وإنما من أجلنا نحن وليس من أجلهم هم، نحن في إحيائنا لذكرى القادة الشهداء وكل الشهداء نجلس في حضرتهم، بين أيديهم وهم الأساتذة وهم المعلمون، نتعلم منهم، نستلهم من جهادهم وسيرتهم ونسترشد من آرائهم وأرواحهم الذكية، وأيضاً نجلس في حضرتهم مجدداً لنجدّد معهم عهدنا والميثاق على مواصلة الطريق الذي عبّدوه بدمائهم الزكية.
في العام الماضي تحدثت عن بعض المشتركات بين هؤلاء القادة الشهداء واليوم أضيف من السمات المشتركة بين الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد أنهم في هذه المقاومة مؤسسون منذ اللحظات الأولى ومنذ اليوم الأول، هم كانوا من بناة الأحجار الأولى في هذه المقاومة، من مطلقي الصرخات الأولى والطلقات الأولى في هذه المقاومة، ومن سِماتهم المشتركة أيضاً أنهم منذ الأيام الأولى إلى يوم الشهادة لم يتخلّفوا ولم يتركوا ولم يغادروا ولم يتعبوا ولم يهِنوا ولم ييأسوا، بل كانوا أصحاب الحضور القيادي الدائم والفاعل والمؤثر والمنتج والمبدع، وهم نذروا كل شبابهم ـ وهم الشباب ـ وكل عمرهم لهذه المقاومة.
أيضاً هؤلاء القادة العظماء يعبّرون عن كامل مرحلة الـثلاثين عاما من تاريخ مقاومتنا. نحن بعد سنة واحدة يصبح عمرنا ثلاثين سنة في المقاومة الإسلامية بالتحديد، هم يعبّرون عن كامل مرحلة الثلاثين عاماً الماضية من تاريخ المقاومة وتاريخ لبنان والمنطقة، وكل واحد كان رمزاً وعنواناً في مرحلة من المراحل، دماؤهم كانت تتكامل وعلى مدى ثلاثين عاما تعطي المزيد من القوة والوعي والمزيد من التصميم، من العزم، من العشق، من الثقة واليقين بالمستقبل ومن مراحل الانتصار. نحن لا ننظر إلى شهدائنا وقادتنا ومقاومتنا على الإطلاق كأمر منفصل عن الحراك العام في لبنان وفي المنطقة وعلى مستوى الأمة، نحن جزء ونحن استمرار للمقاومين، للقادة المقاومين، للقادة المؤسسين في المقاومة اللبنانية وعلى رأسهم سماحة الإمام المغيّب القائد السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه، وقادة كثر في المقاومة اللبنانية، في المقاومة الفلسطينية، في المقاومة العربية، نحن لا ننظر إلى شهدائنا وقادتنا ومقاومتنا إلا كجزء من حركة الصحوة والوعي في المنطقة وجزء من حركات المقاومة والتحدي، كما هو حال لبنان في معادلات المنطقة، يؤثر فيها ويتأثر بها، حركات المقاومة التي نفتخر أننا جزء، كنا وما زلنا جزءا منها، هي الرد الطبيعي، كانت وما زالت الرد الطبيعي من شعوب المنطقة على الغزو والإحتلالات ومشاريع الهيمنة والتسلط.
حركات المقاومة وشعوب المنطقة لم تعتدِ على أحد ولم تبدأ حرباً على أحد ولم يكن في يوم من الأيام مشروعها مشروع حرب وقتال وإنما اعتُدي عليها، غزيت أرضها ومقدساتها وتم التجاوز على كرامتها وعلى شرفها وتم مصادرة قرارها واستقلالها، حركات المقاومة هذه كانت وما زالت تشكل وحدها ضمانة تحقيق العدالة والاستقرار والسلام.
اسمحوا لي اليوم سأتكلم عن العدالة والاستقرار، لأن ما نحن قادمون إليه في لبنان في الأسابيع القليلة المقبلة عنوانه الغزو الأميركي السياسي الجديد للبنان (بالعسكر فشروا)، وهذا ما سأنطلق منه لأتحدث قليلا عن المنطقة وعن إسرائيل وعن لبنان، لدي ثلاثة عناوين.
حركات المقاومة هي التي تحقق العدالة والاستقرار والسلام في المنقطة، ونحن نوافق على أن أي سلام في المنطقة وأي استقرار في المنطقة أو في لبنان أو في أي مكان من العالم شرطه الطبيعي هو العدالة وتحقيق العدالة.
السلام والاستقرار المبني على الظلم وعلى الإجحاف وعلى اغتصاب حقوق الآخرين وعلى المسّ بكرامات الناس لا يمكن أن يكون سلاماً حقيقياً ولا استقرار دائماً، وإنما سرعان ما يسقط وينهار، وعلى هذا الأساس نحن نبني رؤيتنا ونواصل طرقنا وجهادنا.
تعالوا لنعود قليلا إلى أصل المسألة وجذورها، طالما إن هذه الأيام هي أيام العودة إلى الجذور. المشكلة الأساسية والرئيسية في المنطقة منذ 60 عاما وأكثر لها وجهان أو جزءان متكاملان مكمّلان.
الجزء الأول هو وجود الكيان الغاصب لفلسطين المحتلة، إسرائيل، والحركة الصهيونية هي التي بدأت الحرب. لم يذهب لا الفلسطينيون ولا اللبنانيون ولا السوريون ولا الأردنيون ولا المصريون ولا أحد من شعوب المنطقة ليعتدي على اليهود أو الصهاينة، حتى أتباع المشروع الصهيوني في أي مكان من العالم. بل لو عدنا إلى التاريخ، إلى مئات القرون الماضية سنجد أن أتباع الديانة اليهودية كانوا يعيشون في بلاد العرب وبلاد المسلمين في أمن وأمان في أغلب الأحوال، وأحياناً أكثر أمناً من كثير من المسلمين أنفسهم الذين كانت لهم مشاكل مع السلاطين والحكام والحكومات المتعاقبة.
هم الذين جاؤوا إلى فلسطين، إلى المنطقة، هم الذين اعتدوا وقتلوا وذبحوا وارتكبوا المجازر وأحرقوا البيوت والمحاصيل وصادروا الممتلكات وطردوا شعباً من أرضه، هم الذين بدأوا الحرب بدعم وبتبنٍّ غربي كامل ـ لا أريد أن أتكلم عن الموقف العربي سنة 1948 ـ وهم الذين شنّوا حروب التوسع باتجاه بقية فلسطين وسوريا والأردن ومصر ولبنان. حركات المقاومة في فلسطين والمنطقة، حكومات المواجهة قامت كرد فعل صحيح وشريف ووطني وإيماني وأخلاقي على هذا الاحتلال وعلى كل هذه الجرائم.
ولذلك نحن نقول نعم منطق المقاومة ومنطق العدالة هو شرط طبيعي للاستقرار، ماذا تقتضي العدالة؟ هنا أريد أن أوجه هذا الخطاب أيضا اليوم للسيد أوباما وللسيدة كلينتون الذين يتحدثون كل يوم عن العدالة والاستقرار.
العدالة أصبح له وجهين وجانبين:
الجانب الأول: العدالة تقتضي أن يعود الحق إلى أصحابه، أي أن تعود الأرض والممتلكات والحقول والبيوت والمنازل إلى أصحابها الذين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح البيوت ويحلمون بالعودة. العدالة تقتضي أن يعود ملايين الفلسطينيين من الشتات واللاجئين الفلسطينيين الموجودين في أراضي ال67 إلى أرضهم. العدالة تقتضي أن تعود المقدسات الإسلامية والمسيحية إلى أصحابها، العدالة تقتضي أن يقيم شعب فلسطين دولته على كامل أرضه من النهر إلى البحر. هذا الوجه الأول، والوجه الثاني من العدالة أن يتم الاقتصاص من مجرمي الحرب ومرتكبي المجازر ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. هذه هي العدالة. في ظل عدالة كهذه سوف يكون هناك سلام وأمن واستقرار لا مثيل له في المنطقة، أما البحث عن السلام الزائف عن طريق مفاوضات بائسة وخائبة تقدم المزيد والمزيد من التنازلات الفضائحية ولا تعيد حقاً لصاحبه، وفي المقابل تكافئ المجرمين والقتلة وتقدم لهم الجوائز، هذا لا يمكن أن يحقق سلاماً على الإطلاق. أين هي الإدارة الأمريكية من العدالة والاستقرار في المنطقة؟ أين هي الإدارة الأمريكية والإدارات الغربية أيضاً من إعادة الحق إلى أصحابه ومن إقامة محاكم دولية لمعاقبة مجرمي الحرب الصهاينة الذين يحصلون على المزيد من الدعم والحماية لإسرائيل وفرض شروطهم على الفلسطينيين والذين يحصلون في الجانب القضائي والقانوني على تغيير قوانين لدى بعض الدول الغربية حتى لا يتاح لأحد أن يرفع دعوى ضد جنرال إسرائيلي مرتكب لجرائم حرب.
الجزء الثاني من مشكلة المنطقة هو هذه المنظومة الأمريكية والغربية التي أقيمت من خلال مجموعة من الأنظمة الدكتاتورية التي تحكم شعوبها بالحديد والنار وحكمتها على مدى عشرات السنين مشفوعة ومسنودة بقوة سياسية ونخب ثقافية وإعلامية ودينية. ومهمة هذه المنظومة الأمريكية في منطقتنا وفي بلادنا هي حماية المصالح الحيوية لأمريكا على كل صعيد، المصالح الاقتصادية في مقدمها موضوع النفط، المصالح السياسية والمصالح الأمنية وفي قلبها إسرائيل، ولذلك كانت وما زالت إسرائيل هي المعيار. القرآن يعلمنا المعاير (إن أكرمكم عند الله اتقاكم)، بقدر ما يكون الإنسان أبعد عن المعصية واقرب لفعل الطاعة يكون أقرب إلى الله وأكرم عند الله. بالمقايسة، بقدر ما يكون النظام في أي بلد عربي أو إسلامي أو التنظيم أو النخبة أو المجموعة أو التيار السياسي أو وسيلة الإعلام يقدر ما يكون أقرب إلى إسرائيل، أحفظ لمصالح إسرائيل، مدافعاً أكثر عن أمن وسلام إسرائيل، بقدر ما يكون أقرب وأكرم وأهم عند الإدارات الأمريكية المتعاقبة. مقياس القرب والبعد عن أميركا ليس حقوق الإنسان وليس الديمقراطية وليس الحريات العامة وإنما خدمة أنظمتنا في منطقتنا لإسرائيل. إذا كان النظام متصالحاً مع إسرائيل، محامياً عنها، مدافعاً عن مصالحها فهو حليف إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، يدافع عنه وتقدم له مليارات الدولارات كمساعدات متنوعة وليفعل بشعبة ما يفعل.. "ديكتاتوري، ديمقراطي، انتخابات، ما في انتخابات، حريات، لا يوجد حريات، مئات الآلاف في السجون، مئات الآلاف في المقابر" هذا لا يهم، المهم أن هذا النظام يقدم الخدمات المطلوبة منه لإسرائيل التي تشكل قلب المشروع الأميركي وتاج المشروع الأمريكي في المنطقة. أما عندما يكون هناك نظام عربي أو إسلامي، يكون نظاماً مقاوماً ممانعاً رافضاً في الحد الأدنى، حتى لو لم يقاتل إسرائيل لكنه لم يستسلم، لم يقبل بالشروط، لم يوقع تسوية مذلة، فهو يتعرض للحصار والعقوبات وللضغط وللعزل وللتآمر، دون أن أدخل في الأسماء والتفاصيل، أليس هذا هو الحال منذ عشرات السنين؟ مع مختلف الأنظمة المتعاقبة في منطقتنا؟
أنا أذكر، طالما نحن أيضاً في أجواء مناسبة 11شباط، في بداية حركة الإمام الخميني، نهضة الإمام الخميني في بداية الستينات وبعد بعض الخطب حيث حصلت بعض المظاهرات، جاءه وفد من السافاك (الجهاز الأمني للشاه الذي كان يدار من قبل الأمريكي) وقالوا للإمام: تستطيع أن تتكلم بما تشاء، ليس هناك أي مشكلة، لن نمنعك من الخطابة، أخطب ويمكن أن تصدر البيانات، افعل ما تشاء، لكن هناك خطوط حمراء يمنع المس بها: أولاً أمريكا، ثانياً إسرائيل، ثالثاً شخص الشاه. أما رئيس الوزراء ـ قالوا له ـ إذا أردت أن تمسح الأرض فيه فلا مشكلة، رئيس مجلس الوزراء التابع للشاه، الوزراء، المجلس النيابي، الحزب التابع للشاه، المحافظون الأدوات التابعون للشاه، ليس هناك من مشكلة، لكن هؤلاء خطوط حمراء.
النظام في إيران كان نظاماً أمريكياً والذي كان يدير إيران هم أمريكان والشاه كان مجرد واجهة، كان نظاماً إسرائيلياً وليس حليفاً إستراتيجياً لإسرائيل، لكن الإمام رضوان الله عليه في أول خطاب بعد هذا اللقاء، وهو الإمام الواضح والشجاع والجريء، قال للناس إن السافك جاؤوا وقالوا لي (واحد اثنين ثلاثة) وأنا أقول لكم: هذه الثورة عنوانها طرد أمريكا من إيران، طرد إسرائيل من إيران، إسقاط هذا الشاه العميل لأمريكا ولإسرائيل. وبعدها أخذوه إلى السجن وكاد أن يعدم. في تصنيف الإدارة الأمريكية أنت في محور الخير والحق والسلام إذا كنت مع إسرائيل وأنت في محور الشر والإرهاب ليس إذا كنت محارباً لإسرائيل ولكن لمجرد إذا كنت ترفض الخضوع للشروط الإسرائيلية، حتى لو لم تحارب.
أيها الإخوة والأخوات في استكمال هذا الجانب ـ قبل أن أنقل إلى العنوان الإسرائيلي ـ هذه الحقيقة إسرائيل المدعومة المتكبرة المتجبرة من جهة، منظومة الأنظمة الأمريكية في المنطقة أوصلت شعوب المنطقة وأوصلت أمتنا إلى مرحلة اليأس من إمكانية تحقيق أي انتصار، والناس شعروا في السبعينات أنّه يبدو أننا دخلنا في العصر الإسرائيلي الأمريكي ولن نستطيع أن نخرج منه، خلص إسرائيل أمر واقع ونهائي وأمريكا قوة عظمى وبالتالي لنرى تحت هذا السقف ماذا يمكن أن نحصل على مكاسب .
الضربة الأقوى كانت لمشروع الممانعة والمقاومة والصمود العربي هي دخول النظام المصري في اتفاقية كامب ديفيد وبالتالي خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، ومثل ما يقال :" الله لا يبتلي حتى يعين"، سرعان ما حصل الزلزال الأقوى في تاريخ هذه المنطقة، وكان انتصار الثورة الإسلامية في إيران في 11 شباط 1979، وهذه الثورة طبعا صنعت زلزالا حقيقيا : قطعت يد الأمريكي من إيران وطردته وهم من كانوا يحكمون ويديرون تفاصيل الحياة اليومية في إيران، قطعت العلاقات مع إسرائيل وحوّلت السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطين، وتحولت من حليف استراتيجي لإسرائيل إلى قاعدة استراتيجية مركزية لمساندة مشروع المقاومة والممانعة في المنطقة، وهذا كان تحولا تاريخيا واستراتيجيا كبيرا جدا، ولذلك ووُجِهَت بالحصار والعقوبات والعزل والحروب (...).
خلال 30 عاما استمرت هذه المواجهة في منطقتنا وفي ظروف صعبة جدا صمدت سوريا وواصل الشعب الفلسطيني جهاده ومقاومته وانتفاضته، وكانت المقاومة في لبنان وحصلت في العقد الأخير تطورات كبرى في العراق وأفغانستان وفي الأشهر القليلة الماضية في تونس وفي الأيام القليلة الماضية كان التطور الأضخم والأهم والأكبر في مصر، إضافة إلى ما يجري حاليا في أكثر من بلد عربي من البحرين واليمن والأردن ... لكن الحدث الأضخم والأهم في هذه الأشهر القليلة هو ما حصل في 11 شباط الجاري، نظام آخر من المنظومة الأمريكية سقط وهوى بإرادة الشعب وإرادة الشباب والإرادة القوية بالإيمان وهو نظام حسني مبارك المخلوع.
لا شك أنّ ما حصل في مصر هو تاريخي وكبير جدا، وهنا يجب أن نوجه التحية إلى شعب مصر وإلى شبابها وإلى ثورتها، أولا لِمَا قدمته للأمة، ولهم من مقاومتنا ومن حزب الله شكر خاص لأنّ هذه الثورة هي السبب الحقيقي في تحرير الأخ الأسير محمد منصور الموجود في احتفالنا والذي أرحب به أشد الترحيب، وأتمنى عندما ترونه أنّ تستحضروا ما تهمة هذا الشاب ؟ العمل على إسقاط نظام حسني مبارك، تصورّوا ! ـ وهذا شكل من أشكال التهم ـ وزعزعة الأمن والإستقرار في مصر ونشر التشيّع وتحويل مصر إلى دولة شيعية ! هذه التهم ووجّهت بالفعل من القضاء المصري وهي اتهامات سخيفة وحقيقة الأمر هو ما قلناه في كل المراحل التي تحدثنا فيها عن قضية الأخ سامي شهاب وما سمّي بخلية حزب الله في مصر. لشباب مصر وشعبها كل الشكر على تحرير هؤلاء الأسرى ومنهم أخينا العزيز والحبيب.
لا شكّ أنّ ما حصل في مصر هو تاريخي وكبير جدا، اليوم هناك نقاش كبير، إلى أين ستؤول الثورة وماذا تحقيق من إنجازات وماذا يمكن أن يتحقق من إنجازات، هل ستلغى كامب ديفيد هل ستلغى كامب ديفيد، الوقت لا يتسع لنقول ما عندنا في هذا الأمر، ولكن أستطيع القول أنّ هناك ـ أيّا تكن ما ستؤول إليه الأوضاع المصرية ـ فهناك تغييرات وتحولات كبرى ما بعد حسني مبارك يختلف جوهريا ونوعيا عن زمان حسني مبارك، هذا القدر المتيقن . الإنعكاس الأهم هو على إسرائيل، ومن هنا أدخل إلى العنوان الثاني العنوان الإسرائيلي، لكن أريد أن أنهي العنوان الأول من أنّ هناك منظومة أمريكية بدأت تتداعى وتتساقط، ولنضع ذلك في البال عندما نأتي إلى لبنان، لأنّ قصة لبنان ليست فقط قصة فريقا 8 و 14 آذار ولنرجع نتذكر هذه المنظومة وهذا المشروع الكبير...
الإنعكاس الاهم هو على إسرائيل وعلى مجمل المنظومة الأمريكية في المنطقة ومنها في لبنان بطبيعة الحال، لأنّ لـ حسني مبارك أيتاماً في مصر وأيتاماً في فلسطين وأيتاماً في لبنان. المحسوم أنّ المنطقة دخلت في مرحلة جديدة، نتنياهو رئيس حكومة العدو يتحدث عن "زلزال لا يعرف نتائجه" ومعه حق، لأنّ كل أجهزة الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والعالمية تفاجأت بما جرى في تونس وما جرى في مصر وبما يجري في المنطقة. الخاسر الأكبر من التطورات والتحولات في المنطقة، بلا شك، هي أمريكا والتي تركض الآن لتحاول التقليل من هذه الخسائر واحتواء هذه التحولات، وهي إسرائيل وهي المنظومة الأمريكية، يعني كل مَنْ ربط مصيره وقراره ومستقبله بالأمريكيين هو أيضا خاسر مما جرى ومما يجري.
على المستوى الإسرائيلي، من الواضح أنّ هناك حالة من الهلع والقلق لدى الكيان، وهناك جهود كبيرة الآن بدأت تبذل لإعادة النظر بالإستراتيجيات. هم خلال العشرين سنة الماضية أو الثلاثين السنة الماضية بنوا استراتيجياتهم على قاعدة أنّ الجبهة الجنوبية ـ بالنسبة لهم ـ في محاذاة مصر هي جبهة آمنة وهادئة وأن ّعلى الجانب الآخر من الحدود هناك حليف استراتيجي قوي وراسخ، وبالتالي كانوا (مطمئنين من هذه الجهة) غير محتاجين أن يعملوا في بنية الجيش أي فرق أو تشكيلات أو بُنَى مبنية على فرضية حصول مواجهة مع مصر أو توتر مع مصر في الحد الادنى أو تهديد في الحد الأدنى الأدنى من قبل الحدود المصرية، مطمئنين أنّ هناك حارسا قويا لهذه الحدود، ولذلك عندما نرى خريطة فلسطين المحتلة نلاحظ أنّه خلال العقود الماضية تمّ نقل الكثير من المطارات العسكرية والقواعد العسكرية الجوية وغير الجوية تمّ نقلها من الشمال والوسط إلى جنوب فلسطين المحتلة على قاعدة أنّ المنطقة آمنية وبعيدة عن الجبهة الوحيدة المتبقية مع لبنان وسوريا، الآن سيعيدون النظر، لا يقدرون على التصرف مع منطقة الجنوب الفلسطيني أنها منطقة بعيدة عن أي شكل من أشكال التهديد أيّاً يكن مآل الأوضاع في مصر.
من جهة ثانية، كان رهانهم على النظام المصري رهان كبير في ضبط غزة وحصارها، في الضغط على الفلسطينيين للقبول بالشروط الإسرائيلية ونحن سمعنا خلال سنوات طويلة من الإخوة الفلسطينيين حجم الضغوط التي كان يمارسها نظام حسني مبارك وفلان وفلان من هذا النظام للقبول بالفتات الإسرائيلي وكان الفلسطينيون يشعرون بالقهر وبالضيق نتيجة هذه الضغوط، وعلى كل حال، كلنا يعرف ما هو موقع نظام حسني مبارك في حرب غزة 2008، وكلنا يعرف ـ ولم نكن نتحدث كثيرا ماضيا لأننا لم نحب إحداث مشاكل ـ دور نظام حسني مبارك في حرب تموز 2006 وغير نظام حسني مبارك من الأنظمة التي ما زالت قائمة وستتداعى بإذن الله. الإسرائيليون قالوا قبل كم يوم أنّ مبارك اتصال بهم وقال لهم :" يا عمّي كملو وصلتم إلى منتصف الطريق في حرب تموز كملو"، ومما لا شك فيه أنّ من جملة الوجوه التي اسودّت في العالم العربي عندما انتصرت المقاومة في حرب تموز كان وجه حسني مبارك.
نعم هذا التحول بالنسبة إلى الإسرائيلي هو تحول كبير جدا، حتى لو لم تحارب مصر، لكن الأوضاع المستجدة ستكون دائما مدعاة قلق للعدو الإسرائيلي وخوف من تحولات مفاجئة وبعيدة عن الحسابات في مصر كما حصل في موضوع إسقاط النظام. وهنا أنقل كلمتين (إسرائيليّتين) للتأكيد، وزير الحرب الإسرائيلي (ايهود) باراك يقول ـ وهو كان يتحدث من على حدودنا ـ : "إنّ المنطقة بكاملها تتغير أمام أعيننا وقد رأينا ما حدث في لبنان، وقد رأينا ما حدث في لبنان حيث أنّ الحكومة تحولت إلى حكومة غير مريحة لأسباب عدّة ـ فافهم أي شو بيقصد يعني شو كان ـ وهي مرتبطة أكثر بحزب الله، كما رأينا ما حدث في تونس والآن في مصر"، أي باراك يتحدث مثلما يتحدث الناس في الداخل من اتهام للحكومة مسبقا أنها حكومة حزب الله وهي ليست كذلك. وأضاف باراك :" لا أعتقد أنّ هناك نتائج فورية لاحتجاجات في مصر لكنها تظهر لنا كم هي المنطقة غير مستقرة (إسرائيل التي كانت قبل 20 سنة تشعر بالثبات وبالقوة وبالهيمنة وتريد أن تفرض شروطها وتوقع معاهدات تسوية مع كل حكومات المنطقة) نشاهد الإحتجاجات في بلدنٍ أخرى في المنطقة كما نرى أنّ تركيا تتغيّر، اتفاق السلام سيبقى مع مصر وليس هناك تداعيات عسكرية على إسرائيل". يحاول الطمأنة.
في مكان آخر يقول رئيس الأركان المغادر (غابي) أشكينازي :" المعسكر الراديكالي يتعاظم ودائرة المواجهات اتسعت ونحن جاهزون لمختلف أنواع التهديدات، هناك استقواء للمعسكر الراديكالي، إشارات يمكن رؤيتها أكثر بكثير قبل مصر كما يحدث في لبنان وفي تركيا، إيران موجودة وراء معظم التمويل والتسليح والتدريب والعتاد لمعظم الحركات الإرهابية في المنطقة وليس فقط عندنا"، وأضاف : " إنّ أسباب ذلك تعود إلى ضعف المعسكر المعتدل (المنظومة التي تحدثنا عنها قبل قليل) والقيادة العربية التقليدية، كذلك أيضا إلى مفهوم مختلف يرجع إلى القوة الأمريكية في المنطقة". هذا واقع إسرائيل اليوم.
إذا أتيت إلى النقطة اللبنانية أحب أن أقول لكم ما يلي، قبل أيام كان (يجري لـ ) أشكينازي حفل توديع ويتحدث عن إنجازاته في الجيش وأنّه رتّب الجيش خلال السنوات الثلاث الماضية بحيث لن تعود الإخفاقات التي حصلت في حرب لبنان الثانية وفي حرب غزة، أي هناك اعتراف حتى من رئيس الأركان الذي عمل عملية البناء الجديدة بالإخفاقات في حرب لبنان الثانية وفي حرب غزة مع أنهم كانوا يتحدثون عن حرب غزة أنها انتصار كبير للصهاينة.
ما هذا الكلام؟ على طول النقاش إسرائيل تحتل لبنان أو لا تحتل لبنان، وأعظم انجاز حققته المقاومة أنها صعّبت إمكانية احتلال إسرائيل للبنان أو لجنوب لبنان، يا إخواننا ويا أخواتنا اليوم هناك نقاش جدي في إسرائيل وهناك قلق جدي: هل تستطيع المقاومة أن تحتل شمال فلسطين وأن تسيطر على منطقة الجليل؟ ولذلك يضطر رئيس أركان العدو أن يطمئن وإلا هو غير محتاج لهذا المستوى، أن يفتح هذا الموضوع ويطمئن.
أول زيارة لرئيس الأركان الجديد "بيني غانتس"، الأثنين عُيِّن والثلاثاء شرفنا على الحدود مع لبنان برفقة باراك "للعنترة"، ماذا قال باراك؟ أنا متخصص قليلاً بباراك ـ يعني مثل موضوع الفرق الخامسة ـ باراك يقول للجنود: يجب أن تكونوا مستعدين لأنه لو حصلت حرب قد تطلب منكم القيادة الدخول مجددا الى لبنان. أنا أريد أن أقول لباراك ولأشكينازي ولـبيني غانتس، أريد أن أقول لهم ـ وسأستعمل نفس الأدبيات لباراك ـ إنني في ذكرى السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد أقول لمجاهدي المقاومة الإسلامية: كونوا مستعدين ليومٍ إذا فُرضت فيه الحرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل، يعني بتعبير آخر تحرير الجليل، وأقول لأشكينازي أنت مخطئ في تقييمك وتقديراتك، أنت مخطئ، أنتم طوال 30 عاما أخطاتم في تقديراتكم في مواجهة المقاومة ، أخطأتم عندما قتلتم الشيخ راغب وأخطأتم عندما قتلتم السيد عباس وأنتم تعترفون الآن بخطئكم ، وأخطأتم عندما قتلتم الحاج عماد وستكتشفون أنكم ارتكبتم حماقة كبيرة، وأخطأتم عندما أصرّيتم على مواجهة بلد وشعب مصمم على أن يحفظ كرامته وعزته بدماء أعز شبابه، على شعب شعاره منذ عمق التاريخ "هيهات منا الذلة".
هناك أناس في كيان العدو علميون وواقعيون ولا يختبئون وراء أصابعهم. يمكن في مثل هذا اليوم السنة الماضية حكيت عن مطارات وعن موانئ . الإخوان اليوم أرسلوا لي أن الرئيس الأول لإدارة مشروع حوما ضد الصواريخ في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأحد مطوري منظومة الحيتس والقمر الاصطناعي التجسسي واسمه عوزي روبين الذي يعدّ من كبار الخبراء لمنظومات الدفاع ضد الصواريخ يعني هذا خبير ومتخصص معني بهذا الملف ويعرف ماذا تعني الصواريخ وما تعني مقابلة ضد الصواريخ وما تعني المسافة وما تعني التكتيكات وكل هذه التفاصيل يعرفها، انظروا هذا الشخص عما ينصح قيادة العدو (وهنا أقول إن هذا هو الذي يحمي لبنان، بل هو الذي يحمي الآن أكثر من لبنان)، ماذا يقول هذا الشخص:"إن حزب الله قادر على إقفال مطاراتنا ومرافئنا ومحطات الطاقة والمواقع الإستراتيجية ويمكنني فقط أن آمل بأن يكون لدى الشعب الإسرائيلي ملاجئ جيدة". كل الأمل عنده أن يكون لدى الشعب الإسرائيلي ملاجئ جيدة.
في موضوع آخر أيضاً في الشق الإسرائيلي، في موضوع اغتيال الحاج عماد. ما زال هذا الدم يلاحقهم وما زال هذا القلق والخوف يسيطر عليهم في داخل الكيان وفي خارج الكيان خصوصا مع اقتراب الذكرى، أنا لن ادخل في تفصيل هذا الأمر ولكنني أريد أن أؤكد لكم أن القرار ما زال هو القرار وهذا قرار سينفذ إن شاء الله وفي الوقت المناسب وضمن الهدف المناسب، وأقول للقادة والجنرالات الصهاينة: حيثما ذهبتم في العالم وإلى أي مكان في العالم وفي أي زمان يجب دائماً أن تتحسسوا رؤوسكم لأن دم عماد مغنية لن يذهب هدراً.
نحن في لبنان في مواجهة إسرائيل أقمنا العدالة وحققنا الاستقرار، أقمنا العدالة بجزئيها بنسبة كبيرة، ولا أقول بنسبة كاملة ، حركات المقاومة من كل القوى والأحزاب اللبنانية ومعها مجاهدون وشهداء من الفصائل الفلسطينية استطاعت أن تعيد الحق إلى أصحابه، فببركة هذه الدماء وهؤلاء الشهداء أهل بنت جبيل رجعوا إلى بنت جبيل وأهل جزين رجعوا إلى جزين وأهل مرجعيون أيضاً وأهل حاصبيا،عادت الأرض والحقول والبيوت إلى أصحابها، وعادت الأرض إلى السيادة الوطنية. هذا جزء من العدالة، هذا لم يحققه لا مجلس الأمن ولا أميركا ولا القرارات الدولية ولا أحد، بل اللبنانيون وإخوانهم الفلسطينيون في لبنان وبمساندة ودعم من سوريا وإيران استطاعوا أن يحققوا هذا الجزء من العدالة.
والجزء الآخر من العدالة أن العديد من المجرمين قتلوا في ساحات المواجهة وكان منهم القائد الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية "غيرشتاين " الذي خلفه الآن بيني غانتس رئيس الأركان الجديد، ولكي تعرفوا رئيس الأركان هذا من هو، كان آخر سنة أو آخر سنتين في جنوب لبنان هو قائد القوات الإسرائيلية وهو القائد الفعلي لجيش لبنان الجنوبي (جيش أنطوان لحد) وهو الذي هزم، وهو الذي شهد الهزيمة، وهو الذي سحب قواته بهذا الشكل المذل، وهو الذي أغلق البوابة بين لبنان وفلسطين المحتلة، يعني أُتي برئيس أركان ممسوح خالص ويعرف ماذا يعني لبنان وجنوب لبنان، ويعرف ماذا تعني المقاومة في لبنان، وهو أيضاً كان قائد الذراع البرية في الجيش الإسرائيلي في حرب تموز 2006 التي عجزت عن الدخول إلى عيتا وإلى بنت جبيل، هو أحد قادة الهزيمة الإسرائيلية في حرب تموز وعنده تجربة طويلة عريضة وهو يعرف ماذا يعني لبنان.
أجرينا العدالة، جزءاً من العدالة، يعني الجزء الأول الذي هو إعادة الحق إلى أصحابه والجزء الثاني أن بعض هؤلاء المجرمين والمرتكبين نالوا جزاءهم على الأرض بفعل المقاومة وحققنا الاستقرار، من 25 أيار 2000 لعشية 12 تموز 2006 ست سنوات تقريبا نعم فيها الجنوب والبقاع الغربي ولبنان بحالة من الاستقرار لم يكن لها مثيل منذ 60 عاما وهذا الاستقرار كان نتيجة وجود مقاومة، فعل مقاومة، واحتضان مقاومة، الحرب كانت مشروعاً خاصاً (حرب تموز) لها سياقها ولها أهدافها، هي جزء من المشروع الذي كان في المنطقة وفشلت.
وبعد انتهاء الحرب، من 15 آب إلى اليوم، الجيش والمقاومة والشعب يصنعون استقراراً في الجنوب لم يكن له مثيل طوال عقود من الزمن.
إذن المقاومة هي التي تصنع الاستقرار وتصنع العدالة وبالتكامل مع الجيش والشعب وبالاحتضان نصنع العدالة ونصنع الاستقرار، نحن نحمي أرضنا وحدودنا ولا نحمي حدود العدو. الآن لا أريد أن ادخل بهذه الإشكالية التي البعض يدخل عليها بالمزايدات. واليوم، الذي يحمي لبنان هي هذه المعادلة بعد كل هذه التجارب.
أنقل إلى الوضع اللبناني، في الوضع اللبناني بطبيعة الحال نحن خلال الأسابيع القليلة المقبلة لدينا استحقاقات مهمة وعناوين دائما يعاد طرحها وإحياؤها من جديد وأنا سأشير إليها بالاختصار الممكن في بقية الوقت.
في عنوان سلاح المقاومة الأقرب إلى العنوان الذي سبق، أخذنا علما فيما استمعنا إليه من خطب أن ما تبقى من قوى 14 آذار مصمم على العودة إلى نغمة مسالة السلاح، وهو في كل الأحوال لم يترك هذه النغمة في يوم من الأيام حتى بعد أن دوّنت معادلة الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري، "ما فيه مشكلة"، قيل إن هذا موضوع خلاف وطني، صحيح، ونحن لم ندّعِ يوماً أنه موضع إجماع وطني، واليوم أرجع وأقول هو موضوع خلاف وطني، وكان منذ البداية موضوع خلاف وطني، قبل 82 وبعد 82، لا أريد قبل 82 أما بعد 82 وعلى إثر الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 هناك خلاف وطني حول موضوع المقاومة، السلاح يا إخوان تفصيل، الخلاف الجوهري هو حول موضوع المقاومة. السلاح تفصيل في موضوع المقاومة، نحنا مختلفون في لبنان، كنا وما زلنا، حول خيار المقاومة وهذا صحيح، وهذا ليس فيه بالمناسبة أي إدانة للمقاومة. بالعكس هذا فيه إدانة للذين منذ عام 1982 ثبّطوا عن المقاومة وخذلوا المقاومة وانتقدوا المقاومة وأخلوا ظهر المقاومة أو طعنوا المقاومة. هذا فيه عيب عليهم، ليس عيباً على المقاومة. المقاومة التي كانوا يريدون أن يعملوها من بعض الفريق الآخر في اتفاقية 17 أيار ان الجيش اللبناني كم يسمح له أن يدخل إلى الجنوب وكم عديد القوات وما نوع السلاح الذي يستخدمه، مثل "كامب ديفيد". واليوم كان هناك خبر محزن ومؤسف أن إسرائيل سمحت وأذنت بإدخال قوات جديدة من الجيش المصري الى سيناء من أجل ماذا؟ من أجل حماية شبكات الغاز التي تنقل الغاز المصري إلى إسرائيل.
يعني الجيش المصري إذا أراد أن يدخل قوات جديدة إلى سيناء وهي أرضه التي قدّم فيها خيرة ضباطه وشبابه شهداء يحتاج إلى إذن إسرائيلي بحسب كامب ديفيد.
هذه النخبة التابعة للفريق الآخر، كان المطلوب في 17 أيار أنه عندما تريد الحكومة اللبنانية أن تأخذ قراراً بإرسال كتيبة أو كتيبتين أو أن تزيد قواتها في الجنوب أو أن تدخل نوعاً معيناً من المدافع أو السلاح أن تستأذن حكومة العدو!
بفعل المقاومة اليوم، الحكومة اللبنانية تستطيع أن تجتمع وترسل خمسين ألف جندي إلى الجنوب "خلي الإسرائيلي يفتح تمه"، تستطيع أن ترسل أي نوع من السلاح إلى الجنوب، تستطيع أن تتحرك كما تشاء في الجنوب. الحرية التي حصلنا عليها في الجنوب هي حرية كاملة، عالية، راقية، حرية كنا جديرين بها بسبب دماء الشهداء وليس نتيجة اتفاقيات ولا استسلامات ولا مفاوضات مذلة. نعم، نحن مختلفون على خيار المقاومة وعلى سلاح المقاومة، وإذا كان هناك أحد ما خلال السنوات الماضية يناور علينا ويكذب علينا فإنه يقول لنا "بطّلت" اكذب! ممنونين، ممتاز جداً، فليقل كل واحد ما في قلبه، فليقل كل واحد موقفه الحقيقي، وبالتالي نعم هذا موضوع خلاف وطني.
نحن في السابق قبلنا أن نذهب إلى طاولة الحوار لمناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية، إذا كان موقفكم محسوماً ومنتهياً من موضوع المقاومة وسلاح المقاومة، أنتم يجب أن تقولوا لنا هل هناك داع لطاولة الحوار أم ليس هناك من داع؟ نحن نعتبر أن أصل ذهابنا إلى طاولة الحوار وقبولنا بالنقاش كان تنازلاً كبيراً لمصلحة لمّ البلد والانفتاح في البلد ومعالجة مشاكلنا بالحوار والتواصل، إذا هذا الموضوع حسم، جيد حتى لا تتعبوا فخامة رئيس الجمهورية والقادة السياسيين كل شهرين ثلاثة " خلص شو بدكم بهذه الطاولة إلغوها" لكن طبعاً إذا كانت الناس مستعدة للحوار نحن دائماً مستعدون للحوار لأننا أهل منطق وأهل بيّنة وأهل حجة وأهل استراتيجية أثبتت طوال التاريخ صحتها ودقتها وصوابيتها.
إذا كان في تقديركم أن الخطابات اليومية والبيانات اليومية يمكن أن تمس المقاومة وسلاح المقاومة فأنتم تتعبون أنفسكم لأمر فارغ كما أتعبتموها ست سنوات. واليوم، الوضع كله في المنطقة تغيّر، يا شباب اقرأوا جيداً وانظروا ماذا يحصل حولكم. هذا الإسرائيلي يقرأ، من المفيد أن يقرأ جميع الناس ماذا يحصل في المنطقة، الإصرار على خوض هذه المعركة أو تحويلها إلى واحد من عناوين أو عناوين ثلاثة للمعارضة الجديدة هو الإصرار على خوض معركة خاسرة خائبة لا نتيجة منها، ويعطيكم العافية، الذين تريدون فعله افعلوه "ولا تحملوا همّ".
أنتقل إلى العنوان الثاني، عنوان المحكمة: من نافلة القول أن نعود لنؤكد، نحن في لبنان جميعاً طلاب حقيقة وعدالة، ونؤكد أن العدالة شرط للاستقرار. لكن بعد كل هذه السنين دعوة هادئة لمراجعة هادئة لقيادات الفريق الآخر وجمهوره أيضاً بعد كل الذي رأيناه، هل المسار الذي سلكه التحقيق الدولي والمحكمة الدولية يوصل للحقيقة؟ وبالتالي يؤدي إلى العدالة؟ لأن شرط العدالة هو معرفة الحقيقة. أول شيء يجب أن نصل إلى الحقيقة وعلى ضوء الحقيقة نجري العدالة، وعندما نجري العدالة نضمن الاستقرار. هل المسار الذي سلكه هذا التحقيق موصل إلى الحقيقة؟
رأينا ملف شهود الزور ببعض جوانبه واستمعنا إلى طريقة التحقيق وإدارة التحقيق كيف هو تحقيق سياسي بالكامل، الكلام كله كلام سياسي: قال لي فلان وسمعت من فلان وفلان قال وفلان كذا ورأيي كذا وتقديري كذا وتحليلي كذا، هذه الأمور أين لها مكان في القضاء؟ هناك تحقيق أخذ اتجاها من اليوم الأول وعملوا كل شيء لأخذ الأمور في هذا الاتجاه وظُلم كثيرون في هذا المسار ومنذ مدة أخذوه في اتجاه آخر. هل مسار التحقيق وشهود الزور والتسريبات والتسييس والتوظيف وتجنب الفرضيات الأخرى والحكم قبل التحقيق وقبل حتى توجيه الاتهام، هل هذا المسار يؤدي الى الحقيقة؟ نحن معنيون كلبنانيين اذا كنا حريصين على الحقيقة لمناقشة هذا الامر وهل هناك طريق آخر للحقيقة؟ نعم هناك طريق آخر، وإذا جلسنا وتناقشنا نصل، لكن انتم ضيعتم هذه الفرصة، نحن على طاولة الحوار عندما كانت برئاسة دولة الرئيس الأخ الأستاذ نبيه بري، نعم، عندما جرى الحديث في موضوع المحكمة الدولية اتفقنا وقلنا نعم نحن مع مبدأ المحكمة الدولية، مع المبدأ، وفي الحقيقة كان هذا مراعاة للجو اللبناني وحرصاُ على الوضع الداخلي اللبناني ولمّ للوضع الداخلي اللبناني وليس اقتناعاً بالمحكمة الدولية ونزاهتها، لكن قلنا بوضوح على قاعدة أن القانون الخاص بالمحكمة الدولية يجب أن يناقش حتى نحصل على ضمانات عدالة وعلى ضمانات كشف حقيقة، وكل اللبنانيين يعرفون كيف تم تهريب المحكمة الدولية. إذاً من اليوم الأول كان هناك قرار بأن تأخذ المحكمة الدولية تأسيساً وتكويناً وعملاً باتجاه واضح ومسيّس وممنوع على أحد أن يناقش ليحصل على ضمانات عدالة.
اليوم، تريدون أن تكملوا بهذه المحكمة الدولية التي لا ترى إلا فرضية واحدة، التي تتجاهل كل الفرضيات، المحكمة الدولية المبتلاة بشهود الزور وبالتسريب وبالتسييس وبالفساد أيضاً؟ أنتم أحرار. إذا كان في رأيكم هذا الأمر يوصل إلى الحقيقة، إذا كان ما سيعلنه القرار الظني أو المحاكمات الغيابية هي الحقيقة فتصرفوا على ضوء هذه الحقيقة، ونحن في المقابل سنتصرف على ضوء ما نعرف حكماً أنه تزوير وأنه ظلم، لكن بكل صدق ليس هذا هو المسار الموصل إلى الحقيقة والمحقق للعدالة.
النقطة الثالثة: في الوضع اللبناني، الموضوع الحكومي وما جرى في الآونة الأخيرة.
ما تعرض له أو ما جرى على الفريق الآخر هو نتيجة أخطاء ارتكبها الفريق ألآخر، لكن المؤسف أن الأخطاء التي يتحدثون عنها ليست هي الأخطاء، أخطاؤهم هي شيء آخر. هم يدركون جيداً أنهم ارتكبوا أخطاء ولكنهم يشتبهون في معرفة الأخطاء التي ارتكبوها.
ما جرى أولاً هو نتيجة أخطاء ارتكبها هذا الفريق لكن أيضاً بسبب ما تعرض له المشروع الكبير في المنطقة، هذا الفريق كان جزءاً
من المحافظين الجدد، حبيبهم وصديقهم بولتون وإدارة جورج بوش وهناك مشروع كان هاجماً في أفغانستان وفي العراق وعلى سوريا وعلى إيران وعلى لبنان وعلى الفلسطينيين في غزة. هناك مشروع هيمنة وسيطرة، وهم جزء من هذا المشروع ومن هذه المنظومة، وهذا ليس تخوينا ولا اتهاماً، هذه حقائق واقعية خارجية والكل يعرف علاقة هذا الفريق مع فيلتمان وبولتون والادارة الاميركية السابقة والحالية، وما هي علاقة هذا الفريق مع المنظومة الاميركية في المنطقة ونظام حسني مبارك المخلوع. عندما يكون هناك مشروع ينهار ويتداعى فمن الطبيعي أن بقية الأعضاء ستشعر بالتداعي وبالوهن وبالضعف. لماذا أنتم متفاجئون؟ الذي يريد أن يقوم بمراجعة يجب أن ينظر إلى الموضوع كله. المنظومة الأميركية التي عملوا كجزء منها تتفكك وتتساقط، وبطبيعة الحال هناك نوع من الضعف والوهن والتساقط. أنا ادعوهم إلى إجراء مراجعة وقراءة واقعية للتطورات وأن لا يضيّعوا في تشخيص الأخطاء والصواب، والكثير مما سمعته منهم وافترضوه أخطاء لم يكن أخطاء، الأخطاء هي أمور أخرى.
يجب أن نعود إلى الجذور لنكتشف الأخطاء الحقيقية، وأول هذه الأخطاء هي أن نكون جزءاً من المشروع الأميركي في المنطقة، وأكبر هذه الأخطاء هو أن نكون جزءاً من المنظومة الأميركية في المنطقة، وأكبر وأعظم هذه الأخطاء هو أن نرهن مصير لبنان بمصير السياسات الأميركية في المنطقة، ومن أكبر هذه الأخطاء أن نستقوي بأميركا والغرب ومجلس الأمن والقرارات الدولية على شعبنا وعلى بلدنا مثل ما يريدون أن يفعلوا الآن، أي إنهم سيعودون ويرتكبون الخطأ نفسه، يعني تعالوا لنذهب إلى أمريكا ونقوم بالتحريض في أمريكا ـ ولا ينقص أمريكا التحريض ـ وفي فرنسا وفي الغرب وفي بريطانيا وفي الاتحاد الأوروبي وفي بقية العواصم العربية ـ وإن كان أغلبهم الآن مشغول بأنفسهم ويتحسسون رؤوسهم ـ تعالوا لنحرضهم على الرئيس نجيب ميقاتي وعلى الحكومة الجديدة ونقنع العالم كله أنها حكومة حزب الله وإيران وولاية الفقيه، "يا ريت".
لقد كان أصل المواجهة من بدايتها يعتمد على الكذب والظلم، وعادوا للأخطاء السابقة نفسها. أنا اليوم واحد من الناس تعرفون لماذا أشعر بضعف ووهن الفريق الآخر؟ لأنه يكذب، لأنه يظلم ، لأنه يكذب على نفسه وعلى العالم وعلى جمهوره، هم يعرفون أن هذه الحكومة ليست حكومة حزب الله وهم يتفاوضون مع الرئيس ميقاتي ويعرفون كل شيء يحصل مع الرئيس ميقاتي، ويعرف كل اللبنانيين والسفراء الأجانب أيضاً أن الرئيس ميقاتي يتحدث مع حزب الله كما يتحدث مع رؤساء الكتل النيابية الأخرى والقوى السياسية الأخرى وأن الرجل يملك قراره، ويقول نعم وكلا، وهذه أقبل بها وهذه لا أقبل بها، وهذه تناسب وهذه لا تناسب، وهذا واقع الحال.
عندما تأتي وتظلم رجلاً فهذا ما يسيء لمقام رئاسة الحكومة، أنتم تسيئون لمقام رئاسة الحكومة، تأتي وتتهم رجلاً أنه تابع لحزب الله وليس بتابع لحزب الله، وان حزب الله يشكل الحكومة وحزب الله لا يقوم بتشكيل الحكومة ولو أن حزب الله يقوم بتشكيل الحكومة لكانت انتهت من أول يومين.
هذا يعني أن الوسائل التي تستندون إليها هي وسائل غير نزيهة وغير شريفة وغير صحيحة. اليوم استجرار الضغط الخارجي الأميركي أو الغربي أو الأوروبي على الحكومة اللبنانية الجديدة، على حكومة الرئيس ميقاتي هل هي مصلحة وطنية؟ من أجل ماذا تريدون أن تستقووا بالعالم على هذه الحكومة؟ من أجل السلاح؟ يعني إذا استقويتم بالعالم على الحكومة سوف تحلون مشكلة سلاح المقاومة؟ هذا موضوع، قلنا لكم قبل قليل إنكم تعذبون أنفسكم على الفاضي. أكثر من مجلس الأمن و1559 وأمريكا كانت تجتاح المنطقة وحرب تموز، ماذا سوف يصنعون أيضاً؟ هذا الموضوع انتهينا منه. تريدون أن تستقووا بالعالم على هذه الحكومة من أجل ماذا؟ فلنحسن الظن: يريدون أن يأتوا بضغط أميركي وغربي على الحكومة اللبنانية من أجل إنجاز إصلاحات سياسية ومالية وإدارية؟ يمكن! من أجل مصادرة أموال الناهبين الذين نهبوا أموال اللبنانيين خلال كل السنوات الماضية؟ يمكن! كما يجري الآن في بلدان عربية آخرى. من أجل كشف حقيقة الـ 11 مليار دولار؟ من أجل معالجة المشكلات الحياتية اللبنانية؟ الحكومة الماضية أعطيت سنة كاملة وهم ليسوا حاضرين لأن يعطوا يوماً كاملاً للرئيس نجيب ميقاتي، أعطيت سنة كاملة حكومة وحدة وطنية، أسندت لرئيسها الوسادة؟
ماذا فعلت هذه الحكومة وماذا فعل رئيس هذه الحكومة؟
من بلد الى بلد. هل يمكن إدارة لبنان على طريقة الأمراء؟ لا يمكن. لبنان بحاجة الى رئيس حكومة والى وزراء في حكومة تقعد في بيروت، تسمع للناس وتحل مشاكلهم وتعالج قضايا الناس وتشعر بآلامهم، بفقرهم، بحرمانهم، بأزماتهم المعيشية، بحكومة يشعر الناس أنها معهم في السرّاء والضرّاء، بحكومة يشعر جيشها في مواجهة العديسة أنها معه وإلى جانبه "مش عم تشم هوا" كل لبناني يتطلع الى حكومة جادة، إلى حكومة جديرة بتحمل المسؤولية، إلى حكومة تأخذ على عاتقها هذه المهام وهذه الملفات وتصغي الى الناس وليس للسفراء، إلى حكومة تصغي إلى ابن عكار والشمال والجبل والجنوب والبقاع وبيروت وليس لفيلتمان وبولتون وكونللي وغيره من السفراء. هذا الذي نتطلع له نحن. "رح يطلعوا يقولوا: الأكثرية الوهمية" طيب. نحن بقينا نقول أربع سنين "الأكثرية الوهمية" وما قدرنا نعمل شي. قول اللي بدك ياه، ما أنا كنت قول الأكثرية الوهمية وانتم عن جد كنتم أكثرية وهمية، اليوم الأكثرية الحالية هي أكثرية حقيقية والأكثرية النيابية عادت إلى الأغلبية الشعبية التي تحققت في 2009. اليوم تطابقت الأغلبية النيابية مع الأغلبية الشعبية
لكن هذا سجال لا يقدم ولا يؤخر. هناك رئيس حكومة مكلف، هناك حكومة ستتشكل. هل يمكن أن نحقق في الأغلبية الجديدة حكومة من هذا النوع؟ هذا ما يجب أن نسعى إليه وما نحرص عليه. كثير مما قيل في الصحف حول التعقيدات هو غير صحيح. بطبيعة الحال، مثل أي حكومة لبنانية تتشكل، أصلاً هي مقسّمة مسلمين ومسيحيين وطوائف ومذاهب وحقائب وحتى الحقائب مستويات وأنواع وتصنيفات. نحن لا دخل لنا في هذا الموضوع والتأخير الذي حصل حتى الآن مرتبط بأنه يفترض أن الفريق الآخر يحسم خياره. يعني ما يزال الرئيس المكلف يعيش على أمل مشاركة قوى أخرى، ونحن دائما كنا حريصين على حكومة شراكة وحكومة وحدة وطنية. إذا كان هناك اناس يريدون المواجهة ويريدون أن يأتوا بأمريكا والغرب والأساطيل ـ بعد في أساطيل تأتي من أجلهم؟ ـ هم أحرار. في نهاية المطاف الأصل كان أن تشكل شراكة وطنية ووحدة وطنية إذا لم يمكن ذلك، فلا يمكن أن يبقى البلد دون حكومة وإذا حسمت هذه النقطة بطبيعة الحال على الكتل النيابية والقوى السياسية التي أيدت تكليف دولة الرئيس نجيب ميقاتي انه تشد همتها خلال الفترة القليلة المقبلة حتى تعالج هذا الموضوع وتتشكل حكومة جدية تتحمل المسؤولية في لبنان.
نحن نتطلع الى أن تنجز حكومة من هذا النوع لكي تتحمل المسؤوليات.
في الحقيقة نحن في السادس عشر من شباط في كل سنة من مثل هذا اليوم نستعيد ذكرى هؤلاء القادة العظام الذين تعلمنا منهم الصبر والتحمل، ومن جهة أخرى العزم والثبات، الشجاعة، القوة، الإرادة، ومن جهة ثالثة التضحية الاستعداد للعطاء بلا حدود، بذل الدم وماء الوجه.
في هذا اليوم نحن بالتأكيد في مرحلة نقول لقادتنا الشهداء ولكل شهدائنا إن دماءكم الزكية، جهادكم الدؤوب والطويل، الحمد لله أدخلنا في زمن الانتصارات. ومنذ أن عرفناكم وسمعناكم وشهدنا جهادكم وشممنا رائحة دمكم الزكية الفواحة التي قدمت من أجل أقدس قضية دخلنا زمن الانتصارات وأغلقنا خلفنا أبواب زمن الهزائم.