كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله التي ألقاها غروب يوم الجمعة خلال احتفال يوم القدس العالمي في "حديقة إيران" في بلدة مارون الراس الجنوبية على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله التي ألقاها غروب يوم الجمعة خلال احتفال يوم القدس العالمي في "حديقة إيران" في بلدة مارون الراس الجنوبية على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد ابن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.. السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا*عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)
أولاً: أرحب بكم جميعاً، الإخوة والأخوات، والسادة والسيدات، في هذا اليوم أسأل الله تعالى أن يتقبل منكم وأن تحتسبوا هذه الساعات وخصوصاً تحت الشمس جزءاً من عبادتكم وجهادكم في شهر العبادة، في شهر الشهادة وفي شهر الحق وفي شهر النطق بالحق، ولهذا اختار الإمام الخميني (قدس سره) آخر يوم جمعة من شهر رمضان ليكون يوماً للقدس، لخصوصية وقدسية وعظمة وفضل وشرف هذا الزمان، هذا الشهر، هذه الأيام، وهذا اليوم بالتحديد. واخترنا في هذه السنة أن يكون لقاؤنا وأن يكون إحياؤنا يوم القدس، في هذه البلدة، في هذه البقعة.
طبعاً، هنيئاً لكم وأنتم تملأون عيونكم من مشاهد تلال فلسطين وتملأون برائحة عطرها وطيبها الفواح، اخترنا هذه البقعة أيضاً لدلالة المكان، فتضحيات شعبنا في لبنان وخصوصاً في الجنوب وتضحيات وجهاد المقاومين والجيش اللبناني حوّلت العديد من المدن والقرى والبلدات والتلال والوديان إلى رموز، عندما تذكرها تحضر مع الاسم معاني ودلالات وقيم جهادية ووطنية وقومية وإنسانية وإيمانية وأخلاقية راقية، ومن جملة هذه الرموز بلدة مارون الراس وما تعني وخصوصاً من خلال موقعها وتضحيات وثبات أهلها ومقاوميها في حرب تموز.
وأيضاً هذه البقعة التي شهدت قبل أشهر قليلة وقفة بطولية لرجال ونساء وشباب وشابات فلسطينيين من مخيمات لبنان الذين أكدوا تمسّكهم بحقهم بالعودة على ديارهم وأرضهم وقالوا للعالم بالدم إن عشرات السنين لا يمكن أن تجعل أرض فلسطين أرضاً منسيّة، لا لدى أهلها ولا لدى أمّتها.
اليوم نلتقي هنا لنحيي هذه المناسبة التي أرادها الإمام الخميني وبعده الإمام الخامنئي، أرادوها مناسبة لإحياء قضية يحاول الاستكبار والغرب وكل عملائه أن يدفعوها إلى دائرة النسيان. نحييها لتبقى في دائرة التذكر، في الذاكرة، في الوجدان، وأيضاً نحييها لتبقى في دائرة المسؤولية وتحمّل المسؤولية عل كل صعيد، جهادياً وسياسياً وإعلامياً ومالياً وتثبيتاً وصموداً وثقافياً وإيمانياً، والتأكيد أن القدس وفلسطين هي جزء من ديننا وثقافتنا وحضارتنا وصيامنا في شهر رمضان وقيَمنا وصلاتنا وجهادنا وبدونها تفقد الصلاة والصيام والجهاد وكل هذه القيم الكثير من معناها ومن أصالتها.
أيها الإخوة والأخوات: في الوقت المتاح أنا سأتحدث عن جملة تطورات ومن باب فلسطين ولصلتها بفلسطين، سأتحدث بالاختصار الممكن عن فلسطين أولاً واستحقاقاتها الحالية، مصر أيضاً من بوابة فلسطين، ليبيا، سوريا وأُنهي حديثي في لبنان.
نبدأ من فلسطين واستحقاقاتها القائمة:
أولاً في مسألة القدس المدينة المقدسة، يجب التنبّه ورفع الصوت عالياً إزاء ما تتعرض لها المدينة المقدسة يومياً من عمليات تهويد سواءً فيما يتعلق بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وتعرضاً لخطر التهديم أو بناء كُنُس يهودي جديدة أو التضييق على المقدسيين في حياتهم وأرزقاهم وسكنهم أو تهجير القدسيين أو بناء المزيد من المستوطنات في القدس وفي محيط القدس. قبل أيام صدر التقرير السنوي لمؤسسة القدس الدولية والذي تصدره في مثل هذه الأيام من كل عام وهو يدعوا إلى القرف حقاً.
هناك مسؤوليات إعلامية وسياسية ومالية اتجاه القدس، وإن لم نتحدث الآن عن المسؤوليات الجهادية المباشرة من أجل حماية المقدسات وتثبيت المقدسيين في أرضهم يجب أن تتحملها دول وحكومات وشعوب عالمنا العربي والإسلامي إلى جانب الشعب الفلسطيني وبالخصوص دول جامعة الدول العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي باسمها الجديد.
ثانياً فلسطين: التأكيد في يوم القدس أن فلسطين التي نؤمن بها وهي حق الفلسطينيين وحق هذه الأمة، هي من البحر إلى النهر، ولذلك نعيد الصدح بالحق انه لا يجوز لأحد أن يتنازل عن حبة تراب من فلسطين ولا عن قطرة ماء من فلسطين، واليوم يجب أن نزيد، ولا عن نقطة نفط أو غاز من نفط فلسطين أو غاز فلسطين الذي تنهبه إسرائيل، ولا عن حرف من اسم فلسطين كما كان يحاول القذافي أن يسوّق لدولة "إسراطين". إن كل حرف من اسم فلسطين هو ككل حبة تراب ونقطة ماء، لا يجوز لأحد أن يتنازل عنه، وليس لأحد تفويض على الإطلاق أن يتنازل عنه.
أما إقامة دولة فلسطينية على أراضي "السبعة وستين" فهي شأن فلسطيني يقرر فيه شعبنا الفلسطيني، ولكن ما نضيفه نحن أن أي كيان فلسطيني أو دولة فلسطينية لا يجوز أن تكون على حساب بقية فلسطين وبقية أرض فلسطين وتراب فلسطين وشعب فلسطين.
طموحنا الحقيقي جميعاً أن يأتي اليوم الذي تقوم فيه دولة فلسطينية مستقلة على كل أرض فلسطين من البحر على النهر، وستقوم هذه الدولة إن شاء الله.
في يوم القدس يجب أن نستذكر الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، يجب أن نستذكر قطاع غزة المحاصر والمعتدى عليه في كل يوم، والذي يقدّم الشهداء في كل يوم، يجب أن نستذكر الضفة الغربية التي يُقتطع المزيد من أراضيها لتبنى عليها المستوطنات، يجب أن نستذكر أراضي 1948 وشعبها الوفي والعزيز، هذه الأرض الذي يُعمل على تهويدها بقوة من خلال المشاريع الجديدة، يجب أن نستذكر اللاجئين الفلسطينيين في كل أرض الشتات وخصوصاً في لبنان، الذين سأعود إليهم في عنوان لبنان.
لكن أيها الإخوة والأخوات، ونحن نستذكر كل هذه العناوين وهذه المشكلات الصعبة والقاسية والمؤلمة يجب أن نلتفت إلى إن هذه المشكلات هي نتاج الاحتلال، هي نتاج سبب واحد هو احتلال فلسطين، وبدل أن نذهب إلى معالجة المشاكل الناشئة بالتقسيط ونبحث عن حل لهذه القضية ولهذه المشكلة ولهذه الأزمة يجب أن نذهب لمعالجة السبب الرئيسي.
لو استطعنا أن نُزيل الاحتلال لن تكون هناك مشكلة قدس ولا لاجئين ولا مستوطنات ولا دولة مستقلة ولا أسرى في السجون ولا خيرات منهوبة، وهذا هو نداء الإمام الخميني في يوم القدس: أن نذهب لنعالج السبب الحقيقي وهو الاحتلال، احتلال فلسطين. لتتركز كل الجهود لمعالجة هذا السبب وليس لنعالج النتائج، تماماً كما حصل في لبنان، عندما عولج السبب زالت النتائج وانتهت المشكلات الناشئة عن الاحتلال المباشر للأرض اللبنانية، إذا كان لبنان اليوم وإذا كانت المنطقة تعاني من مشكلات من إسرائيل فبسب احتلال فلسطين، إذاً احتلال فلسطين هو ليس سبب مآسي الفلسطينيين فقط، هو دائماً وأبداً كان سبب مآسي الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين وسبب مآسي كل هذه المنطقة وكل هذه الأمة.
ولذلك يجب أن تتركز الجهود هنا في هذه النقطة بالتحديد، وخصوصاً بعد انسداد أفق المفاوضات، ويوماً بعد يوم يؤكد الشعب الفلسطيني سواءً في الشتات أو في فلسطين المحتلة أن خياره هو خيار المقاومة، وما العملية النوعية الأخيرة في إيلات والتي هزّت الكيان الصهيوني وقيادته السياسية ومؤسساته العسكرية والأمنية إلا شاهد على وهن هذا العدو وعلى عزم هذا الشعب الذي يُقاوم ويُقاتل ويتحمل التبعات والتضحيات بعد كل عملية كما جرى ويجري هذه الأيام على أهلنا في قطاع غزة. هذا هو الطريق الموصل، الشعب الفلسطيني هو الذي اختار خياره، لم يدلّه أحد عليه، ولم يفرضه أحد عليه.
أما الأمة فمسؤوليتها في يوم القدس أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لتسانده وتدعمه وتقوّيه. كما تمكّن اللبنانيون بمقاومتهم ودعم الأصدقاء والمخلصين في هذه الأمة من تحرير أرضهم سيتمكن الفلسطينيون أيضاً بدعمنا جميعاً ومساندتنا جميعاً ووقوفنا جميعاً إلى جانبهم من أجل تحرير أرضهم، بالتأكيد التحولات التي تجري في المنطقة الآن هي مهمة جداً لمصلحة فلسطين والقضية الفلسطينية، ونحن إذ نقف الآن أمام بعض هذه التطورات يجب علينا أن ندفع التطورات الإيجابية لمصلحة فلسطين أكثر، وإذا كان هناك من تطورات أو تحولات سلبية على فلسطين والقضية الفلسطينية، يجب أن نعمل على معالجة التطورات السلبية بالحكمة وبالعقل وبالمنطق.
لو بدأت من مصر ببعض كلمات، ما نشهده في هذه الأيام في مصر من وقفة رسمية وشعبية، أياً يكن حجمها وأياً يكن تقييمها، وأياً يكن حجم التوقعات منها والمطالبات لها، هي بالتأكيد مؤشر على مرحلة جديدة في مصر، لو كان نظام حسني مبارك ولو كانت قيادة حسني مبارك هي المسيطرة والمهيمنة لكان رد الفعل مختلفاً، بل لكان الغضب الرسمي المصري سيحل على الفلسطينيين، ليحمّلهم مسؤولية وتبعات عملية إيلات، وتبعات استشهاد ضباط وجنود مصريين على الحدود المصرية – الفلسطينية. اليوم في الموقف الرسمي وفي الموقف الشعبي الأهم، الآلاف الذين ما زالوا يفترشون الأرض أمام سفارة "إسرائيل" في القاهرة، ويطالبون بطرد السفير الإسرائيلي، هذا لم يكن يحصل في السابق، هناك فارق كبير بين أن توجّه مصر رسالة للصهاينة وتحذرهم من الاعتداء على غزة كما يجري الآن، وأن تُغطي السلطة المصرية عدوان غزة كما حصل سنة2008، عندما أُعلن العدوان على غزة من القاهرة للأسف، هناك فارق كبير بين أن يتظاهر المصريون وينزعوا العلم الإسرائيلي عن السفارة المصرية وبين أن يوجّه الرصاص إلى صدورهم، كما كان يجري في زمن حسني مبارك، عندما أرادوا أن يتظاهروا تضامناً مع غزة عام2008.
عندما تتحرك مصر فهذا يعني أن هناك تحولاً إستراتيجياً مهماً في المنطقة، أنظروا أيها الأخوة والأخوات، ما جرى في الأيام القليلة الماضية أنا لا أسميه تحركاً مصرياً، أستعمل عبارة عامية:"نحنحة"،"يعني تنحنحت مصر شوي"، فاهتزت إسرائيل، حيث خرج نتنياهو بالرغم من قساوة ونتائج عملية إيلات النوعية، وبالرغم من أن المجاهدين في قطاع غزة ردوا على الاعتداء بقصف المستعمرات في جنوب فلسطين بالكاتيوشا، خرج نتنياهو ليقول للإسرائيليين: لا نستطيع أن نذهب إلى عملية برية واسعة ضد غزة لأن هذا سيؤثر على علاقاتنا مع مصر، والمصريون لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم"تنحنحوا"، فكيف لو أن الموقف المصري بدأ يتبدل تدريجياً بالاتجاه الأفضل والاتجاه الأحسن، وهذا هو ما نراهن عليه ونتوقعه، نتيجة معرفتنا بأصالة وعظمة الشعب المصري والجيش المصري.
نذهب إلى ليبيا، لا شك أن نظام القذافي قد ارتكب الكثير من الجرائم والكثير من الأخطاء، بحق شعبه وبحق القضية الفلسطينية، من جملة جرائمه بحق القضية الفلسطينية وبحق لبنان كان أحتجاز الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه سماحة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ عباس بدر الدين، في مثل هذه الأيام تم احتجازهم، وهم ضيوف على القذافي، هذه جريمة الاحتجاز ارتُكبت خدمةً للمشروع الإسرائيلي، كلنا يعرف الإمام موسى الصدر ماذا يعني، الإمام موسى الصدر للمقاومة في لبنان وفي فلسطين ماذا يعني، للقضية الفلسطينية ماذا يعني، للقدس ماذا. كانت فلسطين في عقله وإرادته وقراره، ماذا كانت تعني المقاومة الفلسطينية له وهو الذي كان يقول "إنني أحمي المقاومة الفلسطينية بعمامتي ومحرابي ومنبري"، في تلك السنوات التي كانت تتعرض فيها المقاومة الفلسطينية لخطر التصفية، تم اختطاف الإمام واحتجاز الإمام ما أدى إلى كل ما جرى بعد احتجاز الإمام، هو من النتائج التي كانت تستهدف المقاومة الفلسطينية واللبنانيين على حدٍ سواء، ولا أريد أن أعود إلى تلك المرحلة.
هذه هي أكبر جريمة اُرتُكبت، لو قُدر أن يبقى الإمام موسى الصدر حاضراً في هذه الساحة سنة 1978وما بعدها، لكانت هناك تحولات كبرى لمصلحة المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية والوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية في لبنان وفي المنطقة.
اليوم نحن نتطلع إلى الأخوة الليبيين، إلى الثوار وإلى المجاهدين في ليبيا، أن يضعوا حداً نهائياً لهذه القضية المأساوية ولهذا الاحتجاز الإجرامي، ونأمل وكلنا أمل أن يعود الإمام ورفيقاه إلى لبنان أحياء سالمين غانمين إن شاء الله.
أيضاً من جرائم هذا النظام أنه أخذ ليبيا بعيداً عن فلسطين وعن العالم العربي، يوم يريد أن يذهب إلى أميركا اللاتينية ويوم يريد أن يذهب إلى أفريقيا، وتنكر لفلسطين وللقضية الفلسطينية، اليوم المرجو أيضاً من الثائرين والمجاهدين في ليبيا أن يُعيدوا ليبيا إلى العالم العربي، وأن يعيدوا ليبيا إلى فلسطين، ونحن نعرف ثقافة هذا الشعب ووجدان هذا الشعب، لا يمكن لشعبٍ قاوم الاحتلال أي احتلال، وقدّم في مقاومته مئات آلاف الشهداء وقادة شهداء بحجم عمر المختار، إلا أن يعود إلى فلسطين، لتكون حاضرة قوية في قراره وفي سياسته وفي خطته، وإن كنا نعرف أن الشعب الليبي اليوم أمام مسؤوليات جسيمة، في حفظ الأمن والوحدة وإعادة بناء الدولة، ولكن الاستحقاق الأخطر هو استحقاق الاستقلال والسيادة في مقابل الهجمة الأميركية الغربية المتوقعة لاستلاب خيرات ليبيا وقرار ليبيا، الرهان هنا من جديد على أصالة الشعب الليبي.
أصل إلى التطورات في سوريا، من زاوية فلسطين، في يوم القدس الحق الذي يجب أن يُقال وأن لا يخاف فيه أحدٌ لومة لائم، أياً كان هذا اللائم، الحق الذي يجب أن يُقال ولا يجوز أن يتجاهله أحد أو ينساه أحد، هو حقيقة موقع سوريا، وهذه القيادة السورية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وفي القضية الفلسطينية بالتحديد، يكفي في الإيجاز اليوم، أن أقف أمام أمرين:
الأمر الأول: تمسك القيادة السورية ومن خلفها شعب سوريا العزيز وجيشها الشجاع بالثوابت الوطنية، فيما يعني الحقوق السورية، كل حبة رمل وكل قطرة ماء سورية، وتمسك هذه القيادة بالحقوق العربية، هذا التمسك في مقابل الضغوط الدولية والأميركية والغربية، وخلال العقود الماضية التي شهدت انهيارات كبرى، من الإتحاد السوفييتي إلى العالم العربي إلى الغزو الأمريكي المباشر لمنطقة الخليج ومؤخراً للعراق، كل هذا لم يهزّ أعصاب هذه القيادة ويؤثر على تمسكها بالحقوق السورية والحقوق العربية، لو تنازلت وتخلّت وضعفت القيادة السورية، فإنه، ولنتكلم باللغة العامية" لكانت مشت التسوية في المنطقة وضاعت فلسطين وقضية فلسطين"، لطالما حصلت ضغوط لإحياء المسار السوري ليصل إلى نتيجة من أجل محاصرة الفلسطيني، وصمد السوريون ولم يستسلموا.
إذاً أيها الأخوة والأخوات وأيها العرب والفلسطينيين، السوري صمد والمسار الفلسطيني يتشظى في المفاوضات، كيف لو أن السوري تنازل؟!، كيف لو أن السوري حلّ مشكلته مع الإسرائيلي، ترك القضية الفلسطينية والفلسطينيين لمصيرهم؟! أين كانت اليوم القضية الفلسطينية؟! لذلك بحق يقال وأقول: إن هذه القيادة السورية لها فضلٌ كبير في حفظ وصيانة القضية الفلسطينية ومنع تصفية القضية الفلسطينية، التي كانت دائماً هدفاً لكل الغزوات والمؤامرات الأميركية والغربية في منطقتنا.
هذا أولاً ولا يجوز أن يُنسى، وبقاء هذا الموقف السوري هو شرط أساسي لبقاء القضية الفلسطينية ومنع تصفيتها.
الأمر الثاني الذي يجب أن نُذكر به: وقوف سوريا وهذه القيادة بالتحديد إلى جانب المقاومة وخصوصاً في لبنان وفلسطين، وليس وقوفاً فقط، دعمها للمقاومة في لبنان وفي فلسطين، وهذا من أهم العوامل المؤثرة، حتى اليوم عندما يتكلمون،عن أنه حتى الدعم الإيراني جزء كبير منه يمر عبر سوريا، لولا إرادة سوريا وموقفها فإنه حتى الدعم الإيراني كان يمكن أن يُحال بينه وبين لبنان، وبينه وبين فلسطين.
عندما تجلسون الآن على هذه البقعة من الأرض في جنوب لبنان في جبل عامل ويراكم الناس على التلفزيون، هذه الأرض ما كانت لتتحرر لولا المقاومة المنتصرة عام 2000، وما كانت المقاومة لتنتصر عام 2000 لولا عوامل من أهمها الدعم السوري ووقفة القيادة السورية. اليوم أنتم تجلسون على أرض مارون الراس التي رفعت رأس لبنان والعرب، هذه الأرض قاتلت وقاومت أيضاً بدعم من سوريا، ولا أريد الآن أن أدخل في تفاصيل حتى لا أحرج القيادة السورية، ليس دعماً معنوياً وليس فقط دعماً سياسياً. المقاومة في فلسطين، الصمود في غزة 2008، قوة قطاع غزة اليوم، أيضاً لا أريد أن أدخل في تفاصيل لأنني لا أريد أن أحرج أحداً ، ولكن في الحد الأدنى قيادات وحركات المقاومة الفلسطينية في غزة يعرفون أداء وسلوك وفضل هذه القيادة السورية من أجل أن تصمد غزة وتكون غزة قوية رغم أن هذا الأداء وهذا الدعم كان دائما يستجلب على القيادة السورية المزيد من الضغوط والتهديدات الأميركية والغربية. هذان الأمران لا يجوز أن ينساهما أحد هذا من جهة.
ومن جهة أخرى كلنا يقول ويؤيد الحاجة إلى إصلاحات كبيرة وهامة في سورية لتتطور سوريا، لتصبح أفضل ولتصبح أقوى من أجل شعبها ومن أجل أمتها، ومن أجل كل المنطقة ونتيجة موقعها الهام في المنطقة.
إذاً، نحن نريد في سوريا هذا الموقف القومي، وأقول كلنا جميعاً، السوريون واللبنانيون والشعوب العربية والإسلامية، كل أحباء فلسطين والقدس نريد في سوريا الموقف القومي ونريد سوريا القوية بالإصلاحات والتطوير.
هذا ماذا يعني؟ هذا يعني أنه يجب أن يعمل كل من يدعي الصداقة ويقول سوريا دولة صديقة وشقيقة وكل من يدعي الحرص على سوريا وعلى شعبها وعلى دمائها وعلى مستقبلها وعلى وحدتها الوطنية أن تتضافر الجهود لتهدئة الأوضاع في سوريا ولدفع الأمور إلى الحوار وإلى المعالجة السلمية .
إن أي اتجاه آخر أو سلوك آخر هو خطر على سوريا وعلى فلسطين وعلى كل المنطقة، أولئك الذين يطالبون اليوم بتدخل دول الناتو عسكرياً في سوريا، هل هؤلاء يريدون مستقبل سوريا أم تدميرها؟
الذين يريدون دفع سوريا إلى حرب أهلية, الذين يخطبون اليوم وعلى الكثير من الشاشات ويستخدمون التحريض الطائفي والمذهبي، قوة سوريا دائما كانت إنها محكومة بالشعور الوطني والقومي. هم يريدون أن تصبح سوريا كلبنان، طائفية ممزقة متناحرة متصارعة، في لبنان كل صغيرة وكبيرة تأخذ بعداً طائفياً, لبنان دائماً يعيش على حافة حرب أهلية تحضر له من الخارج أو أحياناً من بعض السيئين في الداخل. سوريا حافظت على وحدتها طوال هذا التاريخ لأنها محكومة بالمشاعر القومية والوطنية، هكذا كانت، هكذا يجب أن تبقى.
من يحيي النعرات والنزعات ويحرّض طائفياً ومذهبياً في سوريا يريد تدميرها وتخريبها وإسقاط موقعها .
اليوم هناك من يريد أن يدفع سوريا إلى التقسيم خدمة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي مزّقناه في لبنان مع سوريا وإيران وكل الأشقاء في حرب تموز وحرب 2008 ، لذلك أنا في كل صراحة، أنا في يوم القدس أقول: الإخلاص للقدس الإخلاص لفلسطين الإخلاص للبنان حتى هؤلاء الذين من اللبنانيين يساعدون على توتير الأوضاع في سوريا ويرسلون السلاح ويحرضون هؤلاء لن يبقوا، لبنان ليس بمنأى، التطورات في سوريا ستطال المنطقة كلها، أي تطور سلبي أو سيء سيطال المنطقة كلها وأي تطور إيجابي سيكون لمصلحة المنطقة كلها... كما قال الرئيس الأسد قبل أيام، أميركا والغرب تريد من القيادة السورية تنازلات ولا تريد منها إصلاحات، آخر ما يهم أميركا هو الإصلاحات بدليل أن هناك دولاً أخرى في العالم محكومة بدكتاتوريات قاسية ـ ولا أريد أن أدخل في أسماء ـ وليس فيها أي مساحة لا للديمقراطية ولا لحرية التعبير الرأي ولا حتى للحريات الشخصية ولكنها تحظى بدعم وتأييد وحماية أميركا وفرنسا وبريطانيا والغرب.
المسألة إذاً ليست مسالة إصلاحات، المسألة هي مسالة تنازلات، يجب أن نقف جميعاً مع سوريا حتى لا تتنازل وتبقى في موقعها وقوتها القومي وحتى تتمكن من تحقيق الإصلاحات براحة بطمأنينة بثقة لأنه أيضاً تحت الضغط هذا يبطئ الإصلاحات ولا يمكن أن يمشي أحد سريعاً في إصلاحات تحت الضغط لأن هذا يدعو إلى القلق. الطمأنينة، الثقة، الهدوء، الانفتاح، التعاون، الحرص على الوحدة الوطنية هو الذي يفتح أبواب الإصلاحات على مصاريعها، ونحن نعلم جديّة القيادة السورية في هذه الإصلاحات.
أصل إلى لبنان
في لبنان أيها الإخوة والأخوات، موقع لبنان اليوم، نحن نتحدث اليوم بـ 2011 من مارون الراس، موقع لبنان في هذه القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي أصبح موقعاً مختلفاً تماماً.
دائماً وأبداً كان هناك خشية من اللبنانيين أن أي معالجة في المنطقة، أي تسوية في المنطقة، وأي حل في المنطقة يكون على حساب لبنان. لماذا؟ لأن لبنان هو الحلقة الأضعف. هذه انتهينا منها .
فليسمع العالم كله: لم يعد لبنان الحلقة الأضعف في هذه المنطقة ولن يأتي يوم يعود فيه لبنان الحلقة الأضعف في هذه المنطقة
لبنان القوي هو الذي يحمي سيادته واستقلاله ومصالحه، ولذلك عندما يتحدث البعض عن مخاوف التوطين، لو كان لبنان ضعيفاً يحصل فيه توطين، لبنان القوي لا يحصل فيه توطين.
التوطين لو أرادته الدنيا كلها ورفضه اللبنانيون والفلسطينيون المقيمون في لبنان وهما يرفضانه.
الفلسطينيون المقيمون في لبنان يرفضون التوطين وهذا ما يعبروا عنه كل يوم وكل مناسبة.
دماؤهم الزكية عند الشريط الشائك في مارون الراس شهادة على أنهم يرفضون التوطين ولا يرضون عن فلسطين بديلاً، واللبنانيون إذا كانوا ملتفين حول معادلة المقاومة والجيش والشعب لا يستطيع أحد في العالم أن يفرض عليهم التوطين.
نعم إذا أراد بعض اللبنانيين أن يتآمروا وأن يتواطأوا ويبيعوا لبنان وفلسطين لسادتهم الاميركيين وكانوا في السلطة، يمكن أن يوافقوا على توطين لن نسمح بحصوله.
إذاً، لبنان القوي، لبنان الذي يملك إرادة رفض التوطين مع الفلسطينين اللاجئين المقيمين في لبنان الرافضين للتوطين لن يكون فيه توطين، ولن يكون هناك حل على حساب لبنان.
ثانيا: دائما كان يُخشى من تنفيس الاحتقان الإقليمي في لبنان، انه فيه أزمة بين إسرائيل وسورية "تفش خلقها" بلبنان، فيه مشكلة بين الإسرائيلييبن والفلسطينيين "تفش خلقها" بلبنان، والآن تفش خلقها بغزة، بين إسرائيل وإيران "تفش خلقها" بلبنان، بين إسرائيل ومصر "تفش خلقها" بلبنان، هذا الزمن انتهى أيضاً.
إذا عندها أزمة داخلية كانت تهرب إلى لبنان، هذا يا أحبائي وأعزائي كان أيام زمان،
هذا لم يعد كلاماً بعد 2000 و 2006، هذا انتهى ، لبنان أصبح مأزقاً لإسرائيل، تهرب منه لا تهرب إليه، لبنان أصبح فخّاً لإسرائيل تقع فيه لا تنصبه لأحد، ولذلك لهذه الزاوية أيضاً نحن مطمئنون.
دائما كان لبنان ومياه لبنان، خيرات لبنان، أرض وتلال لبنان، وخصوصا جنوب لبنان موضع طمع الإسرائيليين، الآن هناك من يحول دون تحقق هذه الأطماع.
هذا الوضع الجديد في لبنان، من الذي فرضه؟ فرضته معادلة، معادلة الجيش والشعب والمقاومة. نحن لا نتحدث عن معادلة نظرية، نتحدث عن معادلة واقعية حقيقية، كتبت بالدم بالتضحيات، بالشعب الذي صمد وهجّر وصبر وأيّد وثبت ودفع فلذات أكباده ليقاتلوا في المقاومة ويلتحقوا بالجيش، بالمقاومة التي قاتلت، بالجيش الذي صمد، أصبح لبنان قوياً.
في يوم القدس أيضاً، مسؤولية اللبنانيين هي أن يحافظوا على هذه المعادلة من أجل لبنان، ومن أجل فلسطين، ومن أجل القدس. نعم، بكل صراحة هناك من يعمل في الخارج ومن يساعده في الداخل، لا أقول هناك من يعمل في الداخل، لأن من في الداخل هو أصغر من أن يتمكن من أن يستهدف، هو جزء من ماكينة يديرها الخارج، الخارج الأميركي والغربي والإسرائيلي لضرب هذه المعادلة، لتفكيكها، جيش وشعب ومقاومة حتى يصبح كل شيء لوحده، ولاستهداف كل واحد منها، وإذا أمكن ضربها بعضها ببعض، هذا هو الذي يعمل عليه منذ سنوات. لطالما عملوا على أن تقع فتنة وصراع بين المقاومة وأهلها وشعبها، لطالما عملوا على إيجاد فتنة بين الجيش وبين المقاومة وراهنوا على ذلك، لطالما استهدفت المقاومة بشكل مباشر. اليوم، في المقابل، المسؤولية: الحفاظ على هذه المعادلة.
في مسألة المقاومة، بعد الفشل في الاستهدافات العسكرية وآخرها حرب تموز، والاستهدافات الأمنية وآخرها اغتيال الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، لأن دمه زادنا إصراراً وعزماً وتماسكاً وقوةً وحضوراً وإيماناً بقضيتنا وبهدفنا الأسمى. كان هناك سيل من الاتهامات، والآن الاستهداف وصل إلى مرحلة المحكمة الدولية. الوقت لا يتسع لأتحدث عنها ولكن لأختم ما بدأته وأكمله إخواني، أنا تحدثت، علّقت على القرار الاتهامي الذي نشر، بعد ذلك عقد مؤتمر قانوني حقوقي سياسي، ومؤتمر فني له علاقة بالاتصالات، مؤتمران صحافيان ناقشا وعالجا من الناحية القانونية ومن الناحية الفنية قيمة ما ورد في القرار الاتهامي، لأختم اليوم بالقول: يوماً بعد يوم يتكشف كم هذه المحكمة مسيّسة، ينكشف لماذا أسست، والكل يعرف كيف أسست وكيف أنشئت، وكيف شكلت، وكيف وضع قانونها، وكيف جرت فيها محاكمات غيابية في سابقة في تاريخ المحاكم الدولية، وكيف سار التحقيق، وكيف استهدفت سوريا والضباط الأربعة وآخرين، ثم نقل الاستهداف إلى حزب الله، وكيف تسرب التحقيق وعمل على تسريبه، وكيف صنع شهود الزور، وكيف حمي وما زال يحمى شهود الزور إلى الآن؟ وكيف يرفض أي قرينة وأي شاهد على اتهام إسرائيل؟ وجاء القرار الاتهامي ليقول إن الأدلة أدلة واهنة وضعيفة ولا قيمة قانونية أو قضائية لها، كل هذا يؤكد طبيعة الاستهداف وحجم الاستهداف.
اليوم عندما أخرج أنا وإخواني والأصدقاء لنشرح، لنوضح، لا لنقنع الإدارة الأميركية ولا مجلس الأمن الدولي ولا بلمار ولا فرانسين ولا كاسيزي ولا أيضاً بعض الشخصيات السياسية في لبنان، لأن هؤلاء عن سابق تصور وتصميم هم ركّبوا المشروع وسائرون به إلى النهاية، إنما لنخاطب الرأي العام الذي نراهن على عقله، على منطقيته، على قبوله للحجة، على مساندته للمقاومة، وعلى إدراكه لأبعاد هذه المؤامرة الجديدة، وبوعي شعبنا وبوعي شعوب أمتنا وبهذا الرأي العام الذي ساند المقاومة دائماً، هذه المقاومة تتجاوز هذا الخطر وهذه المؤامرة الجديدة.
أما هذه المحكمة وما صدر عنها وما سيصدر عنها لاحقاً، قلنا سابقاً، وأعود وأقول: لا قيمة لها. والذين اتهموا من المقاومين الشرفاء هم مفترى عليهم، هم مظلومون وسيؤجرون إن شاء الله يوم القيامة على ما لحق بهم من ظلم، وهذا سيكون عزاً لهم في الدنيا لأنهم يتحملون تبعات قوة المقاومة وصلابة المقاومة وانتصارات المقاومة.
الجيش هذا جزء من المعادلة. كلنا يعرف، الحكومات المتعاقبة لم تعمل على تقوية هذا الجيش والكل يعرف قصة الموازنة والعدة والعديد والتجهيز... أيضاً الآن، إسرائيل تعمل في العالم حتى لا يتم تسليح الجيش اللبناني وتجهيزه، وهناك قوى سياسية أيضاً تطالب دول العالم بمحاصرة الحكومة والدولة ووقف أي دعم للجيش اللبناني ولغير الجيش اللبناني، هذا مع من يتلاقى؟!
الطعن في الجيش وخصوصاً في هذه الأيام، مع احترامي لكل مؤسسات الدولة ولجهود وتضحيات القوى الأمنية المختلفة، لكن يبقى الجيش المؤسسة الوطنية، الضامنة للسلم الأهلي، للعيش الواحد، للعيش المشترك، لقوة ومتانة ووحدة هذا البلد. عندما يستهدف كمؤسسة وكقيادة ونعرف أن هذه ليس توجهات شخصية وإنما توجهات تيارات سياسية وليس تياراً واحداً، توجهات تيارات سياسية، بعضها يعبّر عنه بالكلام والتصريحات، وبعضها قاتله في سابق الأيام، وثقّف على الحقد عليه في سابق الأيام، عندما يستهدف هذا الجيش ويتهم وصولاً إلى التحريض عليه، وإلى دعوة ضباط وجنود في هذا الجيش إلى التمرد؟! لمصلحة من! لبنان! فلسطين! قضية المقاومة! يلعبون على الناس أنهم مع المقاومة ولكن يدّعون أن هناك خلافاً داخلياً؟
أيضاً عندما نأتي إلى الشعب، عندما يُعمل في الليل وفي النهار على ضرب هذا النسيج الوطني، على إحياء الغرائز الطائفية والمذهبية مع كل صغيرة وكبيرة، حتى إذا كان هناك أمور صغيرة يكبّرونها، ما ليس له دلاله يخترعون له دلالة، ما كان غير صحيح يختلقونه، تحريض طائفي ومذهبي منذ سنوات لضرب وحدة ونسيج هذا الشعب لمصلحة من؟! عندما يأتي فريق لبناني يتعاون مع الخارج، الحديث عن السيادة والحرية والاستقلال كلام فاضي. بعد ويكليكس تبين أن الذي كان يدير ثورة الأرز هو فيلتمان والسفير الفرنسي، بالتفاصيل بالجزئيات " ويا عيب الشوم كانوا يروحوا يحكوا عبعضهم عنده" ، هل هذه هي الحرية والسيادة والاستقلال؟! لماذا هذا الاستهداف لهذه المعادلة؟
في يوم القدس أقول: مسؤولية الشعب اللبناني، مسؤوليته أن يحفظ معادلة الجيش والشعب والمقاومة، أن يحمي الجيش وأن يحمي المقاومة وأن يحمي وحدته وأن يضع حداً، وبكل صراحة، كل واحد في هذا البلد تسمعونه يحرّض على المقاومة هو يخدم إسرائيل، كل من يحرّض على الجيش اللبناني يخدم إسرائيل، كل من يتحدث بلغة طائفية أو مذهبية هو يخدم إسرائيل، هو "فاهم نفسه أو غير فاهم هذا بحث آخر". غداً يقولون أن السيد يقول نحن عملاء، أنا لا أتهم أحداً بالعمالة، نعم أنتم تخدمون إسرائيل من حيث تعلمون أولا تعلمون، لأن الذي يمنع إسرائيل من استهداف لبنان، من الطمع بمياه وثروات لبنان، من المس بأمن وسيادة لبنان، من فرض حلول على لبنان، هي هذه المعادلة. لأن الذي يمكن أن يحوّل لبنان إلى سند لفلسطين وشعب فلسطين هو هذه المعادلة. إن الذي يستطيع أن يجعل لبنان شريكاً في يوم من الأيام ، وهذا بصراحة ما نتطلع إليه، في يوم من الأيام سوف يأتي الزمان الذي لن تقفوا فقط فيه عند تلال مارون الراس لتتنشقوا رائحة فلسطين، سوف تتنشقون رائحة فلسطين في قلب فلسطين في داخل فلسطين، سوف يأتي اليوم الذي لا نهتف فيه للقدس من بعيد وإنما نصلي فيه في يوم القدس في أرض القدس، في بيت المقدس، في المسجد الأقصى، وفي كنيسة القيامة، هذا ما نتطلع إليه. كيف يمكن أن يكون لبنان القوي حاضراً في هذا الصراع، في هذا المستقبل، هو بحماية هذه المعادلة.
اليوم، أيها الأخوة، نحن وإياكم أنتم أهل المقاومة، أهل الصمود ، أهل الثبات، أهل الجلوس تحت الشمس لساعات من أجل فلسطين تعبيراً عن وفائكم وحبكم، أنا باسمكم جميعاً، باسم كل المقاومين والشهداء وعوائل الشهداء والجرحى، وكل شرفاء هذه الأمة أقول لكم ولأولئك الجنود الصهاينة المستنفرين في مقابلكم الذين يشاهدونني على الشاشة وأراهم على الشاشة لكن أنتم ترونهم مباشرة، أقول لهؤلاء جميعاً، أقول لكم جميعاً: هذه الأرض الطيبة ستعود لأهلها، هذه مشيئة الله وهذه مشيئة المؤمنين المجاهدين، كان الإمام الصدر يقول لأبي عمار في السبعينات " خذ علماً يا أبا عمّار إن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين" هؤلاء المؤمنون اليوم في داخل فلسطين في 48 في غزة في الضفة في مصر في سوريا في لبنان في الأردن في العراق في إيران في ليبيا في تونس في كل عالمنا العربي والإسلامي هؤلاء المؤمنون يتهيئون لهذا اليوم الذي يستعيدون فيه الأرض لشعبها وأمتها ويستعيدون فيه القدس والمقدسات ليكتمل دينهم وصلاتهم وصيامهم وقيامهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.