كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في إفطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية في بعلبك 7-9-2008
نحن في لبنان في حركتنا الإيمانية الجهادية التي نتشرف بالانتساب إليها في حزب الله نحمل ثقافة الإيمان بالله واليوم الآخر، نحن نتطلع إلى الله وإلى ما عند الله سبحانه وتعالى، نربي أنفسنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا والناس من حولنا الذي يمكن أن نخاطبهم أو نؤثر بهم على هذا المعنى، وأن سعادة الإنسان هي في تلك الدار، كما أكون حريصاً على كرامة وعزة الانسان في الدنيا على أن لا يجوع جائع وعلى أن لا يكون هناك مظلوم أو محروم أو معذب في هذه الدنيا والحياة كلها محدودة وفانية، الأولى بنا أن نحرص على آخرة الناس على حياتهم الأبدية التي يجب أن تحكمها السعادة والرضوان في جوار الله وأنبياء الله سبحانه وتعالى. بهذه الخلفية أيضاً نتحرك. عندما نقوم بعمل أو نجتنب أمراً ما أو نتخذ موقفاً أو نمضي في سلوك، نحرص وندعي أننا نحرص على أن يكون عملنا فيه رضاً لله سبحانه وتعالى وفيه صلاح لآخرتنا وبذلك يكون صلاح دنياننا ودنيا الناس من حولنا. وبهذه الخلفية انطلقت المقاومة في لبنان. مقاومة حزب الله، المقاومة الإسلامية بالتحديد ومعها فصائل أخرى من المقاومة تشترك معها في هذه الخلفية الثقافية والإيمانية. بالدرجة الأولى هذه كانت خلفية الانطلاقة. عندما أعلن الإمام القائد السيد موسى الصدر حركة المقاومة في لبنان في بداية السبعينات كان ينطلق من هذه الخلفية الإيمانية.
في عام 1982 عندما اجتاح العدو الصهيوني لبنان واحتل جزءً كبيراً من أرضنا وصولاً إلى العاصمة بيروت، إلى الجبل، إلى البقاع الغربي وراشيا وجزء من البقاع الأوسط، وكان بقية لبنان في دائرة التهديد بالاحتلال الصهيوني، قام شباب ليقاتلوا الاحتلال. ما هو الذي فرض هذا القيام؟ بالدرجة الأولى الواجب الديني، يضاف إليه الواجب الوطني والواجب الأخلاقي ، ولكن للحقيقة أقول : أن الواجب الديني كان الأقوى والأفعل والأشد تأثيراً، في أن ينطلق شباب في زهرة الشباب ليقاتلوا ويقتلوا ويستشهدوا ويغادروا حياتهم الطبيعية ليعيشوا في الجبال والوديان والكهوف، ويتحملوا شظف العيش لأنهم كانوا يعتبرون أنهم يؤدون واجبهم أمام الله سبحانه وتعالى، وهذا أمر لا نقاش فيه ولا جدال. في إجماع فقهاء المسلمين وهذا موجود في كتب الفقهية وفي ما نسميه في أدبياتنا نحن بالرسائل العملية لمراجع التقليد فتوى واضحة، "إذا غزا بلاد المسلمين غاز جاز قتاله بل وجب"، هكذا يقول الفقهاء، جاز قتاله بل وجب ولا يحتاج ذلك إلى إذن الإمام سواء كنا نتحدث عن إمام معصوم أو حاكم بلاد المسلمين ، يعني السلطة السياسية. عندما تتعرض وشعب للاحتلال وللمهانة من واجب أبناء هذا الشعب أن يحملوا السلاح ليقاتلوا الاحتلال وليسوا بحاجة إلى إذن من أحد ولا لإجازة من أحد.
بهذه الخلفية الإيمانية انطلقت مقاومتنا وهكذا نستطيع أن نفسر كيف مضى شباب كثيرون من البقاع من بعلبك الهرمل ليقاتلوا وقراهم هم ليسوا تحت الاحتلال، ليقاتلوا من أجل تحرير بيروت والجبل وصيدا وصور والنبطية ومشغرة وراشيا وحاصبيا ومرجعيون والطيبة وبنت جبيل والناقورة وغيرها لأن الدافع هنا ، العمل الأساس هو هذا العامل الإيماني ، هكذا نستطيع أن نفهم لماذا قضى الكثير من شباب منطقتكم المقاومة المجاهدة، العامل الأساس هو هذا العامل الإيماني، هكذا نستطيع أن نفهم لماذا قضى الكثير الكثير من شباب منطقتكم المجاهدة زهرة شبابهم في محاور المقاومة وقدمت أعداداً كبيراً من الشهداء، هكذا نستطيع أن نفهم كيف يغادر قائدنا وأستاذنا السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه حوزته ومدينته وصلاة جمعته وموقعه المريح في البقاع لينتقل في الجنوب في سيارته من قرية إلى قرية ومن موقع إلى موقع ومن محور إلى محور ثم يختم الله له بالشهادة وبالعاقبة الحسنة وبأعظم ما يمكن أن يتطلع إليه أولياء الله سبحانه وتعالى وهو القتل على يدي أعداء الله عز وجل. هنا نستطيع أن نفهم لماذا تحملت هذه المنطقة الشريفة مع المقاومة وإلى جانب المقاومة كل ما تحملته خلال كل السنوات الماضية دون أن يظهر منها تردد أو ندم أو تحسر بل كانت تعتبر أنها تقوم بواجبها وتفخر بأنها كانت تقوم بهذا الواجب وما زالت تقوم بهذا الواجب.
وبهذه الخلفية استمرت المقاومة إلى اليوم وتملك الديناميكية والقدرة الذاتية والعامل الذاتي والدافع الذاتي لتستمر وتبقى، ولذلك تجدون أن هذه المقاومة لا تهرم لا تشيخ لا تتعب لا تهن لأنها موصولة في روحها بذاك المنبع الخالد، ولأنها متسلطة بخلفيتها ونيتها وطموحها وآمالها وفيما تطلب من ثواب وأجر ودرجة ومكانة بخالق هذا الوجود، ولذلك هي تجدد شبابها دائماً، فلا شيخوخة ولا هرم في مقاومة منطلقة من الإيمان ومتصلة بمنبع هذا الإيمان الصافي. ولذلك يئس الذين يتآمرون على المقاومة على طول الخط من إمكانية إيقافها وفشلت كل الوسائل ، قتلوا القادة ، حرضوا عليها، حاصروها ، اتهموها وكل ذلك لم يجد نفعاً. اليوم ينظر إلى هذه المقاومة كما كان في الماضي ليس من جهة وجودها المادي الحسي فقط، وإنما من زاوية تأثيرها وقدرتها على استنهاض الشارع واستنهاض شعوب هذه الأمة وتركيز ثقافة مقاومة مجاهدة واضحة مميزة في الصراع العربي الإسرائيلي ينظر على أنها تهديد دائم، ولذلك كانت دائماً في دائرة الاستهداف الأميركي الإسرائيلي وكل من يعين الأميركي والإسرائيلي في منطقتنا وفي بلادنا.
عندما كانوا يعجزون عن المقاومة كانوا يسعون دائماً إلى تشويهها واتهامها. في الخاطب السابق تحدثت عن موضوع الاحتكار، حاولوا كثيرا أن يقولوا هذه المقاومة سورية ، هذه المقاومة إيرانية، لكن من جملة استهداف المقاومة هو محاولة تكريس الطابع المذهبي والطائفي لهذه المقاومة واعتبار ان هذه تستهدف أتباع المذاهب الأخرى والطوائف الأخرى، هذا الأمر لم يبدأ الآن في السنوات الأخيرة ، كانت هناك محاولات في الستينات، من سنة 90 وحتى 2000 كان الخط البياني للمقاومة متصاعداً ، طبعاً كانت هناك ظروف، من جملتها اتفاق الطائف، الاستقرار الداخلي ، توقف الحرب الأهلية، تمركز كل الجهود باتجاه المقاومة، هناك مجموعة عوامل ساعدت على أن يكون الخط البياني لحركة المقاومة وعمليات المقاومة من 90 حتى 2000 خطاً تصاعدياً.
في التسعينات بدأت هذه المقاومة يسطع نورها في العالمين العربي والإسلامي ، وأصبح الناس في لبنان والعالمين العربي والإسلامي يتابعون أخبار مقاومين في جنوب لبنان ينفذون عمليات نوعية، ينفذون عمليات استشهادية ، يذلون الصهاينة، يفرضون عليهم إخلاء مناطق ومواقع ، وهذا كان له تأثيره المعنوي والنفسي والثقافي الكبير في العالمين العربي والإسلامي، ومنذ ذلك الحين بدأ التأسيس لموقع المقاومة اللبنانية في العالمين العربي والإسلامي. في لبنان لم يتم الحديث بهذه اللغة ، لأن السنة في لبنان لم يكن لديهم مشكلة مع المقاومة ، لكن في العالم العربي، بعض وسائل الإعلام العربية التي تخدم السياسات الأميركية في المنطقة، جزء كبير من الفضائيات العربية، بعض الصحف العربية الواسعة الانتشار ، عندما تتحدث عن عمليات المقاومة في لبنان قبل عام 2000 لم يكونوا يقولوا قامت المقاومة اللبنانية أو المقاومة الإسلامية في لبنان أو مقاتلو حزب الله اللبناني بالعمليات الفلانية ، كانوا يقولون بالتحديد: قام حزب الله الشيعي الموالي لإيران بالعملية الفلانية، ويمكن العودة إلى الأرشيف لملاحظة هذه الأدبيات التي كانت مستخدمة. هذه الأجواء لم تكن تنعكس علينا في لبنان كثيراً طالما أن الوضع الداخلي اللبناني وخصوصاً في الإطار الشيعي – السني كان وضعاً سليماً ومعقولاً فيما بين الشيعة والسنة وفي المناخ العام اللبناني. لكن لماذا الإصرار في ذلك الحين على عدم ذكر المقاومة وذكر حزب الله، ليس حزب الله اللبناني وإنما حزب الله الشيعي الموالي لإيران ؟ لأن الهدف كان وضع حاجزين بيننا وبين العالم العربي، الحاجز الأول حاجز مذهبي، القول لشعوب العالم العربي وأغلبهم من إخواننا السنة أن هؤلاء شيعة ولا دخل لكم بهم ، وثانياً أن هؤلاء أصدقاء الفرس وأنتم عرب، يعني استخدام الحاجز المذهبي واستخدام الحاجز القومي، لكن هذا الأمر لم يجد نفعاً في ذلك الحين عندما وصلنا إلى العام 2000 وانتصر المقاومة ذاك الانتصار التاريخي الباهر الذي ترك صداه في العالمين العربي والإسلامي ودخل إلى قلوب كل العرب وكل المسلمين وقابلوه باعتزاز وافتخار، وأثبتت المقاومة، وأثبت حزب الله بالخطاب وبالممارسة قبلها ويومها وبعدها، صحيح أننا حركة إسلامية ودينية ، حركة مؤمنين ومصلين صائمين نحج إلى بيت الله الحرام نلتزم الأحكام الإلهية الشرعية، ولكننا لسنا مذهبيين ولسنا طائفيين ، ومن موقع التزامنا الإيماني والديني الأصيل ، نحن وطنيون من الدرجة الأولى وقوميون من الدرجة الأولى. حتى اليوم هناك أناس فغي لبنان يتهموننا بأن حزب الله يحمل مسائل الأمة ويريد أن يحمل قضايا الأمة إلى لبنان الصغير! حتى هذه الفضيلة هي تهمة في لبنان من قبل بعض اللبنانيين. في ذلك الوقت هذا سقط ، بالعكس، بدأوا يقولون حزب الله اللبناني ولم يعد يناسب أن يقولوا حزب الله الشيعي الموالي لإيران. تجاوزنا تلك المرحلة ودخلنا مرحلة ما بعد عام 2000، وكان لهذا الانتصار تداعيات كبيرة ومهمة وفي مقدمها انطلاقة انتفاضة جهادية كبرى في فلسطين المحتلة، وكنا على صلة بهذه الانتفاضة في موقعنا السياسي والإعلامي والنفسي والمعنوي والميداني والمادي هذا امر يعرفه العدو والصديق ولا نتبرأ منه بل نفخر به بالدنيا والاخرة .
تجاوزنا كل تلك المرحلة مع ذلك البعض قال في ذلك الوقت ان هذا الانتصار ليس انتصارا انما هو لعبة وان هناك اتفاق اسرائيلي اميركي ايراني سوري مع حزب الله لاعطاء انجاز لحزب الله , انا اتكلم عن انتصار 25 ايار 2000, وتقديم ان إسرائيل هزمت في الجنوب لتعزيز موقعية حزب الله وسوريا وايران في المنطقة , طبعا كلام سخيف لا يمكن ان يقبل به عاقل ولا يمكن ان يردده الا حاقد ! يعني إسرائيل قبلت في 25 ايار ان تخرج مهزومة مذلولة وان تترك عملائها في الشارع فيحصل ذلك التصدع في الكيان ويؤسس ذلك إلى انتفاضة فقط لكي يصبح لنا مكانة في لبنان ! ما هذا الكلام؟ وصلنا إلى العام 2005 وهذا الموضوع غير مطروح ان المقاومة تستهدف احدا في الداخل وان سلاح المقاومة يستهدف احدا في الداخل والجو في البلد ان هذه المقاومة حررت البلد ولما انتصرت قالت للبنانيين هذا ليس انتصار حزب ولا انتصار حركة وليس انتصار طائفة وليس انتصار مسلمين على المسيحيين او بمعزل عن المسيحيين هذا انتصار كل الشعب اللبناني كل الوطن كل الامة وكل العرب , ولم تطالب ازاء انتصارها بأي شيء على الاطلاق . في اجواء 2005 كان الحادث الزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري , طيب , بدء مناخ جديد في البلد , وخروج القوات السورية من لبنان هناك افرقاء وضعوا موضوع المقاومة نصب اعينهم , وان هذا موضوع المقاومة انتهى , مزارع شبعا لبنانية او غير لبنانية , الاسرى بالسجون لا يعنوا لنا شيئا الخ ....لكن بشكل رئيسي باعتبار قيام التحالف الرباعي في انتخابات 2005 لم يتم اثارة هذا الامر لا في الوسط السني اللبناني ولا في الوسط الدرزي اللبناني وانما تم اثارة هذا الامر في الوسط المسيحي اللبناني , وحاول بعض القادة المسيحيين تصوير سلاح المقاومة انه تهديد للوجود المسيحي في لبنان ,واشتغلوا اعلاميا وخارجيا على هذه الموضوع بقوة وما زال البعض يعمل على هذه المقولة , طبعا نحن حاولنا وبكل صراحة , قبل 2005 لم نكن نشعر بكثير من المسؤولية انه يجب ان نعمل في الداخل وان نتواصل في الداخل وان نتكلم مع الجميع في الداخل. لم يكن هناك خطورة من هذا النوع على المقاومة , لكن بعد التحولات الداخلية والاقليمية ذهبنا وانفتحنا على الجميع ,وبادرنا باتجاه الجميع في الساحة المسيحية , من غبطة البطريرك من بكركي إلى بقية المقامات الدينية المواقع السياسية, الاحزاب والتيارات السياسية والكبيرة لم نكن نبحث عن الاحجام , نحن طلاب تواصل وطلاب وحدة وطنية وطلاب تعايش مشترك بل طلاب عيش واحد , انفتحنا على الجميع , وبعض القوى السياسية المسيحية التي كنا على خصومة قديمة معها تحالفنا معها بشكل او بآخر في الانتخابات وكان لها نواب في المجلس النيابي بأصواتنا , وواصلنا العمل بالرغم من الخصومة الانتخابية التي نشأت لاسباب معينة في 2005 مع التيار الوطني الحر والعماد عون واصلنا العمل وساعد على هذا قادة مسيحيون نحن على علاقة قديمة معهم في مختلف المناطق , تم التوصل إلى التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر, المساعي وصلت بالبداية إلى تقارب انتجت فيما بعد تفاهم , وقلنا ذلك اليوم , والان اعود واذكر لحساسية الوضع اليوم ان هذا لم يكن تفاهما لا بوجه الطوائف الاخرى ولا بوجه القوى السياسية الاخرى , انه عندما وقعنا التفاهم مع التيار الوطني الحر كنا على تحالف انتخابي وسياسي مع تيار المستقبل ومع الحزب التقدمي الاشتراكي وكنا سويا وزراء في حكومة دولة الرئيس فؤاد السنيروة ونعمل سويا في اطار الحكومة , اذن لم يكن الانفتاح باتجاه تيار مسيحي واسع وكبير يستهدف طوائف اخرى او احزاب وقوى سياسية اخرى على الاطلاق وانما كان هدفه الحقيقي والواقعي هو المزيد من التواصل بين اللبنانيين والفئات اللبنانية وشرائح المجتمع اللبناني , هذا التفاهم بيننا الذي صحيح وقعه حزب الله والتيار الوطني الحر لكنه انعكس على ساحة واسعة جدا من الحلفاء والاصدقاء في حركة امل وبقية القوى السياسية والوطنية وعبر عن نفسه لاحقا في اطار المعارضة , هذا التفاهم اسس كما كان يقول الجنرال عون لسلام بين المواطنين سلام داخلي بين المواطنين , اهل القرى اهل الضيع العائلات الاحياء ,إلى ان وصلنا إلى مرحلة الحرب.
طبعا هذا المناخ عندما يوجد فيه قيادات مسيحية كبرى ومواقع سياسية مسيحية ودينية مسيحية متنوعة بدأت من خلال الحوار والتواصل تكتشف ان المقاومة في لبنان لا تستهدف المسيحيين وان سلاحها لا يستهدف المسيحيين وقدمنا عناصر طمأنة عديدة واثبتنا إلى اليوم صدقيتنا ومصداقيتنا في ما نعد ونلتزم وما نتعاهد عليه ,هذا احدث جو كبير من الطمأنينة , واليوم صراخ بعض القادة المسيحيين في 14 آذار لا يستطيع ان يغير من حقيقة الموقف شيئا على المستوى الوطني وعلى المستوى المسيحي الداخلي ,لان هذا الصراخ ليس لمصلحة وطنية , هذا يخدم الهدف, انا لا اتهم ولا اخوِّن , المسألة واضحة الإسرائيلي يقول انه يريد نزع سلاح المقاومة وهنا في البلد يوجد من يطالب بنزع هذا السلاح , انا اقول من حيث يعلمون او لا يعلمون يخدم الهدف الإسرائيلي المعلن , لكن استطيع الادعاء انه بدرجة عالية جدا وكبيرة جدا تجاوزنا مسألة ان المقاومة تستهدف المسيحيين وهي التي اثبتت قبل العام 2000 في المقاومة واثبتت عند تحرير منطقة جزين خلال سلوكها وادائها واثبتت عند تحرير الشريط الحدودي وكيفية تعاطيها ليس مع اهلها انما مع العلماء لا تستهدف احدا لا مسيحي ولا مسلم وانما هي مقاومة للدفاع عن المسلمين والمسيحيين بنسبة كبيرة جدا.
نحن تجاوزنا هذا الامر على المستوى الوطني , طيب جاءت الحرب , حرب تموز , بمعزل عن سببها هو عملية الاسر ام لم يكن , هذا موضوع تكلمنا فيه كثيرا ولن اعيده الآن , لكن قبلها بكم يوم نحن كنا جالسين على طاولة الحوار الوطني ومنفتحين ونحاور , وقبلها بأسبوع كنت انا قد عرضت الاستراتيجية الدفاعية من وجهة نظر حزب الله وبعدها بأسبوع جاءت الاطراف الثانية لتناقش الاستراتيجية وبعد آخر جلسة , يعني قبل الحرب في 6 او 7 تموز كان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري عندنا في الامانة العامة وجلسنا سويا لساعات وكنا نتواصل ونتكلم وننسق وكان موضوع الجلسة ماذا سنتحدث في جلسة الحوار المقبلة لان النائب سعد الحريري في تلك الجلسة وعدني بأن يعمل لدى حلفاءه لتدوير الزوايا وتلطيف الجو وتأجيل البحث ولو لمدة 3 اشهر ليمر صيف معقول في ذلك الحين , اذن لم نكن نحن على قطيعة مع تيار المستقبل , ولم نكن على قطيعة مع دار الفتوى , ومع سماحة المفتي ولم نكن على قطيعة مع احد من اخواننا السنة في لبنان وكانت لنا علاقات واسعة حتى ما سمي لاحقا بسنة المعارضة بمعزل عن العناوين علماء او حركات او احزاب او جماعات او جمعيات , هم ليسوا حالات طارئة في الوسط السني , هم بيوتات تاريخية , هم احزاب تاريخية هم شخصيات معروفة على المستوى الوطني وعلى المستوى السني ونحن لم نستطع ولم نخترع أي وجود في الساحة السنية ليتحدث احد هنا او هناك عن اختراق حزب الله في الوسط السني , هناك مجموعات وشخصيات وقيادات وبيوتات وحركات سنية عريقة معروفة بوطنيتها ومواقعها ومواقفها ونحن على علاقة مع الكثير من هذه المواقع منذ سنوات طويلة جدا , وكنا نصر على هذه المروحة الواسعة من الانفتاح كما فعلنا في الساحة المسيحية فعلنا مع الساحة السنية , والى عشية 12 تموز لم يكن هناك مناخ سلبي بالمعنى السلبي , نعم , كان التوتر قد بدأه بالحقيقة النائب وليد جنبلاط بسبب موقفنا من سوريا وهو يقول هذا علنا وان خلافه معنا بدء لانه كان يريد منا موقف من سوريا من النظام في سوريا , نحن لم نستجب لانه لم تتوفر لدينا ادلة مقنعة وغير مقنعة , لم نرَ سوى اتهامات وحتى الضباط الاربعة الذين ما زالوا في السجن انا لا اقول لكم اليوم حاكموهم فإن ادنتموهم فأطلقوا سراحهم , لا اقول لكم اطلقوا سراحهم لانه لم يثبت عليهم لديكم أي شبهة او أي تهمة خلال كل سنوات الاعتقال , كان مطلوب منا موقف , رفضنا ان ندخل في هذه المعمعة وفي هذه المعركة ونحن نشاهد حراك اقليمي ودولي يستهدف انظمة في المنطقة , نعم بدء التوتر مع الحزب الاشتراكي وقتها , ولكن مع النائب سعد الحريري, تيار المستقبل ورئيس الحكومة لم يكن هناك أي توتر , بالعكس كان النائب سعد الحريري يلعب صلة الوصل وكنا على هامش طاولة الحوار نعمل جلسات جانبية ولطالما تناقشنا بأسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية , انا وهو ثنائيا او مع دولة الرئيس بري ثلاثيا , إلى ايام قبل الحرب , حصلت الحرب.
هنا بدء التوتر السياسي بيننا وبين تيار المستقبل , انا لا اريد ان اتكلم هنا عن بقية قوى 14 اذار لانهم ليسوا هم موضوع النقاش , بدء التوتر على أي خلفية .؟ على خلفية سني شيعي؟ لا ! على خلفية انه بالحكومة اللبنانية نحن نطالب بمناصب للشيعة على حساب السنة او على حساب بقية الطوائف؟ لا ! لم يكن التوتر على خلفية سني شيعي او على خلفية محاصصة سنية شيعية ولا على خلفية نفوذ سني شيعي وصراع سني شيعي على السلطة في لبنان , وانما كان التوتر على خلفية كيف نتعاطى مع حرب تموز التي فرضها الإسرائيلي على لبنان , كيف نواجه هذه الحرب, وكيف نخرج من هذه الحرب , نعم كان هناك خلاف جوهري وكبير وعميق بيننا لكن خلفيته الموقف من الحرب التي كان يعني مسارها ونتائجها ما يعنيه للبنان ولفلسطين ولكل المنطقة العربية , وهذا لا يعني الشيعة وحدهم , يعني الشيعة في كل منطقة السنة في كل منطقة الدروز في كل منطقة المسيحيين في كل منطقة , يعني شعوب وحكومات المنطقة , اذا نحن اختلفنا على اساس سياسي وليس على اساس مذهبي , لكن توافق اننا نحن شيعة وهم سنة , واليوم وللاسف ارى بعض المشايخ على بعض التلفزيونات عندما يتكلمون عن الخلاف بين التيار وحزب الله يرجعونا إلى زمن النبي ( ص) وبعد وفاة النبي ما حصل والعقود الاولى من عصر الاسلام , ما علاقة هذا بذاك ؟ يعني لم نكن مختلفين قبل الحرب صرنا مختلفين بعد الحرب انه تذكرنا قبل 1400 سنة ؟ هذا للتضليل , هذا لذر الرماد في العيون , لم يكن خلافنا لحظة واحدة على الاطلاق مع تيار المستقبل ولاحقا مع دار الفتوى التي دخلت إلى هذا الخلاف ومع مواقع اخرى في الوسط السني اللبناني على خلفية مذهبية.
هم كانوا لديهم رؤيا لكيفية التعاطي مع حرب تموز وكان لدينا رؤيا اخرى , كان لديهم موقف من المفاوصات التي تجري والشروط والأسقف وكان لدينا موقف اخر ,لكن انا هدفي من هذا الجزء القول ان الموضوع هو موضوع سياسي , خلال حرب تموز , مع ذلك لم نقطع الاتصال بقينا على اتصال وزراءنا يحضرون بالحكومة يتناقشوا , واخواننا المسؤولين السياسيين على تواصل دائم مع النائب سعد الحريري ومع معاونين له إلى ما بعد الحرب ايضا , لكن انا اريد ان اذكركم : أثناء الحرب , انا اليوم اتحدى واقول اذا احد بلبنان او بالعالم يقدر ان يأتي بشاهد واحد خلال 33 يوم , اتكلم عن حزب الله , نحنا نقصف وتدمر بيوتنا , ناسنا يهجرون , شبابنا يقتلون , نساءنا واطفالنا يجذر بهم ,وفي معركة وجود , في معركة استئصال لوجودنا بالمقابل داخليا حملة اعلامية شعواء , التخوين والاتهام واننا دمرنا البلد من اجل الملف النووي الإيراني ,انا حقيقة لا اقدر ان استوعب ! يعني اليوم افترض انه عملنا حرب وانتصرنا فيها ماذا يقدم هذا او يؤخر في الملف النووي الايراني ؟ يعني تعف اميركا عن ايران ؟ طيب انتم قلتم عن حربنا انها مغامرة,ونحن من نقاتل؟. نقاتل إسرائيل التي تملك ما تملك من قوة ويدعمها من يدعمها في هذا العالم , يا اخوان احب ان اقول لكم انه اذا جاءت ايران اليوم للاميركان وقالت لهم ليس تموز هذا حزب الله كله خذوه واذبحوه وافرموه وهذه حماس وهذا الجهاد الإسلامي وهذه المقاومة الفلسطينية وهذه المقاومة العراقية وهذه القدس وهذه كربلاء وهذه النجف كله لكم أيها الأمريكيون وفكّوا عنّا في الملف النووي "ما حيفكوا عنهم"، يجب أن يكون هناك قليلا من العقل ليستوعب.
إسرائيل وأمريكا اللتان تران أنّ إيران هي التهديد الأول في العالم، إسرائيل ترى إيران تهديدا استراتيجيا لوجودها وأمريكا ترى إيران تهديدا استراتيجيا لمصالحها لن يتسامحا في الملف النووي الإيراني وليس هناك من شيء يباع ويشرى في الملف النووي الإيراني. ضمانة إيران قوة إيران وحدة إيران صلابة شعب إيران شجاعة قيادة إيران.
(يقولون ) دفاعا عن النظام السوري، حرب تموز كانت ستهدد النظام في سوريا، لا سمح الله لو فشلنا أو هزمنا في تلك الحرب لتواصلت الحرب باتجاه دمشق وهددت سوريا... قيل ما قيل وسكتنا، واتهمنا وخوّنا وقالوا الذي قالوه عنّا، أسأل سؤالا: خلال ثلاثة وثلاثين يوما هل فتح أحدا منّا فمه بكلمة وليس من القيادات بل من الناس العاديين، هل أحد خوّن أو أساء أو هجم أو اتهم، أبدا، كنّا كلنا على قلب رجل واحد وعندنا أولوية معركتنا ونتحمل كل ما نسمعه وكل ما يقال في الداخل، حتى بعد انتهاء الحرب الأولوية لإعادة الإعمار وليس للمناكفة السياسية...
هم أكملوا بعد الحرب وكان البيان الشهير في البريستول الذي فتح باب التوتر السياسي، كل ذنبنا بعد الحرب أننا طالبنا بحكومة وحدة وطنية، عندما طالبنا بذلك هل طالبنا بزيادة حجة الشيعة في الحكومة أو أن نزيد حصة حزب الله في الحكومة؟ الذي حصل أننا طالبنا بحكومة وحدة وطنية لأنّ البلد يحتاج إلى مشاركة الجميع وحضور الجميع، للاسف الشديد وضع بوجهنا أو أصبحنا وجها لوجه رئيس الحكومة الذي يصادف أنه بالتركيبة السياسية في البلد سني ومع تيار المستقبل الذي يصادف أنه سني، ونحن شيعة، ولكن بعد انتهاء الحرب أعود لأقول أنّ النزاع كان على قاعدة سياسية وليس على قاعدة مذهبية.
هذا الأمر موجود للأسف على مواقع إنترنت كثيرة لبعض الإتجاهات التكفيرية وقيل في بعض المساجد في أماكن ما في العالم العربي وكتب في بعض الصحافة العربية وللأسف ما زال يقال حتى الآن أي بعد سنتين من الحرب، مثل الحكي عام 2000 ولكن على أوسع قليلا وهو أنّ حرب تموز حصلت لأنّ هناك اتفاق إسرائيلي ـ حزب الله على إعلان شأن الشيعة في العالم العربي بعد الذي حصل في العراق، أي بعد الذي حصل في العراق نتيجة ملابسات والتباسات معينة والإتهامات الموجهة للشيعة بشكل أو بآخر لبعض الأطراف الشيعية ومن أجل رفع مكانتهم في العالم العربي جرى الإتفاق بين إسرائيل وحزب الله أي مسرحية حرب تكون نتيجتها رفع مكانة الشيعة في العالمين العربي والإسلامي، وهذا الكلام أسخف من ذلك الحكي، ولكن للأسف هذا يقال ويكتب وينظّر له.
تصوروا أننا على قدر من الجنون إلى حد أنّنا ندمر أهلنا وشبابنا وحياتنا وعيالنا وأطفالنا، لكن لننظر إلى الجانب الإسرائيلي، حيفا تقصف لأول مرة، الوسط الإسرائيلي يقصف لأول مرة، إسرائيل لأول مرة تواجه حربا بهذه القساوة وبهذا الإزلال، من أجل ماذا، من أجل رفع مكانة الشيعة من جديد في العالم العربي!!؟ للأسف الشديد هذا كلام لا يقبله عاقل ولا يصدر إلاّ عن حاقد، في وقت كانت نتائج الحرب هي لمصلحة كل مشروع المقاومة في المنطقة في فلسطين ولبنان والعراق وكل مشروع الممانعة في المنطقة، وكانت هذه الحرب مسمارا كبيرا وخطيرا في نعش وجود هذا الكيان الغاصب للقدس وفلسطين إنشاء الله.
ومع ذلك هذا الإنتصار التاريخي الكبير عادوا وأخذوه إلى الشيعي ـ سني وإلى التمذهب ولكن هذا أيضا لم يجدِ نفعا ، ورأيتم أنّه بعد الحرب أنّ موقع المقاومة وفكرها وثقافتها واحترامها على امتداد العالمين العربي والإسلامي كان يزداد والحمد الله لا يوجد لدى الشعوب العربي والإسلامية آذان صاغية لهذه التقييمات وهذه الكلمات التي لا تستند إلى أي منطق وإلى أي قاعدة عقلية أو أخلاقية او إنسانية ولا إلى أي دليل لأنّ الحق واضح وصريح وبيّن، ومشروع المقاومة وجهادها ووأهدافها واستهدافاتها في لبنان واضحة وبيّنة للجميع.
بعد الحرب دخلنا في مرحلة جديدة وأصبح الموضوع أنّ المقاومة وحزب الله بالتحديد يشكل تهديدا للسنة في لبنان وخطرا على السنة في لبنان وأنّ هذا السلاح يستهدف السنة في لبنان ودخلنا في هذه الأدبيات الجديدة وشارك فيها رجال دين وصحف ووسائل إعلام وقوى سياسية سنية وغير سنية حريصة على أن توتر المناخ أكثر وعمل عليها فضائيات عربية وصحافة عربية ومواقع عربية، واليوم مطلوب من المقاومة في لبنان صباحا مساء كما في السابق عليها أن تقدم الضمانات أنّ هذه المقاومة لا تستهدف السنة وليست عدو للسنة. لم يأتِ عبثا أو عشوائيا بل مخططا له (...).
لقد كانت هناك مراهنة على أن تأتي إسرائيل وتمسح حزب الله، وكان ذلك يُحكى في الصالونات والبيوت والمجالس، وأتت حرب تموز وقام الإسرائيلي بأقصى ما يمكن فعله والذي يهددنا به باراك طلع له جنرال (إسرائيلي) من المنطقة الشمالية، باراك يهدد ويرعد بأنهم ليل نهار يدربون ويناوروا وسوف نأتي، فطلع له جنرال كبير قال له إنّ كل ما يجري من تدريب ومناورات كلها غلط بغلط ولا تحل المشاكل ونحن غير جاهزين للذهاب إلى حرب، ولا جبهتنا الداخلية (الإسرائيلية) جاهزة. وعلى كل حال هذه الورقة سقطت وإنشاء الله لا تصير حرب، ولكن من عجز في حرب تموز 2006 ثقوا بالله عز وجل وبالمقاومين وبشعبكم وأهلكم سيجعلون هذا العدو أعجز في أي حرب مقبلة ولن يستطيع أن يحقق أيّاً من أهدافه على الإطلاق إن لم ينقلب السحر على الساحر.
بقي أخذ حزب الله إلى الفتنة المذهبية والحرب المذهبية، الموضوع المسيحي تحصّن وهنا مستوى الإنزعاج من العماد عون والشتائم، للاسف كنّا نشاهد التلفاز قبل قليل و"شو هالخطاب السياسي الحضاري" هكذا يتعاطى المتنافسين أو الخصوم السياسيين مع بعضهم، كل كلمة يقولها الجنرال عون يطلع له مسيحيي 14 آذار وغير المسيحيين في 14 آذار للهجوم عليه، مشكلتهم أنّه قدر على إنجاز مستوى كبير من السلام بين المواطنين وقدر على المساعدة في حفظ عنصر مهم من عناصر قوة لبنان، وبموضوع الطوافة أخذ (الجنرال عون) موقفا مثل كثير من القيادات السياسية في لبنان، لكن هو الوحيد الذي يهجم عليه بالشكل الذي هُجِمَ عليه وهذا يوضح الصورة...
بدأ الدفع بموضوع الشيعي ـ السني، كل سلوكنا وتاريخنا ولا يوم كان عندنا خطاب طائفي أو مذهبي، حاسبونا منذ العام 1990 لأنّ حزب الله كان قد نضج وتشكّل وأصبح لديه أمينا عاما عنده تماسك تنظيمي، ويمكن أنّه منذ العام 1982 إلى عام 1990 كنّا نندمج ببعض ونركب تنظيمنا وأحدنا يحكي بالشرق والآخر بالغرب لا مشكلة مثل أي حركة فتية ببداياتها. لكن من عام 1990 إلى اليوم إءتوا لنا بخطاب لحزب الله مذهبي أو طائفي أو يتحدث عن الشيعة بمعزل عن اللبنانيين وبقية شعوب أمتنا، مَن اليوم الذي عنده خطاب طائفي ومذهبي ومن الذي ينصف المدن هذه شيعة وهذه سنية وهذه مسيحية وهذه درزية، نحن ؟ متى صنفنا هكذا؟ متى استخدمنا خطاب طائفي أو مذهبي من هذا النوع؟ على الإطلاق، لم نتصرف ولا كان خطابنا مذهبيا وطائفيا ولا سلوكنا كان مذهبيا وطائفيا ولا علاقاتنا على أساس طائفي مذهبي ولا مواقفنا كانت على اساس مذهبي وطائفي عندما نحالف ونصادق ونخاصم، إنما كانت المقاييس والمعايير دائما لها علاقة بالموضوع الوطني والصراع الكبير مع العدو الإسرائيلي.
قبل السابع من أيار كل الخطاب كان يحاول أخذنا إلى الموضوع الشيعي ـ السني والطرف الآخر يتحمل مسؤولية أكبر فيه، ورأيتم اللغة التي حكيت والتي أبدا لم ينحكِ لغة مشابهة لها أو قريبة منها من أحدٍ منّا، لغة بعض المشايخ والمواقع السياسية ولغة الإعلام، تحريض قاسٍ جدا ولغة شديدة وسوداوية وظلامية جدا وهذا يعبيء الشارع. من يتصور أنّه يقدر على صنع سلم أهلي ومصالحة وهدوء والإعلام فلتان والخطابات فلتانة والمنابر فلتانة فهو مشتبه فهو يفعل الشيء ونقيضه في آن واحد، غير ممكن. الذي يريد أن يهديء الأرض عليه تهدئة الإعلام والذي يريد تهدئة الأرض عليه تهدئة الخطاب السياسي (...). أيضا خلال العام الماضي أتحدى أحد أنّ يأتي بخطاب لنا فيه تحريض مذهبي أو طائفي (...).
أتى السابع من ايار بعد حقن كبير وضغط كبير لوضع الحكومة بمواجهة المقاومة من خلال القرارات المشؤومة التي اتخذت في ذلك الليل المشؤوم، وكانت المصادفة أنّ رئيس الحكومة سني ولو كان رئيس الحكومة مسيحي أو شيعي أو درزي وأخذ هذه القرارات لواجهناه بنفس الطريقة. كان المطلوب دفع الحكومة البتراء في ذلك الحين إلى اتخاذ قرارات من هذا النوع للزج بها في المواجهة واستدراج المواجهة، نعم كان المطلوب فتنة شيعية ـ سنية يومها وكان المطلوب قتال من شارع إلى شارع ومن مدينة إلى مدينة ومن حي إلى حي.
اليوم يتحدثون عن رفض بيروت مدينة للزواريب، قبل عام 2005 كانت الناس في بيوتها ولديها سلاح فردي ولا مشكلة، مَنْ بعد ذلك أتى وفتح مكاتب مسلحة في أحياء بيروت تحت عنوان شركات أمنية، مكاتب مسلحة ومعروفة في الكثير من أحياء بيروت، كان المقصود والمطلوب جرنا جميعا إلى قتال يومي دائم ومستمر لأسبوع وأسبوعين وثلاثة وتمّ استقدام أعداد كبيرة من المقاتلين من خارج بيروت، الذي جرى في السابع من أيار نختلف في تقييمه نعم، في السابع من أيار وئدت الفتنة الشيعية ـ السنية وقطعت الطريق على الحرب الأهلية والفتنة وليس التأسيس لفتنة شيعية سنية وأسس لحرب أهلية وقضي الأمر وانتهى.
الآن بعد كل الذي جرى، ذهبنا إلى الدوحة واتفقنا على وقف الحملات الإعلامية ونحن أوقفناها ولكن الآخرين لم يوقفوها وبالخصوص إعلام تيار المستقبل شخصيات تيار المستقبل نواب تيار المستقبل وطبعا هنا لا أشن هجوماً على تيار المستقبل بل أوصف وآخر الأمر أن نحل الموضوع بيننا، استمر الهجوم والتحامل بمناسبة وغير مناسبة. حتى عندما اختلفنا بالبيان الوزاري ولمدة خمسة عشر جلسة هل الخلاف شيعي ـ سني؟ أبدا، لسنا مختلفين على مناصب ولا على محاصصة بل على نص له علاقة بحق المقاومة والمقاومة ليست شيعية ولا سنية المقاومة موضوع يرتبط فيه مصير لبنان ومصير المنطقة، بركاته وخياراته يعم الجميع. على هذا كان الإختلاف في البيان الوزاري ولم يكن الخلاف شيعي ـ سني مذهبي فقهي عقائدي كلامي، كان موضوعا سياسيا وبالحقيقة له علاقة بمصير السنة أكثر مما له علاقة بمصير الشيعة. مع ذلك رأينا النقاش للبيان الوزاري في المجلس النيابي وبعد المجلس النيابي، في كل صغيرة وكبيرة يعمدون إلى زج اسم حزب الله فيها ومهاجمة حزب الله.
وصولا إلى الأكاذيب، صنين، "صرنا قاعدين بصنين وحاطين رادارات، يا ريت أنا مش زعلان لو مظبوطة ما بزعلش"، آخر خبرية اليوم أنّ حزب الله بجرود عكار، تجري مشاكل في طرابلس والكل يعرف كيف جرت المشاكل، "بيطلع" حزب الله هو الذي يعمل فتنة في طرابلس وهو الذي يسلح الطرفين في طرابلس علما أنّ حزب الله، وهناك يوم القيامة يوم تبلى السرائر والذي يهون الخطب ويعل الناس تصبر أن هناك يوم قيامة، يوم القيامة سيتبين أنّ من أكثر الأطراف في لبنان الذين عملوا لوأد الفتنة في طرابلس كان حزب الله بعيدا عن الإعلام بالإتصالات والصداقات والكلام وكل الوسائل الممكنة لأننا كنّا نعتبر أن ما يجري في طرابلس خطر، واليوم أنا أؤيد وأؤكد وأعلن أنّنا نؤيد كل مساعي لوأد الفتنة في طرابلس وليس مهما من يرعى المصالحة رئيس الحكومة أو النائب سعد الحريري أو رئيس الجمهورية أو المفتي (مالك) الشعار أو المفتي (محمد رشيد) قباني، كائنا مَن كان، المهم أن يحقن الدم في طرابلس وأن تزال المتاريس بين اللبنانيين في طرابلس لأنّ ما كان يؤسس له فتنة مذهبية طائفية بغضاء خطيرة تهدد البلد والمنطقة، والبعض كان يفعل ذلك عمدا ويعرف نتائج وآثار هذه الفتنة، لذلك أنا اليوم باسم حزب الله أعلن تأييدي لكل مساعي المصالحة وكل جهود المصالحة في مدينة طرابلس وفي المشال عموما، والحمد الله لم يضع أحد شروطا على أحد في طرابلس، لم يطلب أحد أن يعتذر من أحد ولم يضع أحد شروط مسبقة والعالم تتسامح (من بعضها)، مع العلم أنّ الذي جرى في طرابلس من خسائر بشرية وحرق بيوت ودمار محلات وضحايا وشهداء أكبر بكثير بكثير من الذي جرى في السابع من أيار في بيروت، لكن لأنّ الناس أخذت قرار التصالح لم تضع شروطا على بعضها لأنّ الكل بدأ يشعر بأخطار حقيقية داهمة تواجه الجميع في طرابلس والشمال.
اليوم عندما نأتي للوسط السني، نقول كلا يا إخوان، المقاومة وحزب الله بالتحديد لا يستهدف أي لبناني سني أو درزي أو شيعي أو مسيحي، لا يستهدف أي فريق سياسي ولا أي طائفة ولا أي مذهب.
مجددا أقول حزب الله لا ينافس أحدا على سلطة ورأيتم عندما حصلنا على حصة ثلاثة وزراء ليس من باب المن على حلفائنا أبدا وإنما قمنا بواجبنا ووفينا بوعد ، هذا من حقهم الطبيعي لحلفائنا أن يكونوا معنا في الوزارة، هل هناك في تاريخ لبنان من قام بهذا العمل؟ أنه لديه وزراء فتخلى عن وزرائه لصالح حلفائه؟
لسنا نبحث عن سلطة ولا نبحث على زعامة، نعم نحن نرى في المقاومة حفاظا على لبنان نرى فيها حفاظا على قوة لبنان على منعة لبنان نحن لدينا وعي عميق للمشروع الصهيوني في المنطقة لأطماع اسرائيل في المنطقة ولذلك نتمسك بهذه المقاومة ندافع عن لبنان وعن شرف لبنان وكرامة لبنان وشرف الأمة العربية والأمة الاسلامية كلها بأطفالنا وأبنائنا وبناتنا ونسائنا وبيوتنا وأرزاقنا وأعمارنا وزهرة شبابنا ولا نريد من أحد جزاء ولا شكورا، كما قلت في حرب تموز للعرب لا نريد منكم شيئا إلا "تفكّوا عنا" في الداخل نحن لا نريد من احد شيئا إلا "يفك عنا" فقط ونحن لا ننافس أحدا على شيء أبدا، من كل هذا الذي يتنافس عليه الناس.
حسناً، قلنا نحن منفتحون وجاهزون _ وطبعا لست أنا من يقول من يمثل السنة في لبنان، واليوم هكذا مركب البلد _ في نهاية المطاف نحن لدينا علاقات مع قيادات وقوى وجبهات وأحزاب وجماعات وشخصيا سنية محترمة ومرموقة ولها تمثيل واسع في الشارع السني لا أحد يستطيع أن يتجاوزها ويتجاهلها، عندما بدأ حوار بيننا وبين بعض الشخصيات السلفية لم يكن الهدف اختراق الساحة السنية، بالعكس نحن قادمين من موقعين بعيدين، كما الأمر نحن والتيار الوطني الحر إذ كنا متباعدين واختلفنا في الانتخابات النيابية وتخاصمنا أيضا، التفاهم يحصل بين طرفين متباعدين ثم يبدآن بالاقتراب قليلا قليلا ويتكلمان مع بعض ويتفهما بعضيهما البعض ثم ينجزون وثيقة تفاهم. حسناً قامت الدنيا ولم تقعد لماذا؟ قيل لأن حزب الله يقوم باختراق الساحة السنية. ماذا يوجد لي في الساحة السنية حتى أريد أن اخترقها؟ أنا لدي علاقات وصداقات عديدة وواسعة في الساحة السنية في لبنان، أما في العالم العربي أوسع وأكبر وأهم.
نحن لسنا نعمل على اختراق أي طائفة، بالعكس نحن نؤيد أي مساع وفاقية داخل أي طائفة وأصدقاؤنا يعلمون هذ1ا الأمر ونحن نشجع على المساعي الوفاقية في داخل الطوائف وبين الطوائف لأن هذه هي تركيبة لبنان، ونحن نؤمن بأن وحدة البلد ولم البلد وجمع البلد هو من أهم عناصر قوة المقاومة وبالعكس التشتت والنزاع الداخلي يضعف المقاومة بشكل أو بآخر. ولذلك عندما قامت القيامة على الطرف الآخر الذي وقع نحن قمنا بالاتصال به وأصدرنا بيان وقلنا لهم نحن نتفهم جمّدوا، الغوا، او اتخذوا أي اجراء تريدون. نحن لا نريد ان ندخلكم في نزاع مع أهلكم ومع اصدقائكم ومع إخوانكم، نحن نريد من خلال هذه الخطوة ان نلم الساحة لا أن نخترق الساحة.
في كل الأحوال، تشكلت حكومة وحدة وطنية جديدة ونحن أمام فرصة للملمة الوضع، اليوم أنا ما أدعو إليه:
لقد تصور البعض أنه عندما يمنع وثيقة التفاهم بيننا وبين بعض القوى السلفية – وقد رأينا هذا الأمر في الخطاب السياسي – يقوم بتوجيه رسالة إلى حزب الله فحواها أنه من يمثل السنة في لبنان هو تيار المستقبل أو دار الفتوى. ليس أنا من يقبل أو يرفض، هذا شأن يعني إخواننا السنة في لبنان هم يقررون من يمثلهم، لكن أنا لا أنكر لا مقام دار الفتوى، ولا أنكر حجم التمثيل الواقعي لتيار المستقبل، ولذلك نحن قلنا وانا قلت نحن جاهزون لكل لقاء وجاهزون لكل حوار وجاهزون لكل تعاون لإخراج ساحتنا من هذا التوتر.
واليوم أنا أعود وأجدد تعالوا لنجلس من دون شروط مسبقة المصالحة مطلوبة في طرابلس، المصالحة مطلوبة في بيروت، المصالحة والحمد لله حصلت ولكنها تحتاج إلى تثبيت في تعلبايا وسعدنايل، صدقوني نحن أكثر فريق متضرر من أي إطلاق نار في الداخل، أكثر فريق متضرر من أي صراع في الداخل اكثر فريق متضرر من أي نزاع في الداخل وعندما ننجر إلى نزاع في الداخل إما أن يفرض علينا أو ننجر إلى المكان الذي نشعر فيه أن ما هو أهم بالنسبة إلينا في خطر وهي المقاومة، المقاومة التي هي ليست مشروع مذهبي وليست مشروع طائفي وليست مشروعا خاصا بل هي منعة للبنان وقوة للبنان وقوة للعرب، تعالوا إذن ببركة شهر رمضان المبارك – في ما يعنين أنا والنائب سعد الحريري، أنا أعلنت أنني جاهز لأجلس معه، والنقاش لم كيكن على المبدأ بل كان على المكان، وقد اقتُرح مكان بالنسبة لي الذهاب إليه سهل، ولكن العودة منه صعبة جداً، ولا أعتقد أن هناك من يقبل ان نكون في صدد معالجة مشكلة فنقع بمشكلة أكبر، أي إذا صار هناك استهداف على المستوى الأمني وأنتم تعلمون جيداً أن المسألة بيننا وبين الاسرائيلي جدية وليست مزحة، هو يتعاطى بجدية ونحن أيضا نتعاطى بجدية، إذا لم يتيسر اللقاء المباشر الشخصي نتيجة الظروف الأمنية لي وللنائب سعد الحريري لا يمنع ذلك ان تحصل لقاءات على مستوى آخر بين حزب الله وتيار المستقبل ونحن منفتحون على تيار المستقبل وعلى دار الفتوى ومع كل القوى السياسية السنية دينية كانت أم علمانية، المواقع الدينية، رجال الدين، الاتجاهات الإسلامية السنية المختلفة سلفية أو غير سلفية لا نتوقف عند هذه الاعتبارات.
اليوم أنا أدعو – صحيح أن السرد فيه مرارات لأن الواقع هكذا كان مر ومؤلم وصعب ولكن عادة عندما يكون هناك مرض أو جراح نقوم بمعالجته طبيعي أن نشعر بهذه الآلام سواء نحن أو هم – أنا اليوم خطابي وندائي في شهر رمضان المبارك في هذه الليلة من شهر رمضان المبارك من خلال منبر هيئة دعم المقاومة الاسلامية ومن خلال مدينة بعلبك التي تحتضن بين أهلها شيعة وسنة ومسيحيين وتربطهم علاقات تاريخية وعريقة في ما بينهم، من مدينة بعلبك التي لم تدخل في هذا النزاع ولا في هذه المحنة ولا في هذه الفتنة وكان علماؤها ونخباؤها وقياديوها وأهلها وناسها حريصين جدا على تجاوز هذه المحنة وإذا حصل إشكال فردي كما حصل في بعض الأحيان في منطقة العين أو اللبوة أو غيرها كان يسارع من قبل الجميع وهذه شهادة لله من قبل العلماء ومن قبل النخب ومن قبل وجهاء المنطقة وقواها السياسية لمعالجة المشكل ووضعه في دائرته الشخصية الحقيقية الضيقة وعدم السماح بأي صراع له بعد مذهبي أو بعد طائفي وهذا نموذج يجب أن يحتذى ويجب أن يعمم على مستوى الساحة اللبنانية، من خلال مدينة الشمس التي ارجو أن تشرق شمسها على كل لبنان وعلى كل المنطقة وقد أشرقت بالمقاومة وبسيد شهداء المقاومة وشهداء المقاومة في ما مضى، انا أجدد الخطاب وأقول نحن في حزب الله لا ندخل في صراع مذهبي أو طائفي مع أي من الطوائف او المذاهب اللبنانية على الإطلاق.
إذا كان لنا خلاف مع تيار أو جماعة أو حزب او قيادة أو شخصية أو موقع سياسي أو ديني من الطوائف والمذاهب الأخرى فهو خلاف سياسي وليس خلاف مذهبي أو طائفي.
نحن حاضرون لطي كل صفحات الماضي، نحن مستعدون لمعالجة كل الجراح ونحن منفتحون على كل حوار وأجدد الدعوة إلى كل حوار. نحن لا نخاف من الحوار وكما قلت في المرة السابقة البعض يقول أن حزب الله يريد ان يهرب من طاولة الحوار الوطني، أبداً أبداً، تفضلوا غداً أن نذهب إلى طاولة الحوار الوطني ونحن جاهزون لأنني دائما أقول لدينا منطق ولدينا فكر ولدينا دليل ولدينا تجربة أيضا وليس كلام نظري فقط نظري علمي، ومن لديه منطق آخر نناقشه.
شهر رمضان المبارك أرجو أن يكون شهراً للمصالحة الطرابلسية، للمصالحة الشمالية والمصالحة الشيعية السنية والمصالحة اللبنانية العامة. يجب أن نغتنم جميعاً هذه الفرصة بمعزل عن التقييمات الجهوية لكل ما حصل من أحداث، ونبادر، نحن سنبادر وعلى غيرنا أن يبادر، ولكن خطابي للناس الطيبين، لعامة الناس من الشيعة والسنة والدروز والمسلمين والمسيحيين ، أيها الناس لا تكونوا وقود أي خلاف واي صراع ودققوا ، لا تعطوا آذانكم ولا تتحكم فيكم عصبياتكم. أقول للشيعة لا تقبلوا منا كل شيء كيفما كان ، انظروا إن كان ما نقوله حق فاقبلوه منا ، وإن كان باطلاً فارفضوه وقولوا لنا ذلك، ونحن نرغب بذلك. وأنا قلت عن الشيعة لأن البلد مركب بهذه الطريقة. في الدائرة الأوسع أيضاً نقبل هذا المنطق. ما أدعو إليه هو أن يبتعد شعبنا اللبناني أهلنا اللبنانيون على اختلاف أديانهم واتجاهاتهم السياسية عن العصبية والتعصب لشخص أو لحزب أو لطرف أو لطائفة أو لمنطقة أو لجغرافيا، وأن يكونوا طلاب حق وألا يسمحوا بالفتنة ولا بالصراع الدامي، وأن يرفضوا كل صاحب خطاب متوتر يدعو إلى الفتنة. فليكن المعيار ما ذكرت مقابل أي أحد كائناً من كان صغيراً أو كبيراً. أيها اللبنانيون من يدعوكم إلى الفتنة ارفضوه، من يحرض بعضكم على بعض انبذوه ، دعوه جانباً، وفتشوا عن كل من يجمع الكلم. هذا شهر رمضان المبارك، شهر رحمة والتسامح والمغفرة والعفو والتراحم والمودة والأخوة والتلاقي وصلة الرحم. تعالوا لنغتنم فرصة الله الخاصة ونعمة الله الكبيرة لنضمد جراحنا وآلمنا ونجمع صفوفنا من جديد لما فيه خير دنيانا وآخرتنا.