كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في حفل افطار هيئة دعم المقاومة الإسلامية في بيروت 16/9/2008
.... ايام زمان كانت صحة الناس أفضل وكانت همومهم اقل لانه لم يكن هناك لا فضائيات ولا وسائل اتصال ولا احد يعرف ماذا يحصل في العالم, ولكن اتونا بنشرة اخبار اليوم لا يخرج منها احد وقلبه لا يتوجع منها, نرى في الاخبار اليوم في اثيوبيا لوحدها في 4.700.000 شخص مهدد بالموت بفعل المجاعة، هنا نتكلم عن الناس بمعزل عن انتمائهم الديني فيهم مسلمين والكثير منهم مسيحيون وكثير منهم وثنيون والكثير ايضا اتباع ديانات اخرى, وهذا العدد فيه اطفال ونساء وشيوخ. بفعل المجاعة, الملايين في الصومال, وعشرات الملايين في الهند وفي بنغلادش وبورما وغيرها واماكن اخرى من العالم في الحد الادنى من بني الانسان رجال ونساء واطفال وكبار في السن ورضع معرضون للموت بفعل المجاعة وبفعل الفقر ولا احد يحرك ساكنا في هذا العالم.
يعني هذا أن العالم ميت في انسانيته وميت في قيمه, ولو خرج زعماء في هذا العالم وتحدثوا عن القيم الانسانية والقيم الديمقراطية وحقوق الانسان, ما هو هذا العالم الذي يتحدث عن قيم الانسان والديمقراطية وعشرات الملايين يموتون جوعا, وفي المقابل يوجد اكداس هائلة من الاموال الطائلة من الذهب والفضة ومجموعة من الاغنياء, واذا تلاحظون معنا في نشرات الاخبار سنة بعد سنة دائرة الاغنياء تتضاءل, أي هناك كمية تزداد ثروة وكمية اخرى تفلس, (اريد ان اضرب مثل, ويمكن أن يقول البعض ان السيد الآن يهاجم العالم العربي وكانه هذا اصبح من المقدسات), هناك دولة عربية واحدة لها في بنوك الولايات المتحدة الاميركية فقط والتي بدات منذ الآن تعاني من ازمة مالية ضخمة، ثلاثة الاف مليار دولار طبعا هذا قبل ارتفاع اسعار النفط وغيرها أي أن هذه المعلومة عمرها سنة ونصف, أي 3 الاف مليار دولار مكدسين! ماذا يفعلون بهذه الاموال في هذا الوقت؟ انظر الى غزة والعراق ولبنان صحيح ان اللبنانيين يتسترون على بعضهم البعض ولكن ألا نرى في لبنان اشخاص على صناديق النفايات يبحثون عن بقايا طعام وثياب وما شاكل, الا يخدش هذا المشهد بانسانيتنا وقيمنا وباخلاقنا وبديننا؟ كيف يتحمل هؤلاء اصحاب الاموال المكدسة في البنوك الاميركية وجزء بسيط من هذا المال ( لا احد يقول لهم هاتوا 3 الاف مليار دولار نريد ان ننفقها على الجائعين والعطاشى والمظلومين والمضطهدين) جزء بسيط من هذا المبلغ يمكن ان يعالج الكثير من الازمات الاقتصادية والاجتماعية لشعوب هذه المنطقة والعالم, طبعا نحن ناخذ جانب اسمه الجوع, وطبعا اذا اخذنا جوانب اخرى الامية والجهل والعزوبية والبطالة كل هذه المشاكل يمكن ان نجد لها حلا عندما تتوفر القدرة المالية, اما حكوماتنا الغنية فتجمع المال وتكدسه وتحرم حتى شعوبها هي، وليس على شعوب اخرى، هنا نجد افتقاد حس المسؤولية, وهذا ما تحاول التربية النبوية ان تعززه,
من هنا ادخل لاقول ان اهم عنصر في تجربة المقاومة وفي حركة المقاومة في لبنان والتي تعتز بدعمكم لها هو هذا الحس بالمسؤولية لانه في لبنان وخصوصا بعد اجتياح 1982 هناك اناس كثيرون في لبنان رجال ونساء رفضوا, يعرفون ماذا يعني الذل والمهانة وماذا يعني تدنيس الارض, وماذا يعني مصادرة القرار, وماذا يعني اعتقال الالاف من الشباب والزج بهم في السجون, وماذا يعني احتلال الارض والسيطرة على المياه وعلى السيادة, ولذلك انطلقوا نتيجة احساسهم بالمسؤولية, يعني اليوم في حفل افطار هيئة دعم المقاومة اريد ان اقول أن المقاومة ووجود المقاومة وفعل المقاومة وانطلاقة المقاومة هي نتيجة طبيعية ولحس المسؤولية والشعور الانساني العالي والمرموق لدى الكثير من رجال ونساء لبنان, ولولا هذا الحس بالمسؤولية لما كانت هذه المقاومة في لبنان. ولقبلنا بالخنوع وبالاحتلال وبالذل وبالضيم وبسيطرة الصهاينة على ارضنا وعلى خيراتنا ومياهنا وبلادنا وعلى قرارنا السياسي وعلى مستقبل اولادنا واحفادنا وكل الاجيال الاتية, لكن هذا الحس بالمسؤولية دفع بالكثير من الشباب الى ان يقاوم الاحتلال, مقاومة الاحتلال بكل الوسائل سياسية وثقافية واعلامية واجتماعية ومادية ومعنوية, ولكن ياتي في راس الحربة وفي قمة المقاومة الميدانية المسلحة التي تقدم فيها الاراوح وتبذل فيها الدماء ويتعرض فيها العدو للخسائر الفادحة التي تجبره على الخروج والانسحاب والهزيمة.
هذه المقاومة في لبنان ثمرة هذا الاحساس القوي في المسؤولية, ولانها كذلك بقيت الى الى اليوم, يعني لو كانت هذه المقاومة كانت مجموعة شباب مرتزقة أي بمعنى أنهم في المقاومة لانهم ياخذون معاش, لا يوجد مقاومة تستمر 26 سنة فقط لان شبابها ياخذون معاشات وهي مقاومة معرضة في كل يوم للقتل وللتصفية وللمواجهة الدموية.
الذي جعل شباب مثل شبابنا اليوم, لماذا هؤلاء الشباب اليوم يغادرون المدارس والجامعات ليعيشوا في التلال والوديان في جنوب لبنان، لانهم يشعرون بمسؤولية الدفاع عن بلدهم ولو كان لديهم ايمان وقناعة بان الدولة قادرة على حمايتهم - لان اليوم هناك شعار الدولة تحمي الجميع صح - والصحيح يجب ان نقول يجب ان تحمي الدولة الجميع هذا هو الشعار الصحيح, من وظائف الدولة ومن واجبات الدولة ان تحمي الجميع ولكن اذا اردنا ان ناتي الى الواقع, هل الدولة تحمي لبنان الان فعلا؟ هل هي قادرة فعلا على حماية لبنان؟ (ليس هناك اثنان يختلفون على ذلك, الجواب هو لا,) نعم يجب ان نعمل على ان تصبح الدولة قادرة على ان تحمي لبنان, لا ان نستسلم الى هذا الواقع ولا ان نسلم به, دائما ارادوا لنا ان نعيش في لبنان تحت شعار او تحت نظرية قوة لبنان في ضعفه, ما هي هذه القوة,أي أن قوته في لسانه, يعني ان اللبنانيين فقط شغلتهم ان يحكوا ويخطبوا ويكتبوا ويغنوا ويقولوا شعر، هكذا هي قوة لبنان!؟
هذه القوة لا تحمي احدا في هذا العالم لا لبنان ولا غير لبنان, لبنان يجب ان يكون قويا ودولته ايضا كذلك لتحمي الوطن وتحمي الشعب ولتحمي الاهل, بل في مرحلة من المراحل وللاسف الشديد الدولة لم تكن فقط ضعيفة بل كانت لا تملك ارادة المواجهة بل للاسف الاشد كانت احيانا جزءا من التواطؤ مع العدو في بدايات الثمانينات, ولا اريد ان اذهب الى مراحل ثانية, وعندما كان الاسرائيلي يدخل كان يحظى بتعاون احيانا, هؤلاء الشباب الذين يشعرون ان بلدهم مهدد وان شعبهم واهلهم في دائرة الخطر يغادرون بيوتهم وعائلاتهم ومدارسهم وجامعاتهم لكي يعيشوا في الجبال والوديان الجنوب, واظن بعضكم أيتها السيدات تعرفتم على بعض هؤلاء الشباب، وهؤلاء الشباب لا ينقصهم أي شيء لا ذكاء ولا عقل ولا فهم ولا شخصية, اذن لماذا هذه الهجرة الى الجبال والوديان للدفاع عن الوطن لانه هناك احساس بالمسؤولية وهناك قيم انسانية حاضرة في وجدان هؤلاء الشباب تفرض عليهم بان يكونوا في تلك المواقع لانهم سيُسألون ايضا يوم القيامة, ولانهم من الناحية العاطفية لا يتحملون ان يذل شعبهم او وطنهم او ان يعتدى عليهم او ان يتحول لبنان الى ارض مستباحة للعدو الاسرائيلي لجيشه او موساده او اجهزته الامنية او ما شاكل. وكذلك هو حال عائلات هؤلاء الشباب زوجاتهم اللواتي يتحملن هذا النمط من العيش الامهات والاباء والارحام والأبناء والبنات الذين يتحملون هذا النمط من العيش هذا ايضا جزء من دائرة التضحية. لان المقاومة ايضا لديها هذا الحس من المسؤولية استطاعت ان تستمر وأيضا وثانيا استطاعت ان تحقق الكثير من الانتصارات والانجازات.
لا نريد ان نتحدث عن شواهد قديمة ولكن اول امس أي يوم الاحد، عادةً، رئيس حكومة العدو في بداية جلسة مجلس الوزراء يتحدث بكلمتين بالسياسة، ماذا قال اولمرت الذي سيغادر في هذه الايام فاشلا تعيسا حزينا, ماذا يقول للاسرائيليين؟ يقول لهم وعلى منبر حكومتهم وهذا له خصوصية لانه يتحدث في مكان افتتاح جلسة حكومة العدو أي بحضور القيادتين السياسية والعسكرية, اولا هذه حكاية إسرائيل الكبرى الكاملة المتكاملة هذا وهم وما عاد احد يكذب على الاسرائيليين ولا على شعب إسرائيل.
الثانية التي قالها لهم اولمرت من الواضح ان التوازن الاقليمي في المنطقة بدا يصاب بالاختلال وطريقنا من منع الاختلال بالتوازن الاقليمي ان نتفاهم مع الفلسطيني وننجز تسوية ونتفاهم مع السوريين وننجز تسوية, اذن ليس هناك طريق عسكري عند اولمرت حتى يمنع الاختلال بالتوازن الاقليمي.
النقطة الثالثة: الوقت ليس لمصلحتنا إذا لم نسارع ونعمل تسويات كل يوم يمر في المستقبل سوف نندم عليه، أنا لا أخترع شيء من عندي هو (أي أولمرت) قال هذا الكلام في جلسة مجلس وزراء العدو.
تقيم هذه النقاط الثلاث واضح، وهو يعني في الخلاصة أن أولمرت بعد كل تجربته الطويلة، هو لم يدوم طويلاً في رئاسة الوزراء لأنه تورط في حرب تموز، لكنه من القيادات القديمة والعريقة في العمل السياسي في كيان العدو يقول لهم نحن في وضع جديد في المنطقة، الوضع الإقليمي ليس لمصلحتنا، الوضع المحلي الداخلي ليس لمصلحتنا، إمكانية معالجة الوضع في الوسائل العسكرية ليس متاحاً، الطريق المتاح لنا هو أن نعمل تسويات، والأحلام التي كنا نعيشها يجب أن ننزعها من رأسنا، هذه أوهام لم يعد لها مكان، هذه هي الخلاصة. لكن لماذا الآن يقول أولمرت هذا الكلام، وإن كان نتنياهو قد سبقه بعد هزيمة إسرائيل عام 2000 للقول بأن المشروع الصهيوني انتهى تعقيباً على قرار باراك بالانسحاب من جنوب لبنان بتلك الطريقة المذلة في 25 أيار 2000. ما هو السبب؟ هل السبب أنه صار هناك نظام متعدد الأقطاب في العالم؟ لا، ففي الماضي كان يوجد نظام قطبين في العالم وإسرائيل كانت تزداد قوة وعنجهية واستبداد والمزيد من احتلال الأراضي وفرض الشروط المذلة على العرب. صحيح يوجد بداية تحولات دولية لكنها ليست واضحة الأفق؟ هل لأن العرب كانوا ضعافاً وأصبحوا الآن أقوياء ؟ بالعكس، للأسف الشديد، يوماً بعد يوم العرب هم الغائب الأكبر عن كل التطورات الإقليمية والدولية؟ أين الدول العربية؟ باستثناء سوريا التي تحاول أن تكون في حراك ما ويفرض موقعها أن تكون في قلب هذا الحراك أغلب الدول العربية للأسف غائبة! اليوم تجدون تركيا، إيران، فرنسا، أوروبا، أمريكا بطبيعة الحال، الدول العربية أين هي؟! هل يوجد وضع عربي جديد يخيف أولمرت؟ لا، لا يوجد وضع عربي رسمي جديد يخيف أولمرت! التطور الرئيسي، ومن لديه نقاش آخر يستطيع أن يقوله، التطور الرئيسي الذي حصل في المنطقة منذ عام 2000 إلى اليوم هو تطور وانتصارات وانجازات حركات المقاومة في المنطقة. هذا التحول بدأ عام 2000 من هزيمة إسرائيل في لبنان، هذه هي الحقيقة ولا يوجد شيء آخر. وإلا لو أزلنا هذا العالم المسمى حركات المقاومة، صمود المقاومة، ثبات المقاومة، انتصار المقاومة، بالعكس، كل العوامل الأخرى هي عوامل مساعدة لإسرائيل لتزداد عتواً واستبداداً وفرضاً للشروط المذلة على الجميع. لماذا انتهت إسرائيل الكبرى؟ يوجد ثلاث إسرائيلات ، 1- توجد إسرائيل الكبرى الممتدة جغرافياً والتي فكرتها الأساسية من النيل إلى الفرات والتي يعبّر عنها العلم الإسرائيلي المرسوم عليه خطين هما تعبير عن النهرين.
2- إسرائيل عظمى وهي التي تتنازل جغرافياً وتكتفي بفلسطين التاريخية ولكن تكون فيها دولة قوية جبارة مقتدرة تفرض شروطها على كل المنطقة وتهيمن على كل المنطقة خلف حدود فلسطين التاريخية. 3ـ ويوجد إسرائيل العادية التي حتى الآن حدودها غير مفهومة وغير معروف ماذا سيحصل بها. هذه الثلاث إسرائيلات.
إسرائيل الكبرى، يوجد مجموعة عوامل لها علاقة بصمود الدول العربية الشعوب العربية الجيوش العربية في بعض المراحل حرب الـ73 إلى آخره، لكن إذا أردت التواضع أقول الذي دق المسمار الأخير في نعش إسرائيل الكبرى هي المقاومة في لبنان عندما ألحقت الهزيمة بها عام 2000. انتهت إسرائيل الكبرى. إذا كان هذا الجيش الإسرائيلي العظيم لا يستطيع أن يبقى ليس في جنوب لبنان فحسب وإنما في الشريط الحدودي فكيف يستطيع أن يحتل وأن يسيطر على منطقة جغرافية واسعة إلى حد أن تشمل كل الأراضي الواقعة بين نهر النيل ونهر الفرات؟! إسرائيل كبرى انتهت عام 2000، واليوم أولمرت وهو منتهى ومغادر اعترف انها انتهت، هذه هي الحقيقة. عام 2000 انتهت وخلصوا إلى ضرورة صنع تسويات وصلح وبدأ النقاش ينسحب إلى إسرائيل عظمى داخل حدود فلسطين التاريخية، وهذا كان مشروع الأحزاب الإسرائيلية، كان دائماً طموحهم حكم ذاتي إداري في الضفة وحكم ذاتي إداري في غزة وانتهت الأمور، لكن هناك تطورات حصلت بعد عام 2000 والتي كان أهمها انطلاقة الانتفاضة المباركة في فلسطين والمقاومة في فلسطين التي فرضت في نهاية المطاف الانسحاب من غزة، دلالة الانسحاب من غزة أنه بدأ التراجع حتى عن حدود فلسطين التاريخية. الانتفاضة فرضت على إسرائيل أن تأتي وتبني الجدار العازل، يعني الأراضي خارج الجدار هي للتنازل أو للتفاوض، يعني خرجت من أرض فلسطين التاريخية، هذا في المضمون الجغرافي، أستطيع القول بالمضمون الجغرافي لإسرائيل العظمى في فلسطين التاريخية لحقت به هزيمتان، واحدة علامتها الانسحاب من غزة ، والثانية علامتها الجدار العازل، لكن إسرائيل العظمى المقتدرة القوية الجبارة المخيفة المهيمنة، بكل تواضع أقول، إسرائيل العظمى هذه سقطت في حرب تموز في لبنان عام 2006، لم تعد إسرائيل العظمى. اليوم إسرائيل أصبحت مثل العرب أيام زمان، تخطب وتهدد وتتكلم بالليل والنهار "وما بيطلع من أمر شي" ، هذا الواقع اليوم. متى كانت إسرائيل عندما تريد أن تعمل حرب تخطب وتهدد وتهول؟ كل حروبها كانت حروب مفاجئة، لكنهم الآن محتاجين أن يخطبوا وأن يهددوا كثيراً حتى يستعيضوا عن الضعف والوهن والعجز وفراغ المعنويات في جيشهم وضباطهم وشعبهم بهذه اللغة الاسنهاضية. اليوم، نحن أمام إسرائيل عادية، إسرائيل العادية التي كانت في يوم من الأيام شغلها الشاغل هي الأمة العربية والحكومات العربية والشعوب العربية، ولكن اليوم شغلها الشاغل بعض المقاومين فلي لبنان وبعض المقاومين في فلسطين، وهي تشتغل بهم ليل نهار، وتعترف أنهم يقيمون معها توازن ، وتخشى من اختلال هذا التوازن إذا امتلك مقاومة اللبنانيين أو مقاومة الفلسطينيين لهذا السلاح أو ذاك السلاح. إذا نحن اليوم فغي مرحلة تاريخية متقدمة جداً من هذا الصراع.
عندما نأتي اليوم في هذه اللحظة التي نعيشها ومن خلال هذه الوقائع وهذه القراءة لكل هذه التجربة، نعم نحن معنيون جميعاً بأن نحمي بلدنا ونحصنه وندافع عنه وهذا يتطلب تصرف وطني وتعاطي وطني مع هذا النوع من القضايا، من هنا أريد أن أدخل إلى النقاط الأخيرة، أنا أحب قبل أن أدخل إلى هذه النقاط أن أخبركم بشرى ونتيجة أؤمن بها: مع انتهاء حرب تموز ومع تطور الأحداث في لبنان وصولاً إلى 7 أيار وصولاً إلى اتفاق الدوحة وتشكيل حكومة الوطنية الحالية، أستطيع أن أقول لكم إن المقاومة التي كانت دائماً تتعرض وهي دائماً تتعرض لمحاولات تصفية والقضاء عليها قد تجاوزت كل هذه التجارب والأخطار الحقيقية التي تهددها أصبحت وراء ظهرها بدرجة كبيرة جداً. الإسرائيلي منذ عام 2000 إلى 2006 وحتى اليوم ومعه الأميركي ومعه كل من يسانده ويساعده في هذا العام هم يعملون على ضرب عنصر القوة المستجد الذي هو المقاومة، هذه المقاومة المطلوب إنهاءها والتخلص منها بكل الوسائل، حتى الآن استخدمت وسائل كثيرة ، اغتيالات، اغتيال الشهيد القائد الحاج عماد مغنية لم يكن أول اغتيال، السيد عباس وزوجة السيد عباس وطفله، الشيخ راغب، الكثير من قادة المقاومة تم اغتيالهم، مع ذلك لم تهتز المقاومة بل كانت تزداد قوة ومنعة واندفاعاً وتجذراً في وجدان أهلها وإيماناً بصوابية طريقها. العمل الأمني على مدى 25 سنة لم يستطع النيل من المقاومة ، وانا أقول لكم، لن يستطيعوا أن ينالوا من المقاومة. الآن، هناك تنافس في انتخابات كاديما وعلى ضوء هذا التنافس يوجهون سؤالاً لليفني أنه إذا جاءك تلفون عند الساعة الثالثة قبل الفجر وقال لك رئيس الموساد أن هناك فرصة نادرة لقتل أمين عام حزب الله هل تعطين قراراً بقتله؟ (تجيب) أجل أعطي قراراً بقتله، موفاز أيضاً يعطي قرار، أنا أشكرهم ولا توجد أي مشكلة فالبنسبة لأي أخ من عندما يحصل على تلك اللحظة لحظة الشهادة يكون قد ختم حياته في تحقيق أغلى أمانيه، هذه كانت مشاعر كل شهدائنا الذين مضوا وهذه هي مشاعر الباقين على قيد الحياة، لكن ما أحب أن اقوله لهم أن المقاومة منذ 82 وحتى هذه اللحظة وإلى المستقبل لا تقف على أي شخص مهما كان في نظر الناس وحسن ظنهم مهماً أو أساسياً ، المقاومة في لبنان تجاوزت مرحلة أنها تتوقف على قائد سياسي أو قائد عسكري أو قائد ميداني أو مجموعة قياديين أو ما شكل، هي حال شعبية حقيقية ولديها قدرة على انتاج القيادات على كل المستويات وقيادات لا تأتي بهم من المواقع النظرية وإنما تأتي بهم من قلب المعاناة ومن قلب التجربة ومن قلب العمل والدماء والدموع، إذاً الخيار الأمني ساقط إسرائيلياً، مهما فعلوا في المستقبل لن يؤدي إلى نتيجة.
الخيار العسكري، قبل عام 2000 جربوا كل شيء وفي 2006 كان قمة الخيار العسكري وفشلوا . ماذا بقي؟ بقي عزل المقاومة شعبياً، فشلوا أيضاً لأن المقاومة لها حضور شعبي كبير جداً وهنا أهمية الاحتضان الشعبي من كل الطوائف اللبنانية والتيارات السياسية اللبنانية المختلفة. هنا أهمية أن تحتضن الدولة المقاومة لا أن تصادرها وتقيدها وتعطل فعاليتها أو تجمد عناصر القوة فيها، أيضاً هذا تجاوزناه.
المقطع الأخير والخطير هو دائماً محاولة جر المقاومة إلى اقتتال داخلي وإلى فتنة داخلية بعناوين مختلفة، سواء بعناوين موالاة أو معارضة أو بعناوين مذهبية وطائفية، وهذا الذي حصل، أي عندما قتلوا شهيد المعارضة خلال الاعتصام وعندما قتلوا للمعارضة شهداء آخرين كان مطلوباً جر المقاومة إلى قتال ، في كل الأحوال ،هذا الأمر حتى في 7 أيار نحن تجاوزناه، أنا أعود وأقول، نحن اللبنانيين لدينا اختلاف في قراءة 7 ايار، أنا أقول هناك من دفع الحكومة السابقة دول دولية وإقليمية، جهات دولية وإقليمية، من دفعها لاتخاذ تلك القرارات التي تستهدف المقاومة لجر المقاومة إلى حرب استنزاف، سوف أعيد كان المطلوب جر القوى الأمنية والجيش إلى حرب مع المقاومة، وكان يمكن أن يؤدي هذا إلى حرب اهلية وإلى تفكك الجيش وتفكك قوى الأمن وإلى سقوط الدولة في لبنان. ولكن ما قامت به بعض قوى المعارضة، ولا تتحمل كل قوى المعارضة المسؤولية، بعض قوى المعارضة وأد الفتنة وقطع الطريق على الحرب الأهلية وحافظ على بقاء الدولة وبقاء الجيش، البعض يحاول أن يقول أنّ ما جرى هو أسوء ما جرى على بيروت، كلا، ما حصل في السابع من أيار أنقذ لبنان ودولة لبنان وجيش لبنان وشعب لبنان من أسوء المؤامرات والفتن التي كانت تحاك له. بعد ذلك، طبعا هناك إصرار من قبل نفس الجهات التي دفعت اللبنانيين ليصطدموا ببعضهم البعض على المواجهة وعلى التصادم والتقاتل الداخلي.
نحن في هذه اللحظة مسؤوليتنا أولا معالجة مسائلنا وخلافاتنا بالحوار، من هنا أنا أجدد اليوم ترحيبي بطاولة الحوار الوطني والذي يعز علي أن أغيب عنه وكنت أحب أن أكون موجودا، لكن نحن والإسرائيليون "في جد ومش عم نلعب ولا في مزح بينّا وبينهم"، هم يترصدون بنا وهم في نفس الوقت قلقون وخائفون منّا، يوم يسحبون كل رجال الأعمال في العالم ويوم يمنعون وزرائهم من السفر، أمس سحبوا من سيناء كل السياح، هذا جيد ونحن لا نعلق لا نقول نعم ولا نقول كلا لا نثبت ولا ننفي، لماذا نطمئن الإسرائيلي، الذي يقتل الحاج عماد مغنية يجب أن يبقى قلقا، في كل العالم يجب أن يبقى قلقا... لذلك "القصة جد بيننا وبينهم" لذلك لم أصعد إلى قصر بعبدا وإلاّ يشرفني أن أكون إلى جانب بقية الحضّار من القيادات السياسية اللبنانية في جهد لمعالجة الوضع في لبنان.
ثانيا، أود أن أشيد بخطاب فخامة الرئيس ميشال سليمان الخطاب المدروس والدقيق والمسؤول والوطني والذي يعبر عن روح جامعة وإرادة جامعة وروحية عالية لمعالجة الملفات الحساسة والمصيرية في البلد. أيضا أشيد بالبيان الختامي الذي هو بداية حقيقة الصادر عن طاولة الحوار الوطني. هناك نقطة في البيان الختامي أؤكد عليها هي موضوع الحملات الإعلامية والتصعيد الإعلامي ودور القيادات السياسية والإعلامية في معالجة الأوضاع.
في اتفاق الدوحة هناك بند يتحدث عن وقف التصعيد والتحريض الإعلامي، أستطيع القول أننا في المعارضة التزمنا لكن بعض الأطراف من الفريق الآخر، بعض الأطراف التزمت وبعض الأطراف لم تلتزم، وإذا هناك أطرافا محلية التزمت هناك أطرافا عربية لم تلتزم، أي إذا التزمت وسائل إعلام محلية هناك بعض وسائل الإعلام العربية التي تمارس أبشع تحريض مذهبي شهده الإعلام العربي منذ تأسيسه، تحريض طائفي ومذهبي مكشوف وواضح وبالإسم، واستغلال الأحداث الصغيرة والبسيطة للبناء عليها تحريضا وتهويلا وتخويفا ودفع اللبنانيين للإقتتال والإحتكام إلى السلاح. أهم بند وهو الآن بند عاجل ونحن كلبنانيين يجب أن نلتزم به جميعا هو وقف التحريض، حتى عندما نذهب إلى المصالحات علينا وقف التحريض.
ما كان يجري في طرابلس تارة مشكلة بين فريق في الموالاة وفريق في المعارضة، لكن لو راجعنا وسائل الإعلام من الذي تحدث بلغة أنّ ما يجري في طرابلس هو قتال سني ـ علوي، مَنْ الذي أخذ الموضوع إلى الطائفية والمذهبية المعارضة أم بعض الفريق الآخر؟ يصنع مستوى عالٍ من التحريض الطائفي والمذهبي على درجة أنّ البركان سينفجر وفي لحظة "بدنا نزت مي لنطفيه"، هذا يصعب الأمور ويعقدها...
أهم شيء وقف التحريض، إذا توقف التحريض أصغر مشكلة وأكبر مشكلة في البلد تذهب إلى حجمها الطبيعي، وأضرب مثلا عُمِلَ عليه اليومين الأخيرين : قرية لاسا في جرد جبيل فيها خلاف على مكان وهو خلاف عتيق وقديم قبل الموالاة وقبل المعارضة وقبل حزب الله والتيار الوطني الحر وقبل كل الناس الموجودين هناك، خلاف يعود إلى عقود من الزمن في الحد الأدنى. في هذا الخلاف فيه طرفين ونستطيع أن نحله بالقضاء أو بالتفاهم ونعمل لمعالجته وهذا هو حجم الموضوع، كن هناك أناس يريدون عمل انتخابات نيابية في جبيل " شو بدنا نعمل"، وهذه مصيبة أنّ هناك انتخابات نيابية مقبلة، كيف نجلب أصواتا؟ نجلب أصواتا عبر التحريض المذهبي والطائفي وبيطلع اليوم أنّ مكانا صغيرا في لاسا بحسب بعض السياسيين من الطرف الآخر يهدد التعايش الإسلامي ـ المسيحي ويضع الشيعة والمسيحيين على أبواب فتنة ؟! هذا غير صحيح هذا كذب وتضخيم وتهويل على الناس.
عندما تحدث العماد عون عن موضوع إحدى الصحف التي تقول أنّ "الطيار الشهيد قتل سامر حنا بدم بارد" وطلب محاكمتها وقامت الدنيا وقعدت، بداية نحن تعاطينا مع الموضوع أنّ ما كتبته الجريدة تكتبه صحف كثيرة، وأمس مثلا جريدة السياسية الكويتية " طلع من ابداعاتها العظيمة" أنّ الذي وضع العبوة لـ صالح العريضي هي الضاحية الجنوبية، و "هنّي قاعدين بالكويت على مهلن طلع معن هلمعلومة" وكتبوها بالخط العريض، طبعا لماذا السياسية الكويتية لأنّها جزء من المطبخ الأمريكي الإسرائيلي السام الهدّام الذي يعمل على بث الكثير من الأكاذيب والشائعات ونحن لدينا قرارا بعدم الرد عليها ولا ننفي لأنّه إذا أردنا النفي علينا تخصيص جهاز إعلامي كل يوم ينزل بيانات نفي لأنّه هي قائمة على الكذب...
لأننا متورطون مع وسائل إعلام من هذا النوع لم نتوقف كثيرا ولكن بعد ذلك، أنا في الآونة الأخيرة مقتنع أنّ علينا رفع دعوى قضائيّة على هذه الجريدة التي تتهمنا بالقتل بدم بارد، و"خلّي يروح يعتصم عندا إلّلي بدو يعتصم"، لأنّ هذا افتراء وظلم وكذب. اليوم عندما نأتي لحادثة صغيرة ونكبرها، الذي حصل اليوم وأمس في تعلبايا وسعدنايل، هناك جو محتقن يمر شابين يتقاتلان فيوم هؤلاء يقتلون ويوم أؤلئك يقتلون وهذا هو حجم الموضوع، تقوم الدنيا ولا تقعد ولا تتوقف، لماذا لأنّ المناخ السياسي والإعلامي هو الذي يأخذ الأمور إلى هذه الأماكن.
نحن إذا اتفقنا وإنشاء الله الجميع يكونوا صادقين على طاولة الحوار، إذا اتفقنا على وقف التحريض وعلى تهدئة الإعلام أنا أبشّر اللبنانيين أننا جميعا قادرون على معالجة كل المسائل والاحداث التي تحصل، هذه الأحداث لها تفسيرين هناك تفسير أنّ بعض الأحداث سببها مناخات التحريض ، وبعض الاحداث أنّ هناك من يدخل على الخط ويعمل لإحداث الفتن، من هو الذي يحمل قنابلا يدوية ويرميها على كورنيش المزرعة،مِنْ، دلوني على لبناني وإنسان عنده قليلا من الأخلاق والشرف يأتي منتصف الليل ويرمي قنابلا يدوية مثل ما حصل.
نفس هذه الجهات تأتي إلى الشيخ صالح العريضي وتقتله، لأنّ الشيخ صالح العريضي واضح دوره الأساسي وموقعه وكثر لا يريدون أن يتفاهم الدروز مع بعضهم ولا يريدون الحزب اللبناني الديموقراطي أن يتفاهم مع الحزب التقدمي الإشتراكي ولا يريدون أن يتفاهم حزب الله مع الحزب التقدمي الإشتراكي ومع محيطه، ويمكن هدف القتل أن يكون جر هذه الأحزاب إلى التقاتل وبالتالي جوء المقاومة إلى قتال من خلال توزيع الإتهامات، فهناك أناسا يضعون العبوة التي تقتل وهناك أناسا عندهم العبوات الإعلامية الجاهزة في الفضائيات وفي الصحف وفي المنابر لِتُكْمِل دور العبوات والمتفجرات القاتلة، وهذه هي التركيبة الموجودة اليوم التي نواجهها.
المدخل هو وثقف التحريض، إذا أوقفنا التحريض نقدر على معالجة الأمورن نثبّـ المصالحة في الشمال ونثبّت المصالحة في تعلبايا سعدنايل في البقاع، ونثبّت المصالحة التي جرت بالأمس بين حزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي برعاية المير طلال إرسلان ونكمل المصالحات، المصالحات لن تقف عند هذا الحد، سوف تكمل إلى بيروت وغير بيروت وإلى بقية المناطق اللبنانية لأنّه يفترض أن يكون هناك مناخ مصالحة في لبنان، وهذا لا يعني تبديل التحالفات أبدا، فيمكن أن يبقى كل واحد في موقعه، نحن من خلال المصالحة نقول "يا جماعة ما نقوس على بعض" ولا نتآمر على بعض ولا نقتل بعضا ولا نشحن الأجواء إلى حد أن تذهب الناس إلى إطلاق النار على بعضها، تبقى الوسيلة السياسية الديموقراطية هي التي تحكم بيننا، هناك انتخابات وحوار وشعب ومؤيدين ونحن نحترم الإرادة الشعبية، هذا هدف المصالحة إيجاد هذا المناخ وتثبيت السلم الأهلي ومناخ الأمن ومناخ الإستقرار وتهدئة الاجواء للذهاب إلى انتخابات نيابية معقولة.هناك أناس يبدو أنهم بحاجة إلى حرب أهلية ليربحوا الإنتخابات النيابية ويعملوا نوابا، وهذه اكبر خيانة يمكن أن يرتكبها أحد في البلد.
إنّ أي مصالحة نعلمها لا تستهدف أحدا ولا تستهدف عزل أحد، مثل ما تحدثنا يوم التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر وقلنا في المؤتمر الصحفي يومها أنّ هذا التفاهم لا يستهدف لا مذهبا ولا طائفة ولا تيار سياسي ولا تحالف سياسي، هناك بنود تعني البلد ومستقبله ومصيره، وبالمناسبة اليوم في البيان الختامي أكّدوا على كل مقررات الحوار الوطني، وأنا أدعوكم إلى أن تأتوا بنسخة عن مقررات طاولة الحوار والوطني ونسخة عن تفاهم حزب الله ـ التيار الوطني الحر سوف ترون أنهم ذاتهم، لو قبلوا معنا يومها كنّا وفرنا جهدا كبيرا وتعبا كبيرا على اللبنانيين. اليوم عندما نتصالح في حزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي أو حزب الله أو تيار المستقبل أو حزب الله أو أي جهة أخرى لا يستهدف هذا لا عزل أحد ولا فك التحالفات القائمة وإنما نحن لدينا تحالفاتنا وعلاقاتنا ومواقعنا الحريصين جدا عليها.
نحن جديون في هذا الحوار ولكننا نجدد الدعوة، أنا قبل فترة قلت أنّه يجب الإصغاء إلى مطالبات بعض القوى السياسية اللبنانية بوجوب تمثيلها على طاولة الحوار، بوجوب الإصغاء إلى المطالب المحقة. اليوم سأقول أكثر من هذا وهذا ما قاله ممثل حزب الله على طاولة الحوار، نحن نطالب ونصر على توسيع طاولة الحوار وعلى تمثيل قوى سياسية أسياسية وجهات سياسية أساسية على طاولة الحوار، لماذا، هنا السؤال، (هل) تصرون على تفشيل الحوار، كلا نريد أن ننجح الحوار ولذلك نقول لتكن هناك التوسعة، لا أريد أن أناقش كما يحاول البعض في تمثيل بعض الجالسين على طاولة الحوار، أنا أحترمهم جميعا ولا أطالب بإلغاء أحد ولا بإخراج أحد من الموجودين فعلا، وهذا ليس مطروحا...
طاولة الحوار يجب أن توسّع لتشمل جهات وقوى أساسية، ويأتي سؤال : لماذا قبلتم مناقشة الإستراتيجية الدفاعية قبل حرب تموز بحضور الأعضاء الأربعة عشر ولم تطالبوا بالتوسيع في ذلك الحين؟ لماذا الآن تطالبون بالتوسعة، إذا أنتم لا تريدون الحوار بل تريدون تعقيد الحوار.
نعم قبل حرب تموز كنّا موافقين على هذا النقاش لكن بعد حرب تموز تقول لي ما الفارق بين الآن وبين آخر جلسة لطاولة الحوار قبل عامين أقول لك حرب تموز، حرب تموز غيرت البلد والمنطقة والعالم، وبتواضع غيّرت كثيرا من المدارس القتالية والعسكرية في العالم، هناك فرق كبير بين اليوم وقبلا، والموضوع الرئيسي بالنسبة لنا وبالدرجة الأولى هو موضوع وفاء وموضوع أخلاقي مثل ما تصرفنا في الموضوع الحكومي، هناك قوى سياسية في لبنان كان لها أدوارا في الحرب، ولأننا ذاهبين إلى مناخ جديد، أقول أنه بالحد الأدنى لنا لم تكن مفهومة، " منيح هيك تدوير الزوايا"، ولم تكن مفهومة ولا اريد ان اقول اكثر من ذلك ولكن هناك قوى اساسية في لبنان وقفت الى جانب المقاومة في الحرب ودعمت هذه المقاومة وضحّت الى جانب هذه المقاومة ورهنت مصيرها بمصير هذه المقاومة بحيث لو هزمت المقاومة لتعرض وجود هذه القوى للخطر. الوفاء لهذه القوى التي وقفت الى جانبنا في حرب تموز يقضي ان نطالب بحزم بان تكون على رأس الطاولة وليس على كعب الطاولة, على رأس الطاولة التي تريد ان تناقش مسألة حماية لبنان والدفاع عن لبنان لان هذه القوى كانت جزءا من الدفاع عن لبنان ومن حماية لبنان. نعم هذا هو الفرق الاساسي , الفرق هو حصول حرب تموز, وهذا المطلب نحن سنتابعه بجدية وانا اعلم بانه ستحصل خلال هذا الفاصل الزمني بين موعد اليوم والموعد المقبل مشاورات مكثفة مع مختلف القوى السياسية لتحقيق هذا الغرض وهذا الهدف ان شاء الله . وبالتالي عندما يحضر الجميع سنتمكن من مناقشة جدية ومسؤولة ومجمع عليها وطبعا نحن لا نقول هذا لاننا نريد ان نستقوي باحد ابدا ابدا ابدا " وحياة عيونكم" الذين يمثلون المعارضة ويدافعون عن المقاومة في طاولة الحوار لو كانوا ثلاثة او اربعة فهم بقدر الملايين, الموضوع ليس موضوع عدد او اننا نريد قوى تأتي الى الطاولة لنستقوي بها في بحث الاستراتيجية الدفاعية ابدا, بل الموضوع مصيري, استراتيجي واخلاقي في آن واحد. الاخلاق والقيم الوطنية تقضي بان يكون كل الذين وقفوا الى جانب المقاومة والى جانب لبنان وحفظوا لبنان ودافعوا عن لبنان واعزّوا لبنان وساعدوا على انتصار لبنان في حرب تموز ان يكونوا ممثلين على طاولة الحوار الوطني.
وفي هذا السياق هنا نصل الى الختام احب ان اقول لكم انني ادعو الجميع الى الاستفادة من التجربة التي حصلت في لبنان , منذ يومين او ثلاثة, هناك موقع اسرائيلي على الانترنت "موقع محترم ومتخصص" ينقل ما يلي: سأقول لكم الخبر ولا يحتاج الى الكثير من التعليق, مصدر عسكري رفيع في جيش الولايات المتحدة الامريكية . انتم تعرفون في موضوع جورجيا وروسيا, فجيش جورجيا الذي كان يدربه ويجهزه ويرتبه ويشكله هم خبراء امريكيون واسرائيليون, حتى وزير دفاع جورجيا هو يحمل الجنسية الاسرائيلية يعني يحمل جنسيتين, هو اسرائيلي وكان في اسرائيل وبعدها ذهب الى جورجيا واصبح وزيرا للدفاع. لا يوجد نقاش وهذه معلومات اكيدة ان الامريكيين هم من دفع الجورجيين الى افتعال الحرب ولم يكونوا يتوقعون ان روسيا سترد بهذه القسوة, فحصلت الهزيمة لجيش جورجيا , الآن الامريكيون يعيدون النظر على ضوء تقييم التجربة كيف يجب ان نرجع ونبني الجيش الجورجي, يقول هذا المصدر الرفيع نقلا عن رئيس اركان جيوش الولايات المتحدة الامريكية, وليس عن قائد قيادة المنطقة الوسطى او ما شاكل, يقول: يجب ان نبني الجيش الجورجي على شاكلة حزب الله ويشرح ويقول: جورجيا مثل لبنان, انا (طبعا بالنسبة للاخ عزيزنا وحبيبنا الحاج محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة قد اعطيته هذا النص ولكن لانهم لم يدخلوا الى هذا النقاش اليوم فلا اظنه قد وزعها, حيث قلت له ان يوزعها على الاخوان الحاضرين على الطاولة كمساهمة في نقاش الاستراتيجية الدفاعية).
يقول رئيس الاركان او احد الضباط الكبار نقلا عن رئيس الاركان : لان حزب الله قدم نموذجا جديدا يقول أن قوة صغيرة تقدر ان تلحق هزيمة بجيش كبير بفعل ( هنا طبعا هذا كلام استراتيجي عسكري) لان حزب الله استطاع ان يدمج بين استخدام الاسلحة الحديثة ونشر قوات المشاة وتنظيم حرب العصابات ( هذا طبعا يحتاج الى شرح ولكن نقول الآن الجملة, لان حزب الله استطاع ان يجمع بين استخدام الاسلحة الحديثة ونشر قوات المشاة وتنظيم حرب العصابات, ولمعلومات السيدات ويمكنكم ان تسالوا العسكر والجنرالات ان النموذج العسكري، ولا اتكلم عن الاخلاق والسياسة والمعنويات, النموذج العسكري الذي قدمته المقاومة في لبنان هو ابداع لبناني لا نظير له في تاريخ الحروب البشرية, وهو بالاستفادة من كل التجارب السابقة من ابداعات مجموعة من الاخوة الشباب اللبنانيين (طبعا كانوا شبابا والان اصبحوا شيبا قليلا) وعلى رأسهم الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه, اذن اليوم الامريكي يقول: انا اريد ان آخذ هذه التجربة واريد ان اشكل الجيش الجورجي على شاكلة حزب الله واريد ان اعلمه القتال باساليب وتكتيكات حزب الله وخصوصا ان جورجيا ( يكمل الناقل قوله) ان جورجيا فيها جبال ووديان وقرى ومدن مشابهة للبنان، اذن يمكن استنساخ تجربة حزب الله في لبنان ونقلها الى جورجيا. (هم يريدون ان يلحقوا الهزيمة ليس بالجيش الاسرائيلي بل بالجيش الروسي, يعنى لهذا الحد الامريكيون مقتنعون بالتجربة وبالنموذج), ثم يضيف ويقول أن رئيس اركان الجيوش الامريكية قال: علينا في الجيوش الامريكية ان نستفيد ايضا من تكتيكات واساليب حزب الله في القتال.
عظيم! انا الليلة معكم اوجه نداء واقول للقادة السياسيين والعسكريين في لبنان: اليوم عندما يذهب الضباط لدراسة اركان وجنرالات في كل انحاء العالم ويدرسون نظريات وتجارب من كل انحاء العالم, اليوم يوجد لبنانيون قدموا مدرسة في القتال, اليوم لدينا تجربة لا هي غربية ولا هي شرقية, لا من الامريكيين ولا من السوفييت, تجربة لاول مرة صنع في لبنان, السياديون وخصوصا من يزايد في السيادة يجب ان يكون متعصبا اكثر لكل ما صنع في لبنان ومنه تجربة المقاومة.
كل عام وانتم بخير, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.