كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله يعلق فيها على المواقف الأميركية في احتفال لمؤسسة الجرحى 22-10-2001
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على مواصلة خط الجهاد والمقاومة ، وكما "لم يرهبنا كل ضجيج الأساطيل في العالم فيما مضى ، لن يرهبنا في هذه الأيام"، و"يجب أن نكون جاهزين ومهيئين أكثر من قبل 11 أيلول" . ورأى أن "عملية المقاومة اليوم ليست شيئاً جديداً ، فما زالت أرضنا محتلة وبلدنا مهدد والطائرات الإسرائيلية تخترق أجواءنا في كل يوم ، ونيران الاحتلال تطلق على الفلاحين والمزارعين في محيط منطقة مزارع شبعا، والأهم أن شعبنا في فلسطين يذبح تحت منظر العالم دون أن يحرك أحد ساكناً".
وقال سماحته في احتفال أقيم بمناسبة يوم جريح المقاومة الإسلامية في قاعة الزهراء في مسجد الإمامين الحسنين (ع) – حارة حريك :" إن كل الأسباب الداعية لأن تحضر المقاومة هي أسباب موجودة ولم يتغير فيها شيء . اليوم، أنا أؤكد أمام الجميع ، ليكون الصديق على يقين ، وليكون العدو على يقين ، وليكون الخصم على يقين ، وليكون الحيادي على يقين بأن حزب الله في قناعاته ، في أفكاره ، في طريقه ، في جهاده ، في مقاومته، في أهدافه لن يتغير بالنسبة إليه شيء على الإطلاق. وهو يقوم بواجبه الإنساني ، الأخلاقي ، والشرعي والوطني بدون خوف أو وجل أو تردد. عندما يذكر أي من إخواننا على لوائح "الإرهاب" نحن لا نخاف، لا نقلق ونحن على ثقة من المستقبل لأننا نؤمن بالله وبوعده ، ونعرف جيداً مواطئ أقدامنا وبماذا نفكر. طبعاً ، ندين وضع بعض هذه الأسماء على لوائح "الإرهاب"، ليس من موقع القلق ، وإنما من موقع أن الذي يصنف لوائح الإرهاب ، لا يحق له أن يفعل ذلك ، هو أول واكبر إرهابي في هذا العالم ، لو كشف النقاب عما كانت تفعله أجهزة المخابرات الأميركية في أميركا اللاتينية ، في أفريقيا، في أكثر من بلد في العالم ، أعمال الاغتيال التي نفذتها ، وأعمال الاغتيال التي دعمتها أو الانقلابات العسكرية او الحروب الأهلية التي مولتها أو العدوان المباشر ، إضافة إلى دعمها لدولة الإرهاب الأولى في المنطقة "إسرائيل" . عندما نحتج، نقول بأن الدولة التي تصدر لوائح الإرهاب ، هي دولة إرهابية ، ولا يحق لها أن تصنف الناس إرهابيين وغير إرهابيين ".
ورأى " إن الادارة الأميركية تسعى لاستغلال الأحداث لإيهام الرأي العالم العربي والإسلامي خصوصاً والفلسطيني على وجه التحديد بأنها جادة في معالجة قضية فلسطين ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني ولإحلال ما يسمونه "بالسلام" في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال الحديث عن الدولة الفلسطينية؟! (..). عندما تأتي أميركا في هول ما حصل في العالم لتواجه لبنان أو سوريا أو إيران أو حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو الفصائل الفلسطينية المناضلة ، البوابة التي تدخل من خلالها إلى كل هؤلاء ، القضية المركزية عندها لكل هؤلاء ، هي، كيف تأمن إسرائيل ، وكيف ترتاح، وكيف تصبح بمنأى عن عمليات الدفاع المشروعة عن النفس التي يمارسها اللبنانيون والفلسطينيون في هذه المنطقة".
وأضاف " في الآونة الأخيرة نشرت تصريحات في الصحف، ونفس هذا المضمون تم إيصاله إلى حزب الله عبر قنوات متعددة، مفاده،أن حزب الله مقاومة، ونحن نتفهم أعمال المقاومة التي كان يقوم بها على الأرض اللبنانية، لكن في تاريخ حزب الله بعض الأعمال "الإرهابية" - حسب معايرهم ومقايسهم التي نرفضها جملة وتفصيلاً – ، الآن، هناك فرصة أمام حزب الله لإصلاح نفسه، أي لترتيب أوضاعه. لكن ، ما هو المطروح لترتيب أوضاعنا ؟ بعض المطروح هو بالدرجة الأولى ، أن على حزب الله أن يتحول إلى حزب سياسي فقط؟! وأن يتخلى عن المقاومة؟!. هناك أرض مازالت تحت الاحتلال ، فلتبق تحت الاحتلال. هناك أسرى مازلوا في السجون ، فليبقوا في السجون . هناك وطن بكامله اسمه لبنان مهدد بالأطماع الإسرائيلية وبالقوة الإسرائيلية ، فليبق في دائرة التهديد. ولتبقى إسرائيل تخترق بطائراتها السيادة اللبنانية والأجواء ، وبزوارقها المياه الإقليمية اللبنانية. هناك شعب في فلسطين يقتل في كل يوم ، من الممنوع عليكم أن تمدوا له يد النصرة كما هو ممنوع على كل العرب وكل المسلمين. أي بتعبير آخر، اتركوا المقاومة وأهلنا بكم حزباً سياسياً غارقاً بالتفاصيل اللبنانية حيادياً في قضايا الوطن والأمة المصيرية ونحن حاضرون لنشطب أسمائكم من لوائح "الإرهاب" . بالتأكيد، أنا لست هنا بحاجة لأن أؤكد موقف حزب الله ، لأن الجميع يعرفه . هذه المسيرة التي أساساً قامت وبنيت ، بدنها ، روحها ، عقلها، قلبها ، وأنفاسها هي الجهاد والمقاومة والدفاع عن لبنان ، والدفاع عن الأمة، ونصرة المظلومين والمقهورين المضطهدين الذين اُخرجوا من ديارهم بغير حق. عندما يطلب أحد منا ذلك ، هو لا يطلب منا أن نتحول بتعبيره من تنظيم عسكري إلى تنظيم سياسي ، نحن لسنا تنظيماً عسكرياً لنتحول إلى تنظيم سياسي ، هو في الحقيقة يطلب منا أن نخرج من روحنا ، من عقلنا، من قلبنا، من جسدنا وأن نكون شيئاً آخر. هو يطلب منا أن ندفن كل دماء شهدائنا وجرحانا وآهات أسرانا وكل القضايا المقدسة التي قاتلنا وجاهدنا وضحينا من أجلها لنحفظ رأسنا. لو كان لدى أحد في حزب الله هاجس اسمه كيف أحفظ رأسي أو وجودي لما انطلقت مسيرة حزب الله سنة 1982. منذ الأيام الأولى لانطلاقتنا كن نعرف أي عدو نقاتل وفي أي طريق نمشي وإلى أين نريد أن نصل ، وما هو حجم التضحيات التي يستلزمها هذا الالتزام وهذا الطريق".
وتطرق إلى ما يجري في فلسطين فدعا "إخواننا الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بالتحديد أن لا يقوا في الفخ ، أن لا يضيعوا انتفاضة شعبهم ومقاومته ودماء الشهداء والتضحيات ، وأن لا يبيعوها ثمن بخس ، وأن لا يخسروا قوة فاعلة أمام وعد هو سراب أكثر مما هو حقيقة. ما كانت تطالبه إسرائيل دائماً من الشعب الفلسطيني هو ان يتقاتل وأن يخسر وحدته الوطنية ، ومعاقبة المجاهدين وملاحقتهم وزجهم في السجون وتقديمهم كخارجين عن القانون أو إرهابيين أمام الرأي العالم العالمي. أن تقتل إسرائيل في وضح النهار أبوعلي مصطفى هذا ليس إرهاباً ؟ هذا دفاع مشروع عن النفس في العالم ؟ أما أن يقتل المجاهدون الفلسطينيون أكبر رأس عنصري في إسرائيل ، وزير السياحة زئيفي فهذا عمل إرهابي ؟ من المنطقي أن تقول إسرائيل أنه إرهابي ،ولكن ليس من المنطقي أن تقول السلطة الفلسطينية ذلك. إن أولئك الذين قتلوا وزير السياحة العنصري الصهيوني هم أشرف ابناء هذه الأمة ، ويجب أن يتعاطى معهم الناس في فلسطين وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي على أنهم أشرف ابناء هذه الأمة ، يجب أن يعلق على صدروهم أوسمة. يجب أن يحفظوا في حدقات العيون، لا أن يهددوا ويحاصروا ويصنفوا في دائرة الخارجين على القانون .إن أي انقسام في الشارع الفلسطيني أو تقاتل بين الفلسطينيين يخدم مصلحة إسرائيل بالكامل . وننصح السلطة بأن لا تخسر شعبها في هذا الأسلوب وهذه الطريقة".
وعلّق سماحته على الاعتداءات على المساجد والكنائس التي حصلت في لبنان ، فقال :" إن كل يد في لبنان تمتد إلى كنيسة أو إلى مقدس مسيحي ، إلى مسجد أو مقدس إسلامي ، هي يد إسرائيلية ، ويجب أن تتعاطى معها الدولة والشعب والأحزاب والعلماء والجميع على أنها يد إسرائيلية يجب أن تقطع ولا يجوز أن يدافع عنها أحد ، أو يغطيها أحد ، أو يحميها أحد".