كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله تعليقاً على عملية تبادل الاسرى بتاريخ 16-10-2007
بسم الله الرحمن الرحيم
اولاً ابارك بعيد الفطر السعيد والمبارك وكل عام وانتم بخير، لابد في البداية من التقدم بالتبريك والتعزية كما في العادة لعائلة الشهيد محمد يوسف عسيلي الذي تحرر جسده من قبضة الاحتلال ليلة امس، في الوقت الذي ما زال يعمل اخواننا ويسعون لتحديد هوية الجسد الآخر لأي من شهداء المقاومة.
اوجه التهنئة للاسير المحرر حسن عقيل وعائلته وان شاء الله يمن الله عليه بالصحة والعافية وطول العمر.
مناسبة الحديث هي عن مجريات التفاوض والتبادل التي حصلت والافق الذي نحن ذاهبون اليه خلال المرحلة المقبلة، طبعاً اريد ان اتحدث بالمقدار المتاح الذي لا يلحق أي ضرر بعملية التفاوض لان هدفنا من كل ما يحصل هدف انساني، لا هدف اعلامي ولا هدف سياسي.
في النهاية هناك نتائج سياسية واعلامية تترتب وهذا امر يحصل في الطريق، لكن الهدف الحقيقي هو اطلاق سراح الاسرى كل الاسراى واستعادة اجساد الشهداء كل الشهداء وما يخدم هذا الهدف هو الحاكم على سلوكنا وادائنا وممارستنا في هذا الملف.
منذ عدة اشهر بدأت المفاوضات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي من خلال وسيط دولي انتدب من قبل الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي انان، الامين العام السابق، وتم استكمال هذا التكليف من خلال الامين العام الجديد. طبيعة كل مفاوضات في البدايات تكون صعبة لان كل طرف يريد عرض كل الملفات التي يشعر انه معني بها بشكل مباشر او غير مباشر. الاسرائيليون يعرضون في المفاوضات ما نحن لنا علاقة به وما ليس لنا علاقة به، وعلى سبيل المثال يتحدثون عن الجنديين الإسرائيليين الذين تم اسرهما في عملية تموز من العام الفائت. كذلك يتحدثون عن أجساد الجنود المفقودين بمواجهة السلطان يعقوب عام 1982
كذلك يعاودون الحديث عن مساعد الطيار الاسرائيلي رون اراد، بطبيعة الحال نحن في الطرف المقابل نتحدث عن الاسرى اللبنانيين، والاسرى غير اللبنانيين يعني بكل الاسرى. كذلك نتحدث عن الدبلوماسيين الإيرانيين الاربعة الذين نعتقد انه تم تسليمهم لاسرائيل بعد اختطافهم من قبل حاجز للقوات اللبنانية عام 1982. اذا كل واحد يأتي بملفاته، ويعتبر انه معني بمتابعة هذه الملفات. بطبيعة الحال هنا تسير المفاوضات بشكل صعب، وممكن ان يكون عسير ومتعثر في البداية، لكن مع الوقت تتفكك الامور.
انا احب ان اذكر ان كل عمليات التفاوض حول ملفات من هذا النوع كانت دائماً تأخذ وقتاً وهذا امر طبيعي.
قبل مدة نحن ابلغنا الوسيط الدولي بأنه لدينا جثة لمستوطن اسرائيلي من اصل اثيوبي وقدمنا له بطاقة تثبت هذا المعنى وان هذه الجثة موجودة، وفي قت تحبون ان نتحدث بهذا الموضوع ونتفاوض عليه فنحن لا مشكلة لدينا، لاننا في النهاية لا نريد احتجاز هذه الجثة وحاضرين ان نعيدها لعائلتها. لكن بالمقابل ايضاً هناك اسرى، اجساد شهداء محتجزين لدى العدو الاسرائيلي، لنتعاطى مع هذا الموضوع بشكل انساني بحت. طبعاً وقتها ترك الموضوع وهم اخذوا وقتهم كي يتأكدوا ويتثبتوا وهذا شأنهم. وهذا المستوطن الاسرائيلي كما قيل في الاعلام صحيح ان المياه دفعته الى الشواطئ ووقع بيد بعض المواطنين الصالحين والشرفاء وهم عندما وجدوا الجثة عثروا معها على بطاقات باللغة العبرية فقاموا بالاتصال بنا وتسليم الجثة لنا. وانا بالمناسبة اتوجه بالشكر الجزيل لهؤلاء المواطنين الصالحين والشرفاء على مبادرتهم واحساسهم العالي بالمسؤولية، وعلى ثقتهم بنا.
هذا بات موجوداً في النقاش والمفاوضات، ولكن بشكل جانبي كانت المفاوضات مستمرة، الوسيط الدولي طرح اثناء هذه المفاوضات ان عيد الفطر المبارك قادم ما رأيكم ان تقوموا انتم بمبادرة حسن نية تجاه الاسرائيليين، ونتحدث مع الاسرائيلي ان يقوم بمبادرة حسن نية تجاهكم. قلنا نحن لا مانع لدينا، طبعاً نحن هنا نتحدث عن حسن نوايا في موضوعات انسانية، لا نتحدث عن ترميم ثقة او بناء ثقة، لانه ليس بين حزب الله واسرائيل أي ثقة في هذا الموضوع، هناك عداء مستحكم بين مقاومة تدافع عن ارض وشعب وسيادة بلدها، وبين عدو يحتل ويغتصب ويقتل ويعتدي. الموضوع ليس موضوع بناء ثقة، الموضوع حسن نوايا في قضية محددة، انسانية له علاقة باسرى واجساد شهداء. قلنا نحن جاهزون ما هو المطلوب، قال المطلوب امران الاول جثة هذا المستوطن الاسرائيلي، ثانياً اذا كان هناك معلومات او معطيات في قضية محددة، الان لا اريد ان اكشف عنها الاسرائيلي يستطيع ان يتحدث بما يريد، لأننا ملتزمون بالتكتم على مجريات التفاوض.
هناك قضية محددة هذه المعطيات، هذه المعلومات هي طبعاً ليست قضية حاسمة، هذه المعطيات لا تحسم شيئاً لكنها تساعد ، تمهد الطريق للوصول الى نتائج معقولة ومقنعة. نحن لا مانع لدينا، الشق المتعلق بنا من مبادرة حسن النوايا، هو تسليم الجثة، جثة المستوطن وتلسيم مجموعة معلومات ومعطيات في قضية محددة .بالمقابل ابلغنا ان مبادرة الاسرائيلي هي اطلاق احد الاسرى الخمسة لانه لم يتم تحديد الاسم في البداية. اطلاق سراح احد الاسرى الخمسة الذين اسروا في عدوان تموز، وجثة شهيدين طبعاً بطبيعة الحال عندما يقال خمسة، انا هنا لا اناقش في الاسماء لان أي واحد من هؤلاء الاسرى الخمسة هم اخواننا. ونحن حريصون على استعادة كل اسير وبالنسبة للشهداء الامر نفسه وان كان يصعب تحديد هوية الشهداء من قبل الاسرائيلي بالحد الادنى، هو يدعي ذلك وهذا معقول، ونحن قبلنا أن ما يقدمه الاسرائيلي مقبول، هم اعتبروا ان ما قدمناه في هذه المبادرة مقبول.
اشترط الوسيط الدولي التكتم الشديد ونحن هذا يناسبنا، لانه ليس هاجسنا كما قلت اعلامي ولا سياسي، نحن هاجسنا انجاز الهدف. ولذلك حصل تكتم شديد ولاحظتم بالامس من قبل حزب الله، مسؤولين حزب الله في وسائل الاعلام المنتسبة لحزب الله ابداً وكأنه لا شيء هناك، وهذا يحصل نتيجة التزامنا بالتكتم، والتكتم سببه الحرص على انجاز العملية وقطع الطريق على أي تدخلات خارجية او مزايدات عندهم. ولا اعتقد في لبنان احد يزايد ليعطل عملية من هذا النوع. ولكن في الوسط الاسرائيلي ممكن ان يدخل الموضوع في المزايدات ونحن تجربتنا في التبادل السابق، نعرف ان المزايدات داخل حكومة العدو وفي اعلام العدو هي التي عطلت بعض اجزاء من العملية، لو اكتملت كانت مفيدة جداً. في كل الاحوال في ظل اجواء التكتم قد يكون الجميع تفاجأ، العائلات تفاجأت، الجو العام تفاجأ لان الابلاغ حصل يوم الاثنين، ولان اجراءات يجب ان تجري على الارض. بطبيعة الحال تسرب الخبر وعلمت الناس، مع ذلك نحن التزمنا وانجزت بحمد الله العملية وبنجاح كامل وضمن المتوقع، لم يتخللها أي اشكالات او عقبات او تعقيدات.
تقيمنا نحن، ما احب قوله للناس في هذه اللحظة ان عملية التبادل التي حصلت صحيح هي انجاز كبير لكن هي بالنهاية عملية جزئية محدودة، وان كان القيمة الإنسانية إطلاق سراح اسير واحد له قيمة انسانية عالية، واستعادة جسد شهيد واحد له قيمة انسانية عالية. الموضوع ليس موضوع عدد، الموضوع موضوع انساني لكن في نهاية المطاف نحن مسلمون انها عملية جزئية، عملية محدودة بانتظار العملية الاهم. لا شك ان ما حصل بالامس يعطي دفعاً مهماً للعملية الاوسع والاهم والاكبر هذا لا اشكال فيه، سواء عندنا او عند العدو او حتى عند الوسيط الدولي.
فيما بقي العملية الاوسع انا اود ان اؤكد على ما يلي:
اولاً: اؤكد ان هناك مفاوضات حثيثة، يعني المفاوضات ليست موسمية ولا متقطعة، وانما هناك جلسات مستمرة وحثيثة، وبعد ايام سوف تعاود المفاوضات بشكل حثيث وجيد.
النقطة الثانية، استطيع ان اتحدث لاول مرة عن وجود تقدم ايجابي في هذه المفاوضات الأساسية المرتبطة بالجنديين الإسرائيليين وبالأسرى.
النقطة الثالثة، هي مواصلة العمل، واضح ان هناك جدية وجهد مركز يبذل على هذا الصعيد. هذه المعطيات تجعلنا نتطلع بتفاؤل، ربما لم يكن متوفراً عندنا خلال الاشهر الماضية، لكن استطيع ان افصح عن امل، عن تفاؤل، عن تقدم ايجابي، عن فرصة لتحقيق انجاز كبير، وعملية كاملة من هذا النوع. بالتأكيد ان اتفهم جيداً مشاعر كل عوائل الشهداء واعرف ان استعادة جسد الشهيد لا يقل أهمية نفسية وروحية وعاطفية حتى، عن استعادة الاسير المحرر. ربما عدم وضوح الاسماء احدث جواً عاطفياً معين كل عوائل الشهداء الذين كانوا يتوقون ان يكون الشهيدين لهما، او عوائل الاسرى الامر نفسه.
على كل حال هذا الامر لم نتعمده، حقيقة لم يكن هناك وضوح في الاسماء، والا كنا ابلغنا عوائل الشهداء وعائلات الاسرى حتى تكون الامور واضحة من اول لحظة. ولكن في آخر الكلام يجب ان اوكد، اخوانكم يعرفون، الاسرى يعرفون، وانا هنا لا اتحدث فقط عن الاسرى اللبنانيين وغير اللبنانيين.
انا بمناسبة هذا الانجاز وهذا التبادل اجدد التزام المقاومة الاسلامية في لبنان والتزامنا القاطع باستعادة الاسرى واجساد الشهداء، وهذه قضيتنا المركزية والرئيسية التي نجهد فيها وحاضرون ان نقدم من اجلها كل التضحيات. احب ان اؤكد ايضاً للعوائل ان طاقم العمل الفريق المكلف من حزب الله، نحن نعلق امال كبيرة عليه وعلى جهده. كان لديه تجربة طويلة من بدايات عمليات التبادل، هذا الطاقم هو نفسه لديه كفاءة عالية وخبرة ممتازة وحس جيد وكبير بالمسؤولية، وبالتالي القرار السياسي حاسم والطاقم المتابع هو طاقم ممتاز ، وانا اعتقد ان ظروف هذا الملف بدأت تتفتح فيها ابواب كانت مغلقة خلال الفترة الماضية.
الان لا استطيع ان اتحدث بأكثر من هذا حتى لا الحق أي ضرر أو أذى بالعملية، لكن هذه العملية مستمرة، ونأمل أن نصل إلى نتائج قريبة، لابد في نهاية هذا الاستعراض من توجيه الشكر لسيادة الأمين العام للأمم المتحدة، وللوفد او المساعدين أو المنتدبين من قبله والذين نسميهم الوسيط الدولي، بالفعل بذلوا جهود كبيره خلال هذه الفترة، تعبوا كثيرا، نحن نشكرهم على هذا الجهد الإنساني وعلى آمل إن شاء الله أن تتحقق انجازات أخرى على هذا الصعيد وان نصل الى خاتمة سعيدة لهذا الملف بعونه تعالى.