كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله خلال المؤتمر العربي لدعم المقاومة في البريستول 30-3-2006
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال المؤتمر العربي لدعم المقاومة في البريستول
لسنا قلقين على الإطلاق على مشروع المقاومة وعلى حركة المقاومة واستمرارها، فركب المقاومة هو ركب مستمر في هذه الأمة.
أنتم الذين اجتمعتم للدفاع عن المقاومة نشكر لكم دفاعكم، وأريد أن أطمئنكم أن المقاومة في امتنا في لبنان في فلسطين في العراق على امتداد عالمنا العربي والإسلامي سوف تبقى قائمة ومستمرة في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركي – الصهيوني على بلادنا وشعوبنا وخياراتنا سوف تبقى مستمرة وسوف تنصر في نهاية المطاف. قدر المقاومة أن تنتصر، القضاء والقدر في المقاومة أن تنتصر، وشاهدوا كل مقاومات التاريخ، قلما نجد مقاومة هُزمت أو ضاعت أو تلاشت، غالباً المقاومات التي استمرت بعزم راسخ وبإرادة ثابتة كانت تنتصر. ولذلك هذه المقاومة التي أتيتم لتحتضنوها وتدافعوا عنها في كل منطقتنا، أنا أطمئنكم أنها إنشاء الله ستستمر.
توقيت عقد المؤتمر، هو توقيت مناسب جداً، لأنه للأسف الشديد خلال هذا العام حصلت تطورات وأحداث، وبعضها بالـتأكيد يأخذ طابع المؤامرة وفي طليعة ذلك الاستهداف من خلال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أحدث زلزالاً في لبنان.
لكن التطورات التي حصلت خلال هذا العام أوصلت البلد، مع الهجمة الدولية والضخ الإعلامي الكبير والهائل إلى مرحلة بات أن يقف أحدنا ليتكلم عن الصراع العربي – الإسرائيلي يقال له" وين بعدك عايش!". أنا أؤكد لكم أن هذه المرحلة أيضاً مرحلة عابرة ومؤقتة جداً. حتى لو خففت الكلام من الصراع العربي الإسرائيلي، قلت النزاع العربي الإسرائيلي، أيضاً هذا غير مقبول، ممنوع أن تحكي حتى عربي. في بعض جلسات الحوار كان بعض الحاضرين يتكلم بعض الجمل باللغة الإنكليزية، قلت له أنا لا أعرف إنكليزي، تحدث باللغة العربية كي نفهم على بعضنا.
ممنوع تحكي عربي، ممنوع تفكر عربي، ممنوع أن تتحدث بقضية عربية وصراع عربي- إسرائيلي وقمة عربية، هذا موضوع انتهينا منه! تحدث عن لبنان، لبنان الوطن ولبنان الشعب ولبنان الكيان ولبنان الأمة ولبنان التاريخ والجغرافيا والمستقبل. هذه المبالغة غير منطقية وغير صحيحة. حتى عندما نريد أن نقارب موضوع المقاومة ليس مقبولاً أن نقاربه من وقع الصراع العربي- الإسرائيلي وإنما من الموقع اللبناني البحت.
منذ صدور القرار 1559 والذي نعتبر أن المحور الحقيقي في هذا القرار هو نزع سلاح المقاومة، هذا هو روح القرار 1559. منذ صدور هذا القرار هناك ضغط متواصل على لبنان. طبعاً، قصة نزع سلاح المقاومة هي ليست قصة جديدة، هي قصة قديمة. الإسرائيليون حاولوا من خلال العمليات العسكرية والأمنية أن يصلوا إلى مرحلة للقضاء على سلاح المقاومة أو لإيقاف المقاومة في لبنان، لكنهم عجزوا. تحت عنوان نزع سلاح المقاومة في لبنان خاض العدو الإسرائيلي حربين في تموز 93 وفي نيسان 96 وفشل.
كل وسائل الترهيب السابقة قبل عام 2000 فشلت، قتل القادة، قتل الرجال والنساء والأطفال، المجازر من قانا إلى غير قانا، التحريض كله. أيضاً، بعد عام 2000 الترغيب فشل، فقد جاءنا من عرض علينا صفقة تقضي بأن يشطب اسمنا من لائحة الإرهاب، وأن تفتح أمامنا أبواب السلطة في لبنان لأنها كانت موصدة، وأن تفتح أمامنا أبواب العالم لأن هذه الأبواب أيضاً مؤصدة، وأن يعاد إلينا بقية الأرض المحتلة في مزارع شبعا، والأميركي، في ذلك الحين، الذي أرسل بهذه المبادرة لم يطلب لا تثبيت لبنانية مزارع شبعا لا من اللبنانيين ولا من الأمم المتحدة ولم يطلب وثيقة خطية من سوريا، والانسحاب من مزارع شبعا وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين اللبنانيين ودفع مبلغ كبير من المال، كل هذا الكرم مقابل التخلي عن المقاومة وإلقاء السلاح. (فقلنا)، إذا أردنا أن نتحدث قومياً أو إسلامياً، فإذا حصل شيء في فلسطين مثلاً ما هي علاقتنا، يُقال لا علاقة لكم، هل يمكن أن نقف لنؤازر الشعب الفلسطيني- أنا أعرف أن هذه الجملة مكلفة الآن ولكن وقتها هكذا قلنا- قالوا:لا، أنتم أنجزتم مهمتكم الله يعطيكم العافية وهذه مكافأتكم. طيب، إذا صار في عدوان على لبنان، على مدننا على قرانا على شعبنا على بنيتنا التحتية ماذا نفعل؟ قالوا نحن نقدم لكم ضمانات، وقد رأينا الضمانات الدولية ماذا حمت في أريحا وفي غيرها، رفضنا، الترغيب أيضاً فشل في هذا السياق.
قبل عام 2000 أيضاً محاولات كثيرة للإيقاع بنا لجرنا إلى الداخل، إلى قتال داخلي إما مع الجيش اللبناني أو مع قوى سياسية لبنانية أو فلسطينية من أجل أن يقال أن هذا السلاح هو سلاح حرب أهلية وسلاح فتنة، ولكن صبرنا وصبرنا على الآلام الكبيرة، كان يقتل لنا إخوة وأخوات في الطرقات وصبرنا وأبينا أن ننجر إلى صراع داخلي. لقد حفظنا طوال السنوات الماضية لسلاح المقاومة قدسيته وطهارته وعفته وشرفه، ولم يوجه هذا السلاح إلا إلى عدو لبنان، وعدو هذه الأمة.
بعد القرار 1559 ، عاد الضغط من جديد، اليوم، نحن نواجه ظغوطاً من هذا النوع، ولكنها الآن أخف، يعني الوضع الداخلي اللبناني على مستوى هذه القضية أفضل مما كان عليه قبل أشهر بفعل بعض الحوارات والتفاهمات وبفعل المنطق الذي تملكه المقاومة، هذا الأمر مطروح وهناك مثابرة دولية لمعالجته ولإنجازه، وكل القرارات الدولية المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي لم يضعوا لها لا متابع ولا مدير ولا ناظر إلا الـ 1559، أعطونا ناظر، كل ثلاثة أشهر يأتي إلينا إلى لبنان ويوقف الناس في الصف، الرؤساء الوزراء والنواب ويقول لهم: ماذا فعلتم بالـ 1559، أين أصبحتم بنزع السلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني، وماذا فعلتم بكذا وكذا ، ثم يعطينا مجموعة إرشادات سياسية طويلة عريضة ثم يغادر.
في كل الأحوال، نحن قادرون على مواجهة هذه الضغوط لعدة أسباب:
1- السبب الأول مصداقية المقاومة وتاريخها، واللبنانيون جميعاً يشهدون على أداء المقاومة على المستوى الداخلي، وخصوصاً على أدائها في أيام تحرير جنوب لبنان، كيف تعاملت حتى مع العملاء الذين قتلوا رجالنا واغتصبوا نساءنا وهدموا دورنا وجلدونا في معتقل الخيام وسلمونا للإسرائيليين، الرحمة والرأفة والعطف والهدوء والتسامح الذي تعاطت به المقاومة في ذلك الحين.
2- المنطق، اليوم، حتى على طاولة الحوار لا يستطيع أحد أن يناقش في جدوى المقاومة، لا يوجد الآن في لبنان من يناقش في جدوى المقاومة، لأن المقاومة قدمت انجازاً حسياً وعينياً، قدمت انتصاراً وشرفاً للبنان. بين هلالين، إذا نحن تحسسنا من أن بعض الأخوة في الخرطوم لا يريد أن يكتب كلمة المقاومة، عن جد يدعو للتحسس، لأنه الآن، كل شعوب العالم، هؤلاء الفرنسيون كلما أتوا إلينا يتحدثون بالمقاومة الفرنسية وهي قد انتهت قصتها منذ زمن بعيد، لكن نحن نسارع إلى شطب، إذا هناك نقطة مضيئة في تاريخنا يجب أن يتم نسيانها وتجاهلها وشطبها، نسارع إلى ذلك، نسكر الهلالين.
في المنطق لا يستطيع أن يناقش في جدوى المقاومة، نعم، هم يقولون أنهم يناقشون بشرعية المقاومة، أي هل مزارع شبعا لبنانية او غير لبنانية وبالتالي المقاومة مشروعة أم غير مشروعة. ونحن نقول: حتى لو أثبتنا لبنانية مزارع شبعا، أنا قلت هذا على طاولة الحوار، واعترفت الأمم المتحدة بلبنانية مزارع شبعا، أي طلقت نار في مزارع شبعا سوف تكون مدانة من المجتمع الدولي، بعد 11 أيلول لا توجد مقاومة شرعية.
يناقشون في الشرعية ونحن نناقش في الشرعية، نحن ذهبنا إلى الحوار مطمئنين على مستقبل هذه القضية لأننا نستند إلى التجربة والمنطق والوقائع، بمعزل عن قضية مزارع شبعا، لبنان في دائرة الخطر والتهديد وفي موضع الأطماع الإسرائيلية، إذا سلمنا بذلك، وإذا سلمنا أن الأوضاع في فلسطين تتجه إلى المزيد من التصادم والمقاومة فهذا سوف يضع لبنان مجدداً أيضاً في دائرة الخطر، طرحنا السؤال الطويل العريض: كيف نحمي لبنان؟
نحن في كل الأحوال تعاطينا مع القرار 1559 وفي روحه المرتبط بسلاح المقاومة بحزم ولين،الحزم لأنه كانت لدينا معلومات أن هناك جهد أميركي دولي وإسرائيلي، لكن في العلن أميركي ودولي لإيصال الوضع في لبنان إلى نزع سلاح المقاومة ولو بالقوة ، ونحن قلنا بوضوح في ذلك الحين: المقاومة لا يستطيع أحد في لبنان أو في غير لبنان أن يعاقب المقاومة، لن يستطيع أحد في لبنان أو في غير لبنان أن يعاقب المقاومة على إنجازاتها، ومن يريد أن ينزع سلاح المقاومة بالقوة، قلناها في أكثر من مناسبة، نحن سنقطع يده ونقطع رأسه وننزع روحه، هذا العزم. أما اللين، فقلنا نحن جاهزون للحوار، تفضلوا لنتناقش في الخيارات السياسية الكبرى، نحن نريد أن نحمي بلدنا وشعبنا، وأن نحافظ على سيادتنا وكرامتنا، كيف؟ تفضلوا للناقش.
البعض يقف ويقول : هذه مسؤولية الدولة. عظيم، وأنا أقر أنها مسؤولية الدولة أولاً، ولكن عندما تتخلى الدولة عن مسؤولياتها، هل على العشب أن يستسلم للعدو وأطماعه ومجازره وطغيانه وتكبره؟! أنا أعلن أمامكم وأنتم تعرفون أن الدولة في لبنان لم تتحمل مسؤوليتها يوماً في مواجهة الصراع العربي الإسرائيلي وفي الدفاع عن لبنان أو جنوب لبنان أو تحرير حبة من أرض لبنان أو أسير من المعتقلين اللبنانيين، نعم، في أفضل مواقعها وتجلياتها هي التي حصلت قبل سنوات أن الدولة ساندت المقاومة، لكن ائتوني بمثل واحد أن الدولة حررت أرضاً أو أطلقت أسيراً أو ردت خرقاً للعدو حتى اليوم، وانا قلت فلتأتي الدولة وللتحمل المسؤولية، نحن في لبنان وأظن وأعتقد أن الأخوة كذلك في فلسطين وفي أماكن أخرى، نحن لسنا هواة حمل سلاح، نحن تركنا مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا الدينية وحقولنا ومصانعنا وعيشنا وزهرة شبابنا من اجل أن نخدم هذه القضية، لا من أجل أن نزاحم أحداً على سلطة أو لنقوم بمسؤولية هي ملقاة على أحد وليست ملقاة علينا. فلتتفضل الدولة ولتتحمل المسؤولية، ولذلك قلنا نحن جاهزون للحوار تحت عنوان: وضع استراتيجية دفاع وطني، وموضوع المقاومة ينقاش في هذا الإطار.
إذا كنا نريد أن نستجيب للحاجات الوطنية، أما إذا كنا نريد أن نستجيب للإملاءات والأوامر الأميركية – الدولية – الإسرائيلية فنحن لن نصل إلى نتيجة، ونحن بالتأكيد عندما نجد بأننا أمام واقع يقول أن الحالة القائمة هي استجابة للإملاءات الأميركية- الدولية – الإسرائيلية ، نحن لسنا في موقع الاستجابة، الأصل بالنسبة إلينا، كيف نحمي بلدنا ونستعيد أرضنا وأسرانا ونصون سيادتنا وكرامتنا، وكيف يبقى لبنان بلداً قوياً منيعاً كريماً عزيزاً أياً تكن التطورات الأخيرة الموجودة في المنطقة.
اليوم، في هذه اللحظة، أنا أود أن أطمئنكم أن المشروع الأميركي الدولي في لبنان في هذه الأيام وصل إلى طريق مسدود، وبالتالي ما خطط قبل عام وصل إلى المرحلة التي لا يستطيع أن يكمل فيها مشواره. المقاومة في لبنان إن شاء الله قوية وعزيزة ومحتضنة على المستوى الشعبي، حتى إذا كانت هناك من بعض التحفظات أو التوقفات بسبب بعض الحوادث التي حصلت مؤخراً، إنما هي ناشئة عن أسباب استثنائية ولا تعبر عن جوهر ومخزون حتى بعض أولئك الذين يتحفظون. أنا مطمئن أن هذه المقاومة محتضنة وأن هذه المقاومة عزيزة وأنه لا يستطيع أحد أن يمس مقاومة تملك هذه المصداقية وهذا المنطق وهذه الرؤية وهذه الحجة وهذا الدليل، وأيضاً وأيضاً وأيضاً هذه القوة، لأننا في عالم لا يحترم فيه فقط الحق والمنطق إن لم يكن مستنداً إلى قوة. لو كانت المقاومة الإسلامية في لبنان ضعيفة لأكلت منذ اليوم الأول. القرار الدولي جاهز والذابحين كثر، ولكن بحمد الله عز وجّل هم يدركون جيداً أن هذا الأمر متعذر.
أمر آخر في الإطار اللبناني أريد أن أؤكد عليه، هي قضية المعتقلين والأسرى هي مسؤوليتنا، وأنا كررت التزامنا بهذا الأمر، وإنشاء الله نحن نأمل بأن يكون هذا العام، يعني أن يتحقق على مستوى هذا العام، هذا العام الهجري والميلادي آمل أن نتمكن من تحقيق إنجاز كبير على مستوى قضية الأسرى والمعتقلين، ونحن عازمون على ذلك. هذا موضوع لن نتردد فيه مهما كانت الضغوط السياسية والإعلامية كبيرة بالنسبة إلينا.
وفي موضوع الإخوة الفلسطينيين في لبنان وما يثار من نقاشات حول وجودهم وسلاحهم وأمنهم و مستقبلهم، يكفي ان أؤكد لكم أن الأخوة الفلسطينيين في لبنان هم إخواننا بكل ما للكلمة من معنى، ونحن سنتصرف على هذه القاعدة، القاعدة الأخوية والإنسانية والإيمانية والأخلاقية والجهادية، ونتصرف على كل الضمانات الحقيقية التي تؤمن للأخوة الفلسطينيين في لبنان حياةً كريمة وأيضاً عودة سريعة إلى ديارهم وإلى بلادهم، وكل ما يُقال هنا أو هناك أرجو ألا يثير أي قلق، وأي معالجة في أي موضوع من موضوعات الأخوة الفلسطينيين لن تتم إلا بالحوار، وانا أعتقد أن أهم أنجاز تم التوصل إليه على طاولة الحوار هو رفض اللجوء إلى أي وسيلة أخرى. طبعاً، ألأميركيون، والإسرائيليون والمجتمع الدولي يضغطون باتجاه آخر حيث يريدون حل مشكلات إسرائيل في لبنان ولو بالحرب الأهلية ولو بالقتال والفتنة. فليس هناك مشكلة عند امريكا أن يكون هناك قتال مع حزب الله لنزع سلاحه أو قتال مع الإخوة الفلسطينيين لنزع سلاحهم أو تهجيرهم أو رميهم في البحر. إن مشكلة أمريكا كيف تحل مشكلات إسرائيل عندنا في بلدنا. نحن لن نحل مشاكل إسرائيل في بلدنا بل نريد حل مشكلاتنا في بلدنا، ولن نرضى بأي حل لا على حساب ولا اللبنانيين ولا الفلسطينيين.
في موضوع المقاومة نحن نحتاج إلى تضامنكم وتعاونكم وصوتكم ودفاعكم عن هذه المقاومة في كل المنابر والمنتديات وأماكن الفاعلية، ولكن هناك قضية أرجو أن تساعدونا فيها، وإذا كان من دعم يمكن أن يقدمه المؤتمر إلى المقاومة اللبنانية إضافة إلى الوضع الإعلامي والسياسي فهو المساعدة في قضية الإمام المغيّب السيد موسى الصدر. قليلون أو كثيرون هم الذين يعرفون فضله وتأثيره في انطلاقة المقاومة في لبنان. نحن في حزب الله وإخواننا في حركة أمل، والكثير من الأطر اللبنانية المقاومة يشهدون للإمام موسى الصدر بأنه القائد المؤسس للمقاومة اللبنانية. إن المقاومة التي كانت في مراحلها الأولى كانت مقاومة فلسطينية واللبنانيون كانوا يقاتلون في أطر هذه المقاومة. والأمام موسى الصدر أسس لإطار المقاومة اللبنانية ولمسؤولية لبنان في مسألة المقاومة. هذا الإمام مغيب منذ سنوات طويلة جداً أنا لا أريد أن أهاجم أحداً ولا أريد أن أعكر مزاج مؤتمركم ولا أريد أن أنال من أحد ، لكن هذه قضية مؤلمة وقاسية وأكبر خدمة يمكن أن يقدمها أحد في العالم وخصوصاً في العالم العربي او الإسلامي للمقاومة في لبنان هي أن يساعد في إعادة إمام المقاومة إلى ساحة المقاومة. أما كيف؟ لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا النقاش لعله قد يرد هذا الأمر في الورقة اللبنانية وقد تقدم بعض الاقتراحات والأفكار. يعني ببساطة نحن نعتقد أن الإمام لا يزال حياً وأنه محتجز في ليبيا وعلينا أن نتعاون لإخراجه من سجنه واحتجازه.
في الحقيقة يجب أن نتعاون على حل قضايانا بمسؤولية. نحن لا نريد أن نحاسب على أي ماضي نحن حاضرون لنتجاوز كل الماضي القاسي والسيء، لكن المهم أن نتمكن من معالجة هذه القضية.
في الموضوع الفلسطيني نحن جميعاً يجب أن نبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة في فلسطين أياً تكن الظروف والضغوط، هذا التزام عقائدي وإيماني وإنساني ولا يمكن للإنسان أن يتحرر منه. نحن في لبنان سنبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني وأدعو الأخوة في الفصائل الفلسطينية وكل الشعب الفلسطيني وكل العالم العربي والإسلامي والحكومات والشعوب إلى مساندة الأخوة في حماس واحتضانهم وإلى إنجاح تجربة حكومة حماس، ليس من أجلها وإنما من أجل فلسطين وشعبها.
يكفي أن نشاهد ونرى أن الأميركيين والاسرائيليين والغرب ومن يطيعهم ومن يلحق بهم يعملون في اللبل والنهار على إفشال هذه الحكومة، الأمر الذي هو مصلحة أميركية- إسرائيلية، لذلك علينا أن نعمل في المقابل حيث في نهاية المطاف إن إفشال حكومة حماس يهدف إلى إسقاطها والسنوات التي ستضيع في هذه التجربة ستضيع من حساب الشعب الفلسطيني وقضيته، لذلك في وصولنا إلى هذه النقطة يجب أن نتعاطى بمسؤولية مختلفة أياً تكن اقتناعاتنا أو تحفظاتنا تأييدنا أو اعتراضنا أو توقفنا في مسألة الانتخابات أو التصدي للشأن الحكومي.
نحن مدعون إلى مساندة هذه الحكومة واحتضان كل فصائل المقاومة الفلسطينية لتستمر المقاومة التي هي الأصل.
وفي الموضوع العراقي أنا أؤكد في هذا المؤتمر إيماننا بأن الخيار الصحيح والحقيقي الذي يمكن أن ينهي الاحتلال الأميركي للعراق هو خيار المقاومة المسلحة، نحن كمقاومين من الموقع الثقافي والفكري والعملي والميداني نؤمن بذلك وبالتالي نجاهر بتأييدنا للمقاومة العراقية، ونرى أن علينا جميعاً مساندتها ودعمها والوقوف إلى جانبها لتستمر وتتواصل، ولكن في الوقت نفسه علينا تحصينها لأن أخطر شائبة تواجه مشروع المقاومة في العراق هو ما تم تجاوزه في لبنان وفي فلسطين حيث المقاومة في لبنان وفلسطين لم تتورطا في أي قتال داخلي.
إن المشكلة في العراق هي الخلط الحاصل ولو في وسائل الإعلام، فأنا لا أستطيع أن أتصور أن اليد التي تقاتل المحتل تمتد إلى عراقي بريء وتقتله. نحن لدينا معطيات أكيدة بأن بعض مجموعات القتل التي تقتل في الشيعة والسنة والأكراد والتي تعتدي على المساجد والكنائس والحسينيات والأسواق الشعبية هي مجموعات يتم إدارتها مباشرة من قبل الأميركيين والبريطانيين والصهاينة، ولكن لا يخلو الأمر من مجرمين ومن قتلة قد يفعلون ذلك إما لأسباب سياسية أو غير سياسية، وبعض عمليات القتل أو أحتجاز الأشخاص يتم لأسباب مالية، وهذا
الأمر يحصل في أي بلد وضعه الأمني في حالة فلتان.
يجب تحصين المقاومة في العراق ليكون سلاحها وعنوانها وعنفوانها وأدبياتها وخطابها وعداؤها وحقدها وعزمها وقوتها متمركزة على جانب واحد هو قوات الاحتلال، وهكذا يمكن للمقاومة في العراق أن تنتصر.
أما الاندفاع باتجاه أحقاد أو حسابات أو مخاوف داخلية سيجعل هذه المقاومة تنحرف عن أهدافها الأمر الذي هو أخطر ما واجه أي مقاومة في لبنان وفي فلسطين وفي العراق وفي أي مكان.
حتى الآن في لبنان هم يعملون على جرنا إلى فتنة داخلية وخصوصاً على المستوى المذهبي، وسمعتم الكثير عن كلام الخشية من فتنة مذهبية شيعية- سنية في لبنان. انا أقول لكم أن كل ما تسمعونه في وسائل الإعلام هو كذب وافتراء وهراء حيث ليس هناك في لبنان أرضية لفتنة شيعية – سنية ولن يسمح بفتنة من هذا النوع لا شيعية – سنية ولا مسلمين – مسيحيين ولا حرب داخلية، هذا الأمر محسوم في لبنان.
في الوقت الذي ندعم المقاومة العراقية يجب أن نساعد في تنزيه العمل المقاوم والمقاومين في العراق من أن يختلط دم الغزاة بدم الأبرياء، فمن يختار العملية السياسية نحترم خياره وهم أهل البلد حيث القوى والأحزاب السياسية الموجودة اختارت هذه العملية فلتمضي بها ولكن فلتسمح للمقاومة أيضاً بأن تمضي في طريقها. يعني أن الدخول في العملية السياسية قد يكون مقبولاً بشطرين الأول ان يقطع الطريق على استمرار المقاومة المسلحة والثاني أن يكون هدفه الحقيقي هو تقييد الاحتلال والتضييق على المحتلين ووضع جدول زمني لإخراج الاحتلال من العراق.
يعني أن العملية السياسية يجب أن يكون هدفها تحرير العراق بالوسائل السياسية فليتم ذلك وليتبعوا هذه الوسيلة ولكن يجب أن يترك الباب مفتوحاً أمام المقاومة المسلحة التي تستهدف المحتلين لتتواصل.
نحن نرى في العمل السياسي عملاً مشروعاً ومعقولاً إذا كان مسانداً للخيار الحقيقي والجوهري والصحيح وهو خيار المقاومة.
وختاماً أقول نحن في مرحلة تاريخية ومصيرية ويجب أن نتحمل جميعاً هذه المسؤولية، ليس هناك خيار، أما أن ننهزم ونستسلم وأما أن نبقى في مواقع المقاومة، فالبعض يقول لنا في لبنان قد أديتم مهامكم فاذهبوا إلى منازلكم. هذا لن يحصل في التاريخ وهم يريدونه أن يحصل في لبنان وكيف ذلك ولا تزال الحرب قائمة؟ نحن في الحقيقة نواجه تحديات ونصنع نماذج كما النموذج الذي صنع في لبنان الذي يضمن دولة ومقاومة وبلدا وتنوعا وأيضا مثل النموذج الذي صنع في فلسطين.
اليوم هزمت إسرائيل في لبنان ولكن المقاومة لن تتحول إلى سلطة كما كان الأمر في فرنسا والجزائر أو فيتنام. إنّ المقاومة انتصرت في لبنا ن ولكن الحرب لم تنتهِ . حتى في فلسطين التي يجب أن تصنع حماس فيها تجربتها، ليس لدينا حتى الآن تجربة لمقاومة تدير السلطة وتواصل طريق المقاومة في بلد لا يزال تحت الإحتلال ليس هناك نموذج أمام حماس تحاول أن تتأثر به، هي يجب أن تصنع تجربتها.
إذاً نحن اليوم مدعوون إلى الإبتكار والإبداع وإلى مساندة بعضنا البعض فكريا وهنا ما يمكن أن يناقش نحن بحاجة إلى المزيد من الحجج التي تقوّي منطقنا لاكتساب الرأي العام في ظل قوة كمية هائلة لوسائل الإعلام مع ضعف في المنطق وقوة في المنطق لنا في ضعف في وسائل الإعلام. هم لديهم إعلام قوي ولكن ماذا يقولون في الإعلام إلاّ الشتائم؟ إنّما نحن لدينا إعلام ضعيف لكن نقول الحجة والمنطقة والدليل والبرهان والتجربة والوقائع.
نحن يجب أن نساند بعضنا البعض وأن ندرك جيدا أننا أمّة واحدة وأنّ الإستهداف واحد وعلينا إلاّ ندوس على الإلغام التي يضعها لنا الأمريكيون والصهاينة الذين يريدون أن يأخذونا إلى معارك وهمية وجانبية وخاطئة تارة تحت عناوين مذهبية أو طائفية أو حتى عناوين قومية كما يشاع الآن ويقال في موضوع العرب وإيران. يجب أن نعرف أننا أمة وأن عدونا واحد ولكن أساليبه متنوعة ومتعددة وماكرة ونحن علينا أن نتعاطى في مواجهة العدو بكل الحزم والشدة والعزم المطلوب.
أمّا عندما نأتي إلى قضايانا الداخلية كأمة وطوائف ومذاهب وأحزاب وفصائل وأطر واتجاهات وتيارات فيجب أن نتعاطى فيها بأقصى درجات الرحمة والإنفتاح والإستعداد للحوار وقبول الآخر والتفاهم معه، الشدة مع أعداء هذه الأمّة والرحمة في ما بيننا، مواصلة طريق المقاومة الدامية المجاهدة، المضحية المخلصة الصادقة المتوكلة على الله سبحانه وتعالى ومواصلة طريق الاخوّة والمودة والمحبة والتحاور والتلاقي فيما بيننا. هذان الطريقان يوصلان إلى مكان لا ريب فيه ولا شك فيه وهو الإنتصار التاريخي الموعود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.