كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في الليلة السابعة من محرم في مجمع سيد الشهداء (ع) – الرويس 5-2-2006
قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال المجلس المركزي في الرويس: من الواجب أن أتوقف عندما حصل اليوم في بيروت. المسؤولية الوطنية تقضي التوقف قليلاً وذكر بعض الأمور التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار. في لغتنا نحن نقول :"كنا بشي صرنا بشي". اليوم كانت هناك تظاهرة طبيعية تحرك فيها رجال ونساء وعلماء للتنديد بالاساءة إلى رسول الله (ص)، وهذا أمر طبيعي وحق طبيعي، وفي لبنان هذا الحق محفوظ ويجب أن يبقى محفوظاً أياً تكن الأخطاء. لعل خصوصية المكان جعلت لبعض الأخطاء تداعيات وآثار كبيرة وسيئة. الذين نزلوا إلى الشارع كانوا يحاولون أن يمارسوا حقاً طبيعياً، ومسؤولية دينية وأخلاقية تجاه نبيهم(ص). طبعاً، لم نكن نحن من الجهات الداعية أو المشاركة لأن هناك أنشطة في أماكن مختلفة ومتوزعة ومتنوعة. في كل الأحوال حصل ما حصل اليوم، بالتأكيد يمكن لأي إنسان أن يقوم بواجبه ولكن لا يجوز له أن يعتدي على أملاك الناس وأموال الناس وحرمات الناس وكرامات الناس، وأيضاً دور العبادة. هذا أمر، اليوم في لبنان هناك إجماع عند المسلمين والمسيحيين عند الجميع، على إدانته وعلى رفضه ولا يستطيع أحد أن يدافع عن هذه الأخطاء. الكل معني برفضها وبإدانتها والتنبه لها في المستقبل. إزاء ما جرى اليوم، أنا لا أريد أو أُوصف كثيراً حتى لا نغرق بالحادثة، ما بعد الحادثة، نفس الحادثة ما جرى بالتظاهرة وأيضاً بعض ردات الفعل التي حصلت سواء في بعض الخطاب السياسي المتشنج أو في قطع بعض الطرقات والتعرض لبعض الناس على أساس طائفي أو ما شهدناه في بعض الأحياء من ظهور مسلح، هذا كله خطير جداً. الليلة هناك اجتماع استثنائي للحكومة اللبنانية، ما نرجوه من الحكومة اللبنانية ومن كل القيادات الدينية والسياسية في لبنان ومن الناس أيضاً في لبنان، بالدرجة الأولى المطلوب من الحكومة إجراء تحقيق دقيق في ما حصل، هناك مسؤوليات موزعة، ما هي مسؤولية قوى الأمن عما حصل ؟ أسهل شيء أن يأتي شخص بدون معطيات ويتهم قوى الأمن أو يتهم المتظاهرين أو يتهم كيفما كان. هذا خلاف الإنصاف. ديننا يقول: التحقق والتثبت والنظر ما هي الحقيقة قبل أن نتهم وقبل أن نوظف، لذلك الحكومة معنية بإجراء تحقيق. تحديد مسؤولية قوى الأمن في ما حصل اليوم ، تحديد مسؤوليات الجهات الداعية إلى التظاهرة في هذا اليوم. فلنتفق: عندما تدعو أي جهة إلى تظاهرة يجب أن تتحمل مسؤولية إدارة وتنظيم التظاهرة. طبعاً لا أحد بديل عن السلطة، ولكن تعاون المجتمع المدني مع السلطة والقوى الأمنية يجنبنا حوادث مشابهة. عندما ندعو إلى تظاهرة نحن مسؤولين عن تنظيمها وعن إدارتها. بعض الجهات المنظمة قالوا بصراحة لقد خرج الوضع من يدنا. الجهات الداعية لا تريد أن يحصل ما حصل ولم تخطط له بالتأكيد، وهذا لا يحتاج إلى تحقيق. بعد ذلك، يجب تحديد مسؤوليات بعض المتظاهرين وماذا حصل معهم وهذا يحتاج إلى تحقيق. من أسهل الأمور أن تجتمع الحكومة اليوم أو تجتمع بعض القيادات السياسية وأن يفتشوا عن أحد ويلقوا عليه التبعة بدون تحقيق، بدون تدقيق، بدون متابعة، وهذا أسهل شيء وهذا دليل فشل. لا يُدار البلد بعقلية الاتهامات المسبقة وبعقلية تجاهل الحقائق وبعقلية عدم التدقيق في المسائل وبعقلية تسييس الأحداث، هذا خطير. لذلك، ممكن أن يكون الذي حصل اليوم أن هناك جهة مسبقاً تريد أن تخترق الصفوف وأن تصنع ما صنعت، ويمكن أن لا يكون كذلك، يمكن أن يكون حصل توتر وغضب وحصل خطأ ميداني معين فحصل ما حصل. لنرى ما هي الحقيقة وماذا حصل بالضبط حتى نعرف البلد إلى أين ذاهب. والنقطة الرابعة، أي بعد القوى الأمنية والجهات المنظمة والمتظاهرين الذين حصل معهم المشكل في الميدان، المسؤولية تجاه الخطاب السياسي، فوراً صدر خطاب سياسي متوتر منفعل وبدأت تخرج رائحة الطائفية والمذهبية هنا وهناك. هذا خطير جداً على البلد، المطلوب معالجة جادة لأن الجو السياسي القائم ينذر بمخاطر. يجب أن نواجه هذا الوضع بالتضامن الوطني. نتمنى الأخطاء التي حصلت اليوم والتي رفضناها جميعاً ونددنا بها جميعاً أن لا تستغل لتحريض طائفة على طائفة وأتباع مذهب على أتباع مذهب، نتمنى ذلك ، وليس فقط هذا تمني هذا واجبنا، واجب الجميع. من يستغل أحداث من هذا النوع من أجل التحريض الطائفي والمذهبي هو يخون أمانة البلد ومستقبله ومستقبل الأجيال الآتية. ما حصل، يجب أن يتم محاصرته ومعالجته وإنهاؤه، ولا يجوز أن يستغل لأي توظيف سياسي ذات طابع فئوي أو طائفي أو مذهبي. أنا لا أقول أن على القوى السياسية أن تسكت، لكن فلنتحدث في الأسباب السياسية والأمنية والأجواء السياسية والأمنية، بالمعالجات السياسية والأمنية. الخطير هو اللغة الطائفية والمذهبية. المطلوب في هذه المرحلة أن نتصرف جميعاً بحس وطني حتى لا يذهب البلد من أيدينا. المطلوب من الجميع ، أيضاً القوى السياسية، ضبط قواعدها وجمهورها وخطابها. بمعزل عن مظاهرة اليوم، في الأيام القليلة الماضية حصلت بعض المشاكل في بعض الأماكن، تلاسن هنا، تضارب هناك. أنا أولاً أقول لمن يسمع لنا ويقبل منا وخصوصاً قواعدنا: ممكن أن يدخل أحد على الخط، ممكن نتيجة التشنج الموجود في البلد أن تحصل بعض الإشكالات الفردية هنا وهناك، أي إشكال فردي يحصل يجب أن يعالج في مكانه، ممنوع تطوير أي إشكال فردي، وممنوع أن يأتي أحد لاحقاً ويأخذ حقه بيده. في داخل البلد إذا أراد كل شخص أن يأخذ حقه بيده "فلت البلد"، هناك دولة لا زالت موجودة ويجب ان نعمل جميعاً لتبقى موجودة، هناك قوى أمن وجيش وقضاء وقوى سياسية والجميع يتحدثون مع بعضهم البعض: أي حادث يحصل يجب أن يعالج من خلال مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، ولا يجوز أن يتوتر أحد أو يذهب أحد ليتصرف بشكل فردي أو شخصي، لكن في كل الأحوال، قبل أن نخاطب القواعد والأرض ونناشدها ونطالبها بالإنضباط ، أنا أريد أن أجدد الخطاب للقيادات السياسية والقيادات الدينية ولوسائل الإعلام في لبنان أن ينتبهوا لخطابهم لكلماتهم للغتهم، لما يقولون. البلد في وضع حساس جداً ويجب أن نتعاطى معه بهذا المستوى. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والخطيرة.