كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله استنكارا للإعتداء على مقامي الإمامين العسكريين بسامراء 23-2-2006
استنكارا وشجبا لجريمة الإعتداء على مقامي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، أقام حزب الله اعتصاما جماهيريا حاشدا في ملعب الراية ـ صفير، وألقى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله كلمة هذا نصّها :
بالأمس كان هذا البيت الشريف والمبارك الذي يحوي أجساد رجلين عظميين كبيرين من رجال الله العظماء يتعرض للتدمير وللتدنيس وللإهانة وللاعتداء، هذا أدمى قلوبنا ، وأدمى عيوننا أحزن نفوسنا أنه في مثل هذا الزمن، في مثل هذا العصر بعد مئات من السنيين يتعرض مقام مقدس لاعتداء وإجرام ووحشية من هذا النوع إنما تعبر عن طبيعة الفاعلين ونفسيتهم ووحشيتهم وإجرامهم ".
وبعد التوجه بالتعزية إلى صاحب الزمان والى كل المسلمين في العالم قال سماحة الأمين العام " اليكم أيها الأوفياء المحتشدون في هذه الباحة التي طالما جمعكم الحسين فيها، هاهو حفيد الحسين يجمعكم فيها من جديد لنرفع صوتنا وعنواننا، أننا في مقابل الجرح، في مقابل القتل، في مقابل الإهانة، في مقابل الدمار قوم لا نرضى لا بذل ولا بعار ولا بهوان، قوم منذ رسول الله إلى الحسين إلى المهدي، شعارنا سيبقى إلى الأبد هيهات منا الذل."
وأضاف " عندما وقفنا يوم العاشر من محرم قبل أيام في هذه الباحة ووجهنا نداؤنا إلى الحسين وجددنا بيعتنا مع الحسين ، أنما نجددها لرسول الله (ص) ، نجددها لكل نبي ورسول وإمام ، نجدد للإمام علي الهادي وللإمام الحسن العسكري، وللإمام صاحب الزمان، الذي نرى في كل وجه منهم وجه الحسين،ودم الحسين وصورة الحسين وجسد الحسين، ونتوجه إليهم جميعاً بصوت واحد لبيك ياحسين ".
وقال " في هذه المناسبة الأليمة لا بد من وقفة مع العاطفة، مع الروح والقلب الدامي ولا بد من وقفة أيضاً مع العقل، ومن الحكمة والمسؤولية لنتطلع ونفهم ما جرى ولنعرف العدو من الصديق، ولنوضح ونرسم معالم الطريق التي يجب أن نسلكها والتي فيها لله رضا ولمحمد (ًص) سعادة وبهجة في عالمه الآخر".
واضاف " أولاً في تحديد المستفيد، من المستفيد مما جرى صبيحة أمس من تفجير لهذا المقام؟
هناك للوهلة الأولى ثلاث مستفدين: أولا هو الاحتلال الأمريكي العراقي، الإدارة الأمريكية التي تريد تكريس احتلالها للعراق من خلال تثبيت وإِشعال الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية بين صفوف الشعب العراقي ليشعر الجميع أن ضمانتهم الأمنية والسياسية هي قوات الاحتلال، ليشعر الشيعة في العراق أن ضمانتهم وحمايتهم هي تتمثل وتتجسد في القوات الاحتلال الأمريكي،وليشعر السنة في العراق أن ضمانتهم الأمنية والسياسية، وان حمايتهم إنما تتجسد في قوات الاحتلال. الشرطة هي طرف في الفتنة، الجيش هو طرف في الفتنة، هكذا يراد أن يصور الوضع، والمطلوب أن تفلت الأمور بشكل كامل في الساحة العراقية ليقف الجميع ليقول لا بد من الاحتلال، ولا بد من استقرار الاحتلال، ولا بد من الإصغاء إلى الاحتلال، هذه هي المصلحة الأمريكية الأكيدة، وخصوصاً أن الشعب العراقي بأغلبيته الساحقة لجأ إلى جانب خيار المقاومة الذي يؤمن به بعض العراقيين بمختلف الطوائف والعرقيات لجأوا إلى العملية السياسية، شاركوا في الانتخابات النيابية، بل ان نسبة المشاركة السنية في الانتخابات الأخيرة فاقت المشاركة الشيعية، ولم يصغ السنة في العراق إلى نداءات التكفير التي تكفر من يشارك في الانتخابات، أو التي تكفر من يدعو إلى هذه المشاركة. أخذوا السنة في العراق خيارهم وشارك الجميع في العملية السياسية ونتج مجلس سياسي منتخب يمثل بنسبة كبيرة الشعب العراق ."
وأضاف " العراقيون الآن أمام إستحقاق تشكيل حكومة عراقية نابعة من إرادتهم. الأمريكي يريد أن يفرض حكومة على الشعب العراقي لا تنسجم مع إرادته، ولا تنسجم مع مصالحه، الأمريكي خائف من أن تتزايد الأصوات في المجلس النيابي، وفي الشارع العراقي التي تطالب برحيله وهي كانت تزداد وتزداد في الآونة الأخيرة، ما هو الذي يمنع العراقيين من أن يطالبوا برحيل قوات الاحتلال هو فقدان الأمن والفتنة والاقتتال الداخلي، أما المستفيد الثاني فهم أصحاب الاتجاه التفكيري الذي يدعو الى القتل، هؤلاء مشروعهم في العراق، وهذا ما أعلنوه في الصوت وبالكلمة وبالمناشير وبالفعل الميداني، مشروعهم الحقيقي في العراق هو إحداث حرب أهلية بين الشيعة والسنة، وأنا لا أفتري عليهم هم يعلنون ذلك، وهذا موجود على مواقع الانترنت وفي تسجيلاتهم وغيرها، هؤلاء يعرفون ان تفجير مقام شريف ومقدس من هذا النوع بعد تراكم الأوضاع النفسية والآلام التي أحدثتها عملياتهم الانتحارية والتي إستهدفت المساجد والحسينيات والكنائس والأسواق والمطاعم ، تأتي الذروة ذروة الاستهداف في تدمير قبلة الأماميين العسكريين لتشعل نار الفتنة في العراق، وليتحقق مشروعهم في حرب أهلية شيعية سنية، أما المستفيد الثالث، فهؤلاء في خدمة الاحتلال قطعاً سواء أكانوا متصلين به عضوياً وعملياً، أو غير متصلين ولكنهم بأعمالهم وحماقتهم وإجرامهم وحقدهم يخدمون عدو هذه الامة ويلحقون بأمتهم أفدح الأضرار، المستفيد الثالث هم الصهاينة الموجودون في شمال العراق، و في أكثر من مدينة عراقية، وفي غطاء مختلف وفي عناوين مختلفة."
وسأل ما هو وجه استفادة "إسرائيل" من هذه الإحداث، جانبان على الأقل: الأول تدمير العراق ، أنا دائماً كنت أقول لكم ان المشروع الأمريكي قد يكون السيطرة على العراق، أو تقسيم العراق، أو نهبه، أما المشروع الصهيوني هو تدمير العراق ، وان لا يبقى في العراق حجر على حجر ولا بشر مع بشر،
ثانياً : هل المطلوب أن يساء إلى رسول الله ويسكت العالم، ثم يصبح هذا الأمر عادياً غداً وبعد غد، لنتعود على الإساءة، إذا كانت الإساءة الأولى استلزمت حضوراً وصراخاً وتهديداً فهل سوف نجد إنفعال عند الأمة في الإساءات آلاتية، على نفس هذا المنوال، هل المطلوب أن يصبح خبر تهديم وتفجير قبة ومسجد ومآذان أمراً عادياً لدى المسلمين؟ الخطر أين؟هل أصبح أمر عادياً ومألوفاً؟ فهو بالتحديد تخطيط صهيوني لتعتاد الامة أن تدمر قبابها ومآذنها ومقاماتها الشريفة؟ هل يسهل على الأمة أن تتقّبل يوماً أن يدمر فيه اليهود الصهاينة مسجدها الأقصى؟ .
ثالثاُ: من هو المتضرر أولاً : المسلمون الشيعة لانه تم النيل من مقدساتهم وكرامتهم .
ثانياً: المسلمون السنة لان هذا التفجير وضعهم في موضع الاتهام وعرضهم لبعض ردات الفعل الغير المرتبطة والغير المطيعة من المرجعية الدنية، والمسلمون الشيعة والمسلمون السنة سوية لان هذه الأفعال تضعهم في دائرة الفتنة التي يخسر فيها الجميع، والمتضرر أيضاً العراق كله وكل العالمين العربي والإسلامي، اذاُ من الذي يقدم على هذه العملية المستفيد ام المتضرر فالتعاطي مع هذا المقام الجلل؟ نحن في التعاطي مع هذا المقام الجلل مدعوون للتعبير معاً عن حزننا وألمنا وغضبنا وسخطنا لكن في شكل سلمي كما دعت اليه المرجعيات الدينية في النجف الأشرف وكما دعا اليه سماحة الامام القائد (دام ظله).
وهذا اولا : التعاطي مع هذا الحدث الجلل، هوعدم توجيه الاتهام الى اخواننا اهل السنة. لماذا؟ ايها الاخوة والاخوات مدينة سامراء التي تحتضن مقام الإمامين العسكريين هي منذ البداية وعبر مئات السنين كانت وما زالت مدينة سنيّة ولم يحصل هذا التفجير وهذا الاعتداء اذاً فهذه ليست مسألة تعني أهل السنّة وأهل سامراء هذان المقامان الشريفان انا اعرف وانتم تعرفون يعنيان الكثير من أهل سامراء هذا من جهة من جهة ثانية ما هي مصلحة أهل سامراء في ذلك؟ السنة ما هي مصلحة سنّة العراق في ذلك ، ؟.
لذلك في هذه النقطة يجب ان نكون واضحين وحاسمين لا يجوز اطلاق الاتهامات وتحريض الناس وان كانت مناخات سلبية في الاطار الاشمل والأوسع في الدائرة الشيعية والسنية لان هذا يخدم اميركا واسرائيل والتكفيريين الذين سيكونون سعداء عندما يقتل السني شيعياً والشيعي سنياً وعندما يهدم الشيعي مسجداً او يهدم السني مسجداً يجب ان نفوت هذه الفرصة عليهم يجب حصر التهمة بالمستفيد الحقيقي من هذا الاعتداء الإجرامي يعني الاحتلال الأمريكي بعملائه المباشرين وبالتكفيريين القتلة الذين يلتزم هذا العمل مع سلوكهم واخذهم وطريقة تفكيرهم ومعالجتهم للمسائل بعدما فعلوه سابقاً بالمساجد والحسينيات والكنائس وقتلوا النساء والاطفال يقدم من يفعل كل هذه الجرائم على جريمة من مستوى الذي حصل يوم امس التهمة موجهة الى هؤلاء بالتحديد الى الأمريكي وعملائه والتكفيريين القتلة . باتجاه هؤلاء يجب ان يكون سخطنا وغضبنا ويقف عند هذا الحدود اما بقية الناس لا ذنب لهم ولا جرم لهم ولا تزر وازرة وزر اخرى ولا يطاع من حيث يعصى انني باسمكم جميعاً اتوجه الى اخواننا واحبائنا في العراق وندعوهم الى الصبر الى التحمل كما صبر نبيهم وكما صبر ائمتهم (ع) على مبدأ اننا اتباع اوفياء لأولئك الصابرين المحتسبين يجب ان نمشي في مسيرة الصبر هنا على خطاهم ويجب ان نتذكر ونسترشد بقول مرجعياتنا الدينية التي لا تخاف في الله لومة لائم ولا تخاف غضب الجماهير ولا سخط الجماهير ولا تخلي الساحة يجب ان نتذكر ان دم المسلم أي مسلم ان دم المسلم على السلم حرام وان ماله وعرضه حرام وبالتالي اياً يكن غضبنا وسخطنا في العراق في لبنان في أي مكان من العالم هذا لا يسمح لنا على الاطلاق لا ديننا ولا نبينا ولا ائمتنا ولا انتمائنا ولا تاريخنا ان نتجاوز حدود الله سبحانه وتعالى انظروا ايها الاخوة والاخوات إلى إمامكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان يقول والله لو أعطيت الأقاليم السبع بما فوقهن وما تحتهن على أن أعصيَ الله في نملة أسلبها جُلْبَ شعيرة ما فعلت، هذا إمامكم علي بن أبي طالب الذي يرفض أن يظلم نملة يسلبها جلب شعيرة، أمّا نحن أتباعه والذين نفتخر بأننا نتشيع له يجب أن نكون أشد التزاما بدين نبيه ورسوله محمد صلّى الله عليه وآله وسلم. إنهم يريدون أن يضعونا في كل مكان على خط زلزال الفتنة، هنا في لبنان أيضا مدعوون جميعا كشيعة وسنة أياً تكن الآلام والأخطاء والأحزان أو الجرائم التي ترتكب في العراق، لا يجوز أن تنعكس هنا في بلدنا ولا يجوز أن نسمح لمندس أو سفيه أو مجنون أو عميل ليلعب في ساحتنا، مهما حصل في العراق الشيعة والسنة في لبنان سيكونون سوياً موحدين متلاحمين يوجهون نداء الوحدة لإخوانهم في العراق ويبذلون كل جهد لأنّ الصحيح هو مواجهة وإطفاء الفتنة في أضيق دائرة، من يعمل على توسيع الفتنة هو خائن لله ورسوله ولآل بيت رسوله وصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
في هذه المناسبة الأليمة نتوجه بالتحية والتقدير بالتحية والتقدير لمرجعياتنا الدينية في النجف الأشرف وإلى القيادات السياسية والوطنية في العراق عموما التي تعاطت مع الأحداث الأليمة بالحكمة والشجاعة المطلوبة والمسؤولية المطلوبة، ونناشدهم باسم الشيعة والسنة في لبنان، وأستطيع أن أقول باسم الشيعة والسنة في كل العالم، أناشدهم أن يستوعبوا هذه المحنة وأن يَئدوا الفتنة في مهدها لأنّ في هذا رضاً لله ولرسوله وكل سلفنا الصالح من أهل بيت النبي وصحابة النبي والتابعين لهم بإحسان، هذا رضاً للشهداء ورضاً للمضحين وهذا يدخل البهجة إلى قلب كل مسلم ومؤمن إلى القلب العزيز لمولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
يريدون أن يأخذونا إلى ساحة أخرى، بالتأكيد قد أذهلهم منظر المسلمين المتوحدين في كل العالم في الدفاع عن نبيهم، على امتداد العالم الإسلامي وفي قلب أوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكيا الشمالية خرج المسلمون على اختلاف مذاهبهم، وحدهم الإحساس بالإهانة ووحدهم واجب الدفاع عن نبيهم، يريدون أن نترك تلك الساحة وأن ننشغل ببعضنا وأن ننسى نبينا ونتقاتل في موقع آخر، نداؤنا يجب أن يكون في لبنان وفي العراق وفي فلسطين وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي وليفهم هؤلاء أيّاً تكن الآلام التي أصابتنا في العراق والتي تصيبنا جميعا لن ننسى الدفاع عن نبينا صلّى الله عليه وآله وسلم وسنتابع مسيرة الدفاع عن نبينا صلّى الله عليه وآله وسلم ليبقى الشعار الأعلى والأول لبيك يا رسول الله.
أيها الإخوة والأخوات، ما جرى في مدينة سامراء هو استكمال للحملة التي بدأت من الرسوم المسيئة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في الدنمارك، نحن كأمة موضوعون على خط الفتن، الإمام الخامئني قال وكان واضحاً وصريحاً : الصهاينة يقفون وراء الرسوم المسيئة ويريدون إحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في العالم. وبالأمس الأمريكيون والصهاينة والحمقى أرادوا أن يضعوا الأمة على خطٍ آخر للفتنة في مدينة سامراء.
في مسألة الرسوم المسيئة، حتّآ الآن لم تختم ولم تحسم هذه المسألة، وبدأ التخطيط لتنسّى الأمة فلا اعتذار ولا قوانين أوروبية أو دولية تحول مستقبلا من أن يُسَاء إلى نبينا أو إلى أنبياء الله وكل ذلك بحجة الحفاظ على حرية الرأي والتعبير، أنظروا كم أنّ هذا الغرب كله وقح ومستكبر وكم أن هذا الغرب عادٍ وعاتٍ، قبل أيام قليلة يحاكم كاتب ومؤرخ بريطاني اسمه ديفيد أرفينغ أمام محكمة نمساوية ويحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وذنبه أنّ تحقيقه أوصله إلى رأي علمي تاريخي أنكر فيه غرف الغاز في معسكرات النازيين فجيء به إلى السجن وووضع أمام المحكمة، والأسوء من ذلك أنّه وقف أمام المحكمة وقال إنّي أتراجع عن أفكاري أي "تاب الزلمة وبطّل" ومع ذلك حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات... أما راسم الكاريكاتور المسيء إلى النبي والطابع والناشر فلا يحاكم ولا يسجن ولا يعتذر لأنّ هناك حقاً إنسانياً يدافع عنه الغرب المنافق والكذّاب باسم حرية التعبير عن الرأي وحرية الفكر وما شاكل... هذه هي الحقيقة، هكذا يواجه في قضية الحرية. وأنا أقول لكم وللأمة يجب أن تتابع هذه القضية حتى يعتذر هؤلاء وحتى تُسَن القوانين المطلوبة، لا يجوز لهذه الأمة أن تخون نبيها مهما طال الزمن ومهما كانت التضحيات، هكذا في مسألة الحرية نواجه ازدواجية المعايير.
وكذلك في مسألة الديموقراطية نواجه ازدواجية المعايير لينكشف من جديد نفاق الأمريكيين، في هذه الأيام تزور منطقتنا واليوم زار بلدنا وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، عندما نستمع إلى السيدة رايس في بيروت تجاوب على كل الأسئلة :
ـ ما رأيك بالإستحقاق الرئاسي؟ تجيب الشعب اللبناني يقرر.
ـ ما رأيكم بالتطورات؟ تجيب الشعب اللبناني يقرر. والله أوادم وديموقراطيين؟!!! وتشيد بالديموقراطية اللبنانية.
كونداليزا رايس في لبنان تشيد بالديموقراطية اللبنانية. عندما تأتي إلى السعودية ومصر تريد أن تمارس شتّى الضغوط على الدول العربية لمحاصرة حماس المنتخبة ديموقراطيا، الديموقراطية في فلسطين عندماتأتي نتائجها كما جاءت تحاصر وتحارب وتجوع ويتم وضع الشعب الفلسطيني أمام خيارين : إمّا الجوع أو الفتنة بين حماس وفتح أو بين حماس وبقية الفصائل، هذه هي كونداليزا رايس. في لبنان تشيد رايس بالديموقراطية، وأنا أسأل لو حصلت انتخابات مبكرة أو بعد ثلاث سنوات حصلت انتخابات وجاءت بأكثرية ما لا تحسبها الإدارة الأمريكية موالية لها أو صديقة لها أو متعاونة معها، هل سنسمع ترحيبا بالديموقراطية اللبنانية أم ستكون الديموقراطية اللبنانية مزورة وملفقة وديموقراطية إرهابية؟
وفي العراق أيضا، الشعب العراقي انتخب ممثليه إلى مجلس النواب وسقطت الكثير من اللوائح التي دعمها الأمريكيون المحتلون بالإعلام وبمليارات الدولارات، هل يسمح الأمريكيون للعراقيين أن يبنوا مؤسساتهم وهل يسمحون لمؤسسات العراق المنتخبة أن تحكم؟ هنا في لبنان تقف رايس لتقول أنّهم لا يتدخلون والشعب اللبناني يقرر، وهناك في العراق زلماي خليل زاد يقف ويقول ويضع شروطا وضوابط وموانع لتشكيل الحكومة العراقية ... يتدخلون في تشكيل الحكومة العراقية وفي الإنتخابات ويمسكون بالأمن والعسكر ويمنعون الحكومة المنتخبة شعبيا وديموقراطيا من ممارسة سلطتها وثمّ بكل وقاحة يقف من زلماي خليل زاد إلى وولش إلى كونداليزا رايس إلى رامسفيلد إلى تشيني وإلى بوش ويطلبون من دول الجوار وبالتحديد من سوريا وإيران أن لا يتدخلوا في الشؤون العراقية الداخلية؟! هل وجدتم مستعمرا ومحتلا أوقح من الأمريكيين؟ هل ستوافق لو طلبت غالبية أعضاء المجلس النيابي العراقي خروج قوات الإحتلال من العراق هل ستخرج وتخضع لإرادة ممثلي الشعب العراقي، أبدا...
لا يجوز أن ينطلي خداع أمريكا وشيطنة وتلبيسات وَوَسْوَسات أمريكيا، في العراق ولبنان وفلسطين وفي كل مكان ليس لنا خيار سوى وحدتنا الوطنية واللجوء والإعتماد على إرادة شعبنا وإرادتنا الوطنية الواحدة وخياراتنا الوطنية في كل بلد، لا يجوز أن نراهن إلا على تلاقينا الوطني، أمّا أؤلئك الآتون من خلف البحار فهم آتون لينهبوا ثرواتنا وليسرقوا أسواقنا وليتحكموا برقابنا وليستعبدوننا ولكن بشكل حضاري جديد.
أعود إلى لبنان، بعد كل الذي جرى وأنا أتسلح بكم وبحشدكم الكبير الذي لبّى خلال ساعات قليلة، أدعو في لبنان بعد كل الخطابات النارية وبعد أن قال كلٌ ما عنده من أفكار وآراء ومواقف ومن شتائم أيضا، استنفذ القاموس ولم يعد هناك من مسبّات لم تُقَلْ، الوضع في لبنان لا يحتمل كما هو الوضع في المنطقة ، أدعو إلى الهدوء وإلى التهدئة وإلى تخفيف حدة الخطاب السياسي، سيقال أننا ندعو إلى ذلك لأنّ هناك مشروعا لدى بعض قوى 14 آذار للإطاحة برئيس الجمهورية، كلا أنا أتحدث على المستوى الوطني، ليسمعوني جيداً، لا يمكن لأحد أن يستند إلى شارع خاص ثم يقول أنني من خلال هذا الشارع أريد أن أفرض إرادتي على كل اللبنانيين، هذا غير منطقي. لا يمكن لأحد من أجل أن يفرض خياراته على الآخرين، أيضا أقول، أن يلجأ إلى الشارع هذا أمر خطير على المستوى الوطني، أقول بوضوح وصراحة لا نحن ولا هم ولا أحد في لبنان يمكن أن ينجح في أي استحقاق من الإستحقاقات الحالية أو القادمة إلاّ على قاعدة الوفاق الوطني وعلى قاعدة الحوار والتوافق، الذي يظن أنه يستطيع أن يلجأ إلى الشارع ليفرض خياراته في أي معركة من المعارك السياسية في لبنان فهو مخطيء وفاشل في نهاية المطاف.
هناك طاولة للحوار ـ قبل جمعتين وصّوا عليها بس أمس شفناها بالتلفزيون ـ من يريد مصلحة لبنان ومن يريد أن لا يضع لبنان أمام المأزق ومن يريد إخراج لبنان من التوترات السياسية والشعبية تمهيدا لبناء الدولة ومعالجة الوضع الإقتصادي الإجتماعي ومواجهة بقية الإستحقاقات الوطنية يجب أن يأتي إلى طاولة الحوار، من يرفض المجيء ويضع شروطا مسبقة للمجيء إلى طاولة الحوار ما زالت تتحكم فيه عقلية الغَلَبَة، وأقول لهم إن عقل الغلبة سيفشل في لبنان لا مكان في لبنان لمنطق الغالب والمغلوب، المنطق الطبيعي والسلوك الوطني الطبيعي : تفضلوا إلى طاولة الحوار. إذا "كان في حدا زعلان وبحقلو ما يجي على طاولة الحوار هو نحنا" لأنه أسيء إلينا وظلمنا وتم التجرؤ علينا ونحن لم نرتكب خطأ ولا خطيئة وأنا أتعمد وأصر على هذا المعنى، ومع ذلك ومن أجل المصلحة الوطنية نحن نتجاوز كل الأخطاء وكل الخطايا وكل الحساسيات ونقول تعالو لنجلس إلى هذه الطاولة.
يأسفني أن أقول ولكن يجب أن أقول، أنا أعرف مشاعركم وأعرف مشاعر كل إخواننا وأخواتنا، حتى كوادر الصف الأول في حزب الله كانوا يناقشونني في الأيام الماضية ويقولون نحن لا نتصور كيف ستجلس أنت بعمامتك وعباءتك على هذه الطاولة، فليذهب أحد آخر. لكن نحن من أجل المصلحة الوطنية ولأنّ الطريق الوحيد للخروج من لبنان من معاناته وآلامه ومصائبه هو الحوار نحن ذاهبون إلى الحوار وسنتجاوز كل حساسية وكل اعتبار وهذا هو الطريق، أما الطرق الأخرى إلى أين يريدون أخذ هذا البلد وإلى أين يريدون الوصول بهذا البلد.
على كل حال يجب أن ننتظر الليلة وغد ثمار وبركات الزيارة الكريمة للسيدة رايس إلى بيروت، المهم ما قالته في جلساتها مع المسؤولين، نعم رغم كل التحفظ والوجه الذي حاولت أن تظهر به كديموقراطية إلاّ أنها لم تخفِ أن على لبنان أن يطبق القرار 1559 وأن ينزع سلاح حزب الله، من سينزع سلاح حزب الله؟ بدل أن توظّف أمريكا من أجل إسرائيل الإنقسامات اللبنانية والحساسيات اللبنانية وتقوم باستهدف هذا السلاح وبدل أن توظف الدولة ومؤسساتها لاستهداف هذا السلاح، فلتتفضل القوات الأمريكية ولتأتِ إلى البحر المتوسط ولتنزل على شواطئنا ولتنزع هذا السلاح. تريد كونداليزا رايس أن يكون الدم اللبناني دفاعا وحماية لإسرائيل كما تطلب أن يكون الدم الفلسطيني حماية ودفاعا عن إسرائيل وهذا الأمر لا يجوز أن يقدمه أحد لها في لبنان، لم أعرف حتى هذه اللحظة ما جرى في الجلسات ولكن هناك كلمة صغيرة آثارت فينا بعض الفضول ونأمل أن تتضح الصورة : عندما يقف أحد المسؤولين إلى جوار كونداليزا رايس ـ وبالمناسبة نحن نحترم هذا المسؤول ونقدر له العديد من مواقفه ـ وعندما يقدم السيدة رايس لتتكلم يتحدث عن صبرها؟! على ماذا تصبر كونداليزا رايس وما هو هذا الصبر الذي يجب أن نتوجه كلبنانيين أن نشكرها عليه؟! هل طلبت منّا أن ننزع سلاح المقاومة وسلاح المخيمات وأن نفعل بالفلسطينيين الأفاعيل فقلنا لها لا نستطيع أن نفعل ذلك فقبلت أن نصبر ؟ على ماذا صبرت كونداليزا رايس لنشكرها، هذا سؤال؟ وعلى كل حال سنعرف ونحن شركاء ـ على ما يقال ـ في هذا البلد وفي إدارة هذا البلد... أيها الإخوة والأخوات، هذا هو الخيار الطبيعي الذي نرسم من خلاله المستقبل، الحوار وطاولة الحوار والتفاوض والتلاقي والنقاش واستبعاد الشارع، هذه هي المصلحة الوطنية وهذا ما تقتضيه المصلحة الوطنية .
أعود إلى سامراء عند أعتاب الإمامين العسكريين لأختم بالجريمة وأمريكا، لقد سمعنا بالأمس ـ وتصوروا الوقاحة ـ جورج بوش يقول أنّ الشعب الأمريكي حاضر لإعادة بناء مقام الإمامين العسكريين، هل يوجد قاتل ومجرم وسفاك ومفسد بهذه الوقاحة، أقول للسيد بوش لا تدمروا مقدساتنا ولا تعيدوا بناءها، أنتم الذين تدمرون المقدسات، من تخادعون وعلى من تضحكون؟ نحن المسلمون أبناء الشيعة والسنة نعيد بناء مقدساتنا بأموالنا، نحن بدمائنا نحرر أوطاننا وبسواعدنا المتشابكة نحفظ وحدة أمتنا وندافع عن نبينا ونرفض الفتنة. أقول للأمريكيين وللصهاينة وللمجرمين الذينن ارتكبوا جريمة الأمس في سامراء : ستسقط كل أهدافكم وسيبقى الألم في قلوبنا ولكن الألم دائما كان عنصر قوة فينا يدفعنا إلى الأمل، أقول لهم لن تمزق هذه الأمّة ولن تفتتن هذه الأمة وستبقى متماسكة ولن تخدع بمكر المحتلين ولن تسهو عن نبيها وسيبقى نداءها وإلى الأبد لبيك يا رسول الله (ص).