
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير / الذكرى الخامسة عام 2005 ـ مدينة بنت جبيل
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير / الذكرى الخامسة عام 2005 ـ مدينة بنت جبيل
في ذكرى الإنتصار نلتقي مجددا في نفس المكان الذي اجتمعنا فيه قبل خمسة أعوام لنعلن التحرير والإنتصار في مدينة الفقهاء والعلماء والصلحاء والأدباء والشعراء في مدينة الشهداء مدينة بنت جبيل.نجتمع لنحي من جديد ذكرى يوم من أيام الله تعالي التي منّ الله فيها على المجاهدين والصابرين والصامدين في هذا البلد بنصره وعزه فهو الذي نصر عبده وهزم العدو ووفى بوعده وأعز هذا البلد وشعبه وأهله بمقاومته وشهادئه ومجاهديه.
نلتقي لنحي ذكرى النصر التاريخي المؤزر الذي كانت له كل تلك التداعيات الخطيرة والدلالات العظيمة على مستوى المنطقة والأمة والوطن، ونؤكد على إحياء هذا العيد ونبذل كل جهد لذلك ونؤكد على الفرح في هذا العيد لنستحضر معاني المقاومة والإنتصار ليس من أجل التغني بالماضي وننشد الأناشيد والشعر بل لنستحضر من الماضي القريب كل ما يمكننا من مواجهة المستقبل بثقة ويقين وعزم وأمل. أعداؤنا يريدون أن تمحى من ذاكرتنا كل أيامنا المجيدة وأن تبقى فيها أيام النكبة والنكسة وآلام الهزائم، أمّا أيام المجد والعزة وأفراح الإنتصار فيجب أن ننساها ...
أمّا نحن فنريد أن نجدد في كل عام هذا العيد لنجدد معه روح وثقافة وعمل المقاومة ويقينها وثقتها بربها وشعبها ومجاهديها وبسلاحها وبعوائل شهدائها. نحن في هذا المهرجان نستحضر بحشدكم المبارك وخلال ساعة فقط حشدا من القيم والمعنويات والرؤى ونستحضر حشد الشهداء والجرحى والأسرى والمحررين والمقاومة والصامدين وعلى خطوط التماس لنعلم ونفهم عدونا والعالم أننا في لبنان شعب قوي عزيز ومقتدر وما أنجزناها بالأمس في 25 ايار عام 2000 يمكن أن ننجزه في كل يوم إنشاء الله. نحن شعب هذه المقاومة وشعب هذا العز والإنتصار لا مكان في قاموسنا وخياراتنا للتراجع والضعف والذل، أليس نحن أتباع ذلك الإمام الذي استشهد هو وأبناؤه وأصحابه وهو يرفع شعار هيهات منّا الذلة؟
من الطبيعي أن يتفاوت الناس في اهتمامهم ومشاعرهم اتجاه العيد وذكراه على قدر صلتهم بالحدث والفعل وما أدى إلى هذا الحدث، على سبيل المثال عيد الفطر عيد لكل مسلمي العالم لكن أشد الناس سعادة به هم الصائمون، عيد الأضحى هو عيد لكل مسلمي العالم وأشد الناس سعادة به هم حجاج بيت الله الحرام، الأكثر عطاء وعناء يسعد بالعيد ويعني له شيئا، عيد المقاومة والتحرير وهو عيد رسمي هو عيد لكل العرب والمسلمين وشرفاء العالم لكن من الطبيعي أن يكون أكثر الناس سعادة وفرحا به هم أهل التضحيات وعوائل الشهداء. في الخامس والعشرين من أيار كل والدة شهيد وزوجة ووالد وبنت وأخ شهيد يستحضرون شهيدهم وتخلج في قلوبهم عواطف الفراق ولكن تملىء وجوههم فرحة الإعتزاز بما أنجزه هذا الشهيد (...).
كل المناطق التي كانت تتعرض للعدوان وكل من تحمل ضغطا وألما وقدم تضحية من أجل أن تستمر المقاومة هم أشد الناس سعادة، بالتأكيد من خارج لبنان أشد سعادة هم من وقف مع المقاومة وساندها وتعرض من أجل ذلك للضغوط الدولية وللتهديدات الأمريكية والإسرائيلية، وهنا لا بد من أن نذكر سوريا الأسد وقيادتها وشعبها وجيشها وقواتها المسلحة.
قد يعترض البعض في لبنان على أداء سوريا أو أسلوب عملها ولكن من نكران الجميل أن يتجاهل أحد أن سوريا وقفت إلى جانب المقاومة التي نحتفل اليوم بعيد انتصارها، وقفت وتحملت ما لم تتحمله أي دولة عربية على الإطلاق مع احترامنا لكل الدول العربية. مما لا شك فيه أن شعب سوريا وجيشها وقيادتها يشاركوننا الفرحة لأنهم شركاءنا في الإنتصار. أيضا الجمهورية الإسلامية وقيادتها وشعبها وكل من فيها كان إلى جانب المقاومة وتحمل في سبيل ذلك كل ضغط. اليوم وأنا أذكر الجميل لهاتين الدولتين أسأل كل من يشكك في لبنان : ألم تكن المقاومة في الحقيقة مقاومة لبنانية استفادت من دعم سوريا وإيران من أجل تحرير لبنان وكرامة لبنان وعزته وقوته؟ أؤلئك الذين يتهمون المقاومة وما زالوا يتهمونها بأنها أداة سورية أو إيرانية، قبل خمس سنوات وقفت هنا وقلت أنّ علينا أن نتواضع بعد الإنتصار وأقول الآن إذا كان هناك أحد يحق له أن يوزع شهادات في الوطنية فهي المقاومة. كل الذين شاركونا في مقاومتنا من شعوب عالمنا العربي والإسلامي هم شركاؤنا في الإنتصار، نتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه 25 أيار عيدا للمقاومة والتحرير عيدا وطنيا حقيقا وعيدا على مستوى الأمة.
نأتي إلى تحديات المرحلة وهموم اليوم ، باختصار حتى الآن استطاعت المقاومة أن تستعيد الجزء الأكبر من الأرض اللبنانية المحتلة وأن تستعيد العدد الأكبر من الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وأن تشكل توازن ردع معين لحماية لبنان وشعبه وبناه التحتية أمنيا بمعنى مواجهة العدوان وسياسيا بمعنى أن يكون لبنان قادرا على مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي تحاول أن تفرض عليه من جديد شروط إذعان. المقاومة بما تمثل من عنصر قوة أساسية للبنان هي المستهدفة في المرحلة المقبلة ما بعد الإنتخابات أمريكيا وغربيا وإسرائيليا وعلينا أن نستعد لمواجهة هذا الإستهداف، البعض يتحدث عن سلاح المقاومة بمعزل عن المقاومة، السلاح بمعزل عن المقاومة ليس له قيمة، القيمة لمشروع المقاومة والواجب الديني والوطني والتي هي قيمة إنسانية والتي هي إنسان قبل كل شيء وهي أنتم، وبعدها يأتي السلاح.
من حق شارون وشالوم ومن حق إسرائيل أن تفتخر أنها استطاعت أن تضع المجتمع الدولي بمواجهة الذين هزموها في لبنان، لقد استطاعت إسرائيل أن تضع المجتمع الدولي بوجه المقاومة من خلال القرار 1559 وانظروا إلى المفارقة، سنة 1978 قوات الإحتلال الإسرائيلية اجتاحت جزء من جنوب لبنان وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا رقمه 425 ولم يفعل المجتمع الدولي شيئا من أجل أن ينفذ القرار ولم يهدد إسرائيل بوضع القرار تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولم يطبق أي إجراءات عليها. 22 سنة لم ينفذ هذا القرار ولم يصنع من أجل تنفيذه أي شيء والذي أخرج إسرائيل من لبنان لا المجتمع الدولي ولا الإرادة الدولية ولا أخلاق إسرائيل وندمها على ما فعلت، الذي أخرجها أنتم المقاومة وتضحيات الشعب ودماؤه. بعدها يأتي المجتمع الدولي ليقنعنا أن إسرائيل نفذت القرار 425 وانتهى الموضوع.
بالمقابل، قبل سبعة أشهر يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا رقمه 1559 ومنذ ذلك الحين تبدأ الضغوط الدولية على سوريا ولبنان لتنفيذ بنوده وبأقل من سبعة أشهر وأمام الضغط والتهديد الدولي بوضع سوريا تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتهديدها بالحرب العسكرية عليها ومع احترامي لكل العوامل الداخلية المؤثرة، الضغط الدولي وضع سوريا أمام الخيارات الصعبة فاختارت أن تخرج، سبعة أشهر نفذ أهم بند في القرار 1559 و22 سنة لم يفعل شيئا لتنفيذ القرار 425، لماذا، لأنّ القرار 425 يستهدف إسرائيل ولأنّ القرار 1559 هو لمصلحة إسرائيل وفي خدمتها.
اليوم لبنان دخل في دائرة التدخل الأجنبي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص ولا أعتقد أن أحدا في لبنان يحتاج إلى دليل على مستوى وعمق وتفصيل التدخل للسفارات الأجنبية في بلدنا وفي كل التفاصيل وهذا ما يتحدث عنه أغلب القادة السياسيين سواء صنفوا موالاة أو معارضة، الكل يتحدث عن تدخل في الإنتخابات وتركيب اللوائح وفي فرض المواعيد وفي فرض الأولويات، لقد دخلنا في دائرة السيطرة والتدخل الأجنبي. اليوم عندما يأتي الأجنبي وخصوصا الأمريكي ليتدخل ما هي أولوياته والأهداف التي يسعى إليها، هذا ما يجب أن نعرفه لنواجهه، اليوم يستعجل الأمريكيون الإنتخابات وبأي قانون كان وتشكيل سلطة جديدة ، لماذا، لأنهم بعد تشكيل السلطة سيطالبونها باستحقاقات جديدة تخدم مصالح إسرائيل.
بالأمس أحد مسؤولي الخارجية الأمريكية يقول، بعد الانتخابات على حزب الله أن ينزع سلاحه وإلا فعليه أن يعرف أنه بعد الإنتخابات ستزداد الضغوط الداخلية عليه. المسؤول الأمريكي يهددنا بازدياد الضغوط الداخلية علينا يعني يريدون أن يضعوا اللبنانيين بموجهة بعضهم البعض من أجل إسرائيل.
في أي مناخ نواجه هذا الإستحقاق التحدي المرتبط بالمقاومة وسلاحها ولماذا هذا الإصرار الأمريكي، وكيف يجب أن نواجهه. هناك مناخ في منطقتنا لا أفق فيه للتسوية في فلسطين وفي المنطقة، بالأمس شارون في واشنطن جدد لاءاته، وقال : القدس سوف تبقى عاصمة أبدية أبدية أبدية لإسرائيل، أي تسوية هذه، كل القدس. لا عودة إلى حدود الـ 67، لا عودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبلادهم، في أي مناخ يأتي الأمريكي إلى لبنان ويطلب تسليم سلاح المقاومة، في مناخ يقول شارون للعالم كله ـ وأرجو من القيادات اللبنانية السياسية والدينية أن يدققوا بكلامه ـ يقول شارون : كل الإتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع الدول العربية لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، يريد أن يقول أنّ الذي يحمي إسرائيل قوتها وسلاحها النووي وقوتها العسكرية وتفوقها على كل شعوب ودول المنطقة، أمّا المعاهدات والإتفاقيات لا تحمي إسرائيل. يقول شارون هذا وفي نفس الوقت يأتون إلى لبنان ويقولون له يجب أن تنزع سلاح المقاومة... نحن نقول لهم أيضا إنّ كل ضماناتكم وعهودكم لا تساوي الورق الذي تكتبونه عليه. شارون يملك 200 رأس نووي وأقوى سلاح جو في الشرق الأوسط، القوة الإسرائيلية تعد في عداد القوى الأولى في العالم ومع ذلك لا تطمئن إسرائيل لمعاهدات واتفاقات لأنها لم تتخلَ عن أطماعها وأحقاقها، اما نحن الذين نملك سلاحا متواضعا دفاعيا ولكنه فعال يجتمع مجلس الأمن الدولي والدنيا والمجتمع الدولي وتهدد سوريا وإيران ولبنان من أجل أن ينزع هذا السلاح، هذا هو المناخ.
أيضا في مناخ تذهب فيه منطقتنا إلى الضعف والتفتت، من يحمي من ومن يهتم بمن ومن يستغيث بمن، كل هذه الدول والشعوب العربية الذاهبة إلى وضع تنشغل فيه بوضعها وحروبها ومشاغلها التي يصطنعها الأمريكي لها تحت عناوين الديموقراطية، في هذا المناخ يتحرك الأمريكي بعد الإنتخابات مباشرة لمواجهة هذا الإستحقاق يعني نزع سلاح المقاومة.
السؤال لماذا هذا الإصرار الأمريكي، هل هو من أجل مسيحي لبنان أو من أجل مسلمي لبنان، أو من أجل استقرار وأمن لبنان، كلا ذلك من أجل إسرائيل كاملا. هناك يذهب شارون ويقول لا عودة للاجئين الفلسطينيين ويأتي بوش ويقول للبنان يجب أن توطنوا الفلسطينيين في بلادكم أو ترحلوهم إلى أبعد مكان عن فلسطين المحتلة. الإسرائيلي يعترف ـ وإن كان بعض اللبنانيين لا يريد أن يعترف ـ بأن المقاومة فرضت توازن رعب وردع وهذه الحقيقة، وهذا التوازن يحمي لبنان ويحمينا جميعا نحن المجتمعون هنا، بعض الناس ناقشوا في المجيء إلى هذا المكان، قلت لهم ما يخشى منه هو الطريق، سيارة مفخخة، ثمّ بعدها يطلع من قتلني مجهول الهوية، أمّا عندما أقف في بنت جبيل بين أهلنا ورجالنا ونسائنا ومقاومينا فلتجرء إسرائيل أن تركتب حماقة. في لبنان مقاومة عاهدت ربها وشعبها أن لا تسكت عن أي جريمة يرتكبها هذا العدو.
في هذا الوقت الذي تفرض فيه المقاومة هذا التوازن يأتي بوش ليضغط على لبنان والمجلس النيابي الجديد وعلى الحكومة الجديدة لنزع سلاح المقاومة، إذا هذا الأمر من أجل إسرائيل وليس من أجل لبنان. كيف نواجه، أولا بالوعي أن أخطر ما نواجهه اليوم كلبنانيين هو التدخل في كل شؤوننا السياسية والداخلية، يجب أن نعرف أن هناك تدخلا أجنبيا وأن هذا التدخل يخدم مصالح الأجنبي وليس مصالح اللبنانيين وبداية الغيث السيء موضوع الإنتخابات.
أريد أن أقول للقيادت التي وقفت واعترضت على اعتماد قانون العام 2000 وحمّلت بعض القوى السياسية مسؤولية قانون 2000، ما سمي بالتحالف الرباعي، وشنت حملة على رئيس المجلس النيابي واتهمكته بتعطيل وضع قانون انتخابي. أريد أن أقول لهم الحقيقة ولعلهم يعرفونها، وإذا كان من ضجيج فيجب أن يثار في مكان آخر. أنا لا أخجل أن أقول أننا في حزب الله طلبنا تأجيل الإنتخابات ثلاثة أشهر وبكل وعي وفخر، وعندما طلبنا ذلك هل يظن أحد أننا الآن خائفين من الإنتخابات، أبدا. هل يظن أحد أنه يؤذينا أي قانون انتخابات. إذا أردنا أن نفكر حزبيا "عملوا البدكن ياه، بدكن" القضاء دائرة انتخابية لا مشكلة لدينا المحافظات الخمس، المحافظات التسع أو المحافظات العشر أو دوائر وسطى أو أكثري أو نسبي أو لبنان دائرة واحدة لا مشكلة لدينا، أي قانون انتخابات تضعوه في لبنان يأتي حزب الله واقفا ولا مشكلة لديه.
لم نطلب تأجيل الإنتخابات ثلاثة أشهر من أجل شعبية نخاف أن تضيع منّا ولا من أجل قانون نريد أن نصححه على قياسنا، كان منطقنا التالي : لا يمكن في يوم أو ساعتين أن نضع قانون طويل عريض ونصوت عليه في ساعة فهذا قانون مصيري (...).
والسبب الثاني في طلبنا هو جو البلد حيث هناك حدثين كبيرين هما استشهاد الشهيد رفيق الحريري ومن معه والثاني خروج سوريا من لبنان، حدثين كبيرين في أشهر قليلة ولم يجهز أحد لخوض الإنتخابات وقد تناقشنا مع بعض القوى السياسية الأساسية ووجدنا أنه لا يمكن تأجيل الإنتخابات، لماذا، لأنّ لبنان مهدد من أمريكا وفرنسا وكوفي أنان وتيري رود لارسن ولا أدري من من أيضا أنّه إذا لن تجروا الإنتخابات في 29 أيار فيا ويلكم، هذه هي الحقيقة. وأمام وضع لبنان في دائرة التهديد ارتأى البعض أن نمشي بالإنتخابات والقانون الجاهز قانون العام 2000.
لذلك أقول لكل الذين انتقدوا قانون العام 2000 وكلنا يقول أنه قانون سيء، نحن في حزب الله يناسبنا حزبيا قانون القضاء ولكن لا يناسب الوطن، وكلنا نقول أننا تحت سقف الطائف ونطالب بالقضاء والطائف قال بالمحافظة... بكل الأحوال هذه هي بداية التدخل، كل من عزف وغضب وسخط واعترض واحتج، هذه هي الحقيقة، ليس هناك أي تآمر من شيء أسميتموه تحالف رباعي، هناك حقيقة تدخل أجنبي يفرض إرادته على كل اللبنانيين في هذه المرحلة وهذه هي البداية.
ما أريد التأكيد عليه، أولا أن نعرف أن هناك تدخلا أجنبيا وأن نعرف أيضا أن التدخيل الأجنبي في أي مكان في المنطقة لن تكون نتيجته ديموقراطية حقيقة ولا دولة مؤسسات ولا إصلاح حقيقي ولا إنماء حقيقي، في كل مكان جاؤوا إليه عمت الفوضى والديكتاتورية ولكن بلباس جديد وشعارات جديدة، خطابي لبعض اللبنانيين الذين يراهنون اليوم على الأمريكي لا تتعبوا أنفسكم، بعضنا في لبنان راهن على إسرائيل فتركته في نصف الطريق، وأمريكا تستخدم عملاءها أو أصدقاءها ثم ترمي بهم إمّا إلى فم التنين أو إلى مزبلة التاريخ. إسرائيل وأمريكيا من جنس واحد تربطهم المصالح التي يقدمونها على مصالحنا، لسنا بحاجة إلى تجارب خاطئة جديدة، إن مصالحنا كلبنانيين مع بعضنا البعض أقوى وأصدق بكثير من مصالح أي طائفة لبنانية مع إسرائيل أو أمريكا، يجب أن نراهن على وحدتنا وتوافقنا وتكاتفنا لمواجهة هذا التحدي.
ثانيا ، أن نقف لنعمل بأولوياتنا كلبنانيين ولا أن نسمح أن يفرض الأمريكي أجندته، الذين احتشدوا في رياض الصلح وساحة الشهداء كلهم أجمعوا أن أولوياتنا للمرحلة المقبلة التنفيذ الجدي للطائف والإصلاح السياسي والمالي والإداري ومكافحة الفساد، معالجة مشكلة الديون التي تتزايد علينا بفعل الفوائد الباهظة، معالجة الضائقة الإقتصادية الخانقة، والأهم مسؤولية الحكومة الجديدة لم شمل اللبنانيين وتضميد جراحهم وإجراء مصالحة حقيقية بين اللبنانيين، وأيضا من أولويات الحكومة الجديدة ترتيب وتصحيح وإعادة توازن الأمور في العلاقات مع سوريا، ألفت أنّ العلاقات المميزة مع سوريا مصلحة وطنية لبنانية، مصلحة أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية لبنانية، لا يجوز أن نسمح لبعض الغلاة في لبنان أن يحولوا لبنان لبلد معادي لجارته العربية الوحيدة وهي لسوريا.
نحن كلبنانيين يجب أن نندفع باتجاه هذه الأولويات، يريد الأمريكي بعد تشكيل الحكومة أن يدفع لبنان باتجاه أولويات إسرائيل وسوف يأتي للحكومة الجديدة ويقول لها أين سلاح الفلسطينيين وماذا فعلتم بالمخيمات وماذا فعلتم بالمقاومة وماذا فعلتم ببقية بنود 1559 ؟ لا يكفي أن نملك الوعي والإجماع، مثلا في موضوع التوطين كلنا نرفض التوطين وكل الفلسطينيين في لبنان يرفضون التوطين، الوعي والإجماع موجود لكن إذا فقدنا الإرادة سوف نجتمع غدا ونقول المجتمع الدولي يضغط علينا ويفرض علينا أن نقبل بالتوطين وعليه نقبل بالتوطين... إذا بدأنا هكذا فهذا البلد سيأخذه الأمريكيون إلى الخراب، كما فعل بالعراق ...يجب أن نكون حذرين ومنتبهين وأن نملك الوعي والمعرفة والخطة والإرادة أيضا ، إرادة المواجهة.
أيضا بمواجهة هذا الإستحقاق معنيون بالتحصين السياسي لخيار المقاومة ووظيفتها، ما نريد أن ننجزه في هذه المرحلة أن نؤمن ما أمكن من تحصين سياسي لدور المقاومة وسلاحها، الحكومة أصدرت بيانا واضحا عن المقاومة وسلاح المقاومة بالإسم، عندما نعقد تحالفات انتخابية هي تحالفات سياسية انعكست انتخابية، يعني في الجنوب تحالف حزب الله وحركة أمل هو تحالف سياسي بالدرجة الأولى هدفه حفظ المقاومة وسلاحها ودورها ووظيفتها التي ننتمي إليها سويا والتي إمامها واحد وهو الإمام السيد موسى السيد، هذا التحالف بالدرجة الأولى تحالف سياسي، طبعا مع قوى سياسية أخرى صديقة وحليفة في الجنوب، وعادة عندما يتحدث عن تحالف في الجنوب ويعالج بالناقش أو بالإنتقاد يتم الحديث عن تحالف حزب الله وحركة أمل، نعم في البلديات يمكن أن نختلف لأنّ الإنتخابات البلدية شأن انمائي واللبنانيين يعملونه شأن سياسي لكنه ليس شأنا سياسيا، الإنتخابات البلدية شأن إنمائي...
عندما نذهب إلى بيروت، مرشح حزب الله موجود على لائحة الشهيد رفيق الحريري وهناك تحالف سياسي مع تيار المستقبل وهو من نفس الزاوية والمنطلق. اليوم وبمناسبة عيد المقاومة وبمناسبة ما نحن مقبلون عليه من تهديد للمقاومة أريد أن أذكر لكم أمرا : في الأسابيع الماضية ذكرت أنني ألتقي الرئيس الشهيد أسبوعيا وكنا نتكلم في مسائل عديدة. هناك مسألة لم أتحدث عنها سابقا واليوم أذكرها والشيخ سعد الدين الحريري يعرفها وعائلة الرئيس الشهيد يعرفها وهناك شهود ما زالو على قيد الحياة، عندما كنا نتناقش قبل استشهاده بأسبوع واحد عن تحديات المرحلة المقبلة وعن الـ 1559، قال بعد كل هذه التجارب أنا أريد أن أتحالف معكم كقوة سياسية أساسية موجودة في لبنان وأن يكون تحالفنا على أسس سياسية واضحة وحددنا المباديء : الطائف والعلاقة مع سوريا وموضوع التوطين وغيرها ووصلنا إلى موضوع المقاومة. قلت للرئيس الشهيد أريد أن أسمع منك كلاما واضحا في موقفك من المقاومة ونزع سلاحها الذي يطالب به القرار 1559 ، قال لي إذا أحببت فلنأتي بقلم وورقة وأريد أن أكتب لك وأوقع، فقلت له عفوا أنا لا أطلب ذلك أنا أقبل منك كلمتك وأن تقول كلمتك وهذا يكفيني، قال بالحرف الواحد : أنا في هذه السنوات الأخيرة وبعد قراءتي لتجربة المقاومة وأدائها وحكمتها وتوازنها وفعاليتها أنا أؤمن بهذه المقاومة، وأقول لك لن أنفذ هذا البند من القرار 1559 إذا عدت رئيسا للحكومة وألتزم معك بأن المقاومة وسلاحها يجب أن يبقيا حتى اليوم الذي تتحقق فيه تسوية شاملة في المنطقة ـ (السيد نصر الله : وليس إلى حين الخروج من مزارع شبعا وإلى خروج الأسرى) ـ وفي ذلك اليوم إذا تحققت هذه التسوية سوف أجلس معكم وأقول لكم يا سيد : لم يعد حاجة للمقاومة وإلى سلاح المقاومة فإذا اتفقنا كان بها وإذا اختلفنا أنا ألتزم أمام الله وأمامك وأقسم بولده حسام وقال أنا لا أقاتل المقاومة ولا أسمح أن يتحول لبنان إلى جزائر، أستقيل وأغادر البلد.
أقول اليوم إلى كل أحباء ومخلصي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذا هو موقفه ووصيته وعهده معنا، وقد أكده من حيث المبدأ الشيخ سعد الدين عندما قال لتلفزيون الـ CNN: حزب الله ليس ميليشيا مسلحة وإنما هو قوة المقاومة المسلحة للبنان، هذه هي البداية التي تعنينا.
في المناطق الأخرى من لبنان ستعلن تحالفات في دوائر جبل لبنان وفي دوائر مختلفة، المسألة الرئيسية التي تحكمنا في التحالف ليس الحرص على مقعد أو خسران مقعد وإنما موقف القوة السياسية الأساسية التي نتحالف معها من المقاومة وسلاح المقاومة لأنّ أخطر ما نواجهه بالمرحلة المقبلة هو هذا. يجب أن نقبل أن تكون كل المسائل الداخلية يجب أن تعالج بالتفاهم والتوافق ولا عيب أن نتحدث عن تسوية داخلية وأن يجلس اللبنانيون ليوجدوا تسويات ويقدموا تنازلات لبعضهم البعض، ولا خوف على مصير لبنان من خلال القضايا الداخلية إذا كنّا جاهزين جميعا لنقدم تنازلات ونجري تسويات داخلية.
الخطر الحقيق هو أن تستهدف المقاومة وماذا يعني ذلك، يعني أن يصبح لبنان مستباحا من قبل شارون، عندما ينزع سلاح المقاومة سوف يتعرض البلد لاعتداء، لن نستطيع أن نشرب من ماء الوزاني وأن نقرر شؤوننا، غدا سيتدخل الإسرائيلي في قانون الإنتخاب وفي لوائح الإنتخاب وسوف يضع فيتو على قائد الجيش ورئيس الجهاز الأمني الفلاني... نحن لا نريد أن نصل إلى اليوم أو نعود إلى اليوم الذي يستباح فيه لبنان من قبل الصهاينة. إذا من خلال التحالفات الإنتخابية التي هي بالعمق تحالفات سياسية يجب أن نوجد تحصينا على هذا الصعيد.
في عيد المقاومة والتحرير أريد أن أكون واضحا وحاسما جدا حتى لا يغش أحد، سأقول لكم ما قلته في الجلسات المغلقة خلال الأشهر الماضية، بالنسبة إلى المقاومة نحن حاضرون لنقاش داخلي لبناني في نقاط القلق مثل سلاح المقاومة، نريد ان نحفظ فعالية المقاومة، ما هي الصيغة وكيف هي، كل ذلك قابل للنقاش، تريدون توسيع إطار المقاومة، نحن جاهزون ، لكن لا أحد يطرح علينا طروحات سخيفة تعطل فاعلية المقاومة، ومن الطروحات جمع السلاح في المخازن وعند تعرض البلد لعدوان نخرجه؟! هذا استهبال للناس واستغباء لهم، أهمية المقاومة ليس في أنها تملك سلاحا في مخازنها، أهمية المقاومة هي أنها الآن جالسة على مدافعها وسلاحها وصواريخها، والسلاح الذي سيتم وضعه في المخازن برعاية دولية ستقوم إسرائيل بقصف بعد أيام قليلة. ومن الطروحات الأخرى أنّ السلاح الفردي نبقيه لكن المدافع البعيدة المدى وصواريخ كاتيوشا "ما في" وهذا اقتراح طرحه أحد السفراء الأجانب وهو اقتراح فضيحة لأنّه يكشف أنهم لا يبغون حل الميليشيات بل يبغون أمان إسرائيل لأنّ السلاح الثقيل يضع إسرائيل في حالة رعب.
البعض الذي يستهين بصواريخنا كما ونوعا، وليس من قبيل المفاخرة، ولكن أكرر لتزدودا إيمانا وعسى أن يؤمن بعضا من المشككين: بالحد الأدنى شمال فلسطين المحتلة بمستوطناتها وحقولها وموانئها ومصانعها ومزارعها هي تحت أقدم وأيدي أبنائكم في المقاومة الإسلامية، هم يريدون أن يأخذوا من لبنان هذه القوة، وقوة هذه الصواريخ ليس في عددها، يقولون أنّ عددها 12 ألف صاروخ، لكن بالإذن من القيادة أكثر من 12 ألف صاروخ. قيمة وقوة هذه الصواريخ عندما تكون في أيدينا وعندما لا يعرف الصهاينة عددها ولا مكان تموضعها، هم يقاتلون قوة مخفية مخبأة قد تفاجأهم في أي يوم من الأيام بهذا العدد الضخم، لكن هذه الصواريخ مخبأة لأهداف دفاعية وقلنا في أكثر من مناسبة لا نريد جر المنطقة إلى حرب وليست سياستنا إحداث حرب إقليمية في المنطقة، نريد أن نحمي بلدنا لا أن ندمره ولأننا نريد حماية بلدنا سنحتفظ بسلاحنا.
في معالجة هذا الملف قلت أننا جاهزون لأي نقاش داخلي ولأي ضمانات ومعالجات تحفظ فعالية المقاومة وقدرتها على الردع والحماية وتفصيله يترك للنقاش. بهذه الإيجابية الواضحة والعاقلة والهادئة أريد أن أقابلها بموقف واضح وحاسم ومعلن : هناك كلام عن مناقشة هذا الموضوع نقبله ولكن هناك كلام عن أخذ ونزع سلاح المقاومة. إنّ أي تفكير بنزع سلاح المقاومة هو جنون ونحن في لبنان أحرص الناس على السلم والإستقرار والوحدة الوطنية ولا نريد الإعتداء على أحد ولم نعتدِ على أحد ولا نسمح لأحد أن يعتدي على لبنان ولكن لو فكر أحد أي أحد أن ينزع سلاح المقاومة سنقاتله قتال الكربلائيين الإستشهاديين. لأننا نعرف أن أي خطوة من هذا النوع وأي عمل من هذا النوع هو عمل إسرائيلي وقرار إسرائيلي ومصلحة إسرائيلية وسنعتبر أي يد تمتد إلى سلاحنا يدا إسرائيلية وسنقطعها.
لكن بمعزل عن هذه الأدبيات أن نأتي في لبنان ونقول هذا شأن لبناني ومسألة لبنانية ونحن جميعا معنيون وتعالوا لنبحث ونناقش فنحن منفتحون على هذا إلى أبعد حدود في دائرة المصلحة اللبنانية. أما في دائرة المصلحة الإسرائيلية فالعالم يعرفنا، نحن قوم لا كلام وحوار بيننا وبين إسرائيل، إسرائيل هي التي بدأت بالقتل والذبح والتدمير والمجازر ومنطق المستضعفين المقهورين المعذبين أنه : " أُذِنَ للذين يُقَاتَلُون بأنهم ظلموا وأنّ الله على نصرهم لقدير"، هذا أمر محسوم.
نحن مدعوون في هذه المرحلة إلى الحضور والمشاركة الفاعلة في الإنتخابات النيابية في كل الدوائر، هناك أصدقاء وشخصيات محترمة عزفت عن الترشح لها ظروفها نحترمها ونتفهمها،هناك جهات لأسباب سياسية وانتخابية دعت إلى المقاطعة نحترمها ونتفهمها، حيث هناك انتخابات وقدرة على المشاركة يجب أن نحضر ونصوت ونشارك لأنّ هذا جزء من التحصين السياسي مع الأخذ بعين الإعتبار أنّ في اللوائح المنافسة، سواء لوائح أو مستقلين، قد يكون هناك مؤيدون وأصداقاء للمقاومة ولظروف لم يكن لهم مكان في اللوائح التي ندعمها، نحن نحفظ صداقة وود ومحبة هؤلاء ونتحمل انتقاد هؤلاء. المطلوب مع اللوائح المنافسة التعاطي بأخلاقية وديموقراطية ومحبة وخصوصا الذين لا نتفق معهم بموقف سياسي.
أدعو إخواني وأخواتي جميعا إلى الإلتزام الكامل باللوائح التي نشارك فيها أو نعلن دعمنا لها، لأننا التزمنا بهذا الحلف السياسي الإنتخابي انطلاقا من مصالح كبرى حددناه وشخصناها وقد يكون لأخ أو أخت هنا أو هناك ملاحظة تفصيلية، لكن المعركة هي سياسية بالدرجة الأولى وانطلاقا من هذه المصالح السياسية الكبرى أؤكد على الإلتزام كاملا باللوائح.
يجب أن نبقى في حالة متابعة ومواكبة في الأشهر القليلة المقبلة لأنّ المرحلة خطيرة وحساسة، اليوم مسجدنا الأقصى مهدد بالدمار ومصحفنا الشريف يدنسه الأمريكيون في غونتنامو، أمريكا هاجمة على المنطقة وتريد أن تفتتها وأن تزرع فيها الحروب الأهلية والطائفية، أمريكا مصممة على مواجهة المقاومة في فلسطين ولبنان، وبالتالي يجب أن نكون جاهزين. هناك أمور قد نطلبها منكم على هذا المستوى، طبعا أن نكون حاضرين في الشارع والساحات ولا أعرف إلى أي مدى تصل الأمور، ولكن أنا أعرفكم جيدا أنتم أناس مجاهدون صابرون مؤمنون صادقون منذ 22 عاما حملتم إيمانكم ودمكم ولم تخلوا هذه الساحات.
ليسمعنا العالم وخصوصا الإسرائيلي ونحن على أقرب نقطة منه، المسجد الأقصى مهدد، عندما يواجه التهديد الجدي هذا المسجد سيستغيث بكل مسلم ومسيحي ووطني وعربي وشريف في هذا العالم، يجب أن نكون جاهزين لنلبي استغاثة المسجد الأقصى على أي مستوى وبأي وسيلة، ونقول له من الآن لبيك يا أقصى.
مصحفنا الشريف يدنس، يوم الجمعة سيكون هناك اعتصامات شعبية في المناطق، الإخوة والأخوات في هذه المناطق مدعوون للمشاركة ورفع الصرخة بوجه الأمريكي الذي يعتدي على حرماتنا ويدنس قرآننا ونقول منذ الآن لبيك يا قرآن.
والمواجهة التي يتوعدنا بها الأمريكيين وليتهم يأتون هم لنزع سلاح المقاومة لا أن يدفعوا بجزء من أهلنا وشعبنا في لبنان ويستخدموهم بهذا الهدف وهذا بغرض الإسرائيلي، فليسمعكم العالم كله : لبيك يا مقاومة.