
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في حفل تأبيني أقيم في قاعدة شاهد لمناسبة ذكرى أسبوع المرحوم حسين برو والد الاستشهادي أسعد برو 16-1-2005
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على استمرار خيار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني حتى تحرير الأرض والرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وقال خلال كلمة ألقاها في حفل تأبيني أقيم في قاعدة شاهد لمناسبة ذكرى أسبوع المرحوم حسين برو والد الاستشهادي أسعد برو:"(...) قبل أيام قليلة من العملية الأخيرة في مزارع شبعا أطلق العدو الصهيوني النار على مدنيين لبنانيين على أرض لبنانية عند الحدود اللبنانية عند الخط الأزرق الذي يعترفون هم به، لم يجتمع مجلس الأمن ولم تقم الدنيا ولم تقعد، لكنما عندما تمارس المقاومة حقها ومسؤوليتها وواجبها في تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ويقتل جنود محتلون على أرض محتلة فهذا مدعاة لأن يجتمع مجلس الأمن لساعات طويلة ويحصل جدال حول إدانة المقاومة وما شاكل. وحتى عندما تعتدي إسرائيل على المراقبين الدوليين، للأسف الشديد تقف فرنسا الدولة التي ينتمي إليها الضحية لتجهّل الفاعل، ولتقول أن الضابط الفرنسي قُتل في تبادل لإطلاق النار عند الحدود، وهي تعلم أن الفاعل هو العدو الصهيوني، ولو كان لا سمح الله أن الضابط الفرنسي قُتل برصاص المقاومة لما قامت فرنسا بتجهيل الفاعل ولحمّلت المقاومة مسؤولية هذه الحادثة.
وأضاف سماحته :" هنا نصل إلى نقط الجدل الساخن في لبنان وفي المنطقة اليوم، وهو ما يرتبط بالقرار الدولي 1559 والذي يمس المقاومة بشكل مباشر. البعض عندنا في لبنان يقول أن المقاومة تضع نفسها مقام الدولة وتقرر بالنيابة عنها، لا أريد أن أناقش هذا الأمر بالنسبة للمقاومة، ولكن أقول لهم أنتم الذين تفعلون ذلك. الدولة من رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي ورئيسه إلى الحكومة ورئيسها يرفضون القرار الدولي 1559وأنتم تؤيدونه، من الذي يصادر الدولة ويقوم مقامها. الحكومة والمجلس النيابي يعني كل الدولة قالت أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أرض لبنانية محتلة. ونحن في حزب الله في المقاومة الإسلامية قلنا عشية الهزيمة الإسرائيلية من جنوب لبنان قبل أيام
من الهزيمة: نحن لن نتدخل في ترسيم الحدود ولن نتدخل في تشخيص أن هذه الأرض لبنانية أو ليست لبنانية، هذه مسؤولية الدولة. عندما تقول الدولة أن هذه الأرض الفلانية هي أرض لبنانية، نحن في المقاومة الإسلامية في لبنان ملتزمون بتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية المحتلة. إذاً المقاومة الإسلامية في لبنان تقاتل على أرضٍ تعتبرها الدولة اللبنانية أرضاً لبنانية محتلة، وبعض الذين في المعارضة لا يعتبرونها أرضاً لبنانية محتلة، إذاً من الذي يقوم مقام الدولة ويقرر عنها، الذي يقبل القرار 1559و يرفض أن تكون قطعة أرض ما لبنانية والدولة تعتبرها لبنانية، أما من يقاتل لتحرير أرض تعتبرها الدولة اللبنانية لبنانيةً؟! نحن منذ البداية، رفضنا أن ندخل في هذا السجال وحسمنا الأمر وقلنا إذا كانت الدولة تعتبر هذه البقعة من الأرض لبنانية، نحن سنقاتل من أجل تحريرها، ونعتبر أنفسنا في المقاومة الإسلامية خارج السجال حول هوية مزارع شبعا المحتلة.
وأكد سماحته: نحن لا نستطيع أن نراهن على القرارات الدولية ولا على مجلس الأمن الدولي. أصلاً، القرار 425 لم ينفذه المجتمع الدولي، نفذته المقاومة في لبنان وهذا ما يعترف به المجتمع الدولي نفسه. ولأن هذه المنطقة هي منطقة ضيقة وصغيرة من الناحية الجغرافية والميدانية، اتبعنا سياسة ازعاج العدو وإقلاقه وتنفيذ عمليات ميدانية بين الحين والآخر في فترات زمنية متفاوتة من أجل تذكير العدو دائماً أنه محتل، ومن أجل أن يدفع العدو ثمناً لهذا الاحتلال، ونراهن أننا بهذا الأسلوب مع الوقت سنتمكن من تحرير بقية الأرض دون أن نحول منطقة مزارع شبعا إلى جبهة يومية مفتوحة نظراً إلى مجموعة من الظروف والمصالح التي نأخذها بعين الاعتبار وكنا دائماً نأخذها بعين الاعتبار. هذه العملية التي حصلت نهار الأحد هي في هذا السياق، وقد قتل فيها ضابط إسرائيلي، هو نائب قائد كتيبة في لواء غولاني وجرح ثلاثة جنود، اثنان منهم في حالة خطرة، ودُمرت آليتهم العسكرية وحتى هذه اللحظة عجز الإسرائيليون عن سحب تلك الآلية العسكرية خوفاً وحذراً. الناس سمعت بالعملية نهار الأحد، فقامت تحليلات من كل حدب وصوب، البعض حاول أن يقول أن هذه العملية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الفلسطينية، وهي ليست كذلك. والبعض الآخر قالوا: هذه تريد أن تصرف النظر عن الأزمة السياسية الداخلية في لبنان وهي ليست كذلك، والبعض قال إن هذه العملية هي رد على ال1559 وهي ليست كذلك. كل السياقات التي وضعت فيها عملية مزارع شبعا هي غير صحيحة وكل التحليلات هي غير صحيحة، الصحيح هو أن تحلل بناءً على المعطيات، ونحن نملك المعطيات، هذه العبوة الكبيرة مزروعة وهذا الكمين منصوب منذ أسابيع. لماذا يوم الأحد، لأن العدو لم يأت قبل نهار الأحد. إذاً الموضوع ميداني بحت، ويأتي في سياق أداء المقاومة الإسلامية لواجبها في اتجاهين: الاتجاه الأول هو العمل على تحرير الأرض في هذه الوسيلة وبهذه السياسة وبهذا الأسلوب، والاتجاه الثاني هو الرد على الخروقات الإسرائيلية والاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين وعلى الحدود وعلى القرى وعلى جوار الحدود. في كل يوم تقريباً هناك قصف إسرائيلي في محيط بلدات شبعا وكفرشوبا وغيرها، واعتداء على أرض لبنانية خارج الخط الأزرق الذي يؤمنون به، ولكن لا أحد يتكلم. أصبح الأمر تقليدياً وعادياً جداً أن يقصف الإسرائيليون حقولنا ومزارعنا ومحيط قرانا ويطلقون النار على الحدود هذا أمر طبيعي، ولكن لو سقطت قنبلة يدوية أو قذيفة هاون على طرف الحدود الآخر ماذا كان يمكن أن يحصل. في كل يوم خروقات إسرائيلية جوية، ولكن عندما ردت المقاومة الإسلامية بخرق جوي قامت الدنيا ولم تقعد. هذا هو السياق الطبيعي: تحرير الأرض والرد على الاعتداءات الإسرائيلية، نحن نريد أن نقول للإسرائيليين في عملية مزارع شبعا الأخيرة، والتي لن تكون الأخيرة، بالتأكيد لن تكون الأخيرة، نقول للإسرائيليين: لا يمكنكم أن تبقوا في أرضنا، ولا في أي شبر من أرضنا المحتلة، وأيضاً لن تبقى خروقاتكم واعتداءاتكم بلا رد. أما متى نقاتل في مزارع شبعا، أو متى نرد على الاعتداءات والخروقات، هذا الأمر تتحكم فيه المقاومة في الميدان، في انتخاب الزمان والمكان والظرف والأوضاع المحيطة والمناسبة، لكن من حيث المبدأ، العمليات ستستمر للتحرير، والمواجهة ستستمر للرد على الخروق والاعتداءات، ونحن لن نسمح أن تكون أرضنا ولا سماءنا ولا أهلنا مستباحين من قبل هذا العدو الصهيوني.
وأضاف :"في هذه المناسبة أريد أن أضم صوتي إلى صوت رئيس الجمهورية والرؤساء والدولة في لبنان التي أعادت القوم بأن القرار 1559 والذي يطالبنا الأميركيون والفرنسيون بتطبيقه ويهددونا بتطبيقه أن هذا القرار يتضمن مطالب إسرائيلية. البعض في لبنان اعترض على هذا وقال كيف أن هذا القرار يتضمن مطالب إسرائيلية، هذا القرار يريد أن يساعدنا على استعادة السيادة والأمن والاستقرار والحرية والديمقراطية في لبنان وهل هذه مطالب إسرائيلية؟ بالتأكيد لا، استعادة الحرية والديمقراطية والأمن بالتأكيد هي ليست مطالب إسرائيلية، ولكن من قال أن الـ 1559 يريد أن يوصلنا إلى هذه النتائج. للأسف الشديد أن التعصب أحياناً، ولا أريد أن أقول جهل، لأن من يقول هذا ليس بجاهل هو من أهل المعرفة والتحليل السياسي، وهؤلاء غالباً من النخب السياسية في البلد، ولكن هذا ينشأ من تعصب لموقف ما، لعداوة لموقع ما، من العلاقة مع موقع ما. يعني هذه هي التحليلات النفسية لهذه القراءة الغير منطقة على الإطلاق. عندما يأتي القرار 1559 ليطلب نزع سلاح المقاومة، وبتعبيره حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، أليس هذا مطلباً إسرائيلياً، والإسرائيليون أنفسهم في كل يوم يطلبون هذا. الـ 1559 يا حضرات بعض المتعصبين في لبنان يريد أن يحقق لإسرائيل بالضغط الدولي والسياسي والنفسي وبالتهويل السياسي والنفسي ما عجزت عن تحقيقه بجيشها وسلاح جوها وقدراتها العسكرية المتفوقة، ولذلك هو مطلب إسرائيلي 100%. اليوم كل هذا الضجيج في العالم لأن في لبنان مقاومة قادرة على الوقوف في وجه إسرائيل، هذه هي القصة. عندما قامت المقاومة بالعملية الأخيرة في مزارع شبعا كان هناك رد إسرائيل، ولكن رد إسرائيلي مضبوط، حاول أن يركز على الوديان والجبال ولكنه لم يتجرأ أن يقترب من المدنيين، لماذا؟ هل سأل بعض اللبنانيين أنفسهم هذا السؤال، لماذا لم يجرأ الصهاينة أن يقتربوا من المدنيين ومن البنية التحتية ومن الأهداف المدنية، هل لأن شارون خائف من جورج بوش أو من شيراك أو من مجلس الأمن الدولي أو من منظمة المؤتمر الإسلامي أو من جامعة الدول العربية أو من الاتحاد الأوربي؟ أبداً، لأن شارون يعرف أن الاعتداء عندما يتجاوز بعض الضوابط وبعض الحدود سيقابل برد من مقاومة تملك القدرة على الرد وشجاعة الرد في آن واحد. هذه المقاومة هي التي يريدون نزع سلاحها فقط من أجل الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني. أريد أن أعلن اليوم، أنه في إطار هذه الأزمة الداخلية والإقليمية والضغوط، تأتينا رسائل مباشرة وغير مباشرة، الكثيرين يقولون لنا: يجب أن تتكيفوا مع المتغيرات وأن تحفظوا رأسكم. كيف نحفظ رأسنا؟ المجتمع الدولي لم يعد يتحمل وجود مقاومة وسلاح مقاومة، المجتمع الدولي يقبلكم حزباً سياسياً في لبنان، فتحولوا إلى حزب سياسي. لنصبح حزباً سياسياً في لبنان، نحن لا نريد قرار من المجتمع الدولي، هذا أمر يقرره أهلنا وشعبنا في لبنان. هم يريدون أن يقولوا لنا أن مشكلتكم الوحيدة هي أنكم مقاومة، أنهوا هذه المشكلة لتحفظوا رؤوسكم، وأنا أجبتهم في السر والآن أجيبهم في العلن: ومن قال أننا نبحث كيف نحفظ رؤوسنا ونقبل أن يطاح برأس بلدنا ووطننا وكرامتنا ومقدساتنا، لو كنا نبحث كيف نحفظ رؤوسنا لما حملنا السلاح منذ العام 1982، ولما كان هناك حاجة ليستشهد السيد عبّاس وأم ياسر وطفلهما، لما كان هناك حاجة لأن يحمل الشيخ أسعد جسده وروحه ويزنرها بالمتفجرات ويقتحم قلاع العدو، لما كنا بحاجة إلى كل هذا الحشد الهائل من الأرامل والأيتام والآباء والأمهات الثكالى، لما كنا بحاجة إلى كل هذه التضحيات. رؤوسنا فداء لبلدنا ولوطننا ولكرامة شعبنا وأمتنا.
وأكد :"لبنان بحاجة إلى المقاومة طالما هناك تهديد إسرائيلي، طالما هناك اعتداء إسرائيلي، طالما هناك أطماع إسرائيلية، وبحاجة إلى الجيش اللبناني وإلى القوات السورية وإلى كل ساعد وقبضة وبندقية لحماية لبنان. لبنان تحميه الدماء والسواعد والأقلام التي تحمي الدماء والسواعد، ويخربه الأصوات والأقلام التي تثبط العزائم وتخدم العدو من حيث تشعر أو من حيث لا تشعر، أنا لا أريد أن أخوّن أحداً ولا أريد أن أصدر أحكاماً على أحد، ولكن أريد أن أقول هذا يخدم العدو.
وتابع " الـ 1559 يطالب بإنهاء الوجود السوري في لبنان، أليس هذا مطلباً إسرائيلياً. إن المشروع الإسرائيلي الثابت يعني الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة للعديد من البلدان وخصوصاً ساحات المقاومة: هي الحرب الأهلية. مصلحة إسرائيل في لبنان أن تعود الحرب الأهلية إليه وأن يتقاتل اللبنانيون من جديد. يعني، لبنان الذي هزم إسرائيل وأذلها وطردها والذي يقف شامخاً بأبنائه تعتبره تهديداً ومانعاً أمام أطماعها، السبيل الوحيد هو أن ينهار لبنان من الداخل ويتقاتل اللبنانيون مع بعضهم البعض، أن ينسحب السلاح من ساحات المقاومة إلى ساحات الحرب الأهلية كما حصل في السبعينات. لبنان الآمن والمستقر والموحد والقوي الذي يحمي المقاومة هو ليس لمصلحة إسرائيل، إسرائيل لا تريد في جوارها بلداً عربياً من هذا النوع، ولذلك إعادة لبنان إلى الفوضى والفتنة والتقاتل هي مطلب إسرائيلي ومصلحة إسرائيلية 100% كما هو الحال في العراق. اليوم في العراق أن يتقاتل العراقيون وأن يسفك بعضهم دم بعض، أن لا يكون هناك مسجد آمن ولا كنيسة آمنة ولا شيخ عشيرة آمن ولا عالم ديني سني أو شيعي أو مسيحي آمن ولا انسان ينتمي إلى عرقية آمن هو مطلب إسرائيلي. المشروع ألإسرائيلي في العراق ليس تقسيم العراق إلى دول وإنما هو تدمير العراق. ولذلك كنا نقول ولا زلنا نقول: فتشوا عن أيدي الموساد في عمليات الاغتيال والقتل التي تطال علماء شيعة وعلماء سنة ومقدسات إسلامية ومقدسات مسيحية ومنتمين إلى العرب أو إلى الكرد أو إلى التركمان. وعندما نأتي إلى لبنان هذا هو مشروعها الفوضى والخراب في لبنان، وهي تحاول (أي إسرائيل) أن تهز الوضع الداخلي ولكنها عجزت حتى الآن. نعم، تمكنت من تنفيذ عملية هنا وعملية هناك. ولكن الكل يعرف أن الكثير من الشبكات الأمنية المتعاملة مع إسرائيل تم اعتقالها أو تم تفكيكها وأن التعامل مع إسرائيل في لبنان جريمة ليس فقط يعاقب عليها القانون وإنما ينبذها المجتمع اللبناني.
الإسرائيليون يراهنون على إنهاء الوجود السوري في لبنان، وأنا لا أقول أن إنهاء الوجود السوري في لبنان يعني نتيجة حتمية أن لبنان ذاهب إلى الفوضى، الذي يأخذ لبنان إلى الفوضى هم بعض اللبنانيين، بعض اللبنانيين صغيري العقول وضيقوا الصدور الذي يضحون بالوطن من أجل مصالح شخصية أو فئوية أو طائفية أو آنية وهؤلاء موجودون في لبنان. في كل يوم يثبت أن بعض اللبنانيين ليس حاضراً لمناقشة ومعالجة الخلاف إلا إذا كان ينسجم مع رأيه، أن بعض اللبنانيين يريد الاستبداد في لبنان وهو لا يمثل أحياناً إلا نفسه. هل هذا يدعوا للإطمئنان؟ أضف، لو أخذنا بعين الاعتبار بعض الموجات والمتغيرات في المنطقة، اليوم هناك متغيرات خطيرة وكبيرة في المنطقة قد تنجر إلى ساحتنا اللبنانية. البعض قد يقول :"يا سيد ما تقل الطحشة علينا". المرحلة تحتاج إلى كلام مسؤول، في المرحلة التاريخية لا يجوز أن نقف لنقول لأنفسنا وأن نقول للناس فقط ما يريحهم، يجب أن نلفتهم أيضاً إلى الحقائق التي تقلقهم حتى لا يرتكبوا الأخطاء. اليوم، الجيش اللبناني مؤسسة مهمة وتساهم في تحقيق الأمن والاستقرار، الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية أيضاً مهمة وتساهم في تحقيق الأمن والاستقرار، مستوى التفاهم السياسي إلى حد ما القائم في البلد يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار، لكن ما زال حتى الآن العامل الأهم هو الحاضنة السورية والهيبة السورية والنفوذ المعنوي والسياسي السوري. ليس صحيحاً أن أجهزة الأمن السورية هي التي تحفظ الأمن في لبنان، الصحيح أن "المونة" على الناس والطوائف والأحزاب والأفرقاء هي العامل الأول الذي ما زال يساهم في حفظ الأمن والاستقرار في لبنان.
عندما نأتي إلى ضمانة أمنية أساسية ونقول لها ارتاحي نريد أن نشطبك ويأتي الأميركيون والفرنسيون ليقولوا أن القرار 1559 يتجاوز كل ما سبقه، يعني إلى أين تريدون أن تأخذوا البلد لمصلحة من؟ أنا قلت لبعض السادة الذين حاورتهم: لا يجوز إذا كنت أشكو من ألم ما أن أنتحر، ليس بهذه الطريقة يتصرف الانسان العاقل، الإنسان العاقل يحافظ على بقية صحته وجسده ويأتي إلى الطبيب ليعالج مرضه. نحن اليوم في لبنان لدينا مظاهر صحة وعافية، لدينا أمن واستقرار ونظام عام ودولة ومؤسسات دولة وفرصة إجراء انتخابات بلدية ونيابية. أنتم تقولون أنه هناك خلل ما في العلاقات اللبنانية – اللبنانية، تعالوا لنعالج هذا الخلل بالحوار وبآليات سلمية معينة، تقولون أن هناك خلل في العلاقات اللبنانية – السورية، تعالوا لنعالج هذه الخلل أيضاً بالحوار وبآليات سلمية، وأن أشهد أقول لكم أن سوريا لن تغلق الباب أمام أحد. إن البعض هو الذي يغلق الباب أمام نفسه ويرفض الحوار، ولا أعرف ما هي حساباته وعلى ماذا يراهن. نحن نقول في ما نعاني اليوم: هناك إيجابيات كبيرة في الوضع اللبناني تعالوا لنحافظ عليها، وهناك أخطاء وسلبيات تعالوا لنعالجها، ولكن لا يجوز أن نخرب بلدنا ونضيعه ونضعه على خط التيه والحيرة والانقسام من أجل معالجة جوانب في الخلل، وبعض جوانب الخلل قد يتحمل المسؤولية فيها من اليوم يطالب بمعالجة هذا الخلل. العقل المنطق الحرص المسؤولية يقول هذا، وهذا ما ندعوا إليه. اليوم، عندما نقف إلى جانب الدولة ونقول القرار 1559 مرفوض ومدان وهو تدخل في الشأن الداخلي اللبناني من قبل مجلس الأمن الدولي إنما نقول هذا من موقع الحرص على بلدنا وليس من موقع الحفاظ على رؤوسنا أو حماية أنفسنا. نحن شاكرون لكل الذين يقفون إلى جانب المقاومة، لحماية المقاومة ومساندة المقاومة. ولكن أيضاً أقول لهم : إن في وقوفكم إلى جانب المقاومة، أنتم تساعدون المقاومة من حماية الوطن والشعب والسيادة والأرض والعرض والدم ولبنان وحمايتكم جميعاً من العدوان الإسرائيلي والأطماع الإسرائيلية والتهديد الإسرائيلي.