
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في ساحة رياض الصلح في بيروت 8-3-2005
نص كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ساحة رياض الصلح
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته
أيها الأخوة والأخوات أتوجه أولاً إليكم، أنتم الذين أتيتم منذ ساعات طويلة ومن المناطق البعيدة وتحملتم كل المشاق، أتوجه بالشكر الجزيل إليكم لأنكم لبيتم دعوة إخوانكم، الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب والقوى اللبنانية، من أجل أن تعبروا عن موقفكم وعن آرائكم وعن موقعكم في هذا البلد وفي هذه الأمة، ونحن في الأحزاب والقوى اللبنانية عندما وجهنا إليكم الدعوة لم يكن لدينا أي تردد أو شك بأنكم ستلبون النداء، لأنكم كنتم دائماً وطوال السنوات الماضية، كنتم في ساحات التضحية والفداء، بينكم عوائل الشهداء ، بينكم الجرحى، بينكم الأسرى المحررون، بينكم عائلات الأسرى المعتقلين، بينكم عوائل شهداء المقاومة وعوائل شهداء الجيش، بينكم ومعكم كان الحضور الدائم في ساحات الدفاع عن وحدة لبنان وكرامة لبنان وعروبة لبنان وعزة لبنان وأرض لبنان وحرية لبنان واستقلال لبنان وسيادة لبنان.
أنتم الذين لبيتم النداء من كل المناطق اللبنانية ومن كل الطوائف اللبنانية ومن كل الفئات اللبنانية، اليوم تقررون مصير وطنكم وبلدكم، أنتم في هذا الاجتماع الحاشد أصبحتم اليوم فوق كل تشكيك، لم يجد نفعاً كل ما سيقال عن ثغرات هنا أو هناك في هذا الحشد وفي هذا الجمع، أنتم اليوم تجيبون العالم ويراكم العالم وأنا منكم أبدأ وأسأل شركائنا في الوطن أو الذين ينظرونا إلينا من الخارج، هل كل هذه المئات من الآلاف هي دمى!؟ هل كل هذا الحشد هم عملاء للمخابرات السورية واللبنانية!؟ من المعيب أن يتحدث أحد عن شعبه وعن شركائه بالوطن بلغة الاتهام والتقسيم والإهانة. أنا أدعو الجميع إلى تجاوز كل لغة وكل اصطلاح وكل تعبير فيه إهانة لأي انسان في هذا البلد. نحن في بلد حر وديموقراطي ويستطيع كل واحد منا أن يعبّر عن رأيه، ولكن في حدود الأدب، في حدود الأخلاق. ما قيل في الساحات من كلمات بذيئة، أنا أقول للعالم الذي سمع تلك الكلمات على شاشات التلفزة وأقول لسوريا قيادة وشعباً: نحن الشعب اللبناني أهل الأخلاق أهل الوفاء أهل الأدب نعتذر عن كل كلمة بذيئة.
أيها الإخوة والأخوات، اجتمعنا اليوم للأهداف التي أعلناها في المؤتمر الصحفي، وفي مقدمها توجيه الشكر لسوريا الأسد، لسوريا حافظ الأسد، لسوريا بشار الأسد، لسوريا الشعب الأبي الصامد، لسوريا الجيش العربي المقاوم الذي كان معنا وما زال في كل سنوات الدفاع والمقاومة.
نحتشد اليوم لنذكّر العالم ولنذكّر أيضاً شركائنا في الوطن أن هذه الساحة التي تجمعنا أو تلك الساحة التي تجمعكم في ساحة الشهداء، دمرتها إسرائيل ودمرتها الحروب الداخلية، ووحدتها وحفظتها وأمنتها سوريا بدماء ضباطها وجنودها. بيروت دمرّها شارون وحماها حافظ الأسد، ونحن شعب لا ينكر الجميل. إذا كان البعض منا أنكر جميلاً فهو خلاف أخلاق اللبنانيين. لسوريا نقول كما قال رئيسك بشار الأسد: أنت في لبنان لست موجودة وجوداً مادياً عسكرياً، أنت موجودة في الأرواح في القلوب في العقول، في الماضي، في الحاضر وفي المستقبل، ولا يستطيع أحد أن يخرج سوريا من لبنان ولا من عقل لبنان ولا من قلب لبنان ولا من مستقبل لبنان.
ثانياً: نحن هنا نؤيد كل النتائج الصادرة عن المجلس الأعلى السوري اللبناني الذي اجتمع بالأمس ونؤكد أن أي تنظيم للبقاء أو الانسحاب السوري من لبنان، يجب أن يكون محكوماً فقط وفقط لاتفاق الطائف. نحن المجتمعون هنا أتينا لنسمع العالم أننا نرفض القرار 1559 من يقبل من المعارضة أن تنظيم الوجود والانسحاب يكون فقط على أساسية اتفاق الطائف فنحن متفقون، أما من يصر على الـ 1559 نحن نقول له إننا نشتم في إصراركم انقلاباً على اتفاق الطائف في كل بنود اتفاق الطائف، يعني انقلاباً على الاجماع الوطني، يعني انقلاباً على دماء ووصايا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يعني انقلاب على الأسس التي قام عليها لبنان بعد الحرب الأهلية المدمرة. نؤكد أن اتفاق الطائف فقط هو الذي يجب أن يحكم مسألة الوجود العسكري السوري وإرادة الحكومتين اللبنانية والسورية ومصالح البلدين فقط، وليست الضغوط الدولية ولا الإملاءات الدولية ولا تقديم مكافآت لإسرائيل.
ثالثا :نحن المحتشدون هنا نجدد إدانتنا للجريمة النكراء التي أدت الى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومعه رفاق ومواطنون ، ونعبر عن مواساتنا لعائلته ولأهله ونقول كلنا يريد كشف الحقيقة، لان الحقيقة اذا كشفت ستصون لبنان وتصون سوريا، لان الحقيقة اذا كشفت سوف يسقط اكبر سلاح للفتنة وسوف تبعث الطمأنينة في قلوب الجميع، إننا اليوم بهذه الساحة ندعو الى إخراج قضية استشهاد واغتيال الرئيس الحريري من ساحة التجاذب السياسي والتوظيف السياسي، لأنها قضية وطنية جامعة. ونحن جميعا نعتبر ان عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وان أحبائه لم يعودوا عائلة او مجموعة او فئة او تيار ، وإنما دخلوا الى قلوب كل اللبنانيين بعطاء الدم، ونحن نعرف ما قيمة عطاء الدم.فلنخرج هذه العائلة وهذا الدم وهذه القضية من ساحة التجاذب،كلنا يريد الحقيقة ولا نقاش في هذا الأمر على الإطلاق .
رابعا : فيما نواجهه من مأزق سياسي ومحنة سياسية داخلية، المخرج الوحيد الموضوعي والعاقل هو ما يلي :
1- ينبغي ان تتم الاستشارات النيابية غدا وبكل مسؤولية ويتم تسمية وبالتالي تكليف إحدى الشخصيات الرئيسية في تشكيل حكومة جديدة. الرئيس المكلف ندعوه باسم الأحزاب والقوى اللبنانية لتشكيل حكومة اتحاد وطني وحكومة وفاق وطني اذا كانت المعارضة ترفض ذالك فانا أقول بصراحة لا معنى لحكومة حيادية، البلد في محنة وفي أزمة وبحاجة الى حكومة مسؤولة تدير البلد، تواجه استحقاقاته السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية وتدير الانتخابات المقبلة ولا نستطيع ان نكون في حالة فراغ، البلد بحاجة الى حكومة مسؤولة تلاحق بجد وعزم وصدق قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري اذا لم توافق المعارضة على الدخول في حكومة وفاق وطني اذا فلنذهب الى مكان أخر الى طاولة الحوار. الى متى سوف نبقى في البريستول وفي عين التينة وفي القوة الثالثة وبالأحزاب، الى متى نتحدث عن الحوار متى يكون هذا الحوار؟ لماذا لا يلتقي العالم في لبنان وممثلو هذه القوى على طاولة مستديرة؟ متى يجلسون متى يتكلمون بعد خطاب الرئيس الأسد؟ وبعد هذا الحشد الكبير ادعوا الجميع الى التعقل والى إعادة النظر في التكتيك والاستراتيجية والى طاولة الحوار ان دخلتم الى حكومة وحدة وطنية تناقشوا هناك وان لم تدخلوا تعالوا الى طاولة نجتمع فيها لنعالج مشاكلنا وقضايانا ومصائبنا .
من أهم ما يجب ان نطرحه في هذه المرحلة على ضوء نتائج اجتماعات المجلس الأعلى السوري اللبناني هو الجدية في تطبيق بقية اتفاق الطائف ولا يجوز اجتزاء أي بند ولا تأجيل أي بند يجب ان تتشكل لجان لمناقشة كل بند ووضع آلية لتطبيقه .
اذا تناقشنا وتحاورنا أؤكد لكم ان سوريا ستدعم كل ما نتفق عليه وسوف تؤيد كل ما نجمع عليه وهي التي كانت وما زالت لا تريد الا الخير للبنان .
أقول لكم نحن هنا لنرفض القرار 1559 لنحمي المقاومة وخيار المقاومة ووظيفة المقاومة وسلاح المقاومة لنرفض التوطين ليس من موقع عنصري وإخواننا الفلسطينيون المقيمون او اللاجئون الى لبنان هم أهلنا وأحبائنا وحبات القلوب بالنسبة إلينا وعيوننا ولكن نحن نرفض التوطين من اجل البديل الأخر وهو ان يعود الفلسطينيون الى ديارهم وبيوتهم وحقولهم التوطين خدمة لإسرائيل، التوطين مكافئة لإسرائيل، نحن هنا نحتشد لنحمي مشروع الدولة والسلم الأهلي ولنمنع أي شكل من أشكال الفوضى .
وقال : لقد راهن البعض على بعض الفوضى والتصرفات الشاذة وانا أجدد الدعوة، الأمن في لبنان والسلم في لبنان والاستقرار في لبنان هو مسؤوليتنا جميعا ومصلحتنا جميعا وخط احمر لا يجوز ان يتجاوزه احد. لا بد ان أوجه كلمات سريعة لشركائنا في الوطن تعالوا الى الحوار وكلمة للداخل والخارج لبنان حالة فريدة فهوليس الصومال. لبنان اذا تفكرون في التدخل العسكري ولبنان ليس اوكرانيا وليس جورجيا، لبنان هو لبنان الحالة الفريدة في هذا العالم اذا كان البعض يتصور انه يمكن ان يسقط الدولة والنظام والأمن والاستقرار والخيارات الاستراتيجية للبنان في علاقاته ومواقفه في بعض التظاهرات وبعض الشالات والهتافات وبعض وسائل الإعلام هو مشتبه ومخطئ .لبنان البلد الذي لا يمكن ان يبنى الا بتعاون أهله وتوافقهم وحوارهم وتلاقيهم ولا يمكن ان يفرض احد خياره على احد لا بالكلمة ولا حتى بالسلاح هذا البلد اذا فقد اللقاء والحوار والتوافق ضاع وإذا ضاع ضاع الجميع .
كلمة لفرنسا، أتوجه للسيد الرئيس جاك شيراك وأقول له: أنت تحب لبنان وتدافع عن لبنان وخلال السنوات الماضية قمت بزيارة لبنان لمرات عديدة، ونحن نعرف اهتمامك الشخصي بلبنان، إذا كنت يا سيادة الرئيس حريصاً على حرية اللبنانيين وعلى الديموقراطية في لبنان، فعليك أيضاً أن تنظر بعينين: أليس هؤلاء من الشعب اللبناني الذي تحبه؟ هؤلاء اللبنانيون يقولون لك: نحن نريد أن نحافظ على علاقاتنا التاريخية والمميزة مع سوريا، يقولون لك: نحن متمسكون بخيار المقاومة، نحن متمسكون بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، نحن نرفض الـ 1559، ويدعونك من الموقع الديموقراطي وبهذا التعبير الشعبي والسلمي، لأن تتخلى عن دعمك لقرار لا يحظى بشعبية في لبنان ولا يؤيده أغلبية اللبنانيين، أليست هذه هي الديموقراطية في الغرب؟ إذا كانت الديموقراطية تعني الأغلبية فإن الأغلبية ترفض الـ 1559، وإذا كانت الديموقراطية اللبنانية تعني التوافق فأين هو التوافق على القرار 1559؟ أدعو فرنسا والرئيس جاك شيراك إلى إعادة النظر في موقفه من موقع الحب للبنان.
والكلمة التالية لأمريكا، أقول للرئيس بوش وللسيدة كونداليزا رايس وللقائد الميداني الأميركي اللبناني ساترفيلد: أنتم مشتبهون في حساباتكم عن لبنان، انتم مخطئون في حساباتكم عن لبنان، لبنان عصي على التقسيم، لبنان عصي على الفتنة، لبنان عصي على الهزيمة، وأقول لكم هذا اللبنان عصي على الموت، لبنان لن يغيّر اسمه ولا تاريخه ولا هويته ولا ثوبه ولن ينزع جلده ولن يرمي بقلبه إلى كلاب جنودكم لتأكلوها. لبنان سوف يبقى لبنان الوطن ولبنان العروبة ولبنان المقاومة، لبنان كل الأمة.
أنا أسألكم ويمكنكم أن تسمعوا أصواتكم لقائد القوات الأميركية في المنطقة اللبناني الأصل جون أبي زيد، أنتم اللبنانيون هل تخافون من أساطيل الولايات المتحدة الأميركية؟ لقد جاءت هذه الأساطيل في الماضي وهزمت وإذا جاءت ستهزم من جديد. أقول للأميركيين: لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية، دعونا، فليرتح سفيركم في سفارته في عوكر وليتركنا كلبنانيين، نحن كلبنانيين أحرص على وطننا وعلى حفظ وطننا، وعلى قيامة دولتنا، على وحدتنا الوطنية وعلى عيشنا المشترك وعلى سلمنا الأهلي، أبعدوا أصابعكم أصابع الفتنة عن بلدنا.
وكلمة لإسرائيل لشارون وموفاز وشالوم: اقطعوا آمالكم وأطفئوا أحلامكم عن لبنان، لا مكان لكم في لبنان، في 82 كنتم في أعلى القمة وكنا خارجين من الدمار وقاتلنا وقاومنا، كل اللبنانيين، وصمدنا وقدمنا الشهداء وهزمناكم، أما اليوم، نحن كلبنانيين بوحدتنا، بإرادتنا، بجيشنا، بمقاومتنا أقوى من أي زمن مضى، وأنتم الإسرائيليون، يهزمكم إخواننا وأخواتنا الفلسطينيون بقبضاتهم العارية. إن ما عجزتم، يا صهاينة إسرائيل، أن تحصلوا عليه بالحرب والله لن تحصلوا عليه بالسياسة.
الكلمة الأخيرة لكم ومعكم أنتم وكل الذين يؤيدونكم في لبنان وفي العالم: نحن هنا اجتمعنا من كل المناطق والفئات والطوائف والأحزاب، لنؤكد موقفنا ورؤيتنا وموقعنا، وآمل أن ترددوا معي كما أنهي كل خطاب في مسيرة حاشدة من هذا النوع، نحن الذين نرفض التقسيم ونرفض موت لبنان، نريد أن يبقى لبنان قوياً واحداً متماسكاً ولنهتف جميعاً:عاش لبنان الواحد.
سوريا التي جمعنا بها مشيئة الله وحقائق الكون والتاريخ والجغرافيا والقربى والمصير الواحد، في هذا اليوم نجدد لها شكرنا، ونجدد تمسكنا بها ونطلب لها العيش الكريم والعزة والرأس المرفوع، أن تبقى سوريا عرين الأسود كما كانت عرين الأسود. لسوريا نقول: عاشت سوريا الأسد، وسيبقى عرين الأسد في دمشق عريناً لكل أسود لبنان.
وأما للعدو المتربص على حدودنا والذي يحتل أرضنا ويسجن إخواننا من سمير القنطار إلى يحيى سكاف إلى نسيم نسر الى المعتقلين السوريين والأردنيين والفلسطينيين، لهذا العدو نقول له مجدداً ودائماً وأبداً: لا مكان لك عندنا ولا حياة لك بينا، الموت لإسرائيل.
أيها الأخوة والأخوات ننتهي هنا، لن نقيم تجمعاً ثابتاً نشغل به العالم في كل يوم ونأتي إليه بمجموعة ثابتة من الأشخاص أو شبه متحركة، نحن تحركنا لا ينتهي هنا بل يبدأ من هنا، في كل يومين أو ثلاثة أيام، سيكون تحشد وتجمع جماهيري شعبي في واحدة من المدن اللبنانية، الموعد المقبل، وطبعاً أنا لا أقول أن يأتي أهل الجنوب إلى الشمال، التحركات التي سأتحدث عنها هي مناطقية لأهل المنطقة فقط، حتى لا نزاحم بقية المناطق ونعطّل أشغال اللبنانيين، يوم الجمعة المقبل، الموعد في مدينة العطاء طرابلس، ويوم الأحد المقبل الموعد في مدينة الشهداء النبطية، والمواعيد المقبلة سوف يتم الإعلان عنها من خلال اللجنة المكلفة من قبل اجتماع الأحزاب والقوى اللبنانية.
مجدداً شكراً لكم أيها ألأوفياء، أيها المضحون، أيها الطيبون، عشتم عاش لبنان وعاشت المقاومة وعاشت سوريا.