
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في مهرجان البيعة والوفاء للمقاومة في مدينة بعلبك ـ مرجة رأس العين بحضور لائحة إنماء بعلبك الهرمل 10-6-2005
كلمة السيد حسن نصر الله في مهرجان البيعة والوفاء للمقاومة في مدينة بعلبك ـ مرجة رأس العين بحضور لائحة إنماء بعلبك الهرمل
(...) عندما نقف في هذا المكان لا يمكن إلاّ أن نتذكر إمامنا القائد صاحب الطّلّة البهية والقامة الطويلة الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير، لا يمكن إلاّ أن نتذكر كلامه ومواقفه وصراخاته المدوية والملهبة للحماس والباعثة للوعي في العقول التي تشحذ الإرادة والهمة. عندما نقف هنا لا يمكن إلاّ أن نتذكر أخا كبيرا وحبيبا وقائدا وأستاذا هو سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، نتذكره في هذه المرجة قائدا للجهاد وإماما للصلاة يوم الجمعة ومعلما للأخلاق ومربيا على الإيمان وعازما ودالا وهاديا على طريق العزة والنصر المجبول بالشهادة، هذا لا يمكن أن ننساه في المكان. وفي الزمان يحضرنا ذكرى رحيل ملهمنا وإمامنا وباعث الصحوة في كل العالم الذي هز به الله أركان طواغيت الأرض الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني قدس الله سره الشريف، في ذكرى رحيله نتذكر الإمام الذي علمنا طريق المقاومة طريق العزة والتضحيات والصبر. في الزمان أيضا تحضرنا ذكرى الإنتصار في عام 2000 هذا الإنتصار الذي كان حصيلة كل تلك التضحيات وفي مقدمها تضحيات هؤلاء القادة الذين ذكرتهم وتضحيات كل أؤلئك الشهداء الذين واصلوا الدرب ومضوا في الطريق حتى كان هذا الإنتصار.
قرأت في بعض الصحف من يأخذ علينا الإحتفال بانتصارنا بعد خمس سنوات، هذا أمر غريب، في العالم يحتفلون بانتصاراتهم بعد عشرات السنين، حتى الأمس القريب يحتشد زعماء العالم لاحتفالهم بانتصارهم في الحرب العالمية الثانية التي هدمت الأرض وقتلت الملايين ودمرت المدن، أليس من أبسط حقوقنا أن نحتفل في لبنان بأول انتصار تاريخي عربي كامل على هذا العدو الذي كانت له كل هذه التداعيات؟ عندما نحتفل بالنصر لا نمن على أحد كما قيل بأننا جاهدنا وانتصرنا ولم نفعل ذلك في يوم من الأيام، قلنا في بنت جبيل منذ اليوم الأول إنّ جهاد شهدائنا ومجاهدينا ليس مِنة وإنما هو واجب إلهي ووطني وشرعي قدمناه ولو لم نؤدِ هذا الواجب لحاسبنا الله يوم القيامة (...).في كلمتي سأبدأ من المقاومة لأنتهي بالإنتخابات والتي هي اليوم ببركة الحشود الكبيرة والمباركة اليوم وهؤلاء الرجال والنساء الأوفياء والصادقين الإنتخابات في بعلبك الهرمل حصلت اليوم قبل أن تحصل يوم الأحد.
في مثل هذه الأيام في حزيران كانت قوات الإحتلال تجتاح لبنان وتتقدم على كل المحاور بدباباتها وطائراتها وسفنها، قاتل اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون وتكسرت صفوف الدفاع، ووقف الصهاينة على بوابة بيروت عند خلدة حيث كان الصمود، ووقفوا عند بوابات بيروت لمدة زمنية مهمة واستمر الإجتياح، كان المشروع الصهيوني يقضي بالسيطرة على لبنان سيطرة كاملة وباحتلاله كاملا وحتى بقية البقاع كان مهددا بالسيطرة والإحتلال، يجب أن نتذكر أن صمود بيروت وصمودا آخراً يغفله التاريخ ويجب أن نذكره في مثل هذه الأيام، صمود نوعي كبير حصل في منطقة السلطان يعقوب في البقاع للقوات العربية السورية ولفصائل المقاومة الفلسطينية والوطنية، حصلت مواجهة السلطان يعقوب ودمرت فيها آليات ودبابات العدو الإسرائيلي وهرب الإسرائيليون وتركوا أجساد قتلاهم في الأرض وتركوا دباباتهم "شغّالة وما لحقو يطفوها".
وتوقف الهجوم عند السلطان يعقوب، في كل الأحوال دخل الصهاينة إلى لبنان وفي ظنهم أنهم باقون فيه وأنهم قادرون على تنفيذ كل مخططاتهم، وظن كثيرون أنّ لبنان قد دخل في العصر الصهيوني ويستحيل على لبنان الصغير الطائفي الممزق المتحارب أهليا الذي كان شعاره أن قوته في ضعفه يستحيل على لبنان هذا أن يخرج من العصر الإسرائيلي أي عصر حاكمية الحديدة والنار والمجازر والقتل ومعتقلات أنصار والخيام والسجون في فلسطين المحتلة. لكن قامت المقاومة بفصائلها المتنوعة وانطلقت، وقاتلت لم يستطيع الصهاينة من خلال انتشارهم الواسع في لبنان أن يصمدوا ثلاث سنوات واضطروا إلى الهزيمة فكان الإنتصار الأول بالإنسحاب من بيروت والجبل ووالجزء الأكبر من البقاع الغربي وراشيا ولاحقا من صيدا وصور والنبطية واختبأوا في التلال العالية في ما عرف بالشريط الحدودي المحتل وظنوا أنها والحصون القوية ستمنع رجال المقاومة المصممين على استكمال تحرير كل شبر من الأرض المحتلة أنها ستمنعهم من الوصول إلى القمم العالية.
واستمرت المقاومة بعدها بالرغم من كل الظروف والتضحيات والآلام وانتصرت في نهاية المطاف بعد تضحيات كبيرة وجسمية من خيرة قادتها وعلمائها ومجاهديها ورجالها ونسائها والأطفال، وصمد أهلها الوفي معها. استمرت المقاومة منذ عام 1982 تقاتل إلى عام 2000 بالرغم من كل أجواء التشكيك والنقاش الداخلي، من العام 1982 إلى 1997 كان نقاش عن نفع المقاومة وعبثيتها وجدواها وتدمير همم وتشكيك للبنانيين بقوتهم وإرادة اللبنانيين على صنع انتصارهم، المقاومة تجاوزت كل التشكيكات وأكملت طريقها وكان الإنتصار الذي فاجأ العدو والمشككين وكل المراقبين في العالم.
منذ عام 2000 يتربص الإسرائيلي بهذه المقاومة وينظر إلى لبنان كحاجز قوي أمام أطماعه التي لم يتخلَ عنها حتى اللحظة وسيبقى الصهاينة يطمعون بجبالنا وودياننا ومياهنا وبخيراتنا. وجدوا المقاومة وتعاملها مع الجيش والتفاف الدولة والشعب حولها يمثل حاجزا قويا أمام أطماعها، ويأتي اليوم الأمريكيون ليطرحوا مغالطة قالوها تعقيبا على انتخابات الجنوب، أنّ وجود حزب الله يجعل لبنان أقل أمانا. على من يضحك الأمريكيون على اللبنانيين الذين عايشوا كل المراحل السابقة وفي الوقت الذي أثبتت تجربة السنوات الماضية أن وجود المقاومة في لبنان جعل لبنان أكثر أمانا، وأن أي بلد دخلته القوات الأمريكية ضيعته وخربته. هذه هي الحقيقة.
يحاول الأمريكيون أن يقولوا ومن خلفهم الصهاينة أن سلاح المقاومة في لبنان تهديد وهذا كذب وخداع، الحقيقة أن إسرائيل هي التهديد والعدوان الإسرائيلي هو التهديد وسلاح المقاومة هو الضمانة لتعطيل وإيقاف التهديد. لماذا الإصرار الأمريكي والإسرائيلي على موضوع نزع سلاح المقاومة، المسألة ليست مسألة سلاح بل مسألة المقاومة بفكرها وثقافتها ومشروعها وإرادتها وثقتها بربها وشعبها ومجاهديها وبأفقها الواسع وحضورها الشعبي، وإلاّ السلاح يمكن أن يذهب وأن يعود.
الإسرائيليون يقولون أنّنا نحن العرب لا نقرأ وهذا صحيح بنسبة كبيرة، كثير من الحروب السابقة العربية الإسرائيلية كتبت سيناريوهاتها من قبل الإسرائيليين في الكتب والصحافة الإسرائيلية والعرب لم يقرؤها. أهم ميزة للمقاومة الإسلامية في لبنان أنها تقرأ ما يقوله الإسرائيليون وما يفكرون به وهم يقولون كل شيء، لذلك ندعي أننا الأكثر خبرة بالمجتمع الإسرائيلي أي بهذا العدو بين اللبنانيين في الحد الأدنى. نحن بتنا نعرف ماذا يؤلم الصهاينة، ما يزعجهم وما يفرحهم، ما يقويهم وما يضعفهم، ولذلك خضنا مقاومتنا خلال الفترة الماضية من خلال رؤية واضحة اخترنا فيها أساليب العمل والمكان والزمان المناسب والخطاب والرسالة المناسبة، لم تكن مقاومتنا مقاومة عشوائية وانفعالية وحماسية وعاطفة وإنما كانت مقاومة مدروسة ومحسوبة تفاصيلها وسياستها العامة وتطوير أساليبها، وكانت النتيجة هي هزيمة العدو.
سأنقل لكم كلاما عن إسحاق رابين لأنّ كثيرا من الناس لا يتابعون ولا يقرأون ما يقوله قادة العدو، وهنا لا أتحدث عن رئيس وزراء أو قائد سياسي فقط وإنما عن أهم جنرال عسكري في إسرائيل في الزمن الحاضر، وكلكم يعرف المراتب والدرجات لهذا الجنرال وهو الذي اعترف ـ وهذا على خلاف علو وعتو الصهاينة والله تعالى جعله يعترف ـ بعد عدوان تموز 1993 وصمود المقاومة وأهلنا في البقاع الغربي وراشيا وسقوط تضحيات وشهداء وهدم منازل، قال الكثيرون أن المقاومة لن تستطيع أن تتواصل وستتوقف والناس لن توافق على مواصلة المقاومة والمقاومة نفسها ستضعف وتهن. بعد أيام قليلة على حرب تموز والتي سميت بحرب تصفية الحساب كانت عملية للمقاومة الإسلامية في شيحين قتل فيها 11 ضابطا وجنديا إسرائيليا وعقد رابين في ذلك اليوم مؤتمرا صحافيا واعترف بصراحة وقال كلمته المعروفة: لقد هزمنا حزب الله.
أيضا رابين يقول ـ وهذا موثق ومكتوب ـ : إن الجغرافيا اللبنانية وخصوصا في جنوب لبنان ـ أي جباله ووديانه وطرقاته وضيعه ـ هي عقبة حقيقة أمام عمل أي جيش عسكري ولو كان قويا ولكن بشرط أن يتوفر في هذه الجغرافيا رجال مصممون على القتال. يقول رابين : إنني أنصح الحكومة الإسرائيلية بألاّ تفكر بالعودة أو بالبقاء في لبنان لأنّ هذه المنطقة بجغرافيتها إذا توفر فيها رجال مصممون على القتال هم بلا شك قادرون على إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي. بل يقول إسحاق رابين ما هو أخطر من ذلك : أخشى إن دفعنا بجيشنا مجددا إلى جنوب لبنان أن لا تبقى هزيمتنا في حدود لبنان بل أن ينهار جيشنا بكامله وتنهار معه دولة إسرائيل. رابين ليس خبيرا استراتيجيا فقط بل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ووزير دفاع إسرائيل ورئيس وزراء إسرائيل ورئيس أهم حزب في إسرائيل، مقاتل يعرف الميدان والجغرافيا ويعرف الناس ويعرف جيشه. أعلمتم لماذا بقية بنود 1559 .
استشهدت بكلام إسحاق رابين لأقول للبنانيين والعالم، اليوم الذي جعل الصهاينة يائسين وقلقين ولا يجرؤون على الإندفاع إلى جنوب لبنان هي الحقيقة التي قالها رابين. بالأمس الجنوب وجه رسالته وغدا البقاع سيقول رسالته ويقول كلمته على هذا الصعيد. قال الجنوب إن جباله وتلاله ووديانه ومدنه وقراه وبلداته وعائلاته ورجاله ونساءه وأطفاله مصممون حتى النهاية على أن تبقى أرض الجنوب مزروعة بأبناء موسى الصدر وعباس الموسوي حتى يبقى لبنان محميا وقويا. وغدا سيقول البقاع كلمته وستقول بعلبك الهرمل كلمتها في المقاومة وهي المنطقة التي احتضنت المقاومة منذ اليوم الأول وفتحت كمدينة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بيوتها وقراها وشوارعها للمجاهدين ليتدربوا ويتقووا، لم تكن بعلبك الهرمل مجرد قاعدة خلفية للمقاومة فيها معسكراتها ومخازنها وقيادتها وإدارتها، بل دفعت بعلبك الهرمل والبقاع بخيرة أبنائه وشبابه إلى الخطوط الأمامية بالمواجهة مع العدو الإسرائيلي، وكان الشهداء من بعلبك إلى الهرمل إلى كل بلدة وقرية في هذه المنطقة المقاومة والمجاهدة.
المسألة ليست مسألة لوائح متنافسة، في الجنوب لم تكن هناك انتخابات بل كان هناك استفتاء، الذي دفع الناس إلى صناديق الإقتراع ليس حافز إعطاء أصوات لتنجح اللائحة وهم يعلمون بنجاحها وإنما جاؤوا رجالا ونساء من كل المناطق في أعلى نسبة إقتراع ليعلنوا موقفهم ويوصلوا رسالتهم. ما أطالب أهلنا الشرفاء وأحباءنا الأوفياء في بعلبك الهرمل أن يحولوا يوم الأحد إلى يوم استفتاء، وأنتم الذين ما بخلتم يوما لا بمال ولا بدم لن تبخلوا يوم الأحد المقبل بصوت تضمنوه في ورقة في صندوقة اقتراع .
عندما نعود إلى كلمات سيدنا وقائدنا السيد عباس الموسوي ونجد تأكيده في الوصية، لما قال : الوصية الأساس حفظ المقاومة، هل كان يتطلع إلى الأيام والسنين القليلة بعد استشهاده؟ بالتأكيد لا وقد تكون في دائرة اهتمامه، وكأني بالسيد عباس يتطلع إلى هذا اليوم الذي يتآمر فيه العالم وتتمكن فيه إسرائيل أن تضع المجتمع الدولي بوجهكم ووجه المقاومة. إسرائيل التي عجزت بجيشها وهو من أقوى جيوش العالم وسلاح جوها الذي هو أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وإرهابها ومجازرها وهي أكبر دولة إرهابية في العالم عن إلحاق الهزيمة بالمقاومة وعن تدمير سلاحها وإسقاط إرادتها، لجأت إلى وسيلة سياسية والتفت من خلال سيدتها الولايات المتحدة الأمريكية واتخذت قرارا في مجلس الأمن.
إسرائيل اليوم تراهن على الضغوط الدولية وتراهن على نزاع داخلي في لبنان وعلى ضغوط داخلية في لبنان وعلى مواجهات في لبنان، من أجل أي شيء من أجل أن يأمن لبنان !؟ ها هو لبنان آمن، وليفك الأمريكيون شرهم عن لبنان فهو آمن، أم من أجل أن تأمن إسرائيل والجواب لديكم واضح. اليوم نحن نخوض معركة حماية المقاومة وحفظ المقاومة ليس لأن المقاومة هدف بل لأنها بعد كل التجارب التاريخية والمعاصرة هي وسيلتنا الوحيدة لتحرير ما تبقى من أرضنا واستعادت من تبقى من أسرانا ولحماية بلدنا وكرامتنا وسيادتنا، نحمي المقاومة دون أن نمن عليها بالحماية لأننا نحمي المقاومة بالصوت لتحمينا بالدم، نحمي المقاومة بالكلمة لتحمينا بالنفوس الزكية، نحن نرفع يدا في تأييد المقاومة لتحمينا المقاومة بالأيدي المقطعة للسيد عباس الموسوي وتصنع الإنتصار.
اليوم عندما نطرح شعار حماية المقاومة نحن لا نحمي حزبا ولا نحمي تنظيما ولا نحمي أفرادا، إن حزب الله قبل أن يكون هناك انتخابات نيابية وبعدها وقبل أن يكون هناك مناصب وإدارات وأموال وإنماء وجوع وشبع كان حزب الله وما زال الحزب المستعد للشهادة من أجلكم ومن أجل كرامتكم ووطنكم ومقدساتكم، نحن في حزب الله لم نخف يوما من الموت ولن نخاف يوما من الموت، نحن في حزب الله نبحث عن الشهادة لنلحق بسيدنا العظيم أبي عبد الله الحسين عليه السلام، نحن لا نطلب من أحد أن يحمي دماءنا فدماؤنا فداء لشعبنا وأمتنا ووطننا، نحن لا نطلب من أحد أن يحمي رؤوسنا فإنّ غاية آمالنا أن يرتفع رأس كل واحد منّا فوق رمح طاغية كرأس سيدنا الحسين (ع)، عندما نتحدث عن حماية المقاومة لأنّ المقاومة هي وسيلتنا لحماية بلدنا ومن لديه صيغة أخرى نحن حاضرون للنقاش وعلى هذا الأساس نلتقي.
الأمريكيون يقولون أنهم يريدون انتخابات في العالم العربي وتغيير ديموقراطي في العالم العربي، طبعا يكذبون على الناس. يقولون أن مواعيد الإنتخابات مواعيد مقدسة حتى أنهم لم يعطوا للبنانيين فرصة لترتيب قانونهم الإنتخابي. السؤال الفضيحة لماذا موعد الإنتخابات في لبنان مقدس في الوقت الذي تقف فيه السيدة كونداليزا رايس وتقول يجب تأجيل موعد الإنتخابات الفلسطينية، لماذا؟ ويقول هذا العديد من المسؤوليين الأمريكيون ويتم تأجيل الإنتخابات الفلسطينية إلى أجل غير محدد، وتبارك أمريكا وترضى وتقبل أمريكا. إذا المسألة ليست مسألة انتخابات ولا مواعيد انتخابات، المسألة هي نتائج الإنتخابات. لا أريد التدخل في الشأن الفلسطيني وكل الفصائل الفلسطينية أحباؤنا وأصدقاؤنا ونحنن معهم في انتفاضتهم ومقاومتهم.
الإعتبار الحقيقي هو القلق الأمريكي الإسرائيلي من نتائج الإنتخابات الفلسطينية الذي دفعت إلى تأجيل الإنتخابات الفلسطينية. لماذا الإستعجال في إجراء الإنتخابات اللبنانية في موعدها؟ لأنّ الأمريكيين يتوقعون أن تأتي الإنتخابات بمجلس نيابي لبناني يفرز سلطة سياسية جديدة يطالبونها ويضغطون عليها لنزع سلاح المقاومة.
لكن : يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، ظن الأمريكيون أنّه من خلال تهويلهم واهتمامهم العلني بلبنان ـ وكل يوم السيد جورج بوش يطالعنا بتصريح ـ سيبعدهم عن المقاومة وأنهم سيأخذون أو سيتعاونون في هذا الإتجاه. ظنّوا أنّ شعب المقاومة سيتخلى عن المقاومة وأن أصدقاءها سيرفضون التحالف معها تحت شعار حماية المقاومة لذلك أصروا على موعد الإنتخابات. سيقف الأمريكيون غدا ليفخروا أمام العالم بأنهم وراء استحقاق أو تنفيذ الإستحقاق الإنتخابي في لبنان وَسَيُجَهِّلُون الحقائق. قبل هذا التدخل الأمريكي حصل في لبنان منذ عام 1992 ثلاث عمليات انتخابية اثنين بلدية وكانت انتخابات في لبنان، وفيها أرسل المراقبون الدوليون (...).
أقول للبنانيين : لا تخافوا الأمريكيون على حزب الله بل خافوهم على أمنكم وسيادتكم ومستقبلكم وعلى وحدتكم وعلى بلدكم ، يجب أن يكون اللبنانيون في موقع الحذر لأنّ هناك سياسة إسرائيلية تنفذها أمريكا تجاه لبنان. يجب أن لا نقع في الفتنة ويجب أن ندقق في كل المسائل، وأدعوكم لقراءة كل ما يكتب في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمريكيون يتبنون سياسية الفوضى المنظمة، ليحققوا ما يريدون في لبنان يضعون لبنان بين حدين : من غير الواضح أنهم يريدون لبنان أن يذهب إلى الحرب الأهلية، لماذا، وليس حبا باللبنانيين، لأنّ خشية الأمريكيين من ذهاب لبنان إلى الحرب الأهلية سيجعل لبنان بلدا مفتوحا لكل الذين يريدون أن يأتوا من العالم إليه، والأخطر من ذلك أنّ الحرب الأهلية قد يعيد فتح الجبهة بين لبنان والعدو الإسرائيلي وهم يريدون حماية إسرائيل. لكن بالتأكيد الأمريكيون لا يريدون الأمن والإستقرار للبنان ويريدون حالة وسطى ويسمونها الفوضى المنظمة، استراتيجية اللاستقرار المنظم والممسوك والمضبوط.
أقول لكل الذين يوجهون الإتهامات شمالا ويمينا، الأعمال الأمنية الإجرامية المدانة التي تحصل في لبنان بين الحين والآخر، عندما تحصل حادثة تنطلق الإتهامات قبل أن يأتي خبر القتل أو الإغتيال أو التفجير، "طيب شوي شوي". حتى اللحظة من الذي استفاد من عمليات الإغتيال التي حصلت؟ لا أريد الدفاع عن أحد ولا أريد إدانة أحد، لكن المستفيد الأول من الذي جرى من أعمال قتل في لبنان هو المشروع الأمريكي وإسرائيل. أمريكا تريد الفوضى المنظمة للبنان، كيف تكون؟ بعمليات القتل وبعمليات التفجير. لا أحد في لبنان اليوم جاهز لصنع حرب، من يتحارب مع من، المسلمون مع المسيحيون، السنة مع الشيعة، الشيعة مع الدروز، الموارنة مع الأرثوذكس، أبدا. حتّى الأحزاب السياسية...
ما أعلنته في الضاحية الجنوبية (مد اليد إلى جميع الفرقاء والأطراف) لماذا الآن ولماذا لم يكن منذ خمسة أشهر ولماذا لم يكن ذلك قبل سنة؟ عندما يكون مشروع الأمريكي والإسرائيلي في لبنان هو الفوضى المنظمة والفتنة والتفتيت يجب على كل اللبنانيين أن يتجاوزا الماضي والخصومات والجراح ليحفظوا بلدهم ووحدته. اليوم الذي يسقط المشروع الأمريكي الإسرائيلي أن يقف كل لبناني ويمد يده للبناني الآخر بمعزل عن كل الماضي. إذا إن لم يكن هناك وسيلة للتحارب والتقاتل فلتكن علميات القتل والتفجير من أجل هز الوضع الأمني في لبنان في استراتيجية الفوضى المنظمة. لا أريد القول أنّ أمريكا وإسرائيل هما اللتين قتلتا وتقتلان لكن الأمر يستحق التأمل والتدقيق حتى لا نقع في الفخ (...). نحن واثقون من اللبنانيين والشعب اللبناني وكل طوائفه وتياراته وأحزابه ولا أعتقد أن أحدا في لبنان يفكر بأخذ أو نزع سلاح المقاومة بالقوة، وبالحقيقة هذا التهديد موجه لمن يفكر بهذه الطريقة وهو عدونا وعدو لبنان (...).
من واجبي أن أؤكد محبتنا وثقتنا بكل إخواننا الذين علموا معنا في المسؤولية النيابية في الفترة الماضية، وهذه مناسبة لشكرهم وهم بالتأكيد كانوا في مهمة وسينتقلون إلى مهام أخرى. أتوجه بالشكر إلى النائب الحاج محمد برجاوي في بيروت وأتوجه بالشكر إلى الحاج النائب عبد الله قصير والحاج النائب نزيه منصور والمحامي الأستاذ جورج نجم الذين علموا في منطقة الجنوب، وفي بعلبك أتوجه بالشكر إلى النائب الحاج محمد ياغي وإلى النائب السيد عمار الموسوي وإلى النائب الأستاذ إبراهيم بيان وإلى النائب الأستاذ مسعود الحجيري، وأملنا كبير أنّ الإخوة الذين أخذوا مكانهم سيواصلون الطريق ويؤدون المهام في هذه المرحلة الصعبة.
انطلاقا من نفس الظروف والمتغيرات التي تحدثت عنها، نحن كما أننا مصممون على حماية المقاومة حتى آخر نفس وعلى حماية الوحدة الوطنية ومنع الوقوع في فخ نزاع أو حرب داخلية من خلال التواصل والتلاقي والتحاور، المسؤولية من خلال المرحلة الجديدة توجب على حزب الله ما يلي : نحن في حزب الله مصممون على أن نتحمل مسؤوليتنا كاملة في شراكة لبنانية كاملة في إعادة بناء لبنان ومؤسساته ومواجهة كل مشكلاته من أبسط المسائل الصغيرة إلى المسائل الكبيرة، يعني أننا سننتقل إلى الداخل لنكون حاضرين بقوة وفاعلية في الحياة السياسية. في المرحلة الجديدة سنتحمل مسؤولية كاملة في كل الملفات الداخلية على مستوى الإصلاح السياسي والإداري والإنماء ومواجهة الأزمة المعيشة والإقتصادية وتطبيق بقية بنود اتفاق الطائف ومواجهة الفساد، سنكون حاضرين لأنّ الظرف الجديد يفرض علينا ذلك.
في الماضي حضورنا الداخلي قد يشكل عقبة أو عائقا أو مشكلة في مسيرة المقاومة، أما اليوم أقول من نفس المنطق والمسؤولية إذا كنا نريد حماية المقاومة وبلدنا وأن نحصن مجتمعنا الواجب بات مختلفا ويفرض أن نكون حاضرين في الدولة ومؤسساتها وفي مناقشة كل المشاريع ومواجهة كل القضايا وأن نكون مستعدين لشراكة كاملة وحقيقية مع بقية اللبنانيين في مواجهة التحديات الداخلية كما في التحديات الخارجية. وعلى هذا الأساس سنواصل علمانا ولكن بجهد مختلف وجدية أكبر وبمسؤولية واضحة تجاه كل الأزمات القائمة التي تؤثر سلبا في بلدنا وفي مجتمعنا سواء على المستويات السياسية والإنمائية والمعيشية والإقتصادية وغير ذلك (...).
سوف تذهبون يوم الأحد إلى صناديق الاقتراع لتصوتوا للائحة، وهنا أوضح أنّه في اللائحة ليس لدينا مرشحي عائلات ومرشحي هذه البلدة أو تلك. في الإنتخابات البلدية رفع شعار تمثيل العائلات وتركبت اللوائح البلدية على قاعدة تمثيل العائلات، وطبعا لتركيب مجلس بلدي على هذا الأساس قد يطاح أحيانا ببعض الضوابط والمواصفات حرصا على التمثيل العائلي. لكن في الإنتخابات النيابية اللائحة تمثل خطا سياسيا، في الماضي كانت اللائحة تمثل خطا سياسيا واليوم اللائحة تمثل خطا سياسيا. لائحة بعلبك الهرمل وكما أعلنت في بيانها ملتزمة بكل هذه المعاني وفي مقدمتها حماية المقاومة وإنماء المنطقة والدفاع عنها ورفع الحرمان عن كل سكانها وقراها وهذا ما قد يتيسر بشكل أفضل في المرحلة المقبلة على ضوء التحالفات والسياسات والظروف والأوضاع. ما أريد أن أؤكده لكم أنكم لا تنتخبون أشخاصا يمثلون عائلاتهم أو طوائفهم إنما تنتخبون أشخاصا يمثلون خطا سياسيا واضحا، أشخاصا أعلنوا أنهم أوفياء لهذا الخط وهذا الهدف ولهذه المقاومة، أوفياء لدماء عباس الموسوي وأم ياسر وطفلهما حسين وكل الشهداء.
إنّ بقية المرشحين كثير منهم إن لم يكن كلهم أصدقاء وأحباب ونحن لا نسيء لأحد ولا نتهم أحدا ولا يجوز أن نسيء إلى أحد حتّى في الإنتخابات وغير الإنتخابات. أردنا لائحة بعلبك الهرمل من خلال رجالها رجالا في البرلمان لحماية المقاومة ولبنان والفقراء والمستضعفين والمحرومين. لذلك أنتم يوم الأحد أمام المسؤولية الكبيرة، ماذا ستقولون لأمريكا وإسرائيل ولكل المتربصين ولكل الخائفين؟ هذا وعدكم وكلمتكم وموقفكم وإنشاء الله نلتقي يوم الأحد ليلا في عرس الإنتصار في الإستفتاء على المقاومة في بعلبك الهرمل.