
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال يوم الحرية تكريما للأسرى المحررين وتضامنا مع الأسرى اللبنانيين المعتقلين في سجون الإحتلال الصهيوني في قاعة شاهد 29-1-2005
تكريما للأسرى المحررين وتضامنا مع الأسرى اللبنانيين المعتقلين في سجون الإحتلال الصهيوني: سمير القنطار ونسيم نسر ويحيى سكاف، أقام حزب الله مهرجاناً خطابياً في قاعة شاهد بحضور الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، ممثل رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الوزير كرم كرم، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب ناصر قنديل، ممثل رئيس الحكومة عمر كرامي الوزير أحمد سامي منقارة، وشخصيات وزارية ونيابية وسياسية واجتماعية وبلدية والأسرى المحررين وعوائل الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال داخل فلسطين المحتلة وحشد كبير من المواطنين.
استهل الاحتفال بآيات بينات من القرآن الكريم، بعدها تم عزف النشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله ثم ألقى بسام القنطار شقيق الأسير سمير القنطار كلمة باسم عوائل الأسرى اعتبر فيها أنه " يوم خرج سمير القنطار لتنفيذ عملية نهاريا لم يكن هو ورفاقه يرهنون بقية عمرهم في يد أحد بل كان هدفهم مساهمة ما في تحرير رفاق واخوة لا يعرفون وجوههم وهوياتهم بل يعرفون أنّ ثمة شيء اسمه الواجب لعدم ترك هؤلاء يخسرون أعمارهم خلف القضبان وسمير لم يغير رأيه. سمير لم يفقد الأمل والإرادة الصلبة ورهانه لم يرتبط يوما بجهة أو اسم أو راية وكان يشعر بأن واجبه الصمود والآخرون واجبهم في العمل على إطلاقه. سمير يحلم أن يكون بيننا ولم يفقد صبره وأمله بأن هناك من يعمل من أجل إطلاقه، لكن من حقه مصارحته في كيفية جعل التضامن معه أمرا طوعيا لا رأفة بحاله أو مزايدة".
وسأل القنطار :" ماذا فعلت الدولة كل الدولة بعد انتهاء حفل استقبال الأسرى، هل ثمة بيان وزاري، هل يوجد في سفارة لبنانية في الخارج صورة أو ورقة أو ملف يخص الأسرى، هل هناك بيان رسمي أمام منظمة دولية، هل هناك لجنة رسمية نيابية أو حتى سياسية على جدول أعمالها بند واحد عن مصير الأسرى والمفقودين لدى العدو، هل هناك دقيقة واحدة في ساعات البث الإّذاعي والتلفزيوني إشارة إلى هذا المقاوم أو رفاقه أو حتى الإشارة إليه كإنسان؟ حتى الطابع البريدي التضامني مع الأسرى الذي ولد بعد مخاض نسخوه وحولوه إلى طابع تذكاري جمعه هواة الطوابع.إننا نسأل كيف يكون دعم المقاومة بتجاهل أسراها، إنني اليوم باسم عائلات الأسرى أعلن التالي : إذا كانت الدولة جادة في تبني القضية فإننا نطلب في الأسابيع المقبلة وقبل دورة 61 للجنة حقوق الإنسان في جنيف من الحكومة تقديم طلب رسمي لتسليم المفقودين وتحرير الأسرى. لماذا لم يقدم لبنان الرسمي حتى الآن على تقديم الإحتجاج والشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ، لماذا لا تقوم الخارجية بتحويل قضية سمير وإخوانه إلى قضية عالمية. إننا نناشد السيد حسن نصر الله الذي لنا الثقة بعزمه الأكيد على استعادة أسرانا أن لا يقبل بالمعادلة التي وضعها العدو الإسرائيلي وأكد عليها آرييل شارون الذي ربط مصير الطيار رون آراد ومفقودي السلطان يعقوب بمصير سمير".
وختم القنطار " ليس هناك شك أن المقاومين سيرسمون في لحظة معينة الطريق الأقصر لعودة سمير واخوته ، وهنا نوجه التحية ل 8000 أسير محتجزين دون وجه حق في سجون العدو المحتل، ونستذكر أسرى الجولان المحتل الذين يفاخرون بهويتهم العربية الأصيلة، والتحية إلى يحيى سكاف ونسيم نسر وإبراهيم زين الدين وغيرهم العشرات (...).
بعده ألقى شيخ المحررين الشيخ عبد الكريم عبيد كلمة وجّه فيها "التحية والسلام لصاحب الذكرى لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام (عيد الغدير عيد تنصيب رسول الله (ص) للإمام علي عند غدير خم في 18 ذي الحجة)، التحية لمن بذلوا دماؤهم من أجل استعادة الأسرى وتحرير الأرض ، وتحية لكل جريح وأسير كان وتحرر ونقول لهم: صبرا، فالفجر آتٍ لا محالة". وأضاف :"هناك أمانة لا بد أن تصل ولا بد من المحافظة عليها من قبل من يسمعها وأن يؤدوها إلى أهلها... ماذا كان هناك في سجون العدو وماذا عنده وما عانيتم ولاقيتم ، ليالٍ وأيام دون نوم ، الأغلال في اليدين والرجلين والتحقيق لساعات وأيام والأسير عارٍ، الماء البارد والساخن وتكسير الأعضاء والإعتداء حتى إلى أقصى الحدود، هل هذا يقدر بثمن، هل يسجل هؤلاء أنهم قدموا وضحوا فيمن ضحى من كل سلسلة الرجال الذين سبقوا في رجال الإستقلال وغيرهم ، من باب الوفاء لذلك، هذه أمانة في أعناق الجميع دولة ونواب ووزراء وشعوب وحتى العلماء وكل أطياف الشعب اللبناني، الذي لا يحافظ على هذه الأمانة يعمل على هدم الوطن، ومن لا يعرف أن المقاومة هي الحصن والتأسيس لدولة كريمة تتميز عن باقي الدول فهو لا يعرف قيمة هذا البلد ولا يعرف قيمة المقاومة التي أدت إلى كرامة هذا البلد، الوصية الأساس كما قال السيد الشهيد عباس الموسوي هو حفظ هذه المقاومة. باسمي وباسم الذين تحرروا : لا نريد تقدمة مادية تعطي قيمة ما لاقيناه لأنه لا تقييم لما لاقيناه ، لكن نقول احفظوا الأمانة لأنّ المعركة بدأت، كنا في جولة وانتصرنا فيها والآتي أعظم وأكبر وسنحتاج فيه إلى رص صفوف أكثر وإلى دماء وعطاء وجهاد ، لأننا إذا لم نعرف هذه القيمة يمكن أن نسقط في وسط الطريق".
وألقى وزير التربية والتعليم أحمد سامي منقارة كلمة رئيس الحكومة جاء فيها : أن يدعو حزب الله إلى لقاء تضامني مع الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية هو الأمر الطبيعي لأن القاصي والداني يعلم أنّه يعود لحزب الله الفضل في تحرير الأرض والأسرى وهو الذي سيحرر بإذن الله وبدعم لبنان الرسمي والشعبي مزارع شبعا وما تبقى من أسرى في السجون الإسرائيلية.
إنّ ما قامت به المقاومة الإسلامية منذ تأسيسها هو مبني على مبدأ "اعرف عدوك" وهو مبدأ لنجاح كل عمل... لا يمكن لدولة أن تتغلب على عدو أقوى منها عدة وعديد في حرب نظامية، وكان لا بد للمقاومة على ضوء ذلك من القيام بواجبها لتحرير الأرض وهذا ما فعلته حيث تمكنت بعملياتها ضد الجيش الإسرائيلي من إلحاق الهزيمة وإجباره على الإنسحاب وتحرير المعتقلين من غرف التعذيب.
وإلى جانب الخسائر التي ألحقتها المقاومة بالعدو كانت الصدمة المعنوية الكبرى أمام العالم الذي أحدثها الإنتصار أقوى وأبلغ حيث نزعت المقاومة عنه صفة الجيش الذي لا يقهر وأعطت أمثولة للعالم أنّه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة...
المقاومة أدركت أن إسرائيل لا يمكن أن تطلق أي أسير إلا عبر عملية تبادل أسرى ولذلك عندما فشل كوفي أنان في إطلاق الأسرى تنفيذا للقرار 425 كان لا بد لها أن تتصرف بما يؤدي إلى تحقيق أهدافها، فجاءت عملية أسر ثلاثة جنود إسرائيليين وجاءت بعملية ثانية بعد أسبوعين وهي عملية أسر ألحنان تننباوم ، فتمكنت بعد جهود مضنية استمرت ثلاث سنوات من أن تنجز عملية أسرى الحرية الني تم بموجبها تحرير 23 أسير لبناني وأكثر من أربعمئة أسير عربي. لقد أعطت العملية بعدا قوميا تعدت الإطار اللبناني للدلالة على أن الصراع هو صراع قومي يتعلق بمصير الأمة العربية... ينبغي على شعوب العالم أن تعي خطر الصهيونية على العالم كله، فإن كان هناك حرب حقيقة على الإرهاب فإنه يجب القضاء عليه في مهده في إسرائيل حيث النموذج الحي للإرهاب على الشعب الفلسطيني.
لبنان يؤمن بحق مقاومة أي محتل لأرضه، فشبعا أرض لبنانية محتلة من العدو الإسرائيلي، وإننا لن نتنازل عنها وسنحررها عن طريق المقاومة. الجيش اللبناني الموجود في الجنوب ضمن إطار ما حددته الهدنة يقوم بدوره في حماية الأرض، ولا بد من الإشارة في هذا السياق أن ما يحاول البعض تسويقه بوجوب إرسال الجيش إلى الجنوب بعدة وعديد أكبر لا يخدم إلا إسرائيل فهي التي طلبت وتوسلت لذلك مختلف الأساليب من ضغوط الدول الأجنبية وأخيرا عبر القرار 1559 ...
يراهنون اليوم على فشل المقاومة في مزارع شبعا، نقول لهم آن الآوان للتعلم من تجارب الماضي وليدركوا أن المقاومة بوعيها ستنتصر وهي ستبقى، إلى جانب الجيش اللبناني وبالتعاون والتنسيق معه، الحصن الحصين للبنان.
لقاؤنا للتضامن مع الأسرى وفي طليعتهم سمير القنطار الذي تملصت إسرائيل في اللحظة الأخيرة من إطلاق سراحه، نعلن تقديرنا لما قام ويقوم به حزب الله وما يقدمه من تضحيات لأجل لبنان وتحرير أرضه، وما من لبناني مخلص يحب وطنه إلاّ ويقف إلى جانب المقاومة التي رفعت اسم لبنان عاليا في المجتمع الدولي. وعليه لا نستغرب الحملة المغرضة على حزب الله وتصويره بأنه إرهاب والمطالبة بنزع سلاحه، لكن لبنان مؤمن بحق تحرير أرضه
كلمة الأمين العام السيد حسن نصر الله :
نبارك لكم هذه الأيام المجيدة والعزيزة على قلوبنا جميعا، في هذه السنة يصادف يوم الحرية يوما عظيما في التاريخ، هو يوم الغدير في الثامن عشر من ذي الحجة، في حجة الوداع، عندما يقف رسول الله (ص) بين أهله وأصحابه وقد أنجز وعده وتحقق على يديه وعد الله سبحانه وتعالى ليصنع من ذلك اليوم يوما للضمانة والأمانة والوفاء والبقاء والوجود والصمود والإستمرار .
يوم الحرية اليوم هو من صنع ذاك اليوم وبركاته وإشراقاته وتلك المسيرة الإلهية المستمرة، وببركة هذا الإنتماء الحضاري والثقافي والفكري استطعنا أن نحول أيامنا، ونحن الذين تعودنا أن نستمع لكلمات لا تنتمي إلى هذا التاريخ وإلى أمتنا العزيز المقتدرة مشحونة بيوم النكسة والتهجير وبيوم ويوم من هذا الصنف والمصطلحات، لكن ببركة المقاومة والصامدين والثابتين في هذه الأمة تحولت هذه الأيام إلى يوم للتحرير والحرية والعودة والكرامة. وأنا أقول لكم طالما أن شعبنا في لبنان وفلسطين وشعوب أمتنا العربية والإسلامية، طالما أنهم متمسكون بهذا الخيار ومراهنون عليه وحده فإن بقية الأيام التي تنتظرنا هي من سَنَخ هذا اليوم، أياما للحرية والعزة والتحرير والكرامة والأمن والإستقرار، أما الرهان على الولايات المتحدة والقرار1559 وعلى بعض المواقع الدولية التي تتحرك بخلفية صهيونية لن يجعل من أيامنا المقبلة إلا أياما للنكسة والفوضى والفتنة والتهجير، هكذا يريد البعض أن يعيدنا إلى هذا الماضي.
نلتقي هنا في التاسع والعشرين من كانون الثاني 2005 لنحتفي مجددا بأسرانا العائدين وليكون احتفالنا بكل الأسرى المحررين من سجون الإحتلال وعملائه في أنصار والخيام وعتليت وسجون الداخل، ولمواساة عوائل الشهداء الذين عادت أجساد شهدائهم، نقف لنعلن تضامننا مع بقية اخوتنا وأخواتنا في سجون الاحتلال في مقدمتهم الأخ الكبير سمير القنطار والأخ العزيز يحيى سكاف الذي رحلت والدته في العام هذا وفي قلبها حزن الفراق والبعد، والأخ العزيز نسيم نسر وعشرات الشهداء والمفقودين وبقية المعتقلين من فلسطينيين وعرب، لنؤكد عزمنا ووعدنا على إطلاق سراحهم والعمل من أجل ذلك.
في بداية العام 2005 نؤكد أننا لن نترك أسرانا في السجون، خياراتنا واضحة ورؤيتنا واضحة وبرنامجنا واضح، ما قالته عائلة سمير القنطار قبل أيام أقبله ، نعم من حقهم وأيضا من حقنا أو نقول وأن يقولوا لا نستطيع هذه المرة أن نفاوض ثلاثة سنوات حتى نحسم مصير نسيم ويحيى وسمير، من الطبيعي جدا أن تكون كل خياراتنا مفتوحة وفي هذا الأمر لا نجامل.
في كل يوم يعلن العدو الصهيوني أن قيادة حزب الله اتخذت قرارا استراتيجيا بأسر جنود إسرائيليين وهو يقول ذلك ويلاحقنا في العالم كله على أساس ذلك. في يوم الحرية أؤكد أنّ كل الخيارات مفتوحة وأؤكد لعائلات الأسرى المعتقلين: لو نسيكم كل العالم لن ننساكم، هذا وعد الدم والبندقية والجهاد والشهداء والإستشهاديين. عندما عاد الأخوة من سجون الإحتلال العام الماضي كان بعضهم متأثرا جدا عندما عرف أنّ عدد من الشهداء قضوا في عمليات عديدة ة لم يكتب لها النجاح في أسر ضباط وجنود إسرائيليين، وبعضهم بكى وقال كيف ترسلون شبانا في زهرة الشباب ليقتلوا من أجل أن نعود نحن إلى بيوتنا، أتستبدلون أخا بأخ.
المسألة هنا ترتبط بكرامتنا وشهامتنا وقيمنا ومفاهيمنا لأنّ الأمة التي تترك أسراها في السجون هي أمة بلا شرف وبلا كرامة وبلا شهامة، وعندما ترتبط القضية بالشهامة والشرف تتجاوز الأمر الكمي والعددي لتستحق الدماء والتضحيات والشهداء وهذا هو خيارنا وبرنامجنا.
هنا أريد أن أسال في زحمة السجال الداخلي وقد أدخلت المقاومة وخياراتها وسلاحها في هذا السجال بشكل أو آخر، وإن كنت لا أريد أن أتحدث عن كل المعارضة لأنّ هناك خلاف في هذه النقطة ولكن أريد التحدث عن خصوص الذين يؤيدون القرار1559 من اللبنانيين، وأقول ما هو برنامجكم لإطلاق سراح بقية الأسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
هل هؤلاء الأسرى اللبنانيون يعنون لكم شيئا، وهل تعتبرون قضيتهم قضية مركزية أو هامشية، الإسرائيليون يعتبرون رفات جاسوس مدفون في سوريا قضية مركزية يلاحقونها في كل العالم، فهل تعتبرون أنتم أبناءكم الأحياء في سجون الإحتلال قضية مركزية أم ثانوية؟ إذا كانت قضية مركزية ما هي خياراتكم؟ الجواب المتوقع هو الدبلوماسية، هل استطاعت الدبلوماسية حتى الآن أن تطلق أسيرا أو أن تعيد شبرا من الأرض. يمكن لبعض التفاوض أن يعيد أسيرا أو شبرا من الأرض ولكن إذا كان المفاوض يستند إلى قوة ويتمسك بسلاحه وإذا كان يقف ويدخل مرفوع الرأس، أمّا الذي يلقي سلاحه ويذهب ليفاوض فلا يعود إلاّ بالخيبة والذل والعار (...).
لبنان كله الرسمي والشعبي يقول بالمقاومة والعالم يقر بهذه الحقيقة، حتى كوفي أنان عندما التقى معي أقر بهذه الحقيقة أنّ المقاومة في لبنان هي التي حررت الأرض، وأن المقاومة بعد ذلك هي التي استعادت الأسرى وهي التي تحمي اليوم إلى جانب الجيش والشعب الوطن وهذه حقائق وليست أوهام. البعض يقول من الآن ويحسم أن مزارع شبعا ليست لبنانية، فالقرار425 نفذ وعلى الدولة أن ترسل جيشها إلى الحدود والمطلوب من المقاومة تسليم سلاحها للدولة اللبنانية، أسال هؤلاء المؤيدين للقرار 1559، إذا سلمت المقاومة سلاحها وأرسلت الدولة الجيش إلى الحدود ما هو قراراكم وخياركم الإستراتيجي؟ إذا اخترقت الطائرات الإسرائيلية السيادة اللبنانية ماذا سيكون قراركم السياسي. المشكلة لم تكن في يوم من الأيام في الجيش اللبناني ومؤسسته فضباطه وجنوده أثبتوا أنّه عند توافر القرار السياسي والرسمي للقتال والمواجهة هم مستعدون للتضحية والقتال. المشكلة أنه منذ 48 وقيام الكيان الصهيوني عند الحدود الجنوبية كانت مشكلة القرار السياسي الرسمي.
سؤال : لو ذهب الجيش إلى الحدود وعاد المقاومون إلى بيوتهم وعائلاتهم ومقاعد الدراسة واخترقت الطائرات الأجواء ماذا ستفعلون، إذا اخترقت الزوارق المياه الإقليمية ماذا ستفعلون، إذا اخترق العدو أرضنا وحدودنا وقرانا ماذا تفعلون، هل القرار السياسي اللبناني الناجز والجاهز والمجمع عليه هو أن يواجه ويقاتل الجيش اللبناني كل حالات الخرق الصهيونية لأي شبر من الأرض اللبنانية؟ إذا قلتم لا فتكونوا قد أرسلتم الجيش ليحرس العدو وليس الوطن وإذا قلتم نعم فلماذا تلقون سلاح المقاومة وتتركون الجيش لوحده في مواجهة عدو متفوق بالإمكانات والقدرات العسكرية، أليس هذا قتلا وتآمرا على الجيش اللبناني بأن نرسله مكشوفا إلى الحدود وليس هناك من يساعده ويدعمه. أقول مسبقا وأتمنى أن يكون العكس، القرار السياسي المتوقع في ظل المؤيدين للقرار 1559 هو العودة إلى القرار السياسي الرسمي قبل دولة الطائف.
الدولة اللبنانية قبل الطائف منذ سنة 1948 كانت تسيطر على كل الجنوب والجيش اللبناني كان موجودا في كل الجنوب ولم يكن هناك مقاومة فلسطينية أو لبنانية. من عام 1948إلى عام 1970 كان الجنوب في ظل الدولة وجيشها والمؤسسات الأمنية والعسكرية موجودة في كل الجنوب، مشكلة الدولة كان في قرارها السياسي حيث لم يكن الجنوب يعني شيئا للدولة، لا أمنه ولا سلامة المواطنين وهنا أتحدث عن الجنوب اللبناني الذي يعيش فيه الشيعي والسني والدرزي والمسيحي، هذا الجنوب كله لم يعنِ شيئا للدولة، على الإطلاق.
في تلك الفترة، كيف كان يعيش أهل الجنوب وخصوصا في المنطقة الحدودية حيث لا سلاح إلا سلاح الشرعية الوحيد، كلنا يعرف أنه جرى اقتطاع جزء من الأراضي اللبنانية هي القرى السبع وتم تهجير أهلها اللبنانيين إلى لبنان والغريب أنّ أهل القرى السبع لبنانيون يحملون الجنسية اللبنانية وأرضهم ليست مصنفة لبنانية...
عام 49 حصلت مجزرة حولا الرهيبة، هل حصلت بسبب حزب الله أو سوريا أو بسبب المنظمات الفلسطينية، أم كانت اعتداءا اسرائيلية على أرض لبنانية وسكان لبنانيين. في هذه الفترة سادت أعمال الخطف والقتل لنساء لبنانيات ومزارعين، في يوم من الأيام داهموا مخفرا للدرك على الحدود الدولية واحتجزوا المدنيين والعسكريين فيه، وضع العبوات في المنازل وتفجيرها على رؤوس أصحابها، تدمير كامل الأسطول الجوي اللبناني المدني عام 1962 في عملية كومندوس بقي أفراده نصف ساعة ولم يتحرك أي ساكن، الطائرات المدنية اللبنانية عندما كانت تصعد فوق الجنوب كانت تعترض وتخطف أحيانا، الجنوب كان مستباحا وكان أهله في رعب وقلق وكان الإسرائيلي يذل اللبنانيين ويعتدي عليهم ولم يكن اللبنانيون قادرون على مواجهة هذا العدوان.
نأتي بشاهد تاريخي، عام 1949 على أثر اعتداء حولا الحدودي المشابه لمجزرة دير ياسين أرسل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين المقيم في مدينة صور رسالة إلى الشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية يقول فيها : "وحسبنا الآن نكبة جبل عامل في حدوده المتاحة ودمائه المباحة وقراه وقد صيح فيها نهبا وقد تأوّدت رعبا وقد استحل به الفتك (...)، هذا الجبل المرابط يدفع جزية الدم لشذاذ الآفاق مَنْ مِن كل من لفظته الأرجاء ورفضته الأرض والسماء. هذا الجبل العريق تضرب عليه الذلة والمسكنة مِن مَن ضربت عليهم الذلة والمسكنة في سحق التاريخ، هذا الجبل الذي يقوم عليه من واجبات ولا يعطى له من حقوق كأنه الشريك الخاسر(...)". يضيف السيد شرف الدين :" فإن لم يكن من قدرة على الحماية أفليس من طاقة على الرعاية؟ وإذا لم تؤدَّ الحقوق فلماذا يستمر العقوق وإذا قرأتم السلام على جبل عامل فقل السلام عليك وعلى لبنان؟" وهذا أردده الآن مع السيد شرف الدين للدولة وهو ما ردده أيضا السيد موسى الصدر.
اليوم تغيرت المعادلة، بأيدينا وسواعدنا ودمائنا وبشبابنا استعدنا أرضنا وعددا كبيرا من أسرانا ونحمي حدودنا، اليوم يمكنكم أن تذهبوا إلى كل قرية في المنطقة الحدودية ستجدون أنّ هذه القرى تضج بأهلها، حركة البناء تجري بشكل آمن، الناس تسهر حتى ساعات متأخرة من الليل ويعودون إلى بيوتهم بالسيارات المضاءة الأنوار، هل سأل أحد من مؤيدي القرار1559 كيف تحقق هذا وهل يسألون إذا ألقينا سلاح المقاومة هل يمكن أن يسنمر هذا الواقع ومن يضمن ذلك؟ اليوم الجنوب اللبناني وأهله وأهل لبنان وخصوصا المنطقة الحدودية يعيش مرحلة ذهبية من الأمن والهدوء لم تعشها المنطقة والجنوب منذ العام 1948(...).
ما فعلته الدولة بعد الطائف أنها حققت الشق الثاني من كلام السيد عبد الحسين شرف الدين، الإمام السيد موسى الصدر حتى قبل مجيء سلاح المقاومة الفلسطينية إلى لبنان كان يطالب الدولة بأن تتخذ أن يقاتل الجيش ويدافع عن قرى الجنوب، وقد أثبت في معركة المالكية أنّه يملك جنودا وضباطا أشداء وشجعان وقدم شهداء، المشكلة دائما كانت في القرار السياسي.
وطالب السيد موسى الصدر أن تسمح الدولة بشراء أهل الجنوب للسلاح وأن يتدربوا عليه ويدافعوا عن أنفسهم، أي أقل من الرعاية التي طالب بها السيد شرف الدين، ما فعلته دولة الطائف أنها أمّنت هذه الرعاية ولم تقدم مالا وسلاحا ولكنها قدمت نوعا من الغطاء الرسمي والحماية ومع ذلك تحققت كل هذه الإنجازات خلال السنوات القليلة الماضية. في ظل الـ 1559 ما هي الخيارات، كيف نحمي بلدنا؟ من الغريب أن يتحدث وزير خارجية العدو سليفان شالوم بأنّ كيانه أقنع الولايات المتحدة الأمريكية بالتصويت على القرار1559، وعند اللبنانيين خطأ شائع أن الفرنسيين هم الذين أقنعوا الأمريكيين بالقرار. تصوروا أن شالوم وشارون يعلمون في الليل والنهار لتطبيق وإصدار القرار1559 ونحن اللبنانيون غافلون عن مصلحتنا وما ينبغي أن نمارس ونفعل...
لماذا كل هذه الضوضاء الإسرائيلية ، سفير بلجيكا التقى معي فتأنّب وزارة الخارجية الإسرائيلية بلجيكا في وسائل الإعلام، الإسرائيليون يخافون أن يسمع أحد في العالم منطقنا لأنّ منطقنا هو منطق الحق ولأننا نقول الحقيقة والصدق، الإسرائيليون يريدون من العالم والدول الأوروبية أن لا يصغوا لا للبنان ولا لفلسطين ولا لإيران ولا لسوريا ولا للعرب وأن تكون آذان العالم مفتوحة لشارون وشالوم. وإلاّ لماذا يُخاف من أن يجلس معي السفير السفير البلجيكي، هل جلوسه يعطينا الشرعية أو القوة أو المعنوية وهل طلبنا في يوم من الأيام شرعيتنا من أحد ونحن الذين نكتسب شرعيتنا من حقنا في الوجود والكرامة وحقنا في الدفاع عن الوجود وعن الكرامة؟
الإسرائيليون يبذلون جهودا كبيرة من أجل إقناع الإتحاد الأوروبي لوضع حزب الله في قائمة الإرهاب وقبل ذلك وضعنا الأمريكيون في قوائهم قبل القاعدة، وهذا لن يغير في موقفنا، نحن قوم عندما يقوى الحصار نؤمن باقتراب النصر ومجيء الفرج. إنّ هذه الضغوط تزيدنا قوة ومتانة ويقينا بإيماننا ومسارنا وخيارنا وطريقنا ولكنهم يريدون أن يحصلوا من الإتحاد الأوروبي على مثل هذه الإدانة ليقولوا أنهم يحاربون الإرهابيين والتنظيم الإرهابي في لبنان. حتى في فلسطين المحتلة يحملون حزب الله في لبنان تبعات المأزق الإسرائيلي (...).
شارون يقول أنّ 80 بالمئة من عمليات فلسطين المحتلة يديرها ويتحمل مسؤوليتها حزب الله، من يصدق هذا الكلام ويقبله، هذا في الحقيقة كلام فيه استهانة بحقائق جهادية كبرى في فلسطين المحتلة من جهاد وحماس وكتائب شهداء الأقصى وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، هل يريد القول أن حزب الله يدير كل هذه الفصائل، هو يبحث عن جهة يحملها المسؤولية ليقنع العالم بإلصاق صفة الإرهاب بها.
يتهمون حزب الله بأنه يريد اغتيال أبو مازن وأن يخرب الهدنة التي يراد التوصل إليها، هذا كلام لا قيمة له على الإطلاق ومجرد اتهامات، نحن لم نقم باغتيال أحد ولا نريد اغتيال أحد ولا نتدخل في خيارات الفلسطينيين، نحن نؤيد مبدأ واستراتيجية المقاومة والإنتفاضة في فلسطين، ونقف إلى جانب إخواننا الفلسطينيين، ولكن في فلسطين في الداخل والخارج كوادر وقيادات وزعماء ومجاهدون هم أقدر على تشخيص أزمنة وأساليب ووسائل وأمكنة العمل ونحن لا نتدخل في هذه الأمور.
عندما قرر الفلسطينيون المضي في الهدنة لمدة شهرين ماضيا أنا أيّدت قرار الإخوة في حماس والجهاد وفصائل المقاومة التي وافقت على الهدنة، نحن متلاقون في مبدأ المقاومة والإنتفاضة، لذلك التهم الإسرائيلية لحزب الله هدفها إقناع العالم بأن حزب الله تنظيم إرهابي، بالنسبة لنا نحن نعرف ماذا نفعل ونؤمن بما نؤمن ونواصل دربنا ولا يمكن لهذه الإتهامات أن تجعلنا نبدل شيئا مما نفعل (...)، وليصنفا أيّا كان في العالم على أي لائحة من اللوائح.
ما هو البديل عن المقاومة لحماية لبنان وما هو البديل عن التعاون والتنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني لحماية لبنان، وما هو البديل عن التناغم بين الجيش والمقاومة والدولة والشعب، يقولون لنا فلتخرج سوريا من لبنان ولتسلم المقاومة أسلحتها ولينزع سلاح المخيمات والسلام، وبعدين ؟ من الذي يحمي هذا البلد ومن الذي يضمن أن لا يفرض التوطين على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين، مَن وما هي الضمانات؟ يقولون سوف نتكلم مع العالم، العرب يتكلمون مع العالم منذ سنة 1948 هل أوصل هذا الكلام إلاّ إلى المزيد من تضييع الأراضي وتضييع الحقوق ؟ (...) لا يمكن أن نرهن مصير بلدنا وشعبنا ودماء أهلنا وأجيالنا إلى رغبات وشهوات البعض، في نهاية المطاف أنت تعيش في برجك العاجي أما في الجنوب وغيره فالبيت يهدم على أهله عندما تتمكن إسرائيل من استباحة البلد، ولكن اليوم لا تجرؤ إسرائيل على ذلك.
يقول وزير الحرب الإسرائيلي موفاز أن لدى حزب الله صواريخ تطال تل أبيب، نحن لا نعلق على هذا الأمر، من الخطأ أن نقول أنه عندنا هذا النوع من الصواريخ ومن الخطأ أن نقول أنه لا يوجد عندنا هذا النوع من الصواريخ، عندما يقول موفاز ذلك فهو يريد استعداء العالم تجاهنا ولكن هو أيضا يجيب على الداخل الإسرائيلي الذي يتساءل إذا حزب الله مسؤول عن كل العمليات في فلسطين المحتلة لماذا لا تعاقبونه، هل يجرؤن على معاقبتنا وهم يتهموننا ظلما أو يدعون لنا شرفا لا ندّعيه؟ يلجؤون إلى الوسائل الأخرى فيدسون عبوة في الضاحية فيقتلون الشهيد علي صالح وبعد عام يقتلون بعبوة أخرى الشهيد غالب عوالي، ويضعون عبوات على طريق الزهراني وهي عبوات إسرائيلية مئة بالمئة كما قالت قيادة الجيش، لم يحتج أحد في لبنان ولم يتحرك أحد ولا السيد كوفي أنان ولا مجلس الأمن (...).
يلجؤون إلى الوسائل الأمنية بمواجهة المقاومة، أقول لهم الحرب معنا مكلفة جدا وباهظة جدا لأننا مصممون أن نبقى واقفين على أقدامنا ونحن الذين دفعنا أغلى دم من أجل كرامة وعزة واستقرار وسلامة وشرف هذا البلد ولا يمكن أن نضحي بكل هذه الإنجازات وأن ننهزم من الساحة. أريد التأكيد أن ما هو مطروح أمامنا حتى الآن، الخيار المنطقي العقلائي العلمي التجريبي الميداني هو بقاء سلاح المقاومة وتعاونها مع الدولة ولا خيار ثاني، الذي لديه خيار ثانٍ علمي واقعي تجريبي ميداني فليتفضل ويقدمه لنا ولنناقشه. من الغريب أن يقول البعض لنا فلنجرب الخيار الدبلوماسي، وقد جربناه فمنذ العام 1948والعرب يجربون الخيارات الدبلوماسية.
بوضوح تام الموضوع ليس مزارع شبعا، الموضوع أمن لبنان وتهديده وأطماع إسرائيل بلبنان وخصوصا نحن في منطقة تشهد الكثير من التطورات والأحداث الكبيرة. نسمع أنّ القرار 425 فض أسباب النزاع، حسنا، ومن فض أسباب النزاع قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلي، لماذا لا تتكلمون بهذا الموضوع، من أسباب النزاع الخروقات والإعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان فهذا الأمر لم يعالج.
عندما نوصف الواقع يتهمنا البعض بأننا نهدد، "يا أخي نحن لا نهدد ولم نهدد، البعض يقول نحن نهدد بخلط الأمن والحرب الأهلية، أعوذ بالله". أشد الناس حرصا في هذا البلد على الأمن والإستقرار والسلم الأهلي والوحدة الوطنية هم حزب الله. أكثر المستفيدين من السلم الأهلى والوحدة الوطنية والأمن هم حزب الله. نحن في هذه المسائل لا نجامل. نحن نتحدث من موقع القلق ونوصف أمورا نخشى أن تحصل، نحن لا نهدد احدا. أعتقد أن تجربة المقاومة في الداخل ومع اللبنانيين وخصوصا أثناء تحرير المنقطة الحدودية، هذه التجربة وليست الأقوال ولا الشعارات، هذه التجربة النظيفة الراقية، وأنا أذكر أنها المرة الأولى التي يخرج منها الإسرائيليون من منطقة لبنانية هي المنطقة الحدودية دون وقوع حرب أهلية، أليس هذا كافٍ لتطمين من يريد أن يقلق ومن يريد أن يحذر منّا.
نحن لا نهدد وحتى عندما تحدثت عن الأكثرية ووضحت الأمر أكثر من مرة لكن هناك من لا يريد أن يسمع. أنا لا أتحدث عن أكثرية طائفية، أنا أقول أنّ هذا خيار استراتيجي يؤيده في لبنان شيعة وسنة ودروز ومسيحيون من كل الطوائف، وهؤلاء الشيعة والسنة والدروز والمسيحيون من كل الطوائف يمثلون الأكثرية في تأييد هذا الخيار.
نحن إنشاء الله عند عهدنا ووعدنا والتزامنا، وليثق اللبنانيون وأنا وقيادة حزب الله ونواب كتلة الوفاء مسؤولي حزب الله أن نجري نقاشات علنية وغير علنية. أحسن موسم اصطياف باعتراف الحكومات المتعاقبة هو السنة الماضية حيث بلغ مليون ومئتين ألف مصطاف، في ظل من، في ظل سلاح الدولة وسلاح المقاومة. هذا البلد ينعم منذ أربع سنوات بالأمن والإستقرار في ظل سلاح الدولة وسلاح المقاومة. نحن هنا نتحدث عن مقاومة وطنية ومقاومة ملتزمة تريد أن تحمي أهلها.
هناك أيضا مطالب للأسرى المحررين لا تسقط مسؤولية الدولة تجاهها ولم تعالجها، ونأمل أن تبت الحكومة بها وخصوصا أن هناك قرارات بشأنها والمطلوب متابعتها وتنفيذها. نأمل إنشاء الله أن نلتقي العام المقبل وفي مقدم الحفل سمير القنطار ويحيى سكاف ونسيم نسر وكل الإخوة والأخوات المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وأكرر لن نبخل لا بفعل ولا بدم من أجل أن يعودوا إلينا أحياء. وكما قلت عن الإخوة سيعود أسرانا إلينا بشرف وعزة دون منة من أحد، أعاهدكم مجددا سيعود سمير ويحيى ونسي وكل إخوانهم وكل أخواتهم بعز وشرف مرفوعي الرأس في ظل أعراس وطنية ودون منة من أحد إنشاء الله.