
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال أسبوع الشهيد ملحم سلهب في بريتال 8-7-2005
اعتبر الأمين العام ل<<حزب الله>> السيد حسن نصر الله أن الاسرائيليين يؤمنون بقوة المقاومة وجهوزيتها اكثر من ايمان بعض اللبنانيين بها، وهذا الايمان حصل عليه الاسرائيلي من تجربة عمرها اكثر من 23 سنة. وأكد أن نزع سلاح المقاومة مستحيل، ولا علاقة لعمليات المقاومة بأي تطوّر داخلي. ورأى ان التحالفات التي ترافقت مع الانتخابات من أجل تفويت فتنة. وشدّد على ضرورة طي صفحة الخلافات بين <<حزب الله>> والشيخ صبحي الطفيلي وتوحيد المواقف في مواجهة التحديات.
هذه المواقف أعلنها نصر الله خلال احتفال تأبيني في بريتال بذكرى أسبوع الشهيد ملحم حسن سلهب <<جابر>> الذي قضى اثناء المواجهة يوم الاربعاء الماضي في مزارع بلدة شبعا بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي. حضر الاحتفال النواب نوار الساحلي، حسين الحاج حسن، علي المقداد، نادر سكر، جمال الطقش، حسن يعقوب، النائب السابق ابراهيم بيان، الشيخ محمد يزبك، الشيخ نبيل قاووق وفعاليات.
وألقى نصر الله كلمة جاء فيها <<إن شهادة المضحّي ملحم الذي اعتدنا أن نتحدث عنه باسم الحاج جابر، في هذه المواجهات البطولية التي خاضتها المقاومة الاسبوع الماضي، تعيد إلينا مشاهد مألوفة اعتدناها خلال السنوات الماضية من عمر وانطلاقة المقاومة، ففي مشهد عائلة الشهيد تستقبل نبأ استشهاد ابنها بافتخار وتقدير وقبول برضى الله، هذه العائلة تذكّرنا بكل عوائل الشهداء، وقد أعاد إلينا الشهيد ملحم ورفاقه مشهد البطولة والتصدي والقتال في ميدان المواجهة حتى ان العدو تحدّث عن إعجابه بهؤلاء المقاتلين، معتبراً ان العملية تشكل نجاحاً لحزب الله، والمواجهة دامت لساعات بين ثلاثة مقاتلين للمقاومة، مقابل عدد كبير من جيش النخبة للعدو، والقتال كان على بعد عدة أمتار، سقط للعدو قتيل وسبعة جرحى حسب ما ادّعى، قاتل الاخوة ببطولة وتمكن اثنان من العودة، أما <<جابر>> فتقدّم الى الأمام حتى قضى شهيدا، فالبقعة التي استشهد فيها، لم يجرؤ الصهاينة أن يتقدّموا منها على مدى يومين، وتعرّضت الى قصف متواصل من طائرات الهليكوبتر، فجثمان الشهيد جابر وروحه كانتا تقاومان العدو>>.
وتابع <<يخطئون عندما يتصورون ان المقاومة كامنة في السلاح، فهناك جيوش تملك ترسانات ضخمة من السلاح، لكنها عاجزة عن صنع نصر متواضع، فالقوة تكمن في العقل والقلب والروح التي تحتضن السلاح، وهذا أحد أهم المعاني الكبيرة لاستشهاد ملحم حيث اعاد إلينا تجديد ثقافتنا المقاومة، وذكّرنا <<جابر>> ان أمامنا طريق صعب لا يمكن ان نسلكها الا بالشهادة>>.
وأكد نصر الله مواصلة درب الشهادة، <<فما جرى في الايام القليلة، يدفعنا الى الاشارة الى عناوين ترتبط بالمرحلة القادمة منها:
اولاً، تحدّث العدو وإعلامه، وسكت الكثير من الناس في لبنان لانشغالهم بالوضع الداخلي، تحدث العدو ان مزارع شبعا إسرائيلية، وعندما تحدّث عن المجاهدين اعتبرهم خرقوا الحدود الإسرائيلية، وكأنما الخط الازرق في مزارع شبعا هو حدود اسرائيلية، (وللاسف لم يتحدث عن الموضوع في لبنان إلا وزير الخارجية). في حين أعاد شارون تصويب الأمر فأخطأ في ذلك عندما قال <<إن شبعا هي أراضٍ سورية ولن ننسحب منها>>، نحن نؤكد ان مزارع شبعا هي أراضٍ لبنانية بحسب قرار الحكومات اللبنانية المتعاقبة، وإذا كان هناك من خط أزرق على الحدود الدولية، فلا خط ازرق داخل مزارع شبعا، ومن حقنا ان نقاتل داخل أي وادٍ او تلة فيها، ولا نقبل ان نحاسب باعتبارنا اننا اخترقنا الخط الازرق. ومن يلتزم بلبنانية مزارع شبعا عليه ان يلتزم بحقنا المقاومة فيها.
ثانيا، حاول البعض ربط الامور بطريقة غير صحيحة، عندما ربط بين المجابهة الأخيرة وبين تشكيل الحكومة، هذا الكلام غير صحيح ولا ربط على الإطلاق بين المواجهة وأي موضوع داخلي.. لا علاقة لما يجري في خندق المقاومة واي تطور داخلي ان كان معقداً او سهلاً، هذا خط اختطناه منذ عام 1982 ومهين أن نسخّر دماء الشهداء لأغراض داخلية حتى ولو كانت مقدسة. والبعض تحدث عن رسائل في هذه المواجهة، هذه المواجهة لها رسالة واحدة قديمة جديدة، وهي إن المقاومة موجودة تقوم بواجبها وتؤدي وظيفتها ويأتي مقاتلوها من كل قرى لبنان يتصدّون يقاتلون ويسهرون، والرسالة ان المقاومة هنا ولا يستطيع ان يقتلعها أحد، رسالة للعدو ليعرف أن كل ما يجري في لبنان وحوله لا يمكن أن يجعل عيون المقاومة تنام أو تنشغل بأمور أخرى، الرسالة هي ان المقاومة وحزبها حتى ولو حضرت بقوة في الوضع الداخلي، من تشكيل حكومة وغير ذلك، ستبقى المقاومة وعيون حزبها على القدس وكرامة الوطن وسلامة أهلنا>>.
وأضاف نصر الله: <<ثالثاً في السياق نفسه، المواجهة كالعادة، البعض اعتبر ان هذا امر جديد، بينما ما قام به العدو الاسرائيلي قديمه وجديده بالتهديد بردٍ قاسٍ وكنا نسمع دائماً بهذا التهويل، لكن الجديد فيه انهم ارسلوا طائراتهم لترشّ مناشير ظناً أن ذلك يرهب الناس، نقول لا يمكن أن ينال هذا من معنويات وعزم المقاومة وثقة اللبنانيين بها. والذي كان يمنع الصهاينة في كل المراحل السابقة في تحقيق تهديداتهم إيمانهم بنا، وأنا اقول إن الإسرائيليين يؤمنون بقوة المقاومة وجهوزيتها أكثر من ايمان بعض اللبنانيين، وهذا الايمان حصل عليه الإسرائيلي من تجربة عمرها أكثر من 23 سنة. من هنا نقول للبنانيين لا تقلقوا من هذا التهويل>>.
وقال <<ما يهدّد المقاومة منذ فترة، القرار 1559، وبعض بنوده التي تتحدّث عن نزع سلاح الميليشيات في لبنان واعتباره ان <<حزب الله>> ميليشيا. نحن وانتم نخوض هذه المواجهة، فالكثير من اللبنانيين رفضوا القرار، والبعض معه، لكنهم يقولون يجب أن نبحثه في اطار الوضع الداخلي، بينما الأميركي يضغط على لبنان الرسمي والشعبي لتحقيق المطلب الإسرائيلي، فاميركا تضغط من أجل تحقيق القرار 1559>>.
وأعلن <<خلال الاشهر الماضية، ومن خلال الانتخابات والتحالفات وحضوركم الكبير وتأييدكم للمقاومة، استطعنا تجاوز مرحلة مهمة من الخطر، لكنها لم تنته بعد>>.
ورأى ان الاميركي اعتقد بأن الانتخابات ستؤدي الى عزل المقاومة عن شعبها وبيئتها المباشرة، <<فكان الجنوب والبقاع مسرح المواجهة، وهاتان المنطقتان معنيتان اكثر من غيرهما وان كان ذلك هماً لبنانياً كاملاً. قدّر الاميركي انه اذا حصلت انتخابات ستعزل المقاومة بعد ان سخر كل وسائل الاعلام وبعض الشخصيات والمنابر للتهويل على اللبنانيين، وقالوا ان القرار 1559 هو قرار دولي لا يمكن مواجهته، وكتب البعض ان القرار سيطبق بالقوة من خلال اساطيل الحلف الاطلسي وغيره، ولم يترك الاميركي وسيلة للضغط والترهيب إلا ولجأ إليها، وبالتالي رأى ان هذا المناخ سيفرض انتخابات تكون نتيجتها ضد المقاومة، هذه المعادلة الخاطئة في عقل الاميركي والاوروبي والاسرائيلي والمجتمع الدولي، اثبت اللبنانيون خطأها لانهم ينظرون الى سلاح المقاومة كسد وضمانة للدفاع عنهم>>.
وقال نصر الله <<ما قمنا به من تحالفات كانت صحيحة بنسبة مئة بالمئة، رغم بعض التضحيات التي قدمت من اجل قضية اكبر واهم وهي تفويت الفرصة على حدوث فتنة. فالجنوب والبقاع كانا موحدين ولم يخوضا معركة انتخابية بل خاضا استفتاء حقيقيا، ونجدد الشكر لاهل بعلبك الهرمل ولاهل بريتال على الصورة التي قدمت دفاعا عن المقاومة، هذه التحالفات غيرت الكثير من المشهد السياسي في البلد واوصلت الاميركي الى تساؤلات كبيرة، وها نحن ندخل بقوة الى المعادلة السياسية بعد ان ظنوا اننا سنخرج منها، واضطر الاميركي لان يعترف ان سحب سلاح <<حزب الله>> صعب جدا، وأنا اقول لهم ان نزع سلاح <<حزب الله>> ليس صعبا جدا بل مستحيل جدا. اميركا والغرب لن يستطيعا ان يفعلا شيئا بفرض نزع سلاح المقاومة. الاوروبيون سايروا الاميركيين بالقرار 1559، وقالوا بعد الانتخابات ونتائجها لا يمكننا إلا ان نأخذ بوجهة نظر رأي الناس والدعم الشعبي الذي حظيت به المقاومة <<حزب الله>>. وتحالفاتنا السياسية الجديدة لا تعني اننا تخلينا عن تحالفاتنا القديمة وقد عبرنا عنها في الجنوب والبقاع>>.
واعتبر <<ان الاميركي يراهن على الصراع الداخلي والفتنة الداخلية والتنازع بين اللبنانيين انفسهم، فالعقل يقضي بسد اي باب للصراع الداخلي، لذلك قلنا علينا مواجهة هذا الامر بمزيد من التلاقي والحوار وتحصين الجبهة الداخلية، واصبحنا في مرحلة متقدمة على هذا الصعيد>>.
وفي موقف داخلي جديد لافت، قال نصر الله <<اننا اليوم في بلدة بريتال التي لها سابقة في الجهاد والمقاومة والشهداء، واهلها معنيون بتأكيد تحصين الساحة الداخلية، واذا كان بعضنا يفكر بأن نتحاور ونتصالح لجمع شمل الوطن، فالاجدى بنا ان نلم جمع شملنا، من هنا اؤكد اننا معنيون بهذه المسؤولية، واستفيد من هذا الدم الزكي المبارك واتوجه إليكم والى أخ كبير وعزيز، كان كبيرا وعزيزا وسيبقى كبيرا وعزيزا اعني سماحة الشيخ صبحي الطفيلي، اقول نحن اخوة في سالف الايام، حصل خلاف وتطور وانتهى اليوم، ونحن في مرحلة نحتاج فيها ان نكون سويا ومعا، لا من اجل فلان وفلان، بل من اجل القضايا التي ندعي اننا مستعدون للتضحية من اجلها، يدنا ممدودة وقلوبنا مفتوحة، وعلينا ان نكون جادين في هذا الاتجاه>>.
وأكد <<ان الاميركي عاجز عن خوض حربين بريتين في الوقت نفسه حسب ما اعلنه البنتاغون قبل ايام عن تغيير في استراتيجيتهم وهذا مؤشر على عمق ازمتهم في المستنقع العراقي، يمكن للاميركي ان يستخدم طائراته ضد بلد ما، لكن من قال ان هذه الضربات ستتم دون ردات فعل>>.
واضاف <<نحن مطمئنون الى انه لا خيار عسكريا في لبنان بنسبة عالية جدا، ولو كان العدو قادرا على خوض تجربة عسكرية جديدة لما غادر لبنان. وإذا كان الاميركي يريد نزع سلاح المقاومة فليشرفوا، لكنهم يعرفون ان لبنان ليس نزهة، لذلك يراهنون ليس على عمل عسكري، بل على ضغط سياسي ونفسي ومعنوي واقتصادي، وهذا برأيهم سيؤدي اما الى تسليم السلاح واما الى فتنة داخلية. واليوم تشرف هذه المندوبة الاميركية <<ديبل>> تزورنا والتقت مع بعض المسؤولين وتجاهلت البعض الآخر، (نحن مش ناطرينها ولا شرف لنا في اللقاء معها) اهكذا يتعاملون مع دولة ذات سيادة؟! يأتون الى هنا للضغط، وهم اعلنوا انه بعد الانتخابات ستزداد الضغوط على لبنان؟>>.
واعتبر ان الاولوية لمختلف التيارات السياسية والكتل النيابية هي الاصلاح الاداري وحل المشاكل الاقتصادية والدين العام، بينما الاميركيون يريدون ان يفرضوا على اللبنانيين اولويتهم هم التي هي اولوية اسرائيل، القرار 1559، وما يهم الاميركي ان في لبنان قوة تهدد اسرائيل يجب التخلص منها>>.
واعلن <<نحن لسنا ذاهبين الى الحرب بل الى مواجهة سياسية، واللبنانيون من خلال تفاهمهم يمكن ان ينأوا ببلدهم عن المخاطر التي تريد اسرائيل واميركا ايجادها للبنان>>.