
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في افتتاح قسم قسم جراحة القلب والشرايين في مستشفى الرسول 11-10-2004
برعاية الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله افتتحت مستشفى الرسول الأعظم (ص) قسم جراحة القلب والشرايين وذلك في احتفال أقامته في قاعة الإمام الخميني في المستشفى بحضور السفير الإيراني في لبنان مسعود إدريسي وممثل وزير الصحة سليمان فرنجية د. بهيج عربيد، النائبان علي عمار ونزيه منصور، نقيب الأطباء د. ماريو عون ، نقيب الأطباء السابق محمود شقير، نقيب المستشفيات في لبنان سليمان هارون وشخصيات عسكرية وطبية ومهتمين...
بعد تلاوة عطرة من القرآن الكريم وعزف النشيد الوطني اللبناني وكلمة الدكتور محمد بشير باسم إدارة المستشفى، ألقى سماحة السيد نصر الله كلمة، شكر في مستهلها كل الذين ساهموا في دعم وتأسيس وتطوير مستشفى الرسول (ص) وأوصلوه إلى الحالة المتقدمة التي أصبح عليها الآن. وأكد أن حزب الله ينظر إلى العمل الصحي والاستشفائي في لبنان نظرة خاصة ويرى أن من حق أي مواطن يعيش في أي بلد أن تؤمن له دولته الاستشفاء والتعليم بشكل مجاني. ودعا "الوزارة ومسؤولي الدولة والنقابات والإدارات المعنية وكل الفاعلين في القطاع الصحي إلى التلاقي والحوار والنقاش، والبحث عن الحلول وتقديم المبادرات والمعالجات وإن اقتضت تقديم تنازلات لبعضنا البعض لمصلحة أهلنا وشعبنا وبلدنا"، مشدداً على أنه "إذا كان يمكن التسامح في بعض الحاجات فإن الحاجات الصحية لا يمكن التسامح فيها وأن التقصير أو الإهمال أو الخطأ المتعمد أو العناد في معالجة هذه المسائل قد يرقى إلى مستوى الخيانة الإنسانية".
وأضاف سماحته :" عندما نأتي إلى واحدة من الحاجات الأساسية، نواجه أزمة انقطاع الكهرباء. وحتى الآن أنا لم أفهم ما هي مشكلة الكهرباء في لبنان؟ كل واحد يتحدث شيء مختلف عن الآخر، ولا تعرف من يجب أن تصدق، وعلى ماذا يجب أن تعوّل. في أي بلد عندما يحصل ما حصل قبل أيام وما يمكن أن يحصل بعد أسابيع قليلة، يحاكم المسؤولون، يستقيل البعض، يُقال البعض، طبعاًـ في لبنان لا يحصل شيء من هذا القبيل، بل يمكن أن يُثاب المقصرون، وترتفع رتبهم ودرجاتهم . نريد أن نفهم ما يجري، هل الحقيقة هي حكاية سفن وفيول وسمسرات ومن يدفع أقل ومن يدفع أكثر ومن يريد أن يُعتم البلد حتى يمرر صفقة مولدات كهرباء تُباع في السوق؟ هل ما يجري هو في إطار صراعات سياسية لتصفية حسابات سياسية لحرق مواقع سياسية؟ هل ما يجري لا يرتبط بهذا أو ذاك وإنما هو تقصير إداري أو إهمال أو قصور إداري؟ يمكن أن يكون هذا كله". وتابع سماحته " كان البلد غارق في الظلام ولم نلاحظ أحداً من الدولة سأل عن انقطاع الكهرباء. أريد أن أحذر الدولة والحكومة إلى أين تريدون أن تدفعوا الناس؟ أنا أعرف، هناك ومدن ومناطق وقرى، مشاعر الناس كانت غاضبة وساخطة جداً خلال أيام العتمة، وكان يمكن أن تنفلت الأمور في أي لحظة من اللحظات، أنا لا أهدد أحداً، أنا أُوصف واقعاً يريد المسؤولون أن يتجاهلوه وما زالوا مصرين على تجاهله، ثم إذا حدث أمر، يقولون لقد فوجئنا. وإذا حدث أمر قد يربطوه بالأوضاع الإقليمية. لا، هناك أناس بسبب العتمة "والشوب سوف يطفشون" ستمتلئ الشوارع بالغاضبين ولا ندري إلى أين يمكن أن يذهب البلد. هذه مسائل جدية يجب أن ينظر إليها المسؤولون ولا يجوز أن تتكرر هذه الحادثة التي حصلت قبل أيام في لبنان ونحن في بداية عام دراسي..".
وتطرق سماحته إلى وضع المنطقة فقال: " ما يجري في فلسطين المحتلة في ظل سكوت في العالم، ما يجري في غزة هو أشبه بعناقيد غضب التي جرت في لبنان، ما يجري في غزة هي مجازر قانا مجزأة كما جرى في لبنان. من الأمور التي تدعو إلى الحزن أكثر أنه عندما حصلت عملية طابا، بمعزل عن الموقف من هذه العملية وتقييمها ومن يقف خلفها ودوافعها، وجدنا أن العالم من أقصاه إلى أقصاه قام مستنكراً مستهجناً ومديناً ومتألماً... ولكن ما جرى في طابا يجري كل يوم في فلسطين، وأصبح الأمر خبراً عادياً جداً، خبر 5 شهداء و10 شهداء و20 شهيد في فلسطين كما في العراق، كل يوم في العراق نسمع 50 و60، الطائرات الأميركي تقصف عرساً وتقتل 30 أو 40 خبر عادي جداً ! هذا أمر يستدعي التوقف. الفيتو الأميركي الأخير في مجلس الأمن يذكرنا بالفيتو الأميركي الذي وضع على مشروع قرار إدانة إسرائيل لارتكابها مجزرة قانا. وهذا شاهد إضافي على أولئك الذين يمكن أن يراهنوا على الولايات المتحدة الأميركية، ليس للدفاع عن كرامتهم، للدفاع عن دمائهم ونسائهم وأطفالهم. في الآونة الأخيرة، للأسف الشديد أن بعض الجنود الإسرائيليين لم يتحملوا ما فعله ضابطهم عندما أطلق النار على فتاة فلسطينية اسمها إيمان في رفح عمرها 13 سنة فقتلت وعندما تقدم الضابط فوجد أن هذه فتاة عزلاء صغيرة لا حول لها ولا قوة، قام وأطلق عليها 20 رصاصة، ملأ جسدها بالرصاص. بعض الجنود الإسرائيليين لم يتحملوا ذلك، نقلوا ذلك إلى قادتهم، إلى وسائل الإعلام. ولكن العالم العربي تحمل ذلك، الحكام، القيادات، النخب، وسائل الإعلام، تحملت ذلك وأصبح هذا خبر عادي، ولا يتوقف عنده أحد. المسألة ليست مسألة الفتاة إيمان التي أجهز عليها ب20 رصاصة، وإنما المسألة هي كل هذا المناخ وكل هذا الجو وكيف نتعاطى معه ونتصرف إزاءه.
في نفس هذا السياق، التهويل، التهديد، ما يرتبط بالقرار 1559، وأنا أقول لكم لأمر لا يلتفت أو قد لا يلتفت إليه بعض اللبنانيين إلا في حالات خاصة، وكنت دائماً أقول أن الحريصين على السيادة يجب أن يقفوا طويلاً عند هذا الأمر. منذ اتخاذ مجلس الأمن القرار 1559 إلى اليوم، حركة الطيران الإسرائيلي في لبنان تصاعدت وتضاعفت، وما جرى اليوم هو تطور على هذا الصعيد ( تحليق عشر طائرات حربية فوق كل لبنان) ليس طائرات الإستطلاع، الطائرات الحربية. تصعيد دائم، تحليق دائم، خرق دائم للأجواء بشكل استفزازي، أنا لا أريد أن أقول كيف نفكر وكيف نتعاطى مع هذه المسائل، لكن أحياناً يشعر الانسان بأنه منذ اتخاذ ذاك القرار إلى الآن أن إسرائيل تعمل على استدراج ما في لبنان، تخطط لشيء ما في لبنان، ولكنها تبحث عن حجة وذريعة وإن كانت لا تنقصها الحجة والذريعة. في هذا الأمر نحن تعاطينا في المقاومة بمسؤولية وسنتعاطى بمسؤولية، ولكن مسؤولية لا تفرض شكلاً ثابتاً من أشكال التعاطي، وإنما قد نتعاطى اليوم بأسلوب ونتعاطى غداً بأسلوب آخر.
في كل الأحوال، في ظل هذا المناخ، ألقى الرئيس بشار الأسد خطاباً مطولاً، كان هناك تعليقات عديدة في لبنان... ولكن أنا أريد أن أقول كلمة واحد من زاوية واحدة: إن هذا الخطاب يدل على أنه ما زال هناك في العالم العربي بقية ممانعة ومقاومة وإرادة وعزم. عندما نستمع إلى رئيس عربي يتحدث بجدية ويرفض الاستسلام. هذه مسألة ذات قيمة عالية جداً في العالم العربي. يجب أن نشاهد هذه الإيجابية الكبيرة. في هذا العالم العربي الذي تتقرب فيه الحكومات بالمزيد من التنازلات، تتقرب فيه من التبرع أحياناً، أي تقوم بأمور لم تطلب منها، في الوقت الذي نشهد فيه تداعياً رهيباً، في الوقت الذي عندما تصرخ فيه أميركا أو أحد في العالم أو مجلس الأمن الدولي على دولة هنا أو دولة هناك، حكومة هنا أو حكومة هناك، تنظيم هنا أو تنظيم هناك، نرى قادته أو زعماؤه يرتعدون خوفاً، نجد أنه في منطقتنا العربية ما زال هناك من يقف ويتحدث بصلابة وبإرادة ويرفض الاستسلام، هذه إيجابية كبيرة، وهذه الإيجابية لا تسجل لسوريا، هي تسجل لسوريا ولبنان ولفلسطين وللمنطقة، لأننا بحاجة إلى أي إرادة، إلى أي عزم ، إلى أي نقطة قوة، فكيف إذا كانت بمستوى أحد الحكام المؤثرين والأساسيين في هذه المنطقة.