كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في تشييع شهداء المقاومة الإسلامية في قاعة سيد الشهداء (ع) – الرويس يوم السبت 31-1-2004
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في تشييع شهداء المقاومة الإسلامية في قاعة سيد الشهداء (ع) – الرويس يوم السبت 31/1/2004
السادة العلماء، عوائل الشهداء، السادة النواب، الأخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله في كتابه المجيد: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون". أنا وأنتم الآن في محفل استقبال هؤلاء الشهداء الأعزاء، في محفل الترحيب بالشهداء الأسرى العائدين إلى الأهل وإلى الوطن، نحن أيضاً في موكب التشييع لهؤلاء الشهداء الأعزاء من أرض الوطن إلى أرض الوطن، من فلسطين إلى لبنان، من أرض الجهاد إلى أرض الجهاد، من أرض المقاومة والعطاء إلى أرض المقاومة والعطاء.
هؤلاء الأخوة المجاهدون المضحون الذين قضوا في سبيل الله تعالى هم معنا الآن، بل هم الأحياء الأحياء، هؤلاء الشهداء هم أشد حياة من كثير من الأحياء في هذا الوجود. هم الأحياء الحقيقيون. أقول لشهدائنا هنيئاً لكم الجنة منذ الشهادة، وهنيئاً لكم العودة إلى تراب وأحضان الوطن، ودفء تراب الوطن، إلى قرب الأهل الأب والأم والزوجة والأولاد والأخوة والأخوات والعائلة والأصدقاء والرفاق والأحبة. وهذا عهدنا مع كل أخ قضى شهيداً أو ما زال مقيّداً بالسلاسل في السجون. أيها الأخوة الأعزاء والأخوات العزيزات هؤلاء الشهداء هم شهداء حزب الله من بين مجموعة الأجساد الطاهرة التي تم التبادل عليها في الآونة الأخيرة.
يجب أن نلفت هنا للناس بشكل عام ولعوائل الشهداء الذين لم نحصل بعد على أجسادهم، لا يجوز أن ييأس، الإسرائيليون في تبادل 1996 الذي شمل ما يزيد على مائة جسد شهيد قالوا في ذلك الحين أن هذا هو كل ما لديهم من أجساد الشهداء، ولم يكونوا صادقين بالطبع لأنهم احتفظوا بأعداد من أجساد الشهداء جانباً، والدليل أنه في هذا التبادل هناك شهداء سقطوا سنة 1984، 1985، 1987، وكان مفترض أن يشمل هؤلاء التبادل الذي جرى عام 1996. كذلك عندما حصل التبادل عام 1998 قال الإسرائيليون عندما أعطونا ذاك العدد من أجساد الشهداء، إن هذا كل ما بقي لدينا من أجساد الشهداء وكانوا يكذبون أيضاً. والدليل أيضاً هو نفس الدليل، والآن في هذا التبادل قالوا هذا كل ما لدينا.
طبعاً نحن لدينا مشكلة في الإثبات، قد يقول قائل إن الإسرائيليين يقولون هذا كل ما لدينا، ماذا تستطيعون أن تفعلوا وماذا تقولون؟ نحن نقول لا الشهداء موجودون عندكم ويجب أن تعطونا إياهم. نحن في الحقيقة لدينا نقطة ضعف في هذا الأمر، وهو دليل الإثبات، فالشهداء الذين كانوا يسقطون في الجنوب والبقاع الغربي أو على مساحة أوسع بين عامي 1982 و1985، كان الصهاينة يحتجزون بعض أجساد الشهداء، وبعضهم كان يحتجزهم العملاء اللحديون، ويقومون أحياناً بدفنهم بشكل عشوائي وفي أماكن متفرقة وغير معلومة، وأحياناً كان الشهداء يبقون في أماكنهم لا ينقلون ولا يحتجزون، والدليل انه نحن كنا بعد أيام، وأحيانا بعد أسابيع، وأحيانا بعد سنوات نستعيد أجساد هؤلاء الشهداء، من خلال جهد المقاومة، وعندما لا نملك إثباتا نتمسك بموقفنا، ولا يسعنا في نهاية المطاف إلا أن نقبل بما يقال، وان كنا لا نثق بما يقال.
بناء عليه أؤكد إن بقية أجساد الشهداء، وهنا أنا لا أتحدث عن المفقودين في لبنان سنة 1982 إلى انتهاء الاجتياح وبدء عمليات المقاومة والى التحرير عام 2000، فهؤلاء قصتهم مختلفة ويجب أن نثبت أولا انهم ما زالوا أحياء، أو انهم قتلوا. أنا أتحدث عن الشهداء الذين نقطع بشهادتهم ومن المعلوم انهم استشهدوا، لكن لم نحصل على أجسادهم. أما بالنسبة لبقية أجساد الشهداء نحن نعتقد إنها ما زالت في حوزة الإسرائيليين، واستنتاجنا يقول لنا ذلك، ونعتقد انه في أي عملية تبادل جديدة قد يتبين لنا شيء من هذا أيضا، وعندما نتحدث عن بقية أجساد الشهداء في الحد الأدنى نتحدث عن عشرات، سواء كانوا ينتسبون إلى المقاومة الإسلامية والى فصائل المقاومة اللبنانية الوطنية الفلسطينية الذين استشهدوا على الجبهة اللبنانية. هؤلاء أقول لعائلاتهم الكريمة كما كنا نقول وكما كنا نؤمن انهم موجودون في أعز أرض وتراب مبارك ومقدس هو تراب فلسطين، كلنا يحب أن يكون لفقيده وشهيده العزيز قبر يأوي إليه يقرأ له الفاتحة، ونحن نعرف هذه المشاعر جيداً، ولكن أقول لهم لا تيأسوا المقاومة التي استعادت المحتجزين والمعتقلين من الأحياء والشهداء هي لن تترك شهدائكم أيضاً.
أما بالنسبة إلى لائحة المفقودين أشير إلى أننا حصلنا على لائحة تضم أربعة وعشرين اسما أحدهم من شهداء المقاومة الإسلامية ، وبالنسبة إلى بقية الأسماء للأسف الشديد الثلاثة والعشرين لم يتحدث الإسرائيليين في معطياتهم عن أي حي ، إنما قالوا فلان وفلان من لائحة المفقودين الذي تقدمنا بها والتي تضم ما يزيد عن 250 اسما من المفقودين في لبنان سنة 1982 وما بعدها قالوا لنا إن فلان وفلان هم بحسب معطياتهم ومعلوماتهم من القتلى ، ولم يقولوا معطى عن أي واحد منهم انه لا زال على قيد الحياة، وأن أجسادهم ليست في حوزتهم، وقد يتبين في يوم من الأيام أن أجسادهم عند الإسرائيليين، ولكنهم لم يحددوا أيضا أماكن الدفن وليس من اللائق ومن الطبيعي أن ننشر هذه اللائحة لأنه من غير اللائق ومن غير الأخلاقي أن يسمع بعض الناس عن موت أقاربهم من وسائل الإعلام. نحن سنحاول أن نتعرف على أهالي هذه الأسماء والاتصال بها، والقول لها هذه هي المعطيات، ولا نستطيع أن نؤكد هذه المعطيات أو ننفيها. هذا شأن يعود إلى العائلة وما تطمئن له، والى المدد الزمنية المتفاوتة والقرائن والعلامات المحيطة بفقد هذا الأخ والعزيز، هذا في موضوع المفقودين.
أما لبقية أجساد الشهداء وباعتبار أن هناك فرضية صحيحة انه في الآونة الأخيرة عثر على بعض المقابر التي تضم شهيدين أو عدة شهداء، خصوصا في بعض الأحزاب والقوى التي كانت تقاتل قبل سنة 1982 كان يدفن شهداء في الأرض اللبنانية، ويمكن أن نجد أحيانا في محيط بلدة الطيبة أو بلدة الخيام أو القرى المحاذية للشريط يمكن أن يوجد فيها شيء من هذا القبيل، وخصوصا أن اللحديين كانوا لا يعيرون الاهتمام إلى إبقاء معالم أو إشارات، أو وثائق تفيد على المدفونون هنا أو هناك.
من هذا المنبر ومن بين يدي هؤلاء الشهداء الأعزاء، اوجه نداء إلى اللحديين السابقين الذين عفت عنهم الدولة، وموجودون في الجنوب والبقاع الغربي وفي مناطق أخرى أقول لهم على كل حال الحسنات يذهبن السيئات، فليعملوا معروف لان بعضهم يعرف وبالتأكيد، وخصوصا من كان يتولى مسؤوليات في جيش لحد أين دفنوا بعض الشهداء ، فليأتِ من يعرف وفي سرية تامة لان لا أحد سيحاسبه ويكفيه انه حمل السلاح لمدة طويلة إلى جانب العدو ولم يسأل أحد عنه، ولم يحاسب، فليأتِ إلى مختار الضيعة ورئيس البلدية أو لأي شخص يثق به، ويعطيه أي معلومات تفيد عن دفن الشهداء. هذه حسنة وعمل صالح، لان هناك عائلات كثيرة مصرة على استعادة الشهداء، ونحن مصرون على ذلك. هذا نوع من المساعدة التي يمكن أن يقدمها هؤلاء الذين ارتكبوا الكثير من الجرائم والخطايا، يمكن أن يقدموا هذا النوع من المساعدة لمجتمعهم وشعبهم ووطنهم.في كل الأحوال نحن نعتز بشهدائنا هؤلاء ونفتخر بهم شهداء هذا الطريق، هم أهل اليقين، وهم على يقين بما أقدموا عليه وعلى يقين بما تركوا خلفهم وممن تركوا خلفهم. والفاتحة لأرواح الشهداء.