كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء - الرويس - الليلة الرابعة 24-2-2004
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء - الرويس - الليلة الرابعة 24/2/2004
أحيا حزب الله الليلة الرابعة من ليالي عاشوراء وكانت مناسبة للاحتفال بذكرى استشهاد السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب وتكريم الأسرى والشهداء المحررين والحاج مصطفى الديراني، وذلك مساء اليوم الثلاثاء 24/2/2004 في قاعة سيد الشهداء – الرويس.
وتحدث الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في المناسبة ومما جاء في كلمته: "الحسين "ع" قام ليحفظ هذا الدين ليس للكتب وإنما للناس، وليس للنظريات وإنما للحياة وللتطبيق وللسلوك وللممارسة وللاقتداء. هذا الأمر نعم يستحق كل هذه التضحيات، أن يقتل البعض وان يتأذى البعض وأن يسبى البعض ويعتقل البعض من أجل بقية الناس، وكرامة الناس ومن أجل شرف وسعادة وخير و أمن بقية الناس. ألم يحصل هذا في لبنان؟ هل كل اللبنانيين قاتلوا واستشهدوا وقدموا شهداء واعتقلوا وهدمت بيوتهم؟ لا.. هناك بعض اللبنانيين بحسب تفاوت المناطق والظروف والأوضاع قدموا شهداء. البعض قاتل واعتقل وهدمت بيوتهم وهجروا، إذاً هناك بعض الذي قدم التضحيات بسخاء ولكن عندما جاء النصر كان للجميع، وعندما جاء التحرير كان للجميع وعندما حصلت الحرية كانت للجميع وعندما يحمى البلد ينعم الجميع بالأمن، عندما لا يجرؤ العدو أن يعتدي على البلد ينعم الجميع بالسلامة. اليوم كل عربي وكل لبناني يشعر بالكرامة والشرف والثقة بالنفس، وأننا قادرون على أن نفعل أشياء كثيرة قيل لنا إننا عاجزون عن فعلها.
وأضاف سماحته: "منطق الأمور طوال التاريخ كانت المسائل هكذا. أن يعتقل البعض ويستشهد البعض ويقاتل البعض ويضحي البعض ويجرح البعض ولكن النتائج بركاتها وخيراتها تعود على كل الناس الذين ينتسب إليهم هؤلاء البعض.. هذه هي رسالتنا اليوم عندما نأتي إلى السيد عباس ورفاقه والى بقية الشهداء لنحاول أن نطل على السيد عباس وأفكاره ووصاياه وسيرته.. السيد عباس ومن سبق ومن لحق ومن سيلحق ليسوا بدعا من البشر. هم أتباع الأنبياء والرسل والأئمة (ع) تكون الميزة هنا هذا الشخص كم يجسد من هذه الأفكار والقيم والمعاني، كم هو قريب منها وكم هو ملتزم بها وكم هو بصدق يعبر عنها في قوله وفعله وسلوكه، هنا يتفاوت الأشخاص وهنا يكون للسيد عباس والشيخ راغب ميزة وللشهداء الذين مضوا ميزة خاصة".
وقال السيد نصر الله: "عندما يتساءل الكثيرون عن مشروع حزب الله والمقاومة الإسلامية هي الجزء الأول والأساسي من مشروع حزب الله. ما هو مشروع حزب الله؟ مشروع حزب الله هو الناس والأرض بما هي أرض لا تستحق أن يقتل الإنسان من اجلها. أيقتل الإنسان من أجل حفنة تراب؟ المال بما هو مال هل يستحق أن يقتل الإنسان من أجله؟ الأرض التي نقاتل لتحريرها هي من أجل أن ينعم فيها الناس ويسكنها الناس، ويزرعها الناس ويستفيدوا من خيراتها. ما ندافع عنه هو الناس وحياتهم وكرامتهم ورزقهم وأمنهم وشرفهم وعزتهم. عندما تتصل الأرض بالناس ويتصل الماء بالناس، وتتصل السماء بالناس ويتصل المال بالناس يصبح للأرض وللسماء وللماء وللمال قيمة يستحق أن يدافع الإنسان عنها لأنه يدافع في نهاية المطاف عن الناس .ولذلك إذا كنا مخلصين لما نؤمن به نقول نحن ليس مشروعنا أن نتأمّر على الناس أو نكون سلاطين عليهم بل أن نكون خداماً للناس، ومدافعين عنهم وان نكون الطليعة الحاضرة لتقدم دمها لتحمي دماء الناس. ولتقدم أعزاءها ليبقى أعزاء الناس في بيوتهم وعائلاتهم لتعيش حياتها في الخطر ليعيش الناس حياتهم في الأمن، هكذا نفكر وهكذا نسعى أن نكون ونريد أن نكون هذا مشروع محمد "ص" وعباس الموسوي.
وتحدث سماحته عن وصايا السيد عباس الموسوي وعن مسؤوليتنا اتجاه هذه الوصايا والمبادئ، وقال: "الكل يعرف أن الوصية الأساس حفظ المقاومة الإسلامية. بالنسبة للسيد عباس المقاومة هي المشروع الأساسي وطريق الأمن والسلام والعزة والشرف لذلك كان يهتم ويوصي بها ويعمل في صفوفها، وترك لنا السيد عباس هذا الأصل الذي اصبح أصلا في مسيرتنا حاكما على كل شيء. الأصل حفظ المقاومة يعني بقاء المقاومة واستمرارها وتقويتها وتصاعدها لتحقق أهدافها الإلهية الإنسانية. ونحن على هذا الخط ماضون ومستمرون، وتحملنا الكثير من العذاب والحرمان والظلم الداخلي ولكن بقي ما يصدح في آذاننا ويملأ عقولنا وقلوبنا صوتك الذي يوصينا بان لا نرتكب أي خطأ يرتد على المقاومة وان لا نستبدل بأولوية المقاومة أية أولوية أخرى.. كانت قضية المعتقلين والأسرى قضية أساسية بالنسبة للسيد عباس. اليوم نقول للسيد عباس في ذكراه السنوية هذه وصية أخرى من وصاياك وأمنية عزيزة من أمانيك قد تحققت بنسبة كبيرة ولم تكتمل، والأمنية لم تتحقق بكاملها. نحن مجددا نعبر عن فرحتنا بوجود هذه الوجوه الطيبة الكريمة من أخواننا المعتقلين، ونأمل أن نوفق في بقية هذه المراحل لتحقيق المزيد من الإنجازات على هذا الصعيد.. في موضوع الجثث الثلاثة عندما نقلت إلى تل أبيب. الحاخام اليهودي يعجب ويقول إن حزب الله لم يمثل في الجثث.. يعتبر البعض أن هذا الكلام جيد لكن نرى انه يحمل شيء من الإهانة. هل هناك سابقة من هذا النوع وهل نمثل نحن في الجثث في السابق بادلنا على جنديين إسرائيليين. هل مثل بهما؟. نحن في انتمائنا إلى قيم ومفاهيم والى ديننا وإله محمد (ص) لا نفعل ذلك. نبينا قال لنا: "لا تمثلوا ولو بالكلب العقور". وقال (الحاخام) المقاومة الإسلامية احتفظت بجثث الجنود الثلاثة في ثلاجات خاصة أبقتهم على شكلهم الطبيعي طوال فترة الأسر وعندما تم تسليمهم للعدو تبين لهم انهم ماتوا منذ ساعات. أجساد مكتملة ومعالم لم يتغير فيها شيء. هكذا أعدنا أجساد الجنود الإسرائيليين. لكن كيف أعادوا إلينا أجساد شهدائنا؟ رفات، عظام، تراب.. هذا المشهد برسم العالم كله الذي يتحدث عن إسرائيل واحة الديمقراطية وحقوق الإنسان والماسة تاج الشرق الأوسط الكبير الذي يتطلع إليه السيد بوش. هذا بالأجساد، أما بتننباوم اليوم هم محتارون ويتساءلون عن قصته.. يوم يصدقونه ويوم يكذبونه، وقالوا إن تننباوم جاء إلينا ضعيفا وخرج سمينا ً..لماذا ؟ لأنه كان يأكل من طعامنا الذي نأكل منه.. هل كنتم تطعمون المعتقلين والأسرى اللبنانيين والفلسطينيين ما يأكل منه شارون ووزير دفاعه؟! تننباوم لم يتعرض للتعذيب عند حزب الله ولو للحظة واحدة، وهذا ما فاجأ اليهود. هذا الأمر حيّر الإسرائيليين. لطالما قالوا إن حزب الله المتوحشين قلعوا أسنانه وأضر اسه، وعندما خرج وأسنانه وأضراسه سالمة، هنا ضاع العدو وأخذ يتحدث كما يحلو له. هذا الضابط جنّده حزب الله من فترة طويلة وعملية اعتقاله في لبنان كانت مسرحية من إعداد حزب الله لمبادلة الأسرى".
وقال السيد نصر الله: "هذا كان عدونا وأسيرنا وعاد إليهم في التبادل وهذا شأنهم ولكن هنا يجب أن أقدم مشهداً. كيف حال تننباوم؟ كيف حال المعتقلين؟ وكيف خرج تننباوم؟ وكيف خرج المعتقلون؟ هذا مشهد متناقض نقدمه في حزب الله للعالم ونحن نقول لهم هكذا يتعاطى الحزب المتوحش الإرهابي الأصولي الظلامي كما تقولون مع أسراه ومع أجساد عدوه، وهكذا تتعاطى الدولة الديمقراطية الحضارية المتنورة مع أسرى وأجساد أعدائها.. وبالنسبة للجثة التي أرسلت خطأً..هذا الموضوع سوف يعالج، ونحن سنتصرف في هذا الموضوع بما تمليه علينا قيمنا وديننا وأخلاقنا، وما قيل في الصحف ليس صحيحاً، وخلال الأيام القليلة المقبلة سنصل إلى نتيجة معينة ترتبط بالجثة الخطأ التي أرسلها الإهمال الصهيوني. وما حصل اليوم على الحدود من حادث قتل فيه أحد المواطنين اللبنانيين. نحن بالتنسيق مع الدولة وقوات الطوارئ نحاول أن نستوضح ونحقق ونحصل على الحقيقة. هناك ملابسات معينة حول هذا الحادث ويوم غدٍ ستكون الصورة واضحة وعلى ضوئها سنتخذ الموقف المناسب الذي تمليه علينا مسؤوليتنا الإنسانية والجهادية".
وأضاف السيد نصر الله: "من أهم وصايا السيد عباس الموسوي تجنب أي صراع واقتتال داخلي، وهذه رؤية إنسانية وأخلاقية، وحزب الله على طول الخط التزم بهذا الأمر، حتى عندما سقط لنا العشرات من شهداء وجرحى عند جسر المطار أو في مناسبات وأماكن أخرى، وأنا أؤكد أن وصية السيد عباس هي التزام ثابت وأكيد في مسيرتنا. السيد عباس كان يؤكد بقوة على الانفتاح في الداخل، والتعاون مع الجميع لمصلحة لبنان والوطن والأمة، بالتأكيد لمصلحة المقاومة، وبالتالي الحوار والتلاقي وفتح الخطوط مع الجميع. وهذا ما فعله حزب الله خلال 12 سنة وما زال يفعله، وهذه الوصية هي سياسة ثابتة عندنا، وهذه الوصايا والثوابت بدأ السيد عباس بتنفيذها عندما تولى مسؤولية الأمانة العامة، ولكن شاء الله أن يراه شهيداً مع زوجته وطفله في 16 شباط، ولكن هذا الخط والمنهج والوصايا هي إيماننا وقناعتنا وما يزيدها بالنسبة لنا هي وصايا أستاذنا وسيد شهدائنا".
وتابع سماحته: "في الموضوع الداخلي كان السيد عباس يؤكد على العمل لترسيخ الوحدة الوطنية والسلم والاستقرار الأهلي والحيلولة دون العودة إلى أي شكل من أشكال الحروب الأهلية، وهذا هو التزامنا أيضاً. وهو كان حريصاً جداً على موضوع الوحدة بين المسلمين والعلاقات الشيعية – السنية، وقام شخصياً بجهود كبيرة في هذا الاتجاه، ليس في لبنان بل في أماكن أخرى، وقبل أن يكون أميناً عاماً سافر إلى باكستان وأفغانستان وشارك في الكثير من المؤتمرات والتقى الكثير من القيادات الإسلامية في كل أنحاء العالم الإسلامي، وفي لبنان كان له عناية خاصة بهذا الشأن، وهذا أيضاً خطنا والتزامنا، وأنا أريد أن أؤكد أن هذا الالتزام في هذا الزمن، يجب أن يُبذل في سبيله جهداً أكبر، لأن ما يعني علاقات المسلمين في ما بينهم تتعرض للمخاطر والتآمر والضغوط وبعض الحماقات والأخطاء في أكثر من ساحة في العالمين العربي والإسلامي. وهي بحاجة إلى المخلصين من أبناء وقيادات الحركات الإسلامية، وحكام المسلمين وأحزابهم وعلمائهم من السنة والشيعة من أجل مواجهة هذه المؤامرة الخطيرة التي وصلت إلى مرحلة حساسة جداً".
وأضاف السيد نصر الله: "الشهيد السيد عباس كان قبل استشهاده، عندما كنا نناقش مبدأ المشاركة في الانتخابات النيابية في لبنان، كان من اشد المتحمسين للمشاركة في الانتخابات النيابية وكذلك البلدية، وطبعاً ضمن رؤية.. نحن مشروعنا في الانتخابات البلدية التي هي شأن انمائي خدماتي اجتماعي يخفف المظلم والأعباء المعيشية والاجتماعية عن الناس، همنا هو أن يصل في كل بلدة ومدينة وقرية فيها مجلس بلدي، أن يصل إليها مجلس بلدي ورئيس مجلس بلدي كفؤ ونزيه، يحفظ مالها ولا ينهبه، يحفظ إمكاناتها ولا يضيعها، ينميها يطورها، يخدمها، يبلسم جراحها، يخفف آلامها، إنسان نظيف وكفؤ، من حزب الله أو من غيره، ليس هناك مشكلة، وليس هذا هماً بالنسبة إلينا، وعلى هذا الأساس لا نريد أن تكون الانتخابات البلدية في لبنان كما كان يوصي السيد عباس، مجالاً للتناحر والتنافر والتقاتل مع أحد. عندما تحدثنا عن التفاهم بين حزب الله وحركة أمل. هذا التفاهم والتعبير لا ينقص من جوهر الاتفاق شيئاً."
وتابع: "حاول البعض أن يقول: ماذا يعني تفاهم ولماذا ليس تحالف؟ نحن في اللقاء المشترك تجنبنا عبارة تحالف لنقول للبنانيين في كل مدينة وقرية فيها حزب الله وأمل، نحن لسنا قادمين لنركب محدلة، لأننا كلما نتفق يقولون: محدلة، وعندما نختلف يقولون: يا عيب الشوم عليهم يتقاتلون على رئيس بلدية ومختار. إذا اختلفنا يسبوننا ويشمتون بنا، وإذا اتفقنا يقولون محدلة. نحن بدّلنا كلمة تحالف بتفاهم وهذا لا يغيّر من حقيقة الاتفاق شيئاً. حتى نقول للناس نحن لا نريد أن نشكّل محدلة. في كل قرية أو مدينة يأتي حزب الله وأمل وبقية الأحزاب والقوى السياسية والعائلات والناس، تعالوا نفتش عن مجلس بلدي يخدم البلد، دعونا لا ندخل في منافسة حتى لا يأتي أحدهم ويقول أنا أخذت هذا الحجم بلديات وذاك أخذ هذا الحجم. لا نريد العودة إلى المحاصصة ولو بطريق الانتخابات. موضوع ليس مهماً أن نقوم بمعركة سياسية بهذا المعنى، هو مهم أن يتم التفاهم عليه، وأنا أقول لكم من الآن: الائتلاف والتفاهم هو أصعب بكثير من التنافس، على حزب الله وعلى حركة أمل وعلى العائلات والأحزاب. التنافس أهون، فكل واحد يؤلف لائحته ويتحدث كما يريد ويركّب من يريد، ويمشي. التفاهم بحاجة إلى تفاهم وصدق وإخلاص ونزاهة وشفافية وحرص على البلد وإنماء البلد، إنه أمر متعب. أمل وحزب الله وبقية القوى والعائلات، الذين نبني على أن يتفاهموا في كل بلدة سيتعبون في هذا الموضوع، لكن هذا الأمر يستحق هذا المستوى من التعب، أن نأتي في كل مدينة وقرية وبلدة ببلدية كفوءة ومخلصة ونقية ونظيفة. الهم هنا هو أن نستنهض هذه البلدات ونعتقد أن هذه الأحزاب ومنها حزب الله وأمل والعائلات بعد تجربة البلديات السابقة سيكون لديها استعداد أكبر للتعاون وللتفاهم بعد قراءة كل التجارب السابقة التي كانت ناجحة في بعض الأماكن وكانت فاشلة للأسف في بعض الأماكن.
وقال السيد نصر الله: "ما نؤمن به وما كان يؤمن به السيد عباس، وانطلاقاً من هذه الرؤية، نحن في لبنان نؤمن بمشروع الدولة أنه لا بد من إقامة دولة في لبنان، دولة غير ديكتاتورية، لا دكتاتورية واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، دولة محكومة بالقانون وليس بالأهواء، محكومة بالمؤسسات، ولذلك نحن نؤمن بدولة القانون والمؤسسات، هذا الشعار ولو حاول البعض أن يسخّفه هو مشروع جدي، لا خلاص للبنان إلا بدولة قانون ومؤسسات، أي دولة عصرية تقوم على حكم الفرد المطلق هي دولة غير إنسانية. البعض يتصور حتى في فكرة الدولة الدينية أنها دولة الفرد، وأنها دولة حكم الفرد المطلق، هؤلاء إما أنهم جهلة أو كذابون وغشاشون. نعم في بعض نماذج الدولة التي طرحها الإمام الخميني (ره) المستندة إلى مبدأ ولاية الفقيه المجتهد الكفؤ العادل الشجاع. من قال إن هذه الدولة تقوم على حكم مطلق لفرد واحد. هذا الولي الفقيه هو تحت الشريعة وتحت القانون وتحت المؤسسات. هل يستطيع الولي الفقيه أن ينهب وال الدولة، وأن يقتل أحداً ظلماً وعدواناً، وأن يصادر كرامات الناس؟.. لا يستطيع. الإمام عندما تحدث عن الدولة الإسلامية على أساس مبدأ ولاية الفقيه كان يؤكد أن الفقيه خاضع للقانون وتحت الشريعة والحكم الإلهي ولا يجوز له أن يفعل ما يحلو له.
وتابع سماحته: "الذي يبني دولة المؤسسات والقانون هو المجلس النيابي، عندما يصبح هذا المجلس مؤسسة حقيقية، مؤسسة تختار الحكومة وتعطي الثقة وتحجب الثقة، مؤسسة حقيقية تحاسب الحكومة وتسقط الحكومة عندما تجد أنها ترتكب أخطاءً كبيرة، نحن نصبح أمام دولة مؤسسات وقانون، المدخل إلى هذه الدولة هي الانتخابات النيابية، والمدخل إلى الانتخابات قانون انتخابي منصف وعادل. والعدالة سيجب أن تبدأ من هتا لنصل إلى مجلس نيابي عادل وحكومة عادلة وبالتالي دولة تعبر عن إرادة الناس، فلا تنوي أن تظلمهم ولا تجرؤ على ظلمهم، أما ما عندا اليوم للسف ليست دولة قانون ولا دولة مؤسسات، ولا دولة عدالة تبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين، سواء في الشأن الاقتصادي أو في غيره، لأنه عندما يتناول اللبنانيون جميعاً ويصبح هذا أحاديث الصحف والبيوت ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة. أخبار الفساد والسمسرة والصفقات والهدر والفضائح ولا يتحرك ساكن في هذا البلد، ولا يظهر أن هناك مؤسسات تتحمل مسؤولياته تجاه نهب المال العام وتضييعه وظلم المناطق المحرومة وهذا يعني ليس لدينا دولة مؤسسات وقانون ودولة عدالة. المطلوب أن نحصل على هذه الدولة. المقاومة تستطيع أن تحرر الأرض وان تواجه العدو ولكن أي حزب أو مجموعة لبنانية لا تستطيع أن تحقق أمناً داخلياً أو سلماً أهلياً. هذه مسؤولية الدولة والسلطة فقط. بالجيش والمؤسسات الأمنية والقضاء النزيه والعادل هي الأقدر على حفظ الأمن في الدخل. ليس هناك حزب يستطيع أن يحفظ الأمن في الداخل، حتى المقاومة لا تقدر. المقاومة تهزم إسرائيل، ولكنها لا تحمي أمناً في الداخل، وأيضاً في الشأن الإنمائي والاجتماعي والاقتصادي. أي حزب أو مؤسسة أهلية تستطيع أن تقدم خدمة هنا ومستشفى أو مدرسة هناك، ولكنه لا يستطيع أن يقدم حلاً لمشكلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي، تأمين فرص العمل، مواجهة حالة البطالة، إقامة بنية تحتية على أساسها يمكن تفعيل حركة الإنتاج الذي نجد له أسواقاً إلى آخره. الدولة ومؤسساتها، وليس دولة الأشخاص أو دولة الزعماء، دولة المؤسسات هي التي يمكن أن تعالج الوضع الاقتصادي والاجتماعي. هذه الدولة لا ندعو إلى إقامتها بالسلاح، في لبنان هذا أمر خطأ مئة بالمئة وخط أحمر. الشهيد السيد عباس تحدث عن مقاومة الإهمال ولكن هناك خط أحمر. لا نريد لنسقي قرية ماءاً أن نسفك دماً في سبيل هذا الماء الذي نريد أن نحصل عليه. السلاح والدم له جبهته وساحته، أما في الداخل فهناك الكثير من الوسائل السلمية والديمقراطية والشعبية والسياسية الضاغطة. نعم لو أراد الناس أن يفعلوا ذلك، يمكن لهم أن يفرضوا على دولتهم ذلك، بالله عليكم لو كانت هذه الحكومة تخاف من البرلمان ولو كان هذا البرلمان يخاف من الناس، ولو كان الناس يخوّفون ولو بالانتخابات النيابية المقبلة، هل تجرؤ هذه الحكومة على الدخول في صفقات مشبوهة، هل تتحمل هذه الحكومة فضائح كفضائح الخليوي ولخصخصة والتلزيمات؟ هل تجرؤ هذه الحكومة على تناسي المناطق المحرومة؟ أبداً لا تجرؤ لأنها تعرف أن هؤلاء الناس سيحاسبون مجلس النواب وأن مجلس النواب سيطيّر الحكومة. أما إذا كانت الحكومة قاعدة ولا يفرق معها أحد، لا مجلس نيابي ولا شعب، ولا أحد يستطيع إزاحتها إلى الله، هل تتوقعون من هكذا حكومة عدالة ونزاهة وإنماء وجدية معالجة مشاكل اقتصادية ومعيشية. أبداً هذا خلاف السنن والقوانين الطبيعية الموجودة في الكون. الله بعث 124 ألف نبي للناس ويعرف إن هذا لا يكفي، وقال لهم انتبهوا هناك حساب وميزان وثواب وعقاب وجنة ونار، هكذا هم البشر، الحكومة التي لا تخضع للحساب، لا تتوقعوا منها خيراً".
وألقى الحاج مصطفى الديراني كلمة فقال: "إن إسرائيل عدو جبان ويجب أن نسعى لان يبقى كذلك، عدو لم يهزمنا ونحن في الأسر ولن يهزم أي أسير ولن يهزم سمير القنطار، الذي سيعود كما عدنا، وستعود القدس ومزارع شبعا والجولان كما عاد جنوب لبنان بفضل سواعد أبناء المقاومة الإسلامية التي خططت للنصر فانتصرت، وخططت للخطف وكان الخطف وكانت الحرية، العرفان كل العرفان لكل من ساهم ورعى لتحرير الأسرى والمعتقلين، العرفان للجمهورية الإسلامية ولسوريا الأسد ولبنان الصمود، التحية إلى مثلث الخير هنا في وجه الشر المطلق هناك، مثلث الخير الذي شكل مظلة المقاومة التي كانت قبل سنين خلت ملاحقة في لبنان فأصبحت اليوم جزءاً من النهج السياسي والإجماع الوطني، ونحن في عاشوراء الحسين (ع) مدرسة الجهاد والشهادة في ذكر نموذج عشق الحسين (ع) فنال ما تمنى. نستلهم معنى الشهادة ونسترجع بطولات الشهداء الذين أرسوا مسيرة انتصار الدم على السيف، وأتوجه بالشكر والامتنان إلى كل مواطن شريف في لبنان وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي والى كل أحرار العالم الذين فرحوا لحريتنا ونصرونا في محنتنا. وأذكر بالفضل الكبير لباعث نهظة المقاومة ومرسي فكرها الإمام المغيب السيد موسى الصدر.. وأناشد العرب والعالم، كونوا ولو مرة مع ضمائركم واكشفوا مصير هذا العالم الرباني والقائد الإنساني ورفيقيه، أما حاكم ليبيا فالفرصة أمامه متاحة اكثر من أي وقت مضى ليمتلك الجرأة لوضع حد لهذه القضية".
كما تحدث في المناسبة نجل الشهيد السيد عباس الموسوي حيث قال إنه "لولا المقاومة الإسلامية ما كان النصر تلو النصر وما كان التحرير للأسرى وكل ذلك كان من بركة عاشوراء ودماء السيد عباس الموسوي وزوجته وطفله وجهود أبناء المقاومة الإسلامية والأمين على المقاومة والنهج سماحة السيد حسن نصر الله".