كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في مهرجان الشهداء والحرية في بلدة جبشيت لمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي والذكرى السنوية لاستشهاد شيخ الشهداء الشيخ راغب حرب 15-2-2004
أبرز ما جاء في كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان الشهداء والحرية الذي أقامه حزب الله اليوم في بلدة جبشيت لمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد سيد شهداء المقاومة الإسلامية الأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي والذكرى السنوية لاستشهاد شيخ الشهداء الشيخ راغب حرب واحتفاءً بعودة الأسرى والمعتقلين:
نعود إلى جبشيت مع الوعد والوفاء بالوعد، كنا نلتقي في محفل الشهادة ونلتقي اليوم في محافل الشهادة، الشهادة التي تصنع الحرية والتي تصنع التحرير والعزة والكرامة. نحن نؤمن بأن الشهداء أحياء ، بل نؤمن بأن الانسان من خلال الشهادة تصبح حياته حياةً حقيقة تختلف عن هذه الحياة التي نعيشها في الدنيا في الجوهرة في الماهية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء..."، ولذلك عندما نذكر الشيخ راغب والسيد عباس نعدهم في الأحياء. إن كان هناك أحياء في هذا الوجود فالشهداء هم طليعة هؤلاء الأحياء لأن الموت ليس إلا باب أو قنطرة يعبر بنا من هذه الدنيا إلى تلك الدار الخالدة الأبدية والرحمة والكرامة الإلهية التي لا حدود لها. وتعلمن من ديننا وقيمنا وتجربتنا في لبنان أن الشهادة لا تصنع حياة الشهيد وحده وإنما تصنع حياة أهله وعائلة وبلدته ووطنه وأمته وقيمه وكل ما كان يؤمن به. واليوم نحن يمكن أن نعتبر أن ما عندنا هو حياة لأننا نتمتع بنصيب من عز وحرية وشرف، ولكن هذه الحياة التي فيها هذا النصيب من العزة والكرامة والشرف ما كانت لتتحقق لولا هؤلاء الشهداء..."
وأضاف : أقول لشعوب أمتنا ولعدونا... لعدونا إنكم تواجهون مقاومة لا يمكن أن تراهنوا على تعبها ولا على سأمها. فمن يخاف على المقاومة فليطمئن، ومن يخاف من المقاومة فليخف. هذه المقاومة تجدوا شبابها ورجالها في كل عام، أجيال تلحقوا أجيال. أولاد الشهداء وإخوتهم يواصلون طريقهم. لأن ما نؤمن به ونسعى إليه لا يمكن أن يسجنه زمن ولا ظروف. نحن حزننا يمتد بامتداد التاريخ، وها هو هلال محرم على الأبواب، وها هي كربلاء تستثير فينا الأحزان من جديد. حزننا يمتد مع التاريخ وفرحنا يمتد مع التاريخ ... نحن قوم لا يمكن أن تفصل ماضينا عن حاضرنا وحاضرنا عن مستقبلنا ومستقبلنا عن حاضرنا... ولذلك نحن أمة عندما تستعيد إيمانها وروحها تصبح أمةً قوية لا يمكن أن تسقط(...).
وقال سماحته: نحن في المقاومة الإسلامية ولبنان وبعد الهزيمة الإسرائيلية النكراء في 25 أيار 2000، قلنا أن مسؤوليتنا مازالت قائمة: جزء من الأرض ما زال تحت الاحتلال، هناك إخوة مازالوا في السجون، هناك أجساد شهداء محتجزة، هناك مفقدون يتحمل العدو الإسرائيلي مسؤولية كشف مصيرهم ومسؤولية إعادتهم وأيضاً هناك مسألة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان براً وبحراً وجواً وتشكل إزعاجاً وتهديداً، أضف إلى التهديد الدائم الذي يمثله هذا العدو للبنان وللمنطقة من خلال العقلية العدوانية السرطانية التي يمثلها قادة العدو. ولذلك كنا دائماً نقول والآن أريد أن أكرر لأن هناك ما ينشر في هذه الأيام ببعض الصحافة الإسرائيلية يجب أن يتابع بدقة، البعض من الذين يظنون بأن العدوان الإسرائيلي على أي بلد يتوقف على الذرائع هم مشتبهون ويجب أن يكتشفوا أنهم مخطئون بعد كل هذه التجارب الطويلة مع هذا العدو. هذا العدو لا يحتاج إلى ذرائع ونحن طبعاً لا نريد أن نخيف أحداً، ولكن دائماً كنا نقول: يجب أن نكون حذرين في لبنان والمنطقة لأننا أمام عدو يواجه مأزقاً حقيقياً في داخل فلسطين المحتلة ويمكن في أي لحظة من اللحظات أن يهرب إلى الإمام فلا يجوز أن نفاجأ، ونحن لا نملك ضمانات من أحد في هذا العالم ولا يستطيع أحد أن يضمن هؤلاء الصهاينة ووعودهم ولا وعود سادتهم في البيت الأبيض في واشنطن. ولذلك في مواجهة هذا الواقع فيجب ان نواجه مسؤوليتنا وقدرنا ولا يجوز لأي منا أن يدس رأسه في التراب ويقول : لا. البعض يعجبه أن يغرق في ملفات الداخل ومشكلاته، وهي جديرة بالاهتمام وبالمعالجة، ولكن لا يجوز أن نغفل عن هذا العدو المفترس والمجرم الذي سفك الدماء جزء من حقيقته وطبيعته وجوهره، ولا يجوز أن نكرر أخطاء الماضي واشتباهاته.
في هذه المناسبة، نعود لنقول : هذه المقاومة مصرة على تحمل مسؤوليتها وعلى البقاء في ساحة المسؤولية. وأنا قلت في أكثر من مناسبة، وأعود وأقول: نحن في ذلك لا نبحث عن شغل. أي حزب يملك قدرات حزب الله وإمكاناته البشرية والمادية وتنظيمه ومؤسساته وشعبيته وقاعدته عندما يتحول إلى حزب سياسي في الساحة اللبنانية يمكنه أن ينجز الكثير، ولكن يمكن للبعض أن يطلب منا ذلك، وهذا لا يعني أننا لسنا حزباً سياسياً، ولكن عندما يتحدثون عن تحولنا إلى حزب سياسي، يتحدثون عن تخلينا المقاومة وواجب الدفاع عن شعبنا وبلدنا وأعراضنا؟! يمكن أن تطلبوا ذلك عندما يطمئن هؤلاء الناس جميعاً وبناءً على معطيات حقيقية وواقعية أنهم أصبحوا بمنأى عن العدوان وعن الخطر الذي لا يتهدد لبنان وحده وإنما يتهدد المنطقة كلها حينئذ يمكن أن يكون لهذا الكلام مجال للناقش، ولكن هل من عاقل يقول لك، أنت الذي تقف في الخط الأمامي لتدافع عن بلدك أمام الخرق والانتهاك والتهديد المحتمل يقول لك: اترك الحدود وتعال واغرق معنا في وحول الخليوي والكهرباء والفساد الإداري والسمسرة.. هم عندما يطلبون منا أن ندخل في هذه الملفات هم لا يطلبون منا أن نكون شركاء في الإصلاح، البعض يريدنا أن ندخل إلى هذه الملفات ليسقطنا في هذه الملفات. ولكن بمعزل عما يقصد هذا أو ذاك، نحن هنا لا نخضع لا لضغوط ولا لحساسيات.. وإنما نخضع لمسؤوليتنا الشرعية. وعلى هذا الأساس نصر أن المقاومة هي مسؤولية إنسانية ودينية وأخلاقية ووطنية وقومية وتاريخية، ونحن قوم لسنا مستعدين تحت أي ظرف أن نتخلى عن هذه المسؤولية. نحن أبناء عباس الموسوي نقول في بلدة راغب حرب لكل اللبنانيين ولكل العالم : لن نتخلى عن المقاومة لا بالتهديد ولا بالقتل ولا بالتشويش ولا بالخداع ولا بالترهيب ولا بالترغيب، سنواصل المقاومة ونحمي المقاومة بجماجمنا. وفي إطار هذه المقاومة سوف نعالج العديد من المسائل أو الملفات ذات الصلة التي ما زالت عالقة:
_ تحرير الأرض: نحن سنستمر في تحمل هذه المسؤولية، والعدو لا يمن على أحد لا بالخروج من جنوب لبنان ولا بالخروج من مزارع شبعا، والآن عندما يفكر بصيغة من صيغ الانسحاب من قطاع غزة، هذا ليس منة من شارون، وإن كان يحاول أن يوظفها وأن يقبض ثمنها غالياً. هذا الانسحاب سواء كان منقوصاً أو كان مشبوهاً، الذي فرض على شارون وعلى الليكود وعلى الحزب العمل هو حصيلة دماء الشهداء في قطاع غزة. مزارع شبعا لا يمكن الرهان على تحريرها إلا من خلال المقاومة والمقاومة سوف تواصل هذه المسؤولية.
_ في موضوع بقية الأخوة المعتقلين، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن اللبنانيين أتحدث عن كل المعتقلين في سجون العدو بسبب إيمانهم وإنتمائهم إلى خط المقاومة في لبنان أو في فلسطين أو في المنطقة ونحن سنواصل العمل في هذا الاتجاه. قيل الكثير عن المرحلة الثانية من المفاوضات والوفد الألماني الذي سوف يأتي والمفاوضات التي ستحصل خلال هذه الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، لست بحاجة لأن أعيد، اتفقت أنا وإخواني أنّ علينا أن ندخل هذا الملف في مرحلة الكتمان والسرية لأن الكثير من الكلام والخطابات والتصريحات والتسليط الإعلامي قد يضر وقد يؤذي وقد يعطل. الإعلام الإسرائيلي في الأشهر القليلة الماضية هو الذي أخر هذا التبادل، بل عطّل جوانب من هذا التبادل. نحن بكل الأحوال سوف نشترط على الوسيط الألماني في الجزء الأخير من مفاوضات المرحلة الأولى سوف نشترط عليه أن أي مفاوضات تجري بينا وبينكم، بينكم وبين العدو، يجب أن يلتزم الطرفان والوسيط بكتمانها حتى نصل إلى نتيجة تستحق أن يعلن عنها، وأن من الآن سألتزم وإخواننا أيضاً سيلتزمون. يكفي فقط أن نؤكد على مسامع الجميع أن هذه القضية هي مسؤوليتنا، سنعمل لها في الليل وفي النهار ولن نتخلى عنها كما كنا نعمل تماماً قبل إطلاق سراح هؤلاء الأخوة واستعادة الأجزاء بنفس الروحية والعزم والتصميم والحماسة. (...)
- أجساد الشهداء: نحن استعدنا العديد من أجساد الشهداء. أقول لأهالي الشهداء الذين ما زالت أجسادهم مفقودة لا تفقدوا الأمل. أنا وإخواني نعتقد أن بعضاً من هذه الأجساد ما زالت في حوزة العدو. وما دام للعدو مفقدون في لبنان فمن المنطق بحسب التزاماته هو أن يحتفظ ببعض أجساد الشهداء لأنه ما زال هناك مفاوضات ومفقودين وقد يحتاج إلى هذه الأجساد. لكن نحن في الآونة الأخيرة صنفنا الشهداء إلى صنفين: هناك أجساد شهداء نعتقد أنها مدفونة في لبنان، وهناك أجساد شهداء نقلت إلى فلسطين المحتلة إلى ما يسمى بمقبرة الأرقام. بالنسبة للأجساد الموجودة في لبنان وجهنا نداءاً للحديين لمن يعرف، أضيف إليهم الذين يعملون في الحقل الزراعي أو رعي الغنم أو ما شاكل ذلك، هناك بدايات طيبة حتى الآن في هذا المجال وهناك تنسيق مع الأحزاب وأجهزة الدولة في هذا الخصوص. وآمل إذا استجيب لنداء تقديم معلومات، وأنا أريد أن أطمئن هؤلاء وأقول لهم: حتى الذي يكشف عن مكان دفن شهداء فليطمئن بأنه لن يطاله أحد بسوء، بل إذا كان يطلب جائزةً، أعتقد أن كثيرين حاضرون أن يقدموا لهؤلاء الجوائز. نحن نريد أن نحسم هذا الأمر، وأنا أقول أن استعادة جسد الشهيد له قيمة كبيرة جداً عند عائلته. فيما يتعلق بالأجساد الموجودة لدى العدو سناتبع هذا الأمر من خلال المرحلة الثانية أو المراحل المقبلة. لكن نحن بحاجة إلى معطيات، يعني عندما يكون هناك فيلم أو صورة أو شهود يقولون بأن فلان الجسد نقله فلان أو فلان أو أخذه الإسرائيليون، هذه المعطيات تنفعنا في التفاوض(...) ونحن بالتعاون مع كل المخلصين والطيبين يجب أن نتابع هذا الأمر.
_ ملف المفقودين: نحن حصلنا على إجابة على 24 مفقوداً، بعض هؤلاء المفقودين تأكدنا أنهم شهداء ، وبدأنا بإبلاغ عائلاتهم. لكن بقية اللائحة، لا يمكن التعويل على تأكيدات العدو. يعني هو قال لنا: أن فلاناً وفلاناً.. هؤلاء مثلاً قتلوا. وقال عن بعض الأشخاص أنهم أحياء وأطلق سراحهم، ولكن ما زالوا حتى الآن مفقودين. أنا أتحدث عن المفقودين في لبنان ، سواء كان المفقود لبنانياً أو كان فلسطينياً أو ينتمي إلى أي جنسية أخرى، ويدخل في هذا الإطار موضوع الدبلوماسيين الإيرانيين. نحن نتحدث عن الذين فقدوا أثناء الاجتياح الإسرائيلي وأثناء تواجد الاحتلال الإسرائيلي. في هذا الإطار أيضاً، نحن أيضاً بحاجة إلى معطيات. في السابق قدمنا لوائح، ولكن ليس لدينا تأكيدات،ولكن إذا أتت عائلة وقالت لنا أن فلان وفلان شهود وهم رأوا بأم العين أن فلاناً أخذه الإسرائيليون على حاجز باتر، يعني أنه عند الإسرائيليين. هذا بالتأكيد ينفعنا في التفاوض وفي المطالبة بهؤلاء. في موضوع المفقودين أيضاً، لا تيأسوا من حياة المفقودين، لأنه لدينا تجربة مع العدو وهي أنه بعد اتفاق الطائف، كان يوجد عدد من الشباب معتقلين لدى إحدى الميليشيات اللبنانية المنحلة، وكنا متأكدين أنهم موجودين لدى هؤلاء، وكان يصل إليهم المال والطعام، بعد الطائف وحل الميليشيات وانسحاب القوى العسكرية من العاصمة ومحيطها فقدن أثر هؤلاء الشباب، وظننا أنهم قتلوا، وبقينا لعدة سنوات نظن أنهم قد قتلوا، إلى أن، وبالصدفة، من خلال بعض الإخوة في السجون الإسرائيلية، علمنا بأن هؤلاء الشباب موجودون في السجون الإسرائيلية، وبالتالي بدأنا نطالب بهم من خلال المفاوضات السابقة، واستطعنا استعادتهم في عام 1998، وعادوا عبر مطار ألمانيا إلى مطار بيروت، ومن حُسن الصدف أن الذي جاء بهم هو الوسيط الألماني. هذه التجربة تقول لنا، حتى على مستوى الإمكانية، حتى لو لم يتوفر دليل، أن عدداً أو كثيراً من الذين كانوا معتقلين في لبنان لدى جماعات على صلة مع العدو، أن هؤلاء يمكن أن يكونوا على قيد الحياة وما زالوا موجودين في السجون الإسرائيلية. يمكن أن يبقى الإنسان في السجون الإسرائيلية لسنوات عديدة ولا يعلم به أحد. لذلك أمر المفقودين يجب أن يتابع بكل قوة ويجب أن نستكمل كل المعطيات التي تمكننا من استعادة هؤلاء المفقودين الذين نعتقد أن بعضهم، بالحد الأدنى، ما زال على قيد الحياة.
_ ملف الألغام: موضوع الألغام مهم وحساس جداً، ونحن منذ البداية (في عملية التفاوض والتبادل) طالبنا بأن نحصل على خرائط الألغام من قبل العدو، لأننا إذا أردنا نحن في لبنان أن نفكك الألغام وبمساعدة مشكورة من عديد من دول العالم، يقول بعض الخبراء أنه بدون خرائط نحتاج إلى 15 سنة حتى نفكك الألغام، بعض الخبراء يقول نحتاج إلى 37 سنة، والبعض الآخر يقول نحتاج إلى 50 سنة. هذه الألغام ليست فقط في المنطقة الحدودية وإنما أيضاً في منطقة خط التماس عند الشريط السابق وفي مناطق قريبة من صيدا وفي جبل لبنان وفي البقاع الغربي أيضاً ما زالت هناك حقول ألغام، وهذه الحقول تحتل مساحات واسعة جدا، أغلب هذه المساحات هي مساحات زراعية. الأهم من الزراعة هو حياة الناس. ومنذ التحرير حتى الآن سقط العشرات من الشهداء والجرحى بفعل هذه الألغام، وهؤلاء الذين استشهدوا أو جرحوا بأغلبهم كانوا من المدنيين أو الأطفال أو من الفلاحين. ولذلك نحن أصرينا على هذا الأمر واعتبرنا أنه على درجة عالية جداً من الأهمية. نحن حصلنا على خرائط الألغام. لكن كعادته يزعم العدو أنه أعطى في السابق خرائط ألغام لقوات الطوارئ، وهذا ما تبقى لديه من خرائط الألغام، هي خرائط كبيرة جداً لمئات من الحقول، ومحدد فيها بشكل دقيق مكان الألغام وما يزيد على 130 ألف لغم تكشفه هذه الخرائط في مختلف المناطق اللبنانية، هذا سيختصر الزمان، وسيوفر الكثير من الأرواح خصوصاً بين العاملين في عملية نزع الألغام. هذا، نحن نعتبره إنجازاً كبيراً لأنه تحرير للأرض من الاحتلال المقنع(...) .إنشاء الله بهمة قيادة الجيش اللبناني والأطراف والمؤسسات المعينة والمساعدة يمكن تحقيق إنجازات كبيرة وفي زمن قصير. نحن طبعاً، قمنا بتسليم هذه الخرائط لقيادة الجيش اللبناني لأن الجيش اللبناني هو الذي يقود ويتحمل ويدير هذه المسؤولية الكبيرة والخطيرة المتعلقة بنزع الألغام.
_ ملف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية: نحن في مواجهة الخروقات الإسرائيلية للبنان حيث ينتهك العدو ويعتدي بشكل يومي، أريد أن أعلن بوضوح، نحن كنا نفعل هذا في المرحلة الماضية ولكن الآن نريد أن نؤكد على هذا الأمر ونتشدد فيه ونعلنه أيضاً ليكون واضحاً: نحن سنواجه أي اختراق بري إسرائيلي، يمكن أن تكون أول مرة أكشف فيها وأقول: في مرحلة من المراحل عندما كان نحتار أنهم تجاوز الحدود أو الخط الأزرق، كنا نتأمل قليلاً ونوجه التحذير ونقول لقوات الطوارئ قولوا لهم فليخرجوا خلال دقيقتين وإلا.. أحياناً كنا نتصرف هكذا، وأحياناً كنا نواجه ونضرب هذا الذي دخل أو الذي اخترق. لكن الأمور واضحة وبينة جداً، وأنا أقول : أي جندي إسرائيلي تطأ قدمه شبراً من أرض لبنان هو الذي سيتحمل عواقب فعله، ونحن أحرار في أن نقتله أو نجرحه أو نأسره، ولن نسكت عن أي خرق لشبر من الأرض اللبنانية، وسوف نحمي سيادة وكرامة بلدنا، ونؤكد لهذا العدو أن هذه الأرض ليست مسرحاً ولا مرتعاً لا لخروقاته ولا لعدوانه. على الأرض، نحن إنشاء الله قادرون ومستعدون وسنفعل ذلك. هنا، أريد أن أوضح أيضاً تفصيل: إذا خرقوا الحدود الدولية هذا واضح، لكن الأوضح هو ما لو قاموا بخرق الخط الأزرق_ في موضوع الخط الأزرق لدينا نقاش_ لكن العالم كله يجمع أن الخط الأزرق الذي يمر في مزارع شبعا من الجهة اللبنانية هو أرض لبنانية، يعني الأمم المتحدة وغيرها تقول لك أن الخط الأزرق طلوع ، هذا فيه نقاش، إن كانت هذه أرض سورية أو لبنانية، ولكنهم لا يناقشون أن الخط الأزرق المرسوم حتى في منطقة مزارع شبعا شمالاً أي من جهة لبنان هو أرض لبنانية، وبالتالي نمد الحدود الدولية وندخل فيها إلى المزارع، ونقول: القدر المتيقن الذي ليس فيه نقاش بالعالم أن هذه أرضنا، يعني في تجاوز الخط الأزرق في مزارع شبع أيضاً نحن لن نسمح بأي خرق. وهذا لا يتنافى مع اعتقادنا بلبنانية مزارع شبعا والعمل لتحريرها. وبالتالي، أي تجاوز للحدود الدولية أو للخط الأزرق باتجاه الأراضي اللبنانية، من حق المقاومة أن تواجه هذا الخرق وأن تتعامل معه على أساس دفاعي، وهذا حق طبيعي. وفي هذا السياق أيضاً، إجراءات الدفاع هي حق طبيعي للبنان وللمقاومة في لبنان. هناك بعض الطرق التي يمكن أن يسلكها الجنود الصهاينة في خرقهم للأرض اللبنانية، هناك بعض الأماكن التي اعتادوا على تجاوزها أو هتك حرمتها، أقول بشكل علني: من حقنا أن نزرع عبوات هناك، من حقنا أن ننصب كمائن هناك، ولا يحق للعدو أن يطلب من قوات الطوارئ الدولية أن تأتي لتفكك هذه العبوات. إذا قوات الطوارئ الدولية هي التي تقوم بحماية لبنان فلتتفضل وتتحمل المسؤولية! ولكن هناك معابر وطرق وفي الماضي وفي أكثر من حادثة بعد التحرير تجاوز الإسرائيليون ودخلوا وزرعوا عبوات وقتلوا لبنانيين؟ هل مطلوب أن تبقى هذه المنطقة سائبة ليدخل الإسرائيليون منها ليزرعوا عبوة هنا أو عبوة هناك ليقتلوا شخصاً أو يخطفوا شخصاً ؟ هذا أمر غير مسموح به، نحن نعتبر أن حقنا الطبيعي في الدفاع أن نقوم بإجراءات دفاع التي لا تضر بالمدنيين عندنا ولا تمس سيادة بلدنا، ونحن لا نمارس سلطةً أبداً، إنما هناك نقاط محددة تفرض مقتضيات الدفاع على المقاومة أن تكون متواجدة فيها ومفتحة عينيها وزارعة عبوات وهذا حقنا الطبيعي.
كذلك فيما يتعلق بالمياه الإقليمية اللبنانية، نحن لا نقبل بأي خرق، أنا أؤكد لكم من خلال هذا الالتزام، أنه إما لن تحصل خروقات أو أنها ستتراجع بشكل كبير جداً والإسرائيلي سيفهم من خلال هذا الالتزام الآن أن هذه الأمور جادة.
قبل تحرير الأخوة بأيام، كان العدو مستخف، بأن الجرافة يمكنها أن تدخل (لبنان). في بعض الأماكن التي كنا نحن بعيدون عنها، كانت تدخل الجرافة الإسرائيلية وتأخذ تراب زراعي وتسرقه إلى الداخل عندهم في وضح النهار، وأحياناً إذا أرادوا أن يرفعوا ساتراً لا يعملوه من تراب فلسطين وإنما يأتوا ويعملوه من تراب لبنان. هم يقولون أنهم تعرضوا للإعتداء!؟ هم الذين دخلوا إلى أرضنا ونحن قاتلناهم. إن مصير الجرافة الإسرائيلية ومصير الذين كانوا فيها من جنود هو الذي سيلقاه أي إسرائيلي أو آلية إسرائيلية سوف تحاول أن تخترق أرض لبنان أو مياهه.
أما في الجو، فنحن نملك هذه المضادات ونستخدمها وهي تؤدي إلى إزعاج وإعاقة لسلاح الجو الإسرائيلي، في الحد الأدنى المروحيات الآن لا تأتي في علو منخفض في بعض المناطق، هي تخاف من هذه المضادات. حتى الطائرات الحربية هي لا تجرأ أن تطير ضمن مستويات معينة وتخشى من هذه المضادات، وكثير من الطائرات تم اسقاطها سابقاً بمضادات أو صواريخ الكتف. وجود هذه المضادات تعيق حركة سلاح جو العدو وتزعج العدو وتخيفه، ولذلك هذا هو المقدور والميسور. ولكن أنا أقول من حق المقاومة أن تطمح وتحلم وتأمل وتسعى إلى يوم تستطيع أن تمنع فيه أي طائرة في سلاح الجو الإسرائيلي من اختراق أجواء لبنان ولو على علو 20 كلم.
وأضاف سماحته " عندما أتحدث عن الدفاع والحق والواجب، لا يجوز أن يقلق أحد. وهنا أخاطب المحبين وغير المحبين، هناك أناس، وهم قلة في لبنان، مهما ناقشتهم فهم حاسمون لخياراتهم وولاءاتهم، لكن أريد أن أقول لكل لبناني يفكر جدياً بمصلحة هذا البلد: لا تخاف من المقاومة ولا تخشى منها ولا تقلق، هذه المقاومة أثبتت على مدار السنوات الماضية كلها، قبل 25 ايار 2000 وبعد 25 أيار 2000 أنها مقاومة صادقة ومخلصة تعمل وتأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية، مقاومة حريصة على شعبها على وطنها وأهلها، مقاومة دقيقة في حساباتها، مقاومة لا تستدرج حتى في لحظات الإنفعال الشديد، مقاومة تعرف كيف تختار الزمان والمكان وبالتالي نحن نستند الآن، ليس إلى مقاومة تملك سلاحاً وبندقية وصاروخاً وخبرة عسكرية ورجال أشداء وإيماناً طاهراً ونقياً، بل نستند إلى مقاومة تملك إلى جانب كل ذلك عقلاً وخبرةً وتجربة راقيةً وهي التي تعرف كيف تتعاطى مع هذا العدو. هي تقرأ العدو في الليل وفي النهار، ماذا يقول وماذا يفعل ويخطط وكيف يفكر وإلى أين يريد أن يصل ، وبالتالي ليست هناك مقاومة عشوائية أو استعراضية أو انفعالية. مقاومة يقودها عقل وعزم، فلا هي جبانة فتتخلى عن المسؤولية ولا هي مجنونة فتذهب بوطنها وبشعبها وبأمتها إلى وديان الهلاك. البعض الذي يقول المقاومة إلى أين تريد أن تأخذ البلد، المقاومة تريد أن تحمي البلد وتصونه وأن تقول للعدو: لا تفكر في لحظة من اللحظات أن تعتدي على هذا البلد أو إذا فكرت أن تهرب إلى الأمام فلم يعد لبنان مكسر عصا لأحد".
وختم سماحته:" في نهاية الكلمة، أريد أن أطمئن من زاوية أخرى كل الداخل اللبناني، نحن في تحرير 2000 لم نسعى لتوظيف انتصارنا الذي اعتبرناه انتصار كل لبنان وكل المقاومين وكل الشهداء وكل القوى السياسية في الحسابات السياسية الداخلية اللبنانية. البعض كتب في تلك الأيام وشكك، قال:" حزب الله لا يعرف أن يوظف". نحن دائماً نتحدث بتواضع، لكن هذه المرة اسمحوا لي: حزب الله وقيادة حزب الله وكوادر حزب الله وجمهور حزب الله يعرفون جيداً كيف يوظفون انتصاراتهم في الساحة الداخلية. الموضوع ليس أننا لا نعرف، الموضوع أننا لا نريد أن نخاصم أو ننافس أحداً، لا نريد أن نوتر الوضع الداخلي مع أحد، وما زال أمامنا القضية المركزية الكبرى الأهم الأخطر، بلدنا في مهب الريح في دائرة التهديد، نعم نحن نعرف كيف نوظف ولكننا لم نكن نريد أن نوظف. والآن، أي موقع وجداني وعاطفي ومعنوي يمكن أن يترجم سياسياً يحظى به حزب الله وطنياً أو قومياً أو على مستوى العالم الإسلامي، نحن إذا كنا نريد أن نوظف هذا الموقع ففي ساحة واحدة، هي ساحة الصراع مع العدو، ساحة الدفاع عن لبنان وفلسطين وسوريا والأمة والمقدسات. عقلنا يفكر فقط هناك، وعيوننا مشدودة إلى هناك. أما في الداخل إن كان من توظيف، نحن لا مانع لدينا أن نوظف موقع المقاومة السياسي والمعنوي من أجل تحقيق وفاق ولملمة الصفوف وبلسمة الجراح ولكن ليس من أجل خصومة ولا تنافس ولا إلغاء أحد ولا الحلول مكان أحد. فليكن الجميع مطمئناً سواءً في 25 أيار أو في استحقاق تحرير الأسرى. وأقول : انطلاقاً من إيماننا وثقة بربنا وعظيم التضحيات التي قدمت.. هذه المقاومة، مقاومة الجميع..، في الشهر المقبل والشهور والسنوات المقبلة مكتوب في جبينها شيء واحد، مكتوب في جبينها النصر، هذه مقاومة موعودة من الله سبحانه وتعالى بالنصر... ولن يكون في تاريخها الآتي إلا الانتصارات، وهذه الانتصارات لن توظف إلا في المعركة الأساسية.
كثير من المقالات (عن عملية التبادل) كانت طيبة وجيدة، نحن لم نمجد هذا الانجاز تركنا للعالم أن يتحدثوا عن هذا الانجاز، طبعاً ، نشكر كل اللبنانيين والعرب والمسلمين الذين فرحوا ومجدوا، وخصوصاً أن هذه العملية جاءت في وقت ذل وهوان واجتياح وأوطان إسلامية محتلة، وأعطت أملاً وأنعشت الأرواح فقيل الكلام الجميل الذي يخدم هذا الاتجاه، لكن من أسخف ما قرأت هو ربط إنجاز تحرير الأسرى بالانتخابات البلدية. إن ابتعاد أي عزيز من هؤلاء (الأسرى) عن عائلته عندنا أغلى وأعز، مع كل احترامي للانتخابات البلدية، من الانتخابات البلدية.