كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله بمناسبة اربعين الامام الحسين (ع) في 22-4-2003
غدا يتعلم المسلمون والعالم من الحسين كيف يقدم القائد كل اولاده ليقتلوا دفاعا عن امته ودينه وقضيته، عتدما تصبح القضية قضية دين وامة وشعب وكرامة .عندما يحتشد الملايين من العراقيين في زمن الاحباط العربي والاحباط القومي والعالمي يحتشد الملايين غدا ليستعيدوا مصدرا معنويا ومصدر الالهام والقوة. وكل كلمة وشعار وموقف وكل دمعة وابتسامة سيشاهدها العالم يوم غد على وجوه ملايين العراقيين، هي التعبير الحقيقي والصادق عن حقيقة هذا الشعب المضحي والمظلوم والمجاهد في مقابل الصورة الكاذبة التي اعطيت عنه خلال سنوات .وخلال الاسابيع والايام القليلة الماضية .يوم غد هناك مشهد اخر، يمكن للمسلمين والعالم الاسلامي والعربي ان يحدقوا اليه جيدا ليقرأو شعاراته ومضمونه ليقرأوا المستقبل بعين اسلامية ،وليس بالعين الامريكية التي لا تريد لنا الا الهزيمة والسقوط والوهن، غدا كما في لبنان في اول عاشوراء بعد الاجتياح الاسرائيلي 1982 عنما اجتاح الصهاينة لبنان قال الكثيرون في لبنان وفي العالم لقد دخل لبنان العصر الاسرائيلي ولن يخرج منه، وما هي الا اشهر قليلة وكان يوم عاشوراء في النبطية ليعلن بداية نهاية العصر الاسرائيلي في لبنان .
غدا سيسمع كل الذين يقولون ان العراق دخل في العصر الامريكي ولن يخرج منه، العراق كان في العصر الامريكي ولم يدخل في العصر الامريكي، منذ اسابيع منذ سنين كان العراق في العصر الامريكي، ولكن يوم غد اصبح العراق بشكل واضح ومكشوف في العصر الامريكي ،لكن يوم غد يجب ان يقرأ من يقرأ ومن يبحث عن الواقع في عيون الملايين في كربلاء يجب ان تقرأوا يوم اربعين الامام الحسين (ع)هو بداية نهاية العصر الامريكي في العراق وفي المنطقة .وهذه هي الحقيقة التي ستثبتها السنوات القليلة المقبلة ،
خلال الاسابيع القليلة الماضية حصلت تطورات كبيرة وهامة ومصيرية هي بحاجة الى دراسة وتامل لاخذ العبرة والاستفادة من التجربة والتزود بكل الدروس لمواجهة المرحلة المقبلة ،ما كان يطمح اليه الامريكييون هو بالتاكيد اكثر مما حققوه حتى الان لقد قاموا بعمل كبير ولكنهم كانوا يخططون لامور اكبر واخطر بهذا السياق.
واشار سماحته الى عنوانيين سريعين ،العنوان الاول: ان ادارة بوش الصهيونية كانت تخطط لتحول الحرب على العراق الى حرب مسيحية اسلامية ولتزج كل المواقع والطاقات والدول والمؤسسات المسيحية في حرب قال عنها بوش كلها تحمل اهداف من الانجيل ،هذا الخطر تم تجاوزه بفضل موقف الفاتيكان والبطاركة والكنائس وموقف المرجعيات الاسلامية وحكومات وتيارات واحزاب وطنية .
العنوان الثاني :الفتنة المذهبية بين المسلمين بين السنة والشيعة الادارة الامريكية حاولت ان تطور حربها على العراق انها حرب تحرير للعراق ولشعب العراق وخصوصا لشيعة العراق وتم استغلال بعض الاصوات في وسائل الاعلام بشكل مكثف لتقديم صورة وكأن الشيعة في العراق وفي العالم يؤيدون هذه الحرب فقط للتخلص من نظام صدام حسين هذا الامر استغل من اجل اثارة اجواء من البغضاء بين المسلمين انفسهم والتاسيس لفتنة مذهبية بين المسلمين الشيعة والسنة ،هذا الخطر تم تجاوزه بفعل موقف المرجعيات الشيعية الكبرى والحركات الاسلامية الشيعية الاساسية اضافة الى اداء الشعب العراقي بالاخص مناطق الجنوب من العراق بالمقابل الاصوات المخلصة والصادقة التي ارتفعت من علماء مسلمين سنة وحركات سنية ومواقع قومية ووطنية هامة في امتنا.
وقال نحن امام مجموعة من النتائج الكارثية ؟،هناك احتلال العراق وعلو امريكي واسرائيلي هناك احباط في اوساط الكثيرين من ابناء الامة ،وامام المزيد من التأزم في العلاقات العربية والانقسام في الاوساط الشعبية لما جرى وما يجري، ونحن امام موجة جديدة من التهديدات الامريكية والاسرائيلية للامة ولدول المنطقة، وفي مقدمتها سوريا وايران ولبنان وحركات المقاومة في فلسطين ولبنان هذا هو الواقع الجديد الذي نواجهه الان. ازاء هذا الواقع هناك عدد من الامور الاساية التي يجب ان نذكرها في هذا المقام :
الامر الاول: امام ما جرى واول ما يجب ان ننتبه اليه في لبنان والعراق وفلسطين وعلى امتداد الامة، هو عدم الانخداع بالشعارات والادعاءات الامريكية، وان نراقب ما يفعله الامريكي وليس ما يقوله الامريكييون الذين يتحدثون عن التحرير والحرية والديمقراطية والاعمار وحكم العراقيين للعراقيين ونفط العراق للعراقيين، كلمات جميلة جدا لكن علينا ان نراقب الافعال ،كل الافعال تقول لنا انهم لم يصدقوا بكلمة واحدة وفي ادعاء واحد ،عندما نتطلع لما يجري نرى بانه صحيح الاحتلال والحرب انهى كابوسا معينا على العراقيين ليستفيق العراقيين على كابوس اخر هو الاحتلال الامريكي وليس تحرير العراق ،اليوم الوجود الكثيف للقوات الامريكية وحلفائها ،منذ دخولهم بدأوا بتلزيم الموانئ وحقول النفط العراقية ومشاريع الاعمار لشركات امريكية وبريطانية ،بمعزل عن أي سلطة عراقية شرعية ونصبوا حاكما على العراق جنرال متقاعد قسموا العراق الى عدد من المناطق وجعلوا على رأس كل منطقة حاكم عسكري امريكي ورفضوا الاعتراف بالادارات المحلية التي شكلها العراقييون .ويجب ان نتطلع جميعا الى نموذج العراق لتعرف الانظمة والشعوب والحكومات ماذا ينتضرها في المخططات الامريكية .
الامر الثاني يتعلق بصورة الشعب العراقي المظلوم الذي نتطلع اليه والامة كلها. ونراهن عليه في هذه المرحلة لقد تمت الاساءة الى صورة هذا الشعب في عناوين مختلفة ((تم التركيز خلال الاسابيع الماضية على صور السلب والنهب في المدن العراقية تحت سمع القوات الامركية هذه المشاهد حاولت ان تقدم صورة عن الشعب العراقي انه شعب متخلف لا يؤتمن على الاملاك العامة والخاصة ))هذه الصور لا تعبر ابدا عن حقيقة هذا الشعب المعروف بانه شعب مثقف، والذي يتحمل مسؤولية هذه الصورة هم صدام حسين ونظامه الذي اطلق عشرات المجرمين ،والثاني هي القوات الامريكية التي لم يكن يعنيها في كل بغداد سوى وزارة النفط ،اما ما تبقى فلينهب وليسرق ولتقدم صورة سيئة عن هذا الشعب ليقال لاحقا عندما يمدد الامريكييون اقامتهم في العراق لقد تبين لنا ان شعب العراق غير مؤهل للديمقراطية وبحاجة الى التاهيل لسنوات طويلة والادارة الامريكية المتحظرة ستقوم بتمدين وتحظير الشعب العراقي .
العنوان الثاني :ما يتعلق بمقاومة الشعب العراقي اثناء الحرب سمعنا وقرأنا في وسائل الاعلام ولبعض المحللين الذي اراد ان يطعن بارادة هذا الشعب ومقاومته وكان يريد ان يطالب الشعب العراقي بالمزيد من المقاومة والتضحية هذه ايضا صورة ظالمة للشعب العراقي .وهناك حقائق مهما فعلنا لا نستطيع ان نتجاوزها ،بكل الاحوال حصلت مقاومة في العراق لكن لم تحصل مقاومة عارمة للغزاة المحتلين وهناك اسباب موضوعية لذلك .
هذه الاحداث التي حصلت مؤخرا في العراق، جورج بوش يقول على الانظمة والحكومات ان تاخذ العبرة مما حصل ونحن نقول نعم علينا جميعا ان ناخذ العبرة وعلى الانظمة الحاكمة في بلادنا العربية والاسلامية ان تاخذ العبرة ،العبرة ان النظام يحميه الجيش والاجهزة الامنية تستطيع حماية أي نظام قمعي ولكن الجيش والاجهزة الامنية التابعة لنظام قمعي عندما تواجه قوة عسكرية اكبر هي لا تستطيع ان تحمي النظام، الذي يحمي النظام هو شعبه واهله ومواطنوه اذا كان قد احسن اليهم ،اما اذا ظلمهم لا تنفع معهم الخطابات الحماسية هذه هي العبرة التي يجب ان نأخها مما جرى في العراق .أي بلد محكوم بالقهر والقمع لا مستقبل له عندما يواجه قوات ضخمة وغازية اكبر من القوات التي اعتمد عليها .
الامر الثالث :فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة بالعراق من الواضح اننا امام مشروع امريكي مشروع احتلال واضح وزمنه غير معلن ،الامريكيون يبحثون عن اقامة قواعد عسكرية دائمة نحن امام احتلال وتكريس الاحتلال .ايضا المستقبل السياسي للنظام في العراق غير واضح ،وعلى أي اساس سيقوم النظام هذه الامور كلها سوف تتضح ولكن هي نقاط يجب ان تلاحق لانها تؤسس لمستقبل وخرائط سياسية في المنطقة ولانظمة سياسية وهي ليست شأنا عراقيا فقط .
في المقابل الشعب العراقي الذي انتهى من كابوس ولكنه امام كابوس اخر ويجب علينا ان نسلم ان الاحتلال الامريكي هو اذكى من النظام القمعي الذي سيقول للمسلمين مارسوا شعائركم وليس هناك مشاكل امامكم ،ولذلك يجب ان لا ينخدع البعض ويقول هذا افضل من ذاك ولكن ما نحن امامه الان هو احتلال حقيقي وسيطرة حقيقية .تستطيع ان تعمل كل شيء شرط ان لا تملك شيء من نفطك وثرواتك ،الشعب العراقي اليوم امام تحدي كبير جدا واليوم يجب ان نحترم مشاعر هذا الشعب ونحترم خياراته .هناك اجماع في العراق على رفض الاحتلال وعلى رفض التعاون مع قوات الاحتلال .ولن يوجد مرجعية دينية وخصوصا في النجف الاشرف يمكن ان تعطي غطاء للاحتلال او للتعاون مع الاحتلال ،وهذا الشعب سيواجه الاحتلال لكن الاسلوب والوسيلة والطريقة والزمان والمكان هو الاقدر على تشخيصه .الشعب العراقي خياراته الشعبية واضحة قوية مدوية يسمعه الان كل العالم .
والسؤال المطروح الان هل يمكن الرهان على الشعب العراقي لانجاز تحرير ارضه. نقول ليس من موقع العاطفة ولا الصداقة انما من واقع المعرفة والخبرة نعم هذا هو الشعب الذي يمكن ان يراهن عليه .نحن نظم صوتنا الى صوت كل المرجعيات الدينية في العراق والاحزاب الاسلامية والوطنية في العالم العربي والاسلامي بالدعوة الى الوحدة بين العراقيين على مختلف القوميات والمذاهب وما تشير له بعض وسائل الاعلام من خوف من فتنة بين الشيعة والسنة هي اضاليل وخداع.
ولفت سماحته محذرا بعض الفضائيات العربية وقال: الاعلام يجب ان يكون صادقا لكن ان تكذب وتخترع اخبار وتحرف بيانات ومواقف هذا جزء من المؤامرة والعدوان على العراق والمرجعية فيها .
الامر الرابع هي التهديدات المباشرة لسوريا وكثافتها لاسباب عديدة هذه التهديدات بالدرجة الاولة هدفها نفسي ومعنوي والنيل من الموقف السوري والنيل من مواقفه والكل يعرف ان اخر موقف للصراع العربي الاسرائيلي هو سوريا. اليوم سوريا وفلسطين ولبنان ملف واحد ومسالة واحدة وقضية واحدة واستهداف واحد ،ماذا تريد امريكا من سوريا تريد منها ان تقبل بالشروط الاسرائيلية في عملية التسوية وان تتخلى عن كل عناصر قوتها في مواجهة أي عدوان اسرائيلي وامريكي محتمل ،وتريد منها ان تتخلى وان تضغط على الحركات الجهادية الفلسطينية للقبول بالتسوية الامريكية الاسرائيلية للقضية الفلسطينية وتريد نزع سلاح المقاومة في لبنان التي ساهمت وكانت راس الحربة في تحرير لبنان والتي ما زالت تحمل السلاح لتدافع عن هذا البلد في وجه كل التهديدات الاسرائيلية .
اليوم سوريا تتعرض لضغوط كبيرة وبالتاكيد هي تهدد في عقوبات وحصار من النوع الاقتصادي ونحن من خلال التجربة ومعرفتنا بسوريا قيادة وشعبا ان هذه القلعة اعتادت هذه الضغوط وتملك شجاعة الالتزام بالثوابت وحكمة معالجة الضغوط الكثير مما يمكنها من تجاوز هذه المرحلة من اجل فلسطين وسوريا ولبنان مدعوون الى الدفاع عن سوريا في كل المحافل والمواقع وان نكون جاهزين للقتال لان المعركة هي معركة الجميع والموقع هنا هو موقع الجميع ونحن ننظر الى التهديدات التي تطال سوريا على اساس انها تطال لبنان وفلسطين وعناصر القوة والامال التي نعلق عليها الامال .
اما الاوصاف التي تطلقها امريكا في الشأن اللبناني (ان القوات السورية في لبنان قوات احتلال هذا ليس من شان امريكا هذا هو الخداع والعلو الكبير من الذي يحتل العراق وينهبها )الذي يحق له ان يوصف عنوان وماهية وحقيقة تواجد القوات السورية هو الشعب والدولة اللبنانية فقط .وايضا اللبنانييون هم الذين يحق لهم ان يطلقوا المواصفات على مقاومتهم بانها مقاومة ام ارهاب اللبنانييون يقولون عن حزب الله انه مقاومة امريكا تقول انه ارهاب فلتقل ذالك ونحن لا يعنبنا ما يقوله المريكيين ،ولذلك في مواجهة هذه التهديدات يجب ان نتضامن جميعا ونتوحد الى جانب وامام وخلف سوريا لتجاوز هذه المحنة والمرحلة .
الامر الاخير هو ما يرتبط بحركات المقاومة في فلسطين ولبنان والتي هي اليوم في دائرة التهديد وباسم حزب الله اتحدث ولكن بالتاكيد اعرف ان هذه الافكار هي افكار وقناعات بقية حركات المقاومة في لبنان وفلسطين ان كل هذا التهويل هو لا يستطيع ان ينال من ايماننا والتزامنا وارادتنا ولا يمكن ان يخيفنا ويدفعنا لنعيد النظر في طريقنا وخياراتنا ،بل اقول اننا ناخذ العبرة مما جرى في العراق ونتعلم الدرس يجب ان يعرف شعب لبنان وفلسطين وامتنا ان طريق المقاومة في لبنان وفلسطين هو الطريق الصحيح وليس هناك خيار اخروبلغة واضحة وليسمعها كل العالم انهم في الجمهورية الاسلامية وان هذا الامام القائد المجاهد لن يكونوا على الحياد في صراع الشعب العراقي مع المحتلين كما انهم لم يكونوا على الحياد في صراع الشعب اللبناني مع المحتلين كما انهم لم يكونوا على الحياد في صراع الشعب الفلسطيني هذه هي حقيقة الامة والطريق الصحيح .