كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في بلدة جبشيت بالذكرى السنوية الرابعة عشرة لإختطاف شيخ الأسرى الشيخ عبد الكريم عبيد 27-7-2003
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله والتي ألقاها في بلدة جبشيت بالذكرى السنوية الرابعة عشرة لإختطاف شيخ الأسرى الشيخ عبد الكريم عبيد
...ونعود في تموز إلى بلدة جبشيت إلى بلدة شيخ شهدائنا الشهيد السعيد القائد الشهيد راغب حرب، والذي أحدث دمه الزاكي تحولا كبيرا في حركة المقاومة. نعود إليها في ذكرى مناسبتين للمقاومة أيضا: المناسبة الأولى ذكرى حرب تموز عام 1993 والذكرى والمناسبة الثانية ذكرى القرصنة الإسرائيلية الإرهابية التي استهدفت عالما جليلا ومجاهدا كبيرا سماحة الأخ الشيخ عبد الكريم عبيد ليكون لهذه البلدة شرف أن تحمل من خلال أبنائها اسم بلدة المجاهدين والشهداء والاستشهاديين وشيخ الشهداء وشيخ الأسرى والمعتقلين.
في المناسبة الأولى، نأتي في جبشيت لأنّها بمواجهة حرب تصفية الحساب الإسرائيلية في تموز 93 كانت القلعة الكبرى للمقاومة الإسلامية، ولأنّ جبشيت دفعت أكبر ثمن في تلك المواجهة من تهجير أهلها وهدم منازلها وتدمير محالها، دفعت الثمن الكبير وبقيت على عهدها كما أرضها تحتضن جسد شيخ شهداء المقاومة، وبقيت بيوتها وأحياؤها وأزقّتها وشوارعها تحتضن مجاهدي المقاومة ومراكزها ومخابئها... مع جبشيت نستعيد تلك الأيام في حرب تموز التي تعرض فيها لبنان وجنوبه على وجه التحديد لعملية تدمير واسعة(...).
تلك الحرب كانت عناونا جديدا من عناوين انتصار الدم على السيف بالبندقة والسلاح المتواضع ولكن بالإيمان الكبير والقلوب الرحبة التي تتسع لكل الكون في حناياها. ودرس تموز في تصفية الحساب كانت التأسيس لدرس نيسان في عناقيد الغضب، وكلا هذين الصمودين أسس للإنتصار الكبير في أيار عام 2000م.
في المناسبة الثانية، في ذكرى اختطاف حبيبنا وعزيزينا الكبير الشيخ عبد الكريم عبيد تتحول الذكرى إلى عنوان وليس إلى مناسبة شخصيّة، فالشيخ عبد الكريم لم يعد اسما لشخص و رمزا لقضيّة ورمزا لأمّة وعنوانا لمقاومة. مع الشيخ عبد الكريم نستحضر كل الأسماء وكل الأشخاص والمعتقلين والأسرى وكل المحتجزين في سجون الصهاينة والظالمين من سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر ورفيقيه إلى كل معتقل وسجين ومرتهن ومحتجز في سجن هنا أو معتقل هناك(... ).
في هذه الذكرى، كلمة عن الأسرى وكلمة عن الجنوب وكلمة عن فلسطين والعراق معا وكلمة أخيرة عن الوضع الداخلي في لبنان.
أمّا في قضية السرى والمعتقلين، بعد التحرير مباشرة في 30 تموز 2000 احتشدنا هنا وكنت في خدمتكم خطيبا وقلت يومها أنّ هذا الإنتصار يبقى ناقصا غير مكتمل لأننا لم نحقق كل أهدافنا في المقاومة ومن أهمها تحرير كل أخ وأخت وكل أسير ومعتقل. وقلت لكم : نحن نعرف طريقنا جيدا ولسنا بحاجة إلى تضييع الوقت ، نحن لن نتوسل للمجتمع الدولي ولن نقبّل أعتاب المؤسسات الدولية والتي بكل صدق وصراحة لم نؤمن بها ولا بمصداقيّتها ولا بجديّتها في يوم من الأيام. قلت لكم أننا نعرف جيدا كيف نستعيد إخواننا وأسارنا بالبنادق وبالدماء الزكيّة وبالإرادات الراسخة وبالعزم الذي لا يلين.
في 7 تشرين الأول ألفين كانت العملية النوعيّة لفوارس المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا والتي أدّت إلى أسر ثلاثة من الجنود الصهاينة، وبعدها بمدة وجيزة تمّ احتجاز العقيد الإسرائيلي المخابراتي ألحنان تننباوم. منذ ذلك الحين وقبل أن يبدأ أي وسيط بالإتصال بنا للتفاوض كل الإتصالات والعلاقات وكل التحركات كانت باتجاه واحد ، باتجاه الضغط على حزب الله وقيادته منذ اللحظة الأولى. وأنا أتذكر عندما أصبح الجنود الصهاينة في يد إخوانكم وأبنائكم من مجاهدي المقاومة اتصلت بعض الجهات الأمريكية ببعض الجهات اللبنانية الرسمية بعد أقل من ساعة من تنفيذ العملية وقالوا : إن لم يعد حزب الله الجنود الثلاثة خلال ساعتين أو ثلاثة بأنفسهم الى منطقة مزارع شبعا أو لم يقوموا بتسليمهم للسفارة الأمريكية فإنّ العدو الإسرائيلي يهدد بقصف بيروت وبإعلان الحرب على لبنان.
وسؤلنا يومها وقلنا لهم فليقصف العدو الصهيوني بيروت وليعلن الحرب على لبنان لأنّ لبنان كله يتحمل مسؤولية تحرير هؤلاء الأعزاء الذين ما زالوا في السجون، أمّا نحن فلن نطلق سراح من بأيدينا ولن نكشف مصيرهم ولن نعيدهم إلى أحد إلاّ من خلال شروطنا. ويومها تحدثت بوضوح عن هذا الموضوع وتكلمت عنه في كل المناسبات التي أقيمت في ذكرى المقاومة والتحرير، كنت في الحقيقة أمهّد الأجواء لذلك الخيار الذي نفّذ في تشرين الأول 2000 ولنتحمل جميعا المسؤولية ومن كان لديه طريق آخر لماذا لم يسلكه ولماذا لم يعد إلينا إخواننا وأعزاءنا؟. لكننا في نفس الوقت كنّا نعلم جيّدا أنّ الإسرائيليين الذين خرجوا من لبنان أذلاء مذعورين لن يتمكنوا ببساطة أن يتّخذوا قرار العودة إلى لبنان أو الإعتداء عليه، وبالتالي لم ينفّذ هذا التهديد وبقي الأسرى في أيدينا.
منذ اللحظة الأولى، كنّا في دائرة التهديد والضغط ثمّ دخلنا في دائر الوعظ والإرشاد والنصح ولطالما استقبلت وفودا أجنبية تنصحنا وتعظنا وتحدثنا عن الأخلاق والقيم الأخلاقيّة التي تفرض أن نكشف لهم عن مصير الأسرى الموجودين لدينا، والتي تفرض أن نتسامح في شروحنا وتدعونا إلى تقديم مبادرات حسن نيّة لنطلق سراح أحد أو نعيد أحدا مثلا، وهذا من الأمور المحزنة والمؤسفة في هذا العالم. كل الدول الأجنبية وكل العالم وحتّى أغلب الصحافة في العالم كانت تتجاهل أسرانا وإخواننا في السجون الإسرائيلية، لم يذكر العالم أنّ هناك معتقلين لبنانيين وأسرى ورهائن في السجون الإسرائيلية إلاّ بعد عملية الأسرى في تشرين الأول 2000 في مزارع شبعا وبعد أن يأسوا.
وكنت أقول لهم في نهاية المطاف نحن نريد أن تكتمل العملية الأخلاقيّة، فلأخلاق تقول أيضا أن تطلقوا سراح نسوة ومرضى يعانون أمراضا مزمنة وأطفال ورجال أمضوا عشرة وعشرين وثلاثين سنة في السجون أفليس هذا أخلاقا؟ تعالوا لننفذ عملية أخلاقيّة كاملة. عندما يأسوا من الضغوط والتهديد والوعظ جاؤونا أيضا ليحدثونا عن مكاسب سياسية ومعنوية وماليّة ولطالما سمعنا من هنا وهناك أنّ مبادرة منكم بإطلاق سراح البعض أو كشف مصيرهم أمام عدوهم سيحسّن صورتكم في العالم!؟ (...).
واضاف ان العدو ادرك جيدا ان قيادة حزب الله في هذا الامر ليست حاضرة، لاي تنازل وتساهل او تسامح، لان هذه هي الفرصة الوحيدة لمنح عدد كبير من الاعزاء الحرية وعودتهم الى الديار.
وقال بعد عدة اشهر من الاسر بدأت المفاوضات وبطريقة رتيبة وبطيئة وما زالت بطيئة. ونحن من اليوم الاول لم نتحدث عن ارض ولا عن مكاسب سياسية ولا ضمانات امنية ولم نقل لهم مقابل الاسرى لا تخترقوا اجواء لبنان، ولم نقل لهم مقابل الاسرى اخرجوا من مزارع شبعا، وادفعوا التعويضات للبنان، كنا دائما نقول نحن نريد معتقلين ونريد الاسرى وكشف مصير المفقودين من لبنانيين وفلسطينيين وعرب. لانه في اللوائح هناك بعض التردد، هل بعض هؤلاء شهداء ؟احياء؟ مجهولوا المصير؟ قضيتنا بالكامل هي قضي انسانية واخلاقية، موضوعها مجموعة من البشر من خيرة البشر، على هذا الاساس كنا نفاوض، وكان واضحا ان الاسرائيليين يماطلون لم يبذلوا أي جهد حقيقي لمعرفة مصير جنودهم، وهذا الامر كان ممكنا وكل ما قاله مسؤولوا العدو لعائلات الاسرى الصهاينة هو كذب وخداع، لانهم لم يبذلوا أي جهد ولم يقدموا أي عرض ونحن كنا دائما جاهزين، وقلنا لهم عبر الوسطاء تعالوا وقدموا عرضا، واستمعوا الى عرضنا نحن نريد مقابل كشف المصير هذا العدد هذا العدد من المعتقلين، ومقابل كشف المصير لم نطلب اعداد كبيرة بل اعداد واقعية جدا، لان الجزء الاهم في التفاوض هو عملية التبادل وليس كشف المصير، لكن لم نلقى اذانا صاغية. لماذا؟ كل هذه المماطلة الاسرائيلية ،قد يكون هناك سبب طبيعي. وبالرجوع الى عمليات التبادل والتفاوض السابقة التي حصلت مع بعض المنظمات الفلسطينية، وجدت ان بين عملية الاسر وعملية التبادل كان يمر من الوقت اربع سنوات، او ما يقارب الخمس سنوات ،هل يريد الاسرائيليون ان يفاوضون اربع سنوات وخمس سنوات؟ نحن لسنا جاهزين لذلك ولا نوافق على هذه الطريقة والاسلوب، هذا الامر لا يمكن ان نسلم به لان اخواننا هناك في السجون، واعداد كبيرة من الاخوة في السجون يراهنون علينا، وعلى موقفنا وادئنا، واذا كان السبب الاول هو اعتبار حكومة العدو ان هذا الوقت الذي يستهلك حتى الان هو وقت طبيعي في التفاوض بالنسبة لنا هو وقت غير طبيعي .
ثانيا :اذا كانت حكومة العدو تعتمد على المماطلة والزمن وان هذا سوف يدفع بقيادة حزب الله، الى التراجع او التساهل او التسامح والقبول بتسوية ومعالجة غير صحيحة وغير مشرفة ومناسبة، فهم مخطئون ومشتبهون. لان المماطلة ليس بالضرورة ان تؤدي الى التنازل وانما قد تؤدي الى خيار اخر.
واعلن سماحته ان المماطلة لن تدفع حزب الله الى التنازل عن الحد الادنى من شروطه في عملية التبادل انما ستدفعه الى خيار اخر .
وقال فليسمع العدو قبل الصديق نحن سنعطي عملية التفاوض حول الاسرى والمعتقلين فرصة اخيرة، واذا انقضت هذه الفرصة سنعتبر ان المفاوضات انتهت، وصلت الى طريق مسدود وان الاسرى الموجودين بين ايدينا عددهم ليس كافيا لانجاز عملية التفاوض الناجحة والتبادل الكامل. والبديل ليس التنازل البديل بل العمل في الليل والنهار ليكون في قبضة فوارس ومجاهدي المقاومة الاسلامية اسرى اسرائيلييون جدد .
واضاف نحن نعطي فرصة اخيرة ولا نعتقد ان احد في هذا العالم يمكن ان بكون بهذا الوضوح، وقد يقول البعض ان هذا الوضوح قد يضيع عليكم الفرصة، وانا اقول هذا الوضوح لم يضيع الفرصة ابدا ولاحقا وهدف هذا الوضوح ان يقيم الحجة على العدو وان يقيم الحجة على الصديق .
وقال على كل الذين ياتون الى لبنان ليتحدثوا عن الاسرى الاسرائيليين ويتجاهلوا اخواننا ومعتقلينا في السجون، نحن قوم نتحمل كامل المسؤولية وتبعات ما نقول وتبعات ما نفعل وتوكلنا في الماضي واليوم والمستقبل على الله خالق السماوات والارض .
ودعا سماحته الوسيط الالماني الى العودة والاشراف من جديد والاستفادة من الفرصة الاخيرة، وقال في الماضي كنا نقول لدينا ثلاثة جنود مجهولي المصير، احياء اموات بعضهم احياء بعضهم اموات، هذا مصير مجهول، في مقابل كشفه نريد تحرير معتقلين.
وقال سماحته في ما مضى قلت ان العقيد الاسرائيلي حي، لانه هو جاء الى لبنان وهذا امر طبيعي، وهذا ما قلته قبل اشهر، وعائلته اعلنت في اكثر من مناسبة بان العقيد الاسرائيلي مصاب بمرض خطير، وهذا صحيح ونحن كنا مهتمين بوضعه الصحي .
بعد الكلام القديم ومضي عدة اشهر انا اضيف العقيد الاسرائيلي الى الثلاثة واقول للاسرائيليين ان مصير تتننباوم بات مجهولا ايضا. فمن يدري هل ما زال على قيد الحياة ام لحق بمن سبق ممن قتل في ساحات المواجهة مع هذا العدو.
اصبحتم اليوم امام اربعة مجهولي المصير ويجب ان نفاوض على كشف مصير الاربعة وليس كشف مصير ثلاثة .
وبكل الاحوال اقول الاسرائيلي كما يتعاطى الان مع الاخوة في فلسطين هو يرفض حتى تشكيل لجنة مع ممثلي السلطة الفلسطينية للتناقش والتباحث حول معايير اطلاق سراح الاسرى ،وهو يريد ان يختار الاسماء ويحديد الاعداد، ولذلك كانت العملية معقدة في الاعداد والاسماء والنوعيات والتفاصيل.
وقال نحن لم نتعود في يوم من الايام ان نخضع لشروط الاسرائيلي، لا في الحرب ولا في المفاوضات ولا في القتال ولا في السياسة ولا في الاعلام .
ونحن في قضية الاسرى نعمل من اجل قضية انسانية اخلاقية نبيلة شريفة، وسوف نواصل العمل في هذه القضية حتى يمن الله على الاسرى والمعتقلين بالحرية والعودة الى الديار والاهل. وهذا التزام ووعد وعهد قاطع، وليس هذا وعدا سياسيا او انتخابيا، وهذا امر نعيشه في الليل والنهار وعلى هذا الاساس يجب ان يعرف العدو مدى جديتنا في هذا الامر، ويجب ان يحسب الصديق ايضا لمدى جديتنا في هذا الامر .
وحول الجنوب قال سماحته :شاهدنا بيان الامم المتحدة والامين العام للامم المتحدة في الفترة الاخيرة ،وهناك قضية حتى السفير الامريكي في بيروت يعمل على اثارتها وتحريكها والتهويل على لبنان بها، وهي ان مضادات المقاومة ومضادات الجيش اللبناني تتصدى للطائرات الاسرائيلية وللانتهاكات الاسرائيلية، وبالتالي يعتبر هؤلاء الظلمة ان رد المقاومة والجيش على الانتهاكات هو خروقات للخط الاخضر، كما ان الاعتداء الاسرائيلي على سيادة لبنان واجواء لبنان هو خروقات للخط الاخضر، وليس جديدا ان يساوي هؤلاء بين القاتل والضحية بل ليس جديدا ان يحمل هؤلاء الضحية المسؤولية ويتوجهوا اليه بالضغط .
وقال ما تقوم به مضادات المقاومة الاسلامية والجيش اللبناني في سماء لبنان، هو امر منطقي وقانوني وشرعي ووطني، وطبيعي جدا واقل الواجب الذي يجب ان نتحمله.
وقال سماحته اذا ارادوا ان يرتاح سكان المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة من صوت طلقات المضادات فما عليهم سوى ان يوقفوا الانتهاكات الجوية الاسرائيلية لسماء لبنان، ولا يوجد حل اخر وخيار اخر، طالما هناك انتهاكات جوية هناك مضادات ارضية، تطلق رصاصها وقذائفها ولو انزعج كل العالم،
وقال كما في قضية الاسرى لم يتذكر سعادة السفير الامريكي ولم يتذكر سعادة الامين العام للامم المتحدة ان هناك اكثر من سبعة الاف انتهاك اسرائيلي لسماء لبنان منذ ايار 2000 الى الان الا بسبب مضادات المقاومة والجيش اللبناني .
وقال لو لم يكن هناك فائدة من اطلاق قذائف المضادات سوى تذكير العالم بعدوانية اسرائيل وانتهاكات اسرائيل لكان دليلا كافيا للاستمرار بهذه السياسة وهي بالتاكيد سياسة دفاعية ومنطقية ومشروعة ونحن سنستمر فيها ايا تكون الانتقادات او الملاحضات التي نسمعها من هنا وهناك .
وحول فلسطين والعراق قال سماحة الامين العام :اليوم يوجد بلدان مسلمان عربيان يرزحان تحت الاحتلال فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة، والعراق تحت الاحتلال الامريكي المباشر.
الانتفاضة في فلسطين التي استمرت الف يوم ودخلت في مرحلة جديدة بعد اعلان العديد من الفصائل الجهادية تعليق عملياتها لثلاثة اشهر، فما يجري الان في العراق على اكثر من صعيد يفتح ابواب النقاش على مصرعيه على امتداد العالم العربي والاسلامي، النقاش حول الخيارات الصحيحة والمناسبة، وهناك وجهات نظر كثيرة ومتناقضة ومتعددة ،والاسوء في هذا النقاش هو ان يسارع البعض امام مستجدات الساحة الفلسطينية، او ان يسارع البعض امام مستجدات الساحة العراقية لتوجيه اصابع الاتهام والتخوين والطعن للمخلصين والمجاهدين والصادقين في أي تيار او فصيل او اتجاه او فئة .
واضاف من يؤمن بالمقاومة وبخيارها عليه ان يعرف ان خيار المقاومة هو خيار ابوي وبحاجة الى صدر واسع يحتضنه، وخيار تجميعي وتوحيدي واستنهاضي وليس خيار تكتيكيا ولا تمزيقيا ولا تخوينيا، هذه هي الحقيقة والبعض لا ينتبه الى ما يقول والى ما يفعل .
وقال في فلسطين المحتلة الشعب الفلسطيني بفصائله الجهادية هو الذي اتخذ قرار المقاومة والانتفاضة، وهناك من ايد وهناك من عارض وهناك من نظر وهناك من فكر وهناك من اكثر من الكلام ،لكن في نهاية المطاف الذي كان بيته يهدم ودمه يسفك والذي كان يقاتل في الميدان هو الفلسطيني.
واضاف نحن نطمئن لما يجري في فلسطين لاننا على يقين بان الشعب الفلسطيني والفصائل الجهادية لم تتخلى عن استراتيجية المقاومة ،ورفض الاحتلال والجهاد ولم تقبل بواقع الهيمنة والسيطرة ،اما متى يقاتل اخواننا في فلسطين ومتى لا يقاتلون ومتى يتوقف ومتى لايتوقف ومتى يصعد ومتى لا يصعد ،وانتخاب الزمان والمكان والاسلوب والتكتيك والوسيلة هذا شأنه، وهذا حقهم هم اهل الميدان واهل المعاناة.
نحن الذين نعيش خارج فلسطين المحتلة كأخوة يمكن ان نتناصح ونقدم وجهات نظر، ونقدم افكار، لكن لا يحق لأي واحد منا ان يضع كل المجاهدين والشرفاء في فلسطين المحتلة في دائرة الاتهام. هذا هو المنطق ومقتضى الاخوة، وبالتالي هذا الشعب وهذه الفصائل الجهادية التي قدمت الاف الشهداء والتي اذهلت العالم بمستوى تضحياتها وعدد ونوعية عملياتها الاستشهادية، لا يجوز لأي انسان مخلص وصادق ان يشكك بها .
كذلك عندما نتطلع الى الساحة العراقية لو استثنينا اؤلئك الذين ينتمون اساسا الى الخيار الامريكي والرهان الامريكي ،واولئك الذين تربوا في احضان البنتاغون والادارة الامريكية.
اذا استثنينا هؤلاء وتحدثنا عن الاكثرية الساحقة من ابناء الشعب العراقي بكل اعراقه وطوائفه ودياناته واتجاهاته السياسية والوطنية الصادقة المخلصة لرأينا ان هذا الشعب لعقود من الزمن تحمل الظلم والقهر الذي ليس له مثيل في العالم.
هذا الشعب الخارج من هذه المعاناة القاسية الذي من بين ابنائه وفي صفوفه حركات اسلامية ووطنية وقومية صادقة، وفي صفوفه قيادات كبيرة ومرجعيات جليلة وتيارات حية،من حقه ان يترك له الفرصة لانتخاب طريقه.
واضاف هؤلاء العراقيين الذين عانوا في الماضي وما زالوا يعانون هم يرفضون الاحتلال الامريكي ولكنهم يختلفون في الاجتهادات وهناك من يرى ان المقاومة المسلحة الان وقبل الغد هي الوسيلة الاجدى والمناسبة لتحرير العراق من الاحتلال الامريكي، وهناك اجتهاد اخر يقول نحن لا نريد ان ندخل الان في مقاومة مسلحة انما نريد ان نتستنفد وسائل الضغط الشعبي والسياسي ، وهناك اجنهاد ثالث يتصور ان العمل في المجال السياسي لحشر امريكا والضغط عليها لتشكيل حكومة سوف يسقط كل ذرائع امريكا ويفرض عليها ان ترحل.
في كل بلد يواجه محنة قاسية كمحنة العراق وفلسطين ولبنان سابقا، من الطبيعي اذا كان بلدا حيا وفيه تيارات حية وقادة ومفكرون واحزاب ان تتعدد فيه الاجتهادات ،نحن امام هذا الواقع بحاجة ان نتفهم اوضاع اخواننا في فلسطين والعراق.
كما نطلب منهم في الماضي والحاضر ان يتفهموا اوضاعنا في لبنان ،لكن في الاصل اننا جميعا نرفض الاحتلال والسيطرة والهيمنة الامريكية والاسرائيلية، واذا كان لدينا من قناعات ووجهات نظر، وما دمنا نعرف مسبقا صدق واخلاص الكثيرين الذين يتحركون في الساحة ،وهم في معرض القتل والشهادة في فلسطين والعراق، فلنقدم لهم افكارنا بشكل هادئ وجميل دون نسرع في توجيه اصابع الاتهام ودون ان ندخل في تصنيفات خطيرة جدا التي من اخطرها والمعتمدة حاليا والتي تساعد عليها بعض وسائل الاعلام العربية هي التصنيفات حول الوضع الذي يجري في العراق .
وقال :في لبنان الاعلام كله كان يتحدث عن مقاومة اسلامية ولم يكن يتحدث عن مقاومة شيعية وخصوصا في السنوات الاخيرة، رغم ان الكل يعرف ان العامود الفقري للمقاومة في السنوات الاخيرة كانت مقاومة حزب الله، ومن المعروف ان هؤلاء ينتمون من الناحية المذهبية الى التشيع ولكن لم نكن نحن لنقبل ولم يكن لاحد ان يقبل ولم يكن احد يقول ان المقاومة في لبنان هي مقاومة شيعية ،انما كان الجميع يتحدثون عن مقاومة اسلامية ووطنية .
وقال ايضا :المقاومة في فلسطين هي مقاومة اسلامية ومقاومة وطنية ولم يتحدث احد عن مقاومة سنية في فلسطين المحتلة ،واضاف لماذا يراد الان الدخول في تصنيفات ومصطلحات وتحريض ممنهج على مستوى الساحة العراقية ،منذ الايام الاولى قلنا انه لا توجد مشكلة بين الشيعة والسنة في العراق لكن امريكا اليوم والانظمة التابعة لها في المنطقة والعديد من وسائل الاعلام تعمل على تكبير كل صغيرة ،وعلى تضخيم كل حدث وعلى اعطاء أي خطأ بدر من سني او شيعي في العراق حجم كبيرا ، لان الامل الوحيد امام امريكا للبقاء في العراق هو الفتنة بين السنة والشيعة والفتنة بين الشيعة والسنة ،ليس للوجود الامريكي في العراق أي امل.
وقال:ان البنتاغون الامريكي يستعين بجنرالات صهاينة ليستفيد من تجارب الاسرائيليين في مواجهة المقاومة في العراق، في الحقيقة لو كان هناك خبرة عند الاسرائيليين في المواجهة لما هزموا في سنة 1985 ولو كان لهؤلاء الجنرالات خبرة ناجحة لما خرج الصهاينة من لبنان في 25 ايار عام 2000 مذعورين اذلاء .
واشار ان ليس هناك افق امام الامريكي في العراق سوى الخروج منه وان مستقبل العراق هو المقاومة الاسلامية والوطنية الشاملة بجميع العراقيين والتي من خلالها سيستعيدون حريتهم وسيادتهم وطرد الاحتلال الامريكي من ارضهم .
وقال: ان الذي ينتخب الزمان والمكان والاسلوب في العراق وفي كيفية مواجهتهم للامريكيين هم العراقيين الذي انكشف لهم علنية هدف الاحتلال الامريكي .
ودعا العلماء والقيادات العربية والاسلامية الى التعاون والعمل شيئا فشيئا حتى لا يسود منطق التفرقة والفتنة في العراق ومن اجل تثبيت وحدتهم على خيار المقاومة والاستشهاد الذي لا بديل عنه .
وفي الشأن الداخلي اللبناني اعتبر سماحته اننا قد وصلنا الى مرحلة لا تطاق ونحن ننتقل من سيء الى اسوء ،مؤكدا اننا في حزب الله سنعمل الى جانب كل الاتحادات النقابية والاحزاب والقوى السياسية على مواجهة سياسة الضرائب الجديدة وبكل الوسائل الممكنة ولن نتساهل في هذه السياسة التي تدمر بلدنا .
وسأل سماحته اذا كان ما يجري مجرد دوافع شخصية ام هو مخطط تدميري لشعب لبنان وهل المطلوب سحق ارادة اللبنانيين بالفقر والجوع والضرائب والرسوم ؟لافتا الى ان حزب الله لا يستطيع لوحده الدفاع عن مصالح اللبنانيين خاصة اذا كانت الفئة المستهدفة غائبة ولا تدافع عن مصالحها .معتبرا ان سكوت اللبنانييون على الرسم الجديد على الكهرباء سيكشف للحكومة انه ليس في لبنان شعب يملك الجرأة للقول للحكام كفى ظلما وسيؤدي ذلك الى المزيد من التمادي والى المزيد من الرسوم والضرائب ،ورأى ان البديل هو الاصلاح الاداري والمالي ومواجهة الهدر وتحقيق القانون الذي يطال السارق وكل من يمس المال العام وان ما نريده ويريده اللبنانيين هو ان لا تفرض على الناس الضرائب والرسوم الجديدة .