كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في الإحتفال التأبيني الذي أقيم بذكرى أربعين العلامّة الشيخ حمزة اليحفوفي في مبرة الإمام المهدي في بعلبك 1-6-2003
أكّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنّ سلاح المقاومة هو عنوان وشرف وكرامة شعب قاتل وقدّم خيرة شبابه ورجاله ليحرر أرضه ويكون له موقع في هذا العالم، وهو سلاح لا يباع بثمن ولا نقبل أن يناقش أحد في لبنان ثمنا ماليا لهذا السلاح الذي اشتريناه ودفع ثمنه شهداء عرقا ودما ومالا، وأنّ أثمان المقاومة ترتبط بأهدافها ومن يريد أنّ يقايض سلاح المقاومة فليأتي إلى لبنان ليتحدث عن تحرير الأرض وتحرير المعتقلين وإعادة الحقوق.
وفي الإحتفال التأبيني الذي أقيم بذكرى أربعين العلامّة الشيخ حمزة اليحفوفي في مبرة الإمام المهدي في بعلبك، قال سماحته إنّ :" الأمريكيين رأوا أن مرحلة التهديد ضدّ لبنان وسوريا لم تجدِ نفعا وخصوصا فيما يتعلق بتمسك لبنان وسوريا بسلاح المقاومة، وأنه لا يكفي أن يقال لهما يجب أن تصفّوا قوّتكم وشرفكم حتّى لا نضربكم"، مؤكدا أنّ هذا المنطق لا ينفع مع لبنان وقيادته وسوريا وقيادتها ولا مع شعبي سوريا ولبنان.
أضاف : الآن بدأ البازار ودخلنا في المزاد العلني، أول الثمن 500 مليون دولار مقابل سلاح المقاومة وهذا ثمن بخس، لا أريد أن أدخل في حكاية الأثمان بل أن أتحدث من موقع وطني وأخلاقي، معتبرا كلام السناتور الأمريكي داريل عيسى فيه إهانة للبنان وشعبه كبيرة جدا وما كان ينبغي أن يسكت عليها، متسائلا هل يبيع الإنسان كرامته وشرفه ليس بخمسمئة مليون دولار بل بمليارات الدولارات، ألا يخجل من يحدثنا عن مال إزاء سلاح المقاومة وينسى أنّ جزءا من أرضنا ما زال تحت الإحتلال فلا يذكر أرضنا المحتلة بكلمة، وينسى أنّ خيرة شبابنا ورجال هذا البلد ما زالوا محتجزين ومرتهنين في سجون إسرائيل دون أن يأتي على ذكرهم بكلمة، ويتناسى ويتجاهل أن هذا البلد تخترق سيادته وأجواءه ومياهه الإقليمية قوات العدو كل يوم وكل صباح وكل مساء وتهدد بالحرب دون أن يشير إلى ذلك بكلمة؟.
وأكّد أنّ سلاح المقاومة ليس بضاعة للبيع في سوق النخاسة، سلاح المقاومة هو عنوان وشرف وكرامة شعب قاتل وقدّم خيرة شبابه وأبنائه ونسائه وأطفاله ليحرر أرضه وليكون له موقع في هذا العالم، سلاح المقاومة هو عنوان لمجد وشرف لبنان وكرامته وعز لبنان وأكبر الرجال في لبنان، وسلاح المقاومة في لبنان هو عنوان موسى الصدر وعمامته ودم كل شهيد جرى في عروقه ونزف على أرض لبنان، هو عنوان كل جريح شريف وكل الأيدي التي ما زالت مقيّدة وكل الجباه الشامخة في لبنان في الجبال العالية التي ترفض الاستسلام والذل والهوان والتسويات المذلّة التي يريدون فرضها، سلاح المقاومة هو عنوان عشق وحب وإيمان واعتقاد وفداء وجود أين منه الجود في هذا العالم.
ورأى السيد نصر الله أنّ أثمان المقاومة ترتبط بأهداف المقاومة، وقال :" من يريد أنّ يقايض سلاح المقاومة فليأتي إلى لبنان ليتحدث عن تحرير الأرض وليتحدث عن تحرير المعتقلين والأسرى وإعادة الحقوق إلى أهلها وأصحابها"، مؤكدا أننا نقبل أن تكون المقاومة على طاولة البحث عندما يتحرك النقاش باتجاه الأهداف التي قامت من أجلها المقاومة، أمّا سلاح المقاومة فليس للبيع لا بخمسمئة مليون دولار ولا بخمسمئة مليار دولار.
وحول قمتي شرم الشيخ والعقبة واستبعاد لبنان وسوريا عنهما، أكّد السيد نصر الله أنّ من لديهم حسابات صحيحة وخصوصا في ما يتعلق بالكرامة لن يكونوا متألّمين لذلك وسيكونون سعداء لأنّ هذا الاستبعاد شهادة للبنان وسوريا بالوطنية والالتزام القومي والثبات على الحقوق، معتبرا أنّ هذه القمم تريد تحسين صورة رئيس وزراء العدو الصهيوني آرييل شارون الذي يحتفي ويشيد به بعض الحكام العرب بإيجابيات شارون التي تعلن حكومته بالإجماع أن لا حق للفلسطينيين بالعودة وبأن القدس سوف تبقى عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، ويشيد بعض العرب بحسن نوايا شارون تجاه التسوية والسلاح وهو الذي يقرر توسيع المستوطنات القائمة.
وتساءل:" ماذا بقي للفلسطينيين ليتفاوضوا عليه والإسرائيليين في نهاية الطريق التي تدلنا إليه هذه الخارطة المشؤومة؟، مؤسف جدا أن نصل إلى هذه المرحلة، قد تكون عاجزا عن فعل شيء وقد تكون الظروف غير مساعدة لك على أن ترفع صوتك وأن تغير واقعا، فلماذا توقع على هذا الواقع وتعطيه الشرعية وتباركه وتمجده وتضلل أمّتك وشعبك من خلال تصوير كارثة على أنّها سفينة النجاة للشعب الفلسطيني؟.
وقال :" تذكرون عام 1996 كان هناك شرم شيخ أكبر وأضخم من هذه وأوسع منها وذهبت أدراج الرياح بكل قراراتها ومفاعيلها، ونحن مدعوون إلى التماسك والتضامن وإلى مواجهة التهديدات لكل مواقع القوة في هذه الأمّة، وفي لبنان وسوريا وإيران والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية وحيث هناك مناضل وشريف وأبي على امتداد عالمنا الإسلامي والعربي".
وفي الشأن الداخلي أكّد الأمين العام لحزب الله على ضرورة تحصين الساحة وإبعاد الخلافات وتأجيلها ومعالجة الخلافات الداخليّة الخلافيّة بشكل هادي وحريص وحكيم، دون الحاجة إلى توتير البلد وإثارة الحساسيات والضغائن ، لكن كل ذلك لا يعني على الإطلاق تجميد السلطات ومؤسسات الدولة وتذرّع المسؤولين في السلطة والتخلي عن واجباتهم تجاه أهلهم وشعبهم تحت عنوان المرحلة الصعبة التي تعني أن نتكامل ونتحصّن، ولا يعني أن يتخلف المسؤولون في الدولة عن مسؤوليّتهم وخصوصا فيما يختص بالقضايا الإنمائيّة والحقيقيّة للناس.
واعتبر سماحته أنّ أسوء أمر أن تكون لقمة عيش الناس وحياتهم الشخصيّة وما يرتبط بتعليم أطفالنا ودماء مرضانا متصلا وعائدا ومحكوما للصراع واللعبة والمنافسات السياسية في البلد، وأوضح أنّ هذا يفقد عملية التنمية أي بعد أخلاقي وإنساني ويحولها إلى عمليّة ماديّة جامدة ستؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة على أهالي المناطق والطوائف والمذاهب وكل البلد.
ورأى السيد نصر الله أنّ الإنماء بحاجة لأن تضع السلطة خطّة على أساس وطني وإنساني دون حسابات مناطقيّة وطائفيّة ومذهبيّة وحزبيّة وانتخابيّة وأن ترتب الأولويات على اساس الحاجات، معتبرا أن لا منطق يسمح بأن يقال إذا أردت أن أبني مدرسة أو مستشفى أو أي خدمة أخرى في منطقة معيّنة أقيم هذه الخدمة في منطقة أخرى دون الحاجة إليها وهذا إسراف وهدر وظلم ونهب علني لأموال الشعب اللبناني.
أضاف : إنّ حرمان منطقة أو طائفة أو مذهب فتلك نتيجة تعزيز الحساسيات الماضية والطائفيّة والذين يمارسون عملية الإنماء على هذا الأساس يزرعون الحقد والبغضاء والعدواة بين اللبنانيين وليس الحب، متسائلا لماذا وصل المال إلى مكان ولم يصل إلى أماكن أخرى وهذا ما يجب أن تجيب عليه السلطة، داعيا إيّاها إلى تصحيح هذا الأمر فهذه المناطق تريد أن تأكل العنب لا أن تقتل الناطور.