كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال عيد المقاومة والتحرير في مدينة بعلبك بتاريخ 25-5-2003
الحمد الله الذي أنقذنا من الجهالة وحيرة الضلال وعرّفنا طريق الهدى والكرامة فآوانا وأيّدنا بنصره ونحن شعب مستضعف ومحاصر، وأعزّنا بعزّه وجعل هزيمة أعداء هذه الأمّة على أيدينا في هذا البلد العربي الصغير في مساحته وتعداد سكانه والكبير الكبير في إيمانه وتوكله وجهاده ومقاومته وتضحياته.
أتينا اليوم إلى مدينة بعلبك إلى البقاع إلى منطقة بعلبك الهرمل لنحيي مع أهلنا الكرام الأعزّاء الذكرى السنويّة الثالثة لعيد المقاومة والانتصار والتحرير، وانتخاب المكان منطلق من حقيقة ما جرى في الزمان وصلة هذا المكان بما جرى في25 أيّار 2000 صلة العلّة بالمعلول ، صلة الإنطلاق والقاعدة والمنطلق، هذه المنطقة آوت ونصرت واحتضنت وكانت ملاذ المقاومين والمجاهدين عام 1982. نأتي إلى مدينة بعلبك إلى البقاع لنؤكّد عمق العلاقة بين المنطقة وأهلها والانتصار، ولنذكر العالم كلّه ولنذكر من قد نسي أنّ المقاومة ولدت في هذه المدينة وفي هذه الأرض، بالحد الأدنى مقاومة حزب الله وحزب المقاومة الإسلامية ولد في هذه المدينة في مدرسة الإمام المنتظر الدينية في مسجد الإمام علي عليه السلام حيث كانت اللقاءات الأولى للقائد الشهيد السيد عباس الموسوي مع إخوانه المجاهدين المقاومين، وكان القرار أن نقاتل وأن نقاوم وأن نرفض الذل والهوان وأن لا ننصاع للهزيمة.
عندما قيل أنّ لبنان دخل في العصر الإسرائيلي قلنا نرفض أن نعترف بالعصر الإسرائيلي، نحن شعب حي وأمّة حيّة، نحن الذين نصنع زماننا ومكاننا، نحن الذين نصنع عصرنا والمصير، نحن الذين نصنع تاريخنا والمستقبل ولا يمكن لأحد لا لأمريكا ولا لإسرائيل ولا لأي طاغية في هذا العالم أن يفرض علينا زمانا أو عصرا أو تاريخا أو مصيرا. من هنا كانت الإنطلاقة وإلى هنا آوى المجاهدون يتدربون في معسكرات التدريب التي احتضنتها هذه الجبال الشامخة وتلك الأودية الطاهرة واحتضنها أهلها وسكانها. هنا كان الملاذ وكان الملجأ ومن هنا كان المنطلق. هذه المنطقة تحملت عبأ المقاومة، منذ الساعات الأولى كانت تقصف وتضرب ويهدد أمنها وأمن سكانها وأمن اقتصادها ، هذه المنطقة لم تكن في الجبهة الخلفية، كانت دائما في الخطوط الأماميّة.
كان شبابها ورجالها يقتلون على خطوط النار في الجنوب وعلى أرض بعلبك في هذه الثكنة وفي جنتا وفي معسكرات التدريب، ولطالما شيّعت بعلبك الهرمل ومنطقتها وأهلها عرسانا وشبّانا في هذا الصراع وفي هذه المعركة، ومن حق هذه المدينة أن نأتي جميعا في هذا اليوم لنقدم لها بعض الشكر وبعض الوفاء وبعض التقدير وبعض التكريم . لذلك كان احتفالنا في هذا العام هنا، عندما نختار أن نمضي بسرايانا إلى مدينة النبطية بيوم القدس فللمكان والزمان حساب، وعندما اخترنا أن يكون عيد التحرير الثالث هنا فللزمان والمكان حساب.
اليوم نحتفل بالإنتصار، هذا الإنتصار الذي كان انتصارا إلهيّا حقيقيّا، ما نحتاجه في عيد الإنتصار أن نعزز هذه روح الانتصار وثقافة الإنتصار ومعنويات الانتصار لأنّ المطلوب في هذه المرحلة أن تسقط هذه الروح وهذه الثقافة وهذا النفس. ونحن نستعيد مشاهد اقتحام المجاهدين ومعهم الرجال والنساء العزّل مناطق الشريط الحدودي المحتل، ونحن نستعيد مشاهد الهزيمة المذلّة والإندحار السريع لقوات العدو، ونحن نستعيد مشاهد قصف الطائرات الإسرائيلية للمواقع والدبابات لأنّه لم يعد هناك وقت لتفكيكها ونقلها، ونحن نستعيد هذه المشاهد يجب أنّ نستعيد معها كل الثقافة والأفكار والقيم والمفاهيم والمعادلات التي صنعت ذلك الانتصار وتأكدت من خلال ذلك الانتصار وفي مقدّمتها أننا أمّة لم يكتب لها الهزيمة .
اليوم نسمع بعد سقوط بغداد الكثير من المحبطين المهزومين يقولون نحن أمّة كتبت عليها الهزيمة وكتب عليها الذل وكتب عليها الهوان وهذا ليس صحيحا، نحن أمّة قادرة على أن تصنع النصر . ما جرى في لبنان أهم جوانب الحجّة فيه أنّ البلد الصغير والشعب المتواضع في إمكانياته العسكرية والإقتصاديّة والماديّة والسياسية، وأنّ البلد الخارج من الحرب الأهليّة، وأنّ البلد الذي مزّقته الحساسيّات والأحقاد الطائفيّة والمناطقيّة والفئويّة، والبلد الذي كان ينظر إليه على أساس أنّه نموذج الضعف والتمزّق والتشتت والقلّلة والفقر والمسكنة إذا به يحصل على شرف صنع النصر، هنا تكون الحجّة الإلهيّة على كل الحكومات وعلى كل الشعوب.
اليوم نحن بحاجة لأنّ نؤكّد هذا الفهم، نحن قادرون على أن ننتصر بالتوكل علىالله بالفعل والعمل باستجماع عناصر القوة بالعزم والإرادة، لكن للأسف الشديد حتّى في بلدنا وأمّتنا فضلا عن أعدائنا هناك من يريد دائما أن يسلب أمّتنا طعم الانتصار ولذّته. بعض المهزومين منذ 25 أيار 2000 كانوا يقولون ويخطبون ويكتبون أنّ ما جرى في لبنان ليس انتصارا، وكانوا جاهزين لأن يقبلوا أي تفسير للهزيمة من جنوب لبنان وأي تحليل وأي فرضيّة إلاّ فرضيّة الإنتصار، يقولون أنّه لا يمكن أن ننتصر ولا يمكن أن تهزم إسرائيل، وإسرائيل انسحبت كرم أخلاق منها وهي أخذت قرارا لوحدها أن تنفذ القرار 425، بعض هؤلاء من حقّهم أن يقولوا ذلك لأنّهم مسكونون بالهزيمة من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، وبعض هؤلاء من حقهم أن يقولوا ذلك لأنّ الإنتصار في لبنان فضحهم وفضح خياراتهم وفضح تسوياتهم فوقفوا ليقولوا أن ما جرى في لبنان ليس انتصارا وهو مسرحية أو صفقة وهو أي شيء ولكن هو ليس انتصارا، وحتّى لو سلّموا بأنّ الذي جرى في ال25 من أيار كان انتصارا سيعملون وعملوا على محاصرة هذا الإنتصار ليقولوا أنّ الإنتصار اللبناني استثناء وخارج القاعدة وخارج السياق الطبيعي لحركة التاريخ والأمّة، وليقولوا إنّ ما جرى في لبنان هو واقعة خاصّة بلبنان لا يمكن أن تتكرر وبالتالي يريدون أن يسلبوا فكرة وقدرة النموذج ... لقد أرادوا أن يقولوا لشعب فلسطين ولأي شعب مضطهد كما للشعب العراق أنّ نموذج المقاومة في لبنان هو حالة استثنائيّة تناسب اللبنانيين دون سواهم، مع العلم أنّ لدى أي شعب آخر وأي بلد آخر وأي دولة أخرى من الميزات ونقاط القوّة أكثر بكثير مما كان يملكه شعب لبنان ودولة لبنان ولكنهم يخافون هذا النموذج والأمل والثقة وثقافة المقاومة والانتصار فأرادوا أن يخنقوها ويحاصروها في لبنان.
أقول لكم وللبنانيين جميعا إذا كان هناك أحد في لبنان لا يزال يفكر أنّ انتصار 25 أيار 2000 هو "فلتة شوط" فهو ليس كذلك، ونحن قلنا في 25 أيار 2000 : مع العدو الإسرائيلي بدأ زمن الانتصارات وكانت بعد أشهر قليلة الإنتفاضة المباركة في فلسطين والتي هزّت كيان العدو ومرتكزات هذا الوجود السرطاني وأسسه الاستراتيجية، ونحن اليوم نعيد ونكرر ما قلناه في 25 أيار 2000 في بنت جبيل: مع العدو الصهيوني لا مكان للهزيمة بعد اليوم ومع المقاومة وإرادة المقاومة وشعب المقاومة وعشق الاستشهاد لا مكان للهزيمة لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في هذه المنطقة في مواجهة العدو الصهيوني.
ما حصل مرة يمكن أن يحصل مرة ثانية وثالثة ورابعة وبالتالي ما حصل في لبنان يمكن أن يحصل في فلسطين لكننا بحاجة إلى زمن وبحاجة إلى مواصلة العمل والجهاد، والانتصار في لبنان لم يكن وليد عام أو عامين أو ثلاثة أعوام بل وليد عشرون عاما من الجهاد في الليل والنهار ، آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وآلاف المعتقلين ومئات آلاف المهجرين وعشرات آلاف البيوت المهدّمة، التبعات والتضحيات كبيرة جدا وفي نهاية المطاف كان الإنتصار.
هذا الإنتصار ليس استئناءا ولا قاعدة ولا واقعة خاصّة ويمكن أن يتحقق في أي بلد آخر تحتل أرضه ويتخذ شعبه قرار المقاومة أيّا تكن ظروف وصعوبات هذا الشعب. في فلسطين اتخذ الشعب الفلسطيني هذا القرار بشكل حازم ومضى وحقق إنجازات كبيرة خلال أعوام ثلاث، وفي العراق لن يكون هناك خيار ولاسبيل أمام الشعب سوى خيار المقاومة، وقد قال لنا السيد بوش ورامسفيلد وباول وكونداليزا رايس أن نراقب جيدا العراق فهو النموذج وأنا أقول أيّها الناس راقبوا جيدا العراق فهو النموذج ، يمكنكم أن تسألوا الكثيرين ممن علّقوا آمالا على الإدارة الأمريكية الذين صدقوا الوعود الأمريكية أين هي تلك الوعود واين هي الآمال؟، قوات التحرير للشعب العراقي والتخليص له من طاغيته أصبحت قوات احتلال وشرعنت على أنّها قوات احتلال وذهبت وعود الحكومة الانتقاليّة أدراج الرياح وذهبت وعود الديموقراطيّة إلى المجهول، أين الأمن وأين الإعمار وأين الجامعات وأين الإقتصاد... ؟ يمكنك في العراق أن تقول ما شئت ولكن لا تملك شيئا ويمكنك أن تملك التعبير ولكن تفقد ملكية أرضك ونفطك ومائك ومصيرك ونظامك السياسي ومستقبلك أيضا، وها هي أصوات المعارضة وأحزاب المعارضة مِن أوثق الناس صلة بالإدارة الأمريكية وبالبنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية ترتفع، هذه هي أمريكا وهذه هي الخارطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط، خارطة الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر، خارطة التدمير لكل مقوّمات ومقدرات أي بلد، خارطة العالم العربي والإسلامي الذي يراد له أن يكون ضعيفا ممزقا ليس فيه أيا من عناصر القوة وتكون القوة فقط للجيوش والجحافل الأمريكية التي تملاء أرضنا والأساطيل الأمريكية التي تملأ بحارنا ومحيطاتنا والعلو فقط لإسرائيل والآخرون يجب أن يقبلوا بحقيقة الإنسحاق والذل والصغار وأن لا مكان لهم في هذا العالم وفي هذه الأرض، وأنتم في العراق وفي المنطقة لستم جديرين بالديموقراطيّة، يجب أن تحتل بلادكم قوات أمريكية لعشرات السنين ليعلموكم ويربوكم على الديموقراطية وعلى حقوق الإنسان !، أنتم الآتون من مجاهل التاريخ يرديون لكم أن يعلموكم كيف يصنع التاريخ !. وأنا أقول لكم صناعة التاريخ والحضارة الأمريكية هي سياسة إبادة عشرات ملايين الهنود الحمر في امريكا وكندا واستراليا وفي فلسطين هذا الذي يراد أن يتحقق وأن يحصل، النموذج هنا يقول لا خيار لنا سوى أن نقاوم فالمجتمع الدولي لم يُعِد أرض بشرف والقرارات الدولية كانت دائما حبرا على ورق ليس لها في حسابات وقواميس الإدراة الأمريكية وإسرائيل أيّة قيمة، إن كان هناك حساب من أرض تعود بشرف وكرامة فهي الأرض التي استعادتها المقاومة.
في العراق لا يجوز أن يقع أحد في أي التباس في المفاهيم التي يجب أن تصان وعندما تكون الحرب بين طاغوتين ظالمين ومغتصبين وطامعين حينئذ فإنّ الله ترك المعركة لهذا الطاغية وذاك الطاغية ومن لديه جنود أكثر وجيوش ودبابات وتكنولوجيا أكثر ومن لديه إمكانات مالية واقتصاديّة وأضخم والأقوى ماديّا وعسكريا واقتصاديا وسياسية هو الذي يغلب، هذه القاعدة أمّا عندما تكون المعركة بين الظالم والمظلوم وبين الطاغية والمعتدى عليه والمستكبرين والمستضعفين ، عندما يختار هؤلاء الذين احتلت أرضهم وانتهكت مقدساتهم أن يقاتلوا وأن يدافعوا وأن يضحوا وأن يقدّموا أرواحهم وفلذات أبكادهم شهداء من أجل أوطانهم وكرامتهم وعزّتهم وشرفهم وأعراضهم هنا يدخل الله وتمتد اليد الإلهيّة لتعين وتسدد الرمية وما جرى ف يلبنان هو تطبيق للوعد الإلهي بنصرة عباده المؤمنين. في لبنان شعب معتدى عليه وبلد مظلوم ولأنّ في لبنان مقاومة احتضنها الشعب والدولة قامت مقاومة ملتزمة إيمانية وطنية وأخلاقيّةلا تظلم وى تفسد ولا تعتدي على أحد ، مقاومة تحترم شعبها وتعشقه وتحترم وطنها ، مقاومة مدروسة ومحسوبة ومخططة في العقل والأداء والخطاب والزمان ، مقاومة لا تهزم في روح ولا في قلب ولا في إرادة ، مقاومة لله وفي عين الله وفي سبيل الله ، هنا من المنطقي والسنة الإلهية والسياق الطبيعي والتاريخي يقول أنّ هذه المقاومة ستنتصر وانتصرت في 25 أيار 2000 ولم يكن هناك أي مجا لللمقاومة لا في القوى العسكرية ولا في القوى السياسية ، كنّا دائما نتحدث عن تفوقهم المادي وف يالمقابل تفوقنا المعنوي.
إنّنا في لبنان أقويا ء بحقنا وأرضنا محتلة ومن حقنا أن نستعيد أسرانا في السجون الصهيونية ونطلق سراحهم ، بلدنا مهدد بالعدوان كل يوم ومن حقنا أن ندافع عنه وهذا الكلام صحيح وجميل ولكن الأذن الأمريكية والعقل الأمريكي والإدارة الأمريكية لا تسمع ولا تفهم هذا الكلام، وذا يجب أن نحتفظ بقوة الحق ونضعه معنا وبجانبنا دائما لأن في هذا الزمن إن كنّا ضعافا لن يعترف أحد بحقوقنا لا في مزارع شبعا ولا في الجولان ولا في فلسطين ولا في القدس ولا في المجسد الأقصى ، غدا سيصلّي اليهود في المسجد الأقصى وبعد غدٍ لن يسمح لكم أن تصلوا فيه وسيكون بعد غدٍ في مهب الريح، كلما نبدي ضعفا كلما ازدادوا جرأة وتوغلا في ارتكاب الجرائم الكبرى والتاريخية.
أمريكا تريد أن تنتزع كل عناصر القوة من منطقتنا ولذلك فإنّها منذ اليوم الأول لسقوط بغداد ارتفعت أصوات التهديد ضدّ سوريا ودمشق والقيادة السورية وضدّ لبنان وبعدها بدأت التهدديات ضدّ إيران، فتح لسوريا دفعة واحدة ملف أسلحة الدمار الشامل ومساندة الإرهاب وحركات المقاومة والموقف القومي لسوريا إلى جانب فلسطين والتواجد السوري في لبنان وبجانب كل ذلك فتح في يوم واحد خ
لا يمكن أن نتطلّع إلى الخلف الذي إذا نظرنا إليه ونرى قادتنا وشهدائنا وأحبّتنا نخجل أن نتردد ونندفع إلى الأمام أكثر، هذا هو المطلوب منّا في هذه المرحلة، أن نؤكد خيار المقاومة وأن نحمي سلاح المقاومة وأن يتحمل الجميع في لبنان مسؤولية حماية هذا السلاح وألاّ يطعن أحد بها لأنّها قوة للبنان ، ومن كان لديه نقاش أو قلق أو تردد اتّجاه حقيقة هذه المقاومة أو نواياها فليتفضّل نحن جاهزون لأي حوار داخل يولأي نقاش داخلي. لكن المهم أن نتماسك بقوة بهذه المرحلة.
في فلسطين الأمرو ستستمر في هذا الإتجاه نحن هنا جاهزون لمواجهة أي تحدٍ ، وأنا أقول لكم المنطقة دخلت في مرحلة صعبة ولكن لسنا وحدنا الذين نعيش الصعوبات ، أمريكا نفسها بدأت تواجه وستواجه الكثير من الصعبوات في هذه المنطق، فشلها في إدارة شؤون العراق واضح وأكاذيبها انكشفت وأنا أقول لكم أيضا ولدينا معلومات أكيدة على هذا الصعيد، عندما تسمعون في وسائل الإعلام كل يوم تقريبا هناك جندي أمريكي قتل واثنين آخرين جرحا أو قتل اثنين وأربعة جرحوا والتبرير بأنّ أول اثنين انقلبت بهم الدبابة وآخرين غيرهم تشقلبت بهم الدبابة وثلاث اثنين وقعت الطائرة بهم...
لقد سمعنا في وسائل الإعلام أنّهم استعانوا بجنرالات وخبراء إسرائيليين أثناء غزو العراق وأنهم اليوم يستعينون بخبراء إسرائيليين في مواجهة أي حركة مقاومة محتملة في العراق وهذا الخبر يبدو صحيحا لأنّ هذا الذي نسمعه الآن هو تجربة إسرائيلية، ففي جنوب لبنان كنّا نقتل الجنود الإسرائيليين وندمّر دباباتهم وبعد كم يوم يعلنون أن ّثلاثة أو أربعة جنود قتلوا في ماس كهربائي لدبابة أو آليّة ...
ما أردت قوله التالي : كان البعض منّا ينتظر ويقول إنّ انطلاقة أيّ عمليات مقاومة في العراق ستحتاج إلى شهور أو على سنوات ولكن يبدو أنّ المعلومات تؤكد أنّ هؤلاء لا يقتلون في حوادث السير ولا "تلطشهم" الكهرباء بل هؤلاء يقتلون بالرصاص والعبوات وهذا امر طبيعي جدا ورد فعل طبيعي جدا لأي شعب يشعر بأنّ أرضه محتلة، وأعتقد بأنّ هذه الحالة ستكبر يوما بعد يوم لأنّ الرهانات السياسية بدأت تتلاشى ولأنّ وعود الربيع بدأت تذهب سريعا جدا. يبدو أنّ العراقيين لن يكونوا بحاجة إلى سنة واحدة لاختبار نوايا الولايات المتحدة.
كلنا نعرف أنّ الأمريكيين لماذا أتوا إلى العراق، واليوم عندما نرى المقابر الجماعيّة التي صنعها صدام حسين نعرف حجم أفعاله بحق شعبه ونقول الحق مع الأمريكيين بمجيئهم لنزع نظام صدام حسين، طبعا ذهاب هذا النظام هو مطلب للحق وللعدل لكن هذا الحق وهذا العدل ليس مع الأمريكيين... وذلك حتّى وأنتم تشاهدون المقابر الجماعية لا يلتبس عليكم الموضوع. هناك مئتين ألف مفقود في العراق بعدانتفاضة الجنوب العراق بعد عاصفة الصحراء، عندما انتفض الشعب العراق وأخذ البصرة والنجف وكربلاء والسماوة والكوت ووصلت الإنتفاضة إلى مشارف بغداد وكانت كل الوثائق والمعلومات تقول أن ّصدام حسين انهار وأنّه طلب اللجوء السياسي إلى مصر أو إلى الجزائر وأنّه تجهز للرحيل لكن تدخلت بعض الدول العربية ولأسباب ترتبط بحقد دفين وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأعطت الضوء الأخضر وقدّمت المساعدة لصدام حسين ليدمر الإنتفاضة والمدن في جنوب العراق وليقتل مئتين ألف عراقي خلال أيام قليلة.
أيّها الناس في العالم وخصوصا في لبنان والعالم العربي، يجب أن تعرفوا جيدا أنّ هذه المقابر الجماعيّ’ لم يصنعها صدام حسين لوحده بل صنعتها معه أمريكا وصنعها معه الدعم الأمريكي والحماية الأمريكية. أمريكا هي شريك في كل الحجرائم التي ارتكبها صدام حسين بعد عاصفة الصحراء وقبل عاصفة الصحراء. اليوم هذا الشعب العراقي لن ينتظر ولن يحتاج حتى إلى سنة .