كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لمناسبة الذكرى السنوية لشهداء مجزرة الثالث عشر من أيلول، وشهداء مواجهة الجبل الرفيع في باحة الشورى 15-8-2003
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن صراعنا مع العدو ليس فقط على قطعة أرض صغيرة والمعتقلين والمياه كما يحاول أن يصور البعض، بل ما هو أخطر من ذلك ويتمثل بالتهديد الصهيوني الدائم للبنان، وقال سماحته في الاحتفال الذي أقامه حزب الله في باحة الشورى لمناسبة الذكرى السنوية لشهداء مجزرة الثالث عشر من أيلول، وشهداء مواجهة الجبل الرفيع في حضور قيادة حزب الله وشخصيات نيابية وسياسية وحزبية وبلدية:"هناك تهديد قائم للبنان وسوريا ودول المنطقة. هذا شارون يوزع التهديدات شمالاً ويميناً. أما لبنان فهو في فم التنين، كان ولا يزال. من الذي يستطيع أن يضمن من لبناني أو غير لبناني، إلى من نستطيع أن نطمئن حتى لا يتحرك هذا العدو ليعتدي على بلدنا وشعبنا وقرانا ومدننا من جديد؟ الضمانة الوحيدة لمنع العدوان على لبنان هو وجود المقاومة وبقاؤها على أتم الجهوزية، ورفع جهوزيتها وتطوير إمكاناتها وقدراتها القتالية. المقاومة من أجل أن تحمي لبنان لا يجوز أن تكتفي بما لديها من قدرات ومن إمكانيات ومن حقها أن تطور قدراتها وإمكانياتها لأننا في هذا الزمن الذي يبقى فيه ويستمر هو القوي. ونحن عندما نتحدث عن القوة، نتحدث عن القوة في خدمة الأمة والوطن والحق والعدل، وليس عن القوة من أجل الظلم والغلبة والسيطرة وإهانة كرامات الناس واغتصاب حقوقهم. هذه القوة هي التي تحمي لبنان".
وأضاف" نحن لا نقول إذا كنا أقوياء أن الإسرائيلي يستحيل أن يعتدي، أقول : يصعب عليه أن يعتدي. وجود القوة في لبنان تعقد حسابات الإسرائيلي، لا تمكنه من فرض معادلاته في الصراع، وبالتالي هذه القوة تشكل بنسبة كبيرة جداً درعاً وحماية للبنان ولشعبه وموقعه وحاضره ومستقبله وللأمة أيضاً وتبعّد خيار الاعتداء الواسع. نحن في الحقيقة نواجه مغالطة تقول أن المقاومة ووجودها وقوتها هو الذي يمكن أن يضع لبنان في دائرة العدوان الإسرائيلي ، هؤلاء الذين يقولون ذلك هم مشتبهون على الأقل التقادير، العكس هو الصحيح إن وجود المقاومة وقوتها وفعلها هو الذي يبعد احتمال أي اعتداء إسرائيلي على لبنان وهذا ما يجب أن ندركه جيداً".
وأشار سماحته إلى وجود مفاوضات نشيطة في ملف تبادل الأسرى والمعتقلين، وقال "نحن على موعد مع الحرية للمعتقلين".
وفي الشأن الفلسطيني قال سماحته:" كل ما يجري في فلسطين اليوم من اغتيالات للقيادات السياسية بالنسبة لنا لم يكن مفاجئاً وإنما متوقعاً ومتوقع، فالإسرائيليون هذا هو طريقهم ودأبهم. ولذلك كل ما يجري أو يمكن أن يجري في فلسطين المحتلة على يد هذه الطغمة الصهيونية المجرمة الإرهابية هو أمر متوقع ولا يجوز أن يفاجئ أحداً. ومسؤولية الأمة هي في أن تعمل للحيلولة دون استمرار هذا العدو في ارتكاب جرائمه ومجازره واعتداءاته. مسؤولية الشعب الفلسطيني الصمود والمقاومة لأنه ليس هناك خيار آخر، ومسؤولية الأمة حماية الشعب الفلسطيني وخياره. الكلام الإسرائيلي عن طرد رئيس السلطة الفلسطينية السيد ياسر عرفات، أو كلام نائب رئيس حكومة العدو بالأمس عن فرضية قتل الرئيس ياسر عرفات هو أيضاً أمر لا يجوز أن يفاجئ أحداً. الإسرائيليون من خلال ما سمي بـ "عملية السلام" التي هي أكبر عملية خداع في التاريخ البشري يريدون كل شيء وليسوا مستعدين لأن يعطوا حتى الحد الأدنى مما يحفظ ماء وجه من يفاوضهم. هؤلاء طوال تاريخهم عصابات إرهابية ومافيات عاشت على القتل والإرهاب والتزوير".
وأضاف : نحن معنيون أن نضم صوتنا على كل الأصوات الشريفة في هذه الأمة التي ترفض كل إجراءات العدو الصهيوني ومخططاته ومن ضمنها إبعاد السيد ياسر عرفات، بل إبعاد أي فلسطيني من أرضه، ونعتبر أن ذلك يمثل ظلماً وعدواناً وقمعاً وقهراً وإرهاباً لا يجوز السكوت عليه بأي حال من الأحوال. عندما تعرض الأخ المجاهد والقائد الكبير الشيخ أحمد ياسين لمحاولة الاغتيال قلنا أن مسؤولية الأمة ورد فعل الأمة هو الذي يمنع شارون من أن يتابع سياسة التصفية التي يرتكبها. ولكن للأسف الشديد لم يكن هناك رد في هذه الأمة. من يتصور أنه إذا سكت عن اغتيال وتهديد وقتل قادة حماس والجهاد وفصائل المقاومة يمكنه بهذه السياسة أن يحمي بقية القادة فهو مخطئ. هناك أهداف صهيونية واضحة ومعلنة فيما يتعلق بفلسطين وأرض فلسطين. للأسف الشديد حصل جدال طويل حول صلاحيات رئيس الوزراء وتركيبة الحكومة وجدل أشغل الفلسطينيين والعالم في الوقت الذي كان شارون يواصل القتل والتجريف والتدمير وبناء جدار الفصل العنصري ليصل إلى اليوم الذي يفرض فيه حله النهائي على الفلسطينيين بفعل الأمر الواقع".
وأكد سماحته أنه " اليوم أكثر من أي وقت مضى الشعب الفلسطيني بحاجة إلى التوحد والوحدة الوطنية وتجاوز الخلافات والتمسك أكثر من أي زمن مضى بخيار المقاومة. وقد أثبت بفعل الأيام والسنين الماضية أنه هو الأقوى في المعادلة عندما يحرك إمكانياته البشرية والإيمانية والاستشهادية ويهز هذا الكيان من أقصاه إلى أقصاه".
وأضاف : نحن في عالم حتى لو فرضنا امام أنفسنا خيارات متعددة فإن العدو يحشرنا ويأخذنا إلى المكان الذي لا يبقي فيه إلا خياراً واحداً هو خيار الدفاع النفس وخيار الجهاد والمقاومة. ماذا يعني أن ينصاع الاتحاد الأوروبي لإرادة إسرائيل والولايات المتحدة ويضع الجناح السياسي لحركة حماس على "لائحة الإرهاب"؟ يعني هم يريدون أن يقفلوا الدنيا على حماس؟! حتى الأوروبيين لم يتركوا للشعب الفلسطيني خيارات أخرى.(...)
وفي الشأن الداخلي رأى السيد نصر الله أن استحقاق الانتخابات الفرعية في دائرة بعبدا – عاليه أُعطي اكثر من حجمه سياسياً وإعلامياً وكأن هناك معركة تاريخية حاسمة وأن مصير البلد كله أصبح متوقفاً على هذه الانتخابات، وقيل الكثير من الكلام الخطير. لكن هذا الموضوع لم يكن بحاجة إلى كل هذا الضجيج. وقال نحن بحسب القدرة الانتخابية المتوفرة لدينا منذ البداية حسمنا خيارنا السياسي، دعمنا مرشحاً معيناً انطلاقاً من خط وموقف سياسي. كنا حريصين على أن نبقى بعيدين عن كل هذا الضجيج. وانتهت الأمور إلى ما انتهت إليه. ولذلك، أرجو أن تعطى الأمور من جديد، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي أو الشعبي، حجمها الطبيعي والحقيقي. وقال هناك شيئاً إيجابي جرى الحديث عنه، وهو أن الناس أتت إلى الضاحية ورفعت صوراً ولافتات ، وتفاجئوا بعدم حصول مشكلة وكأن هناك من كان يتصور أن الضاحية غابة في إفريقيا، مؤكداًُ أن الضاحية هي لكل اللبنانيين ، نحن نستطيع أن نذهب حيثما نشاء في لبنان وغيرنا كذلك وهذا شيء طبيعي ومنطقي. لكن هناك شيء مؤذ ذكرته إحدى الصحف التي كتبت : أن حزب الله يواجه المرشح الفلاني بتكليف شرعي". هذا غير صحيح، هذا افتراء على حزب الله. ومن كتب هذا لم يستند إلى أي معطيات صحيحة وأساء إلينا. نحن هنا في الضاحية الجنوبية قلنا للناس هذا هو الخيار الذي نكون منسجمين به مع أنفسنا. طبعاً، لا نعادي أحداً، حاضرون للتعاون مع كل أبناء وأحرار وشرفاء هذا البلد لبناء بلدنا والدفاع عنه، ولكن لم يستخدم أحد هذه اللغة ولا هذا المصطلح ولا هذا السلاح".
وعلّق سماحته على حديث البعض أن فلاناً نجح بأكثرية مسلمة، معتبراً إن هذا الكلام خطير، وقال إذا كان هذا يطعن في النيابة، فهذا يطعن بنيابة كثيرين مسلمين ومسيحيين. واعتبر أنه من الطبيعي أن يأتي المسلم بأصوات المسيحيين وأن يأتي المسيحي بأصوات المسلمين كون بلدنا يعيش فيه المسلمون والمسيحيون. وطالب سماحته بقانون انتخاب عادل ومنصف لكل اللبنانيين وليس على قياس مذهب أو حزب أو عائلة، وقال : نحن في حزب الله منفتحون على كل الخيارات مثل الدوائر الصغيرة أو الوسطى أو المحافظة أو الدائرة الواحدة مع النسبية أو حتى من دون النسبية فنحن حاضرون للنقاش.
ولفت إلى الملف الاقتصادي الاجتماعي الذي يرهق جميع اللبنانيين، وقال: إن السفر والتجوال في الخارج لا يحل المشكلة.