
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مراسم يوم القدس بحضور جماهيري حاشد، تخللها عروض قتالية لوحدات من المقاومة الإسلامية 21-11-2003
أحيا حزب الله يوم القدس العالمي بمراسم مميزة في بيروت بحضور جماهيري حاشد، تخللها عروض قتالية لوحدات من المقاومة الإسلامية بحضور الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وممثلي رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ورئيس الحكومة الوزير أسعد دياب والنائبين علي حسن خليل وباسم يموت وشخصيات رسمية وسياسية وحزبية وعسكرية وفعاليات ...
وفي ختام هذه المراسم ألقى السيد نصر الله كلمة شدد فيها على مسؤولية الأمة جمعاء في مساندة الشعب الفلسطيني وانتفاضته ومقاومته وخصوصاً على الصعيد المالي مؤكداً أن الكيان الغاصب في مأزق أمني وسياسي الآن بعد الفشل العسكري والأمني لحكومة شارون.
وحذر سماحته الكيان الصهيوني من أي عدوان على لبنان أو سوريا بأنه سيقابل برد موجع وأن يد المقاومة طويلة وأن ردها سوف يكون فوق كل حسبان، وقال: أمام سيل التهديدات الإسرائيلية من مختلف المسؤولين الصهاينة، وبعض السيناريوهات التي يتحدثون عنها، والمناورات التي قاموا بها قبل أيام على الحدود مع لبنان وسوريا، أقول للبنانيين وللسوريين ولكل شعوب المنطقة: لا تخافوا من الجيش الإسرائيلي، وأنا لا أحدثكم بالمعنويات، بناءً على المعطيات الواقعية والدراسات الأمنية المتداولة في مراكز دراسات إسرائيلية، ويتناولها كبار خبراء العدو الصهيوني في المجال العسكري والاستراتيجي: الجيش الإسرائيلي بات عاجزاً عن اجتياح أي بلد عربي أو البقاء فيه لو أراد الدخول إليه. هذا الجيش الذي لم يجد أمامه خيار سوى الهزيمة من لبنان، هذا الجيش الذي عاود احتلال الضفة الغربية لم يستطع أن يمنع شباب فلسطين وشابات فلسطين من تنفيذ أهم العمليات النوعية... هل هذا الجيش يستطيع أن يدخل إلى جنوب لبنان والبقاع وجبل لبنان والعاصمة بيروت من جديد! ما هذا الكلام السخيف ، من يصدق هذه الإدعاءات وهذه التهويلات؟؟ هل هذا الجيش يستطيع أن يدخل إلى سوريا إلى دمشق، أو أن يدخل عن طريق البقاع إلى حمص أو إلى حلب؟؟ وهل طريق البقاع نزهة ليصل منها إلى حمص وإلى حلب؟؟ هذا كلام للإستهلاك، هذا كلام كان يمكن أن يُقال في زمن من الأزمنة، أما اليوم، هذا الجيش الإسرائيلي هو أعجز من أن يفعل ذلك. حتى هذه المناورات التي يجريها على الحدود، هي مناورات الخوف الإسرائيلي من تعهدات حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان بتحرير الأسرى بأي ثمن...في الماضي كان يمكن أن تضرب البنية التحتية في لبنان وتبقى البنية التحتية الإسرائيلية بمنأى عن الخطر، في الماضي كان يمكن أن تضرب أي نقطة في لبنان ولا تصاب أي نقطة في فلسطين المحتلة في داخل الكيان، ولكن اليوم الظرف اختلف. سلاح الجو الإسرائيلي قوي ويمكنه أن يقصف أي مكان، ولكن الجديد أن قصف أي مكان لن يبقى بدون رد. إن الاعتداء على شعبنا أو على بنية بلدنا التحتية أو على أشقائنا وإخواننا لا يمكن أن يبقى، لا من الأشقاء كما أعلنوا، ولا من الاخوة كما نؤكد بدون أي رد. وحينئذ نحن نتعاطى مع هذه المواجهة أن حقنا المشروع أن نضرب، ليس في الأماكن الأمامية حيث يتوقع العدو، أن نضرب في أي مدى وفي أي عمق وفي أي مكان يمكن أن تصل إليه أيدينا، وعلى الإخوة الأصدقاء والأشقاء والأحباء وعلى شعبنا أن يثق وعلى عدونا أن يعلم أيضاً أن يد المقاومة تصل وطويلة وأن ردها سوف يكون فوق كل حسبان"
وأضاف سماحته "عندما يعلن المسؤولون والقادة في سوريا والمسؤولون والقادة في لبنان وكذلك في إيران. المسؤولون يعلنون أن أي اعتداء إسرائيلي على إيران سيقابل برد صاروخي قاس من الجمهورية الإسلامية على كيان العدو. هذه الجهوزية النفسية والسياسية والمعنوية والعسكرية والشعبية والميدانية هي التي تشكل اليوم عنصراً رادعاً أمام العدو يمنعه من التفكير بالعدوان، وإذا فكر يجعله يحسب لعدوانه ألف حساب لأن هناك في الأمة من لديه القدرة والجهوزية والاستعداد لكيل الصاع وللرد وللمواجهة وللدفاع. ذهب الزمن الذي تهدم فيه بيوتنا وتبقى بيوتهم، مضى الزمن الذي يُقتل فيه أهلنا ويسلم أهلهم. هذا التوازن يصنعه لبنان وتصنعه سوريا وتصنعه إيران وتصنعه المقاومة في فلسطين ويصنعه تضامن شعوب المنطقة معنا". (...)
وشدد السيد نصر الله على حتمية زوال الكيان الصهيوني الذي يعيش مأزقاً حقيقياً وكبيراً، وقال "ما كنا نقوله قبل سنوات، ما يقوله الآن إخوة في فلسطين، علماء وقادة في فلسطين وفي العالم العربي والإسلامي، أن هذا الكيان كيان زائل وهالك ولن يبقى، كيان مأزوم منذ لحظته الأولى وسيبقى إلى الزوال، لم يعد كلاماً إسلامياً أو عربياً، لم يعد كلاماً تؤمن به أو تقوله نخبة معينة في العالم الإسلامي أو في الحركات الجهادية، وإنما حقيقة يؤشر لها كبار جنرالات إسرائيل ويحذرون الساسة منها.
ولذلك بدأت الوثائق في جنيف وفي غيرها، والتوقيعات من هنا وهناك وسيرتفع هذا الصوت الإسرائيلي الذي يطالب بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. أنا أوصّف واقعاً. لا أقول أنا أؤمن. كلنا نؤمن أن فلسطين ليس أراضي الـ 67. فلسطين هي كل حبة رمل وتراب ونقطة ماء في نهر وبحر فلسطين هي فلسطين. ليس هناك شيء على الأرض في الحقيقة وفي القيم وفي الأخلاق وفي التاريخ اسمه "إسرائيل". ولكن أنا أتحدث عن النتائج السياسية. اليوم وبعد سنوات قليلة، الانتفاضة أوصلت المجتمع الإسرائيلي وجنرالات إسرائيل إلى المحل الذي بات فيه واضحاً أنهم في مأزق أمني، وأن لا حل أمني لمشكلتهم مع الفلسطينيين. أهم الأحزاب في حكومة شارون تناقش في داخل الحكومة: "ما هو جدوى بقائنا في قطاع غزة؟ لماذا نضع آلاف الجنود لحماية مئات من المستوطنين؟" وهذه الأصوات ستكبر كلما قويت واحتدمت ساحة المواجهة.. عندما تستمر الانتفاضة سيرتفع هذا الصوت عالياً وعالياً، وكما حصل في لبنان عندما تحول شعار الانسحاب من لبنان إلى شعار انتخابي في الانتخابات التي خاضها باراك ونتنياهو، لا تستغربوا أن يتحول الانسحاب من الضفة والقطاع وأراضي الـ 67 شعاراً في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة. الإسرائيليون يقولون تعالوا لنعقد تسوية مع الفلسطينيين. هكذا كانوا يقولون أيضاً في لبنان. نريد أن نخرج من لبنان في إطار تسوية واتفاقيات أمنية مع لبنان وسوريا، ولكن في نهاية المطاف خرجوا أذلاء بلا قيد وبلا شرط وبدون أية مكاسب. أيضاً في فلسطين المحتلة، يمكن أن تتجه الأمور بهذا الاتجاه في وقت قريب، وهذا انتصار سياسي وأمني ومعنوي كبير جداً وواضح للعيان أمام المقاومة والانتفاضة. حتى الآن، هذا الشعب المحاصر أوصل إسرائيل إلى هذا المأزق بعيداً عن كل واقع النظام العربي الرسمي المتردي، وعن واقع تخلي الأمة عن فلسطين وشعبها إلا القلة من أبناء هذه الأمة... كل الحكومات الصهيونية، كل جنرالات إسرائيل فشلوا في إلحاق الهزيمة بالفلسطينيين وبشعوب المنطقة، فشلوا في كسر إرادة المقاومة في فلسطين وسوريا ولبنان وإيران.. وحتى الولايات المتحدة الأميركية عجزت عن فرض إرادتها على الشعب الفلسطيني عندما أرادت أن تحمل هذا الشعب خريطة الطريق التي لا توصل إلا إلى الهاوية. هذه الخريطة التي عندما رفضتها قوى جهادية في الشعب الفلسطيني، أقامت أمريكا العالم ضدها. أما عندما أصبحت خارطة الطريق قراراً لمجلس الأمن الدولي ورفضتها إسرائيل أو تحفظت على بنودها، اعتبرت أمريكا أن هذا من حق إسرائيل الطبيعي. علماً أن هذه الخارطة لا تعطي الفلسطينيين حتى الحد الأدنى الأدنى من الحقوق التي يتطلعون إليها".
وأكد الأمين العام لحزب الله على وجوب دعم المقاومين وخصوصاً في المجال المالي، وقال " اليوم، أو جب ما يجب أن يقدمه العرب والمسلمون، كل رجل وكل امرأة وكل صغير وكل كبير، أوجب ما يجب أن نقدمه للشعب الفلسطيني، لقواه الجهادية هو المال، وكلنا قادر على ان يقدم المال. إن المال القليل من هنا وهناك كقطرات الماء التي يمكن أن تصنع سيلاً أو بحراً أو محيطاً. هذا الأمر، أوجه النداء من جديد، لا يجوز أن نتساهل فيه، يجب أن تنشط من جديد كل المؤسسات وكل اللجان وكل الأحزاب وكل المبادرات الفردية والجماعية لجمع المال على امتداد العالمين العربي والإسلامي وفي أي مكان من العالم وإيصال المال إلى الفلسطينيين. بالمال يشترون الخبز ويبنون البيوت المهدمة، بالمال يضمدون الجراح، وبالمال يؤمنون السلاح. في فلسطين، رجال ونساء لن يتراجعوا ولن يضعفوا. أسطورة هذا الزمن هم موجودون اليوم في فلسطين. إن لم نكن قادرين أن نوصل لهم الطعام، فنحن نستطيع أن نوصل لهم المال ليشتروا به الطعام، إن لم نكن قادرين أن نوصل لهم السلاح فلنوصل لهم المال الذي يشترون به السلاح. البعض يتصل بنا من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي، يقول: أريد أن أذهب إلى فلسطين لأقاتل. في فلسطين، آلاف الاستشهاديين ، مئات الآلاف من المقاتلين، عشرات الآلاف من عشاق الشهادة. من الشباب والشابات. إن كان لديك مال أرسله إلى شاب في فلسطين وإلى عائلة في فلسطين لتعيد بناء منزلها ليذهب إلى مقعد الدراسة وتستمر الحياة ، ليشترى به سلاح أو عبوة، ليدرب به استشهادي أو مقاتل. وهل تستطيع إسرائيل أن تمنع وصول المال إلى الفلسطينيين؟ هذا المال يمكن أن يصل.
وفي موضوع الأسرى والمعتقلين جدد نصر الله العهد بتحرير كل أسرانا. وقال " نحن، دخلنا جولة جديدة من المفاوضات، نأمل أن نصل إلى نتائج معينة. من أجل سلامة المفاوضات في هذه المرحلة الحساسة والأخيرة، اتفق على أن يبقى المضمون سرياً. نعم، لو قالت حكومة العدو شيئاً فسنقول أشياء. لكن نحن ملتزمون بسرية المفاوضات حرصاً على المفاوضات التي نأمل لها أن تنجح في تحرير الأسرى، ولكن في يوم القدس الأسيرة، لا يسعني إلا أن أجدد العهد والميثاق مع إخواننا في السجون، مع جميع إخواننا في السجون، أجدد لهم العهد والالتزام بأننا لن نتخلى عنهم ولن نتركهم وسنعمل على تحريرهم واستعادتهم. كما عادت أرضنا إلينا بعز وشرف ودون منة من أحد، سيعود إخواننا كلهم إلى بلدهم بعز وشرف ودون منة من أحد. ولكن ما يحتاج إلى التأكيد والتجديد بعد التهويل وبعد التهديد وبعد المناورات الصهيونية، أنا أجدد التزامنا بتحرير المعتقلين والأسرى ولو فشلت المفاوضات سوف نفعل أي شيء وسوف نذهب إلى أي خيار وسوف لن نتخلى عن أسرانا مهما كانت التضحيات والتهديدات، وأياً تكن المناورات، نحن قوم عاهدنا الله على هذا، وعاهدنا أسرانا على هذا وبايعناهم بيعة صدق وبيعة دم، ونحن لم نخلف في بيعتنا في يوم من الأيام ولن نخلف في هذه البيعة ".
وختم سماحته بالتأكيد على رفض التوطين داعياً اللبنانيين جميعاً للعمل بقوة ضد هذا التوجه، معتبراً أن السبيل الأجدى لمنع التوطين وعودة الفلسطينيين لأرضهم هو دعم انتفاضتهم ومقاومتهم ودعم المقاومة في لبنان.