كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال وضع حجر الأساس لمجمع سيد الأوصياء (ع) في برج البراجنة بحضور شخصيات علمائية ونيابية واجتماعية وبلدية 21-2-2003
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن الأمة تملك إرادة المواجهة لمشروع الهيمنة الأميركي على المنطقة رغم العديد من نقاط الضعف التي تعاني منها، وشدد على أن الولايات المتحدة الأميركية لا تملك ثقافةً وحضارةً تُصدرها إلينا، إنما ديموقراطية الحاكم العسكري الذي تريد تعيينه في بغداد، لافتاً إلى الشراكة الأميركية في كل الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة بحق شعوبها في هذه المنطقة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال وضع حجر الأساس لمجمع سيد الأوصياء (ع) في برج البراجنة بحضور شخصيات علمائية ونيابية واجتماعية وبلدية ..
وتحدث سماحته عن الحرب النفسية التي طالما شنها العدو الإسرائيلي على لبنان بالتهديد بتدمير لبنان وسحق عظام اللبنانيين وتحويله إلى جحيم وغيره. ولطالما رأينا ألواناً وأشكالاً من التهويل والتهديد والإرهاب النفسي وهذا الذي يتكرر اليوم في فلسطين، وكل ذلك هدفه أن نلقي السلاح ونستسلم وأن يمتلئ قلبنا رعباً وخوفاً وهلعاً لتنهار إرادتنا ويسقط عزمنا. والجيوش في الحرب النفسية تحاول أن توفر نصف المعركة وتدمر معظم قوة العدو، وقبل إطلاق أي رصاصة.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تخوض حرب نفسية قاسية وشرسة على الأمة كلها، وتتحدث عن أنها آتية إلى هذه المنطقة لتزلزلها وتغيرها وتعيد رسم خارطتها من جديد والويل لمن تسول له نفسه أن يقف على قدميه أمام إرادة هذا الفرعون العالمي الجديد. التهويل والإرهاب وتصوير أمريكا بأنها القادرة على فعل كل شيء وأنها القوة العظمى التي تسطيع أن تفعل ما تشاء، وفي المقابل أن هذه الأمة ليس لها الخيار سوى أن تستسلم وتركع وتسلّم للقضاء والقدر التي ترسمه أمريكا وليس الله، وبالتالي من موقع الاستسلام والخضوع، البعض في العلن والبعض في السر، يحاول أن يزحف إلى ذلك الفرعون ليحجز له مكاناً، في العالم الجديد الذي تريد أن تصنعه هذه القوة المستكبرة الفرعونية في العالم.
وقال في مواجهة هذه الحرب النفسية قد لا نملك وسائل إعلام نفسها وقد لا نملك قوة نشر الشائعات التي تملكها أمريكا وأجهزة المخابرات وغيرها، ولكن حيث كنا وحيث نحن في لبنان وفلسطين وفي أي مكان في العالم العربي والإسلامي يمكننا أن نصمد في مواجهة هذه الحرب النفسية. كيف؟ بأن نلتجئ إلى الله والتذكر بأن الله حاضر وناظر.
أضاف سماحته:"الأميركيون آتون إلى المنطقة لنشر الديموقراطية، وأول بشائر الديموقراطية، جنرال عسكري أمريكي يحكم العراق لفترة غير معلومة وعندما يأتون إلى العراق سيعملون على إثارة كل الخلافات والنعرات والصراعات بين العراقيين القديمة، وسيستحدثون خلافات وصراعات جديدة لتكون المحصلة بعد سنوات أن الشعب العراقي غير ناضج للديموقراطية؟ وبالتالي نحن بحاجة إلى برنامج تربوي ثقافي لسنوات طويلة حتى نؤهل الشعب العراقي للديمقرطية ونسلمه الحكومة؟؟
أضاف: للأسف الشديد أن الذي يتحدث اليوم عن الديموقراطية وأنه يريد من خلال الحرب أن يفرض أنظمة ديموقراطية في العالمين العربي والإسلامي، يتجاهل ويتغافل ويتصور بأن شعوب هذه المنطقة ينسون أو هم جهلة أو لا يعرفون التاريخ والماضي والحاضر ولا يتطلعون إلى المستقبل. أمريكا هي التي أقامت أنظمة استبدادية في هذا المنطقة، أمريكا هي التي حمت ولا تزال تحمي أنظمة ديكاتورية واستبدادية في هذه المنطقة. أمريكا هي التي أدت بهذه المنطقة إلى كل المصائب التي نتحدث عنها الآن.
وقال: هناك أنظمة ارتكبت جرائم بحق شعوبها، ولكن أمريكا هي شريك كل نظام ارتكب جرائم بحق شعبه، وبالتالي لا يمكن أن نتصور النجاة والانقاذ من الشريك في الجريمة. أمريكا تقف وتتحدث عن أسلحة دمار شامل في العراق. ولكن في كل ما سمعناه في مجلس الأمن، لم يقل كولن باول من الذي أعطى أسلحة دمار شامل للعراق، من الذي أعطى سلاحاً كيمياوياً للعراق ؟ من الذي مكّن العراق من الحصول على هذه التكنولوجيا؟ لم يقل ذلك، لأنه لو قال لافتضح. أسلحة الدمار الشامل في هذه المنطقة لتدمر دول هذه المنطقة العربية والإسلامية بعضها البعض، لتتسلط فيها أمريكا والغرب؟ هم الذين أعطوا هذه الأسلحة، وبالتالي يعرفون جيداً ماذا قدموا من اسلحة هنا وهناك. لكن أسلحة في مقابل إسرائيل؟ هذا ممنوع. من يأخذ سلاحاً من أمريكا ومن الغرب، واليوم حتى من الشرق، يجب أن يقدم ضمانات بألا يستخدم هذا السلاح في مواجهة إسرائيل؟؟ ولكن أن تستخدمه في وجه دول عربية أودول إسلامية أو شعبك لا مانع من ذلك.
وشدد سماحته: ما لا يجوز أن ينساه الناس وشعوب هذه المنطق، أن ما جرى خلال عشرات السنين الأخيرة أن أميركا شريك كامل في الظلم والقهر والمجازر والاستبداد والأنظمة الديكتاتورية والطغيان وفي من قتل في الكيماوي وفي من ذوب جسده بالأسيد. أمريكا شريك كامل، وواهم من يظن أن أمريكا يمكن أن تكون المنقذ والمخلص، كل ما هنالك أن الولايات المتحدة الأميركية استنفذت أنظمة وحكومات وهي تبحث عن الذريعة لاستبدال الأنظمة والحكومات الموالية لها بأنظمة وحكومات موالية لها، ولكن جديدة وبعناوين جديدة وبشعارات جديدة، وبخداع جديد لا يجوز أن ينطلي على هذه الأمة. من يريد الحرية، والديمقراطية، وحقوق الانسان، والعزة والكرامة لن يجد شيئاً من هذا عند الولايات المتحدة الأميركية الشيطان الأكبر.
وأكد سماحته على إرادة المواجهة للمشروع الصهيوني وقال :"نحن اليوم أمام جيش صهيوني مهزوم وتحطمت أسطورته في لبنان وتتحطم اليوم في فلسطين على أيدي مجاهدي الانتفاضة المباركة، نحن أمام مجتمع صهيوين مملوء بالرعب والهلع، وفي المقابل نحن هنا نملك من الإيمان ومن الثقة والطمأنينة وهدوء النفس والأعصاب ومن الإيمان بالمستقبل الكثير مما لم نكن نملكه عام 1982 حيث كان لبنان ساحة للخوف والتردد، أما اليوم فهو ساحة لليقين والإيمان والأمل والانتصار".
واعتبر أن بناء المساجد والمجمعات الثقافية والتربوية عملية مهمة في صناعة الانسان وجزء من المعركة وخطة المواجهة لأن معركتنا كانت وما زالت وستبقى وقبل كل شيء، تستند إلى الإيمان والقوة المعنوية والعقيدة وصفاء الروح وصلابة الإرادة وقوة العزم والشجاعة التي نستلهمها من قادتنا الكبار، ونحن بالدرجة الأولى لا نبحث عن التوازن مع العدو في يوم من الأيام لا في سلاح ولا في عتاد ولا في عدة ولا في عدد. نحن نعرف أن أعداء هذه الأمة ومنذ عقود من الزمن يملكون تفوقاً هائلاً في التكنولوجيا والتطور العسكري وعدد الجيوش وإمكانات الحرب والقوة الاقتصادية، ووسائل إعلام والمال وأجهزة المخابرات وإمكانيات الحرب النفسية، نحن لا نستهين بأعدائنا حتى في سنوات المقاومة، وما زلنا في زمن المقاومة. ولم نقل إن إسرائيل ليس لديها قوة وعتاد وعدة وتكنولوجيا، ونحن في نظرتنا إلى هذه المعركة والدفاع عن هذه الأمة لا نتطلع إلى تفوق مادي على هذا العدو، ولا نتطلع إلى توازن عسكري استراتيجي مع هذا العدو لأننا لو أردنا أن نجمّد معركتنا ودفاعنا ومقاومتنا وصمودنا بانتظار أن يحصل لنا هذا التفوق أو هذا التوازن فعلينا أن ننتظر ليس لعقود من الزمن وإنما لقرون من الزمن.
وأكد سماحته أن القوة الأساسية التي نستند إليها هي نفسها تلك التي استند إليها الأنبياء والرسل في وقوفهم أمام السلاطين والحكام الجائرين، القوة المعنوية التي انتصرنا بها في لبنان وهي التي تصمد بها المقاومة في لبنان وتعطي هذا الوقود والعنفوان والقدرة على الاستمرار لأخواننا في فلسطين المحتلة. نحن هنا نبني متراساً وموقعاً جديداً في المعركة. ولكنه موقع للمعنويات للإرادة والعزم والروح التي نحتاج إليها في هذه المواجهة.