من ينظر اليوم إلى صورة الكيان الإسرائيلي يرى أنَّنا أمام كيان مجرم يقتل الأطفال والنساء ويبيد الحياة إلى درجةٍ أنَّ الشباب الغربي في أميركا وأوروبا الذي كان ينظر إلى الكيان الإسرائيلي كواحة للديمقراطية بدأ يتحرك في الجامعات والشوارع ليقول لإسرائيل أوقفوا الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، هذا يعني أنَّ هذا الشباب الغربي كان مضللاً من قبل حكامه وكان الكيان الإسرائيلي بدعم غربي قادراً على أن يعطي صورة مشرقة لاحتلاله ووجوده، أمَّا الآن فقد سقطت هذه الصورة المشرقة لمصلحة الحقيقة التي تبيِّن أن إسرائيل عدوانية مجرمة تعمل على الإبادة ولا تقبل الحياة.
اليوم مع الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية وقد دخلنا في الشهر العاشر، هذا مؤشر أنَّ الشرق الأوسط بعد انتهاء هذه الحرب سيتغير عما كان عليه قبل ذلك، نحن أمام شرق أوسط جديد فيه إسرائيل الضعيفة المنبوذة التي تتهاوى وتسقط تدريجياً وقد تخلَّى عنها جزءٌ من الغرب تمهيداً للتخلي الأكبر إن شاء الله تعالى، في المقابل شعب فلسطيني حيوي مجاهد قدَّم تجربةً في الإنسانية والأخلاق والحرية واستعادة الأرض مع قوَّة لمحور المقاومة الذي سيزداد قوة إلى قوته، هكذا ستكون الصورة بعد انتهاء الحرب وسيكون مستقبلاً مشرقاً للمقاومة إن شاء الله تعالى.
في لبنان، من يسعى إلى إبعاد لبنان عن قضايا المنطقة، نقول له لبنان ليس معزولاً عمَّا يجري في المنطقة ولم يكن يوماً من الأيام معزولاً، ولكن الفرق أنَّ لبنان في السابق كان يُستخدم كساحة، ساحة للمخابرات وساحة لتصفية الحسابات وساحة للفتن وساحة للعمل السياسي المؤثر على لبنان والمنطقة، ساحة من أجل حشد النازحين لمصالح غربية، ساحة للتهيئة للتوطين الفلسطيني لإراحة إسرائيل، هذا هو مشهد لبنان المتأثر بمحيطه لكن قبل المقاومة، أمَّا بعد المقاومة أصبح لبنان قوياً ببركة ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وعطاءات الأهل والشهداء وتضحيات بيئتنا اللبنانية المتفاعلة والمساعدة لهذا الاتجاه. لبنان اليوم يساهم في نصرة فلسطين وفي تعطيل أهداف العدو الإسرائيلي في فلسطين ولبنان والمنطقة وهو سدٌ منيع أمام المشروع التوسعي الإسرائيلي وأمام شرعنة احتلال الكيان الإسرائيلي، هذه إنجازات كبيرة للبنان، إذاً بدل أن يتأثر لبنان بمحيطه سلباً ويكون منفعلاً بما يريدون أصبح اليوم لبنان يؤثِّر إيجاباً في المحيط ويكون فاعلاً في نهضة لبنان ونهضة المحيط لنكون مستقلين أصحاب قرار ومقاومين لا نقبل أن تنتهك بلداننا ولا أن يقرِّر نيابة عنا مستقبل أولادنا.
الكلمة لتي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في المجلس العاشورائي في الليلة الرابعة في الطيونة 11-7-2024