العلاقات الاعلامية في حزب الله
  • بيانات حزب الله
    • بيانات محلية
    • بيانات إقليمية
    • بيانات دولية
    • بيانات المقاومة الإسلامية
    • بيانات تربوية
    • بيانات نقابية
  • الأمين العام لحزب الله
  • سيد شهداء الأمة
    • خطابات عامة
    • خطابات يوم الشهيد
    • خطابات يوم القدس العالمي
    • خطابات عاشوراء
    • خطابات ذكرى القادة - 16 شباط
    • خطابات ذكرى التحرير
    • خطابات حرب تموز 2006
    • خطابات ذكرى انتصار اب
    • لقاءات واتصالات
    • خطابات عيد التحرير الثاني
    • مقابلات إعلامية
    • بيانات وبرقيات
    • برقيات تلقاها سماحته
    • خطابات الانتخابات النيابية 2022
  • كتلة الوفاء للمقاومة
    • كلمات النواب
    • بيانات الكتلة
    • تصاريح وحوارات إعلامية
    • أنشطة ولقاءات
  • قيادة حزب الله
    • الشيخ نعيم قاسم (2014 - 2024)
    • السيد ابراهيم أمين السيد
    • الشيخ محمد يزبك
    • السيد هاشم صفي الدين
    • الحاج حسين الخليل
    • النائب محمد رعد
    • الشهيد السيد عباس الموسوي
  • العلاقات الإعلامية
    • الحاج محمد عفيف
    • بيانات وأنشطة
  • أنشطة
  • كلمات ولقاءات

كلمة السيد حسن نصر الله في ذكرى ‏ولادة النبي الأعظم (ص) 02-10-2023

كلمة السيد حسن نصر الله في ذكرى ‏ولادة النبي الأعظم (ص) 02-10-2023
خطابات عامة الجناح الاعلامي كلمة السيد حسن نصر الله في ذكرى ‏ولادة النبي الأعظم (ص) 02-10-2023
2023-10-03


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله ربّ العالمين، ‏والصلاة والسلام على ‏سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله ‏الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين ‏وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. ‏
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. ‏
وأُبارك لكم جميعاً هذه المناسبات العظيمة والعزيزة والجميلة، مناسبة ولادة رسول الله الاعظم سيد ‏الرسل ‏وخاتم النبيين أبي القاسم محمد ابن عبدالله (ص)، ومناسبة ولادة حفيده الإمام جعفر الصادق (ع) ‏ومناسبة ‏أُسبوع الوحدة الإسلامية. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعيد عليكم هذه المناسبات في كل عام بكل ‏خيرٍ ‏وعافيةٍ ونصر.‏
يجب أن أبدأ من الإشادة في مكان والادانة في مكان بما يتعلق بهذه المناسبة. ‏
الإشادة بالإحياء اليمني الكبير ‏والعظيم والجميل في العديد من المحافظات، في الكثير من المدن، الساحات ‏الممتلئة بالملايين أو بالحد ‏الأدنى بمئات الآلاف، وبالرغم من الظروف الحياتية والمعيشية والإقتصادية ‏والأمنية الصعبة التي يعيشها ‏اليمنيون، إلا أنهم يُعبّرون بها الشكل الملفت والمدهش عن مدى محبتهم ‏وتعلقهم وإيمانهم برسول الإسلام ‏رسول الله الأعظم محمد (ص)، طبعاً لهم كل التحية وكل الشكر، ويجب ‏ان يُقدم النموذج اليمني في احياء ‏مولد رسول الله (ص) كقدوةٍ لجميع مسلمي العالم.‏
‏ أما في الإدانة، فهي إدانة أولئك القتلة المجرمين ‏التكفيريين، الذين فجّروا المساجد في باكستان بالمسلمين، ‏والذين هم من أهل السنة، فقط لأن جريمتهم الوحيدة ‏هي أنهم يَحتفلون بِمولد رسول الله(ص) ويُقيمون ‏المراسم في إحياء هذه الذكرى، هذا الوجه الكالح الأسود ‏المُظلم، هذا السرطان الذي للأسف الشديد عاود ‏إنتشاره في عالمنا الإسلامي، بين من يواجهون كل ‏الصعوبات ليعبّروا عن حبهم لرسول الله وبين من ‏يَقتلون من يُعبّر عن حبه لرسول الله (ص). ‏
أيها الإخوة والأخوات، في التكوين الثقافي والحضاري لأي شعب لأي أمة تُوجد معالم، توجد مظاهر، ‏توجد أركان في هذا ‏التكوين الثقافي والحضاري، من جملة معالم هذا التكوين أو أجزاء هذا التكوين الثقافي ‏والحضاري، أن ‏الشعوب والأمم طوال التاريخ سواءً كانوا أتباع دياناتٍ سماوية أو حضاراتٍ وثنية، أياٌ ‏يكن هذا الإتجاه ‏الفكري حتى في عصرنا الحاضر في ظل الأيديولوجيات المتعددة، يتخذون أياماً للفرح ‏يُسمونها أعياداً، وغالباً ‏ما يتخذون أياماً للحزن. عندما يختارون أياماً للفرح أو أياماً للحزن، إنما يفعلون ‏ذلك بناءً على أحداثٍ ‏تاريخيةٍ مفصليةٍ تستحق الإهتمام والتقدير والتعظيم والتعلق العاطفي، مثلاً: ولادة ‏شخصية عظيمة في ‏تاريخ هذا الشعب، مثلاً: إنتصار عظيم في تاريخ هذه الأمة، هذه تكون عادةً مناسبات ‏وأيام للفرح أو فقدان ‏شخصٍ عظيم او حادثةٍ أليمة تكون مناسبةً للحزن أو تأسيس كيان أو تأسيس دولة، ‏كما في الأعياد الوطنية ‏المتعارف عليها في عصرنا الحاضر، هذا جزء من تكوين أي شعب تكوين ‏الثقافي والحضاري. نحن ‏أيضاً كأمة إسلامية كمسلمين، هذا أيضاً كان جزءاً من تكويننا الثقافي والديني ‏والفكري، فيما يجمع عليه ‏المسلمون من أيام فرح لدينا عيد الفطر ونُسميه"عيد الفطر السعيد" و"عيد ‏الأضحى المبارك". عيد الفطر ‏السعيد يشعر به جميع المسلمون بالفرح لأنه عيدٌ يَختم شهراٌ من الصيام ‏والقيام والجوع والعطش والعبادة ‏والعمل. ‏
في كل الاحوال نحن أيضاً في تاريخنا أيامٌ عظيمةٌ ومجيدةٌ نُجمع كمسلمين على الإفتخار ‏والإعتزاز بها، ‏لن أذهب الى الأعياد التي نتفاوت فيها مذهبياُ، من الأيام المُجمع عليها ونظراً لِعظمتها ‏يومان: الأول: يوم ‏ولادة رسول الله (ص) والثاني: يوم البعثة النبوية الشريفة، نُسميهم أيام أو نُسيمهم أعياد لا ‏مشاحة في ‏الإصطلاح. هناك من يَحتج عندما نقول عيد المولد ولكنه لا يحتج على عيد الإستقلال وعلى ‏عيد التأسيس ‏وعلى العيد الوطني وما شاكل. هذه مصطلحات على كل حال، يوم الولادة لأنه يوم ولادة النور المحمدي، ‏يوم ولادة محمد إبن ‏عبدالله (ص). هذا النور الذي بدأ يتلألأ في مكة وينتشر رويداً صدقاً وأمانةً وقيماً ‏وأخلاقاً  وطُهراً وإنسانيةً ‏وشرفاً، حتى أضحى محمد إبن عبدالله عند أهل مكة وعند كل من يعرف مكة ‏وأهلها الصادق، الأمين، ‏الشريف، الإنسان الكامل العظيم، الذي لا ثغرة ولا عيب ولا طريق للطعن عليه ‏أو الإنتقاص منه. وبعد ‏أربعين عاماً من الولادة إنبعاث النور في يوم المبعث النبوي الشريف، إنبعاث ‏النور وانتشاره من مكة إلى ‏المدينة إلى شبه الجزيرة العربية إلى كل المنطقة إلى كل العالم من ذاك الزمان ‏إلى قيام الساعة. الإمام ‏الخميني (رض) كان يعتبر أن يوم البعثة النبوية هو أعظم يومٍ في الوجود على ‏الإطلاق، وهذا له تحليله. ‏الولادة يعني الوجود في هذا العالم المادي الأرضي، هذا الوجود الذي يمتد وامتد ‏بمحمد (ص) حتى كانت ‏النبوة والرسالة وكان ما كان من أمة ومن تحولاتٍ عظيمةٍ في هذا العالم. ألا يحق ‏لنا كأمة أن نَفرح بِهذه الولادة العظيمة، هذه الولادة التي تأسست عليها النبوة الخاتمة والرسالة النهائية، ‏ونُزول القرآن الكريم ‏على قلب هذا الرسول العظيم، وتأسيس هذه الأمة ونجاة البشرية إلى يوم القيامة،‎ ‎ألا ‏يحق لنا أن نفرح؟ ألا يحق لنا أن نُحول هذا اليوم إلى يوم فرح ‏لدى المسلمين في العالم؟ ليس فقط ألا يحق ‏بل ألا يجب ان نفعل ذلك من أجل أولادنا وأحفادنا ‏وأجيالنا، ومن أجل التعبير عن شُكرنا الكبير لهذه ‏النعمة الإهية العظيمة التي هي أعظم نعمة في ‏الوجود؟
يجب أن نفعل ذلك أيها الإخوة والأخوات، طبعاً أولئك الذين يُحرمون هذا الإحياء وهذه المناسبة ‏لا ‏يستندون إلى أي سند فقهي أو شرعي حقيقي يصمد أمام الدليل وأمام النقاش العلمي، علماء ‏الشيعة ‏يُجمعون على حليّة هذا الأمر، وأغلبية وكبار وعظماء فقهاء أهل السنة يُجمعون على هذا أيضاً، ‏لا ‏أريد أن أدخل في نقاش علمي أو فقهي لا يتناسب مع طبيعة إحتفالنا، قِيل الكثير وكُتب الكثير في ‏هذا ‏الأمر، نحن مدعوون إلى الإهتمام بهذا اليوم أيها الإخوة، بهذين اليومين لكن بالحد الأدنى بهذا ‏اليوم، ‏وأدعو في لبنان جميع إخواني وأخواتي، طبعا يتحسن الإحتفال بهذه المناسبة سنة بعد سنة، ‏لنكون ‏صريحين مع بعضنا، نحن حاضرين بقوة في أيام الحزن، نعرف الحزن، نعرف البكاء، ‏نعرف الرثاء، ‏حتى بات جزءاً من شخصيتنا الثقافية والتاريخية والدينية وهذا أمر طبيعي وجيد ‏وممدوح، لكن يجب ‏أيضاً أن تكون لنا أيام فرح وأيام سعادة وأيام احتفاء وتكريم، وأعظم يوم يمكن أن يكون ‏يوم فرح بالنسبة ‏لنا هو يوم ولادة هذا النبي الذي كان اعظم نعمة في تاريخ الانسانية.‏
لذلك يجب دائماً أن نحتفل في السنوات المقبلة إن شاء الله من قبل جميع الإخوة والأخوات وجميع ‏المعنيين، ‏أن نتعاون وأن نُخطط لتكون لهذه المناسبة مساحتها الواسعة والكبيرة والإهتمام العالي ‏والتعابير ‏المختلفة ولدينا أسبوع، الإمام الخميني(رضوان الله عليه) تعرفون أن هناك نقاش ان النبي ‏وُلد(ص) في 12 ربيع أو في 17 ربيع،عموما كثير من المسلمين يعتقدون ب12 ‏ربيع، كثير من المسلمين ‏يعتقدون ب17 ربيع، فتم عمل أسبوع وحدة، يعني حَوّل نقطة خلاف إلى نقطة تلاقي واتحاد، نحن لدينا ‏أسبوع تقريبا أسبوع من 12 ربيع إلى 17 ربيع، ‏يجب أن نُخطط للأعوام المقبلة ان شاء الله، كيف تكون ‏هذه الأيام أيام عيد، أيام فرح، أيام سعادة، هذه ‏نقطة أحببت أن أدخل من هنا.‏
في الأعوام الماضية أنا عادةً أُراجع ما أقوله في المناسبات المتشابهة، في الأعوام الماضية تحدثنا ‏وكان ‏من شعار الإحتفال عنوان الرحمة، نبي الرحمة، الرحمة للعالمين، تحدثنا عن هذا الموضوع ‏وتجليات ‏الرحمة ومصاديق الرحمة، وكيف أن رسول الله محمد(ص) كان رحمة ‏للعالمين.‏
قبل ذلك أيضاً تحدثنا عن التحولات العقائدية والفكرية والثقافية والإجتماعية والقيمية ‏والأخلاقية ‏والسياسية والعسكرية التي حدثت بعد بعثة النبي(ص) وببركة وجوده الشريف ‏وجهاده ‏المتواصل في شبه الجزيرة العربية وفي العالم، أنا لا أُريد أن أُعيد، وإنما في النقطة الثانية ‏أقف بإختصار ‏أمام عنوان احتفالنا في هذا العام.‏
‏" وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ"، بالإستفادة من الآيات الكريمة "بسم الله الرحمن الرحيم" هذا المعنى ورد في ‏سورتين ‏من القرآن الكريم: في سورة التوبة وفي سورة الصف.‏
في سورة التوبة، يقول الله تعالى: " يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ‏الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ‏‏(33)".‏
نفس المضمون مع تعديل بسيط في العبارات في سورة الصف " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ"، بكتب التفسير ‏بين أن يطفئوا وليطفئوا ذكروا حكايات جميلة وجيدة من أحب أن يرجع إليها.‏
‏"يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"، أيضاً هناك فرق بين ال " إِلَّا أَن ‏يُتِمَّ نُورَهُ" الوعد والقرار والثانية "وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ" واقع حاصل " وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"، " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ ‏رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، يعني نفس الآية مكررة " هُوَ الَّذِي ‏أَرْسَلَ رَسُولَهُ" بالتوبة وبالصف وهذا له معنى وله دلالة.‏
‏ انطلاقاً من ‏الآيات الكريمة والشريفة، من مصاديق نور الله، ماذا يعني نور الله من مصاديقه؟ النور الذي ‏يُستضاء ‏به في الظلمات، ظلمات الجهل والجهالة والحيرة والضلالة والفتنة والتيه والضياع والإنحراف.‏
النور الذي يهدي ويُرشد إلى الخير والكمال والسعادة، لذلك قالوا أن الأنبياء هم نور الله، الأنبياء نور ‏الله ‏وخاتمهم محمد(ص)، الأولياء نور الله، الكتب السماوية المُنزلة على قلوب الأنبياء والصحف هي نور ‏الله ‏وخاتمها القرآن المجيد.‏
الرسالات السماوية بما فيها من عقائد وتعاليم وأحكام وتوجيهات وإرشادات هي نور الله وخاتمها ‏الإسلام، ‏الإسلام المحمدي الأصيل.‏
نور الله يعني دينه، يعني كتابه، ويعني أنبياء وأولياء الله، ولذلك في الزيارة عندما نتوجه إلى زيارة النبي ‏‏(ص) نقول له: السلام عليك يا نور الله في الأرضين أو يا نور الله في الأرض أو يا نور الله في ‏السماوات ‏والأرض.‏
السلام عليك أيها النور الذي يُستضاء به، هذا نور الله، القرآن يوصف بأنه نور، التوراة نور، ‏الانجيل ‏نور، نور من الله سبحانه وتعالى، وهذا النور يُنسب إلى الله عز وجل.‏
وقد تعهد الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات وفي غيرها من الآيات، تعهد أن يُتم نوره، وضمناً أن ‏يحفظ ‏نوره، أن يحفظ انتشار هذا النور وأن يُتمه، وفي هذا وعد إلهي، وفي هذا إخبارٌ غَيبيٌ مُعجزٌ ‏منذ أكثر من ‏‏1400 سنة، إخبارٌ غَيبيٌ مُعجزٌ يُضاف إلى معجزات القرآن ومعجزات رسول الله ‏محمد(ص)، لأنه يتحدث ‏عن المستقبل بشكل حاسم.‏
‏ عندما نعود أيها الإخوة والأخوات قليلاً إلى الآيات، ‏الله تعالى في المكانيين يقول: يريدون ليطفئوا أو أن ‏يُطئفوا، يريدون يدل على الإستمرار كما حصل مع ‏الأنبياء السابقين، كل الذين وقفوا في وجه الأنبياء ‏السابقين كانوا يريدون ليطفئوا نور الله، والذين ‏وقفوا في وجه محمد(ص)، وهذه الإرادة مستمرة لدى أتباع ‏الشيطان، لدى أعداء الله عز ‏وجل، لدى المضلين والمنحرفين إلى قيام الساعة.‏
يُريدون هذا التعبير يدل على استمرار هذا التحدي وهذا التهديد وهذه المواجهة.‏
هم يُريدون أن يطفئوا نور الله ليضلوا الناس ويُغرقوهم في الظلام، في الضلال، في التيه، لينحرفوا ‏بهم ‏عن طريق الإنسانية، عن طريق الفطرة البشرية الطبيعية، عن مقام وكرمنا بني آدم لينحطوا إلى ‏مستوى ‏الحيوانات، أليس هذا ما يحصل الآن وحصل كثيراً في التاريخ؟
ولكن اليوم في ظل الحضارة الحديثة في أميركا، في الغرب، عندما تُحمل الرايات لترويج ‏ويُفرض ‏لترويج الشذوذ الجنسي، وعندما تبدأ ظاهرة الكلاب البشرية، الأبقار البشرية، الخنازير ‏البشرية، الله ‏والأنبياء أرادوا للإ|نسان أن يكون في أعلى عليين، في مقام شامخ، في مقام الكرامة ‏الإلهية، وهؤلاء ‏يُريدون للإنسان أن يُصبح كلباً أو بقرةً أو خنزيراً، أن ينحطوا بالإنسان إلى أ\سفل ‏السافلين، أليست هذه ‏هي الحرب على نور الله عز وجل؟
طيب، بماذا يُطفئون؟ نور الله، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، هنا تفسيران: تفسير مشهور ‏ومعروف ‏وخصوصاً بين القدماء من المفسرين، يقولون أن الله سبحانه وتعالى شبّه هذا بمن يحاول ‏أن يُطفئ ‏السراج مثلاً لأنه كانوا يُضيئون بالزيت أو القنديل فيُنفخ عليه حتى يُطفيه، فهؤلاء يتصورون ‏أنهم بالنفخ ‏يستطيعون أن يطفئوا نور الله أو بالنفخ يحاولون أن يطفئوا نور الشمس وهل يمكن ‏بالنفخ أن تُطفئوا نور ‏الشمس؟
وإنما استخدم الله تعالى هذا التعبير من أجل الإستهزاء بهؤلاء الذين يريدون ليطفئوا نور الله، هذا ‏تفسير ‏شائع وقديم.‏
‏ هناك تفسير آخر منسجم أكثر مع روح العصر والتحولات الفكرية والعلمية ‏وثورة الإتصالات وما ‏شاكل..، وهو الذي يقول يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم يعني بالحرب ‏الإعلامية، يعني بكل وسائل ‏الحرب الإعلامية، يعني بما نسميه ونصطلح عليه في الزمن الحاضر ‏بالحرب الناعمة، ويقول هؤلاء ‏المفسرون: أن الحرب الناعمة والحرب الإعلامية اخطر وأشد فتكاً ‏من القتال والحروب العسكرية وهذا ‏صحيح وهذا ما نشهده الآن، هناك أمم وشعوب صمدت في ‏مواجهة الحروب العسكرية، في مواجهة ‏الإحتلال، في مواجهة الغزو العسكري، ولكنها أمام ‏الحروب الناعمة والحروب الإعلامية ضاعت ‏وضعفت ووهنت وتمزقت وتفتت، وما عجز ‏المستكبرون عن تحقيقه بالحرب وبالغزو وبالعدوان المسلح ‏استطاعوا أن يُحققوه من خلال الحرب ‏الإعلامية والحرب الناعمة.‏
على كلٍ، إذا كان هذا التفسير هو المراد الحقيقي لهذه الآيات الشريفة، فهذا أيضاً شاهدٌ جديد على ‏أن ‏القرآن له أعماق وله معاني، دائماً تظهر مع تطور عقل الانسان ومقدرات الإنسان الثقافية ‏والعلمية ‏والفكرية، وكل جيل يكتشف معنى من المعاني لم يكتشفه أو لم يلتفت إليه، لم تلتفت إليه ‏الأجيال ‏التي مضت.‏
أيها الإخوة والأخوات، حقاً في مواجهة رسول الله(ص)، هؤلاء من البداية خاضوا حرباً اعلاميةً ‏شرسةً ‏وحرباً ناعمةً خطيرةً على رسول الله وعلى دعوته ورسالته ودينه وكلماته، طبعاً لأنه كان ‏يعوزهم ‏المنطق، كانوا يذهبون مباشرة إلى ما يفعلونه الآن، إلى الشتائم إلى الاتهام إلى التشويه، من ‏أجل إبعاد ‏الناس عن هذا الرسول، عن كلماته، عن خطابه، عن دينه، عن رسالته، فقالوا عنه ساحر ‏وقالوا عنه ‏كذاب، و40 سنة لم يُحصوا عليه كذبةً واحدة، وقالوا عنه مجنون، وقالوا عنه أنه يسرق ‏الكلمات من ‏بعض علماء أهل الكتاب، وقالوا عنه أنه تلبسه الجن ويُوحى إليه من الجن، وقالوا أنه يسعى من أجل ‏السلطة ويسعى من أجل جمع المال، ولذلك اخطأوا عندما عرضوا عليه ‏أن يجعلوه ملكاً عليهم أو يجعلوه ‏أغناهم، وأكملوا بهذا الطريق.‏
‏ بطبيعة الحال عندما يشار إلى ‏الحرب الاعلامية والحرب الناعمة، هذا لا يعني ان تقف الحروب ‏الأخرى، لا وإنما إشارة الآية إلى ‏الحرب الأخطر، إلى الوسيلة الأخطر، وإلا القتل والتهجير والتشريد، ‏وفرض الحروب، كما حصل على المسلمين ‏الأوائل على رسول الله وصحابة رسول الله وأهل بيته رسول ‏الله على مدى 23 سنة من البعثة ‏النبوية الشريفة.‏
لكن لا شك أ|ن حرب اللسان، أن الحرب الإعلامية، حرب الأفواه، كانت أشد وأقسى وآلم، وهذا ‏استمر ‏إلى الآن ومستمر إلى الآن، الإتهام، التشويه، الإتهام بالنوايا، الإتهام بالسلوك، الإتهام بالنظرة ‏إلى ‏الأهداف، تعرفون هذا لا نُريد أن نستهلك الوقت في هذه التفاصيل.‏
ويأبى الله إلا ان يتم نوره، والله متم نوره، بالآيتين، الله تعالى يتم نوره بوسيلتين، بوسائل ‏أهمها وسيلتين:‏
الوسيلة الأولى: العناية الإهية المباشرة، الله تعهد أن يحفظ نوره وأن ينشره وأن يُتمه، وهو قادر ‏على ذلك ‏ويداه مبسوطتان، يده ليس مغلولة، هو في هذا الوجود يفعل ما يشاء، وقت يشاء، كيف يشاء، ‏ومن أشكال ‏العناية الإلهية أنه يحفظ ويصون ويحمي ويدافع ويثبت وينصر ويسدد ويؤيد ويُظهر ‏دينه على الدين كله.‏
والعامل الثاني: أنبياء وأولياء الله، عباده الصالحون، حتى لا نقول أن المسألة هي غيبية ‏بالكامل، ‏تضحيات هؤلاء الأنبياء طوال التاريخ، تضحيات الأولياء، رسول الله(ص) وأهل بيته ‏وصحابته(‏رضوان الله عليهم أجمعين) خلال 23 عاماً تضحيات جسام، صبر، تهجير، قتل، مصادرة ‏أموال، ‏تعذيب، حروب مفروضة، شهداء، جرحى، أسرى، حصار، جوع، في الخندق شدّ رسول الله ‏حجر الجوع ‏على بطنه كما فعل بقية المسلمين، وكانت الخاتمة هي انتصار، تضحيات جسام في زمن ‏النبي ‏وتضحيات جسام بعد النبي إلى اليوم، الأئمة، الأولياء، العلماء، المجاهدون، الشهداء، المضحون ‏طوال التاريخ، هنا بين هلالين بإعتبار أحد ‏عناوين المناسبة ولادة الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)، من ‏الأئمة العظام الذين حفظوا هذا الدين ‏وحفظوا هذا النور ونشروه هو الإمام جعفر ابن محمد الصادق(عليه ‏السلام)، والذي حوّل المدينة ‏المنورة ومسجد جده رسول الله(ص) إلى جامعة إسلامية كبرى تستقطب ‏العلماء من كل العالم ‏الاسلامي ومن كل الإتجاهات الفكرية والفقهية والسياسية، حتى كان من ‏تلامذته ‏أربعة آلاف شيعة وسنة ومن مختلف الإتجاهات، وبعض أئمة المذاهب المعروفين ‏وتلامذتهم، المذاهب ‏الباقية والمذاهب التي إنتهت في التاريخ، كل هؤلاء كانوا يفتخرون أنهم من ‏تلامذة هذا الإمام العظيم الذي ‏نَشر علمه والذي هو يقيناً وتحقيقاً هو علم رسول الله(ص). على ‏كلٍ، من خلال هذه التضحيات الجسام ‏إلى اليوم حُفظ هذا الدين وحُفظ هذا النور، في هذه الآيات أيضا إخبارٌ| غيبيٌ ‏مُعجز، أتوقف عنده قبل ‏الدخول في الملفات السياسية، هذه الآيات، نزلت صورة التوبة وسورة ‏الصف، هي سور مدنية، ونزلت ‏في المدينة، وفي المدينة هناك دولة جديدة وفتّية ومجتمع جديد، ‏كثير من الناس الذين دخلوا في الإسلام ‏كانوا حديثي عهد في الإسلام، خصوصاً بعد فتح مكة، ‏هناك تيار يُعتد به وخطر إسمه المنافقون، هناك ‏تيار يتهيأ للإرتداد بعد وفاة النبي(ص)، إذاً تهديدات داخلية، هناك إمبراطورية قيصر وإمبراطورية ‏كسرى، هاتان الإمبراطوريتان ‏تنظران إلى الدولة الإسلامية الفتية الناشئة في شبه الجزيرة العربية على ‏أنها تهديد، فكانت دولة ‏النبي بين فكي كماشة، في تلك الأجواء والتي تتعاظم فيها التهديدات الداخلية ‏والخارجية جاءت ‏هذه الآيات لتقول للمسلمين ان الله سيتم نوره وإن الله سبحانه وتعالى، لأن بعض آيات ‏النور، ‏يُريدون أن يُطفئوا أو لِيطفئوا، جاءت الآية، مرتين، "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ ‏لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، يعني إلى قيام الساعة، هذا إخبارٌ غيبيٌ مُعجز أيها ‏الإخوة ‏والأخوات، رغم كل التهديدات والمخاطر التي تُواجه أي رسالة وأي دين وأي مجتمع ‏جديد، وأي دولة ‏فتية، يمكن أن تنهار ويمكن أن تفنى وأن تتناثر، ولكن القرآن وهذا شاهد ‏على أنه من الله عز وجل، ‏يتحدث عن هذا المستقبل بشكلٍ قاطعٍ وجازم، وأنه مستقبل إظهار ‏الدين، وقد أظهره الله سبحانه وتعالى ‏بعد رسول الله وإلى اليوم، هذا الإمتداد الواسع في جغرافيا ‏العالم الإسلامي، جزءٌ من إظهار الدين، اليوم ‏لدينا مليار ونصف مليار مسلم، البعض يقول ‏ملياري مسلم، هذا جزءٌ من إظهار الدين، أولئك الذين كانوا ‏يظنون أن هذا الدين سيتم ‏محاصرته وخنقه في مكة والمدينة والقضاء عليه بعد مدة، فإذا به ينتشر وينتشر ‏ويتسع وسيبقى ‏كذلك إلى قيام الساعة، الله سبحانه وتعالى تعهد بهذا الحفظ، ورسول الله(ص) أيضاً أَبلغ ‏هذا ‏المعنى وهذا جزءٌ من معجزات محمد(ص)، في القرآن الكريم "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ". ‏
‏أيها الإخوة والأخوات، هذا القرآن كتاب الله عز وجل، الذي نزل على قلب محمد(ص) قبل أكثر من 1400 ‏سنة، محفوظٌ حتى اليوم بكلماته وبآياته وبسوره، مع العلم أنه ‏طوال التاريخ كانت هناك الكثير من ‏الصراعات في العالم الإسلامي، الفكرية والعقائدية والثقافية ‏والسياسية والمذهبية والفقهية، وهناك الكثير ‏من الدوافع والحوافز للتحريف والتزوير والتغيير في ‏الكلمات والآيات، في حياة النبي هناك من وَضع ‏أحاديث مكذوبة عن النبي(ص)، بعد وفاة النبي وخصوصاً في زمن بني أمية وبني العباس، وُضعت ‏أحاديث مكذوبة عن ‏رسول الله(ص)، ودُفع ثمنها بالأموال، من الكتب المعروفة عند السنة ‏والشيعة، ‏إختصاص بالأحاديث المكذوبة والموضوعة عن رسول الله(ص)، حتى كَثر ‏الوضّاعين، لأنه ‏يوجد حوافز ودوافع لوضع الحديث عن النبي، ولكن لم يستطع أحد طوال 1400 ‏سنة، لا من داخل ‏المسلمين ولا من خارج المسلمين أن يُحرف في هذا القرآن وفي هذا الكتاب، ‏أليست هذه معجزة إلهية؟ ‏أليس هذا أمر خارج عن طاقة البشر؟ أليس هذا حفظٌ للوعد الإلهي؟ ‏وللقرار الإلهي؟ وهذا أيضاً تجسد في ‏وصية رسول الله(ص)، "‏‎ ‎إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله ‏وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض"، في هذه الجمل القليلة من رسول الله(ص)، ‏ثلاثة إخبارات غيبية، وهي ‏قائمة واليوم متحققة، وسوف تتحقق إلى يوم القيامة، الإخبار الأول: أن كتاب ‏الله باقٍ إلى يوم ‏القيامة، وإلاّ كيف يدعو محمد(ص) كل الأجيال في وصيته إلى التمسك بكتاب ‏الله، إن كان ‏هذا الكتاب سيزول ويُحرف ويُمزق ويُهجر ويُنسى، والمعجزة الثانية: في الإخبار ‏الغيبي النبوي هو ‏العترة، كثيرٌ من كتاب المسلمين سنة وشيعة، عندما يتحدثون عن ما حصل ‏على أهل بيت رسول الله ‏يقولون: هذه موجودة بالأدبيات، لم يتعرض أهل بيتٍ في التاريخ كما ‏تعرض عترة النبي(ص)، إلى القتل ‏والسجن والتشريد، اليوم تَرون على إمتداد العالم ‏الإسلامي تجدون قبور لهؤلاء الذرية، أولاد الأئمة، أحفاد ‏الأئمة، أحفاد النبي، مثلاً الإخوان في ‏إيران يقولون له إمام زاده، تصل إلى باكستان والهند وأفريقيا، شُرّد ‏بهم، ولكن حفظهم الله، وما زالت ذرية رسول الله ‏وعترة رسول الله باقية الى اليوم، وستبقى إلى قيام ‏الساعة، والإخبار الثالث، هو "أنهما لم يفترقا ‏حتى يردا علي الحوض"، حيث هناك كتاب الله وهناك ‏عترة رسول الله(ص)، والله ‏تعهد بأن يتم نوره، ونحن نعتقد أن الله سيتم نوره الكامل والمطلق في آخر ‏الزمان تطبيقاً ‏وتحقيقاً عندما تُمتلىء الأرض قسطاً وعدلاً وتوحيداً وعبادةً لله وحده، على يدي حفيد ‏محمد(ص) من وُلد فاطمة المهدي المنتظر(عليه السلام) والسيد المسيح عيسى إبن مريم(‏عليهما السلام)، هذا ‏وعدٌ إلهي سيتحقق، ولذلك نحن المؤمنين بكلمات الله وأحاديث وإخبارات ‏رسول الله(ص)، ننظر إلى ‏المستقبل بأمل بل بما هو أعلى من الأمل، باليقين، يقين مستقبل ‏البشرية، وكل ما تُعانيه البشرية اليوم هي ‏مراحل لا بد منها في هذا الصراع حتى تُصبح لائقةً ‏ومؤهلةً ومناسبةً لذلك الوعد الإلهي عندما يتم الله ‏سباحه وتعالى نوره. أيها الإخوة والأخوات، ‏من جملة الحرب الناعمة ومن جملة وسائل الأفواه الذين ‏يُريدون أن يطفئوا بها نور الله هو الفتنة، ‏الفتنة بين الناس، الفتنة بين المسلمين، ولذلك هذه مناسبة الوحدة ‏الإسلامية، لا نحتاج إلى أن نستدل ‏عن أهمية الوحدة، ولا نقصد دائماً، نُعبّر بهذا، لا نقصد بالوحدة أن ‏يُصبح كل المسلمين سنة أو ‏كل المسلمين شيعة أو كل المسلمين أتباع مذهب فقهي معين، كلا، نقصد ‏الأخوة الإسلامية والتأخي ‏الإسلامي، والتعاون الاسلامي، والعمل الموحد من أجل خدمة الأهداف ‏المشتركة والواحدة التي لا ‏نَختلف عليها أساساً، لا نحتاج إلى الإستدلال، لكن من هنا أدخل إلى الملفات ‏السياسية، أُنظروا ‏في مثل هذه الأيام كانت حرب تشرين 1973، عندما إتحدت مصر وسوريا، والجيشان ‏العربيان ‏المصري والسوري وساندهم العديد من الدول العربية، إختنقت "إسرائيل"، إختنقت بكل ما ‏للكلمة ‏من معنى، قبل مدة نشروا وثيقة تقول أن رئيس حكومة العدو في ذلك الحين أخذ قراراً ‏بإستخدام ‏السلاح النووي، لأنهم شعروا بأن هذه الحرب سَتُدمرهم وتُنهي كيانهم، هذه الوحدة في ‏حرب ‏تشرين كادت أن تَصنع نصراً تاريخياً حاسماً، وكان نصراً تاريخياً، ولكن لم يُسمح له بأن ‏يُصبح ‏حاسماً، في المقابل تفرد الرئيس أنور السادات بوقف إطلاق النار وبقاء الجبهة السورية وحيدة ‏هو ‏الذي ضَيّع هذه الفرصة التاريخية، هذا مثال للوحدة وللتفرغ وللتفرد، دائماً عندما نجمع عناصر ‏القوة ‏وتتحد عناصر القوة نستطيع أن نصنع الإنتصارات والإنجازات.‏
اليوم الأمة الإسلامية كلها ‏معنية بأن تتحمل مسؤولية تجاه ما يجري في فلسطين، على الشعب الفلسطيني ‏الذي يُقاتل في كل ‏يوم ويُضحي في كل يوم، ويُقدم الشهداء في كل يوم، ويُعتقل منه العشرات في كل يوم، ‏وتُهدم ‏منازله في كل يوم، ويُحاصر تجويعاً وعلى مدى سنوات طويلة، الأمة يجب أن تتحمل ‏المسؤولية، ‏مهما كانت إنشغالاتها، لا يجوز ترك الشعب الفلسطيني وحيداً، وأيضاً ما يجري على ‏المسجد الأقصى، ‏خصوصاً في مثل هذه الأيام، يجب أن يتحمل المسلمون في العالم، علماؤهم، ‏سياسيوهم، زعماؤهم، ‏حكوماتهم، لا يجوز أن يُترك هذا الأمر ويُهمل، لأنه قد تكون خطة ‏الصهاينة هو أن يُصبح  ما يَجري في ‏هذه الأيام أمراً عادياً روتينياً تقليدياً، وبالتالي في غفلة من ‏الزمن يتم تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً ‏أو يتم السيطرة على المسجد الأقصى وتحويله إلى ‏كنيس يهودي، أو يتم في لحظة مفاجئة تدمير المسجد ‏الأقصى لأي حجة أو عبارة، والعالم ‏الإسلامي ساكت ومُحنط، هذه مسؤولية كبيرة لا يجوز أن تُترك ‏ويجب أن يسمع الصهاينة ‏صوت العالم الإسلامي فيما يتعلق بقبلة المسلمين الأولى، للأسف الشديد بدل أن ‏يسمع الصهاينة ‏هذا الصوت القوي من العالم الإسلامي، نجد المزيد من إتجاه بعض الدول للتطبيع، وهنا ‏أُريد أن ‏أَقول لكم اليوم، أياً تكن الدولة التي تتجه إلى التطبيع، عندما تُوقع إتفاق تطبيع يجب أن تُدان ويجب ‏أن يُستنكر عملها، هذا أمر خارج عن ‏العلاقات السياسية وعن المجاملات السياسية، لأنه على درجة ‏خطيرة جداً لأنه طعنٌ للشعب ‏الفلسطيني وللمسجد الأقصى، وللمقدسات الإسلامية والمسيحية، وتَخلٍ عن ‏فلسطين، وتقوية ‏للعدو، ولا يجوز التسامح معه على الإطلاق.‏
‏ في بقية الوقت المتاح إسمحوا لي أن أتعرض ‏لبعض الملفات اللبنانية، بعضها بإيجاز، ولكن أُريد أن أتكلم ‏بالتفصيل بملف النزوح السوري.‏
‏ في ‏الملفات اللبنانية، أولاً: من خلال هذه الأيام والأسابيع سمعنا الكثير من الخطابات والأصوات ‏العالية ‏والإتهامات، أنا لن أَرد على كل ما ذُكر وما ورد، لأننا لا نُريد أن نَكون جزءاً من هذا ‏الصراخ ومن هذا ‏التوتر السياسي، فعندما لا نَرد على الإتهامات وعلى الأصوات العالية وعلى ‏التهديدات، هذا لا يعني أننا ‏نُوافق على هذه الإتهامات أو على مضمونها، هذه مجموعة كبيرة من ‏السخافات والتفاهات والأكاذيب، ‏وعلى كل حال هذا الصراخ وهذا التوتر السياسي وهذا السجال ‏السياسي، خصوصاً عندما يتناول ‏بالإسلوب والشكل والمضمون، هو لا يؤدي إلا إلى مزيد من ‏الضجيج والتوتر في البلد، نحن نُريد أن ‏نصرف وقتنا وأعصابنا على ما هو مفيد لبلدنا. العنوان ‏الثاني: ملف الحدود البرية، يُقال أنه خلال أيام قد ‏تكون هناك وساطة جديدة حول هذا الموضوع، ‏ويُقال الكثير ويُكتب الكثير حول موقف المقاومة وموقف ‏حزب الله بالتحديد، ورؤيته ومسؤوليته، ‏أنا أُريد أن أقول: أنتم تعرفون جيداً أنه فيما يتعلق بالحدود قُلنا ‏سابقاً: أصلاً إستخدام كلمة ترسيم ‏الحدود هو إستخدام خاطىء، الحدود البرية، الحدود البرية مُرسمة، ‏يوجد ثلاث عناوين في ‏الحدود البرية: ‏
أولاً: يوجد النقاط التي يحتلها الإسرائيلي، ولبنان يقول يجب أن تخرج منها، هي نقاط ‏حدودية معينة، ‏معروفة 13 نقطة، إتفقوا على بعض النقاط وإختلفوا على الباقي، والتي أهمها ‏نقطة الـb1‎‏ في الناقورة.‏
العنوان الثاني: هو شمال الغجر وبعض الفلوات الموجودة هناك والتابعة ‏لبلدة الماري.‏
والعنوان الثالث: هو مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.‏
بالنسبة لنا هذا الموضوع هو ‏مسؤولية الدولة اللبنانية، الدولة إذا هي تَقبل الوساطات، إذا هي تُفاوض، هذا ‏شأنها، نحن لسنا ‏معنيين لا قبولاً ولا رداً، يعني لسنا معنيين أن نقول: نحن نَقبل هذه الوساطة أو نَرفض ‏هذه ‏الوساطة، نحن نَعتبر أننا خارج هذا الشأن، الدولة، مسؤولو الدولة  هم المعنيون في هذا الأمر، ‏أعتقد ‏أن الوساطة الآتية إن أتت ستُركز أكثر على موضوع منطقة شمال الغجر، لأنهم يُريدون أن ‏يَحلوا مسألة ‏الخيمتين.‏
‏ في كل الاحوال المسؤولية مسؤولية الدولة، لا يصح لدى البعض الذي يربط ‏بين الوساطات حول الحدود ‏البرية والملف الرئاسي، هو يتحدث عنا في هذا الأمر، وهذا غير ‏صحيح، أنه يعني نحن نُريد أن نُقدم ‏تنازلات في الحدود البرية، نتخلى عن أرض من أجل أن ‏نحصل على تأييد معين، تأييد أميركي أو تأييد ‏غربي للمرشح الذي ندعمه وما زلنا ‏ندعمه والمعروف وهو الوزير السابق سليمان فرنجية، هذا أمر غير ‏وارد على الإطلاق، هذا ‏الربط هو ربط لا مكان له على الإطلاق، الحدود البرية شيء والملف الرئاسي ‏شيء آخر، أيضاً ‏البعض للأسف الشديد يربط بين الحدود البرية ومجدداً التفاوض الإيراني الأميركي، أو ‏الملف ‏النووي الإيراني، يا أخي هؤلاء اللبنانيين لا يتعبون من السخافات ولا يتعبون من التفاهات، ألم يقل ‏هؤلاء ذلك أثناء ‏التفاوض على الحدود البحرية وعلى حقول النفط والغاز؟ وقالوا هذا جزء من صفقة ‏إيرانية – أميركية، ‏ولم يظهر شيء من هذه الصفقة، أصلًا لم يحصل مفاوضات أميركية – إيرانية لها ‏صلة بهذا الموضوع، ‏ولم يُطرح هذا الموضوع في يومٍ من الأيام على طاولة مفاوضات أميركية – ‏إيرانية غير مباشرة. يا أخي، ‏توقفوا عن التسخيف، توقفوا عن تعب القلب وهذه التحليلات الباهتة والتي لا ‏أساس لها من الصحة. ‏
موضوع الحدود البرية هو موضوع حدود برية، حق لبنان الطبيعي وحقنا في المياه نأخذه كاملًا، حقنا ‏في ‏الأرض نأخذه كاملًا، لا نُساوم عليه في أي ملفات أخرى ولا في أي عناوين أخرى. ‏
وفي كل الأحوال، إذا حصلت وساطة من هذا النوع، كما كان هناك تكامل وتضامن وتعاون بين ‏المقاومة ‏والدولة، أي خطوة تساعد على تحرير الأرض ستلقى أيضًا التضامن والتعاون بين المقاومة ‏وبين الدولة ‏في المرحلة المقبلة إن شاء الله. ‏
بالمناسبة طالما تحدثنا عن الحدود البحرية، تعرفون أنه في لبنان أغلبية اللبنانيين يُراهنون على أن ‏يُستكشف شيء في  ‏الحفر والتنقيب بالبلوك 9، طبعًا هناك أناس للأسف الشديد يراهنون على أن لا ‏يُستكشف شيء، لهذه ‏الدرجة هم أعداء لشعبهم وأعداء لبلدهم فقط حتى لا يُسجّل انتصار لجهة معينة ‏ولجهة أخرى، مع العلم أن ‏هذا انتصار للبنان وإنجاز عظيم للبنان وللشعب اللبناني. ‏
على كل حال، معلوماتنا الأولية تُفيد، بالنسبة للإعلان الرسمي فإنه من المفترض أن تُعلن وزارة الطاقة ‏حول ذلك لاحقاً، أن كل ‏المؤشرات إيجابية في البلوك 9، وأيضاً من شواهد المؤشرات الإيجابية في ‏البلوك 9 هو أن اليوم في موضوع ‏الشركات التي تقدم التراخيص أنّ نفس الائتلاف النفطي للشركات التي ‏تعمل في البلوك 9 قدّمت طلبًا ‏لتتولى البلوك 8 والبلوك 10، والخبراء يقولون لو أنّ هذه الشركات تعتقد ‏أن البلوك 9 ليس فيه شيئًا مهمًا ‏لما تقدّمت لتتحمل المسؤولية في بلوكين آخرين. هذا على كل حال متروك ‏للأيام، وإن شاء الله يكون لاحقًا ‏أخبار سعيدة ومفيدة للبنانيين. ‏
في الملف الرئاسي، ملف ما قبل الأخير، كان هناك فرصة هي فرصة الحوار الذي دعا إليها دولة ‏الرئيس ‏نبيه بري، وكان ممكن العالم أن تأتي إلى الحوار ونتناقش ونطرح مرشحنا ويطرحوا مرشحهم ‏ونتحدث ‏بالضمانات ونتحدث بالمستقبل ونتحدث بكل شيء، هي المبادرة تقول أنه إذا اتفقنا على اسم ‏نذهب وننتخبه ‏وإذا اختلفنا على اسمين نذهب ونصوّت، لكن هذه الفرصة ضُيّعت فقط بالنكد، بالمكابرة، ‏ماذا يؤثر إذا ‏جلسنا يوم ويومين وثلاثة وجلسة وجلستين وثلاثة، هل هذا تضييع وقت؟ "طيب صيرنا ‏أشهر وهلق حيصيرنا سنة". ‏
على كل حال، المبادرة الفرنسية يجب أن نستطلع أين أصبحت. ‏
الوفد القطري ما زال يبذل جهودًا يومية للوصول إلى نتيجة ما. ‏
الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر ما زال قائمًا، لا يوجد وضوح في القريب العاجل، لا ‏يوجود ‏جديد لأُخبركم به أو أبشركم به، علينا أن ننتظر لنرى المزيد من الجهود التي تبذل، المزيد من ‏المبادرات ‏لنرى أين ستصل. ‏
الملف الأهم برأيي في هذه الأيام والذي يشغل اللبنانيين عمومًا وجميعًا وهو ملف النزوح السوري. في ‏هذا ‏الملف لنتحدّث كلمتين بهدوء. ‏
اليوم يوجد إجماع لبناني عند كل اللبنانيين والقوى اللبنانية أن ملف النزوح يُشكّل تهديدًا، تهديد ‏اقتصادي، ‏تهديد اجتماعي، تهديد مالي، تهديد أمني، البعض يرى فيه تهديدًا وجوديًا للبنان ولبقاء لبنان ‏ولتركيبة لبنان ‏ولديموغرافيا لبنان. حسنًا، هناك إجماع أن هذا الملف هو تهديد، إجماع وطني، ماذا يفعل ‏هؤلاء ‏المُجمعون في مواجهة هذا التهديد؟ عندما تقول أن هناك تهديد فيجب أن تتحمّل المسؤولية وتباشر ‏بهذه ‏المسؤولية. ‏
الآن كل شخص يرمي اقتراح للآخر ويحمّله المسؤولية، أنتم يجب أن تفعلوا هكذا ولم تفعلوا هكذا، إذًا ‏هذا ‏الملف مستمر، هذا لن يوصل إلى نتيجة، التراشق حول الماضي يمكن أن يكون مفيدًا فقط ليذكّر ‏الناس ‏بالمواقف والأخطاء وأخذ العبر من الأخطاء السابقة. ‏
أنا أدعو اليوم إلى خطة وطنية، إلى استراتيجية وطنية، إلى برنامج وطني موحّد، سمّوه ما شئتم، خطة أو ‏إستراتيجية أو برنامج، يتّفق ‏عليه اللبنانيون ويَحملونها إلى العالم في خارج لبنان، إلى الأصدقاء، كل واحد ‏من موقع صداقته، وأيضًا ‏يضغطون بها على حكومة تصريف الأعمال ويضغطون بها على مؤسسات ‏الدولة ويضغطون بها أيضًا ‏على الجيش اللبناني وعلى القوى الأمنية وعلى الجميع وعلى البلديات وعلى ‏المجتمع، ولكن خطة تكون ‏مدروسة ومحسوبة ومتّفقٌ عليها، لأنّه إذا ذهبنا وعملنا بخطة مُجمع عليها ‏وطنيًا هذا يمكن أن يوصلنا إلى ‏النتيجة. سوف أضرب بعض الأمثلة، اليوم نحن نحتاج إلى إحصاءات، ‏الدولة اللبنانية حتى الآن لم تحصل ‏على إحصاءات، لا نعرف عدد النازحين السوريين في لبنان، من ‏يعرف؟ لا أحد يعرف، الله سبحانه ‏وتعالى يعرف ومفوضية الأمم المتحدة، لكن في لبنان من يعرف؟ كل ‏شخص يضع رقمًا، أحد يقول ‏مليونين وأحد يقول مليون ونصف وأحد يقول 3 مليون، طيب بالحد الأدنى ‏يجب أن يكون هناك إحصاء دقيق ‏حتى يعرف اللبناني ماذا سيواجه، وأيضًا هذا الإحصاء يجب أن يُعرف ‏فيه، لأن هناك فرق بين العائلات ‏والأفراد، مرة هناك شباب نازحين على لبنان وعائلاتهم باقية في ‏سوريا، مرة هناك عائلات بأكملها قادمة ‏إلى لبنان، يجب في هذا الإحصاء أيضًا التمييز بين اليد العاملة ‏وبين النازحين، من أجل أن لا نخلط ‏الأمور ببعضها، دائمًا لبنان فيه 100 ألف عامل سوري، 200 ألف، ‏‏300 ألف، في مرحلة من المراحل ‏وصل إلى 400 ألف، لأنه تعلمون من غير شر نحن اللبنانيين هناك ‏كثير من الأعمال لا نقبل أن نعمل ‏بها أو نقوم بها لأسباب عديدة، وبالتالي حتى ببعض المناطق عندما ‏تقوم البلديات ببعض الإجراءات، هناك ‏محلات لبنانية ودكاكين ومصانع ومزارع تحتج لأنها بحاجة إلى ‏اليد العاملة السورية، هذا الخلط بين اليد ‏العاملة والنازحين هو خلط خاطئ، الإحصاء والدراسة يجب أن ‏تُوضّح هذا الموضوع للناس الذي ‏سيضعون الخطة حتى نعرف حجم الموضوع وكيفية مواجهته. ‏
الموضوع الأهم في المعالجة هو معالجة الأسباب أيها اللبنانيون الذين تشعرون بالخطر، أنتم تذهبون ‏إلى ‏معالجة النتائج ولكن لا تُعالجون الأسباب ولا تُساعدون في معالجة الأسباب، أهم سبب اليوم، ‏اليوم ‏اللبنانيون يقولون أن النزوح له عنوانان، النزوح الأول: هو النزوح الأمني الذي سببه كان الحرب ‏في ‏سوريا، النزوح الأمني، من الذي شنّ الحرب على سوريا؟ أميركا وجماعتها، هذا معروف، والذي ‏كان ‏يُدير الحرب في سوريا هو السفير الأميركي المنتدب بدمشق والذي كان يجلس في تركيا وغرف ‏العمليات ‏التي كان فيها جنرالات أميركيون وعرب، النزوح الأمني عندما يحصل حرب في أي بلد فإنه ‏من الطبيعي أن يحدث ‏هناك نزوح، هل يعرف الشعب اللبناني أن المسؤول الأول عن النزوح الأمني إلى ‏لبنان هو من أشعل ‏الحرب في سوريا وهي الإدارة الأميركية. حسنًا، الآن فشلت الحرب، جاء النزوح ‏الثاني: الذي يقول ‏اللبنانيون عنه النزوح الاقتصادي، من هو المسؤول عن النزوح الاقتصادي في سوريا؟ ‏الولايات المتحدة ‏الأميركية أيها اللبنانيون، أيها اللبنانيون جميعًا، لماذا؟ لأنه عندما وضعت الحرب ‏أوزارها في سوريا ‏وتهافتت الشركات العالمية للإستثمار في سوريا، كان يمكن لسوريا أن تنهض ويبقى ‏شعبها فيها ومن هاجر ‏منها ونزح عنها أن يعود إليها، لماذا؟ لأنه يوجد إعمار ويوجد كهرباء ويوجد مياه ‏ويوجد فرص عمل ‏ويوجد اقتصاد يُعاد بناؤه من جديد، جاءت الولايات المتحدة الأميركية وفرضت ‏قانون قيصر، لماذا بعض ‏اللبنانيين يتجاهلون هذه الحقائق؟ يأتي ويُحمّل المسؤولية للنظام في سوريا  أو ‏لأصدقاء سوريا في لبنان، ‏هذا ظلم، لماذا لا تُحمّلون المسؤولية لمن أخذ قرار قيصر وحاصر سوريا ‏وفرض عقوبات على كل ‏الشركات التي كانت ستأتي إلى سوريا والدول التي كانت جاهزة أن تستثمر في ‏سوريا، ولذلك سوريا ‏تُعاني اقتصاديًا ومعيشيًا وحياتيًا ولذلك أدى هذا إلى نزوح اقتصادي. اللبنانيون ‏الذين يشعرون بأن النزوح ‏السوري يهدد وجود لبنان، المرجعيات الدينية والسياسية والتي لها علاقات ‏متينة وقوية مع أميركا ومع ‏فرنسا ومع الغرب يجب أن تعرف أن المسؤولية الأولى واقعة على عاتقها أن ‏تذهب إلى هناك وتقول لهم ‏حتى يبقى لبنان يجب إلغاء قانون قيصر، هل فعلتم شيئًا من هذا؟ أميركا ‏وأوروبا ليسوا أصدقاءنا لنذهب ‏إليهم ونتكلم معهم، هم أصدقاؤكم، لكن هذا جزء من الخطة، لأنه هذا هو ‏السبب الحقيقي. أنا أقول لكم ‏الآن، إذا يُرفع قانون قيصر عن سوريا وتبدأ الشركات والإعمار في سوريا ‏وحينئذٍ الروسي الذي ما زال قدم ‏إلى الأمام وقدم إلى الوراء والصيني ما زال ولا أعرف إذا سيتزحزح أو ‏لا، وبقية الشركات العربية والدول ‏العربية، إذا جاءوا إلى سوريا هذه المئات الآلاف من السوريين ‏سيعودون إلى بلدهم، وسيكون إعادتهم إلى ‏بلدهم أمرًا سهلًا ومتيسرًا، ولكن هناك استسلام أمام الإرادة ‏الأميركية. ‏
عنوان آخر: في المعالجة، مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة تفعل ما تشاء، أين هي السيادة اللبنانية؟ ‏في ‏الآونة الأخيرة سمعنا أن المفوضية أصبحت تعطي بطاقات إقامة في لبنان، أين أهل السيادة ‏وأصحاب ‏السيادة؟ ضبط الحدود صحيح هذا أحد الأشكال، ولكن فتّشوا عن مافيات التهريب وحاسبوها ‏وعاقبوها أيًا ‏تكن، الذين يتقاضون الأموال لتهريب أعداد كبيرة من النازحين السوريين إلى لبنان، هذا ‏أيضًا شكل من ‏أشكال المعالجة. ‏
بكل الأحوال، أحببت أن أقول أنه إذا كان هناك إمكانية لإنشاء لجنة من قوى سياسية، لجنة من كتل ‏نيابية ‏ومن نواب، لجنة وزارية، لكن لها طابع شمولي، يعني تشمل كل القوى بمعزل عن عداواتنا ‏وخصوماتنا ‏وصراخنا والتوتر والإتهامات القائمة، ألا تقولون أن هذا تهديد وجودي تفضلوا إذًا لنترفّع ‏عن كل شيء ‏ولا نربطه لا بالملف الرئاسي ولا بأي ملف آخر، نأتي ونقول نحن كلبنانيين أمام خطر ‏تهديد وجودي ماذا ‏علينا أن نفعل للمعالجة؟ مثلًا نحن نسمع بعض القوى السياسية وبعض الإعلاميين ‏وبعض من يكتبون في ‏شبكات التواصل الإجتماعي، نسمع فكرة، لا أقول أننا نحن الآن نتبناها أو لا ‏نتبناها ولكن نقول أنها قابلة ‏للدرس، تقول هذه الفكرة أنه لماذا تمنعون النازحين السوريين من مغادرة ‏لبنان في البحر إلى أوروبا، لماذا ‏تمنعونهم؟ وعندما تمنعونهم ويذهبون تهريبًا، فيضطرون أن يركبوا بهذه ‏المراكب المطّاطية وكل يوم ‏يومين ثلاثة عندنا مصيبة وغرق في البحر، لماذا يا جناب الحكومة اللبنانية ‏ويا جناب الجيش اللبناني؟ هذه فكرة ‏مطروحة في البلد، أنه اتركوا الموضوع ودعوهم يصعدون بالسفن ‏وليس فقط بالمراكب المطّاطية، ليس ‏كما يقول أصحاب الفكرة أنه إجمعوهم وأرسلوهم في البحر، وإنما ‏يمكن تخفيفها إنسانيًا والقول لمن ‏يرغب من النازحين السوريين أن يُتاح لهم الفرصة دون الحاجة إلى ‏الهروب ليلًا وبقوارب مطّاطية أن ‏يركبوا السفن وأن يتّجهوا إلى أوروبا، هذه الفكرة يقول من يتبناها أنها ‏ستؤدي إلى نتيجة حتمية وهي أن ‏الدول الأوروبية سوف تأتي خاضعةً إلى بيروت، إلى السراي الحكومي ‏لتقول للبنانيين ماذا تريدون ‏لتوقفوا هذه الهجرة للنازحين اتجاه أوروبا، هكذا فعلت تركيا ودول أخرى. ‏
على كلٍ، هذه الفكرة قابلة للنقاش، حتى نحن في حزب الله يمكن أن نجلس ونناقش هذه الفكرة، ‏هل ‏نتبناها؟ هل نعمل عليها؟ المقصود وضع الخطة، والدولة تقوم بإجراءاتها وبإنتظار وضع الخطة ‏يجب أن ‏ألفت إلى أمر مهم أيها الأخوة يحصل الآن في لبنان، نحن شعبنان، شعب لبناني وشعب سوري، ‏ونعيش في ‏جوار بعضنا، وسنبقى في جوار بعضنا بحكم الجغرافيا والديموغرافيا والتاريخ والمستقبل، إذا ‏عندنا مليون ‏ونصف، مليونين سوري في لبنان وهم من مناطق مختلفة من سوريا، يجب أن لا يتحول ‏الجو القائم إلى ‏جو عداء مع هؤلاء الناس، مع الرجال، مع النساء، مع الأطفال، يجب ألا يتجاوز أحد ‏حدود القانون في ‏معالجة ما هو مخالف للقانون، يجب ألا يتجاوز أحد حدود الأخلاق، يجب ألا يرتكب ‏أحد ظلمًا، يعني لا ‏يجوز أن يتصرف البعض هنا في لبنان كأن النازحين السوريين أصبحوا مباحي الدم، ‏مباحي العرض، ‏مباحي الاعتداء عليهم، مباحي المال ومصادرة أموالهم، أموالهم هي أموال محترمة لا ‏يجوز مصادرتها ‏ويجب إعادتها إليهم، هذا أمر لا يعالج بالشتائم وبالضرب وبالعدوان وبالإيذاء، هذا أمر ‏خطير جدًا، لا ‏الدين ولا الشرع ولا القانون، غدًا يخرج من يقول أن السيد يدافع عن النازحين السوريين، ‏لا، أنا أدعو إلى ‏عدم الظلم، الظلم لا يُعالج نتيجة، نحن لدينا قانون في لبنان يمكن العمل طبقًا للقانون، ‏ولدينا جميًع ‏كلبنانيين أخلاق وأعراف وتقاليد ودين ويجب أن نتصرف على هذا الأساس. ‏
في نهاية المطاف نحن ندعو إلى هذا، طبعًا البعض يقول سوريا أصحابكم وأنتم حلفاء لماذا لا تذهبوا ‏إلى ‏سوريا وتعالجوا الموضوع، هذا كلام يقوله بعض العباقرة من السياسيين في لبنان، وهو تضليل ‏وغفلة، ‏نحن دولة؟ هذا يحتاج لكلام من دولة لدولة، أصلًا أهم دليل على أكذوبة أن حزب الله يسيطر على ‏قرار ‏الدولة، لو كان حزب الله يسيطر على قرار الدولة في لبنان لن يذهب فقط وفد وزاري بل كان قد ‏ذهب ‏رئيس الحكومة اللبنانية إلى سوريا، لكن على كل حال هذا من الشواهد الكثيرة التي تؤكد أكذوبة ‏سيطرة ‏حزب الله على القرار، حتى الآن لا نستطيع أن نفرض على هذه الحكومة أن تُرسل لجنة وزارية ‏‏"مثل ‏الخلق" لتناقش مع المسؤولين السوريين كيف سنعالج أو نخفف، مع العلم أن العلاج هو ليس فقط ‏مع ‏السوريين، كما ذكرت في البداية، العلاج يجب أن يبدأ من مكان آخر، اليوم الذي يُهدّد ‏الوضع ‏الديموغرافي في لبنان أيها اللبنانيون، الذي يُهدد هذا الوطن بالإلغاء لمن يؤمن بأن التهديد يصل ‏لهذا ‏المستوى ليست سوريا، ليس النظام في سوريا ولا القيادة في سوريا ولا الشعب السوري ولا ‏النازحون ‏السوريون، الذي يُهدد الديموغرافيا والوجود والكيان والوطن هي السياسات الأميركية المستكبرة ‏والقبيحة ‏والوقحة، لا أُريد أن أدخل في الأسماء، أنا أعرف أن السفيرة الأميركية هنا عندما تعلم بأن ‏جهازًا أمنيًا أو ‏عسكريًا أو وزارةً معينة قامت بإعادة بعض السوريين إلى سوريا لسببٍ قانوني هي ‏شخصيًا تذهب إليهم ‏وتجتمع معهم وتجري معهم تحقيقًا، تحقيق مثل التحقيق القضائي والأمني، من فعل ‏هكذا؟ من أخذ هذا ‏القرار؟ من نفذ هذا القرار؟ كيف هذا الموضوع شُغل؟ واللبنانيين عليهم أن يُجيبوا، ‏لماذا؟ لأن هناك سيف ‏العقوبات على الأشخاص مُسلّط على رقاب اللبنانيين، اللبنانيون ماذا حصلوا من ‏الأميركي، مديح، أليس ‏كذلك، شخص من وزارة الخارجية الأميركية عندما إلتقى بعض من المسؤوليين ‏اللبنانيين شكرهم على ‏كرم الأخلاق في استضافة النازحين السوريين، حسنًا غير كرم الأخلاق ماذا؟ لا ‏شيء. ‏
هذا هو الطريق للمعالجة، غير ذلك من تحميل المسؤوليات ورمي المسؤوليات والخطاب السياسي هذا ‏لن ‏يوصل إلى نتيجة، لم يُحرّر أرضًا عندما كان الإحتلال العسكري تهديدًا، الإحتلال الإسرائيلي، لم يُبعد ‏شبح ‏التهديد عندما جاء التكفيريون إلى السلسلة الشرقية وأرسلوا السيارات المفخخة، اليوم أي ظاهرة ‏تُشكّل ‏تهديدًا يجب أن تُواجه بالعمل وليس بالإتهام ولا بالشتائم. ‏
أيها الإخوة والأخوات في هذا اليوم، يوم المولد النبوي الشريف الذي نعتبره يوم أفراحنا وأعيادنا ‏وافتخارنا ‏واعتزازنا، نجدّد بيعتنا لرسول الله(ص)، بيعتنا لرسالته وقرآنه، بيعتنا لطريقه ونهجه، أن نبقى ‏من أهل هذا ‏النور، نَحمله، نُحافظ عليه، ننشره في كل العالم، متحدين، متماسكين حتى نُحقق لشعبنا ‏ولوطننا ولأمتنا ‏كل ما يطمحون إليه من عدالةٍ ونصرٍ وعزّةٍ وكرامةٍ وسعادةٍ واستقرارٍ إن شاء الله.‏
كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ‏

‏

كلمة‎ ‎الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال المهرجان المركزي الذي ‏أقامه حزب الله في ذكرى ‏ولادة النبي الأعظم (ص) والإمام الصادق (ع) في مجمع ‏سيد ‏الشهداء- الضاحية الجنوبية لبيروت 02-10-2023

اخبار متعلقة

كلمة مسؤول منطقة البقاع في حزب الله الدكتور حسين النمر خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي أقيم في مقام السيدة خولة (ع) في مدينة بعلبك 29-6-2025 2025-06-29
كلمة مسؤول منطقة البقاع في حزب الله الدكتور حسين النمر خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي أقيم في مقام السيدة خولة (ع) في مدينة بعلبك 29-6-2025
كلمة الوزير السابق وعضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي خلال المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة عنقون 29-6-2025 2025-06-29
كلمة الوزير السابق وعضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي خلال المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة عنقون 29-6-2025

الأحدث

كلمة مسؤول منطقة البقاع في حزب الله الدكتور حسين النمر خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي أقيم في مقام السيدة خولة (ع) في مدينة بعلبك 29-6-2025 2025-06-29
الجناح الاعلامي كلمة مسؤول منطقة البقاع في حزب الله الدكتور حسين النمر خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي أقيم في مقام السيدة خولة (ع) في مدينة بعلبك 29-6-2025
كلمة الوزير السابق وعضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي خلال المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة عنقون 29-6-2025 2025-06-29
الجناح الاعلامي كلمة الوزير السابق وعضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي خلال المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة عنقون 29-6-2025
كلمة الوزير السابق مصطفى بيرم في بلدة كفرحتى 29-6-2025 2025-06-29
الجناح الاعلامي كلمة الوزير السابق مصطفى بيرم في بلدة كفرحتى 29-6-2025
كلمةعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين خلال  المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة صير الغربية 29-6-2025 2025-06-29
كلمات النواب كلمةعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين خلال المجلس العاشورائي الذي أُقيم في بلدة صير الغربية 29-6-2025
ميديا
  • فيديو
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022 2022-04-13
حزب الله يشيع فقيد الجهاد والمقاومة الدكتور حيدر دقماق في مدينة النبطية 13-4-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022 2022-03-30
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع أمين عام حركة الجهاد الإسلامية الأستاذ زياد نخالة 30-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022 2022-03-26
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله مع وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية 25-3-2022
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022 2022-03-02
فيديو لقاء السيد حسن نصرالله بوزير الارشاد في الجمهورية الإسلامية الايرانية‏ 2-3-2022

من نحن

العلاقات الاعلامية في حزب الله - جميع الحقوق محفوظة

اتصل بنا

تلفون: 01/274886 - 01/278680 تلفاكس: 01/274469 بريد alakatmedias@gmail.com

موقع العلاقات الاعلامية الاخباري