الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة الحاج عباس ياسين في بيروت 8-6-2023، ومما جاء فيها:
انطلقَ جندي مصري مجاهد على الحدود المصرية الفلسطينية ليقتل عدداً من الصهاينة ويجرح عدداً آخر، ليعبِّر هذا الجندي عن هذه الأمَّة التي تختزل الجهاد والرفض للاحتلال والعدوان وتضع بوصلة فلسطين كهدف مشروع وضروري لا بُدَّ أن يتحقق لتحرير الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر. كل التحية للجندي محمد صلاح الذي أثبت أنَّ الجهاد ضد العدو الإسرائيلي يمكن أن يكون بأساليب مختلفة، ومن أماكن مختلفة ومن مبادرات مختلفة ومن حيث يعلم الإسرائيلي ومن حيث لا يعلم، ومن حيث يظهر الإسرائيلي عاجز عن أن يضع حدَّاً لعطاءات المجاهدين المتنوعين في مختلف المناطق في داخل فلسطين وفي خارج فلسطين. هذا المجاهد هو ركنٌ من أركان العمل المقاوم، الذي أصبح مقاومة الأمَّة ولم يعد مقاومة حزب أو جهة أو جماعة معينة، وهنا القوَّة الحقيقية التي لا يمكن لأحد أن يضبطها. تحية لك أيُها الشهيد ولعائلتك ولكل المحبين لك ولهذا النهج.
في جنوب لبنان، يقف مزارع (إسماعيل ناصر) من بلدة كفرشوبا بوجه الجرافة الإسرائيلية من دون أن يخاف، رفضاً لاغتصاب الأرض والاعتداء عليها، وهو كالجبل لا يهمه ما يحمل هذا الإسرائيل من سلاح، فسلاحُ حقِّه أقوى وسلاح مقاومته أقوى، وهذا يؤكد نظريتنا بالتمسك بجهاد الجيش والشعب والمقاومة، كي يبقى الإسرائيلي حائراً لا يعرف كيف يمكن أن يواجَه، ومن يمكن أن يواجهه! في إطار تكامل رائع ليس فيه لا قيود ولا حدود إلّا قيد التحرير الحقيقي الذي يجب أن نستمر به ونعمل من خلاله. هذا النموذج (نموذج إسماعيل ناصر) هو نموذج من نماذج بركات ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة.
اليوم نسعى لانتخاب رئيس ومنذ البداية أعلن حزب الله مع حركة أمل مع آخرين أنَّهم يدعمون ترشيح سليمان فرنجية إلى منصب الرئاسة، لأنَّه رجل وطني منفتح على الجميع، قدَّم عفواً في مقابل الذي قتل والده وعائلته، من أجل أن يسهِّل العمل السياسي العام في لبنان. هو الذي جاهر دائماً بإيمانهِ بالمقاومة وحق المقاومة وضرورة أن يكون لبنان مستقلاً، هو الذي يبني علاقات واسعة مع الدول العربية من دون استثناء والدول العالمية والإقليمية من دون استثناء، وله حظوة خاصة في العلاقة مع سوريا تساعده في أن يحل لنا أزمة كبيرة اسمها أزمة النازحين، وكذلك رسم الحدود بين لبنان وسوريا من أجل معالجة مسألة الترسيم البحري، أيضاً لاستخراج نفطنا وغازنا بشكل سليم. هذا الترشيح منذ البداية أيَّدناه لأنَّه يملك المواصفات ويملك القابلية ليكون مُطَمئناً لقسم كبير من الشعب اللبناني، وفي آنٍ معاً يستطيع أن يعمل على خطة الإنقاذ بالتعاون مع الحكومة ومع الأطراف التي ستكون في هذه الساحة، لكن بعضهم يصر على أنَّه يريد أن يعمل بطريقة التحدي.
فليكن واضحاً بأنَّ أفق المواجهة في انتخاب الرئيس مسدود، ولا يمكن أن ينجح الاستحقاق إلا بالتوافق والانفتاح. أعلنا مراراً بأنَّ يدنا مفتوحة للنقاش والحوار، ولا زالت هذه اليد ممدودة لنناقش التفاصيل. قد نقنعكم بمرشحنا، وقد تقدِّمون معطيات تساعد في تدوير الزوايا للوصول إلى نتيجة إيجابية. لكن أن يبقى الشعار والعنوان هو التحدي وعدم الموافقة على الحوار ورفض من يتميز بكل هذه المميزات، فهذا إضاعة للوقت وتعطيل لحياة الناس وتأخير الاستحقاق.
نحن سنتابع بقناعاتنا بكل هدوء وفق القواعد الدستورية ومن خلال المجلس النيابي وتحركاتنا السياسية، ونسأل الله تعالى أن يفرِّج عن هذا الاستحقاق بأن يفرِّج عن بعض هؤلاء الذين يحملون حالة النكد وحالة المواجهة المسدودة الأفق.