الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في لقاء مع المبلِّغين وأئمة المساجد في منطقة بيروت بتاريخ 29-3-2023م، ومما جاء فيها:
اخترنا دعم الوزير سليمان فرنجية لأنَّه يمتلك الصفات الملائمة والمناسبة بحسب وجهة نظرنا لرئاسة الجمهورية، فهو شخص يتميَّز بقدرته على حوار الجميع ومنفتح مع الجميع، ولا يشكِّل تحدٍّ لأحد ويتواصل مع الدول في المنطقة وفي العالم بشكل طبيعي، وشجاع في المواقف وخطُّه واضح. نحن نعتقد أنَّ هذه المواصفات المتوفرة في شخصه تمكنه من أن يكون رئيساً ناجحاً للجمهورية، ولم يكن دعمنا لترشيحه بناءً على وعدٍ سابق ولا التزام قديم، وإنما نشأ هذا التأييد بلحاظ الظروف الموضوعية التي أبرزته كشخصية ملائمة لهذا الموقع. نحن لم نلتزم مع أحد بتسمية خلال كل فترة الحديث عن الرئاسة، بل كنَّا نقول لمن يسأل عن عدم حسم الموقف وأنَّنا لا زلنا نفكر، ثم مرَّت مرحلة أخرى كنا قد حسمنا خيارنا من دون إعلان الإسم، ثم جاءت مرحلة ثالثة تمَّ فيها الإعلان من خلال سماحة الأمين العام حفظه الله. في كل هذه المراحل الثلاثة لم نَعِدْ أحداً بأن يكون موقفنا مرتبطاً بموقفه أو بتسميته أو بآرائه أو بقناعاته. نعم عملنا مع أطراف عديدين من أجل أن تتقارب وجهات النظر، من أجل أن نسمي معاً لكي نصل إلى إسم موحَّد.
نجحنا في العلاقة مع حركة أمل وبعض الحلفاء، ولم ننجح مع آخرين سواء أكانوا حلفاء أو كانوا في الموقف الآخر، نحن لم نصرِّح يوماً في الإعلام إلَّا بـ قناعاتنا، وكذلك عبَّرنا عن عروضنا بشكل مكشوف أمام الناس. لم نخالف يوماً وعداً مع أحد لا سرَّاً ولا علناً لأنَّنا نعتبر أن ديننا يأمرنا بأن نكون صادقين، ما نقوله هو الصدق وكل تاريخنا السياسي يشهد أننا نصدق فيما نتحدث فيه مع الناس، ونقدم الرواية الحقيقية من دون أي إضافة أو تعديل أو تغيير، لأنَّنا نؤمن بأنَّ الصدق والصراحة مع الناس ومع الحلفاء حتى الصدق في مواجهة الأعداء بكل قناعاتنا التي نؤمن بها، ونعتبر أنَّها ضرورية للإعلان عنها في المعركة وهي التي تسبب النجاح الحقيقي.
اليوم البلد يزداد تدهوراً، والإكتفاء بالنقد والتنظير لا تجعل الناقد والمنظِّر بعيداً عن المسؤولية والمساءلة في آن معاً، لأنَّ بعضهم يتحدث أمام الناس كأنَّه هو الذي له حق أن يحاسب الجميع وأن يطالب الجميع، أمَّا هو ليس مسؤولاً، واليوم عندنا 128 نائباً معنيُّون بأن يختاروا الرئيس، فبدل أن تقول أيُّها النائب أنتم أخطأتم وأنتم لا تعملون، والبلد متدهور. قل لنا ماذا تريد حتى يعرف الناس بطريقة إيجابية كل نائب ما هي خياراته لإنقاذ البلد، كي لا نبقى في دوامة إسمها البكاء على الأطلال أو محاولة تبرئة النفس باتهام الآخرين، فهذا لا يبني بلداً.
الواضح أنَّ إثارة الأجواء الطائفية أيضاً تعقِّد المسائل في بلدنا وإذا ظنَّ البعض أنَّ مصلحته في أن يشدّ العصب الطائفي بطريقة الإثارة الطائفية لكل قضية من القضايا، فهو مخطئ، لأنَّ الضرر سيكون على الجميع من دون استثناء، كما أنَّ الفوائد الإيجابية ستكون للجميع من دون استثناء.
نحن رأينا أنَّ كل الأطراف أدلوا بآرائهم حول مواصفات الرئيس، تعالوا نطوي هذه المرحلة مرحلة إعلان مواصفات الرئيس حيث أصبح الشعب اللبناني يعرف تماماً كل فريق أو كل شخص أو كل جهة ما هي المواصفات التي يتحدثون عنها. يجب أن ننتقل إلى المرحلة الثانية التي تسمى تسمية المرشح، ثم ننتقل إلى المرحلة الثالثة وهي إجراء حوارات فيما بيننا من أجل تقريب وجهات النظر لنقلص عدد المرشحين قدر الإمكان، فإذا استطعنا كان به، وإذا لم نستطع نذهب الى المجلس النيابي ونتخذ أحد المرشحين..
للأسف هناك متغيرات تحصل في المنطقة بالاتجاه الإيجابي، ونحن لا زلنا غارقين في الاتجاه السلبي. اليوم هناك اتفاق سعودي إيراني وعودة لعدد من دول الخليج والدول العربية الى العلاقة مع سوريا، والبحث عن تمتين العلاقات الثنائية بين دول المنطقة ومنها تركيا ومصر وآخرين، إضافة إلى محاولة تصفير المشاكل لتنعم هذه المنطقة بشيء من الاستقرار بعد طول عناء وعدم استقرار.
في الصورة المقابلة إسرائيل بدأت تعاني بشكل غير عادي على المستوى الداخلي، وبرزَ الوضع المتأزم أمام الرأي العام بل إنَّ الصراع الداخلي قد يكون أهم سبب من أسباب سقوط إسرائيل لاحقاً. هذا فضلاً عن المقاومة الشريفة العظيمة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني المجاهد، فبينما كنَّا سابقاً في منطقة نعاني وكل المحور يعاني، كانت إسرائيل تحاول أن تنمي وضعها على مستوى التطبيع وتحديد عدو هو إيران بدل إسرائيل ومحاولة إجراء مناورات مشتركة من أجل توجيه البوصلة نحو إيران. واليوم الاتجاه تغيَّر، وبدأنا نرى عودة إلى قناعة دول المنطقة إلى أنَّ الاستقرار والتعاون فيما بينها هو الأصلح، وهذا ما جعل إسرائيل تفقد صوابها على المستوى السياسي وعلى مستوى التعبير. ألا يحق لنا في لبنان أن نلتحق بهذه الحلول وأن نكون في الجو الإيجابي كما هم؟! يفترض على بعض القوى أنَّ تعيد التفكير جيداً في خياراتها، لأنَّ الأمور تغيرت في المنطقة وفي النهاية هذا الانتخاب للرئيس في البلد لن ينتج إلَّا عن خيار مجلس النواب اللبناني وكل التدخلات الأخرى الخارجية، وكل الضغوطات الداخلية ستكون هامشية وسطحية أمام خيار النواب، فلنبادر نحو الحل.