الكلمة السياسية التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في تأبين فقيد الجهاد والمقاومة الحاج بلال المقداد في بيروت - 09-11-2022م، ومما جاء فيها:
أولاً اليوم في المنطقة أنتم تعرفون أنَّ إسرائيل زُرعت من الغرب من أجل أن تكون أداةً للغرب، يتحكم من خلالها بمستقبل ومصير وإمكانات وقدرات هذه المنطقة لمصلحة مشروعه ورفاهيته. عندما يريد الغرب تحصيل مكتسابات معينة بدون دفع ثمن مباشر يستعمل العصا الإسرائيلية، بينما هي مزروعة من أجل تحقيق أهداف خبيثة مجرمة لا علاقة لها بالإنسانية ولا بحقوق الإنسان ولا بمصلحة هذا الشعب. الحمد لله استطعنا أن نفهم تماماً بأنَّ هذا العدو هو سبب المشاكل والتعقيدات الموجودة في منطقتنا، كلُّ المعاناة التي تعانيها الأنظمة العربية والإسلامية متأثرة بوجود إسرائيل ومؤامرات إسرائيل، كل الخطط التي تفعلها أمريكا في المنطقة إنما تأخذ فيها بعين الاعتبار أن تبقى إسرائيل قادرة على أن تقوى وتتوسع وتسيطر وتهيمن ويكون لها القدرة الكافية، لكن بالنسبة لنا إسرائيل عدو وغاصب ومجرم ومحتل وعلى إسرائيل أن تخرج من فلسطين المحتلة لمصلحة أبناء فلسطين.
منذ أيام جرت انتخابات في الكيان الإسرائيلي، بالنسبة إلينا هذه الانتخابات لا تغيِّر شيئاً، سواء نجح هذا الفريق أو ذاك، وبالتالي لسنا معنيين بأن نكون متعاطفين مع أحد الأفرقاء لأنَّه أسهل علينا، كلا فهناك عنوان واحد في الكيان الإسرائيلي وهو أنَّ احتلالاً قائماً في منطقتنا على الإجرام والغصب والعدوان اسمه الكيان الإسرائيلي، عندها لا يهم من يكون رئيس هذا الكيان ومن يكون رئيس الوزراء، لأنهم جميعاً يعملون ضمن خط واحد هو خط الاحتلال والعدوان. نحن معنييون بمقاومة هذا الاحتلال، بالإضافة إلى مواجهة هذا الخطر على منطقتنا، وبكل صراحة لم نكن نتمنى في أي لحظة من اللحظات أن ينجح رئيس الحكومة هذا أو ذاك، أما أن تصدر تهديدات من نتنياهو فقد تعوَّدنا على هذه التهديدات منه ومن غيره، بالنسبة لنا هذه قنابل صوتية لا تقدِّم ولا تُؤَّخر، طالما أننا بنينا حضورنا على الاستعداد والقوة في مواجهة الاحتلال وقتاله عندما يعتدي علينا، فنحن غير معنيين لا بالقوي ولا بالضعيف.
الحمد لله أننا جاهزون في المواجهة، ربما يقول البعض ولكن ماذا سيحصل في نتائج الترسيم البحري؟ خاصةً أنَّ نتنياهو أعلن قبل إنجاز الترسيم أنه سيعارض، أنا لا أتوقع أن يعارضه وأن يسلك الطريق الذي يُسقط هذا الاتفاق بل هو غير قادر على ذلك، ومع كل هذا نحن نعتبر أن ضمانة الترسيم البحري هو قوتنا وتماسكنا في لبنان في مواجهة التحديات، فإذا أخلَّ الإسرائيلي لدينا القدرة الكافية لنعيده إلى الصواب أو نمنعه من ارتكاب الحماقات.
ثانياً سمعتم أمس المقابلة التي جرت مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ببرا ليف، التي بيَّنت السياسية الأمريكية في لبنان والمنطقة ومما قالته: " إنني مدركة للرواية السائدة هنا (أي أمريكا) وفي أماكن أخرى أنَّ ترك لبنان ينهار قد يمكنه بطريقة ما إعادة البناء من الرماد متحرراً من الطاعون الذي مثَّله حزب الله لسنوات". هذا يعني أنَّ أمريكا هي التي تعمل ليل نهار من أجل إسقاط لبنان، من أجل تدمير لبنان، ومن أجل إيذاء الشعب اللبناني لأنَّهم لن يستطيعوا القيام بالسياسات التي يؤمنون بها لمصلحة العدو الإسرائيلي. لماذا تواجه أمريكا حزب الله؟ لأنَّه يقاتل إسرائيل. لماذا يقاتل حزب الله إسرائيل؟ لأنَّها محتلة. كيف تقف أمريكا مع الاحتلال؟ أمريكا هي رائدة الاحتلال في العالم، وهي التي تظلم في كل بقاع الأرض من أجل أن تعيش هي على حساب البشرية، وهذا الاحتلال بالنسبة لأمريكا عمل عادي بينما تحرر الشعوب هو المرفوض من جهة أمريكا، لكننا لن نقبل أن نكون تحت إمرة أمريكا مهما فعلت ومهما ضغطت، وستثبت الأيام أكثر وأكثر أنَّها عاجزة عن أن تحقق مشاريعها في منطقةٍ فيها مقاومة وفيها إباء وفيها شعوب لا تقبل بهذه الهيمنة الأمريكية.
اليوم معاناة لبنان سببها المركزي والأساسي العقوبات الأمريكية والتدخل الأمريكي لإسقاط قيمة النقد اللبناني وإثارة الفتن والتخريب الدائم، وهم الذين يمنعون أي حل من حلول الكهرباء ليُبقوا لبنان تحت الضغط. أمريكا ومعها الدول الاوروبية هم الذين يلزمون لبنان بالنازحين ويمنعونهم من العودة إلى بلدهم رغم كل التسهيلات الموجودة، لماذا؟ لأنَّهم يريدون التحكم بخيارات لبنان وسياسات لبنان ومستقبل لبنان، لكن علينا أن نكون متفائلين بأنَّ أمريكا لا تستطيع أن تفعل ما تريد، تستطيع أن تضغط أو أن تخرب لكنها لا تستطيع أن تغيِّر معادلة خيارات الناس الحقيقية، أمامنا تجربة في مواجهة أمريكا وهي الترسيم البحري، أُرغمت أمريكا ومعها إسرائيل على إعطاء لبنان حقوقه النفطية والغازية وبدء الحفر في مياهه والترسيم البحري لأنَّهم وجدوا أن تماسك الدولة اللبنانية مع قوة المقاومة يمنع أمريكا وإسرائيل من استخراج الغاز من كاريش ومن تحقيق الأهداف التي يريدونها. من قال أنَّ أمريكا لا تخضع؟ بل تخضع، لكن عندما نتماسك وعندما نكون شجعان، سنتحمل قليلاً ولكن يجب أن نواجه هذا التحدي.
أخيراً اليوم لدينا انتخاب رئيس للجمهورية، ونحن نعتبر أنَّ انتخاب الرئيس ضرورة وواجب، وكل ما يمكن أن يعالج وضع لبنان معلَّق على انتخاب الرئيس أولاً، وبعد ذلك اختيار الحكومة وبعد ذلك إقرار خطة إنقاذية، بغير هذا الطريق من الصعب أن نرتفع من هذه الهاوية التي فيها لبنان. كيف يمكن أن نختار هذا الرئيس؟ لا يمكن اختيار رئيس تحدٍّ ولا يمكن أن يكون الرئيس تابعاً لأمريكا بأوامرها، يُفترض أن يكون الرئيس منسجم مع القوى الموجودة في لبنان والممثلة بالمجلس النيابي والتي تُعبِّر عن قناعات الناس. هذه القوى متفرقة جداً ولا تُجمع على رأي، لكن نحن ندعوهم إلى إجراء اتفاق على رئيس يجمع أكبر عدد ممكن من الكتل ولا يكون هذا الرئيس محسوباً بشكل مباشر على فريق فيه تحدٍّ للآخرين، بإمكاننا أن نصل إلى هذا الخيار إذا تحاورنا وتناقشنا. الرئيس يجب أن يكونَ وطنياً لا يقبل بالسيطرة الأجنبية على لبنان ولا يكون مؤتمراً بأوامر أمريكا في لبنان، هذا الرئيس يجب أن ينهض بالاقتصاد وأن يوافق على خطة إنقاذ وأن يساعد عليها، وأن يراعي حقوق الناس وحقوق المودعين والشأن الاجتماعي لنعمل سوياً على النهضة بواقع لبنان الاقتصادي تمهيداً لمعالجة الأمور المختلفة.
الكلمة السياسية التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في تأبين فقيد الجهاد والمقاومة الحاج بلال المقداد في بيروت - 09-11-2022م،