نحتاج إلى الوحدة في مواجهة أعداء الله تعالى، نحتاج إلى الوحدة في مواجهة أعدائنا الذين يكيدون لنا في كل يوم ويعبثون في مجتمعاتنا في كل يوم ويضيقون علينا في كل البلدان، نحتاج إلى الوحدة من أجل أن نحرِّر أرضنا من العدو الإسرائيلي الذي لا يميِّز بين أحد منا ويعتدي على الجميع من دون استثناء. نحن اليوم في الموقع الذي نتحمل فيه هذه المسؤولية رغم عبث العابثين ومحاولات التفرقة في السنوات السابقة وإثارة الفتن بين المسلمين السنة والشيعة في بلدان مختلفة وفي لبنان وفلسطين وفي كل مكان، لقد استطعنا بحمد الله تعالى ببركة عملكم وجهادكم وجهاد المؤمنين الصادقين من العلماء المخلصين أن نتجاوز الكثير من العقبات والفتن خلال المرحلة السابقة.
اليوم من المهم أن نستفيد من توجيهات الإمام الخميني (قده) الذي أحدث هذا الزلزال الإسلامي الأصيل في الربع الأخير من القرن العشرين، وهو الذي عمل ليل نهار لتثبيت هذه الوحدة، ومن أقواله: إن هدفنا من وبالفعل وجدنا أنه من خلال السير على هذا المنهج حققنا الكثير واستطعنا أن ننجح في مواجهة الفتن. ففي لبنان أثيرت الفتنة المذهبية مرارًا وتكرارًا بأشكال مختلفة خلال العقود السابقة، وكنا دائما نتصدى لها بالصبر وبالعفو والتسامح، ونتصدى بمد اليد للآخرين وبتقديم التنازلات في المناصب والمواقع والواقع السياسي، وكذلك على إثارة بعض العنوانين التي تمس مقدسات الطرف الآخر؛ كل هذا كنا نتصدى له ونحن مؤمنون أن التصدي للفتنة هو الطريق الصحيح لإثبات الوحدة على المستوى العملي، لأنه لا يكفي أن يكون هناك نظريات وكلام وبعض الإجتماعات عن الوحدة الإسلامية، المهم عندما ننزل إلى الشارع وعندما نكون بين الناس وتحصل الحوادث كيف نواجه ونتصرف.
قالوا عنا بأننا جبنَّا في أحداث خلدة ولكن كنا في أعلى درجة قوة عندما منعنا ردات الفعل التي يمكن أن تؤدي إلى فتنة بين السنة والشيعة حتى ولو تكلم الكثيرون، انتم تعرفون أنه لا تنقص حزب الله القوة لمواجهة هذه الجماعة أو تلك، لكنَّ قوتنا الحقيقية هي في مواجهتنا لأعداءنا وليس لإخواننا، فإذا أخطأوا فهناك طريق للعلاج ولو طالت وكانت معقدة، لكن أي ربح في الفتنة هو خسارة كبرى وأي ربح في وأد الفتنة هو مكسب كبير ستكون نتائجه فيما بعد وسنحصل عليها بشكل مباشر وقد حصلنا عليها.
من سنة 2019 والفتن تتنقل من أجل جرِّنا إلى مشاكل فرعية وجانبية وكنا نتصدى لها ونمتنع وننسحب حتى ولو قالوا ما قالوا عنا، ولكن كان الجميع يلمس أننا ربحنا أرباحاً طائلة بالخروج من الفتن المختلفة ورَبِح الجميع من دون استثناء.
اليوم لدينا عنوان عظيم من عناوين الوحدة هو المقاومة، أشرف عنوان للوحدة اليوم هو المقاومة ضد العدو الإسرائيلي المغتصب والمجرم. هذه المقاومة لا تميِّز بين سني وشيعي، بل لا تميِّز في منطقتنا بين مسلم ومسيحي على مستوى لبنان وفلسطين وكل المقاومة في المنطقة. هذه المقاومة هي عنوان وحدة حقيقية؛ لأنَّ أخوة السلاح يقاتلون معاً وإخوة الإيمان يتشاركون في العطاءات والتضحيات والدماء وإخوة الارتباط بالنبي محمد (ص) لا يرون أمامهم وأمام بنادقهم إلا العدو الإسرائيلي بينما يؤازرهم إخوانهم ويسيرون معا في درب الجهاد والمقاومة قربة إلى الله تعالى لتحرير الأرض وألأغنسان م ولو كره الكافرون
إسرائيل هذه هي عدو الإنسانية وهي عدو المسلمين وعدو المسيحيين في لبنان والمنطقة. هذه المقاومة أدت تجربتها وأذكر فرع من فروع المقاومة الموجودة في المنطقة هو حزب الله، خلال أربعين سنة كان حزب الله حاضرا في الميدان بأولوية المقاومة على ما عداها أي أولوية الوحدة على ما عداها، أي أولوية مواجهة العدو على ما عداه، وبالتالي لا محل في أداءه لا للفتن ولا للمؤامرات ولا للتسويات على حساب الأرض والمستقبل وحساب الأجيال، ولا قبول أن نكون جزءا من بازار سياسي يقوم به حكام المنطقة على حساب إسرائيل. وجهتنا المقاومة وقد أثبتت أنها حققت نجاحات وانتصارات في الميادين المختلفة؛ أبرزها تحرير الأراضي اللبنانية في سنة 2000 من العدو الإسرائيلي، ففي الوقت الذي لم تستطع فيه الدبلوماسية والتحركات السياسية أن تزحزح إسرائيل شبرا واحدا إن لم أقل أنها كانت غطاءاً لإسرائيل.
المقاومة حررت وهذا كالشمس واضح أمام الجميع، فليقل لنا المعترضون على المقاومة ماذا فعلوا وماذا قدموا في مواجهة إسرائيل؟! ألا يقولون أن إسرائيل عدو، قولوا لنا كيف تواجهون هذا العدو؟! نحن لا نسمع منهم حتى كلمة إدانة، ولا نسمع منهم كلمة اعتراض، بل يتجنبون الحديث عنه كي لا يبتلون بموقف لا يريدونه. ما يهمنا هو أننا في المسار الصحيح؛ نحن مقاومة وسنستمر في المقاومة بكل ما تعنيه من وحدة وعطاءات.
في الفترة الأخيرة كنا امام قضية مركزية أساسية تعني لبنان الوطن لاستخراج النفط والغاز كحق طبيعي للبنان ومن أجل معالجة شؤوننا الإجتماعية والاقتصادية ، فلولا أن مؤسسات الدولة والرؤساء الثلاثة في عهد الرئيس عون بالإضافة إلى تهديدات المقاومة التي كانت جاهزة لأصعب الخيارات في حماية هذا الحق، وهذا ما أضاف إلى الوحدة قوة حقيقية في مواجهة العدو الإسرائيلي وأطماعه. قد رأى الجميع كيف كانت قوة الموقف الموحد وقوة الدبلوماسية في التفاوض غير المباشر، وكيف كانت قوة المقاومة بجهوزيتها، وكيف تجلت ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، حيث كان هذا الالتفاف الكبير حول الدولة من أجل تحصيل الحقوق.
لذا إنجاز استرداد الحقوق النفطية والغازية من بحرنا الذي سيتم إن شاء الله بعد التوقيع هو إنجاز لكل هؤلاء الذين ساهموا وقدموا وضحوا، وهو إنجاز أيضاً لمن أحبه حتى ولو لم يقدم أي مساهمة، وهو إنجاز لكل لبناني على هذه الأرض وللأجيال القادمة، لأن ما تحقق هو كرامة وعزة ووحدة وهذه من نتائج توحيد الموقف.
نحن الآن مقبلون على انتخاب رئيس جمهورية ومن الضروري أن يحصل هذا الأمر في الموعد الدستوري، ولكن ليكن واضحا لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى ولو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس للبنان يطمئن ويحسن الإدارة ولا يكون منحازا ولا يأتي بلغة التحدي أو المواجهة. تشكيلة المجلس النيابي متنوعة بطريقة لا تسمح بحصول هذا الاستحقاق إلا بالاتفاق. نحن ندعو إلى الحوار والنقاش للوصول إلى الخيارات المعقولة.