* غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. تاهت إسرائيل وهي تُلملم جراحها خلال انسحابها الذليل عام ألفين، كابرت وتلعثمت إلى أن سلّمت، زادها مرارةً ما أطلقه السيّد حسن نصرالله في يوم التحرير واللهِ بالتشديد على كَسْر الهاء، "واللهِ إنّ إسرائيل هذه هي أوهن من بيت العنكبوت"، بات شعاراً مركزياً لأمّة المقاومة محفوراً في التاريخ، لم يكن مجرّد كلمةٍ هامشيةٍ. حرب تموز عام 2006 كانت إثباتاً وأكثر، معركة سيف القدس عام 2021 كانت تثبيتاً وأكثر.
حزب الله المقاومة انبثق قبل أربعين عاماً بإمكانات الحد الأدنى ولكن بإيمان الحد الأقصى، انتعش بجيلٍ شابٍ ثوريٍ وروحٍ قتاليةٍ عنيدةٍ بحاضنة الحد الأدنى سياسياً ولكن بشجاعة الحد الأقصى ميدانياً. عاش عنةً شديدٍ مع أفكار الحد الأدنى من التسامح وبالغدر، ولكن بتركيز الحد الأقصى روحياً وذهنياً. واجه الاحتلال ومنافقيه بأمن الحد الأدنى داخلياً ولكن بأمان الحد الأقصى من خُلَّص الحلفاء وما تيسّر لهم داخلياً وخارجياً.
ما بعد ما بعد حيفا معادلةٌ دخلت التاريخ في صياغتها وأهدافها وزمانها، ما بعد ما بعد كاريش أدخلت حزب الله منظومة الفاعل العربي والرادع الاقليمي، كأنّ حكاية "ما بعد ما بعد" هذه ستغدو أدباً سياسياً واستراتيجياً وربّما حتى ثقافياً، هكذا نأمل.
المقاومة ما بعد انتصارات البر تحلّ اليوم ما بعد البحر، فمتى ما بعد ما بعد الجو؟ إلا إذا بلغتها هذه المقاومة ولا تعلن، وحينذاك قد تُصاب إسرائيل بفوبيا ما بعد ما بعد البر والبحر والجو.
المقاومة ما بعد السياسة الداخلية ومطبّاتها وإنجازاتها الميدانية في جوارها ترسّخ اليوم حقيقةً فكريةً في ما بعد ما بعد الانتصارات بدحر الإرهاب والمُنظّرين له. إسرائيل حليفة أنظمة التطبيع التتبيع وغطاء التكفيريين ورعاتهم المنفّرين قد تُصاب بهستيريا العجز أمام المقاومة في معارك ما بين الحروب عسكرياً وحروبها الترهيبية والنفسية والإعلامية الممنهجة والمموّلة بسخاء الجاهل أو الغافل استراتيجياً.
حزب الله المقاومة في الأربعين عرفناه قبل الأربعين وخلالها، فماذا بعد الأربعين من أولوياتٍ؟ وماذا ما بعد ما بعد الأربعين من استراتيجيات؟ ليس تنجيماً كما يستخدم المصطلح صاحب الأربعين سماحته، بل هو تحديدٌ لأهدافٍ قد تعني الوجود والهوية والمستقبل والشرعية.
حزب الله المقاومة يتنفّس فلسطين ويتنشّق القدس عقيدةً قبل أن تكون مسؤوليةً، فماذا حولها في الأربعين من مخططات وماذا ما بعد ما بعد غرف العمليات المشتركة المقاومة من خيارات واستراتيجيات؟
حزب الله المقاومة أعطى حلفاءه السابقين بالعطاء النصرة الميدانية والثقة العملية، فماذا يواجه مع الحلفاء في الأربعين من تحدياتٍ وماذا ما بعد ما بعد الجوار والاقليم دولياً من تحالفات؟
في الأربعين أسئلة المقاومة والردع بدقةٍ، أسئلة لبنان والسياسة، الفكر والهوية والمختلف، أسئلة فلسطين والفصائل وسوريا والعرب، أسئلة إيران وروسيا والاقليم والعالم، أسئلة حزب الله التنظيم والآفاق.
قبل الثلاثين غدروا بالمؤسّس النقّي العباس الأمين، خلال الثلاثين حاروا مع النموذج الرمز الحسن الأمين، أما نحن فلا حيرةً أبداً، لا عند الانتخاب قبل الثلاثين وخلالها، ولا ما بعد الثلاثين ومحطّاتها، ولا ما بعد ما بعد الثلاثين واستحقاقاتها. وفي حوار الأربعين أسئلة الحاضر وتساؤلات الآفاق لما بعد ما بعد الأربعين.
صاحب الأربعين والثلاثين سماحة السيّد حسن نصرالله، شكراً للأربعين، لوقتكم ما بعد ما بعد الثمين، مساء الخير سيّدي العزيز.
* السيّد نصرالله: أهلاً وسهلاً بك، يا هلا.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد نحن سنتناول خمسة محاور، المقاومة والردع، لبنان الفكر والسياسة والهوية والمختلف، حزب الله وفلسطين وإيران وسوريا، حزب الله والعالم العربي والاقليم والعالم، السيّد نصرالله حزب الله التنظيم والمستقبل. آمل أن يسعفنا الوقت.
أبدأ من الردع مباشرةً لأننا معنيون بشكل كبير خلال الفترة الكبيرة بردعكم أم بعد ما بعد كاريش، انطلق حزب الله كحركة مقاومة مسلّحة مع غزو لبنان عام 82، ما هو مفهوم حزب الله للردع، وعلى مدى العقود الماضية ما هي أهم المحطّات التي أثبت فيها حزب الله =الردع الناجز للاحتلال؟
* السيّد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً أهلاً وسهلاً بك، يعطيكم العافية.
في البدايات، لنقل من 1982 لم يكن هناك، أتكلّم عن المصداق ثمّ أصل إلى المفهوم، لم يكن هناك ما يردع العدو الإسرائيلي من اجتياح لبنان، وقبل الاجتياح لم يكن هناك ما يردع العدو الإسرائيلي من تنفيذ عدوان مُتكرّر على لبنان، من 48 لل82 الاجتياح الكبير تاريخ من الاعتداءات الإسرائيلية، في المنطقة الحدودية كان يدخل إلى البلدات الجنوبية، يقتل، يفجّر المنازل، يرتكب المجازر، المجازر عندنا من 48 و49، يخطف الناس، يخطف حتى رجال قوى الأمن الداخلي اللبناني، وصولاً إلى ما قبل 82 وغاراته على بيروت العاصمة، على أبنية في العاصمة، على أيّ مكان في لبنان. بكل بساطة كان لبنان مُستباحاً، جواً وبحراً وبراً، وكان الذروة في الاستباحة هو عام 1982 عندما شنّ الاجتياح الكبير جداً وأراد أن يُدخل لبنان في العصر الإسرائيلي، كما قيل في ذلك الوقت إن لبنان دخل في العصر الإسرائيلي.
أنا أعتقد بدايات الردع بدأت، طالما نتحدّث عن الردع، بدايات الردع بدأت عام 1984-1985 عندما اضطُرّ العدو الإسرائيلي مُبكّراً إلى الانسحاب من كثير من المناطق التي احتلّها، تتذكّر إلى ال85 تقريباً كان قد انسحب من بيروت العاصمة، الضواحي، جبل لبنان، صيدا، صور، نبطية، البقاع الغربي، راشيا، طبعاً هذا الانسحاب حصل نتيجة مجموعة كبيرة من العمليات كمّاً ونوعاً كانت عمليات رائعة، العمليات الاستشهادية ضخمة والتي نفّذها مقاومون ينتمون إلى أحزاب وفصائل مختلفة ومتنوّعة اجتمعت على خيار المقاومة، وصولاً وانكفأ إلى الشريط الحدودي المحتل واختبأ خلف الجبال العالية المسيطرة على كل المنطقة، اختبأ طبعاً، وهو تعاطى مع الشريط الحدودي كحزام أمني، يعني حزام أمني لمنع المقاومين اللبنانيين أو الفلسطينيين من الدخول إلى داخل فلسطين المحتلّة. هنا بدأ الردع، عندما أدرك العدو الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يدخل إلى أرض لبنانية ويبقى فيها، خلاص فكرة الاحتلال أخرجها من رأسه، هذا أول نتيجة وأول ردع.
* غسان بن جدو: ردعٌ مشترك، حزب الله والمقاومة.
* السيّد نصرالله: هذا طبعاً إنجاز كل المقاومين، ليس إنجاز حزب الله وحده، كل حركات المقاومة التي نفّذت عمليات استشهادية، كل حركات المقاومة، طبعاً شارك لبنانيون وفلسطينيون في تلك المرحلة التي نفّذت عمليات مختلفة وعلى امتداد أماكن الاحتلال، طبعاً أنا لا أدخل في الأسماء حتى لا أذكر بعضها وأنسى البعض الآخر لأن الحمد لله كان العدد جيّداً من الأحزاب والتنظيمات والفصائل التي شاركت ومن ضمنها كان حزب الله.
المرحلة الثانية في الردع بدأت عندما كان العدو الإسرائيلي يحاول، بعد ال85، وردّاً على العمليات التي كانت تنفّذها فصائل المقاومة في محاولة تقدّم إلى قرى ويواجه مواجهة عنيفة جداً من قِبَل المقاومين، هنا تغيّر المشهد الذي تحدّثت عنه في آخر خطاب مع وزير الحرب الإسرائيلي، أنه انتهى الزمن الذي تأتي به إلى صور وصيدا وبيروت، أنت لا تستطيع أن تدخل حتى إلى قرانا الأمامية بسهولة أو ببساطة. فكان فعل المقاومة وإرادة المقاومة في القرى الأمامية، وهناك تجارب حصلت بين 85 و2000، على سبيل المثال تجربة ميدون كان هناك قتال عنيف وقاسٍ جداً، يعني مابين عشرين مقاوم وأغلبهم استُشهد في تلك المعركة مع كتيبتين أو ثلاث كتائب من قوات النخبة الإسرائيلية، هنا أيضاً بات عنده ردع، كي في وعيه، أن إمكانية تقدّم الاحتلال بلدات جديدة ومناطق جديدة في الأراضي اللبنانية هذا غير مُتاح.
إلى أن وصلنا ل93 هذه الخطوة الثالثة برأيي أنا، عندما صار تفاهم تموز الشفهي، "الجنتلمان"، لأنه كان دائماً العدو الإسرائيلي يردّ على عمليات المقاومة التي كانت تستهدف مواقعه الأمامية أو كانت تجري في عمق الشريط الحدودي المحتل بقصف القرى والبلدات، ونحن ما زلنا نذكر حتى الآن ما كانت تقوم به المواقع الإسرائيلية ومواقع جيش أنطوان لحد، مواقع العملاء من قصف على القرى الأمامية وحتى على المدن، لطالما قُصفَت مدينة صيدا، لطالما قُصفَت مدينة النبطية، حتى الآن أنا لا تغيب عن بالي صوَر الأطفال الذين قُطّعَت رؤوسهم بقصف جماعة أنطوان لحد في صيدا والنبطية. على كل حال كنّا نحتاج إلى أن نمنعه من استهداف القرى والبلدات والمدنيين، وكان يفعل ذلك ردّاً على عمليات عسكرية تستهدف العسكريين لا المستعمرات.
الأمر بدأ في 1992 يعني كما ذكرتم في الحلقات أثناء تشييع جنازة سيّد شهداء المقاومة الإسلامية السيّد عباس الموسوي والسيّدة أم ياسر ونجلهما حسين، كنا في التشييع في النبي شيت وحصلت مواجهة في كفرا ياطر وكانت عنيفة جداً، فقام بقصف القرى والبلدات كالمعتاد وكانت المرة الأولى التي تقوم بها المقاومة الاإسلامية بقصف المستعمرات بالكاتيوشا ردّاً على استهداف القرى والبلدات اللبنانية. هذا الأمر طوّر من 92 إلى تموز ال93 لأنه أخذ وقته، ففي مواجهة 93 وصلنا إلى تفاهم يقول لكي يتم تجنيب المستعمرات قصف الكاتيوشا على العدو أن يتوقّف عن قصف الأهداف المدنية في لبنان وكانت نتيجة جيّدة، يعني من 93 ل96 حصل ردع عال، وحصلت بعض الخروقات.
في 96 وبسبب الاعتداء على المدنيين كانت مواجهة ما سمّاه العدو بعناقيد الغضب، نحن نسمّيها عدوان نيسان 1996 التي انتهت إلى تفاهم نيسان الذي ثبّت تفاهم تموز خطّياً وأنشأ له لجنة مراقبة. إلى أن وصلنا إلى الألفين، أنا دائماً أقول تفاهم نيسان 96 أسّس لانتصار عام ألفين.
إلى هنا تمام، يعني وصلنا إلى عام 2000 عندنا عدّة عناوين للردع، واحد أنت لا يمكن أن تجتاح كما كنت تفعل في السابق، ثانياً لا يمكنك أن تتقدّم حتى إلى داخل القرى من دون مواجهة ومقاومة، لا يعني أنه لا يتقدّم، في حرب تموز عاد ودخل إلى مارون الراس ولكن بعد معارك عنيفة، ثالثاً لا تستطيع أن تقصف أهدافاً مدنية في لبنان من دون أن تلقى الرد على المستعمرات وأهداف مشابهة في شمال فلسطين المحتلة.
هذا الأمر استمرّ لحرب تموز، حرب تموز واضح ما جرى بها..
* غسان بن جدو: تعتبرها ردعاً؟
* السيّد نصرالله: طبعاً، نتيجة حرب تموز هو أدرك أنه خلاص، يعني المواجهة مع المقاومة في لبنان هي مواجهة خطيرة وكبيرة، وقُدرات المقاومة أصبحت تتجاوز المواجهة على الشريط الحدودي أو المستعمرات بعمق عشرين كيلومتراً أو أربعين كيلومتراً، وإنّما تمتد إلى الشمال وإلى الوسط، وهو كان يفهم جيداً قدرات المقاومة عندما تحدّثنا عن حيفا وما بعد حيفا، يعني على الوسط، وما بعد ما بعد حيفا يعني تل أبيب وما بعدها، هذا كان وقتذاك "ما بعد ما بعد". حرب تموز خلاص أسّست لمعادلة، ولذلك من حرب تموز لليوم، من 2006 إلى الآن 2022..
* غسان بن جدو: بين 2006 و2022 لا توجد معادلات ردع جديدة؟
* السيّد نصرالله: ردع فعّال، يعني لم تحصل أيّ غارة إسرائيلية، حصلت غارة وحيدة قبل سنوات على نقطة حدودية مُلتبسة بين لبنان وسوريا ومع ذلك قمنا بالرد عليها في مزارع شبعا لأنها كانت نقطة عسكرية، حصلت إذا تذكر قبل مدّة قام بغارتين جويّتين على مناطق فلوات ومع ذلك قمنا بقصف المواقع الإسرائيلية في منطقة مزارع شبعا رداً.
أما على مدى كل السنوات من 2006 إلى اليوم العدو الإسرائيلي ينتبه جيّداً لأيّ عمل يمكن أن يقوم به في لبنان لأنه سيكون له رد، هذا يعني الردع، لذلك هو يلجأ إلى أعمال أمنية لا تترك بصمة، يعني لا تترك دليلاً إذا خرج حزب الله للرد فسيُقال له مَن قال إن هذا العمل قام به العدو الإسرائيلي؟ إذاً هذا الردع الذي حصل إلى اليوم.
اليوم من 2006 إلى اليوم لبنان محمي في مواجهة العدوان الإسرائيلي، لذلك أنت يمكنك أن ترى قبل ال2000 تماماً وماذا اليوم، عندنا استثناء حرب تموز حين حصلت الحرب، نريد أن نتسامح من 2000 إلى 2006، من 2006 إلى اليوم لبنان الكل يعرف أمناً وأماناً لا يجرؤ العدو على القيام بأي عدوان أو غارات جوية أو استهدافات عسكرية أو ما شاكل، ما هو تفسيره؟ العدو يعترف، نحن لا نحتاج إلى شهادة من الحقودين والحسودين، العدو يعترف أن هناك توازناً رادعاً.
* غسان بن جدو: لكن عام 2007 و2008 للمرة الأولى عندما تهدّدون بأنكم سوف تضربون، إذا ضُرب لبنان، إذا ضُرب مطار الرئيس رفيق الحريري ستضربون بن غوريون، إذا ضُربَت أبنية ستضربون أبنية، أليست معادلة ردع؟
* السيّد نصرالله: بلى، هذا تبنٍ لمعادلة تموز، معادلة تموز قالت إننا نملك قدرة ردع ونحن نرد، وحتى لو كانت حرباً، ما بعدها سنذهب إلى التفصيل، يعني نبرز بعض جوانب ما يخدم هذه المعادلة.
* غسان بن جدو: ولكنها ليست معادلة كبرى؟
* السيّد نصرالله: بلى، مثلاً عندما كنا نقول إذا نفّذتم حصاراً على شواطئ لبنان سنضرب السفن الآتية إلى شواطئ فلسطين المحتلة، هنا ندخل إلى تفاصيل المعادلة الكبرى التي أسّست لها حرب تموز.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد قبل أن أدخل في كاريش، "واللهِ إسرائيل هي أوْهَن من بيت العنكبوت"، كيف اجترحتموها؟ كيف طلعت معكم؟
* السيّد نصرالله: هي لم تصدر بلحظتها وبالصدفة، أنا نسيت إذا كنت قد كتبتها، أنا عادةً أحضّر رؤوس أقلام، ودائماً أدعو، والآن أدع كل الخطباء أن يحترموا الناس ويحضّروا، أنا أعتبر الذي يخرج هكذا ويخطب ويحكي ما يخطر في باله لا يحترم الناس، فأنا عادة أحضّر وأكتب رؤوس أقلام، في بعض المواقف الحسّاسة أكتب نصاً، يعني ثلاثة أو أربعة أسطر، فكرة أوْه ن من بيت العنكبوت أنا كنت ناقشتها أو ذكرتها في بعض اللقاءات الداخلية في إطار نقاشنا الوضع الإسرائيلي فأنا كنت أقول لهم بالاستفادة من قوله تعالى حول بيت العنكبوت "وإنّ أوْهَن البيوت لبيت العنكبوت" فها هي إسرائيل بيت عنكبوت بدليل واحد وإثنين وثلاثة، بالدليل الذي كل العالم لاحقاً شاهدته، لكن لم أقل ذلك في خطابٍ قبل خطاب بنت جبيل. في خطاب بنت جبيل، لأنك أمام انتصار تاريخي وأمام حقيقة جديدة، وانتصار غير متوقّع في العالم العربي، يعني لم يكن أحد متوقّعاً ولا مصدّقاً أن باراك سيخرج أو سيفي بوعده بالانسحاب في تموز، هو طبعاً فُرض عليه أن يخرج في أيار، فأنا خطر في بالي أثناء الخطاب أن هذا هو الوقت المناسب لهذا التوصيف فذكرته، وأنا أعتبر هذا من توفيق الله عزّ وجلّ.
* غسان بن جدو: لا شكّ سماحة السيّد. الآن حول معادلة كاريش وما بعد كاريش، وما بعد ما بعد كاريش، أنتم في كلمتكم الأخيرة أكّدتم أنها معادلة جدية وليست حرباً نفسية، عفواً سماحة السيّد إذا أردنا تفصيلها أكثر حتى نفهم نحن ويفهم الشعب اللبناني ويفهم العرب وتفهم إسرائيل، ماذا يعني ما بعد ما بعد كاريش؟ إلى أين يمكن أن تصلوا بدقّة؟
* السيّد نصرالله: المقصود هو التالي، لأن الذي يُناقَش الآن هو كاريش، ممكن وبعض أصدقائنا في لبنان حكوا كاريش قانا، يعني كاريش مقابل قانا، أنا في الخطاب قلت المسألة أكبر من ذلك لأن هناك فرضية أن يأتي الإسرائيلي ويقول، وهذا طبعاً مُستبعَد لكن هذه فرضية قائمة، الأميركان والإسرائيليون يقولون دعونا نجمّد استخراج النفط والغاز من كاريش وخلاص لا مشكلة، هنا يكون لبنان قام بنصر معنوي أنه نعم نحن منعنا استخراج النفط والغاز من كاريش، لكن ماذا نكون قد حصّلنا؟ لا شيء، هنا قمنا بنصر معنوي فقط. الفرصة التي نتحدّث عنها الآن وأنا حكيت عن جزء منها في الخطاب وسأتحدّث عن الجزء الثاني، الفرصة هي فرصة تاريخية وذهبية، الفرصة عبارة عن أن هناك حرباً روسية أوكرانية، هناك معركة تقودها الولايات المتّحدة الأميركية، وتخوضها بالأوروبيين والأوكرانيين على حدٍ سواء، هناك جزء أساسي من المعركة إسمه تأمين بديل النفط والغاز الروسي لأوروبا، عليهم أن يحضّروا ويدخل الشتاء عندهم باكراً ليس مثل عندنا، فإذاً هم بأمسّ الحاجة لتأمين النفط والغاز البديل، وعندما نحكي إن شاء الله إن كان ضمن أسئلتكم زيارة بايدن، بايدن جاء إلى المنطقة، أنا في الخطاب قلت ولكن كنت أحتاط، طبعاً اللبنانيون بدؤوا بالتحليل والعرب أيضاً، ناتو شرق أوسطي والناتو العربي والائتلاف الكذا ضد إيران، رأينا شيئاً آخر تماماً، وهذا بين قوسين يؤكد أن كثيرين في منطقتنا يكتبون تمنّياتهم، لا يحلّلون سياسة ولا عندهم معلومات ولا يقرأون وقائع سياسية.
على كل حال، هو جاء من أجل الغاز والنفط، ومع ذلك الإضافة التي يمكن أن تقدّمها السعودية أو الإمارات أو الدول الأخرى هي لا تستطيع أن تحلّ مشكلة الحاجة الأوروبية للنفط والغاز، ولذلك هم طلبوا من الإسرائيليين الاستعجال بكاريش. قبل أسابيع أيضاً تم اتفاق في مصر بين الإسرائيليين والمصريين والأوروبيين من أجل تصدير الغاز الإسرائيلي، إذاً أول نقطة هي الحاجة الملحّة، حاجة أميركية غربية إسرائيلية، أميركا تريد نفطاً وغازاً لأوروبا، أوروبا تحتاج لنفط وغاز، وبالنسبة لإسرائيل هذه فرصتها أن تبيع بهذا الحجم الهائل.
النقطة الثانية التي لم أتكلّم عنها في المرة الماضية، على كل حال هي تقدير، أنّ أميركا وبايدن الذي أولويّته الآن مواجهة روسيا في أوكرانيا هو لا يريد حرباً أخرى في المنطقة، ولذلك هو يريد تمديد الهدنة في اليمن، هو باع على الفلسطينيين أنه تدخّل وأوقف المعركة في سيف القدس وفرض على نتنياهو أن تقف المعركة، إذاً يوجد تقدير يقول إنه لا يريد الآن حرباً في المنطقة، اللغة تجاه إيران في زيارة بايدن لم تكن لغة حربية، على كل حال هنا يصبح علينا التحليل وهذا بحث لوحده. فإذاً هناك فرصتان، فرصة الحاجة الأميركية الأوربية الإسرائيلية في موضوع استخراج الغاز والنفط وتأمين البديل، وثانياً يوجد أنهم لا يريدون حرباً أخرى يمكن أن تؤدّي إلى انفجار كبير في المنطقة، أيضاً هذه نقطة يمكن أن نستفيد منها، من أجل أن يحصل لبنان على حقوقه. هذه الفرصة، هذه اللحظة التي نسمّيها اللحظة التاريخية أو الفرصة الذهبية.
ممكن هو يضيّع منّا هذه الفرصة أنه أنا أوقفت استخراج النفط في كاريش، نحن لا نريد أن نضيّع هذه الفرصة، ولذلك أنا قلت في الخطاب الأخير إن الموضوع ليس كاريش قانا، الموضوع كل حقول النفط والغاز المنهوبة من قِبَل إسرائيل في المياه الفلسطينية، لأن هذا التوصيف الدقيق، كل حقول النفط والغاز الموجودة على الشواطئ أو السواحل الفلسطينية المحتلة في مقابل حقوق لبنان في ترسيم الحدود وفي استخراج النفط والغاز، هذه مقابل تلك، لم يعد الموضوع قانا مقابل كاريش.
هنا لماذا أريد التأكيد على الفرصة؟ منذ أن تبيّن أن في البحر المتوسّط يوجد غاز ونفط وبدأ الحديث أنه استخراج في لبنان وفي فلسطين، ومصر وقبرص ويونان وتركيا وإلى آخره، الأميركان أدخلوا لبنان في دوّامة مفاوضات، علينا أن نجري ترسيم حدود بحرية، مَن يستطيع الترسيم أو يكون الوسيط؟ دخل الأميركي كوسيط، لبنان من وقتذاك وهو يفاوض وإسرائيل تستكشف وتنقّب وتحفر، أنظر مثلاً بعض الثغرات عندنا في لبنان، حتى بعض السياسيين والإعلاميين أنا سمعتهم خلال تلك الفترة، يوجد ضعف بالمعلومات وأحياناً لا جهد للعالم لتجمع معلومات وتحسّن ثقافتها، إلى الآن يقول لك سفينة الحفر والتنقيب، عن هذه السفينة، وهم الجماعة أنهوا منذ زمن، استكشفوا في كاريش وحفروا ونقّبوا، وبات عندهم عدد من الآبار الموجودة هناك وهذه السفينة جاءت من أجل الاستخراج، يعني المرحلة الأخيرة. حسناً، العدو الإسرائيلي حفر ونقّب واستكشف والآن جاء ليستخرج ونحن لا زلنا نفاوض حدود لبنان البحرية أين تقع؟ ومُنعَت، أميركا وإسرائيل والغرب منعوا كل الشركات التي التزمت وأخذت التزامات بالاستكشاف والتنقيب والحفر والاستخراج في لبنان من القيام بأيّ خطوة قبل ترسيم الحدود البحرية، يعني بالعامية عليك خير، عشر سنوات وعشرون سنة… وهذا طبعاً كان ضغطاً على الدولة اللبنانية لتقبل بخط هوف أو بالطرح الإسرائيلي بترسيم الحدود.
اليوم عندنا فرصة أن لا، ما تريده الدولة اللبنانية، أعود هنا أؤكّد وأقول ليس ما يريده حزب الله، لأننا لا علاقة لنا في ترسيم الحدود البحرية، ما تريده الدولة اللبنانية، عندها فرصة تاريخية أن تحصل عليها الآن الآن وليس غداً، فقط، إذا هذه الفرصة ضاعت غير معلوم.. إذاً ما هي المعادلة التي نتحدّث عنها؟ هذه الحدود، ترسيم الحدود البحرية وكل البلوكات التابعة لنا في لبنان واستخراج النفط والغاز ومجيء الشركات الممنوعة والمهدّدة بالعقوبات لتعمل في لبنان مقابل استخراج النفط من كاريش ومن ما بعد كاريش ومن ما بعد ما بعد كاريش يعني كل الحقول. أنا لم أستخدم أسماء لأنه عندما أحضرت اللائحة قبل الخطاب وجدتها لائحة طويلة، لكن الأسماء مُتداولة ومعروفة، أسماء الحقول الأخرى.
* غسان بن جدو: كل الحقول الإسرائيلية مهدّدة سماحة السيد؟
* السيّد نصرالله: نحن كل الحقول في دائرة تهديد، والاخوان أجروا تصنيفاً، طبعاً الإحداثيات كلها موجودة عندنا بالضبط أين تقع، الحقول التي تستخرج الآن وتبيع، توجد حقول لا يزالون يشتغلون بها حفر وتنقيب، وتوجد حقول مُجمّدة يعني هم عندهم أولويات، الاخوان عملوا تصنيفاً بالأسماء والإحداثيات، ونحن لدينا القدرة، وهذا لا أبالغ به لأن هذا ليس كلاماً جديداً حتى يُقال أننا نهدّد الآن، لا هذا كلام قديم، نحن سواءً في البحر أو في البر أي هدف، بتعبير آخر لا يوجد هدف إسرائيلي في البر أو في البحر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة.
* غسان بن جدو: هل أفهم سماحة السيّد أن كل الحقول من دون استثناء المُستخرَجة الآن والمجمّدة كلها في دائرة تهديد حزب الله؟
* السيّد نصرالله: كلها في دائرة تهديد.
* غسان بن جدو: هل هو مجرّد تهديد؟ أو ممكن أن نصل إلى الفعل؟
* السيّد نصرالله: لا، هذا الأمر سواءً ما يرتبط بكاريش وما بعدها متوقّف الآن على قرار العدو، العدو كيف سيتصرّف، العدو الإسرائيلي ومعه الولايات المتّحدة الأميركية، لأن هذا الموضوع ليس قرار إسرائيل لوحدها، هذا الآن إسرائيلي أميركي أوروبي، والموضوع يعني الأوروبيين ويعني الأميركان ويعني الإسرائيليين أيضاً. هو كيف يتصرّف؟ نحن لا نتحدّث الآن لا بتحرير المياه الفلسطينية ولا نقول له هذا نفط فلسطيني وغاز فلسطيني وأعِده للشعب الفلسطيني، الدولة اللبنانية تتحدّث عن ترسيم حدود لبنانية مع فلسطين المحتلة، يعني الحدود البحرية، تتكلّم عن حق لبنان وليس عن حق حزب الله في النفط والغاز واستخراج النفط والغاز، وكما قيل نعم الدولة اللبنانية من خلال ما طلبته مؤخّراً بمعزل نحن نتبنّى أو لا، نحن لا ندخل في هذا الموضوع، ما طلبته من الوسيط الأميركي قدّمت تنازلاً كبيراً ومعروفاً في البلد..
* غسان بن جدو: وهو؟
* السيّد نصرالله: عندما تكلّموا عن خط 23+، وهذا معروف في البلد، عملياً لبنان الرسمي لنقل قدّم عرضاً ينبغي ألا يرفضه العدو ولا الأميركي، الآن مفترض أن المسؤولين في لبنان ينتظرون جواباً على هذا العرض. على ضوء الجواب الإسرائيلي وقتذاك يُقرَّر الموقف، لكن الموضوع الآن الكرة ليست في ملعب لبنان، لبنان هو المُعتدى عليه، لبنان هو الممنوع من استخراج النفط والغاز في المنطقة حتى في المنطقة التي هي حقّه يعني التي لا نقاش بها، مفترض أنها غير مُتنازع عليها.
* غسان بن جدو: يعني إذا إسرائيل الآن قبلت ومعها الولايات المتّحدة الأميركية بهذا الخط الذي اقترحه الجانب اللبناني وفي المقابل بدأ الإسرائيلي في استخراج نفطه أو غازه من هناك، نفط فلسطين المحتلّة، فليست لديكم مشكلة في هذا الأمر؟ يعطوكم الحدود ويبدأ بالاستخراج.
* السيّد نصرالله: لا ليس الحدود فقط، الحدود التي تريدها الدولة اللبنانية، يعني أيّ خط الآن، هم بماذا يقبلون نحن لا علاقة لنا بالموضوع، الحدود التي تطلبها الدولة اللبنانية، وثانياً رفع الفيتو والمَنْع والتهديد للشركات، شركة توتال الفرنسية، وشركات إيطالية وروسية، يوجد ائتلاف شركات، لأنهم ممنوعون من العمل هنا، عليه رفع المنع وقتذاك تقول الدولة اللبنانية نعم هؤلاء أبلغونا أنهم سيحضرون للعمل، وقتذاك نعتبر أن الموضع قد عولِج.
* غسان بن جدو: يعني لا توجد لدينا ساعة صفر. يعني من هنا لذلك الوقت لا توجد ساعة صفر للإسرائيلي …
* السيّد نصرالله: نحن الوقت ليس مفتوحاً، الوقت هو لأيلول، لماذا لأيلول؟ لست أخمّن، لأيلول لأن الإسرائيليين قالوا إنهم سيبدأون باستخراج النفط والغاز من كاريش في أيلول، إذا بدأ استخراج النفط والغاز كاريش في أيلول ولبنان كان لم يأخذ حقه بعد يعني ذهبنا إلى المشكل.
* غسان بن جدو: ماذا سنفعل؟
* السيّد نصرالله: ترى حينها، وهل سأقول الآن ماذا سنفعل؟
* غسان بن جدو: يعني يمكن أن تُضرَب منصّات إسرائيلية فعلاً؟
* السيّد نصرالله: نحن وضعنا هدفاً، وكل ما يحقّق هذا الهدف سنلجأ إليه من دون أيّ تردّد.
* غسان بن جدو: افترض سماحة السيّد، من دون تنجيم، لكن نفترض الآن أن لبنان أُعطي ذلك الخط وفي المقابل إسرائيل بدأت في الاستخراج ولكن تعطّل وتأخّر الاستخراج في لبنان حتى لو أُبلغ بوجود شركات، ماذا نفعل؟
* السيّد نصرالله: يتّضح ذلك، هذا الموضوع سيبقى في إطار المراقبة، نحن لن نقبل أن يُخدَع اللبنانيون ويتم استغشامهم.
* غسان بن جدو: ومَن سيراقب حزب الله أم الحكومة؟ التقدير لديكم أنتم.
* السيّد نصرالله: نحن معلوماتنا ستكون معلومات رسمية يعني من خلال مسؤولين في الدولة نحن نعرف أن هناك مماطلة، توجد جدية، يوجد لعب أو لا، يظهر ذلك، وأعتقد من الأسابيع الأولى سيظهر.
* غسان بن جدو: حينئذ ماذا ستفعلون؟
* السيّد نصرالله: سنعتبر أن الولايات المتّحدة الأميركية وإسرائيل تخادعان لبنان ونحن بلد لن نقبل أن نُخادَع وسنعود للمطالبة بحقّنا وللتهديد والعمل أيضاً.
* غسان بن جدو: وسيبادر حزب الله بمعزل عن موقف الحكومة.
* السيّد نصرالله: هذا موضوع، الآن يُدخلوننا في إشكالية قرار الدولة، لو أن الدولة كانت قادرة أن تأخذ قراراً في يوم من الأيام لما كان من داعٍ لتأتي المقاومة وتنوب عنها، لكن بحسب التركيبة اللبنانية الدولة اللبنانية غير قادرة بحسب كل الشواهد، من 1948 إلى اليوم، يعني الموضوع ليس موضوع 75 و76 وحرب أهلية، من 1948 إلى اليوم الدولة اللبنانية كانت عاجزة عن اتّخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وشعب لبنان وسماء وأرض ومياه وبحر وخيرات وثروات لبنان، ولذلك المقاومة مضطرّة أن تأخذ هي القرار.
* غسان بن جدو: حتى أكون دقيقاً سماحة السيّد بعد إذنكم الكريم، ما هو هدفكم بالتحديد؟ هل هدفكم أن يستخرج لبنان نفطه وغازه من أجل الشعب اللبناني؟ أم هدفكم الأساسي والاستراتيجي هو منع إسرائيل من استخراج النفط والغاز؟
* السيّد نصرالله: لا، هدفنا هو الأول، الطريق الثاني هو لخدمة الأول، وإلا اليوم مثلاً إذا يأتي غداً الأميركي ويقول ما أرادته الدولة اللبنانية أو تفاوضوا مع المسؤولين اللبنانيين وقبلوا على ترسيم الحدود وتبلّغت توتال وغيرها أنه يمكنك الاتّكال على الله، الآن يوجد حكي أن جهات أوروبية وشركات أبلغت المسؤولين اللبنانيين أن بعد ترسيم الحدود لا مشكلة، وهذا يُصدَّق لأن هذا كان يُمنَع للضغط على لبنان من أجل أن يقدّم تنازلات سيّئة في ترسيم الحدود البحرية، يعني نحن نمنعكم من استخراج النفط والغاز لتقبلوا بترسيم الحدود التي يريدها الأميركان والإسرائيلي، إذاً نحن هدفنا، نحن لم نحضر لنفتعل مشكل، في لبنان وفي العالم العربي بعض الشيء مباشرةً يركّب الملف النووي الإيراني، أن حزب الله أخذ هذا الموقف خدمة للملف النووي الإيراني.
* غسان بن جدو: لا هو أكثر الآن سماحة السيّد، أنكم جزء من الحرب الأميركية الروسية الأوكرانية.
* السيّد نصرالله: اه، هذه بعد قليل نصل إليها، يا أخي نحن نقول هدفنا أن يحصل لبنان على ترسيم مناسب للحدود البحرية وعلى حقّه في استخراج النفط والغاز، أنتم تقولون، لا يؤاخذني حزب الله في هذا التعبير، أن حزب الله كاذب فالحقوا الكاذب على باب الدار ودع أميركا وإسرائيل تقبل بترسيم الحدود التي تريدها الدولة اللبنانية وترفع الفيتو عن الشركات يظهر إن كنّا صادقين أو كاذبين، نحن هدفنا هو هذا أن لبنان يستخرج نفطاً وغازاً لأنها الطريق الوحيد لنجاة لبنان، هذا آخر الخط.
* غسان بن جدو: بكل محبّة وصراحة سماحة السيّد هل قراركم هذا ومعادلتكم هذه الجديدة الكبرى والتي يعتبرها البعض الخطيرة، هل هي من عنديّاتكم في حزب الله، أم هي منسّقة إقليمياً وحتى دولياً؟ يعني مع الحليف الإيراني والصديق الروسي.
* السيّد نصرالله: أبداً، لم تُنسَّق، هناك ناس لن تصدّق، لم تُنسَّق لا مع الاخوة السوريين ولا مع الاخوة الإيرانيين، وأنا أجزم لك عندما قلت هذا الكلام في الخطاب مضموناً وشكلاً لم يكن أحد من الاخوة الإيرانيين على علم به، وحتى في داخل لبنان هذا الأمر نوقش فقط في قيادة حزب الله ولم يتم إطلاع ومشاورة حتى حلفاءنا وأصدقاءنا عليه حتى لا نحرجهم، يعني ليست قلّة ثقة بهم لا، حتى لا يكونوا مُحرجين، حتى نحن نتحمّل مسؤولية هذا القرار لوحدنا.
* غسان بن جدو: يعني لا سوريا ولا إيران ولا روسيا.
* السيّد نصرالله: فضلاً عن روسيا، ليس بالعادة، ممكن تقول لي مع السوري بالعادة ممكن أن نتشاور، مع الإيراني، لأنه في النهاية هذا انعكاسات على كل المنطقة، لكن في هذا الأمر كان لدينا من الوضوح الشديد ومن الجدية ومن آخر الخط وانتهاء الخيارات، لم تعد هناك خيارات أمام لبنان سوى الذهاب في هذا المسار.
* غسان بن جدو: طبعاً مع احترامنا لكل الشركات توتال وغيرها الأوروبية والأميركية وغيرها، وإن كانت هي شركات تجارية، لكن في النهاية تبقى شركات محكومة بقرار سياسي والدليل على ذلك عندما بدأوا في مكان ما هنا في لبنان توقّفوا لأن القرار كان من هناك. هل يمكن أن يلجأ حزب الله أو يدفع باتّجاه شركات صديقة وليست فقط أوروبية أو غربية، إيرانية، روسية، صينية؟
* السيّد نصرالله: المشكلة ليست عندنا في هذا الأمر، المشكلة في الحكومة اللبنانية، طبعاً هذه سخافة أن حزب الله يسيطر على الحكومة اللبنانية وقرار الدولة البنانية هو من أسخف المقولات السياسية في لبنان. اليوم، مثلاً قبل أيام أستاذ جبران باسيل يقول، يوجّه خطاباً في التلفزيون لي وأنا أريد إجابته بالتلفزيون، لم تُتَح الفرصة لأجيبه، أنه إذا السيّد يتحدّث مع الإيرانيين ونُحضر فيول لمعامل الكهرباء في لبنان هذا سيؤدّي إلى عشر ساعات كذا وكذا، مجاناً، وأنا الآن أقول أنا حاضر أنا حاضر مجاناً فيول إيراني لمعامل الكهرباء اللبنانية لكن لتقل الحكومة اللبنانية إنها جاهزة لتستقبل هذه الفيول، فقط، حتى لا تأتي الفيول وتبقى مقابل الشواطئ اللبنانية ولا تجرؤ الحكومة اللبنانية على استلام الهبة، إلى هذا الحد هم لا يجرؤون، هذه الحكومة التي نحن متهمين أننا نسيطر عليها. وقصة المازوت كل الشعب اللبناني يعرف، وتعرف أنه يوم سفن المازوت أنه ممنوع، يوجد ناس في لبنان يهدّدونك بالاستقالة أنه لا يمكننا أن نحمي، مازوتاً إيرانياً أنت أحضرته، صحيح لم تُحضره مجاناً لكن أحضرته لتبيعه بسعر أقل من سعر السوق كما فعلنا، ولذلك اضطررنا وتكلّمنا مع القيادة السورية مشكورين الجماعة الذين وافقوا أن نأخذهم على بانياس ونُذخل من بانياس على لبنان، بالتأكيد لن نُحضر الفيول على بانياس ومن ثم نُدخلهم تهريباً على لبنان لأن الفيول بالنهاية ستأخذه وزارة الطاقة، لن يأخذه الشعب اللبناني، وسنواجه نفس المشكلة، يعني المشكلة ليست طريق النقل.
لذلك اليوم ممكن أن تكون هناك شركات جاهزة روسية، شرقية، إيرانية، إلى آخره، ولكن أنا أقول لك للأسف الشديد ليس هناك جرأة سياسية في لبنان على هذا الأمر نتيجة الخوف من العقوبات الأميركية على الأشخاص والعائلات.
* غسان بن جدو: لكن الآن بعد عرضكم سماحة السيّد كيف يمكن أن ترفض الحكومة؟ إذا أنتم حزب الله والتيار الوطني الحر ووزارة الطاقة تحت وصاية التيار الوطني الحر، طبعاً هو وزير في الحكومة اللبنانية، حلفاؤكم حركة أمل، حلفاء آخرون، إذا أنتم تشكّلون هذا ويقبلون من الذي سيرفض من هذه الحكومة؟ إذا أنتم ليست الحكومة فمن هم الحكومة؟ رئيس الوزراء؟
* السيّد نصرالله: ليس فقط رئيس الحكومة وآخرون أيضاً.
* غسان بن جدو: لكنهم في الحكومة هم أقلّية، مع احترامي لهم طبعاً، إذا رئيس الجمهورية سيقبل والتيّار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والمردة، مَن سيبقى؟
* السيّد نصرالله: انظر، توجد مشاكل في البلد كافية، دعنا لا نفتح مشكلاً جديداً الآن، لكن ثق تماماً أنا أعطي وعداً على التلفزيون مباشراً على الهواء، الآن رسمياً أنا تُبلغني الدولة اللبنانية أننا نقبل الفيول من إيران هدية وهبة،نحن حزب الله بعلاقتنا وصداقتنا مع إيران حاضرون أن نذهب ونُحضر كمية فيول مطلوبة تُقدَّم هبة للدولة اللبنانية، فقط ليقبلوا هم.
* غسان بن جدو: وأيضاً الأستاذ جبران باسيل فرصة له حتى يتحرّك في هذا الإطار.
نعود إلى موضوع الكلمة الأخيرة سماحة السيّد قلتم إن المقاومة أرسلت المُسيّرات الثلاث كي تُسقطها إسرائيل، في الحقيقة نحن أُصبنا بالحيرة، أنا لست خبيراً عسكرياً، وسألت خبراء عسكريين صدقاً قالوا لي لم نفهم كيف حزب الله يرسل مُسيّرات ليُسقطها العدو الإسرائيلي، ما الهدف؟
* السيّد نصرالله: نحن عندنا نوع من المُسيّرات يمكن أن تذهب وترجع من دون أن يسقطها العدو الإسرائيلي، وأريد أن أكشف ربّما للمرة الأولى أنه لطالما مُسيّراتنا دخلوا إلى منطقة الجليل وإلى شمال فلسطين المحتلة ورجعوا وذهبوا ورجعوا وذهبوا ورجعوا عشرات المرات خلال السنوات القليلة الماضية من دون أن يتمّ إسقاطها، من عدّة أيام فرح الإسرائيليون أنهم أنزلوا هذه التابعة للأعراس، هذه عادةً أيٍ كان يمكنه اقتناءها ويرفعها فوق الحدود، لكن لا نتحدّث عن مُسيّرات سابحة، تدخل وترجع وتصوّر وتُحضر صوَراً وإلى آخره.
* غسان بن جدو: لم يكتشفها أو لم يُرد إسقاطها الإسرائيلي؟
* السيّد نصرالله: لم يكتشفها، لم يستطع أن يُسقطها، طبعاً يريد إسقاطها، أكيد، لو اكتشفها لأسقطها. فبالنقاش عندما قلنا أنه سنرسل مُسيّرات صار نقاش بيني وبين الاخوان المعنيين أنه عندنا نوعان، يمكننا أن نرسل مُسيّرات تدخل وترجع، ويمكن أن نرسل مُسيّرات تذهب ولا ترجع ويظهر للعلن أن الإسرائيلي أسقطها، فأي نوع سنرسل؟ اتّفقنا أن نرسل النوع الثاني لماذا؟ لأن النوع الأول هدفه معلومات، نحن المعلومات الكافية عندنا، لا نقص عندنا بالمعلومات، والثانية تحقّق هدف المعلومات أنه يمكن أن تحصّل معلومات حتى قبل أن يضربها الإسرائيلي..
* غسان بن جدو: وحصلتم عليها؟
* السيّد نصرالله: هذا تفصيل، لكن نحن ماذا نريد أن يضربها الإسرائيلي؟ لأنه إذا أرسلناها وعادت لن تقوم بالأثر المطلوب، لن يظهر أن هناك جدية، ربّما أحداً يقول من قال أنكم أرسلتم أصلاً؟! لأنه كان هناك نقاش في لبنان أن كل الحكي الذي تحكيه المقاومة هذا حكي إعلامي وإلا المقاومة لن تفعل شيئاً ولن تجرؤ عل فعل شيء وما شاكل، والإسرائيلي يرهن على نفس المنطق لأن الأميركان والإسرائيليين عندهم مستشارون في لبنان أغبياء ويكذبون عليهم وتقديراتهم خاطئة، عندما يُقال له حزب الله وضعه محشور ووضع البلد صعب ولا يمكن أن يُقدم على خطوة من هذا النوع، نحن أولاً تريد أن نقول له سنقدم على خطوة من هذا النوع، هذه أول رسالة، الرسالة الثانية أو الهدف الثاني نحن نريد إطلاق نار هناك لكن النار نريدها من الإسرائيلي، نحن كان يمكننا أن نطلق ناراً ويمكننا أن نضرب صواريخ في السماء، يمكننا أن نضرب صواريخ على البحر بعيداً عن السفن، نحن ما فعلناه أننا جعلنا الإسرائيلي يطلق ناراً من الجو ومن البحر.
* غسان بن جدو: يعني وقع في الفخّ؟
* السيّد نصرالله: طبيعي أن يقع في الفخّ، الآن تنصحه أنه حين نرسل مُسيّرات لاحقاً لا يُسقطها حتى لا يقع في الفخّ. عملياً هو أخرج سلاح جو، أخرج F35 وF16 وأسقط واحدة، لم يستطع أن يُسقط الثانية، فاضطر أن يلجأ إلى القوّة البحرية واستخدمت صواريخ بحر جو باراك لإسقاط الثانية. أما الثالثة، لنكشف أيضاً أموراً جديدة، أما الثالثة هو لم يُسقطها أصلاً، نحن أرسلنا واحدة صغيرة تذهب إلى آخر مدى وينتهي كازها فتنزل بالبحر، هذه الثالثة هو أصلاً أضاعها ولم يُسقطها، ولذلك هم يتحدّثون عن إثنين أسقطوهما، واحدة بسلاح الجو وواحدة بصواريخ بحر جو.
إذاً كان الهدف هذه الشركة التي هي عنوانها يوناني وتبيّن أنها إسرائيلية وملّاكها إسرائيليون بين قوسين، اليوم هذه ليست سفينة يونانية لنوضّح هذا لكل العالم، هذه سفينة يملكها إسرائيليون، سفينة إسرائيلية لكنها تستخدم عنوان شركة يونانية. هؤلاء الموجودون هناك وكل الموجودين في المنطقة فهموا أنتم متواجدون في مكان غير آمن قد يتعرّض لأيّ عمل عسكري في أيّ لحظة من اللحظات والدليل المُسيّرات وسلاح الجو وصواريخ باراك، هذه هي الرسالة.
* غسان بن جدو: من فضلك سماحة السيّد، هل أرسلتم قبل ذلك مُسيّرات لاستكشاف كاريش؟
* السيّد نصرالله: لم نكن بحاجة، نحن الآن لسنا بحاجة.
* غسان بن جدو: إذاً كيف تعرفون؟ عندكم كل الإحداثيات؟
* السيّد نصرالله: نحن نملك وسائل تمكّننا من معرفة كل شيء له علاقة بالحقل وكل شيء له علاقة بالسفينة وكل شيء له علاقة بحركة القوّة البحرية والسواعر وغير السواعر الموجودة في المنطقة، طبعاً بالتأكيد عندما ترسل مُسيّرة تزيد المعطيات وتتأكّد منها أكثر، لكن إذا احتجنا إلى ذلك سنرسل، لا مشكلة بالموضوع.
* غسان بن جدو: على فكرة خلفك سماحة السيّد واحد من الأجنحة لصاروخ الذي استهدف سفينة ساعر عام 2006، هذه الموجودة بيننا.
* السيّد نصرالله: لا أعرف إن كانت ستظهر على الكاميرا أم لا، الشباب أحضروها عمداً..
* غسان بن جدو: سيحاولون أن يلتقطوها، ولكن هذا جناح من الصاروخ الذي استهدف ساعر في ذلك الوقت. سماحة السيّد هل يمكن اعتبار أن حزب الله أصبح قوةً عسكريةً بحريةً جدية؟
* السيّد نصرالله: التصنيف بهذا الشكل قد تكون فيه مبالغة، نحن لدينا، كما عندما يُحكى عن قوّة إقليمية أنا عادةً أقول أن له تأثير اقليمي لكن لا أحب المبالغات أحياناً، نحن لدينا قدرة بحرية ما لا نريد المبالغة، قدرة بحرية ما، كافية لتحقيق الردع المطلوب، وكافية لتحقيق الأهداف المنشودة، هذا القدر، كم تتصوّر حجم الموضوع يمكنك أن تتوسّع أو أن تضيّق.
* غسان بن جدو: دفاعية كلها؟
* السيّد نصرالله: لا، هجومية، دفاعية هجومية، عندما تتحدّث عن ردع تحقيق أهداف يعني دفاع وهجوم وليس فقط دفاعاً.
* غسان بن جدو: يعني لديكم قدرة بحرية رادعة تدافع وتهاجم إلى أقصى مدى من فلسطين المحتلة.
* السيّد نصرالله: ليست قوّة تقليدية أو كلاسيكية، بالنهاية نحن مقاومة، بكل قدراتنا لا نعتمد الشكل الكلاسيكي، حتى لا أحد يخطر في باله الآن…
* غسان بن جدو: أنا لا أتحدّث عن سفن طبعاً، ولكن لديكم هذه القدرة..
* السيّد نصرالله: دعني أقول هذا التوصيف، هل نحن قادرون أن نردع، أن ندفع العدو، أن نضرب أهدافاً في بحر فلسطين المحتلة، في أي مكان من هذا البحر؟ نعم نحن لدينا هذه القدرة.
* غسان بن جدو: في أي مكان من بحر فلسطين المحتلة أو ما بعد بعد؟
* السيّد نصرالله: أنت اليوم تعلّق كثيراً على ما بعد بعد، بالنهاية المدى الذي يطال اتّجاه شواطئ فلسطين المحتلة إذا أخذته إلى الغرب أيضاً يطال بنفس المديات.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد ما السرّ الذي جعل من حزب الله كمقاومة لديه كل هذه الإمكانات والقدرات من الردع البري والبحري، هل لديكم قدرة ردع جوية؟
* السيّد نصرالله: في الجو نحن لا نكشف أوراقنا، نحن هناك أمر ما لجأنا له بعد إرسال مُسيّرات فوق الضاحية الجنوبية الحادثة المعروفة، أخذنا قراراً أنه ضمن مستوى معيّن نبدأ بمواجهة المُسيّرات، وكان عندنا قدرة سابقاً على مواجهة المُسيّرات لكن لم نستخدم هذه القدرة كنّا قد أجلّناها ليومٍ تشخص فيه الأبصار، إذا صارت حرب، لكن نتيجة حجم الاستباحة التي طبعاً في لبنان كثيرون من الناس يسكتون عليها، يعني إذا دخلت فقط على موقع وزارة الخارجية اللبنانية أو وزارة الدفاع اللبنانية أو جهات لبنانية رسمية الجيش اللبناني عنده إحصاء عشرات آلاف الخروقات للقرار 1701، لأنه يذكر كثيراً 1701 والقرار 1701، إذاً هناك استباحة جوية من قِبَل المسيّرات الإسرائيلية، جاءت العملية الأخيرة نحن اعتبرناها تطوّراً خطيراً لأنه لم يعد موضوع جمع معلومات، بل عمليات قتل وتفجير وتدمير واستهداف، من ذلك إلى حين أخذنا قراراً أن نستخدم هذه القدرة المُتاحة لدينا، بعض هذه القدرة، البعض الآخر لا نتكلّم عنه، موجود أو غير موجود بحثٌ آخر، ضمن مستوىً معيّن نحن قادرون على مواجهة المُسيّرات، بدأنا ذلك فعلياً ولذلك اليوم أنا أضرب لك أمثلة في البقاع، وطبعاً نحن نعمل في ظروف صعبة جداً، يعني اليوم مثلاً منصّة الصواريخ هذه التي تستهدف المُسيّرات عليك أن تُخبّئها عن العدو وعن الصديق، وعليك أن تُخبّئها حتى داخل الحزب، تخبّئها حتى داخل المقاومة يعني نحن نتحرّك في ظروف أمنية صعبة جداً ومع ذلك، في البقاع مثلاً كانت المُسيّرات تحلّق دائماً، الآن تمرّ ثلاثة أو أربعة أشهر لا مُسيّرات، طبعاً هم يبحثون عن بدائل لجمع المعلومات في البقاع، وحتى المُسيّرات التي تأتي على علو مرتفع جداً صارت تأتي بشكل نادر كل ثلاثة أو أربعة أشهر ممكن أن تأتي مرة. في الجنوب خفّت كثيراً حركة التحليق وهذا أهل الجنوب يشهدون له، وحتى عندما تأتي بدل أن تأتي من شمال فلسطين المحتلة باتّجاه الجنوب فوق البر، باتت تذهب في البحر وتدور فوق البحر ومن ثمّ تأتي بالعرض باتّجاه القرية أو المدينة التي تريدها في جنوب لبنان. حتى فوق الضاحية وبيروت وهذه المناطق خفّ الموضوع بدرجة كبيرة جداً. وإن كان عادةً هم يدركون جيداً أن فوق بيروت والضاحية هناك إشكالية استخدام دفاع جوّي غير مُنسّق بسبب المطار والطائرات المدنية، هذا الإسرائيلي يعرفه ولا أكشف سرّاً. لذلك العبرة هو الجنوب والبقاع بشكل أساسي لأن يدنا مفتوحة أكثر في الجو.
هذا المقدار نحن اضطررنا أن نكشف عنه، أكثر من ذلك ماذا؟ لنتركه لاحقاً إن كان موجوداً يظهر، ليس موجوداً يكون غير موجود.
* غسان بن جدو: أنا على ثقة أنك لن تُجيبنا بشكل تفصيلي وهذا مُتفّهَم ولكن قبل الفاصل سماحة السيّد عندما طرحتم في كلمتكم الأخيرة أنكم يمكن أن تذهبوا في نهاية المطاف إلى الحرب، ربّما بيئتكم، جمهوركم، محبو المقاومة بشكل عام أكان في لبنان أو خارجه يثقون في حزب الله وقدراته ويثقون في شخصك بكل محبة واحترام، لكن بكل صراحة تعرف أن جانباً آخر كان قلقاً، وليس قلقاً فقط لأنكم أصحاب المبادرة من دون العودة للحكومة، هذا تجاوزناه، لكن هو قلق أيضاً أن حزب الله قد يدخل في حرب ولا يؤدّي الدور المطلوب وإسرائيل ستكون عنيفة وقوية تضرب كل لبنان، وبالتالي ما الطمأنة التي توفّرها لللبنانيين وغيرهم أن حزب الله عندما يبادر في هذا الأمر فهو قادرٌ بالفعل على ضرب إسرائيلي الاحتلال وأيضاً حماية لبنان؟
* السيّد نصرالله: حتى لا ندخل إلى التفصيل أنا يكفي أن أقول للشعب اللبناني أنه يجب أن يثقوا بأن لديهم في المقاومة من القوة والقدرة البشرية والعسكرية والمادية ما سيجعل إسرائيل تخضع لإرادة لبنان، كونوا على ثقة، ككل التجارب الماضية، بالنهاية حين نتكلّم عن حرب إذا راحت الأمور إلى الحرب، ربّما الأمور إن شاء الله تتعالج، لا أحد يحب، إذا تحدّثنا بالحب أنها رغبة أحد أن يذهب للحرب! نحن دائماً كنا نقول نحن لا نبحث عن حرب، لا نريد الحرب، ولكن لا نخشاها، وإذا حصلت نحن رجالها ونحن أبطالها وإلى آخره، والآن نحن نقول نحن سنمنع إخراج النفط والغاز الإسرائيلي ما لم يُسمَح للبنان باستخراج النفط والغاز اللبناني، ولو أدى ذلك، لسنا ذاهبون لشنّ حرب، نقول ولو أدى ذلك أن نذهب إلى الحرب فنذهب إلى الحرب. طبعاً هنا قرار الحرب صار عند إسرائيل وليس عندنا، يعني هنا يوجد خلط في الموضوع، نحن لم نأخذ قرار حرب، نحن نقول نحن سنمنع وما سنقوم به موقوفاً على أداء العدو الإسرائيلي قبله وبعده، وبالتالي إذا ذهبت الأمور إلى حرب أنا أقول للبنانيين يجب أن تكون لديهم أولاً ثقة بربّهم، ربّنا جميعاً، وأن يكون لهم ثقة بهذه المقاومة التي ستتمكّن من فرض إرادة لبنان على هذا العدو.
* غسان بن جدو: يمكن القول إن لبنان أو حزب الله سيكون لوحده؟
* السيّد نصرالله: نحن لم نناقش هذا الموضوع مع أحد ولا نطالب التزامات من أحد ولا أخذنا التزامات من أحد، لكن الوضع دائماً سواءً في ما يعنينا أو في ما يعني ما يجري داخل فلسطين المحتلة الوضع مفتوح، لنفترض حصلت حرب مابين لبنان والعدو الإسرائيلي ليس معلوماً بالحد الأدنى أقول لك، ليس معلوماً أن تبقى الحرب بين هذين الجانبين، هل يمكن أن تتطوّر إلى حرب على مستوى المنطقة؟ هل ستدخل قوى أخرى إلى هذه المعركة؟ هذا احتمال وارد وقوي جداً.
* غسان بن جدو: شكراً سماحة السيّد نحن انتهينا من المحور الأول ولكنه طال لأنه مهم جداً وأعتقد أننا حصلنا على إجابات كافية، شكراً لك على هذه الصراحة.
مشاهدينا أرجو أن تتفضّلوا بالبقاء معنا، فاصلٌ نعود بعده لاستكمال حوار الأربعين.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد أنا في المحور الثاني أتحدّث عن لبنان الفكر والسياسة والهوية والمختلف لأننا في حوار الأربعين، قد لا نتحدّث عنه كله ولكن أستميحك عذراً في سؤالٍ والله مزعج لي قبلك، بكل محبّة بصراحة، وأنا أسأله بحَرَج، سماحة السيّد ماذا يمثّل لكم لبنان؟ أنتم متّهَمون بأنكم ربّما الى حد ما جالية إيرانية، صحيح أنكم تحملون الجنسية اللبنانية ولكن لا عقيدتكم، لا فكركم، لا خطابكم، لا ملبسكم، لا أغانيكم، لا أناشيدكم، لا حركتكم، لا علمكم، لا ثقافتكم، لا شيء يشير الى أنكم لبنانيون عدا أنكم تتحدّثون العامية اللبنانية وتحملون الجنسية اللبنانية.
* السيّد نصرالله: هم يقولون ذلك وليس أنت.
* غسان بن جدو: أنتم لا تشبهون أحداً، لا تشبهون ثقافتهم، وكأننا الآن أمام ليس طوائف ومذاهب، هي تشكلّ واحدة من أهم ما يمكن أن يُغني لبنان، ولكن في المختلف تماماً أنتم، ماذا تقولون في هذا؟ يعني حتى سلام "يا مهدي" أثارت كل هذا اللغط الذي أنا شخصياً لا أصدّقه، والله لم أصدّقه، أنا الآن لست أدافع عنكم ولكن في النهاية كما أسمع إلى السيّدة فيروز وأسمع لكل هؤلاء نسمع سلام يا مهدي، أقنعنا سيّدي أنكم لبنانيون.
* السيّد نصرالله: على كل حال جيّد أن نعلّق على هذا النقاش في لبنان. دائماً عندما كان يُطرَح هذا النقاش كنت أنا و إخواني نسأل في الخطابات أن ما هي المعايير؟ بالنهاية الموضوع ليس موضوع مزاج، يعني واحد كان يخرج الى التلفزيون الآن الحمد لله مع وجود هذه مواقع التواصل الاجتماعي كل واحد بات عنده تلفزيون وعنده جريدة، كل واحد يخرج يصنّف هذا لبناني هذا غير لبناني ويستطيع تصنيف العالم كما يريد، بالمزاج يستطيع الواحد أن يقول ما يريد وبالتالي لا منطق للنقاش وللإقناع، إذا كان شيء يستند إلى منطق فقط دلّونا ما هي المعايير والمقاييس التي تُعتمَد لديكم أو لدى اللبنانيين أو لدى الدولة اللبنانية للقول إن هذه الجماعة هي لبنانية، هذا الحزب لبناني، هذه الطائفة لبنانية، هذه المجموعة من الناس لبنانيين، أم هو المعيار؟ طبعاً هذا في لبنان لا أحد يقدّم به نقاش، يعني أن يخرج أحد ويقول معيار الوطنية واحد وإثنين وثلاثة وأربعة لنطبّق المعايير ويكونوا علميين وموضوعيين.
في موضوع المزاج، في موضوع الاستهداف السياسي والإعلامي والتشويه إذا تكلّمت معك الليلة إلى الصباح لن يقدّم ولن يؤخّر لأن الطرف الآخر قد أخذ قراراً.
* غسان بن جدو: عفواً مَن هو الطرف الآخر؟ أنا أحب أن أسمّيه بالمختلف.
* السيّد نصرالله: سأكمل، ثانياً لا، إذا كان النقاش علمي وموضوعي يمكننا أن نتحدّث في نقاش علمي وموضوعي، أنه ما هي المعايير المعتمدة في العالم والدنيا وفي الكرة الأرضية على المستوى الإنساني، مثلاً عندما تأسّس لبنان هذا لبنان الحالي، لبنان الكبير 1920 وصار جبل لبنان، بيروت، وجبل عامل لم يكن إسمه جنوب لبنان وقتذاك، البقاع، وطرابلس التي لم تكن أسماؤها شمال لبنان، طرابلس وعكار والضنية وإلى آخره، صار لبنان. إذاً المعيار هو أن هؤلاء الناس آباؤهم وأجدادهم وآباء أجدادهم وأجداد أجدادهم وآباء أجداد آباء أجدادهم هم من سكان هذه المنطقة وملّاك هذه المنطقة وعاشوا في هذه المنطقة، هذا المعيار ينطبق علينا وعلى بقية اللبنانيين على أغلبهم. طبعاً للأسف الشديد هناك ناس من الذين يتّهموننا أننا لسنا لبنانيين هم جاؤوا جدّه معروف أنه أتى من مصر وذلك أتى من فلان مكان، وهذا من أوروبا وكذا. إسمح لي مضطر أن أتكلم لغة واضحة لأن الموضوع لا يتكلّم فقط عن حزب الله، هناك ناس يذهبون بعيداً للتحدّث عن الشيعة في لبنان، الشيعة في لبنان موجودون في لبنان من 1400 سنة، ليس لبناني منذ عشر سنوات، لم تعطِنا أنت الجنسية، هؤلاء موجودون من 1400 سنة لأن الشيعة في لبنان يعتقدون أن بداية التشيّع في لبنان بعد أن أصبحت المنطقة كلها إسلامية حصل على يد أبي ذرّ الغفاري في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان، احسب لنا هذه 1400 سنة، هؤلاء آباؤهم، أجدادهم موجودون في لبنان من 1400 سنة.
تحبّون أن نُحضر كل ناس، كل قبيلة وكل عائلة وكل مجموعة بشرية ونرى منذ متى جاؤوا إلى لبنان وهذا الموضوع أقدمية السكن وأقدمية الإقامة؟ الشيعة في لبنان يتكلّمون في أكثر من ذلك، يقولون نحن موجودون في لبنان من قبل ال1400 سنة، عندما جاءت قبيلة عاملة من اليمن عندما تفرّقت أيدي سبأ بعد سدّ مأرب، وبالتالي نحن عُمرنا في هذا البلد يا أخي لا أريد أن أقول إلا 1400 سنة، هذا إذا أردنا أن نتحدّث في الامتداد التاريخي القديم.
ثانياً عندما تشكّل البلد تشكّل من هذه الطوائف، من سكان هذه المناطق صار إسمه لبنان، يعني كي نقول هذا لبناني أكثر من ذاك، ما المعيار، ما الأساس؟ هذا إن جئنا إلى العمق التاريخي.
نأتي إلى موضوع الالتزام بمصالح البلد، هذا أحد معايير الوطنية، الالتزام بمصالح البلد، هذه تحدّثت بها سابقاً كنّا على طاولة الحوار في 2006 وأحدهم قال إنكم تخدمون مصالح إيران، وعدتها بعدّة خطابات والآن سأُعيدها وأقول لكل اللبنانيين وهذه التلفزيونات موجودة والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، أحضروا لي شاهداً واحداً في الأربعين ربيعاً، يعني من أربعين سنة، أحضروا شاهداً واحدً أن هذا الأمر قام به حزب الله خدمةً لإيران وليس خدمةً للبنان، شاهداً واحداً فقط، لا أريد إثنين بل واحد، لا يملكون شاهداً، ولذلك رؤساء القوم كلهم كلهم كانوا موجودين على الطاولة والذي اتّهمني كان موجوداً على الطاولة ولم يستطع تقديم شاهد واحد. إذا كان مقياس الوطنية واللبنانية هو أن تدافع عن بلدك وتحمي بلدك وتقدّم دماً في سبيل بلدك ومالاً في سبيل بلدك وتتعب وتسهر وتعرق في سبيل بلدك، لا أريد أن أقول نحن عملنا أكثر من غيرنا لا، لأكن متواضعاً، هناك ناس لا يحبون هذا التواضع منّي، لكن نحن دافعنا ودمنا دم، وحمينا بلدنا، وحرّرنا بلدنا، ولولا هؤلاء كان لبنان في الزمن الإسرائيلي وبلعته إسرائيل لولا هؤلاء الذي يناقش الآن أن هؤلاء لبنانيون أو لا، أنا سأكون دفاعي لأن جو البلد الآن لا يحمل أكثر من هذا، أن أقول له تعال على مهلك أنا أريد أن أعطيك شهادة، لا نريد أن نتكلّم هكذا، ندافع عن نفسنا لا بأس.
يأتي ويقول لك الثقافة المستوردة، هؤلاء الذين يتكلّمون بهذه اللغة جَهَلة، طبعاً إما ناس متعمّدين لأنني قلت لك هم خصوم ويفتحون حرباً، أو جَهَلة لا يعرفون التاريخ، لبنان تاريخياً شعبه مؤلّف من 1400 سنة مسلمين ومسيحيين، نحن ثقافتنا ثقافة إسلامية تكون ثقافة مستوردة؟ يوجد مسلمون يتبعون مذاهب متعدّدة، نحن شيعة من 1400 سنة هذه ثقافتنا وهذه كتبنا وهؤلاء علماؤنا وهؤلاء فقهاؤنا وهؤلاء كبارنا، وكتب علمائنا وفقهائنا اللبنانيين العامليين اليوم تُدرَّس في الحوزات العلمية في النجف وفي قم وفي مشهد وفي كل حوزات الدنيا، في باكستان، في أفغانستان، طُلاب العلم الديني، حتى يعرف اللبنانيون، من جملة الكتب التي يدرسونها كتاب إسمه الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، من ألّف اللمعة الدمشقية؟ الشهيد الأول من جزين، ومن شرح اللمعة الدمشقية؟ الشهيد الثاني من جباع، الشهيد الأول طبعاً في 800 هجري، والشهيد الثاني في 900 هجري، كتب علماء اللبنانيين العامليين تُدرَّس في أهم الحوزات العلمية في العالم. هذه الثقافة هي ثقافتنا، نحن صدّرنا هذه الثقافة إلى أماكن كثيرة في العالم، الآن يأتي ويقول لك هذه ثقافة أحضرتموها من إيران، سماحة السيّد القائد الإمام الخامنئي مرةً زار الأهواز وقال إن أهم مكانين في العالم لهما تأثير على الثقافة التي جاءت الى إيران قبل مئات السنين الأهواز وجبل عامل، هذا مَن؟ قائد الثورة الإسلامية زعيم الجمهورية الإسلامية في إيران، بعد قليل يُقال لك أنت تستورد ثقافة.
عندما نأتي إلى موضوع الإمام المهدي هذا موضوع شيعة لبنان يؤمنون به من 1400 سنة، يعني نحن أحضرنا موضوع الإمام المهدي من إيران أو من العراق أو من مكان آخر؟ لا بأس مع كل الشرح الذي أقوله لك هؤلاء جَهَلة، يعني عندما يخرج أحد يقول لك في موضوع الحجاب أن لبناني قبل مئة سنة كان هناك ناس يلبسون ويتسترون ويتحجّبون من رأسهن إلى كعب قدميهن؟ ليس فقط في لبنان، إنما في كل المنطقة، بل في كل العالم، منذ أيام شاهدت أنا فيلماً وثائقياً عن لندن وباريس يلبسون حجاباً من رأسهن لكعب قدميهن، لماذا أقو لك جَهَلة؟ لأنهم جَهَلة.
إذاً بالنسبة لنا هذا غير مقبول، عندما تناقشني في ثقافتي نحن نقول هذا البلد متنوّع ثقافياً، متنوّع عقائدياً، متنوّع دينياً، هذه ميزة لبنان، وميزة لبنان الذي كان ملاذ الخائفين، لنتحدّث بالتاريخ قليلاً، ملاذ الخائفين على عقيدتهم وعلى دينهم وعلى فكرهم وثقافتهم وتقاليدهم، وجاء لبنان هذا جمعنا جميعاً وصرنا بلداً واحداً وشعباً واحداً ووطناً واحداً وتبانينا من اليوم الأول على الاحترام، نحترم عقائد بعضنا، وتقاليد بعضنا ، وثقافة بعضنا ، وعادات بعضنا، لماذا هذا الموضوع الآن يتمّ التنكّر له، هذا من جهة.
لذلك نحن لا نقبل، الآن أنا وددت أن أجيب لأنه مفترض أن يُجاب على هذا الموضوع لكن نحن لا نقبل أصلاً، لنقل من الموقع الدفاعي بعض الشيء، لا أقبل أصلاً أن يضعنا أحد في مكان ويقول أنتم مشكوك في لبنانيّتكم، مشكوك بوطنيّتكم، أنتم ثقافتكم مستوردة، لا، نحن ثقافتنا أصيلة، نحن ثقافتنا نحن عملنا على نشرها في الدنيا، واليوم أصلاً من جملة الظلم اللاحق في لبنان أن كثيرين من الشعب اللبناني لا يعرفون هؤلاء العظماء والمفكّرين والفقهاء العظام الذي تأثيرهم يصل، تذهب إلى باكستان تسمع بهم، إلى الهند تسمع بهم، إلى أفريقيا تسمع بهم، إلى أذربيجان تسمع بهم، لكن في لبنان لا يسمعون بهم لماذا؟ لأنهم غير موجودين في كتب التاريخ الرسمي لنا.
* غسان بن جدو: لكن لماذا اعتبرتَ أن المستهدَف الطائفة الشيعية وليس جمهور حزب الله؟
* السيّد نصرالله: هذا من اللغة. انظر مثلاً حين كان الاعتراض على سلام يا مهدي ماذا هنالك؟ نخاطب الإمام المهدي الذي نؤمن به من 1400 سنة، ما الجديد في هذا الموضوع؟ لماذا أقول لك إن هناك استهدافاً! عاشوراء أيام محرّم كل اللبنانيين يعرفون في أيام محرّم كل شيعة لبنان يلبسون الأسود ويقيمون العزاء ويبكون عشرة أيام، لا أحد اعترض علينا ولا أحد احتجّ علينا حتى بالنقاش مع العلم أن هذا بات له عشرات السنين، لماذا الآن؟ لأن هناك استهدافاً.
* غسان بن جدو: استهداف لمَن؟ للشيعة أم لحزب الله؟
* السيّد نصرالله: الاستهداف هو أوسع من حزب الله، يوجد استهداف لكل مَن يؤيّد المقاومة لكن الشيعة بدرجة أولى لأنهم بيئة المقاومة المباشرة.
مثلاً انظر لبعض المواقع، اليوم شاهدتها، لبعض الأحزاب اللبنانية، لأننا نهدّد أن نُحضِر النفط والغاز لكل الشعب اللبناني ولكل الدولة اللبنانية أنه يا جماعة ويا أهل الضاحية، يوجّه الخطاب لأهل الضاحية ولأهل الجنوب، أنه نحن مَن سيدفع الثمن دفاعاً عن كل لبنان من أجل النفط والغاز للبنان، هذا تحريض لبيئتك المباشرة، لا نقاش أن هذه البيئة المباشرة هي الحاضنة لهذه المقاومة وتوجد بيئة عامة تحضنها من بقية الطوائف هذا أكيد. مثلاً في حرب تموز أين يقع القصف؟ أنا تكلّمت معك في حرب تموز، هنا في الضاحية الجنوبية القصف قوي جداً، لا ماء، لا كهرباء، دمار، خطر، وإلى آخره.
* غسان بن جدو: الآن نحن في الضاحية؟
* السيّد نصرالله: أكيد نحن في الضاحية الجنوبية. تقطع الطريق فقط طريق المدينة الرياضية خلاص عالم آخر، غرباً أو شرقاً في حرب تموز كان عالماً آخر. في الجنوب والبقاع نفس الشيء عالم آخر. إذاً هذه البيئة المباشرة هي المُحتضنة لهذه المقاومة وهي التي تدفع الدم معها، هي التي تدفع الأثمان والتضحيات، يريد أن يواجهها ويفكّكها، يضغط عليها بالتشويه، يضغط عليها بالحياة، بالمعيشة، بالوضع المالي، بالوضع الاقتصادي، ويستهدف كل الشعب اللبناني معها.
هذا جزء من الموضوع، لكن هناك جزء ثان من الموضوع إسمه، انظر "سلام يا مهدي" لماذا استنفرهم، أنا تحدّثت في هذا الموضوع في لقاء داخلي، عادةً يتسرّب من اللقاءات الداخلية أمور لا تكون دقيقة، لأن بعض الإعلام يبني عليها بشكل كامل. "سلام يا مهدي" والحضور الذي جرى من الشبيبة والفتيات والفتيان وجاء الناس معهم هي رسالة بالغة الأهمية، كيف الانتخابات وبالحشود التي صارت قبل الانتخابات كانت رسالة قوية من هذه البيئة أن حصاركم وتجويعكم وكم بلغت الليرة والوضع الاقتصادي الصعب والمعيشي وتُبعدوننا عن المقاومة، ها أنا مع المقاومة، هذه الرسالة التي يراهنون بها على الأجيال الجديدة، أستاذ غسان يوجد رهان كبير، في إيران، في لبنان، في فلسطين وفي كل المنطقة، أن هناك جيلاً، جيلنا وجيل أولادنا على سبيل المثال، هؤلاء يا أخي خلاص مهما فعلت ركبت معهم قصة المقاومة والتحرير وعزّة وكرامة وهيهات منا الذلّة ولا يتحمّل وجود إسرائيل والخطر الإسرائيلي وما شاكل، لكن الآن نحن فتحنا شبكات تواصل اجتماعي، وندعو إلى التفلّت ووسائل الاتصال تهلك المجتمعات وندمّر الأسرة والبيت وسنصل إلى جيل وأجيال لا تهتم لا بقضية ولا بمستقبل ولا بإيمان ولا بثقافة ولا بفكر ولا بمقدّسات، لا القدس يعني لها شيئاً ولا المسجد الأقصى يعني لها شيئاً ولا كنيسة القيامة تعني لها شيئاً، يراهنون على هذا، ويشتغلون. وإذ بلحظة من اللحظات يظهر لهم هذا الجيل يتفاجأون به، جيل، هؤلاء الذين أتوا، أستاذ غسان هؤلاء الشبيبة الذين رؤوهم سبع دقائق على التلفزيون هؤلاء حضروا من قرى متباعدة، أربع ساعات يقفون في الشمس لا أحد غادر وبقيوا لآخر لحظة، وكل العالم رأتهم كيف ينشدون وكيف يبكون وكيف يتفاعلون، يعني ليست مسرحية أتوا بالأولاد وصفّوهم على المسرح، حضروا من قلبهم يتحدّثون، هذا جيل يُخيف؟ نعم يُخيف إسرائيل، لذلك الإسرائيلون علقّوا على هذا الموضوع لأن الإسرائيلي ينظر بعمق، ليس كما بعض السخفاء الذين يأخذون الأمور القشرية، أما الذين ينظرون بعمق من حقه أن يقلق. رسالة "سلام يا مهدي" سواءً في لبنان أو في إيران، مثلاً في إيران عندما صارت، طبعاً تلك إسمها "سلام فرمانده"، مثلاً يخرج واحد لبناني وهو يتكلم نصف كلامه يكون إنكليزياً وفرنسياً لا بأس، لكن إذا أحد من حزب الله أو من شيعة لبنان أو من حلفاء إيران يستخدم كلمة إيرانية فارسية تشاهد التبعية والاستيراد الثقافي. عندما عملوا سلام فرمانده لم يبقَ فضائية فارسية إلا وهي مسلّطة على الشعب الإيراني، ولم تبقَ فضائيات أخرى إلا وعملت منها معركة كبيرة طويلة عريضة لماذا؟ لأن هذا الجيل يأّسهم، هذا الجيل يراهنون عليه أنه بعد عشرين سنة خلاص سيحضر جيل لا يعني له شيئاً لا الإمام المهدي ولا الإمام الخميني ولا إسلام ولا الثورة ولا الجمهورية الإسلامية ولا المستضعفين، الأمر نفسه حصل في منطقتنا، ولذلك رسالة "سلام يا مهدي" هي رسالة جميلة جداً وقوية جداً ولماذا في هذا التوقيت؟ بالمناسبة أستاذ غسان ليست أول مرة تصدر أناشيد للإمام المهدي، ليست أول مرة يجتمع الكشاف ويخاطبون الإمام المهدي بهذه الأناشيد، أو الحزب، لكن سبحان الله هذا النشيد بهذا التوقيت وهذا المضمون وهذه الموسيقى كانت له هذه الرسالة.
* غسان بن جدو: وانتشر عالمياً، رأينا حتى في أفريقيا.
* السيّد نصرالله: أريد أن أضيف أمراً، في هذه السنوات الثلاث الأخيرة عدّة أفراد يقولون يشبهنا ولا يشبهنا ويشبهوننا ولا يشبهوننا، يمكن أن تقول لي مَن أنت؟ ما هي صورتك وما ثقافتك وما حضارتك، ما الذي تنتمي له، لنرى الآخرين يشبهونك أم لا، لأن الذي يقول يشبوهننا أو لا هم حين يتحدّثون عن بعضهم لا يشبهون بعضهم، إذاً اتفقوا يا شباب على صورة لنرى إن كنّا نشبهكم أو لا.
* غسان بن جدو: توجد ثقافة عربية منفتحة وأيضاً متأثّرة بالغرب، ثقافة عربية معتدلة منفتحة متأثرة بالغرب الحضاري المنفتح.
* السيّد نصرالله: أستاذ غسان المُغالطة الثانية أن يأتي أحد ويقول أنا شبه لبنان، أنا صورة لبنان ويقول للآخرين يشبهونني أو لا، فهم على صورة لبنان، مَن قال إنك على صورة لبنان؟ تعال لنقرأ تاريخاً، تعال لنقرأ حاضراً، ولذلك هذا منطق لا يقدّم ولا يؤخّر.
أنا أخذت بعض الوقت للإجابة على هذا لأن هذا مطروح في النهاية في جو البلد.
* غسان بن جدو: صحيح، بالعكس جيّد هذا الكلام، لكن بصراحة هناك أمر ثالث سماحة السيّد سمعناه من أوساط غربية دبلوماسية تقول إن ما فعلتموه ليس فقط للجوانب الثقافية والاجتماعية وربّما حتى جزءاً منه فرح لأننا رأينا الناس صحيح كانت تبكي تأثّراً ولكنها أيضاً كانت فرحة بما يحصل، وتوجد أجواء ضغط في البلد، ولكن أيضاً نظروا إليه من زاوية عسكرية، يعني أنا سمعت قولاً يستحقّ النقاش، أنه كما قلتَ قبل فترةٍ أن لديكم ما يقارب مئة ألف مقاتل الآن تحضرنا لمئتي ألف مقاتل جُدُد.
* السيّد نصرالله: هم مشكلتهم ليست مع مئة ألف مقاتل، هم مشكلتهم مع هذه الثقافة، ثقافة المقاومة، ما المطلوب في المنطقة؟ ثقافة تطبيع مقابل ثقافة المقاومة، توجد ثقافتان إما تطبيع أو مقاومة، إما يقف لا علاقة له. الأميركيون والإسرائيليون والآخرون يعملون على نشر ثقافة تطبيع، وطبعاً بالمناسبة إن شاء الله لن يُوفَّقوا، إذا رأيت آخر استطلاع رأي أجروه الأميركان أي مؤسّسة أميركية على السعودية وعلى الإمارات وعلى البحرين، رغم أن هناك وسائل إعلام ضخمة وجيوش إلكترونية ضخمة والتحطيم لكل المقدّسات ولكل الخطوط الحمر في الخطاب في داخل السعودية والإمارات والبحرين، كم نسبة المؤيّدين للتطبيع وكم هي نسبة الرافضين للتطبيع.
* غسان بن جدو: نعم، أكثر من ثلثين.
* السيّد نصرالله: هذا موضوع مهم جداً، ولذلك أنا رأيي المشكل في هذا الموضوع هو مشكل مع ثقافة المقاومة وليس أن هؤلاء سيكونون عسكر، ربّما لن يكونوا عسكر، ربّما يكونون أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات كما عندنا إلى ما شاء الله، لكن هذه الثقافة التي إسمها لا نتخلّى عن مقدّساتنا، لا نتخلّى عن أرضنا، لا نتخلّى عن كرامتنا، لا نقبل بالاحتلال، نعم طبعاً هذا سيستفزّهم.
* غسان بن جدو: بالمناسبة بين قوسين، مع أنني لستُ في جلسة دينية سماحة السيّد وأنا مع عالم كبير، ولكن حتى للسنة الإمام المهدي هو موجود، الإمام المهدي المُنتظَر عند كل المسلمين ولكن الخلاف في..
* السيّد نصرالله: فكرة الإمام المهدي هي فكرة إسلامية جامعة، نعم الخلاف بين بعض المذاهب أن هناك من يقول إنه وُلد وهو الحجة إبن الحسن المهدي إبن الإمام الحسن العسكري عليهما السلام، وهناك مَن يقول إنه سيولَد قبل ظهوره بثلاثين أو أربعين عاماً.
* غسان بن جدو: تماماً، ولكن فكرة الإمام المهدي هي عند جميع السلمين.
* السيّد نصرالله: ثمّ أن في الثقافة الإسلامية الشيعية والسنّية عندما يتكلّمون عن الإمام المهدي، نقول لأجل المسيحيين، يتكلّمون عن الإمام المهدي والسيّد المسيح سوياً، إن السيّد المسيح سيعود إلى هذا العالم وأن المهدي سيظهر في هذا العالم وسوياً سيُقيمان العدل وسيملآن الأرض عدلاً وسلاماً ورحمةً وحباً ومحبة بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً وطغياناً وعنفاً وإلى آخره.
* غسان بن جدو: هي قناعة جامعة لجميع المسلمين هذا الأمر. أنا لا أريد أن أدمج الموضوعين وليس لأنك ذكرت مصطلح التطبيع، لا أقصد هذا، ولكن أيضاً هناك حملة عليكم الآن خلال الأيام الأخيرة تتعلّق بالمطران موسى الحاج، المطران موسى الحاج جاء كما تعلم من فلسطين المحتلة دخل من الناقورة معه تقريباً نصف مليون دولار أو أقل بقليل، تمّ التعاطي معه من قِب ل القضاء العسكري والأمن العام وإذا بنا الآن نشهد ضجّةً ضدّ حزب الله، غير القاضي عقيقي، وحتى الآن نحن لا نفهم موقف حزب الله، أنتم الآن مُتّهَمون في الديمان مثلاً في العظة رُفع شعار ضدّ حزب الله، اليوم أحد رؤساء الوزراء السابقين لا علاقة له بالشيخ سعد الحريري أيضاً ينتقد حزب الله، أطراف أخرى تنتقد حزب الله، سماحة السيّد ما هو موقفكم؟ هل أنتم وراء توقيف المطران موسى الحاج ومصادرة أمواله وهذه الحملة التي تُشَنّ عليه أم ماذا؟
* السيّد نصرالله: أولاً الأجهزة الأمنية اللبنانية، هذا كله مبني على أساس خاطئ، بل على أساس ظالم، عندما يأتي أحدٌ ويفترض أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تعمل تحت أمرة حزب الله وهذا غير صحيح، هذا كذب وافتراء واتّهام وظلم لنا وللأجهزة الأمنية كلها، سواءً مخابرات أو الأمن العام أو فرع المعلومات أو أمن الدولة، أو تصوّر الجيش اللبناني يعمل تحت أمرة حزب الله مثلاً! اليوم في لبنان يوجد قانون وموقف، كل شيء إسمه علاقة بالعمالة لإسرائيل أو احتمال العمالة تجد الأجهزة تتصرّف، ولذلك من مدة حين أوقفوا فرع المعلومات و مخابرات الجيش، الإثنان أوقفا، لكن فرع المعلومات أوقفوا عدداً كبيراً جداً من الأشخاص نتيجة اشتباهه بتورّطهم بالعلاقة مع لإسرائيل، يعني يومذاك مدير عام الأمن الداخلي أو رئيس فرع المعلومات أخذ توجيهاً من حزب الله وقراراً منه وأمر منه؟ نحن لم يكن لدينا علم، نحن أخذنا علماً من وسائل الإعلام، لاحقاِ عرفنا. لا يصدّقون، يعني إذا قلت أنا لا علم لديّ ماذا أفعل؟ لذلك نحن وددنا أن نسكت.
* غسان بن جدو: فعلاً لم يكن لديكم علم سماحة السيّد؟
* السيّد نصرالله: يا حبيبي الأمن العام يشتغل شغله الطبيعي، هو موجود على كل المعابر الحدودية، مدير عام الأمن العام صديقنا ومعروف أن هناك صداقة وثقة كما الكثير من الأجهزة الأمنية صداقة وعلاقة وثقة وإلى آخره، لكن هو يشتغل شغله وهذه مؤسّسة موجودة في الدولة، يحصل على إشارة قضائية يتصرّف على ضوء الإشارة القضائية، هو على كل حال وضّح وقال القصة كلها نحن جاءتنا إشارة، لا داعٍ لأُعيد ما قال، قال نحن جاءتنا إشارة قضائية المطران حضر وهو يحمل عشرين شنطة وعلينا التفتيش، تفتيش الشنط أخذ هذه الساعات التي اعتبروا أنهم أوقفوه ست إلى سبع ساعات، وبإشارة من القضاء، ما علاقة حزب الله بهذا الموضوع؟ ليخرج أي أحد يشرح للناس فقط، مرة نريد أخذ الناس بالضجيج والصراخ والعياط، هذا لا حل له بيناتنا، مرة لا علينا أن نكون منطقيين يا أخي ما علاقة حزب الله، لماذا تتّهمه؟ أنا أقول أنا وكل حزب الله أخذنا علماً كما أي لبنانيين آخرين أن هناك مشكلة إسمها المطران فلان وأوقفوا على الحدود وفتشوا الشنط وإشارة قضائية وإلى آخره، هذا أولاً، ليس نتيجة أن هناك حملة أقول لا علم لديّ، لو عندي علم أقول أن لديّ علم، لو لنا علاقة أقول لنا علاقة ولا أخاف من أحد، لا أخاف من أحد على الإطلاق سوى من الله سبحانه وتعالى. قبل ساعة قضيناها على إسرائيل والحرب، وأنا أعرف أن جزءاً من اللبنانيين سيغضب ويسبّ ويشتّم ويتّهم لا مشكلة لدينا لأننا نتكلّم حقاً، مصلحة بلدنا.
إذاً أولآً أودّ أن أقول لكل الشعب اللبناني وخصوصاً للمسيحيين الذي يُعمَل الآن على تحريكهم وإغاظتهم وتحريضهم كونوا على يقين ليس لحزب الله لا من قريب ولا من بعيد علاقة بهذا الأمر ولا على علم ولا أخذ قراراً ولا أمراً ولا شيئاً أبداً، يوجد أمن عام لبناني..
* غسان بن جدو: ولم تتدخّلوا لاحقاً، ولن تتدخّلوا.
* السيّد نصرالله: لم نتدخّل ولن نتدخّل في هذا الأمر. يوجد أمن عام لبناني وقضاء لبناني هم تصرّفوا كما تتصرّف كل الأجهزة الأمنية والأجهزة القضائية، هذا أولاً.
نعم هذه الحادثة اليوم تُستخدَم للتحريض وللتجييش الطائفي والمذهبي، لماذا أقول لك استهداف؟ هذا استهداف، عندما يكون أمر لا علاقة لك به لا من قريب ولا من بعيد وتحمَّل مسؤوليّتها ويبدأ الهجوم عليك ليلاً نهاراً وتخرج تظاهرة في بكركي ويُقال حزب الله إرهابي، أنا عندما رأيتهم كنت أضحك.
* غسان بن جدو: لم تحتجّوا سماحة السيّد؟
* السيّد نصرالله: لماذا أحتجّ؟ مفهوم، هناك ناس أخذت قراراً..
* غسان بن جدو: لا أتحدّث عن الذين رفعوا الشعارات، عن الذين لم يعترضوا على رفع الشعارات في صرح ديني.
* السيّد نصرالله: هذا شأنهم، يحتجّون أو لا هذا شأنهم. إذاً هذا الموضوع أولاً لا علاقة لنا به.
ثانياً الأجهزة الأمنية تقوم بشغلها، القضاء يقوم بشغله.
الأمر الثالث لا بأس لنعقّب طالما فُتحَت السيرة، يوم موضوع التحقيق بالمرفأ أنا قلت يا أخي هناك التباسات حول هذا التحقيق وهناك تسييس بالتحقيق والتحقيق الفني لا يُقال حتى لعوائل الشهداء، فإما أن يتمّ تحقيق جدي و يتبدّل القاضي، قامت القيامة والتدخّل في القضاء والهجوم على القضاء وتهديد القضاء، مسكين هذا القاضي فادي العقيقي الآن خوّنوه وأخرجوه من الدين وناس تطلب له الإعدام ناس تطلب بطرده لماذا؟ لأنه أعطى إشارة للأمن العام أن ابحثوا في شنط المطران، لماذا باؤك تجرّ وبائي لا تجر؟ نحن لم نهدّد أحداً، لا قلنا نريد أن نُعدم ولا نريد أن نقتل ولا شيء، قلنا يا أخونا يا قاضي التحقيق إما اشتغل تحقيقاً شفّافاً من دون خلفيات سياسية إما نصّبوا قاضٍ آخر لا نقول عطّلوا التحقيق.
اليوم تهشيم الأجهزة الأمنية والقضاء مَن الذي قام به؟ الذي يعترض علينا وينتقدنا في بعض الموضوعات، الذي حصل هذان اليومان لن يترك دولة أستاذ غسان، لن يتبقّى لا قضاء ولا أجهزة أمنية ولا قاضٍ ولا مسؤول أمني أن يتجرّأ أن يفعل أي شيء، بعد قليل الناس ستصبح قادرة على الدخول إلى فلسطين المحتلة وتأتي منها وتُخرج أموالاً وتُدخلها وممنوع لأحد أن يتكلّم معها. هذا العمل الذي يجري خطر جداً لكن مع ذلك نحن لا نودّ أن ندخل في كل هذه المعركة وكل هذا السجال، وأنا أقول لكل المعنيين في هذا الملف من أكبر شخصية فيهم ومعروف من أقصد، إلى أصغر واحد، هذه الطريقة وهذا المسار خطير وغير صحيح وهذا لا يخدم مصلحة البلد على الإطلاق.
* غسان بن جدو: ما هو مآله؟ إلى متى سيستمر هذا التحريض؟ هل نتحدّث عن تقسيم؟ خلال عشرين سنة قلتم لبنان لن يُقسَّم، لن يُفدْرَل ومن يطلب الطلاق فليرحل الى كندا.
* السيّد نصرالله: هذا نفس الكلام، لبنان لا يُقسَّم ولا يُفدرَل ولا إمكانية، أنظر هناك شيء إسمه القابلية، في الفلسفة يُقال إنه ينتقل من القوة للفعل، يعني حتى يصبح الشيء فعلياً يجب أن تكون له قابلية، قل لي الآن إذا أراد أحد تقسيم لبنان كيف يقسّمه؟ على أي أساس يقسّمه؟ وماذا يبقى من لبنان إذا قسّمت؟ الحكي بالتقسيم هو حكي بإلغاء شعب وأرض وجغرافيا ومستقبل. هذا كله للضغط، هذا لا يوصل لا للتقسيم ولا لفدرالية ولا لشيء، هذا للضغط بحسابات سياسية كلها سقفها معروف، لأن الآن انتخابات رئاسية قادمة وناس تريد تحسين مواقعها وتضعيف مواقع الآخرين، هناك تشكيل حكومة جديدة وناس تريد تحسين مواقعها، أنا رأيي لا يجب أن يخاف الناس إلى هذا الحد، وهذه ليست أول مرة تحدث، ياما حصلت أحداث من هذا النوع وشهدنا ضجيجاً لأيام وأحياناً لأسابيع ثمّ ينتهي الأمر، هذه الطريقة اللبنانية.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد حول الرئاسة والحكومة أولاً هل الحكوة بعد انتخاب رئيس الجمهورية أم قبل ذلك؟ ثانياً هل لديكم مواصفات..
* السيّد نصرالله: دعني أسجّل فقط حتى لا يُقال، موضوع نقل الأموال من فلسطين المحتلة إلى لبنان هذا خلاف القانون وخلاف القرار الرسمي، ولا فرق نقل المال لأغراض إنسانية أو لأغراض غير إنسانية، أنا أريد تذكير الشعب اللبناني بالإمام السيّد موسى الصدر أعاده الله بخير، تعرف مرة الإسرائيليون جاؤوا وأنشأوا على الحدود شيئاً إسمه الجدار الطيّب كي يطبّعوا العلاقة مع اللبنانيين، وأهل الجنوب وقتذاك كانوا فقراء جداً، الآن الحمد لله الوضع تحسّن في العقود الماضية، فقراء جداً، فكان ممكن أن نأخذ دواء، نأخذ مالاً، نأخذ خبزاً، الإمام الصدر وقتذاك أصدر قراراً واضحاً حرام حتى إذا كنت مريضاً وسأموت وأعيش إن أخذت هذا الدواء، إذا جوعان وسأموت من الجوع وكي أبقى حياً آخذ هذا الخبز، ممنوع.
* غسان بن جدو: يعني فتوى.
* السيّد نصرالله: طبعاً، هو صحيح لم يكن مرجعاً تقليداً، لم يكن قد طرح نفسه مرجعاً تقليداً لكن عندما يتكلّم يقول الموقف الشرعي المنسجم مع الفتوى الشرعية.
اليوم في موضوع إسرائيل، لا بأس علينا أن نتعاون، علينا أن نتفاهم، هذا موضوع لا يمكن أن نتسامح به، مع احترامي للبطريركية وللمطارنة ولرجال الدين وللمشايخ والمفتين وأصحاب السماحة والفضيلة والقداسة، موضوع إسرائيل والعلاقة مع إسرائيل والمال من داخل الكيان المحتل هذا موضوع خلاف القوانين وخلاف المصلحة اللبنانية. فلذلك هذا لا، ليس أنه لا علاقة لنا بالموضوع، لا علاقة لنا بالتوقيف الذي جرى لكن نحن موقفنا واضح، حتى الاستثناء المُعطى للمطران أن هناك رعية في الداخل وهو يريد الاهتمام بهذه الرعية، شيء ما أنا قرأته منطقي لماذا يُعطى هذا الاستثناء؟ لماذا نفتح حدوداً أصلاً ولو لحالة واحدة بين لبنان وفلسطين المحتلة طالما تقولون إسرائيل عدواً، بعض الناس لو يخرجوا، لا أقول كل الذين اشتغلوا في هذا، بعض الناس نفاقاً يقول لك إسرائيل عدواً لكن هو من الداخل قناعته مختلفة تماماً، إسرائيل صديق وحليف ومستقبل، إذا خرجنا من النفاق هذا الأمر يجب أن يُقفَل. هناك رعية تريدون الاعتناء بها يقدر سيادة المطران أن يخرج من بيروت إلى عمّان ومن عمّان يذهب أينما يريد ويدخل إلى فلسطين المحتلة، لا يعني أنا أوافق أن يدخل، لكن موضوع الحدود اللبنانية هذا الباب أفضل طريق حتى لا يتكرّر هذا الأمر لا يكون الحل أنه غيّروا القانون وكسر القضاء وكسر الأمن العام وخُذ البلد إلى تحريض طائفي ومذهبي ليستطيع المطران الخروج والدخول وكل مرة يُحضر معه عشرين شنطة قيل لأسباب إنسانية. على كل حال أحدهم نزّل تعليقات، يوم موضوع المازوت الإيراني أن هذا يخرق السيادة، لكن عشرين شنطة مليئة بالمال من فلسطين المحتلة خلافاً للقانون لا يخرق السيادة، هذا موضوع يجب أن يكون له علاج.
في كل الأحوال هذا القدر يكفي.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد سألتك هل الحكومة قبل الرئاسة أم بعدها؟ وما هي معاييركم للرئيس المقبل حتى لا نتحدّث عن الأسماء.
* السيّد نصرالله: في الحكومة غير واضح، يعني في السجال الموجود والنقاش الموجود غير واضحة الأمور، نحن طبعاً موقفنا والمطالبة بحكومة ولو كان عمرها شهراً أو شهرين أو ثلاثة، فكيف إذا كان يمكن أن يكون عمرها أطول من هذا، لأن هذا يأتي لاحقاً في الاستحقاق الرئاسي.
بالنسبة للرئاسة هناك عدّة مناهج للمُقاربة، مقاربة هذا الموضوع، طريقة تقول هذه مواصفات وتعالوا لنتّفق على المواصفات ثمّ نبحث عن المصداق. هناك طريقة أخرى تقول من هي المصاديق المطروحة الجدية تعالوا لنتحدّث بهم واحد واحد. الطريقة الأولى تضييع وقت مع احترامي، تضييع وقت فلسفة ومنطق وكذا، حتى الذين يتّبعون الطريقة الأولى وهم يعرفون، في لبنان أستاذ غسان كيف تجري الأمور؟ أنا في ذهني فلان فأضع المواصفات التي تنطبق على فلان، الطريقة العلمية أنه لا يوجد أحد في ذهني وأضع مواصفات هي مصلحة لبنان أن يكون صاحب هذه المواصفات رئيساً للجمهورية ولاحقاً أبحث عن المصداق التابع لها، هذا غير موجود. يعني عندما يأتي أحد يضع مجموعة مواصفات هو حكماً يقول لفلان وفلان أنتم خارج الحفلة، عملياً هكذا.
بالنسبة لنا نحن لا نرى فائدة من الحديث عن مواصفات، نحن نعتبره تضييع وقت، توجد أسماء مطروحة، الآن هناك أمر جميل مطروح في لبنان أن المرشّح الطبيعي، هذه في الدنيا لا مثيل لها، نحن في لبنان بلد العجائب والاستثناءات، في لبنان هناك شيء إسمه مرشح طبيعي لأنه كما تعرف العالم العربي والشعوب العربية ربّما بعضهم غير منتبه لهذا الموضوع أن في لبنان رئيس الجمهورية يجب أن يكون مسيحياً مارونياً، يعني مسلم لا يستطيع أن يكون رئيساً للجمهورية، وحتى مسيحي أرثوذوكسي أو كاثوليكي لا يستطيع أن يكون، مسيحياً مارونياً فقط. بين الشخصيات المارونية المسيحية السياسية يُقال فلان مرشَّح طبيعي، فلان مُرشَّح طبيعي، وفلان وفلان، فالمنطقي الذي سيجري العالم ستتناقش بالمرشّحين الطبيعيين، أو حتى إن كان هناك مرشحون ليس مرشّحاً طبيعياً، لأن بعض الناس…
* غسان بن جدو: عندكم مرشّح طبيعي؟
* السيّد نصرالله: بالنسبة لنا الليلة لن أتحدّث معك بأسماء، طبيعيين أو غير طبيعيين، بالنسبة لحزب الله نحن لم نبدأ بعد هذا النقاش، معنا بعض الوقت، خلال الأيام القليلة المقبلة نكون قد دخلنا وصرنا قريبين جداً من الاستحقاق لأن دولة رئيس مجلس النواب يقول إنه من أول أيلول سيبدأ يدعو لجلسات، يعني شهر آب هو شهر المناقشات والحوارات والتفاوض بين مختلف القوى السياسية، نحن سنقوم بنقاش على عدة مستويات، نقاش مع حلفائنا وأصدقائنا خصوصاً بالذين ممكن أن نصوّت نحن وهم مثل بعضنا، أكيد نحن معنيون أن نجري بنقاش أساسي مع التيار الوطني الحر وتيار المردة بشكل أساسي، سنجري نقاشاً مع بقية حلفائنا وأصدقائنا، ثمّ سنعود ونجري نقاشاً داخلياً في حزب الله أن ما الخيار الذي سنتبناه أو نعمل به أو نشتغل له. طبعاً من الآن بعض الأمور مفيد أن أوضحهم.
أولاً يصدر في وسائل الإعلام مصادر حزب الله ترجّح فلاناً، ترشّح فلاناً، تدعم فلاناً، عندها فيتو على فلان، هذا كله حكي غير مسؤول، لا يوجد ما يُسمى مصادر حزب الله، اليوم حين نأخذ قراراً بشكل رسمي يصدر بيان من حزب الله، أو أنا أو أحد الاخوة المسؤولين في حزب الله يتكلّف ويقول هذا هو موقفنا وقرارنا، هذا أولاً.
ثانياً كثير من الإشاعات تحدث حول هذا الموضوع، مثلاً حين جرى لقاء بيني وبين الوزير جبران باسيل والوزير فرنجية، وإلى الآن يُكتَب قال لي وقلت لهم وقالوا لي، هذا كله غير صحيح، أغلب ما كُتب غير صحيح، أما لم يُبحَث لا في الجلسة ولا قبلها ولا بعدها أي شيء له علاقة بالرئاسة وانتخاب الرئيس، هدف اللقاء وإن كان بات قديماً، هدف اللقاء هو كسر الحواجز والصلحة وتعود العالم لتلتم على بعضها قبل الانتخابات النيابية، أما لم يجرِ حديث نهائياً في موضوع رئاسة الجمهورية، لأن هذا يُبنى عليه الآن تقديرات وتحليلات.
بالنسبة لنا نحن، نحن سندرس أمورنا بشكل جيّد وبشكل هادئ، طبعاً سيحاول البعض على طريقة حرق المرشّحين، أنه نريد حرق فلان نقول هذا مرشّح حزب الله، حتى نعمل استفزازاً أو حساسية عند بعض الدول الاقليمية أو بعض القوى العالمية وتضع فيتو عليه أو ما شاكل، أيضاً هذا ظلم، حتى هذه اللحظة ليس هناك مرشّح، أصلاً التعبير غير دقيق، حزب الله لن يكون لديه مرشّح لرئاسة الجمهورية، حزب الله عندما يظهر من هم المرشحون الطبيعيون وغير الطبيعيين سيأخذ قراراً أي مرشّح يدعم، يعني نحن في موقع مَن يدعم مرشّحاً لرئاسة الجمهورية، لسنا في موقع أننا نريد أن نرشّح مرشحاً لرئاسة الجمهورية، حتى نكون دقيقين.
لذلك معنا بعض الوقت وعلى ضوئها نحن نرى الاتصالات والنقاشات إلى أين ستصل ونأخذ القرار المناسب.
* غسان بن جدو: يا ليت كان يمكننا أن نكمل في هذا الموضوع، أنا أعرف أنك لن تتحدّث به بشكل أساسي، ولكن على كل حال فهمنا الآن أنت تتحدّث بشكل رئيسي عن التيار الوطني الحر أي الأستاذ جبران باسيل، تيار المردة يعني الأستاذ سليمان فرنجية، ومَن معهم، ولكن هما القطبان الأساسيان في الساحة المسيحية التي ستتعاطون معها.
* السيّد نصرالله: عملياً عندما تتحدّث بمرشّحين موارنة هم من بين حلفائنا الواضحين.
* غسان بن جدو: هل لديكم فيتو على أحد؟
* السيّد نصرالله: نتحدّث لاحقاً إن شاء الله.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد أعتقد أن هذا آخر لقاء مع سماحتك في عهد الرئيس عون، لذا أنا أحب أن أتحدّث عن الرئيس عون في هذا الأمر، لسنا في مجال التقييم حول عهده ولكن الرئيس عون خلال السنوات الأخيرة عهده مرّ في مطبّات كثيرة، أنجز وأيضاً عانى من بعض المطبّات، كيف ترون الرئيس ميشال عون الذي دعمتموه بشكل كبير؟ وسؤالي الآخر من فضلك سماحة السيّد هل تعتبرون أنفسكم وأنتم مَن دعمه بالبداية، قمتم بواجبكم تجاه الرئيس عون وعهده؟
* السيّد نصرالله: أحيانا الآن حين يُحكي في البلد، وأنا أود أن أتكلّم بهذا الموضوع قليلاً لأجل المرحلة المقبلة، عندما يحاول البعض أن يقيّم ويقدّم تقييمات سلبية لعهد فخامة الرئيس ميشال عون ويحمّله أيضاً تبعات ومسؤوليات أحياناً قاسية، أين يقع الالتباس؟ الالتباس وهو الذي يجب أن يُعالَج للأمام وألّا يتكرّر هذا الأمر، أنّ الرئيس في لبنان هو ليس حاكماً، يعني بتعبير آخر هو له بعد الطائف صلاحيات محدّدة، محدودة ومحدّدة، السلطة التنفيذية هي في عهدة مجلس الوزراء مجتمعاً، هذا ما فعله الطائف، قبل الطائف كان رئيس السلطة التنفيذية وكان بالحقيقة السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية يعاونه رئيس الوزراء والوزراء، اليوم بعد الطائف السلطة التنفيذية هي عند الحكومة مجتمعةً. ولا شكّ أن بعد الطائف تأثير رئيس الوزراء كبير جداً والسلطة في مجلس الوزراء، في نهاية المطاف رئيس الجمهورية عنده صلاحيات محدّدة، الذي يريد تقييم فخامة الرئيس عليه أن يقيّم أداءه على ضوء صلاحياته المحدودة والمحدّدة. مثلاً رئيس الجمهورية، نأخذ أمثلة بسيطة، رئيس الجمهورية يمكنه أن يُخرج معتقَلاً من السجون؟ لا يستطيع، زمان كان يُخرج كل المساجين، إلا إذا أراد أن يصدر عفواً خاصاً وهذا بحث آخر وبشروط معيّنة لأن العفو الخاص ليس مفتوحاً، يستطيع إقالة وزير لوحده أو مدير عام لوحده؟ رئيس الجمهورية مفهوم موقفه من حاكم مصرف لبنان لا يستطيع أن يفعل شيئاً، هذه صلاحيات رئيس الجمهورية وبالتالي رئيس الجمهورية هو الذي يحدّد السياسات العامة والاقتصادية والإعلامية والتربوية لنحاسبه على النتائج الاقتصادية و المالية والنقدية في البلد؟! هذه ليست من مسؤولياته بل من مسؤوليات الحكومة. لذلك أحياناً تروح الأسئلة أو الاتّهامات أو الأحكام إلى المكان الخطأ إذا أردنا أن نقول بالدرجة الأولى من يتحمّل المسؤلية، هناك نظام معمول وهو النظام الحالي، هناك مؤسّسات، هناك صلاحيات موزّعة بين المؤسّسات، رئيس الجمهورية له حصّةٌ ما في هذا النظام، أنت يمكن أن تحاسبه بحجم الحصّة التابعة له المُعطاة له، وإلا أكثر جهة في الدولة اللبنانية، يعني اليوم مثلاً بكل ما يرتبط بالقضاء تسأل مجلس القضاء الأعلى، أي القضاء اللبناني، لماذا فعل هكذا ولماذا يتصرّف هكذا، لماذا يتصرّف بهذه الطريقة، لماذا هذه الملفات لا يفتحها، لماذا الملفات يُقفلها؟ يوجد قضاء. تقول لي من يقف خلف القضاء؟ نصبح في بحث آخر ونتحدّث خارج النظام ، الحكومة اللبنانية هي من بداية اتفاق الطائف إلى اليوم هي المسؤولة عن السياسات الاقتصادية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ومَن كان فيها ومَن فيها الآن، مجلس النواب أيضاً كسلطة تشريعية عنده جزء من المسؤولية..
* غسان بن جدو: سماحة السيّد بكل احترام ولا تؤاخذني في هذا الأمر، هذا توضيح جيّد ولكن أنتم متّهَمون بأنكم أوقفتم البلد من أجل الرئيس ميشال عون إذا كانت صلاحياته محدودة بهذا الشكل.
* السيّد نصرالله: أهمية رئيس الجمهورية أنه يشكّل ضمانة، اليوم هذا ما أقوله لا يعني أن تعطي ظهرك لموضوع رئاسة الجمهورية وأن صلاحياتها محدودة فلا مشكلة أيٍّ كان من أتى رئيساً، بالعكس رئيس الجمهورية يمكنه أن يخرب البلد، يمكنه أن يعطّل البلد، يستطيع أن يفتح ألف مشكل في البلد، يعني يستطيع أن يلعب دوراً سلبياً هائلاً، لكن ليستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً إمكانياته تكون عادةً محدودة، نحن نخاف أكثر. الدور السلبي الذي يمكن أن يكون..
* غسان بن جدو: غريب فعلاً، يعني رئيس الجمهورية يستطيع أن يخرّب ولا يستطيع أن يشارك في البناء، أو يبني، لا هو يشارك لكن لا يستطيع أن يبني بصلاحيات مطلقة.
* السيّد نصرالله: مرةً أحد إخواننا من شباب العسكر يشتغل في المتفجّرات، يعني خبير متفجّرات، يقف على حاجز يقولون له ماذا تشتغل؟ يقول لهم مهندس، يقولون له يعني تبني بنايات؟ قال لهم لا أنزّل بنايات. لتبني بناية أستاذ غسان تحتاج لمهندسين ومال وباطون وحديد وماء ووقت، بينما لتُنزل بناية واحد فقط يُنزل بناية، التخريب لا يحتاج لجهد كبير، عادةً البناء هو الذي يحتاج لجهد كبير.
على كل حال هذه الملاحظة أريد أن أصل لها، هنا أتحدّث عمّا مضى، وهنا طبعاً أصدقاؤنا وحلفاؤنا في التيار الوطني الحر ربّما وقعوا في هذا الالتباس، عندما بنوا أعطوا آمالاً، العهد القوي، العهد سيفعل كذا وكذا، هو العهد لا يوجد لديه هذه صلاحيات ليستطيع أن يفعل هذا، ولذلك أعود وأقول إذا أراد الفرد أن يكون عادلاً ومنصفاً ومنطقياً عندما يتحدّث عن عهد فخامة الرئيس ميشال عون عليه أن يأخذ هذه الصلاحيات ويرى على ضوء هذه الصلاحيات وجود فخامة الرئيس ما الإنجازات التي فعلها، ما كان يستطيع أن يفعل بصلاحياته ولم يفعل وعلى ضوئه يعطي علامة.
ولذلك أيضاً بالنسبة للمرحلة المقبلة، الآن هناك خطأ موجود في البلد هو أن قبل الانتخابات النيابية كل القوى السياسية تقول الحل والعلاج ومسار الخروج من الأزمة يبدأ بالانتخابات النيابية، طيّب صارت الانتخابات النيابية ولا يزال البلد عالقاً، الآن هم أنفسهم ماذا يقولون؟ الحل يبدأ بانتخاب الرئيس، وهذا أيضاً توقّع غير صحيح، الآن إذا ذهبنا وانتخبنا رئيس جمهورية يعني البلد صار على طريق الحل؟ لا، الحل يبدأ بتشكيل حكومة جادة ومسؤولة بانتخاب رئيس جمهورية، هذه الحكومة لاحقاً تُكمل أو بعد انتخاب رئيس الجمهورية تتشكّل حكومة، بتعبير آخر إذا أردنا حلاً حقيقياً هو في تشكيل حكومة وعدم انتظار انتخابات للرئيس، لكن إذا لم تتشكّل انتخاب رئيس لا يكفي، لا أحد يوعد الناس ويقدّم لها أحلاماً وردية، الحل هو أن تشكَّل حكومة تتحمّل مسؤولية.
طيّب بعد الانتخابات النيابية هذا لا يريد، وذاك لا يريد، القوى السياسية أغلبهم أعلنوا لا يريدون المشاركة في الحكومة، ما هذا الزهد؟ هذا زهد؟ هذا ليس زهداً، لأنه مطلوب حكومة عتالة، حكومة حمل أثقال، حكومة تحمل مسؤولية، حكومة تأخذ قرارات صعبة، هم لا يريدون أن يتحمّلوا المسؤولية ويريدون الهروب من القرارات الصعبة، لا يريدون حمل أثقال من أجل إنقاذ شعبهم، هم يكونون في الحكومة عندما تكون هناك أموال لتُنهَب، يكونون في الحكومة عندما لا تكون هناك أعباء، هم يريدون نعمة ولذّة وجنّة السلطة، ولذلك كثيرون من الناس يقولون الآن لا أريد أن أكون في السلطة، لا أريد المشاركة في الحكومة، لماذا؟ لأن البلد ذاهب إلى وضع صعب أي حكومة تأتي.
الحل إذا أردنا أن نتحدّث على مستوى النظام هو في تشكيل حكومة حقيقية جادّة، وفي الموضوع الرئاسي نعم سيأتي وقت وننتخب رئيس.
لقد فُتّك بأمر حتى لا تقول أنني تجاوزته، نحن حقيقةً وإنصافاً وعدلاً. كل ما نستطيع أن نفعله لنكون إلى جانب عهد فخامة الرئيس ميشال عون فعلناه، أريد تذكيرك في تشرين 2019 الحملة كانت هائلة جداً واستهدفت فخامة الرئيس بالدرجة الأولى، وطالبت باستقالته وإسقاط الحكومة والمجلس النيابي، لكن كان الهدف الأول باللائحة فخامة الرئيس، وكثيرون من الناس خافوا وسكتوا، من أول واحد وقف وعلناً وفي مواجهة غضب شعبي كان لنا مفهوم لكن بالنسبة لكثيرين من الناس كان مفهوماً غلطاً، وقال نحن لا نسمح بإسقاط رئيس الجمهورية، ألم يكن حزب الله؟ أول قوة سياسية في لبنان وقفت وقالت هذا الأمر أم لا؟ على طول الطريق نعم ما نستطيع أن نعمل عليه ونفعله. مثلاً تمرّ في ظروف كما الآن، سابقاً بين الرئيس سعد الحريري وفخامة الرئيس بتشكيل الحكومة، رئاسة الجمهورية تقول أنتم قادرون أن تمونوا على الرئيس سعد الحريري ولا تمونون فيعتبون علينا، والرئيس سعد الحريري يقول أو يعتقد أننا نمون على فخامة الرئيس لنسهّل التشكيل ويعتب علينا، لكن في حقيقة الأمر نحن لا نمون هنا ولا هناك، نحن نتحدّث، نقوم بوساطة، نجري نقاشاً، وصلنا لمحل فيكون قد وصلنا، إن لم نصل نكتفي، هذا هو الحال.
لذلك بخلاصة أنا أقول ما نعتقد أننا كنا قادرين وما زلنا، لأن لا يزال هناك وقت وأطال الله بعمره إن شاء الله لفخامة الرئيس، أن نفعله إلى جانب هذا العهد نحن فعلناه.
* غسان بن جدو: نحن لا نريد أن نقيّم العهد، ولكن هل يمكن أن نعطي توصيفاً للرئيس ميشال عون في نهاية عهده، لشخصه كرئيس؟ برأيكم الموضوعي.
* السيّد نصرالله: الظروف التي جاء بها فخامة الرئيس رئيساً للجمهورية كانت ظروفاً صعبة، وتحولات عشرية النار كما تسمّونها، الأوضاع في المنطقة وفي الاقليم، بداية الوضع الاقتصادي الصعب بات يظهر على السطح، أيضاً التطوّرات التي حدثت في البلد، الاستهداف الذي جرى له أيضاً، كانت هناك جبهات تستهدف فخامة الرئيس ومعروف في البلد..
غسان نب جدو: هل كان رئيساً قوياً هو كشخص؟
* السيّد نصرالله: نعم هو شخص قوي ولم يضعف، في 2019 ربّما شخص آخر كان يغادر قصر بعبدا وبلّطوا البحر، بتعبيرنا اللبناني حلّوا عنّي، عيفوني، هناك قرارات لم يكن ليأخذها أحد إلا الرئيس ميشال عون كحسم المعركة في الجرود، واضح، كان يُعتدى على الجيش اللبناني ويُقتَل ضباطه ويُؤسَر جنوده وأجساد شهدائه وقوى الأمن الداخلي ولا قرار رسمي حتى بالعمل العسكري، وكان هناك فيتو أميركي على العمل العسكري، الذي تجاوز الفيتو الأميركي وكان رجل يأخذ هذا القرار كان العماد ميشال عون، أصعب الظروف في المنطقة، حرب في المنطقة، الأمن في لبنان كان أمناً مستقراً هذا لمَن يسجَّل؟ للعهد وللحكومة وللدولة، لأنه في النهاية نعود للصلاحيات، فحين نتحدّث عن إنجازات توجد مجموعة إنجازات مهمة، ورجل نعم قوي، هو كشخصية، كمتانة، كمبان، كفكرة، كرؤية، عنده حضوره وأعتقد شخص آخر تعرّض لما تعرّض له العماد ميشال عون كان مفترض أن يكون تياره في الانتخابات النيابية صار عنده حال انهيار.
* غسان بن جدو: الحد الأدنى من الخسارة الذي فاجأ الجميع من دون استثناء. أنا سماحة السيّد تبقى لدينا ساعة، عندنا بعض القضايا ولكنني سأختصرها للحد الأقصى إن شاء الله.
مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا، فاصلٌ ونعود بعده لاستكمال حوار الأربعين.
* غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام في حوار الأربعين. سماحة السيّد قبل الفاصل وردنا اهتمام إسرائيلي بما تفضّلتم به حول كاريش وما بعد كاريش وحقول الغاز، يبدو أن الرسالة قد وصلت لكنها وصلت بسرعة، اهتمام كبير وبّما حتى فيه خوف.
بكل صراحة وموضوعية كيف ترى أفق إسرائيل؟
* السيّد نصرالله: أنا من الذين يؤمنون منذ مدة طويلة ولكن اليوم بات عليه كثير من الشواهد، أنا أؤمن أنه لا مستقبل لهذا الكيان الذي نسمّيه الكيان المؤقّت، يعني المنطق، السنن التاريخية، السنن الإلهية، الذي يقرأ التاريخ، القوانين الحاكمة في المجتمعات، هذا كيان ليس له مستقبل. بكل الأحوال حتى لا أدخل في استدلال طويل عريض ما كنا نقوله نحن قبل عشر سنوات أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة، أو ما طرحه الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه عام 1979 و1980 عن إزالة إسرائيل من الوجود اليوم القادة الكبار الإسرائيليون هم يتكلمون عنه، يعني هذا رئيس الحكومة المنصرف بينيت، سابقاً قبل أن يستلم رئاسة الحكومة ولم يغيّر رأيه، في خطاباته الأخيرة كان يتحدّث عن مخاطر وجود، اليوم في الكيان عند المسؤولين الساسيين، المسؤولين الأمنيين، مسؤولين جنرالات عسكريين، أساتذة جامعات كبار بعضهم ألّف كتباً أنا حضرت لهم مقابلة تلفزيونية حول كتاب، الفكرة كلها أن هذه إسرائيل غير قابلة للبقاء، لا توجد قابلية، مثلاً رئيس الموساد الأسبق يقول إنّهم شغّلوا أجهزة التدمير الذاتي، طبعاً هم يتحدّثون عن أسباب داخلية بالدرجة الأولى، لكن تاريخياً عندما يأخذ على القياسات التاريخية يقول الخلافات والصراعات الداخلي ثمّ يأتي العمل الخارجي ويجرف هذا الكيان، هذا ما سيحصل.
* غسان بن جدو: تراه في الأفق القريب؟
* السيّد نصرالله: أنا أراه قريباً جداً. على كل حال هم أنفسهم هؤلاء الكبار الزعماء والمحلليون وغيرهم من الإسرائيليين يناقشون هل يبقى عمر الدولة للثمانين أو لا، يعني عدة سنين الحكاية، هم يتكلّمون وليس نحن. بالنسبة لنا نحن، نحن نعتقد هناك مجموعة عوامل أولاً كما يقولون العوامل الداخلية صحيحة، وهذا أمر من ثقافتهم، من تربيتهم، من بيئتهم وتركيبتهم، والأمور ذاهبة في هذا الاتّجاه الى ما هو أسوأ، وها هي الانتخابات البرلمانية المقبلة. الأسباب الداخلية كلها على بعضها، اقتصادية وثقافية وتربوية ودينية.
ثانياً تمسّك الشعب الفلسطيني، اليوم نفَس المقاومة عند الشعب الفلسطيني وإرادة الصمود وإرادة المقاومة والإيمان بالمقاومة أعلى من أي وقت مضى رغم كل الظروف الصعبة التي مرّت عليه من أكثر من سبعين عاماً.
ثالثاً قوّة محور المقاومة الذي يؤمن بهذه القضية.
رابعاً الوضع الدولي، كلنا نعرف أن الذي حافظ على هذا الكيان، يعني واحد جاء وزرع كياناً في قلب العالم العربي، في قلب العالم الإسلامي وفرضه على مئات الملايين والآن يفرضه على مليار و500 مليون، هذا قوّة خارجية عظمى في العالم. التحوّلات الدولية أيضاً ستكون مؤثّرة جداً، إسرائيل هذه سيأتي وقت، سيأتي وقت والأوروبيون سيكونون مشغولين بأنفسهم وهذا نذره بدأت الآن، النظام الدولي يتحوّل إلى نظام متعدّد الأقطاب، أفق الحرب الروسية الأميركية في أوكرانيا إلى أين؟ الصين وأميركا إلى أين؟ أميركا نفسها إلى أين؟ منذ يومين أنا قرأت استطلاع رأي لمركز دراسات في أميركا 51% فاصلة يعتقدون أنه خلال السنوات القليلة المقبلة ستشهد الولايات المتّحدة حرباً أهلية، إذا ما كانت أميركا فلا يوجد إسرائيل، يعني أنا بالنسبة لي المشهد عندي مشهد ناس وضّبت شنطها وذاهبة إلى المطارات والموانئ والمعابر الحدودية مع مصر ومع الأردن، هذا المنظر الذي في بالي، هذا كيان ليس له مستقبل، تقول لي الأربعين التي مضت أو الأربعين القادمة، أقول لك لا أقل من أربعين ربيعاً، لا نحتاج لأربعين ربيعاً أخرى لنشهد هذه النتيجة. وهنا لا نتحدّث لا مُغيّبات ولا تنبؤات ولا منامات ولا مُكاشفات، لا، واحد زائد واحد يساوي إثنين، هذه الوقائع وهذه المُعطيات الداخلية، هذه مُعطيات المنطقة وهذه مُعطيات العالم.
* غسان بن جدو: الشعبان الأردني والمصري سماحة السيّد لن يتركوهم يأخذون شنطهم، هما شعبان رافضي للتطبيع بقوّة.
* السيّد نصرالله: يخرجون من المطار ومن البحر. اليوم مثلاً ما يؤكّد هذا الموضوع المُعطيات الموجودة، مثلاً كم عدد الإسرائيليين الذين عنده جنسية ثانية؟ كم إسرائيلي يقول إذا صارت حرب مقبلة هو جاهز للمغادرة؟ يعني لا ينتظر نتيجة الحرب مع بدء الحرب سيغادر، هذا كله ماذا يعني؟ أصلاً هناك شعب أُحضر إلى أرض وافتُعل له قضية وهو لا يحمل هذه القضية بدليل أن واحدة من الخيارات كانت أوغندا، كانت الأرجنتين، كانت أوكرانيا، الإنكليز أحضروهم إلى فلسطين وليس التوراة مَن أحضرهم، إذاً هذه الكذبة هم يعرفونها، ولذلك لا استعداد للتضحية من أجل البقاء في هذه الأرض ودفاعاً عن هذه الأرض لأنها أرض محتلة بالنسبة لهم، هي ليس لهم أي صلة بها على الإطلاق. ولذلك كل عناصر البقاء تتراجع وتخمد وعناصر الذهاب والانقراض هي تقوى يوماً بعد يوم، بالنسبة لي أنا يوجد وضوح شديد في هذا الموضوع.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد تحدّثتَ قبل قليل عن محور المقاومة الذي يمكن القول توسّع ليصبح حلف القدس، إذا صحّ التعبير، وهو حلف القدس انطلق بعد هبّة القدس العام الماضي وسيف القدس، في هذا الإطار سماحة السيّد العام الماضي وهذا العام أيضاً السيّد يحيى السنوار أشار بوضوح إلى وجود ما سمّاها بغرفة عمليات مشتركة وهنا، وشارك فيها حزب الله وتحدّث عن حرس الثورة وهم الفصائل الفلسطينية. نحن نعلم سياسة حزب الله دائماً في التكتّم والكتمان حول هذه القضايا، أما وإن السيّد يحيى السنوار تحدّث عن هذه المسألة ومع ذلك للأسف ما زال هناك مَن يشكّك في دور حزب الله في هذا الأمر، في حوار الأربعين ما الذي يمكن أن تحدّثنا به عن سيف القدس؟
* السيّد نصرالله: غرفة العمليات هذه واقعاً كانت موجودة، عندما تمّ الحديث أولاً في الإعلام عنها بعد انتهاء الحرب كانت هناك ملاحظة عند الاخوان في حزب الله أن هذا الأمر قد يُزعج حماس أو الاخوة في غزّة، لكن تبيّن لاحقاً أنه لا يزعجهم لأنهم تحدّثوا عنه علناً وبشكل صريح، سواءً القادة العسكريين أو القادة السياسيين.
* غسان بن جدو: من فضلك كانت حماس في غرفة العمليات المشتركة؟
* السيّد نصرالله: كان هناك تنسيق مباشر مع حماس، تنسيق مباشر مع الجهاد الإسلامي، فكانت هناك غرفة عمليات، كانت هناك مواكبة على مدار الساعة خلال كل أيام الحرب، طبعاً الأمر يعتمد على عاملين أولاً ما يتّصل بالمعلومات، يعني كل ما كان يتوفّر لدينا من معلومات كنّا نقدّمه للإخوة وكان مفيداً جداً لهم وهذا ما عوّلوا عليه هم ودفع بلاءً عظيماً.
* غسان بن جدو: تعطيني مثالاً؟
* السيّد نصرالله: هم ما حكوا به، يعني كان هناك فخّ معيّن..
* غسان بن جدو: يعني هذا من حزب الله.
* السيّد نصرالله: نعم، هذا الاخوة قدّموه كمعطى وهم بنوا عليه وتصرّفوا على أساسه وضاع الفخّ. هذه المسألة الرئيسية كانت. فأولاً بالمعلومات كل ما نستطيع أن نحصّل من معلومات ومواكبة، كانت عندنا مواكبة ممتازة من اخواننا، وثانياً تقديم اقتراحات أو أفكار أو تبادل وجهات النظر باعتبار تجربتنا التي خضناها نحن في حرب تموز. بشكل أساسي هذان الموضوعان، لم يكن هناك قتال مباشر، هم مَن كان يقاتل.
* غسان بن جدو: هل غرف العمليات المشتركة هذه يمكن أن تتوسّع ضمن حلف القدس؟ حلف القدس لا نتكلم فقط لبنان وفلسطين، عن أطراف أخرى.
* السيّد نصرالله: على كل حال حين تتكلّم عن عبارة غرفة عمليات يعني ذهبت إلى الجانب العملاني، تبادل معلومات، تبادل أفكار، إدارة معيّنة، تواصل ساعاتي يومي، أما عندما تذهب إلى الدائرة الأوسع هذا التواصل قائم بين قوى محور المقاومة التشاور الدائم، التواصل الدائم، اللقاءات الدائمة، وبالعموم الكل يقرأ في كتاب واحد والكل يتحرّك في موقعه.
* غسان بن جدو: حرس الثورة كان مشاركاً في حلف القدس؟
* السيّد نصرالله: نعم، هم أعلنوا ذلك الاخوة في حماس.
* غسان بن جدو: أنا أعرف ولكن أتحدّث لسماحة السيّد.
السيد نصرالله: صحيح.
* غسان بن جدو: آخر مستجدّات حول حماس، طالما نتحدّث عن حماس، هو إعلانها بالإجماع قرارها بالعودة إلى دمشق، حتى الآن نحن لم نسمع رأي دمشق، هل لديكم ملعومات سماحة السيّد مُعطيات، تصوّر ورؤية كيف وصل الاخوان في حماس إلى هذه النقطة؟ هل كان لديكم دور؟ هل قمتم بوساطة سواء أنتم كحزب الله وسماحتك كشخص بشكل دقيق؟ أو الاخوة في إيران؟ هل يمكن أن تحدّثّنا عن هذا الوضع؟
* السيّد نصرالله: أولاً الاخوة في حماس كيف وصلوا إلى هذا القرار الأفضل أن يتكلّم الاخوة في حماس، يعني حتى لا أتكلّم بالنيابة عنهم، لكن مما قالوه علناً ومما يُقال الآن في السجالات في نهاية المطاف حماس هي حركة مقاومة إسلامية فلسطينية قضيتها الأولى فلسطين وتحرير القدس وإنقاذ الشعب الفسطيني من كل هذه الويلات التي يعيشها من الاحتلال إلى الحصار. إذاً أولويّتها هي هذه، في إطار هذه الأولوية وخدمةً لهذه القضية أي حركة مقاومة فلسطينية عندما تجد أصدقاء وحلفاء يجب أن تتمّسك بهم، وإذا حصل في يوم من الأيام خللٌ ما، إشكالٌ ما، التباس ما في العلاقة يجب أن يُعالَج في أقرب وقت ممكن، المنطق هكذا يقول، غير ذلك هو غير المنطق، المنطق يقول أن هناك شعب فلسطين يخوض معركة وجود، معركة مستقبل، معركة كرامة، معركة حياة، اليوم مثلاً الناس يتفاوتون، الآن كثيرون من الناس يقولون غزّة مُحاصَرة 15 سنة لا يعني لهم شيئاً، أنه آلاف الشباب الفلسطينيين في السجون هذا ثلاثين سنة وأربعين سنة وخمسين سنة، هذا محكوم 400 سنة، أن هناك أمّهات وزوجات وأولاد لا يرون آباءهم وأحباءهم لسنوات طويلة ربّما كثيرون في العالم لا يعني لهم شيئاً، لكن في قلب الشعب الفلسطيني هذا جرح وألم دائم نحن نشعر به لأننا عشنا مثله. والله هناك معركة في نابلس، معركة في جنين، العالم عايش في مكان آخر، لكن الذي يُقاتل ويستشهد ويُجرَح وينرعب والأطفال والنساء موجودة هناك، هذه القضية من أكثر أحد مضغوط بها؟ هم نفس الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة الفلسطينية. عندما تنظر فصائل مقاومة فلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني، يجدون الأنظمة العربية كلها ذاهبة في مكان آخر. كلنا نعرف أستاذ غسان اليوم أن في العالم العربي ليس إن تدعم القضية الفلسطينية أي أن ترسل لهم سلاحاً مثلاً، لا، تستطيع أن تجمع مالاً، هناك دول عربية اليوم إذا جمعت مالاً لأيتام الفلسطينيين يُزَجّ بك في السجن تحت عنوان دعم الإرهاب والله أعلم تخرج من السجن أو لا، هذا موجود اليوم. هذا الشعب اليوم حتى أغلب الأنظمة العربية لا تعترف بجهاده ومقاومته تتجاهله، تذهب وتطبّع مع الإسرائيلي، لا تقدّم له أي مساعدة، تمنع أن يقدّم أي أحد المساعدة له، تحاصره، في نهاية المطاف ينظر من حوله مَن معه؟ مَن كان معه؟ مَن لا يزال معه؟ اليوم مثلاً في غزّة عندما يخرج مسؤولو المقاومة السياسيون والعسكريون وحتى الناس العاديين ويشكرون الجمهورية الإسلامية في إيران لماذا؟ هذا لا علاقة له لا بموضوع تشيّع وتسنّن ولا علاقة له بأي شيء آخر، هذا موضوع إنساني وأخلاقي.
هناك دولة في العالم في الكرة الأرضية ما زالت واقفة وتدعم هذا الشعب وتسانده سياسياً، دبلوماسياً، إعلامياً، مالياً، عسكرياً، تقنياً، من دون أي تحفّظ، الشعب الفلسطيني ينظر أنه لا أحد يقف معي إلا هذه الجمهورية الإسلامية وسوريا وربّما أحد البلدان الأخرى، طبيعي أن يقفوا ويشكروا ويمتنّوا وإلى آخره. ممكن باللعبة السياسية أحداً تقطّع عنده، لكن واحد يقول لك أنا أعمل علاقات استراتيجية مع إسرائيل وأطبّع العلاقة مع إسرائيل خدمةً للشعب الفلسطيني! يعني هل هناك من استحمار واستغباء للشعوب العربية والإسلامية أكثر من ذلك؟
على كل حال، إخواننا في حماس كما كل إخواننا الفلسطينيين وصلوا إلى مكان، هناك سوريا، سوريا هي جزء أساسي من محور المقاومة، عليك أن تكمل صراعك مع العدو الإسرائيلي لا تستطيع أن تبقى تدير ظهرك لسوريا، بمعزل عن الموقف أو الالتباس أو الملاحظة أو الخلفية أو القراءة للموضوع. إخواننا في حماس أظنّ، هذا تحليلي والشيء الذي فهمته وهم يتحدّثون به، وصلوا إلى هنا، حتى اليوم أنا عرفت أن كثيراً من الجهات في الخارج تناقشهم وهذا قرار صعب، وهناك ناس لن يتفهموهم، يعني في النقاش الداخلي قلت لهم عليكم أن تجهّزوا أنفسكم لعملية جلد على امتداد العالم العربي والإسلامي، لكن هم الاخوان يقولون نحن مجاهدون من أجل قضية..
* غسان بن جدو: وبالإجماع؟
* السيّد نصرالله: الذي تبلّغته نعم بالإجماع، وهذا هم يقولونه وليس في لقاء خاص، إذاً هم وصلوا لهذه النتيجة، طبعاً ربّما بيان رسمي أو ما شاكل يخرج في وقت معيّن لأنه لا يزال عندهم تهيئة القواعد وإن كانت قد أصبحت مهيّأة، وحوارات مع أصدقاء وحلفاء على امتداد العالم العربي والإسلامي لا ليُقنعوهم ويقبلون معهم لكن ليتفهّموهم، وهذا طبيعي، هذا على خط حماس.
طبعاً نحن كنا دائماً مع إخواننا في حماس نفعل هذا النقاش منذ زمن، أنه في نهاية المطاف هذا المحور يجب أن يلملم على نفسه، العالم تعود وتتعاون، وكنّا أيضاً نستشهد بشيء وعادةً يُسَأَل هذا السؤال، الاخوة في حماس في الجلسات الداخلية قبل الإشكال وحتى بعد الإشكال الذي جرى في سوريا، وإذا أحد جلس معهم هم لا يخفون ذلك، الآن ربّما هناك ناس لن يعجبهم هذا الحكي، لكن عندما يكونون هم منصفين ويقولون لم يُقدّم أي نظام عربي ما قدّمته سوريا يعني النظام في سوريا لحركة حماس ولحركات المقاومة الفلسطينية، لم يقدّم أحد، وهذا على كل حال سيفٌ ذو حدّين هذا الكلام، في كل الأحوال فكنا نحن دائماً نقول إن هذا الموضوع يجب أن يُعالَج، إخواننا في حماس الآن أصبحوا جاهزين.
في سوريا هذا الموضوع أنا شخصياً مهتم به، حزب الله طبعاً مهتم به، نحن أكثر جهة ربّما قادرون أن نتحدّث مع الجميع في المحور، وحريصون أن نتحدّث مع الجميع نجمع صفوفنا لأن واضح أن المنطقة والصراع الى أين ذاهب، وكما قلت لك قبل قليل نحن نرى أن الأمور كلها ذاهبة إلى خير إن شاء الله، يعني المحاصَر هو غيرنا، الخائف هو غيرنا، القلق هو غيرنا، نحن عندنا رؤية متفائلة جداً بالمستقبل وبالمستقبل القريب، لذلك تجميع الصفوف عملية مهمة جداً. طبعاً في السنوات السابقة لا حماس كانت جاهزة والظرف لم يكن يساعد، ولا أيضاً القيادة السورية كانت جاهزة لخيار من هذا النوع، كان واضحاً أن الأمور تحتاج لوقت. الآن سوريا حتى في موضوع إعادة العلاقات العربية والدول العربية وأنظمة عربية وجهات أخرى في العالم تأتي إلى دمشق، سوريا الآن منفتحة وهي تريد أن تُعيد الكثير من هذه العلاقات، في نهاية المطاف ربّما الناس لاحقاً تجلس وتتعاتب على ما جرى والماضي والحاضر لكن المهم هو النظرة إلى المستقبل.
* غسان بن جدو: لا زلت مستمراً في هذا الأمر؟
* السيّد نصرالله: طبعاً، أنا أعتقد أن الأمور قابليّتها جيّدة وتحتاج لبعض النقاش، لبعض الوقت ونصل فيها إلى خاتمة طيّبة إن شاء الله.
* غسان بن جدو: من فضلك بعد إعلان حماس لهذا الأمر هل تحدّثت للقيادة السورية؟
* السيّد نصرالله: نحن دائماً نتحدّث وماشي الحال إن شاء الله، الأمور تحتاج لبعض الجهد لكن المسار هو مسار إيجابي.
* غسان بن جدو: طالما نتحدّث عن دوركم ووساطاتكم في المنطقة العربية سماحة السيّد هناك مَن أبلغنا من أوساط ما أن المملكة العربية السعودية من بين إشكالاتها معكم، ليس أنكم هنا مهيمنون كما تتصوّره وإلى غير ذلك، ولكن هي تتمنّى بشكل كبير أن تقوموا حزب الله وسماحتك بشكل خاص بدورٍ كبير لدى السيّد عبدالملك الحوثي وأنصار الله وصنعاء بشكل عام، هل هذا الأمر حصل وهل أن حزب الله وسماحتك مستعد للقيام بهذا الدور؟ خصوصاً وأن الآن بدأت تنفتح الأمور، يعني الآن بين إيران والسعودية إن شاء الله تنفتح، إن شاء الله لقاء سياسي قريباً، وهذا يبشّر بعودة العلاقات بشكل جيد ويخفّف من التوتّرات في المنطقة.
* السيّد نصرالله: أولاً بشكل رسمي لم يُطلَب من حزب الله شيء من هذا النوع، هذا جواب على الشقّ الأول من السؤال، أنا قرأت شيئاً من هذا في بعض وسائل الإعلام وسمعت في بعض المجالس رغبة من هذا النوع لكن أنا لم أُبلَّغ رسمياً بشيء من هذا. هذا أولاً، ثانياً في هذا الأمر نحن لسنا وسيطاً، نحن طرف، أنا مع السيّد عبدالملك الحوثي، أنا مع الشعب اليمني، أنا مع أنصار الله، أنا لستُ وسيطاً معهم، إن كان المطلوب وسيطاً عليهم أن يبحثوا عن وسيط يمكن أن يلعب دور الوساطة، أنا أعتقد في هذا الموضوع حزب الله ليس مأهّلاً أن يلعب دور الوساطة، أحد الأسباب أن الوسيط يجب أن يمارس ضغطاً هنا وضغطاً هناك ويطلب من هنا تنازلاً ومن هناك تنازلاً حتى يصل إلى تسوية معيّنة، هذه الفكرة بالوساطة، ليس هناك ما تطلب من السيّد عبدالملك ومن أنصار الله ومن الشعب اليمني أن يتنازل عنه، أصلاً هو ماذا يطلب؟ هنا تقع المشكلة، وهي مشكلة أي وسيط، سماحة السيّد يقول نحن يا أخي واحد وقف إطلاق نار يعني وقف الحرب، ورفع الحصار، انتهينا من الحرب والقتال ونذهب كيمنيين نعقد مؤتمر حوار داخلياً
ونعقد حلاً سياسياً، طيب إذا أنت عليك أن تكون وسيطاً تحتاج أن تطلب تنازلاً من السيّد عبدالملك، عمّاذا يتنازل؟ أصلاً القبول بوقف إطلاق نار من دون رفع حصار هو موت ولذلك هو يرفضه والإخوة هناك يرفضونه، هذا ما تطرحه السعودية، أنه تعمل وقف إطلاق نار ويبقى الحصار وتذهبون إلى حوار داخلي، يعني الحوار في ظل الحصار والتجويع والمرض والأوبئة والضغوط الحياتية والمعيشية وكذا، أصلاً هنا يوجد فخّ، وهم الاخوة في اليمن ينتبهون له، تعرف عندما تكون الجبهة شغّالة العالم في الجبهة الناس تدفع من أموالها للجبهة، لكن عندما تتوقف الجبهة ويقع وقف إطلاق النار، لا يوجد حرب، لا يوجد قتال، العالم تريد العودة إلى بيوتها ستطلب مالاً ولن تدفع من جيبها المال، ستبدأ المطالبات وتخرج الأوجاع، الجروحات وإلى آخره، هكذا يفتّت جبهته من الداخل، أي أحد يكون في هذا الموقع لا يرضى إلا بهذه الآلية، إذاً المطروح كبداية للحل وقف إطلاق نار، رفع الحصار، الذهاب إلى الحوار السياسي، لا شيء في هذا قابل للتنازل، ولذلك حاولوا إدخال الإيرانيين في هذا الموضوع، الإيرانيون أعطوهم جواباً واضحاً في مفاوضات بغداد، أنه ماذا نتحدّث مع اليمنيين؟ اليمني يقول لك واحد إثنان وثلاثة هذا المنطق وماذا أقل من ذلك؟ للعمانيين أيضاً ذهبوا، للأمم المتحدة وغيرها، لذلك أنا وددت أن أقول الوسيط يدخل ليضغط على طرفين أو أحد الطرفين ليقدّم تنازلات، لا شيء يقدّم فيه تنازل، بالنسبة له هذه الآلية هي آلية وجودية ليست آلية امتيازات أو شروط عالية أو ما شاكل، لذلك نحن لسنا في هذا الصدد.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد عندكم مشكلة جذرية مع السعودية والإمارات؟ عندكم مشكلة عقائدية؟ ترفضون أي تواصل وأي علاقة.
* السيّد نصرالله: لا، أصلاً نحن علاقاتنا لا تقوم على أساس أيديولوجية أو دينية وعقائدية، علاقات سياسية ترتبط بعوامل استراتيجية وبعوامل سياسية، مصلحة بلدنا، مصلحة مقاومتنا، إلى آخره، ولا نبني موقفنا السلبي أو الإيجابي على خلفية عقائدية أو أيديولوجية أو دينية أو ما شاكل، وأنا أُضرب لك شاهداً أننا مع السعودية كان عندنا علاقات جيدة وكان السفير السعودي قبل 2005 وبعدها يأتي ونلتقي إخواننا يذهبون إلى السفارة السعودية وأنا التقيت مع السفراء السعوديين الي ما شاء الله، هذا كله قبل اليمن.
* غسان بن جدو: لكن بشكل غير علني؟
* السيّد نصرالله: لا علني، وموجود في الإعلام وفي الأرشيف وإلى آخره، وجلسات أحياناً طويلة ولطيفة فيها مزاح، ليست جلسات… إلى اليمن. أنا أتذكر أول سفير كنت لا زلت في بداية الأمانة العامة، يعني سنة أو سنتين، وطلب سفير السعودية أن يلتقي بي وكان كبيرً في السن وفي آخر سنوات سفارته، نسيت الإسم، رغم أنه كان أول لقاء بيني وبين سفير سعودي لكنه كان لطيفاً يعني مزح، أنا في أثناء الحديث، هذا قبل انهيار الاتّحاد السوفياتي، قلت يوجد في العالم قوّتان عظميان أميركا والاتحاد السوفياتي، قال لي لا سماحة السيّد طوّل باك، قلت له تفضّل، قال لي يوجد قوّة عظمي ثالثة، أنا اعتقدت أنه يتكلّم بجدية، فتبيّن أنه يمزح قلت له بجدّ يوجد قوّة عظمى ثالثة لا علم لي؟ قال لي بلى، قطر، يعني في أول لقاء لم يستطع أن يسكت عن قطر. فكان ود ومزح وإلى آخره.
التسهيلات كانت موجودة، رغم أنه كان، نحن عندنا منذ القدم رأي حول أداء النظام في السعودية باتّجاه الشعب السعودي وخصوصاً باتّجاه أهل المنطقة الشرقية، وكنّا أحياناً نستفيد من هذه العلاقة لمعالجة بعض المشكلات أو بعض الالتباسات على هذا الأساس، نحن إشكالنا الأساسي بدأ في اليمن، الحرب على اليمن.
* غسان بن جدو: وسيبقى مرتبطاً في اليمن؟
* السيّد نصرالله: مرتبط حكماً باليمن.
* غسان بن جدو: حتى لو تحسّنت العلاقات مع إيران؟
* السيّد نصرالله: نعم حتى لو تحسّنت العلاقات، هنا يوجد التباس، هناك مَن يفترض أن إذا إيران عملت علاقة طيّبة مع الدولة الفلانية يعني حزب الله مُلزَم بها، لا غير مُلزَم، نحن صداقاتنا وعداواتنا وخصوماتنا وقربنا وبعدنا له علاقة بمجموعة مبادئ ومجموعة مصالح، هي التي نأخذها بعين الاعتبار، إيران دولة وتعمل علاقات دبلوماسية وربّما تبادل اقتصادي وتجاري ونبقى نحن على عداوة وخصومة مع السعودية بسبب اليمن وبسبب غير اليمن.
* غسان بن جدو: لكن هذه الخصومة تقف عند حدود الموقف وليس أمراً آخر.
* السيّد نصرالله: لا ليس أكثر من هذا، الآن حتى الإخوة في اليمن، أي المظلومون، بالرغم مما أصابهم ومما لحق بهم ومع ذلك ماذا يقولون؟ يقولون أوقفوا حربكم عليكم وعلينا وعدوانكم علينا واتركوا الشعب اليمني يتصالح ونحن نريد حُسن جوار.
* غسان بن جدو: الأمر ذاته مع الإمارات سماحة السيّد؟
* السيّد نصرالله: مع كل الدول العربية، نحن لا نأخذ موقفاً أيديولوجياً وعقائدياً ودينياً الموضوع له علاقة بالسياسة.
* غسان بن جدو: طالما نتحدث عن هذه الأجواء التي يمكن أن تكون فيها بعض التفاؤل..
* السيّد نصرالله: مثلاً الإمارات، نحن عندنا موقف سياسي من التطبيع، أياً كانت الدولة العربية التي ستفعل تطبيعاً مع إسرائيل، لكن والله حزب الله بماذا أخطأ مع الإمارات؟ الآن في الحرب على اليمن نحن مع الشعب اليمني، أنتم اعتديتم على الشعب اليمني فنحن ضدّكم، لكن نحن حزب الله مع الإمارات ماذا فعلنا؟ لا شيء، إذاً لماذا هذه الاعتقالات التي تجري في الإمارات؟ والتي تحتاج لعلاج، طبعاً يوجد وساطة خير ليقوموا بعلاج، بكل صراحة هذه للضغط على حزب الله، وإلا كل الذين اعتُقلوا في الإمارات والآن يعتقلون في الإمارات لا علاقة لهم لا بحزب الله ولا بتشكيل حزب الله، يعيشون هناك من سنوات وصادروا أموالهم وممتلكاتهم وطردوهم بشكل مؤذٍ ومذل، على أي أساس؟ ولذلك هذا الموضوع طبعاً الدولة اللبنانية والأصدقاء عليهم أن يعالجوه.
بالخلاصة أنا أودّ أن أضع مبدأ، لا ننطلق في عدائنا من منطلق أننا مختلفون بالموضوع المذهبي أو العقائدي أو الديني، لا، نحن حساباتنا استراتيجية وسياسية.
* غسان بن جدو: في هذه الأجواء سماحة السيّد هناك الآن حديث عن إمكانية لتسويةٍ ما، مصالحةٍ ما، وساطةٍ ما بين سوريا وتركيا إردوغان، هل إن معلوماتكم ومعطياتكم تفيد جدياً أن إردوغان قابلٌ لتسويةٍ ما مع الرئيس الأسد ومع دمشق؟ أم هو فقط يناور ليربح الوقت خصوصاً ولديه ربّما كما يُتّهَم أطماع بأراضٍ سورية وحتى تغيير ديموغرافي في شمال سوريا؟ ويبدو طهران تقوم بهذا الدور، تحاول أن تقوم بهذا الدور التقريب بين دمشق وأنقرة.
* السيّد نصرالله: لا يظهر حتى الآن أن الظروف مهيّأة لتسوية من هذا النوع.
* غسان بن جدو: يعني إردوغان ماضٍ قدماً في سياساته القديمة، حسب معلوماتكم لم يقتنع أن دمشق انتصرت والرئيس الأسد انتصر؟
* السيّد نصرالله: يختلف، لا يعني أنه يكمل في سياساته القديمة، لكن لا يعني أنه أصبح مُهيّأ لتسوية، هناك أمر ما في الوسط بينهما. هو يعلم أن السياسات القديمة لن تؤدّي إلى نتيجة، لكن هو ما زال يراهن على مجموعة أمور إذا جاء وقت تسوية في زمن ما يكون في موقعه أفضل في هذه التسوية. هو يعرف، هو في نهاية المطاف ليست تركيا فقط أستاذ غسان، كل الحملات الكونية على سوريا وصلت إلى قناعة واضحة، خلاص هذا آخر الخط، يعني أكثر مما فعلوه خلال السنوات الماضية على المستوى العسكري، على المستوى السياسي، لن يفعلوا أكثر، يعني عندما كانت الكرة الأرضية معهم والعالم معهم ومئات آلاف المقاتلين يُحضرهم من العالم، ومئات مليارات الدولارات تُنفَق ووسائل إعلام وحرب كونية ما وصلوا إلى نتيجة، انتهى. الآن الحسابات، هذا ما أظنه أنا وتحليلي، هو يعرف أنه لا يستطيع أن يأخذ حلب ولا يتسطيع التقدّم في سوريا، موضوع إسقاط دمشق والصلاة يوم الجمعة في الأموي هذا كله أضغاث أحلام، انتهى. المنطقة التي موجود فيها المسلحون الآن الذين ترعاهم تركيا وبحمايتها هو حريص أن يحافظ عليهم، ممكن أن يفكّر وهو يتكلّم بهذا الموضوع، هذا الموضوع لا يظهر أنه انتهى، يعني موضوع تل رفعت، موضوع منبج، موضوع أجزاء من شرق الفرات ليتوسّع ويسيطر في هذه المنطقة ضمن حدود معينة، يأتي لاحقاً على طاولة المفاوضات، لأنه ما الذي لا يزال عالقا الآن في سوريا؟ إحدى النقاط العالقة هي الشمال، الذي يريد حل موضوع جزء من الشمال في سوريا عليه أن يتكلّم مع إردوغان، إردوغان عليه أن يحسّن من جهة موقعه التفاوضي..
* غسان بن جدو: يتفاوض على ماذا؟ ماذا يريد في سوريا؟ إن لم تكن عنده رغبة باحتلال أرض أو اقتطاع أرض تغيير ديموغرافي في الشمال..
* السيّد نصرالله: هذا فيه نقاش، غير معلوم أنه لا رغبة لديه، أنا لا أنفي وجود الرغبة لكن لا يمكنني تأكيدها مئة بالمئة، ممكن أن تكون لديه رغبة أن يمسك بأرض ويبقى فيها ولا يخرج منها، وخصوصاً أن هناك أجواء في تركيا ليس فقط عند حزب العدالة والتنمية، حتى في أحزاب المعارضة الأخرى تتحدّث في موضوع 2023 ويعودون إلى 1923 وأن لهم مطالبات في الأراضي السورية ولهم مطالبات في الأراضي العراقية، والموضوع معقّد أكثر من ذلك، غير واضح علينا أن ننتظر بعد، أنه يمكننا أن ننفي أنه لا طمع بالسيطرة على أراض، لا طمع في تغيير ديموغرافي؟ لا أستطيع أن أنفي، لكن إن أراد الشخص أن يكون منطقياً يقول الأفق لاحقاً هو أفق تسوية من شروط أفضل بالنسبة له.
* غسان بن جدو: نحن ملتزمون بالوقت إن شاء الله هذه الليلة سماحة السيّد، وأنا أريد أن نختم بحزب الله من الداخل، ولكن مع ذلك ونتحدّث عن المنطقة العربية، نحن تحدّثنا عن تقريباً الجوانب الأساسية التي نريد الحديث فيها، من فضلك سماحة السيّد لديّ سؤالان قبل الدخول إلى حزب الله، السؤال الأول يتعلق بالعراق، أنا كنت في العراق في الآونة الأخيرة وسمعت أمراً أثارني فوددت أن أطرحه على سماحتك، هناك من قال لي هل تستطيع أن توضّح لي هذه الازدواجية لدى حزب الله في التعاطي معنا نحن في العراق؟ من جانب هو حزب مقاوم ويتحدّث عن محور المقاومة وحلف القدس، وهناك في العراق فصائل مقاومة واضحة وتعلن عن نفسها، ومن جانب آخر حزب الله من أكثر الأطراف الذي تدعمه أي رئيس وزراء بما فيها السيّد الكاظمي، وهم محتارون.
* السيّد نصرالله: هذا توصيف غير دقيق، نحن نتحدّث عن علاقات جيدة مع الجميع، لا علاقة مَن تدعم وكذا، نحن لا علاقة لنا، الآن مثلاً مَن يأتي رئيس وزراء ما علاقتنا؟ مَن يرشحون؟ لا علاقة لنا، حتى لو حكى معنا بعض الاخوان واستنصحونا صدّقني خصوصاً في هذه المرحلة الأخيرة نحن خارج دائرة حتى تقديم النصح، نتيجة تعقيد بالموقف، والخلافات موجودة. إذا أردت تلخيص الموقف كله في العراق نحن ليس لدينا مشروع خاص في العراق كحزب، بالنهاية نحن حركة مقاومة ضد الاحتلال وحزب لبناني، نحن لدينا صداقات في العراق، ليس لدينا مشروع خاص في العراق، ليس لدينا جهة نريد أن نتبناها على حساب بقية الجهات في العراق.
* غسان بن جدو: بما فيها فصائل المقاومة؟
* السيّد نصرالله: بما فيها فصائل المقاومة علاقاتنا معها جيدة وممتازة لكن هذا لا يعني أن نُغفل أو ألا نقيم علاقات مع جهات أخرى لأن عندها تحفّظ أو مشكلة معها. نحن نريد علاقة مع الجميع وأقمنا علاقات سياسية واجتماعية مع كل القوى السياسية، عند الشيعة، عند السنّة، حتى عند الأكراد لدينا علاقات ضمن مستويات متفاوتة، والدور الذي خلال كل السنوات الماضية كان حزب الله حريصاً على أن يقوم به هو دور تقريب وجهات النظر، مثلاً ما يخدم مصلحة العراقيين، لكن نحن ليس عندنا لا شخص خاص ولا مشروع خاص ولا رؤية خاصة بالوضع العراقي، ولذلك عندما يرون علاقتنا إيجابية مع الكل أحداً ما يقول علاقتهم إيجابية هنا على حساب الآخرين، لا، نحن لم نقم علاقة إيجابية على حساب أحد.
* غسان بن جدو: سؤالي الأخير اقليمياً قبل حزب الله سماحة السيّد وإن كان ربّما سؤال قد يكون مستغرَباً، سماحة السيّد ما الذي تريده إيران من المنطقة؟ الآن عندما تتحدّث مثلاً أن إيران تدعم القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية، نعم، هذا كان في البداية مفهوماً اعتباراً أن إيران كانت ثورة ساطعة، بعد أربعين سنة إلى الآن رغم كل المطبّات والحصار والضغوط والعقوبات وما تزال تدعم هذا، ما الهدف؟ يعني هل الهدف أن تكون ذات نفوذٍ أكبر في المنطقة من البوابة الفلسطينة أم ماذا؟
* السيّد نصرالله: لو أرادت إيران أن تكون صاحبة نفوذ أكبر في المنطقة تتصالح مع الأميركان، تتخلّى عن فلسطين والشعب الفلسطيني، والأميركان يتمنّون هذا الأمر وتعود شرطي الخليج بكل بساطة، يا ليت، الأميركان يتمنّون هذا الأمر.
* غسان بن جدو: كما هي، يعني نظام الجمهورية الإسلامية، ولاية الفقيه.
* السيّد نصرالله: كما هي، الأميركي ماذا يريد؟ ليست مشكلته معك تصلّي أو لا، تصوم أو لا، تذهب إلى الحج أو لا، حين تخطب تقول بسم الله الرحمن الرحيم أو شيئاً آخر، يريد إسرائيل ويريد النفط، أعطِه إسرائيل والنفط يصبح لديك نفوذ في المنطقة واذهب وافعل ما شئت، هذه الحقيقة.
* غسان بن جدو: ألا يزعجهم استقلال النظام في إيران وقراره مستقل؟
* السيّد نصرالله: على كل حال عندما تتخلى إيران عن الشعب الفلسطيني وعن فلسطين وعن النفط يعني تتخلّى عن دينها والتزامها الديني وعن استقلالها، ولذلك هذا لا يمكن أن يحدث، هذه فرضية جدلية. بكل الأحوال الجواب الصحيح بعد أربعين سنة، وهناك ناس في المنطقة لا يزالون لا يفهمون إيران، وبجد لا يستطيعون أن يستوعبوا، أولاً الجمهورية الإسلامية موقفها في موضوع فلسطين والشعب الفلسطيني والقدس والمقدّسات هو موقف عقائدي ديني، ليس موقفاً سياسياً ولا موقفاً استراتيجياً، يعني من سماحة الإمام الخميني قُدّس سره الشريف الذي أسّس لهذا النظام ولهذا الموقف، إلى سماحة الإمام خامنئي إلى كل المسؤولين في إيران إلى الشعب الإيراني، هذا الموضوع يناقشونه بهذه الطريقة، يوم القيامة عندما نقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ويسألنا عن فلسطين وعن المسجد الأقصى وعن الشعب الفلسطيني ماذا نجيبه؟ هناك ناس لا يفهمون سياسة بهذه الطريقة، أنه هل يُعقَل دولة وقادة دولة يفكّرون بهذه الطريقة؟ نعم، هذه ميزة النظام الإسلامي الأصيل الصحيح، فموقف إيران في موضوع فلسطين هو موقف عقائدي ديني، لا هي تريد أن يمدحها أحد، ولا أحد يشكرها، لا جزاءً ولا شكورا، لا تطلب من أحد شيئاً حتى من الشعب الفلسطيني أو من الشعوب العربية والإسلامية، وهذا الموقف ليس من أجل أن يكون لها نفوذ في المنطقة، بل بالعكس هذا الموقف وهذا الالتزام يتسبّب لها بمشاكل والتباسات وصراعات كبيرة جداً في المنطقة، حتى في موضوع لبنان، ربّما هذا الموضوع حين يُحكى عن حزب الله، عندما تقول يا أخي حزب الله بجد هو يأخذ القرار، بجد هو يأخذ القرار لا أحد يصدّق، أنا على طاولة الحوار في 2006 حين قلت لهم أحضروا مثالاً واحداً أننا فعلنا شيئاً لمصلحة إيران، أنا في الذكرى الثلاثين بالحد الأدنى أنا أمين عام لحزب الله لمدة ثلاثين سنة والعلاقة معي، العلاقة الطبيعية معي، أنا أقول لك إيران الجمهورية الإسلامية لم تطلب مني شيئاً في يوم من الأيام، لم تطلب مني شيئاً في يوم من الأيام حول لبنان أو حول المنطقة، يعني شيء له علاقة بمصالح إيران، نعم أنا أقول لك جاء الحاج قاسم طلب مني أن داعش ستسيطر على العراق وسيُذبَح الشعب العراقي نحتاج لشباب يساعدوننا، ليس لإيران، طلب مني للعراق، هذا لا أحد يستوعبه لماذا؟ لأن كل العالم معتادين على علاقة مع السفارات والسفير يأمر وينهى، نحن ليس عندنا لا سفير ولا رئيس ولا وزير يأمر وينهى، لذلك موقف إيران هذا هو.
أما موضوع النفوذ في المنطقة ورؤيتها للمنطقة هم واضحون، هم يقولون يا أخي نحن نريد علاقات جيدة وطبيعية وحُسن جوار وتعاون مع كل دول الاقليم، وكل يوم يعيدونه ويكرّرونه، طيّب أحضر لي منذ تأيس نظام الجمهورية الإسلامية في إيران هل شنّت حرباً على بلدٍ عربي أو إسلامي أو على أي بلد، شُنَّت عليها الحرب وكل هذه الدول شاركت في الحرب وموّلت هذه الحرب، ومع ذلك بعد انتهاء الحرب إيران تقول نحن نريد علاقة حُسن جوار مع الجميع.
* غسان بن جدو: اعذرني سماحة السيّد إن كان موقفها من القضية الفلسطينية عقائدياً كما تفضّلتم، وهو كذلك، ما دخلها في العراق؟ ما دخلها في سوريا، ما دخلها في لبنان؟
* السيّد نصرالله: ماذا تفعل في العراق وسوريا؟ جريمة إيران أن الحاج قاسم سليماني والحرس والإخوة في إيران جاؤوا إلى العراق وساعدوا العراقيين لمنع تمدّد داعش وإلا داعش كانت على بُعد كيلومترات من بغداد وكثير من الناس كانوا قد أصبحوا في البصرة، يوجد مشروع هائل لتدمير المنطقة والسيطرة على المنطقة وإحداث تغييرات هائلة في المنطقة، جاؤوا وساعدوا أصدقاءهم وحلفاءهم.
* غسان بن جدو: وسوريا؟ تسعون بالمئة من الأنظمة العربية كانت ضدّ سوريا وضدّ دمشق ومع ذلك دخلت إيران وبذلك هي جافت الرغبة الرسمية العربية.
* السيّد نصرالله: هؤلاء أغلبهم هم الذين دعموا صدّام حسين في الحرب على إيران. أن تقف إيران إلى جانب أصدقاءها وحلفاءها لتدافع عنهم هذا الأمر أصلاً هو المطلوب، لو لم تفعل ذلك هو الذي يجب أن تُسأل عنه، ولكن عندما تدافع عنهم هي لا تسيطر عليهم ولا تتأمّر عليهم ولا تحتلّهم. ها هي سوريا، سوريا خلافاً لكل ما يُقال حتى في بعض مواقع التواصل، إيران لا تتدخّل في أي شأن من شؤون سوريا، أبداً، لا في الدستور ولا في القانون، ولا في تشكيل الحكومة ولا في مجلس نيابي ولا في الحياة السياسية، أي شيء على الإطلاق، إيران ملتزمة ما نستطيع أن نساعد به سوريا لتصمد وتبقى نحن نفعل ذلك والسلام، أحضر لي دولة في العالم تساعد دولة أخرى أو شعباً ثانياً ولا تريد منه شيئاً، ها هي إيران في سوريا، ها هي إيران في العراق، في العراق ماذا تفعل إيران؟ كل الوقت كانت تحاول أن تقرّب وجهات النظر، لكن هي لا تفرض خياراتها، لا في سوريا ولا في العراق ولا في فلسطين، ها هم الاخوة الفلسطينيون يمكنك أن تسألهم من ثلاثين وأربعين سنة علاقات وثيقة مع إيران ودعم إيراني، هل من يوم إيران طلبت منهم موقفاً؟ موقف وليس قرار، أو أمرتهم بأمر؟ لا شيء من هذا.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد في الأربعين هل لحزب الله رؤية للمستقبل؟ نعم، أنا أدرك أنه ربّما سؤالي قد يكون غير واقعي، في النهاية حزب الله يُصارع، يصارع أوضاعاً اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية والأمن القومي كله مهم ويهتم به، لكن مع ذلك أنتم أعددتم وثيقة عام85، وثيقة سياسية في 2009، هل لديكم رؤية للمستقبل؟ وسؤالي بشكل دقيق مع المحبّة والاحترام لكل القيادات من دون استثناء، هل هناك تصوّر للتشبيب في داخل حزب الله؟ منح الشباب والكوادر الوسطى.
* السيّد نصرالله: نحن لا زلنا شبابا يا أستاذ غسان.
* غسان بن جدو: على الرأس والعين، أنا لا أقصد سماحتك طبعاً.
* السيّد نصرالله: وإخواني لا يزالون شبابا، هل تجرؤ أن تقول لهم أصبحتم عجزة؟ بالنسبة للجزء الأول من السؤال، أولاً بالنسبة للمستقبل حتى المستقبل القريب نحن عندنا رؤية، في ما يتعلق بوضع المنطقة قلت لك إننا نرى الأمور ذاهبة إن شاء الله باتّجاه تغير كبير لمصلحة الشعب الفلسطيني ودول المنطقة وشعوب المنطقة، في الموضوع الإسرائيلي طبعاً الآن لا نتكلّم سنة وسنتين وثلاث، نتكلّم بالمدى القريب والمتوسّط، حتى ليس في المدى البعيد، على المستوى الدولي طبعاً هناك متغيّرات كبيرة ستحصل في السنوات القليلة المقبلة، هذا كله يفترض أن هامش الحركة أمام القوى المستقلة، القوى السيادية الحقيقية، وأمام محور المقاومة هذا الهامش سيتّسع، الفرص ستكبر والتهديدات ستقلّ، ولذلك نحن حضورنا في محور المقاومة وإلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في المرحلة المقبلة سيتعزّز ويقوى. هذا على مستوى المنطقة.
على مستوى لبنان نحن الجديد الذي عندنا، وهذا ظهر في الانتخابات النيابية، نحن رؤيتنا للوضع الداخلي وتصوّرنا وكيفية اتجاه الأمور وكيفية مشاركتنا الحقيقية صارت أوضح خلال السنوات الماضية لأننا دخلنا إلى العمق والتفاصيل، بالمرحلة المقبلة رؤيتنا أن نكون فاعلين أكثر، حاضرين أكثر، جادّين أكثر في الموضوع الداخلي اللبناني الذي جزء منه الدولة، نحن طرحنا في الانتخابات الدولة العادلة والقادرة وعندنا توصيف تفصيلي للدولة العادلة والقادرة، يعني هذا ليس شعاراً أفلاطونياً أي الدولة أو المدينة الفاضلة، لا، أي كيف تكون دولة عادلة بالتفصيل.
* غسان بن جدو: يعني ستنخرطون في الشأن الداخلي أكثر؟
* السيّد نصرالله: أكثر من أي وقت مضى لأن بالنهاية هذه مسؤولية لم نعد قادرين على أن نتجاهلها أو نتخفّف منها، نتيجة الظروف الصعبة الموجودة داخل لبنان، نتيجة أياً كان حجم التمثيل الحقيقي لحزب الله، لا علاقة لعدد النواب لأنه لا يعبّر عن التمثيل الحقيقي الشعبي لحزب الله أو حجم الآمال والتوقّعات المطلوبة منه.
فلذلك في المرحلة المقبلة في المنطقة الرؤية هي تعزيز محور المقاومة، تقوية العلاقة مع الاخوة الفلسطينيين بما يخدم ذلك المشروع، وفي الداخل اللبناني المزيد من الحضور في المسألة الداخلية، المزيد من الانفتاح، المزيد من التعاون الداخلي، نحن لا نودّ أن نذهب لا على صراعات داخلية ولا على اصطفافات داخلية لأنه دائماً كنا نقول نحن لا نريد أن نحكم لبنان ولا أن نسيطر على لبنان ولا أن نمسك بقرار الدولة اللبنانية ولو أُعطي لنا ذلك لرفضناه، هذا كله كلام جدّي وليس مناورات، نحن نؤمن أن لبنان لا يمكن إدارته والحفاظ عليه ومعالجة مشاكله، تطويره، تحصينه بالمستقبل إلا من خلال التفاهم والتعاون بين المكوّنات الأساسية في الشعب اللبناني لأن هذه هي الحقيقة، هذه تركيبة بلدنا، علينا محاولة لعب دور إيجابي ما أمكن مع الجميع في لبنان باستثناء بعض الجهات التي تتصرف معنا بعداء وتمارس العداء، العداء السياسي والإعلامي والميداني، هذا استثناء، لكن ترى مثلاً في كثير من المواقف والأحداث والقضايا يُهجَم علينا بشكل قاسٍ، يُعتدى علينا، نُظلَم، نحن قادرون أن نفعل ردود أفعال إعلامية وسياسية، مظاهرة ألف ننزل مظاهرة أكبر حتى لا نعد، نحن لسنا ضعيفين، لا ضعفاء شعبياً ولا عسكرياً ولا إعلامياً ولا سياسياً ولا ضعفاء بيقيننا ورؤيتنا وإيماننا، لكن كثير من الذي يجري في البلد ونُستهدَف نحن فيه، لا نقوم بردات فعل عليه لأننا حريصون ألّا تتطور الأمور سلباً وتبقي الأمور مفتوحة للتفاهم، للتعاون، لترميم الجسور إذا كانت قد اختلت أو انقطعت وما شاكل. هذا في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة.
بالنسبة لحزب الله في البداية أنا مزحت، نحن إخواننا في الأعم الأغلب، يعني مسؤولينا العجزة عندنا في الستينيات وخمسينيات، لذلك، هناك من يقول لك دخل العجز، لكن الحزب لن يشيخ بالعكس فالآن في عزّ شبابه، الاربعون ربيعاً إن شاء الله عندما أخطب أنا في الاربعون ربيعاً سأتكلم عن هذا الموضوع، بالعكس أربعون ربيعاً حزب الله شاباً حقيقياً مكتمل المواصفات. لكن نحن حريصون دائماً في أغلب المواقع يأتي شباب جديدون هذا مفتوح المجال، ولم نعايش هذه المشكلة لأننا كنا حزب صغير فكان هناك صف من المسؤولين، عشرة الى عشرين، لكن عندما صرنا نتمدد يعني نعلو عمودياً ونتسع أفقياً يعني أن الشريحة المسؤولة التي تتحمل قيادات الصف الأول والصف الثاني بات عددها كبير جداً، مَن الذي ملأ هذه المواقع؟ ملأها الشباب، يعني لا يوجد عندنا زمة من هذا النوع أن هناك شباب لا يتقدمون، الآن الأغلبية الساحقة من المواقع الأساسية والفعالة والمؤثرة في حزب الله هم يتحملون المسؤولية شباب، نعم بالصف الأول ما زالت الوجوه الأولى…
غسان بن جود: كلكم شباب سماحة السيّد ولكن أنا أتحدث عن وجوه يمكن أن تتغير، ربّما يزعلون مني الإخوان على فكرة، مثلاً بالوزراء جددتم في الحقيقة، في المجلس النيابي لم تجدّدوا، ربّما المرة المقبلة، أنا لا أريد أن أتدخّل في التفاصيل.
* السيّد نصرالله: جدّدنا بالتدريج، في المجلس النيابي الذي يأتي بلائحة بكتلة وبعد أربع سنوات يغيّرهم كلهم يعني أن هناك مشكلة كبيرة.
* غسان بن جدو: سماحة السيّد في الثلاثين، أنا أعرف أنك لا تحب أن تتحدّث عن نفسك ولا نتحدث عن شخصك، ولكن في الثلاثين ما هي أهم الاإجازات التي تتذكّرها وأهم الصعاب التي واجهتها، أهم الإنجازات لنقل لحزب الله بصفتك أميناً عاماً حتى لا نقول إنك صاحب هذا الإنجاز، ولكن أهم المطبّات التي عانيتها شخصياً خلال، أو أصعب المطبّات التي عانيتها شخصياً خلال الثلاثين؟
* السيّد نصرالله: أولاً أنت تفهمني جيداً، أنا لا أنسب أي إنجاز لشخصي، أنا أعتقد كل إنجازات حزب الله هي أولآً بفضل الله سبحانه وتعالى وبنعمة منه وتأييد وتسديد منه، ثانياً هي بفضل مجموع الجهود حتى داخل الحزب لا يمكن أن نقول فلاناً صاحب الفضل وفلاناً ليس صاحب فضل، أنا دائماً أقول للإخوان والأخوات في كل شيء مجموع الجهود هي التي تعطي هذه النتائج، حتى في الدنيا نحن لا نستطيع عمل نسب مئوية، فقط الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة يعمل نسب مئوية ويقول لك أن حصتك هذا القدر وأنت سهمك هذا القدر. إذاً الإنجاز هو لحزب الله، وعندما أقول حزب الله لا أعني التنظيم، أعني كل هذا الجمهور لأننا من دون هذا الجمهور الحزب لوحده ما كان يستطيع أن يفعل أي إنجازات، هذا أولاً.
ثانياً في بعض الإنجازات حتى لا نقول أنها فقط إنجاز حزب الله، كموضوع تحرير الألفين نحن قلنا كل الناس الذين شاركوا في المقاومة وقاموا بعمليات وقدّموا شهداء وجرحى واعتُقلوا وأُسروا هم شركاء في هذا الإنجاز، لا ننسب هذا الإنجاز فقط لأنفسنا.
بالإنجازات إلى ما شاء الله، أنا أعتقد أن هذه مسيرة مباركة، طبعاً في رأس الإنجازات العظيمة والتاريخية يأتي تحرير عام 2000 الذي لنا حصّة معتدّة به، حصّة كبيرة، حتى لا نذهب أيضاً للنسب المئوية، ولكن شركاء به، لكن نحن كنّا أيضاً أساسيين في هذا الإنجاز.
تحقيق الأمن والأمان لشعبنا ولناسنا خصوصاً في الجنوب ولعموم لبنان هذا كان إنجازاً كبيراً جداً أيضاً.
وقوفنا إلى جانب المقاومة الفلسطينية وخصوصاً انتفاضة شهداء الأقصى وتأسّست، وهذا إنجاز لا يزال مستمر. تعرف فلسطين كادت أو أُريد لها قُبيل الألفين من 93 وصعوداً وبعد الألفين أنه خلاص ذاهبة، لكن انتصار لبنان في الألفين وما حصل بعده أخذ الأمور في مسار مختلف.
حرب 2006 إنجاز، تحرير الأسرى من دون منّة من أحد أيضاً إنجاز أخلاقي وإنساني كبير جداً.
في الآونة الأخيرة في عشرية النار أمام هذه الهجمة الكونية نحن كنّا أيضاً شركاء في هذه المواجهة الكبرى، لأنه لو قُدّر لهذه الهجمة الكونية أن تنجح كانت المنطقة غير المنطقة، يعني على كل صعيد، سياسياً، ديموغرافياً، أمنيًا، مشهد مختلف كانت ستكون المنطقة عليه، نحن كنا جزءاً من السد الصلب الذي وقف في مواجهة هذا المشروع، هذا طبعاً إنجاز كبير ونتحدّث لبنان وسوريا والعراق والمنطقة.
في الداخل نحن نعتبر أننا من الجهات المساهمة جداً في تثبيت السلم الأهلي ومنع قيام حرب أهلية وهذا إنجاز مستمر ومتواصل، وإلا عُمل كثيراً لعودة الحرب الأهلية، حتى في الآونة الأخيرة..
* غسان بن جدو: فعلاً كانت هناك رغبة في حرب أهلية؟
* السيّد نصرالله: نعم، عندما اعتُقل الرئيس سعد الحريري في السعودية والشغل الذي كان يُشغل مع بعض الجهات السياسية في لبنان كان دفع باتّجاه حرب أهلية في لبنان، وهذا معروف وليس بجديد..
* غسان بن جدو: هذا جديد.
* السيّد نصرالله: لا ليس جديداً، هو معروف.
* غسان بن جدو: لا، عرفنا أنه تم اعتقال الشيخ سعد الحريري لكن يفتعلون حرباً أهلية! كيف يعني؟
* السيّد نصرالله: الذين كانوا يديرون هذا الملف في السعودية مع قوىً سياسية لبنانية كانوا يدفعون الأمور باتّجاه حرب أهلية في لبنان.
* غسان بن جدو: بين مَن ومَن؟
* السيّد نصرالله: بين قوىً معروفة في ولائها وعلاقاتها ومع المقاومة.
* غسان بن جدو: بسبب الشيخ سعد الحريري؟
* السيّد نصرالله: لا، اعتقال الشيخ سعد هو جزء من الخطة التي كانت تُشتغَل في ذلك الحين. أنا أستغرب أن هذا جديد عليك.هذا ليس بجديد في البلد محكي به..
* غسان بن جدو: محكي به في الصحافة نعم، أما أمين عام حزب الله يقول فعلاً أنه كانت هناك رغبة بافتعال حرب أهلية!
* السيّد نصرالله: أكيد هناك شواهد كثيرة على هذا الموضوع ومعلومات مؤكّدة والى آخره، وهناك ناس تتجاوب وناس لم تتجاوب، لكن الحمد لله قطعنا هذا الموضوع، هذا نحن نعتبره من الإنجازات.
حضورنا الانتخابي، حضورنا البلدي، خدمتنا للناس، الذين هم ناسنا وأهلنا، بالعكس هو واجبنا، أنا أعتبر هذا من الإنجازات.
الحفاظ على حزب الله خلال أربعين عاماً الذي تعرّض لكثير من المحن، في حرب تموز ما كان المشروع؟ سحق حزب الله، ثمّ أنت تخرج من السحق وتتحوّل إلى قوة إقليمية كما يقولون، أنا أعتبر أنه مؤثّر إقليمي وليس قوّة إقليمية. على كل حال هذه مجموعة من الإنجازات.
* غسان بن جدو: سماحة السيد مَن تفتقد في الأربعين والثلاثين داخلياً..
* السيّد نصرالله: أنا أفتقد كثيرين إذا تحدّثنا عن أربعين سنة، لكن بطبيعة الحال في مقدّمة اللائحة أفتقد للإخوة الشهداء، للقادة الشهداء خصوصاً، وبالأخصّ للإخوة الذين كنّا نعمل سوياً، يعني نحن رفاق درب، نحن كنّا شباباً صغاراً، نحن نعرف بعضنا منذ أن كانت أعمارنا 18 و19 سنة وكبرنا سوياً وعشنا هذه الحياة المختلفة عن حياة كثير من الشباب، يعني كثير من الناس عندهم حياة طبيعية نحن لم نعش حياة طبيعية، يعني حياة اجتماعية وشم هواء وتفسّح وكذا، لا، هؤلاء شباب من أول وعيهم حملوا المسؤولية على أكتافهم، واجهوا ساحات كبيرة في بلدهم، خصوصاً عندما بدأ الاجتياح في 82. بطبيعة الحال السيّد عباس رحمة الله عليه دائماً هو حاضر في بالي، الأخ الحاج قاسم سليماني مؤخّراً بعد استشهاده، الأخ الحاج عماد مغنية، السيّد مصطفى بدر الدين، الحاج حسان اللقيس، مجموعة كبيرة، أفتقدهم نعم، عدد من إخواننا وقادتنا، هناك قادة بيني وبينهم، أنا بيني وبين الإخوان كلهم محبة ومودّة، ولذلك على المستوى العاطفي أيضاً أفتقدهم وليس فقط على المستوى العملي، يعني هناك إخوان معروفون، أنا أخاف أن أعد أسامي وننسي أسماء فناس يعتبون عليّ، مثلاً حاج معروف إسمه أبو محمد الاقليم من خيرة إخواننا مثلاً، بعض الإخوة الذين توفّوا مثل الحاج أبو علي فرحات كان من كبار قادة المقاومة، في كادرنا، في إخواننا، في علماءنا، دائماً موجودون في البال والعاطفة والقلب، لكن الله سبحانه وتعالى من جهة يعين ويثبّت ولنا في البقية الطيبة الصالحة المجاهدة الصامدة من إخواننا وأخواتنا وعلمائنا وقادتنا ما يسلّي الإنسان في هذا الطريق.
* غسان بن جدو: وهذه العقول الجبّارة التي لا تزال مستمرة في حمل الرسالة. أخيراً سماحة السيّد في الأربعين والثلاثين لمَن تحب أن توجّه رسالتك؟
* السيّد نصرالله: باعتبار وقتنا انتهى عليّ أن أختصر، أنا طبعاً بعد الشكر لله سبحانه وتعالى لأن هذا كله من فضل الله عزّ وجل، كل ما بنا من نعمة فمن الله سبحانه وتعالى، وأنا أودّ إن شاء الله إن سمحت الفرصة يوماً في واحدة من مواضيع الأربعين، أنه محاضرة أو مناسبة أو طلّة في التلفزيون أحكي فقط بالجانب الثقافي والعاطفي والوجداني والمعرفي في موضوع الأربعين سنة، أنا أعتقد تجربتنا هذه تؤكّد كل المعاني التي لها علاقة بالثقة بالله عزّ وجل والتوكّل على الله سبحانه وتعالى، وعندي شواهد إلى ما شاء الله كيف نصرنا الله، كيف واحد زائد واحد تساوي ألف مع الله سبحانه وتعالى، انتصاراتنا لا تخضع لهذه القواعد، ونحن في المنطق يُقال النتيجة تتبع المقدمتين، هناك مقدّمتان ونتيجة، فهي لا تزيد عن المقدّمات إما أن تكون مساوية للمقدّمات أو أقل من المقدّمات، لكن نتائجنا كانت أكثر بكثير من المقدّمات وهذا له علاقة بالله عزّ وجلّ، هذا بحثٌ يطول.
لكن غير الشكر لله سبحانه وتعالى أتوجّه للناس، الناس الذين نحن لا نجاملهم عندما نقول أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس، حقيقةً هؤلاء الناس من 82، لنتحدّث من 82 وليس قبل، من مسيرة حزب الله هذه التي نحتفل في هذه الأيام بالأربعين ربيعا، هؤلاء الناس احتضانهم، وفاءهم، حمايتهم، عنايتهم، تحمّلهم المسؤولية، هم المقاومة ليس أنهم حموا المقاومة، الأعباء التي حملوها خلال أربعين سنة وكانت تكبر مع الوقت، الضحيات تكبر مع الوقت، دائماً كانوا أوفياء ما خذلونا، ما تركونا، ما طعنوا بالظهر. تعرف نحن في أدبياتنا، بعد عدّة أيام عندنا محرّم ونحيي مجالس الإمام الحسين عليه السلام وذكرى كربلاء، في كربلاء هناك 72 مع مجموعة من النساء والأطفال، لكن هناك 72 كانوا محاصرين والحسين عليه السلام قال لهم ألا أن هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا، ما تركوه، 72. في البيئة في لبنان، هؤلاء الناس الذين نخاطبهم لا في الليل تركونا ولا في النهار تركونا، وصمدوا وضحّوا وثبتوا وقدّموا فلذات أكبادهم وتحمّلوا شظف العيش، هذا الذي جرى من ثلاث سنوات إلى الآن، هذا الضغط المعيشي والاقتصادي والحياتي ما كان هدفه؟ هدفه الأساسي أن تقول الناس للمقاومة خلاص، وبالتالي ماذا تريدون يا أميركان، تريدون اعترافاً بإسرائيل؟ سنعترف، تطبيع مع إسرائيل؟ نطبّع، توطين الفلسطينيين، الفلسطينيون لا يريدون أن يتوطّنوا، توطن الفلسطينيين مشروع يخدم إسرائيل، فنوطّن، تثبيت النازحين السوريين في لبنان؟ ما تريدونه نحن جاهزون، استسلام، فقط نريد أن نأكل خبزاً. لكن هؤلاء الناس يرفضون الذلّ والهوان، يرفضون الخضوع والاستسلام، جاهزون للتضحية. كثيرون من الناس توقّعوا، انظر أستاذ غسان أنا قبل عدّة أيام عندما أتكلّم وأقول نحن نريد أن ندافع عن حق لبنان وذاهبون إلى المواجهة حتى لو أدّت إلى الحرب، واحد لا يثق بالناس، واحد لا يثق بالله أولاً، لا يثق بالناس لا يستطيع أن يحكي هكذا الحكي، لأنه لو لا أثق أنا بهؤلاء الناس وهذه البيئة وهذا الجمهور هذا حكي، كما سألت جنابك قبل قليل أن الناس طبيعي أن تقلق حتى في جمهور المقاومة، بطبيعة الناس، الناس عندها بيوتها، نساءها وأولادها وعيالها وحياتها وأمنها واستقرارها، لكن في قضايا الحق والكرامة، مستقبل البلد، لا يتراجعوا، لا يستسلموا، لا ينهزموا.
أنا بطبيعة اللقاء، أربعون بعد، أنا أولاً أحب أن أوجّه شكر لهؤلاء الناس، لا أتكلم عن أبناء طائفة معينة، لكل الناس في لبنان والمنطقة الذين كانوا أوفياء، كانوا صادقين، كانوا مخلصين، كانوا مضحين وثبتوا، وما زالوا بنفس الموقع، وما زالت آمالهم كبيرة، رهاناتهم كبيرة، أقول لهم شكراً، نحن أولادكم، نحن إخوتكم، نحن جزء منكم، سوف نبقى سوياً نحمل هذه الآمال وهذه التوقعات وهذه الأحلام التي ليست أحلام وردية بل أمور واقعية، كل الذي يُحكى منن أربعين سنة الى اليوم ويُقال عنا فيه مجانين وغير منطقي وغير معقول تبيّن أنه هو المنطقي وهو المعقول وقدرنا أن نصل إليه. مع هؤلاء الناس الوفية والشرفية والصادقة والمخلصة، مع هذه المقاومة المتطورة والمتكلة على الله والواثقة بالله سبحانه وتعالى أنا أعتقد أن مستقبل لبنان خلافاً لتهبيط الحيطان موجود عندنا في البلد، مستقبلنا في المنطقة سيكون جداً مهم وكبير وجيد وقوي ومتين ونخرج من كل هذه الأجواء الصعبة، فقط إذا وضعنا أهداف أمامنا وعلنا لها بصدق في الليل والنهار وتوكلنا على اله سبحانه وتعالى، لا ينقص شعبنا ولا شعوب منطقتنا شيء لا بالعقول البشرية ولا بالقدرات الإنسانية ولا بالإمكانات المادية، نحتاج لإيمان وعزم وإرادة وصدق وإخلاص وثقة بالناس، وأولاً وأخيراً ثقة بالله سبحانه وتعالى، نستطيع أن نصنع المستقبل الذي يستحقه هذا الشعب الصادق والوفي.
* غسان بن جدو: ما أحسنها من خاتمة سماحة السيّد، أنا في ختام حلقات الأربعون وبعد قلت أنني أود أن ألخّص مسيرة حزب الله في كلمة واحدة، الثبات الاستراتيجي، بكلامك هذا أيضاً نقول عندكم شيء نادر وهو الثبات الأخلاقي، وهو نادر وتُغبَطون عليه.
أطال الله بعمرك سماحة السيّد، أنا رجل عادةً هني لا أحب، أطال الله بعمرك سماحة السيّد ويا رب يعطيني العمر حتى أحاورك في حوار الخمسين ولعلها تكون في القدس بإذن الله.
مشاهدينا الكرام شكراً لحسن متابعتكم في حوار الأربعين، في أمان الله.
مقابلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على قناة الميادين مع غسان بن جدود 25-7-2022