أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد الله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا خاتم النَّبيين أبي القاسم محمَّد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطَّاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السَّلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
فيى عيد المقاومة والتحرير أولاً أتوجه يالتبريك إليكم جميعاً في هذا اليوم، اليوم السعيد، وحقيقةً إذا عُدنا إلى الماضي القريب خلال عشرات السنين الماضية، يعني بالحد الأدنى منذ العام 1982، أتكلم عن تاريخ هذه المقاومة إلى اليوم وما مرّ علينا في لبنان وفي المنطقة من أحداث، لِنبحث عن يومٍ سعيد سوف نجد أياماً قليلة هي الأيام السعيدة، ولكن لا شك أن يوم الخامس والعشرين من آيار عام 2000 كان يوماً سعيداً جداً، الأكثر سعادةً، وهذا ما شعر به الناس، الناس الذين اعتزوا بهذا الإنتصار، الذين عادوا إلى قراهم وإلى بلداتهم وإلى عائلاتهم، في ذلك اليوم شاهدنا الفرح وليس البسمة، الفرح والبهجة تعمر وجوه وقلوب اللبنانيين، شاهدنا دموع الفرح الذين يبكون، يذرفون الدموع فرحاً للإنتصار وللتحرير وللأيام المجيدة التي حصلت في ذلك اليوم.
طبعاً هذه الفرحة عمّت الأغلبية الساحقة من اللبنانيين، لا أقول كل اللبنانيين لأنه كان يوجد لبنانيون كانوا يهربون إلى كيان العدو، نحن لا ننفي عنهم الصفة اللبنانية على كل حال، وآخرون أيضاً، على كلٍ الأغلبية الساحقة من اللبنانيين شعروا بالإعتزاز والفرح، ولذلك نحن نَتحدث اليوم عن اليوم السعيد في تاريخنا المعاصر.
طبعاً كان أسعد الناس بهذا اليوم هم أهل الشريط الحدودي، كل البلدات والمدن في الشريط الحدودي التي يَسكنها لبنانيون من طوائف مختلفة، كانوا من أسعد الناس بهذا التحرير، وأيضاً أهالي البلدات والمدن المجاورة للشريط الحدودي أو لما كان يُسمى بالحزام الأمني في الجنوب وفي البقاع الغربي وفي راشيا.
في هذ اليوم السعيد أولاً يجب أتوجه بالشكر إلى الله سبحانه وتعالى، الذي صدقنا وعده، وهو القائل: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، هذا وعد إلهي، والله سبحانه وتعالى لا يُخلف الميعاد، يَفي بوعده ويُنجز وعده، وهذا تَحقق أيضاً في 25 آيار2000، ولذلك في أدبياتنا نقول: أن هذا اليوم هو من أيام الله سبحانه وتعالى، هو من الأيام التي تَحقق فيها وعد الله للمجاهدين في سبيله، للمظلومين الذين لم يسكتوا على الظلم، بل ثاروا وجاهدوا وقاوموا وضحوا، فأعطاهم الله سبحانه وتعالى النصر، وواقعاً أعطاهم من حيث لا يَحتسبون ومن حيث لا يَتوقعون.
الحمد الله الذي هدانا لهذا الخيار ولهذا الطريق، طريق المقاومة، ولم ننتظر لا نظاماً عربياً رسمياً ولا أُمماً متحدة ولا مجلس أمن دولي ولا عطفاً من أحد في هذا العالم.
الحمد الله الذي أعطانا وأعطى المقاومين جميعاً البصيرة والوعي، وأعطاهم العزم والإرادة للسير في هذا اطريق، ومكنهم عملياً من أن يمشوا في هذا الطريق، وأمام الصعوبات وعظيم التضحيات أعطاهم الصبر وأعطاهم الثبات، وواصلوا بكل ثقة وبكل أمل، وخَتم لهم في نهابية المطاف بالنصر والغلبة والعزة.
في هذه المناسبة من كل عام، منذ العام 2000 إلى اليوم، أنا في كل خطاب بالمقدمة لدي مقدمة ثابتة، الشكر لله سبحانه وتعالى، والشكر لعباد الله، للناس، للذين صنعوا هذا الإنجاز، أو بتعبيرٍ أدق، صنع الله على أيديهم هذا الإنجاز.
الشكر لكل من قدم وضحى في هذا الطريق، من كل الفصائل، من كل القوى الإسلامية والوطنية، من كل المدن والقرى، من كل المناطق، من كل الطوائف، من كل التيارات التي أيدت المقاومة وساهمت فيها بشكلٍ أو بآخر.
من بين هؤلاء المُضحين، يجب أن نَتوجه أولاً إلى الشهداء، الشكر والتحية للشهداء الذين قَدموا أرواحهم ودماءهم الزكية، ولعوائل الشهداء الذين تحملوا آلام فِراق الأعزة والأحبة، الآباء والأمهات ثُكلوا، الزوجات ترملت، الأبناء والبنات يُتموا، ولكنهم تَحملوا أعباء الثَكل أو الثُكل والتَرمل واليُتم، ولم يَضعفوا ولم يَهنوا، وبَقوا طوال الطريق وطوال الخط من الأوفياء للمقاومة، كما شهدنا أيضاً في الأيام الأخيرة.
يجب هنا كما جرت العادة أيضاً أن نَذكر بالإسم شهداء ذلك اليوم، يعني يوجد لدينا شهداء استشهدوا في 18 و19 و20 و21 و22 و23 و24 كان الانسحاب عملياً، سقط عدد من الشهداء من حزب الله ومن حركة أمل ومن أهلنا الكرام، لكن أنا سأُذكّر بشهداء حزب الله، شهداء المقاومة الإسلامية، بالإسم: الشهيد حسين عاطف العيساوي، الشهيد علي إبراهيم الزين، الشهيد نزار علي صالح، الشهيد إيهاب أحمد شاهين، الشهيد خضر علي إبراهيم، الشهيد أكرم حسن حمدون، الشهيد يوسف عبد الحسن خليل، الشهيد محمد مصطفى خليل، الشهيد سلمان عبد الرسول رمال، الشهيد حسن مصباح سلمان، وشهيدنا المُجاهد العزيز والحبيب الشيخ أحمد يحيى، تركت هذا الإسم للأخير من أجل أن لا يقولون أننا دائماً نَذكر المشايخ أولاً، الشيخ المجاهد الذي هو رمز من رموز هذه المقاومة.
هؤلاء الشهداء قَضوا في مثل هذه الأيام والتحقوا بالقافلة، قافلة الشهداء، وكانت دماؤهم الزكية شاهداً على الإنتصارات التي حصلت في مثل هذه الأيام.
بعد الشهداء، للجرحى الذين فقدوا أيدي أو أرجل أو عيون أو شلل نصفي أو شلل تام أو سمع أو آذان، إصابات متعددة في أجسادهم، وصبروا وما زالوا، وبعضهم قضى شهيداً بعد ذلك، وعائلاتهم أيضاً الشريفة الصابرة المحتسبة.
الشكر للأسرى الذين دخلوا إلى سجون العدو منذ العام 1982، إلى السجون وإلى المعتقلات، والمعتقلات المعروفة، أنصار والخيام وعتليت، وفي السجون الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة وأماكن أخرى من الإعتقالات، وتحملوا سنوات طوال، وبعضهم قضى في السجون سنوات طويلة جداً، وعائلاتهم الشريفة أيضاً التي تحملت ذلك.
الشكر للمقاتلين، للمقاومين، لقادتهم، الذين أمضوا شبابهم وحياتهم وزهرة شبابهم في ساحات القتال وميادين المواجهة، وسهروا وتعبوا وخططوا وأبدعوا وجهدوا وجاهدوا وقاتلوا وسهروا الليالي وحملوا الآلام والقلق والعبء.
الشكر للناس لأهلنا الصامدين الصادقين الأوفياء، سواءً الذين صمدوا في داخل الشريط الحدودي المحتل ولم يُغادروا بالرغم من الظروف القاسية، أيضاً أهلنا الذين صمدوا في القرى الأمامية، والذين تحملوا أعباء المواجهة خلال سنوات طوال، خصوصاً منذ العام 1985 إلى العام 2000، وعموم أهلنا في كل المناطق اللبنانية وبالأخص في الجنوب والبقاع ، اللذين تحملا العبء الأكبر في ردات الفعل والإعتداءات الصهيونية وأعداد الشهداء.
طبعاً هنا عندما نتحدث عن الشهداء وعن المقاتلين وعن الجرحى وعن الأسرى، أتحدث عن كل القوى الإسلامية والوطنية، حزب الله وحركة أمل، كل القوى الإسلامية والوطنية التي شاركت وساهمت في المقاومة وقدمت شهداء وجرحى وأسرى وقاتلت، ومن كل المناطق، وهذا لا يقتصر على منطقة، من بيروت كانت المواجهات الأولى وسقط شهداء في مدينة بيروت العاصمة، في مناطق الجبل، في الضاحية، في خلدة، في الجامعة اللبنانية، في الحدث في ذلك الوقت، في مدينة صيدا التي أيضاً كانت توجد عمليات في شوارع المدينة وسقط عشرات الشهداء من أهل تلك المدينة، وهكذا عندما نذهب إلى بقية المناطق اللبنانية، البقاع، الجنوب، إلى الشمال، إلى طرابلس هناك شهداء، أنا أتحدث عن كل هؤلاء الشهداء.
أيضاً الشكر للجيش اللبناني خصوصاً في السنوات الأخيرة من عمر المقاومة، يعني في التسعينات، خصوصاً في التسعينات كان هناك إنسجام وتكامل وتعاون بشكل أو بآخر ، وبقرار رسمي سياسي، الأجهزة الأمنية اللبنانية أيضاً، الجيش السوري الذي قاتل وقدّم شهداء وقام بالملحمة الإستثنائية في السلطان يعقوب وصمد، فصائل المقاومة الفلسطينية التي قاتلت أيام الإجتياح، وشاركتنا أيضاً عمليات خصوصاً في التسعينات قبل العام 2000، كل هؤلاء نحن طبعاً نَتوجه إليهم بالشكر.
أيضاً هنا في عيد المقاومة والتحريرعام 2000، يجب أن نَتوجه إلى الرؤساء المقاومين في ذلك الوقت، يعني فخامة الرئيس العماد إميل لحود، دولة الرئيس سليم الحص، رئيس الحكومة، هذه هي الجهة التنفيذية أو السلطة التنفيذية، مجلس النواب دولة الرئيس نبيه بري، في الحقيقة الرؤساء في ذلك الوقت لم يكونوا فقط داعمين للمقاومة، بل كانوا مقاومين، وكان أيضاً سقفهم عالياً في مواجهة العدو، وكان حضورهم قوياً في ذلك اليوم، وهذا من تدبير الله سبحانه وتعالى أن يَحصل الإنتصار ويتولي سدة الرئاسات الثلاث في الدولة هذه الشخصيات.
أيضاً على المستوى الإقليمي، نحن نتوجه بالشكر إلى من وقف مع المقاومة في كل تلك السنين، فيما بعد نتكلم عن أن هذه المقاومة قاتلت في ظل تخلي عربي وتخاذل عربي رسمي، طبعاً الشعوب العربية محبة ومؤيدة ومساندة " كتر خيرهم"، لكن النظام العربي عموماً، النظام العربي الرسمي، كان نظاماً مُتخلياً عن المقاومة، أصلاً غير معني بها، إن لم يكن أكثر من ذلك.
الذي وقف إلى جانبنا بالفعل، إلى جانب المقاومة كلها بالفعل، سوريا منذ ذلك الحين، التي دعمت وأيدت وساندت وقاتلت وسهلت وحمت الظهر وأمنت الغطاء وقدمت كل ما تستطيع ولم تبخل بشيء، وأيضاً الجمهورية الإسلامية في إيران، منذ الأيام الأُولى لإنطلاقة المقاومة، دعماً معنوياً وسياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً ومالياً وتسليحياً، هذا لم يَعد خافياً على أحد، وخصوصاً في السنوات الأخيرة قبل التحرير في العام 2000، كان الدور المميز للشهيد القائد الكبير الحاج قاسم سليماني ( رضوان الله تعالى عليه).
لكل هؤلاء الشهداء نحن نتوجه بالشكر، طبعًا كل الفصائل قدّمت شهداء قادة، نحن قدّمنا أعزّ قادتنا وفي مقدمهم السيد عباس الموسوي أميننا العام، وشيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، والشهيد القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، وسلسلة طويلة من الشهداء القادة والشهداء. أختم بمقطع الشكر لكل من دعم ولو بكلمة أو موقف أو بيان أو مقالة أو فيلم أو وثائقي أو نشيد أو شعر أو أدب أو فن في لبنان وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي، وعلى امتداد العالم. أخصّ بالشكر وسائل الاعلام في ذلك الحين على قلتها التي كانت مؤيّدة ومواكبة ومن بينها يجب أن أذكر بالتحديد قناة المنار وإذاعة النور اللتين كان لهما دور مميز وكبير في تغطية ذلك الحدث الكبير، والمهم وتعميقه في وجدان اللبنانيين. هذا المقطع الأول، شكر وتقدير وحمد، وهذا واجبنا دائمًا على كلّ حال.
حديثي في بقية الوقت في مقطعين، المقطع الأول سأتحدّث عن الذكرى وبما يؤدي إلى بعض النتائج حاليًا، ولن أتحدّث عن الذكرى كذكرى والمناسبة وما جرى. والمقطع الثاني سأتحدّث عن الوضع الحالي كلمة عن لبنان وكلمة عن فلسطين، وما هي ذاهبة إليه في الأيام القليلة المقبلة.
عندما نحيي هذه المناسبة يجب أن نؤكّد على أهمية قراءة التاريخ عمومًا، والتاريخ المعاصر لأنّه عندما نقرأ من الـ 82 للـ 2000 ماذا جرى باعتبار أنّنا نتحدّث عن مناسبة الـ 2000 إلى اليوم ما الذي جرى. هذا يزوّدنا بالمعرفة والعبر والدروس، ونكتسب المزيد من التجربة والفهم لما يجري حاليا في بلدنا ولما نحن مقبلون عليه. ولذلك هذا الأمر يجب أن يدوّن، ويجب أن يكتب ونحن ندعو كل صاحب تجربة، وكلّ صاحب قلم، وكلّ مؤرخ، وكلّ مثقف، وكلّ قادر أن يكتب أو يعبر عن تلك المرحلة، أن يفعل ذلك، هذا يجب أن يبقى للأجيال، الأجيال الحالية والأجيال المقبلة، هذه ثروة هائلة من تاريخ لبنان، من تاريخه الجهادي والنضالي والإيماني والثقافي والسياسي، التجربة تاريخ حافل بالتضحيات الجسام.
يجب أن نستحضر في المناسبة معاناة اللبنانيين على أثر الاجتياح الإسرائيلي من الـ 82، هؤلاء اللبنانيون ماذا عانوا؟ اليوم هناك أجيال عندنا في لبنان لا تعرف ما الذي حصل أصلًا حتى إذا سمعوا بنهاية المطاف مهما شرحنا لا نستطيع أن نشرح المعاناة. عندما بدأ الاجتياح الإسرائيلي سنة 82 ولن أتحدث عن ما قبل الـ 82 وماذا جرى على القرى والبلدات والمدن وأشهر من الحرب المفروضة على لبنان، أشهر من القتال المتواصل والقصف الجوي واحتلال العاصمة واحتلال مناطق واسعة والمجازر التي ارتكبت في الكثير من البلدات والقرى والتهجير والتشريد والآلام والأحزان، هذا كله يجب أن نتذكّره ويجب أن تعرفه أجيالنا الحاضرة والآتية.
يجب أن يعرف اللبنانيون أيضًا - الأجيال الجديدة - ويتذكر البقية المعاناة طوال السنوات من الـ 82 إلى الـ 2000 معاناة الدخول إلى الشريط الحدودي من قبل أهل الشريط الحدودي، المعابر والإذلال على المعابر، الأذى الشديد الذي كان يلحق بهم، يتذكرون الاعتقالات السجون، المعتقلات التعذيب في المعتقلات، التعذيب الوحشي في معتقل الخيام للرجال والنساء المعتقلين. وكذلك القصف على القرى الأمامية وحتى الخلفية، مجازر الأطفال في صيدا وفي النبطية أولاد المدارس. كل هذه المعاناة يجب أن تكون حاضرة اليوم وهذا يعني أن نفهم عظمة هذا اليوم وسعادة هذا اليوم وأهمية هذا اليوم وما تحقق في هذا اليوم. يجب الإضاءة أيضًا على عدوانية العدو الإسرائيلي، على وحشيته، على إجرامه، على مجازره، على انتهاكه لأبسط حقوق الانسان، على عدوانيته، على على على... هذا كلّه يجب أيضًا أن يحضر ليتأكّد اللبنانيون جميعًا وشعوب المنطقة من حقيقة وجوهر هذا العدو العنصري والمتوحش الذي يحاول أن يقدّم نفسه متحضّرًا ومتمدّنًا وكيانًا قابلًا للتعايش مع شعوب المنطقة كيانًا طبيعيًا، يجب أن تستحضر كلّ التضحيات. ما جرى من الـ 82 وحتى الـ 2000، التحرير الذي حصل لم يكن نزهة، ولم يكن منّة لا من إسرائيل ولا من أمريكا ولا من الغرب ولا من النظام الرسمي العربي ولا من المجتمع الدولي ولا من أحد. ما كان ليوم 25 أيار 2000 أن يكون لولا هذه الأثمان الغالية ممن شكرناهم قبل قليل، الشهداء وآلام عوائل الشهداء والجرحى وآلام الجرحى وعائلاتهم، والأسرى وآلام عائلات الأسرى، قتال العمليات النوعية العمليات الاستشهادية الحروب التي حصلت بحجم لبنان نقول حروب في الـ 93 في الـ 96 نتحدّث حتى الـ 2000. لولا كل هذه التضحيات وآلام التهجير والتشريد وفقدان الأرزاق وهدم المنازل والبيوت والعيش الغير آمن القلق على مدار الليل والنهار. في النهاية هذا الانتصار أيهّا اللبنانيون، أيها الشعب اللبناني، لم يأتِ بالمجان، ولم يأتِ فقط بالدعاء، الدعاء كان عاملًا مساعدًا إضافيًا، لم يكن منّة من أحد هذا صنعته الدماء والدموع والأيادي والقبضات، والأصابع على الزناد والعقول والقلوب والإرادات.
هذا كله يجب أن نستحضره، ويجب أن نستحضر أيضًا – لأن هذا لاحقًا سأرتّب عليه آثارًا - حقيقة المواقف في لبنان من الاحتلال، من الغزو الاسرائيلي 82، من الاحتلال الاسرائيلي للـ 85، من الاحتلال الاسرائيلي بعد الـ 85 للـ 2000 بالشريط الحدودي، ومن المقاومة. من قاوم، من وقف، من رفض، هذه جبهة. من تآمر وتعاون وراهن على العدو كان جزءاً من مشروع العدو، ومن وقف على التل، ثلاثة أصناف، يعني ما كان معني لا بالعير ولا بالنفير. هذا مهم ليس من أجل فتح الجروح القديمة، لا هذا من أجل قطع الطريق على المزايدات، أنه من هو السيادي؟ السيادي الذي يقبل بالاحتلال لبلده!؟ الذي يقبل بأن يسيطر العدو على أجزاء واسعة من أرضه؟ هل هذا هو السيادي!؟ السيادي الذي يسكت على الاحتلال لعشرات السنين!؟ السيادي الذي يقبل باتفاقية 17 أيار!؟ هذا يظهر من الذي يعنيه سيادة لبنان، حرية لبنان، الكرامة الوطنية، الذي ينظر إلى الشعب اللبناني كشعب واحد إذا تألم الجنوب، إذا تألم الشمال أو الجبل أو العاصمة أو البقاع يتألم كلّ لبنان. هذه المواقف هي التي تكشف عن جواهر الرجال والشخصيات والقيادات والمرجعيات الدينية والسياسية والقوى السياسية والأحزاب والأشخاص والنخب والناس أيضًا. هذا كله يجب أن يُستحضر، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية، الإنجاز الذي تحقّق، الانتصار الذي تحقّق في عام 2000 هو أكبر وأعظم إنجاز في التاريخ المعاصر في الحد الأدنى من 22 سنة. أنا أستطيع أن أدّعي وأقول منذ 30 سنة أو 40 سنة بتاريخ لبنان - لا أريد أن أبالغ - لكن من الـ 2000 لليوم أهمّ إنجاز لا غبار عليه، ولا شبهة عليه، ولا نقاش فيه، وبعد ذلك تلقّاه اللبنانيون عمومًا بالقبول والاعتزاز والافتخار، حتى أولئك الذين وقفوا على التل، حتى بعض أولئك الذين كانوا في الجبهة الأخرى، قالوا هو إنجاز وانتصار في عام 2000 في 25 أيار. وهذا كان إنجازًا وانتصارًا لبنانيًا وعربيًا، وأيضًا على مستوى العالم الإسلامي، وموضعًا لافتخار واعتزاز الجميع.
هنا يجب أن نذكّر سريعًا وبجمل مختصرة جدًا خصوصًا لأنّه هناك فاصل بيننا وبين الذكرى 22 سنة، فقط تذكير ببعض هذه الإنجازات. تحرير كامل الأرض اللبنانية باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وتحرير كل المعتقلين في الخيام وكل أولئك الذين كانوا موجودين في مراكز العدو الإسرائيلي ومراكز لحد في الشريط الحدودي. وأيضًا إثبات قدرة المقاومة على الانتصار، هذا انجاز ثقافي معنوي نفسي، كسر صورة الجيش الذي لا يقهر الذي بناها بعد عشرات السنين والعديد من الحروب، إعطاء الأمل للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة بإمكانية إلحاق الهزيمة بالعدو وتحرير فلسطين، كسر مشروع إسرائيل الكبرى بل دقّ المسامير الأخيرة في نعش مشروع إسرائيل الكبرى لأنّ الجيش الاسرائيلي الذي لا يستطيع أن يبقى على الأرض اللبنانية النقطة الأضعف في العالم العربي هو لا يستطيع أن يقيم دولة من النيل إلى الفرات. تفكيك مشروع العدو، تذكرون وقتها إيهود باراك كان رئيس وزراء العدو ووعد بالانسحاب من جنوب لبنان، كان لديهم فكرة أنّهم يخرجون ويتركون الدبابات والمدافع ويقدّمون دعم لوجستي ومالي كبير جدًا لجيش لبنان الجنوبي بقيادة أنطوان لحد في ذلك الوقت، الجيش الاسرائيلي ينسحب يكون وفى بوعده، لكن الشريط الحدودي بقي في يد جيش لبنان الجنوبي جيش انطوان لحد ويحصل القتال بين المقاومين وجيش أنطوان لحد ويتحوّل إلى قتال داخلي ويعطى لاحقًا بعدًا طائفيًا ويتطور المشروع الذي كان العودة إلى الحرب الأهلية في لبنان عام 2000. المقاومة في عام 2000 من خلال حركتها السريعة والانهيار الكبير الذي حصل لدى العدو ولدى جيش انطوان لحد أيضًا أسقط هذه المؤامرة الخطيرة جدًا. ومن انجازات انتصار عام 2000 تثبيت معادلة الردع والحماية لأنّه هذا تأسّس بتفاهم نيسان 1996 عندما وضعت معادلة اسمها تقصفون المدنيين لدينا نقصف عندكم، تقصفون قرانا نقصف قراكم ومستعمراتكم هذا جرى في الـ 2006 وثبت عام 2000. وعمليا رأينا بعد الـ 2000 كيف كان حال الجنوب والقرى الحدودية.
وكان انتصار عام 2000 من أهم العوامل لانطلاق الانتفاضة في فلسطين بعد أشهر قليلة. وأيضًا من أهم الإنجازات في عام 2000 في انتصار 2000 أنّ الخط البياني لكيان العدو، القوة العسكرية المتصاعدة، الكيان الاسرائيلي المستكبر المستعلي، كان يسير بخط بياني صعودًا حتى الـ 2000 وفي 2000 بدأ ينزل هبوطًا، بدأ يهبط ورأينا كيف انسحب من جنوب لبنان بلا قيد ولا شرط، ورأيناه لاحقًا في مواجهة الانتفاضة في فلسطين، ورأيناه أيضًا في تحرير غزة والانسحاب منها بلا قيد وبلا شرط، ورأيناه بعدها في المواجهات انتقلت المعركة إلى داخل فلسطين المحتلة وصار العدو في مأزق عسكري وأمني وتطور الموقف إلى ما حصل العام الماضي في سيف القدس لأنّ هذه الأيام هي الذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس أيضًا، وما يواجهه اليوم وكل هذا الذي نراه من الجدران التي تبنّى على الحدود اللبنانية الفلسطينية وعلى حدود غزة وعلى حدود الضفة الغربية، هذا كلّه الخط البياني النزولي الانحداري. وهذا بالحقيقة في عام 2000 ما تنبّأ به وتحدّث عنه نتنياهو المنافس على رئاسة الوزراء مع إيهود باراك، وقال إنّ المسار التاريخي لدولة اسرائيل قد انقلب بدءً بالانسحاب من لبنان عام 2000 - هذا الكلام سنة 2007 – إن المسار التاريخي لدولة اسرائيل قد انقلب – يعني كان تصاعدياً وبدأ ينحدر، ولست أنا من أوصف بل هذا رئيس حكومة العدو الذي أمضى في رئاسة الوزراء أطول مدة - بدءً من الانسحاب من لبنان عام 2000 وصولًا إلى الانسحاب من قطاع غزّة وانتهاء بحرب تموز عام 2006، هذا الانحدار بدأ. من يوم خطاب بيت العنكبوت حفر بيت العنكبوت عميقًا في الوعي الاسرائيلي في وعي القادة، وفي وعي النخب وفي وعي الجيش، وفي وعي الضباط والجنود وفي وعي الناس العاديين.
إذًا هذا الانتصار بالحقيقة أسّس لمسار استراتيجي قومي على مستوى المنطقة بكاملها. واليوم الإسرائيليون - في النهاية سأتحدّث بكلمتين - هم يعيشون عقدة العقد الثامن يعني السنوات الثمانين، انه هل يبقى هذا الكيان ويعبر الثمانين سنة او ينهار ويضمحل ويزول قبل ان يصبح عمره ثمانين عاماً!؟ الآن هو عمره 74 عاماً، هنا نحن نذكر بالانجاز السياسي، بالانجاز العسكري، بالانجاز الأمني، بالإنجاز الاستراتيجي.
أيضاً أريد أن أذكر بالانجاز الأخلاقي الذي حققته المقاومة وبالتالي عبّرت عن حقيقتها، عن هويّتها، عن ماهيتها، عن جوهرها هي لم تكن تتصنّع ذلك، هي مارست ما هو كامن فيها من قيم وأخلاق، الإنجاز الأخلاقي في تصرف المقاومين مع الشريط الحدودي مع جنود جيش لحد الذين استسلموا مع الأسرى الذين وقعوا في الأسر وحتى مع تجمع الهاربين مع عائلاتهم على الحدود، أولئك ارتكبوا مجازر مهولة بحق أهل القرى وكان يمكن إطلاق النار عليهم إما تحت عنوان عملاء فارّين وما شابه ولكن لم يُطلق النار، العدو هو الذي أغلق الأبواب عليهم وبعد ذلك وبعد إذلال طويل فتح أمامهم الابواب، في كل الاحوال هذا كان إنجاز أخلاقي. وجه اخر للإنجاز الأخلاقي – طبعاً هذا يجب أن تضعوه أمام مشاهد أخرى حصلت في لبنان في الحرب الأهلية - جانب آخر من الانجاز الأخلاقي، أن هذه المقاومة عندما انتصرت لم تحتكر الانتصار لنفسها بل وجهت الشكر للجميع، وأنا كمُعبّر عن أحد فصائل هذه المقاومة الأساسية "حزب الله" كما قلت وبدأت خطابي من 22 سنة نقف ونشكر الجميع ونعترف بفضل كل من له فضل في هذه المقاومة ولا نحتكر المقاومة وانجازاتها وعملياتها لأنفسنا، كان هناك قوى أساسية قاتلت وقاومت وبذلت جهوداً وقدمت شهداء وجرحى وكان منها لأسرى وهذا كله نحن نعترف به ونحترمه ونقدره ونفتخر به أن المقاومة كان لها هذا التاريخ وهذه الفصائل وهذا الامتداد في كل الطوائف، شهداء مسلمون ومسيحيون شهداء من أتباع المذاهب الاسلامية المختلفة وهذا طبعاً نحن نقدره ونعترف به ولذلك لم نحتكر الانتصار لأنفسنا ونقول حزب الله انتصر أو حزب الله أو حركة أمل انتصروا وإن كان بطبيعة الحال لحزب الله وحركة أمل الحظّ الأوفر لأسباب لها علاقة بالجغرافيا والديموغرافيا وطبيعة الجبهة وأولوية القتال وما شاكل، لكن المقاومة لم تحتكر لا العمليات ولا الانجازات ولا الانتصارات ولا دماء الشهداء، هذا أيضاً إنجاز إخلاقي يجب أن نُذكّر به دائماً.
النقطة التي بعدها، أن هذه المقاومة عندما انتصرت - هذا أيضاً له بعد في الموضوع الأخلاقي والوطني والسياسي - هذه المقاومة عندما انتصرت تتذكرون الخطاب الأول في بنت جبيل، بكل التاريخ على ما يُقال – نحن لم نُجرِ استقراءً تاماً – لكن المعروف أن المقاومة كانت تستلم السلطة أو تصبح جزءاً أساسياً من السلطة، بالحد الأدنى حزب الله كجزء أساسي في المقاومة المنتصرة لم يطالب بالسلطة ولم يحكم، المقاومة الوحيدة التي انتصرت ولم تحكم هي المقاومة في لبنان وبشقها الأساسي حزب الله، ولم نطالب أي لم نأتِ ونقول رغم أن أصدقائنا كانوا رؤساء مقاومون وسوريا في ظهرهم، لم نأت ونقول نحن قاتلنا ونحن انتصرنا ونحن قدمنا شهداء ونريد حصتنا ونريد أن نكون شركاء ونريد الحصة الأوفر والأعظم والأكبر ونريد أن نُغير النظام السياسي والتركيبة السياسية في النظام والحصص وتوزيعها كما يتحدث الكثيرون بهذه اللغة، لم نفعل ذلك، وهذا أيضاً يجب أن نذكر به اللبنانيين أننا نحن اعتبرنا أولاً أننا لم نقاتل من أجل السلطة، نحن قاتلنا من أجل الدفاع عن بلدنا وتحرير بلدنا، الدفاع عن شعبنا من أجل أمنه وأمانه وكرامته وهناءة عيشه ومن أجل سيادة البلد والوطن ومن أجل الكرامة الوطنية، وهذا يعني القتال في سيبل الله عز وجل، ونحن قاتلنا في سبيل الله عز وجل ولم نطلب سلطة ولم ننظر إلى السلطة ولم نطمع بسلطة ولاحقاً عندما دخلنا في الحكومة وأنا شرحت في الخطابات في المهرجانات الانتخابية أننا عندما دخلنا إلى المجلس النيابي دخلنا من أجل الدفاع عن المقاومة ونكون صوت المقاومة، في الـ 2005 اضطررنا للدخول إلى الحكومة من أجل حماية ظهر المقاومة، لا نريد أن نعود ونكررها، تعرفون هذا البحث. وبعدها عندما أصبحنا في الداخل أصبحنا معنيين في النهاية بملفات الناس، أردت أن أذكّر بهذه الحقيقة لكل أولئك الذين يقولون بأن حزب الله يريد الهيمنة على البلد والسيطرة على قرار الدولة ويريد الحكم ويريد السلطة ويعشق السلطة، أبداً على الاطلاق، نحن بالنسبة لنا حضورنا اليوم في الحكومة أو في المجلس النيابي أو في الدولة هدفه حماية ظهر المقاومة والمساهمة في معالجة ملفات الناس وإلا هذه السلطة بكل ما فيها لا تعني لنا شيئاً على الاطلاق، في الـ 2005 بعض الدول الاوروبية كانت تراهن أننا عندما نُدخل حزب الله على السلطة ويذوق عسل السلطة وطعم السلطة هو لوحده سيتخلى عن المقاومة وسيشعر أن سلاح المقاومة بات عبئاً عليه، هؤلاء يفهموننا بشكل خاطئ، نحن بالنسبة لنا السلطة إذا كنا في السلطة فهي وسيلة لخدمة عباد الله ولعبادة الله عزّ وجل والمقاومة هي وسيلة، لا السلطة هدف ولا المقاومة هدف، الهدف هو أعلى من ذلك بكثير، هذه نقطة أيضاً يجب التذكير بها.
النقطة التي تليها كون هذا النقاش لا زال قائماً حتى اليوم، أنه يخرج أناس اليوم ومن بضعة أيام خرجوا ومن بضعة أسابيع وأشهر والسنة الفائتة وما قبلها وصولاً إلى ما قبل الـ 2000، عندما نتكلم عن المقاومة يخرج ويقول حسناً أنتم من كلّفكم –تعلمون من هوَ ليس هناك داع لأن نسمّيه – وأكثر من جهة وأكثر من حزب سياسي وأكثر من شخصية، من كلفكمَ؟؟ عجيب هذا السؤال! يأتي واحد مثلا ويرى أن نصف البلد واكثر محتل في الـ 82، والجيش الاسرائيلي يريد البقاء ولو لم تحصل مقاومة كان أنشأ مستعمرات في جنوب لبنان ولديه أطماع في الوزاني وفي الليطاني والمعتقلات مليئة بآلاف الشباب ومئات الصبايا وإذلال للشعب اللبناني وقتل وقهر وذُل ويأتي ويقول لك أنت من الذي كلّفك بقتال العدوّ!؟؟ حسناً، أنت ماذا فعلت والدّولة ماذا فعلت والمجتمع الدولي ماذا فعل؟ عجيب هذا السؤال واقعاً، أنا في رأيي هذا السؤال يعبّر عن تخلف سياسي وانحطاط أخلاقي أن تقول لشعب بلده محتل وجزء كبير من الرجال والنساء في السجون، والعدو يريد أن يبتلع البلد وخيراته وثرواته وإذا ما أراد هؤلاء الناس أن يقاتلوا يقول لهم من كلّفكم؟ بدل من أن تقوم أنت وتقاتل وتساندهم وتدعمهم وتؤيدهم وتدافع عنهم تأتي وتضع عليهم إشكالا كأنهم قد ارتكبوا خلاف القانون أو خلاف الدين أو خلاف الأخلاق أو خلاف القيم أو خلاف الوطنية. لهؤلاء نقول، كنا نقول ونبقى نقول، الذي كلفنا هو واجبنا الانساني، ضميرنا، أي إنسان حي، أي إنسان حرّ، أي إنسان يمتلك ضمير لا يمكن أن يسكت لا على الظلم ولا على الاحتلال ولا على الاذلال ولا على القهر ولا على ضياع الأوطان، واجبنا الانساني، واجبنا الأخلاقي، واجبنا الوطني، واجبنا الديني هو الذي دعانا لأن نقاتل نحن وكل من قاتل أن يكون التحرير عام 2000، واليوم نفس المنطق، اليوم أنتم من كلفكم أن تحموا؟ المشكلة سأقول لكم أين، لأن هذا له علاقة بالمستقبل، المشكلة أن هناك أناس لا يعتبروا اسرائيل عدو وإن كانوا قد قالوا عدو صهيوني وعدو اسرائيلي هذه مجاملات، في قرارة أنفسهم في داخلهم هم لا يعتبرون الاسرائيلي عدوا وحقهم عندما يقولوا من الذي كلفكم وطلب منكم انه لماذا قاتلتم لأن الذين قاتلو قبل الـ 82 حتى الـ82 أسقطوا المشروع الاسرائيلي الذين إذا راجعتم الشخصيات التي تسألنا من كلفكم هم كانوا جزءاً من المشروع الاسرائيلي الذي سقط ولذلك طبيعي أن يعترضوا ويقولوا من كلفكم ومن طالبكم!! هناك من لا يعتبر بأن اسرائيل عدو وبأن اسرائيل تهديد وبأن لدى اسرائيل أطماع لا في مياه لبنان ولا في غاز لبنان ولا في نفط لبنان، وهناك من لا يعتبر أن اسرائيل تهديد للأمن في لبنان ولصيغة العيش في لبنان أساساً، لا يعتبروها تهديداً ولذلك هي ليست عدواً، إذاً لماذا أنت حامل الراية وتريد أن تحمي البلد، البلد ليس في دائرة التهديد! النقاش يبدأ من هنا، لا يبدأ بكيف نحمي؟ ما هي الاستراتيجية الدفاعية الوطنية؟ ما هي السبل الأفضل والمتاحة للبنان دولةً وشعباً ليحمي نفسه وسيادته وثرواته؟ يبدأ من الأول هل نحن متفقين أن اسرائيل عدو!؟ متفقين بأن اسرائيل تهديد!؟ متفقين بأن اسرائيل لديها اطماع!؟ متفقين أم غير متفقين!؟ بصراحة ولا يوم كنا متفقين، الآن في المستقبل نتفق أو لا نتفق لا أعلم، لا أعلم الغيب ولكن أنا أقول لكم ولا يوم كنا متفقين ولا يوم. إذاً اليوم أيضاً نحن نحمي، هذه المقاومة تحمي، تقول لي بتكليف مِن مَن؟ أقول لك واجبنا الانساني والأخلاقي والوطني والديني وهذا لا يحتاج إلى إذن من أحد، عندما يكون شعبك وبلدك وسيادة بلدك وثروات بلدك ومستقبل أجيالك مهددة بالخطر وبالعدوان وبالاحتلال وبالنهب وبالسلب من واجبك أن تحمل بندقية وتقاتل وتدافع وتحمي.
النقطة التالية، أريد أن أذكر أيضاً – الآن أصبحنا على نهاية نقاط التذكير - بأن هذه المقاومة التي انتصرت في 25 ايار 2000 قاتلت في ظل الانقسام اللبناني ولم يكن هناك إجماع لبناني - وكنت أتكلم منذ قليل بأننا لطالما كنا مختلفين - لم يكن هناك إجماع لبناني حول المقاومة وخيار المقاومة وفعل المقاومة، لم يكن هناك اعتراف لبناني إجماعي بالمقاومة، أنا أذكر بعض وسائل الإعلام وبعض المرجعيات الكبرى في البلد كانت تقول عندما تتكلم عن الجنوب والمقاومة في الجنوب تقول دورة العنف، إلى 25 ايار وسائل إعلام في لبنان لا تقول عن شهداء المقاومة شهداء تقول قتلى، كأنه هناك مشكل بين اثنين فيوجد قتيل اسرائيلي وقتيل لبناني من المقاومة مثلاً، حتى كلمة شهيد لم تُعطَ لهؤلاء، لم يكن هناك إجماع واليوم أنا أتكلم بهذه النقطة لماذا؟ لأقول أن المقاومة التي صنعت الانتصار عام 2000 لم تكن موضع إجماع والمقاومة التي انتصرت في تموز عام 2006 لم تكن موضع إجماع، نعم كان هناك تأييد من قوى سياسية وتيارات في مختلف الطوائف أي لم يكون هنا الانقسام طائفي، كان الانقسام سياسي، نحن نتذكر في حرب تموز كان هناك قوى أساسية وزعامات كبيرة جداً مسلمة ومسيحية كانت تقف وتساند المقاومة، الانقسام السياسي كان موجودٌ دائماً، لم يكن الانقسام طائفياً حول المقاومة، كان الانقسامُ سياسياً حول المقاومة، الآن يأتي واحد ويقول المقاومة كانت موضع اجماع وطني قبل أن تذهب إلى سوريا ففقدت الإجماع أو قبل أن تتدخل في مسائل المنطقة ففقدت الإجماع، فلتعد المقاومة من سوريا ولا تتدخل في شؤون المنطقة كي يحصل إجماع حولها – هنا يوجد مغالطة – لم يكن هناك إجماع على المقاومة قبل الذهاب إلى سوريا وقبل التدخل في شؤون المنطقة وبالتالي حتى لو عدنا لن يكون هناك إجماع وإذا أردتم نستطيع أن نجرب، قدّموا لنا ضمانات أنه نعم يُصبح هناك إجماع حول المقاومة وعلى كل حال المعركة في المنطقة انتهت لم تعد بحاجة إلينا، الموضوع قابل للدرس وللنقاش، لكن على كل حال هذا على سبيل الجدال. لا، هناك من هم موقفهم واضح وخاضوا الحملة الانتخابية كلها على هذا العنوان والذي يُسمى "المقاومة وسلاح المقاومة ونزع سلاح المقاومة"، والمقاومة اليوم تمارس كما مارست وظيفة التحرير في ظل الانقسام وانتصرت وقاتلت في حرب تموز في ظل الانقسام وانتصرت، هي اليوم تحمي لبنان في ظل الانقسام وتحقق إنجاز الحماية، هل يستطيع أحد أن يناقش بأن لبنان ليس محمياً؟ واقعاً لبنان محمي، هذا الاسرائيلي ومناوراته، رئيس وزراء العدو يخرج ليقول بأن لديه مناورات كبيرة وضخمة ولكننا لا نريد أن نفتح مشكلاً مع أي أحد، هذا ببركة ماذا؟ الأغاني! ثقافة الفن؟ مع إحترامي لثقافة الفن، وأنّ هذه مقاومتنا مقابل مقاومتكم، ماذا؟ المقاومة الجادة القوية القادرة التي لديها سلاح وإستشهاديين ولديها صواريخ دقيقة ولديها دفاع جوي ومقاتلين ذو بأس شديد، هذه المقاومة هي التي تجعل العدو يقف على رجل ونصف ويرسل رسائل التطمين وأن يكون حذراً ومنتبهًا وأن لا يذهب إلى المخاطرة. إذاً اليوم المقاومة تؤمن حماية لبنان، ضمن المعادلة الذهبية وفي ظل الانقسام، الحماية منجزة وستبقى منجزة، وهل تريدون أن نناقش، نحن جاهزون للنقاش، نحن لا نتهرب من النقاش على الإطلاق، على كل، وهذه الحماية المنجزة اليوم وعلى مدى 22 عاماً، أسس لها الإنتصار في 25 أيار 2000، يعني هذه من بركات هذا اليوم.
يوجد شيء أخر له علاقة بالمناسبة لكن اكتفي بهذا المقدار لنتكلم بأمور أخرى. حالياً هذا النقاش الموجود في لبنان والإختلاف والسجال حول مسألة المقاومة هو قديم، وحتى نكون واقعيين هو قائم وسيستمر، كل واحد إستخدم كل وسائل الإقناع التي لديه وكل الإستدلالات التي لديه، وكل الحجج التي لديه، من مع ومن ضد، ومن إقتنع إقتنع ومن لا يريد أن يقتنع لم يقتنع، بطبيعة الحال خيار المقاومة هناك من يؤيده وهناك من يُعارضه وهناك من يقف على التل، وكل فريق يسعى من المؤيدين ومن المعارضين أن يحاول أن يحشد رأي عام أكبر، تأييد جماهيري وتأييد شعبي أكبر لخياره ولفكرته. بكل الاحوال هذا هو الواقع الموجود حاليا حول هذه المسألة. لكن في اللحظة الحالية الذي نريد أن نتكلم به أن المقاومة بعد أن تعرضت للإستهدافات الأمنية بقتل قادتها، يعني الحاج عماد والسيد ذوالفقار والحاج حسان اللقيس الخ، وقبل ذلك الشهيد السيد عباس والشهيد الشيخ راغب وبعد أن تعرضت لحروب في تموز الـ1993، نيسان 1996، تموز 2006، كل هذا فشل، كانت المعركة الأخيرة وكل التشويه والأكاذيب - لا أريد أن آخذ وقتاً في هذا الموضوع - كانت المعركة الأخيرة الضغط على بيئة المقاومة المباشرة وعلى البيئة التي تؤيد المقاومة وحلفاء المقاومة ورأينا النتائج، واليوم المقاومة تشعر أكثر من أي وقت مضى أنها قوية وأنها محتضنة من شعبها وبيئتها ومن ناسها ومن الذين تحملوا التبعات معها خلال أربعين عاماً.
حسنا، أنا أريد أن أقول اليوم إضافة لما قلناه في كل الأيام الماضية أنه من الممكن أن تستمروا في السجال ومن الممكن أن نبقى مختلفين، وكل واحد فينا يقدم حجته وأدلته، لكن هذا لن يؤدي إلى نتيجة. وهنا في الواقع الحالي في الأيام الأخيرة بعض القوى السياسية يحصل لها إلتباس، وهذا طبعا نتيجة خلل في الفهم وحتى خلل في النية، أي خلل في النوايا، يعني مثلا عندما يتكلم مسؤولو حزب الله يتكلمون بصوت عالي، يقولون حزب الله يهددنا، وعندما يتكلم حزب الله بصوت هادىء، يقولون حزب الله يشعر بالضعف وبالإرباك ومحشور، القراءة الأولى خطأ، والقراءة الثانية خطأ، إذا خرج أحدهم وقال أنه من يفكر بنزع سلاح المقاومة بالقوة يدفع البلد إلى حرب أهلية، هذا صحيح، يقولون: حزب الله يهدد بحرب أهلية، وإذا خرج أحد مثلي مثلا وقال: يا جماعة نحن جاهزون للحوار وأنا أقترح - إذا أردتم – هذا الموضوع لن نصل إلى نتيجة فيه حالياً فلنأجله سنة أو سنتين، حزب الله ضعيف ومحشور ولا يعرف ماذا يتكلم، هذا خطأ بالفهم وخلل بالفهم وخلل بالنوايا. أنا أحب أن أقول لهم في عيد المقاومة والتحرير في اللحظة الحالية التي أنا أتكلم معكم فيها في الساعة التي هي أمامي وهي على الدقائق التي هي أمامي وأمامكم، في هذه اللحظة، منذ العام 1982 إلى اليوم لم يكن حزب الله والمقاومة في لبنان أقوى مما كانت عليه اليوم، عسكرياً وأمنياً وسياسياً وشعبياً ومادياً ومعنوياً في لبنان وفي المنطقة، ولم تكن ظروفها الداخلية والإقليمية أفضل مما هي عليه اليوم، من أجل أن تكونوا مطمئنين وأن لا تشتبهوا في التقدير وفي الفهم وتخطؤون في إتخاذ القرار، هذه المقاومة أقوى مما تتوقعون، وأقوى مما تتصورون، ومعنوياتها عالية، يعني لا يكفي للشخص أن يكون قوياً أو يشعر أنه قوياً، المطلوب الاثنين، لأنه من الممكن أن يشعر أنه قوياً وهو ضعيف أصلاً، في الواقع المقاومة قوية وفي الواقع نحن نشعر أننا أقوى من أي زمن مضى، كي لا يخطأ أحد في حساباته في هذا الموضوع. نحن عندما عرضنا أن نؤجل البحث سنة أو سنتين، لأنه نحن همنا أولويات الناس، كم الدولار اليوم؟ قفز فوق الـ34 ألف، نعيد ونكرر، الكهرباء ودواء السرطان والطحين والمخابز والأفران والمحروقات، ولا زال هناك من يتكلم بعالم آخر، يتكلمون بجنس الملائكة، هذا يعبر عن فقدان روح المسؤولية، أولاً فليبقى هناك دولة وبلد لكي تأتي لتطالبنا بأن نسلم سلاحنا للدولة، فلنأتي في البدء نحن وإياكم لنسعى لبقاء الدولة، هذه الدولة في المسار الذي تفكرون به وتمشون به ذاهبة إلى الإنهيار، مؤسسات الدولة ذاهبة إلى الإنهيار، أصلا الجيش اللبناني والقوى الأمنية اليوم من ماذا تعاني؟ هذه الرواتب التي يتقاضونها، هل هي رواتب؟! قيادة الجيش وقيادة الأجهزة الأمنية دائما تشكي وتنعي، في البداية فلتجدوا حلاً لمسألة الليرة والدولار والراتب والحقوق وإمكانية الحد الأدنى من الحياة في هذا البلد ليبقى جيش وتبقى دولة وبعد ذلك نناقش إذا نسلم سلاحنا للدولة أو نسلم سلاحنا للجيش، لذلك في هذا الموضوع، لا تفهموا بشكل خاطىء ولا تقرأوا بشكل خاطىء، وأنا أجدد الدعوة على كل حال وأقول لكم أجدد الدعوة من موقع القوة ومن موقع الإقتدار الذي لم يسبق له مثيل للمقاومة منذ أربعين عاما، هل تريدون منا أن نتكلم بهذه الطريقة؟ من هذا الموقع أنا أجدد الدعوة إلى الشراكة وإلى التعاون، وهذه هي الملفات. يوجد من يقول أنه صحيح حزب الله يدعو إلى الشراكة وإلى التعاون لكنه يريد أن يحتكر قرار الحرب والسلم، قلنا لكم هذا الموضوع موضوع الاستراتيجية الدفاعية نحن جاهزون لنناقش بها، وإن كنتم تريدون أن نناقش كل شيء مع بعضه البعض نحن جاهزون لذلك، ليس لدينا مشكلة في ذلك، وما نصل به لنتيجة نذهب ونعمل عليه، والأصل في هذا الموضوع أن نتفق مثل ما قلت في المقطع السابق على أن إسرائيل عدو، إسرائيل تهديد، إسرائيل لديها أطماع، يجب أن يكون لدينا قراراً لمواجهة إسرائيل ومن ثم نذهب بالإستراتيجية الدفاعية ونناقش كيف نواجه إسرائيل.
نحن أيها اللبنانيون في عيد المقاومة والتحرير - آخر كلمة في المقطع اللبناني وأختم في المقطع الفلسطيني بكلمتين - في الحقيقة نحن في خلافنا السياسي في البلد نضع الناس في الحد الأدنى، نحن أمام خيارين، يوجد خيار لبنان القوي والغني، ويوجد خيار لبنان الضعيف والمتسول، ما هو ترجمة هذين الخيارين؟ لبنان القوي هو القوي بالمعادلة الذهبية، المعادلة الذهبية التي أثبتت قدرة لبنان على التحرير عام 2000، وعلى الصمود في عام 2006، وعلى الحماية منذ 2000 و2006 إلى اليوم، هذا إنجازه، ما هي المعادلة الثانية، قوة لبنان في ضعفهَ!؟ ما هي المعادلة الثانية؟ الدولة تستطيع أن تحمي لوحدها!؟ هذا لبنان الضعيف في رأينا، إن كنتم تريدون أن نناقش نحن جاهزون بالمنطق، نحن لا نتكلم لا بالشعارات ولا وبالخطابات الحماسية، هذا لبنان القوي بالمعادلة الذهبية، والذي يستطيع أن يُحصّل حقوقه وثرواته من النفط والغاز والمياه، ولبنان الغني الذي يذهب مثلما تكلمت بكل الخطابات وسأظل أتكلم بكل خطاب إن شاء الله، سأظل أطالب المسؤولين بالدولة اللبنانية والشعب اللبناني أن يطالب أن هذا الكنز الموجود في البحر، أنا قلت أن أحد المسؤولين قال لي أنه نحن لبنان لديه نفط وغاز بما يقدر ب 200 مليار دولار، أنا لا أدعي أن لدي خبرة، ولكن منذ مدة هناك دراسة متخصصة تقول أن الثروة النفطية والغازية الموجودة في المياه الإقليمية والمنطقة الإقتصادية الخاصة للبنان تصل إلى 500 مليار دولاراً أميركياً. حسنا، اليوم قرأنا في وسائل إعلام العدو الاسر ائيلي أن الاوروبيين يفتشون عن بديل للغاز وللنفط من روسيا فبدأوا بعقود مع العدو من أجل أن يصدروا لهم الغاز، إذا أخرج النفط، من هنا من جانبنا، ونحن اللبنانيين نشاهد، لا نستطيع لا أن نقوم بأي شيء، يوجد لدينا ثروة هائلة 200 مليار أو 300 مليار أو 500 مليار، وهذه الثورات نسد فيها دين لبنان، ونعمر فيها لبنان، ونخلق من خلالها فرص عمل، وتتحسن فيها سعر الليرة، تصوروا أن لبنان يستطيع بيع النفط، فقط إن أخرج النفط والغاز وبدأ بالبيع، وعلى خط عشرات مليارات الدولارات هذا لوحده سيحسن سعر العملة اللبنانية، ما هو مدى بركات هذا الموضوع على لبنان؟ نستطيع بهم أن نعمر أنفاقاً وجسوراً ومستشفيات وجامعات، ونصبح بذلك دولة غنية بكل ما للكلمة من معنى، نحن ندعو إلى الدولة الغنية، لبنان يستطيع أن يكون دولة غنية بالنفط والغاز وأيضا بالزراعة والصناعة اللتين دمرتا ضمن السياسات الإقتصادية السابقة، لأنه كلها بنيت على مشروع التسوية الذي طار، هذا لبنان القوي والغني، في المقابل لبنان الضعيف المتسول على أبواب صندوق النقد الدولي، على أبواب سفارات الدول، على أبواب سفارات بعض دول الخليج، ماذا سيقدمون لك؟ حتى المساعدات التي ستأتي من دول الخليج أو من مكان آخر، حتى لو أتت بلا قيد ولا شرط وبلا منة، كم سيعطوك؟ ملياراً أو أثنان أو ثلاثة أو أربعة أو 6 مليارات دولارات أو سبعة مليارات أو كم؟ هل يحل هذا مشكلة لبنان؟ هذا لا يحل مشكلة لبنان، الذي يحل مشكلة لبنان فقط هذا الخيار، وهو فقط بحاجة إلى شجاعة، هل تريدون أن تجربوا الإجماع الوطني فلنبدأ من هنا، هل تريدون إستراتيجية دفاعية فلنأتي ونناقشها، يوجد موضوع إسمه الغاز والنفط اللبناني في المياه الإقليمية وفي المنطقة الإقتصادية، تفضلوا لكي نرى ونشكل إجماعاً وطنياً كيف نحمي هذه الثروة وكيف نستخرجها، لا يكفي أن نحميها وأن تبقى في المياه، كيف نستخرجها ونبيعها من أجل تحسين كل أوضاع اللبنانيين، وهذا خيار موجود ومتاح وممكن، ممكن جداً جداً جداً، أنا لا أتكلم بخيالات، لكن يحتاج إلى القليل من الجرأة، لا يحتاج إلى شجاعة عظيمة، يحتاج إلى القليل من الجرأة، يحتاج فقط هذه عتبة الخوف والحسابات الضيقة والشخصية والأميركي والاسرائيلي وماذا يفعل، هذه العتبة فقط أن نفشخ عنها خطوة واحدة عندها نحن يمكن كلبنان أن نحصل على ثروة بقيمة مئات مليارات الدولارات، اللبنانيين أحرار أن يختاروا ما يريدون.
المقطع الأخير بالموضوع الفلسطيني، أنا أريد أن أنبه اليوم، أريد أن أنبه لبنان لأنه أكثر بلد معني بما سيجري، دول المنطقة، حكومات المنطقة، شعوب المنطقة، وأيضاً القوى العالمية التي تعتبر نفسها معنية بشكل أو بآخر بما يجري في منطقتنا. خلال الأيام القليلة المقبلة هناك أحداث قد تحصل في فلسطين، في القدس، قد تؤدي إلى انفجار كبير، وهذه حقيقة، يمكن هناك كثر لا يواكبون لأنهم مشغولون بأشياء أخرى وتفاصيل أخرى ولكن هذه الحقيقة، بعد عدة أيام هناك شيء اسمه عند الاسرائيليين مسيرة الأعلام، يأتون هؤلاء المستوطنين وخصوصاً الجماعات الدينية المتطرفة منهم ويحملون الأعلام الاسرائيلية ويجتمعون ويدخلون إلى أحياء القدس القديمة بما فيها الأحياء الاسلامية. عادة هذا يؤدي إلى استفزاز كبير ويؤدي إلى تصادم مع سكان هذه الأحياء والخطر الكبير هو أن يقوم هؤلاء بالدخول إلى باحات المسجد الأقصى والاعتداء على هذه الباحات أو الاعتداء على المسجد – المسجد المعروف – وبعضهم بدأ، بعض المنظمات الارهابية، هم كلهم إرهابيين، بعض المنظمات تعلن بأنه يجب العمل أو التخطيط لتدمير قبة الصخرة، هذه القبة الذهبية التي تشاهدونها على التلفاز. حسناً، هذا الموقف الاسرائيلي، حكومة العدو سمحت لمسيرة الأعلام أن تعبر في أحياء القدس القديمة، المقاومة الفلسطينية بإجماع فصائلها أعلنت موقف حاسم وواضح بأن هذا إذا حصل لن يبقى بدون رد قوي وكبير، معنى ذلك إذا حصل، المقاومة الفلسطينية وعدت وتوعدت بالرد فقد تذهب الأمور إلى انفجار كبير داخل فلسطين، وأنا هنا أريد أن أقول لحكومة العدو ولمن يمون على حكومة العدو ولمن يعنيه الوضع في المنطقة بأن أي مس بالمسجد الأقصى وبقبة الصخرة سيفجر المنطقة، هذا الأمر سوف يستفز كل الشعوب العربية والاسلامية وكل إنسان حر وكل إنسان شريف وكل إنسان مقاوم وكل إنسان مجاهد، وبالتالي عليهم أن يعرفوا أن التمادي في العدوان على المسجد الأقصى وعلى المقدسات في مدينة القدس الاسلامية والمسيحية سيؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة وسيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، والصهاينة يعرفون بأنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بالذهاب إلى هذا المدى، هم عندهم أزماتهم وعندهم مشكلاتهم، عندهم مثل ما تحدثنا في بداية الخطبة عقدة العقد الثامن. اليوم الإخوان أرسلوا لي نقلاً عن وسائل إعلام إسرائيلية، رئيس حكومة العدو بينت قام بزيارة لأحد الأماكن وإلتقى مجموعة من الناس وخطب بهم، ماذا قال لهم؟ الأمر الأول الذي يقض مضجعي هو الانقسامات والكراهية الداخلية في شعب إسرائيل أكثر من إيران ومن حماس - يعني هذه إسرائيل اليوم، إسرائيل المأزومة، المنقسمة، المنخورة، الفاسدة من داخلها - أقول هذا بمسؤولية لأن الانقسام الداخلي في الحقيقة ينتزع منا القدرة على مواجهة التحديات، إنه يشلنا مثل أن تتلقى حقنة تشلك أمام العدو، لا يمكنك التعامل والقتال مع أي شيء ليس فقط مع العدو، هناك دول في العالم مشلولة من شدة الاستقطاب ولا تنجح في دفع مجريات. هذا واقع العدو وهذا واقع جيشه وهذه المناورات التي يقومون بها واليوم على تلفزيون المنار شاهدنا الجنود كيف يصعدون إلى التلة والجبل وقبل عدة أيام شاهدنا المسيّرة في الشمال وهذا بقمة الاستنفار والتنسيق الدقيق بين الأذرع والجهوزية العالية والقبة الحديدية وأخطأوا بالمسيّرة فاعتبروها لحزب الله وتبينت أنها لهم، هذا هو واقع العدو، العدو الذي هذا واقعه، الذي لم يمر زمان – أنا لا أقول هو ضعيف ولا يستطيع أن يفعل شيء – لكن نسبة لأي زمان مضى من 1948 هو لم يكن بهذا الضعف أو الوهن وخصوصاً الوهن الداخلي، لذلك حكومة العدو يجب أن لا تقدم على خطوة قد تكون نتائجها كارثية على كل الكيان وعلى وجود هذا الكيان المؤقت، على كلٍ هذا الواقع الحالي الذي عندهم، الله سبحانه وتعالى حدثنا عنه في كتابه المقدس، الله سبحانه وتعالى يتحدث عنهم يقول " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين"، هذه حقيقتهم، هذا جوهرهم.
إذاً شعوب المنطقة، حكومات المنطقة، دول المنطقة، صحيح كلٌ في بلده ومشغول بمصائبه وبمشاكله وبأولوياته ولكن أنا أدعو الجميع إلى الترقب وإلى الانتباه وإلى الاستعداد وإلى التنبه لما قد يجري من حولنا وقد تكون له تداعياته الكبيرة والخطيرة على المنطقة وهذا كله يتوقف على مدى حماقة العدو، على إقدامه على الحماقة أو تراجعه عن هذه الحماقة.
في كل الأحوال يجب في آخر الكلمة أيضاً أن ألفت إلى أن المناورة الاسرائيلية الكبرى التي " طوشونا فيها" تقريباً غداً ينتهي ثلاثة أسابيع منها ويبقى أسبوعاً، نحن ما زلنا على جهوزيتنا، على استنفارنا، من هنا أتوجه إلى أحبائي وإخواني وأعزائي وتاج الرأس من مجاهدي المقاومة الاسلامية المرابطين على كل الثغور وفي كل المواقع والذين هم أصحاب العيد وأهل العيد، عيد المقاومة والتحرير، أوجه لهم التحية وأعايدهم، كل عام وأنتم بخير، وأشكرهم على سهرهم ويقظتهم وجهادهم وصبرهم وتعبهم وإن شاء الله هذا كله بركة في الدنيا وفي الآخرة وأجر ثواب وعزة وكرامة وحماية وشرف وتنتهي المناورة ونعود إلى وضعنا الطبيعي إذا ذهبت المنطقة إلى الوضع الطبيعي وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يدفع المكاره والمكروه عن الجميع، عن الشعب الفلسطيني، عن لبنان، عن المنطقة، عن المقدسات.
كل عام وأنتم بخير، أعطاكم الله العافية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.