أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، في حديث لإذاعة النور، أنّ ما قدمته الحكومة من ورقةٍ للنقاش في المجلس النيابي ليس خطة مقرَّة في مجلس الوزراء بل رؤية تحتاج إلى تصويب في الكثير من أفكارها، وهي في مرحلة الدراسة المتأنية من قبل كتلة الوفاء للمقاومة قبل تحديد الموقف النهائي منها، ولفت إلى أن جلسة اللجان النيابية المشتركة ستكون أشبه بعصف أفكار، بناءً على ما قدمته الحكومة، معتبراً أن المناخ القائم لا يُتيح إقرار مشروع الحكومة للكابيتال كونترول، بل يدفع باتجاه ترحيله إلى ما بعد الانتخابات.
وأضاف النائب فضل الله: "سنحضر الجلسة ونُقدِّم وجهة نظرنا كما كنَّا نفعل في الجلسات السابقة، حيث اقترحنا تعديلات أساسية بما يحفظ أموال المودعين، فمشروع الحكومة يحتاج إلى تعديلات جوهريَّة، ولم نقبل به كما ورد منه، ولدينا رؤية متكاملة حول هذا الموضوع، ونحن على تواصل مع جمعيات المودعين، وطالبتُ بإشراكهم في الجلسة والاستماع إلى وجهة نظرهم، وتقدمتُ باقتراح من سطر واحد يصدر بقانون، هو :تُلزم المصارف بإعطاء المودع ما يطلبه من وديعته من دون قيد او شرط، لكن لم أجد تجاوباً".
ورأى النائب فضل الله أن "البلد مقبل على مرحلة تصريف أعمال، وهناك حاجات ضرورية لا بدّ من البحث في كيفية تأمينها، والأموال تنفد، وهو ما يحتاج إلى تحمُّل المسؤولية الوطنية والخروج من الخطابات الشعبوية إلى البحث عن الحلول الجادّة، مثل كيفية تأمين القمح والكهرباء والدواء والسلع الأساسية، ولكن نحن في موسم إنتخابات والكثيرون يقيسون مواقفهم على حجم الأصوات التي سيكسبونها، ولذلك التشريع في زمن الانتخابات بدل أن يكون للتنافس على الإنقاذ الحقيقي صار يشبه حفلة التخاطب العالي في الصراخ الانتخابي، وهو تنافس على الصوت وليس على الحل".
وإذا اعتبر فضل الله أن "البلد يحتاج إلى رجالات دولة وإلى من يشعر بالمسؤولية الوطنية بدل البحث عن مكاسب انتخابية على حساب معاناة الناس"، قال: "إننا نرفض أن يدفع الشعب اللبناني من جيبه، التي أصبحت فارغة، الخسائر المقدرة من الحكومة بـ 72 مليار دولار، ونرفض تحميلها للمودع، سواء كانت وديعته صغيرة أو كبيرة".
وأضاف: "الذي عليه أن يتحمَّل هذه الخسائر الكبيرة هي المصارف، وكل من استفاد من مال الدولة بطريقة غير مشروعة، من سياسيين وموظفين وشركات ومتعهدين وغيرهم، والدولة اللبنانية، وكل طرف من هذه الأطراف الثلاثة يتحمَّل المسؤولية بقدر مساهمته في الخسارة وحسب الأرباح التي جناها".
وتابع النائب فضل الله: "الحلّ لا يبدأ من عند المودع بل من خلال تعقُّب أموال أصحاب المصارف ومن تعاقَب على السلطة واستفاد من مال الدولة خلافًا للقانون، ومن الذين بنوا ثرواتهم وهربوها إلى الخارج، وبدل أن يطرح صندوق النقد الدولي شروطاً صعبة على لبنان مقابل 3 أو 4 مليار دولار، فإنَّه يستطيع لو أرادت الولايات المتحدة والدول الغربية مساعدة لبنان، الكشف عن الحسابات المصرفيَّة لكبار النافذين في السلطة، لكل من أخرج ماله من لبنان بعد 17 تشرين الأول عام 2019، ومن ثم فرض إعادة هذه الأموال إلى لبنان ليتم التحقُّق منها، وعند ذلك تتمكَّن الدولة من استعادة عشرات مليارات الدولارات،"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ترفض تقديم مثل هذه المساعد إلى لبنان، بل تُعيق أي محاولة لتعقُّب هذه الأموال، وهي بذلك تحمي هؤلاء المهربين، لأنَّ أغلب من تعاقب على السلطة أو استفاد من أموال الدولة هم من جماعتها، أو من تُبقيهم خاضعين لها خشية وضعهم تحت العقوبات، وهي ستخوض بهم معركة الانتخابات النيابية".
ورأى النائب فضل الله أنّ هناك إمكانية لإيجاد حلول من خارج الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، كتنويع الخيارات باتجاه الشرق والقبول بالعرض الإيراني لحل مشكلة الكهرباء، وهذا يحتاج إلى قرارات من الحكومة، لكن البلد تحت الحصار الأميركي من جهة والتهديد بالعقوبات إذا تم قبول العرض الإيراني.
وأوضح النائب فضل الله أن "شروط صندوق النقد تُقسم إلى قسمين، واحدٌ يطال الناس عمومًا، وهو محل اعتراض من قبلنا، ولكن أغلب هذه الشروط أصبح أمراً واقعاً، مثل رفع الدعم وتحرير سعر العملة، وبقي بعض الشروط الأخرى التي لها علاقة بالقطاع العام، وهناك شروط لا مانع لدينا من مناقشتها، وبعضها كان يجب أن يتم بمبادرة وطنية وعدم انتظار الخارج، ونحن بادرنا إليها من منطلق الحاجة اللبنانية إلى الإصلاح، كشفافية المناقصات وإلغاء الوكالات الحصرية، وهو ما تمَّ إنجازه، ولكن يبدو أن هز الدولة العميقة يحتاج إلى عصا دولية متمثلة اليوم بشروط صندوق النقد، كما هو الحال في قانون رفع السرية المصرفية الذي سبق وتمَّ تجويفه بينما أقرَّته الحكومة بصيغة جديدة وصلت إلى حد إلغاء هذه السرية".
ورأى النائب فضل الله أن حماية الأمن الإجتماعي والمعيشي للبنانيين هي من مسؤولية مؤسسات الدولة، ولا أحد يحلّ مكانها، معتبراً أن مصلحة الناس والبلد تكمن في أن تقوم هذه المؤسسات بإجراءات الحماية، و"هو ما نطالب به دائماً، ونحثّ أجهزة الدولة على القيام بمسؤولياتها في مختلف المناطق، ومنها الضاحية الجنوبية".
وفي الشأن الإنتخابي، قال النائب فضل الله: "الذين رفعوا شعارات ضدَّ المقاومة وسلاحها ليس لديهم ما يقدمونه سوى التحريض مع ماكينة إعلامية تشتغل لهم على مدار الساعة، ويقولون إنهم إذا حصلوا على الأكثرية النيابية سيفرضون أجندتهم على البلد وسيحاصرون المقاومة، لقد كانت معهم الأكثرية، وبظهرهم أميركا وحلفاؤها في المنطقة، وبعضهم كان شريكًا للإدارة الأميركية في حرب تموز 2006 ولم يتمكن من إضعاف المقاومة، بل خرجت منتصرة وأقوى ممَّا كانت، واليوم لن يتمكن هؤلاء من النيل منها مهما بلغ شأنهم".
وفي الإطار نفسه، أضاف: "رغم حملة التضليل والتشويه التي تستهدف المقاومة، فإننا نذهب إلى الإنتخابات برؤية إقتصادية ومالية واضحة، ونسعى إلى ترجمتها في الحكومة والمجلس النيابي، وهي تحتاج إلى قرارات رسمية، ولأن بلدنا قائم على الشراكة، وديمقرطيتنا لها خصوصية التركيبة الطائفية، فلا أحد يستطيع فرض برنامجه من خارج مؤسسات الدولة القائمة على الشراكة والتفاهمات الوطنية".
وختم النائب فضل الله بالقول: "سنحتكم إلى صناديق الإقتراع، ونرفض التعرض لأي لائحة أو مرشح، وليأخذ التنافس مداه الواسع بحرية كاملة، والناس هي من تُقرر من يمثلها".