في أجواء أسبوع الوحدة الإسلامية وولادة الرسول الأكرم محمد (ص)، وبرعاية عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، أقامت وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله والتعبئة التربوية في منطقة الجنوب الأولى بالتعاون مع المنتدى الثقافي- العباسية، حفل إطلاق الكتاب الثالث من سلسة "الأوفياء" (منتصر، مشاهد من سيرة الشهيد الجامعي محمد حسين جوني)، وذلك في قاعة المنتدى في بلدة العباسية بحضور مسؤول منطقة الجنوب الأولى في حزب الله أحمد صفي الدين، وعدد من العلماء، وعوائل الشهداء، وفعاليات وشخصيات، وحشد من الأهالي.
وبعد تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم والنشيدين الوطني اللبناني وحزب الله، تحدث النائب الموسوي فقال لعلني لست بحاجة إلى التأكيد على أهمية هذا النشاط الذي نحييه، والمتمثل بإصدار كتاب يؤرخ لمجاهد ومجاهدي المقاومة الإسلامية، الذين قاتلوا دفاعاً عن وطنهم وشعبهم وأمتهم، وأقول ذلك لأنني لا زلت في خضم معركة اندلعت بسبب تذكري في صبيحة عيد الاستقلال، أن هذه الاحتفالات التي تجري بالاستقلال، يغيب عنها إسم بارز هو أحد قادة المقاومة للاحتلال الفرنسي آنذاك، ألا وهو القائد الشهيد أدهم خنجر، فكان يكفي أن أتذكر هذا الشهيد، حتى تنبجس الأصوات التي نعرف خباياها ونواياها، ونعرف ما استندت إليه في تأسيس عقلها وذهنها الذي مر في فترات كثيرة في عنصرية وطبقية لا زالتا حتى الآن طاغيتين.
وأضاف النائب الموسوي إن كل أهل ورفاق الشهيد ملزمون بأن يكتبوا تاريخه بتفاصيله، لا سيما وأنه مضى 96 سنة على استشهاد أدهم خنجر، والجميع سمع ما تم الحديث عنه، حيث أن أحد الأشخاص قال بأن حركة أدهم خنجر هي حركة وطنية، ولكنها انتهت بمأساة طائفية، على اعتبار أن بطل هذا الشخص الذي تكلم، لم يبدأ مساره بسبت أسود، وأنهاه بدبابة إسرائيلية على قصر بعبدا.
وتابع النائب الموسوي كل الشكر لعائلة ورفاق الشهيد الذين كتبوا هذا الكتاب، وللجمعية التي أخذت على عاتقها هذا الموضوع، وكل من يحتفي ويشارك في هذه الأنشطة، فأنتم في رقبتكم أمانة تكمن في أن نُبقي لهؤلاء الشهداء حقيقتهم التي نرى بأم أعيننا كيف يجري طمسها وتزييفها، فنحن عندما نتحدث عن أدهم خنجر، لا يعني هذا أننا نتحدث عن الحاج عماد مغنية والسيد مصطفى بدر الدين، عندما قلت الذين مضوا في طريق أدهم خنجر نعرف إلى ما نشير، لأن الطريق الذي مشى به الحاج عماد والسيد مصطفى بدر الدين، هو طريق آبائنا وأجدادنا الذي كان على الدوام طريق علم وجهاد، فلم يتوقف هذا الجبل عن أن يكون على هذا النحو في أي مرحلة من مراحله، ولكن البعض لم يقرأ تاريخنا، فالتاريخ الذي تعلمناه، هو تاريخ منطقة من لبنان وليس تاريخ لبنان الذي أهمل في ما أهمله تاريخ هذه المنطقة، وبالتالي آن لهذا الظلم أن ينتهي، ففي وقت من الأوقات قال سماحة السيد حسن نصر الله انتهى زمن التواضع، وأيضاً نحن نقول انتهى زمن الظلم الثقافي والتاريخي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، فكم لنا مصرف للبنان، وماذا لنا من المصارف التي تحوز على معظم الناتج القومي، لكي لا نفتح السجل بكامله، وفي الآخر رضينا بالهم، ولكن الهم ليس راضياً بنا، فإذا كنا نطالب بحق لأحد، فعندها لا ننتهي من الردود، ونصبح برأي البعض أننا نحن من يفتعل العقد ونؤخر الحلول.
وأضاف النائب الموسوي إن مسيرتنا ومسيرة المقاومة هي مسيرة شعب، ونستطيع أن نجد في هذا الشعب عامل البناء البسيط إلى الثري، ونجد المثقف والعادي، فهذا هو الشعب، ونحن مسيرتنا مسيرة شعب، ولسنا جيشاً متخصصاً مهمته أن يحمل القتال في كل منطقة يدعى إليه، فنحن شعب يثأر وينتفض ويقوم بأطرافه جميعاً لمواجهة أعدائه.
إن بعض الكارهين والحاسدين والحاقدين على هذه المسيرة المباركة التي شرفنا الله بالانتساب إليها حتى لو كنا خداماً للمجاهدين فيها، يقول إن حزب الله يستغل فقر الشباب وانعدام فرص العمل عندهم لكي يأخذهم إلى الموت، بينما في الحقيقة هو أن كل شهيد من شهدائنا هو شهيد نموذج، أي أنه مؤشر على مزايا خاصة له، فهذا الشهيد الذي نحتفي اليوم به هو من أسرة ميسورة، وليس لديه مشكلة أن هناك مكان يجب أن يتفرغ به، علماً أن هذا أمر طبيعي، وليس لديه مشكلة يريد أن يحلها من خلال التعاقد بحزب الله أو التفرغ، فهو من أسرة ميسورة ومرتاحة، وطالب في جامعة خاصة، والكل يعرف الأكلاف في الجامعات الخاصة، ومتزوج وسعيد مع أسرته ولديه طفلة، ومن ثم يختار بملء إرادته أن يذهب إلى الجبهات، ويصر على أن يكون في خطوط القتال الأولى، متشوقاً إلى الخاتمة التي كتبت له، ألا وهي القتل في سبيل الله.
وأردف النائب الموسوي إن هذه المسيرة هي مسيرة شعبنا بأسره بأغنيائه وفقرائه ونسائه ورجاله وشبانه وشيبته، وهذا أمر يجب أن نتذكره دوماً، لأنه أحياناً تضيع الحقيقة من شدة الحملات علينا وصمتنا، وعندما سألني أحدهم إذا كان الناس يعرفون أدهم خنجر، قلت له أنا وقفت على منبر بلدة المروانية، وسألت الأهالي الكبار في العمر الذي يجلسون في القاعة، كيف كانت خاتمة أدهم خنجر، فلم يخبرني أحد من الحاضرين في القاعة، وتبيّن أنه ليس لدى أحد فكرة عن الموضوع، ولذلك فإن التكفير بهؤلاء الشهداء وإحياء ذكراهم هو واجب علينا، وهذا يجب أن لا يخرج من اهتماماتنا الدائمة، أن نحافظ على أمانة الشهداء في أي موقع كنا، لكي نحول على الأقل هؤلاء الشهداء الذين فدونا بدمائهم إلى منارات، وليكون هذا الدم زيتاً في مصباح يضيء.
وقال النائب الموسوي يجب أن يسمع البعض في لبنان وخارجه، بأننا سحقنا وهزمنا الهجمة الأميركية الصهيونية السعودية التي استهدفت إسقاط دولة المقاومة في سوريا لتنقلب على حزب الله لتقضي عليه، وبالتالي على هؤلاء أن يقرأوا الوقائع جيداً، وأن يعملوا بموجبها، فلا يضيّعوا الوقت، لا سيما وأننا سمعنا أحد الأشخاص يقول إن ميزان القوى ليس في صالحكم، ولكن عليه أن يعرف أننا وحلفاؤنا انتصرنا بعد كل هذه التضحيات التي قدمناها، ونحن اليوم نكمل في معارك لا زلنا نخوضها باتجاه النصر الكامل.
وأضاف النائب الموسوي يجب أن يعي هؤلاء ما يدور من حولهم، فعلينا أن نعرف من هو الذي ما زال بحاجة إلى مزيد من الإيضاح في ظل وقوف شمس ترامب وسط النهار لتعلن بملء الفم أن وظيفة السعودية هي حماية إسرائيل، ولكن البعض قال إننا لا نأخذ على كلام ترامب، فهذا وزير الخارجية الأميركية "مايك بومبيو" كرر الكلام نفسه، وعليه فإن هذا الكيان المصطنع الذي اسمه السعودية، وظيفته ومهمته حماية إسرائيل، ولذلك يجب إبعاد لبنان عن أصدقاء عدو لبنان الأول والدائم ألا وهو العدو الصهيوني، فيكفينا المناشير المحلية، ولسنا بحاجة إلى منشار إقليمي.
وتابع النائب الموسوي في ما يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة، فلقد سمعنا البعض يقول انتهى الطائف، والبعض الآخر يقول إنكم تعرقلون، والبعض يقول إنكم تعقدون، فبعد أشهر من انتظار تشكيل الحكومة لحل عقدة البعض، خرج هذا البعض ليطالب بتشكيل الحكومة بمن حضر، ولكن لو أننا قلنا منذ خمسة أشهر تعالوا لنشكل الحكومة بمن حضر ولم نسأل عنك، فما كان موقفك، فهل يمكنك أن تخبرنا.
وشدد النائب الموسوي على وجوب أن يتذكر الجميع في لبنان أننا لسنا المرة الأولى التي نقف بصلابة متمسكين بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن حدثت في هذه المرة بسبب النواب السنة، ولكن لم يذهب العهد، ولا زلنا قريبي العهد من واقعة أننا في وقت من الأوقات، أصررنا على وجوب تمثيل التيار الوطني الحر في الحكومة في الوقت الذي كان لدى فريق 14 آذار قراراً بأن لا يمثل التيار الوطني في الحكومة، وعندها أجلنا نحن والأخوة في حركة أمل تسليم أسمائنا كما نفعل الآن، حتى أرسينا مبدأ تمثيل التيار الوطني الحر، وفي الحكومة التالية، كان هناك قراراً لدى البعض في لبنان بمنع توزير الأخ الصديق جبران باسيل، وكان الكلام واضحاً، حيث قيل آنذاك للجنرال ميشال عون بأنه يمكن للتيار الوطني الحر أن يقوم بتوزير من يشاء باستثناء الوزير جبران باسيل، ولكننا وقفنا إلى جانب حق كل مكوّن سياسي في أن يختار هو وزراءه، لا أن يفرض عليه وزراء بغير إرادته، وأيضاً في وقت من الأوقات قامت قيامة الدنيا حتى لا تعطى وزراة الطاقة لوزير من التيار الوطني الحر، وأيضاً وقفنا هذه الوقفة التي نقفها اليوم، ولذلك إذا كان هناك من أحد قد نسي ويتحدث عن افتعال عقد وأن هناك شيء مفاجئ، فهذا التاريخ أمامه، حيث كنا دائماً الأوفياء لحلفائنا.
ولفت النائب الموسوي إلى أن البعض قال إننا قبلنا بقانون الانتخاب، وبالتالي تم دفع الفاتورة، فهل علينا أن ندفعها في تشكيل الحكومة، ولكننا نقول لهؤلاء البعض، إن فائدة ووظيفة الانتخابات النيابية هي أن تظهر المشهد السياسي الذي على أساسه تتشكل الحكومة، وإلاّ إذا لم تأخذ نتائج انتخابات عام 2018 بالاعتبار، فلماذا كانت هذه الانتخابات، وبالتالي فإن البعض يريد أن يتجاهل نتائج هذه الانتخابات.
وأضاف النائب الموسوي إننا نريد أن نذكر بأن الشيء الأبرز الذي حصل في الانتخابات النيابية، ليس فوز نواب حركة أمل وحزب الله، فهذا معروف ومتوقع، ولا أيضاً الثنائية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، أو التعددية والكتائب ألخ..، وإنما جوهر انتخابات 2018 هو بروز نواب سنة لا ينتمون إلى تيار المستقبل، فمن أصل 27 نائب سني، فقد تيار المستقبل عشر مقاعد نيابية.
وأشار النائب الموسوي إلى أننا نسمع البعض يقول بأن هناك من يقوم بصناعة أعراف جديدة، وهو مناهض للدستور، وأن نصوص الدستور تقول إن من يصدر مرسوم تشكيل الحكومة هو رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، فمن قال غير ذلك، ولكن لعل هذا البعض قد غابت عنه المادة 95 من الدستور التي تقول يجب أن تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الحكومة، وعليه فإن كل ما نطالب به هو تطبيق المادة 95 من الدستور، أي أننا نريد الدستور واتفاق الطائف، ففي كل الطوائف جرى تمثيل في تشكيل الحكومة، ولكن عندما أتينا إلى التمثيل السني، أصبح هناك أحادية التمثيل، وبالتالي فإن حصر التمثيل بفريق سياسي واحد هو افتئات على الدستور، ويشكل مسّاً بالدستور وبالمادة 95 منه.
وتابع النائب الموسوي إن البعض قال بأنه قبل التعددية السنية، وبالتالي يبدو أنه موافق على مبدأ التعددية وعدم حصر التمثيل السني، وقال بأن هناك وزير للرئيس نجيب ميقاتي الذي لديه كتلة من أربعة وزراء، واحد علوي وإثنين مسيحيين، فإذا تم تمثيل السنة من كتلة الرئيس ميقاتي التي فيها سني واحد هو نجيب ميقاتي، وتقول إن الآخرين من كتل أخرى، فدعنا نقول إن النائب الوليد سكرية في الوفاء للمقاومة، والنائب قاسم هاشم في كتلة التنمية والتحرير، فيبقى أربعة وزراء، فهل يعقل أن نائب سني يأخذ وزير، وأربعة نواب سنة لا يأخذون وزير، ولذلك فإننا نعتقد أنه على الرغم مما يقال عن تعقيد في الأزمة وعن صعوبة في الحل، فإن الأمر أبسط من ذلك بكثير، وبالتالي يكفي أن يستجيب رئيس الحكومة للواقع، فيمثل الشرائح التي تكون التمثيل السني، وعندها ينتهي الأمر.
وأردف النائب الموسوي إننا لسنا في صدد نقاش طائفي أو التدخل بشؤون التمثيل الطائفي، بل نحن مصرون على تطبيق النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة، ونحن نعتقد أن الموضوع بسيط جداً، وبالتالي يجب أن تتوقف المزايدات والمكابرة، ودعونا نعطي الوقت لكي تستجيب الناس بإرادتها لمنطق الوقائع السياسية الذي يفرض تعددية التمثيل، وأن يكون هناك وزير يوافق عليه النواب السنة المستقيلن.
وختم النائب الموسوي إن موقع رئاسة الحكومة بصلاحياته الدستورية لا يؤثر عليه وزير سني لا ينتمي إلى تيار المستقبل، فصلاحيات رئيس الحكومة هي صلاحيات وافية وكافية بالدستور، ولذلك نقول من يفتعل العقد اليوم هو من لا يريد الإصغاء إلى وقائع المشهد السياسي اللبناني بدقة، ويريد أن يكابر على هذه الوقائع، لا سيما وأنه على مدى عامين ونصف تمت المكابرة على انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولكن ماذا كانت النتيجة، فلو أننا منذ البداية تجاوزنا هذه العقد، لكنا قد كسبنا السنتين ونصف، ولذلك ندعو إلى عدم تضييع الوقت، واعتماد الطريق القريب لتشكيل الحكومة من خلال تمثيل النواب السنة المستقلين، وهذا يقتضي الحوار بين طرفين أساسيين هما رئيس الحكومة والنواب السنة المستقيلن، وفي اعتقادنا أن الحوار من شأنه أن يصل إلى اتفاق بهذا الصدد.
وفي الختام وقّعت عائلة الشهيد جوني الكتاب.